البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الجغرافية و الرحلات

 موضوع النقاش : بريطانيا وإنكلترة في كتب التراث العربي    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 لمياء 
22 - سبتمبر - 2014
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
تحيةً طيبة، وبعد؛
قرأتُ الأسبوع الفائت مقالة أستاذنا الباحث الأديب زهير ظاظا:(بريطانيا وإنكلترة في كتب التراث العربي)، في موقع الموسوعة الشعرية (http://poetry.adach.ae/article?idGenericPage=304)، وأسفر بحثي في موضوعها (من يوم الأربعاء 17 سبتمبر 2014 إلى قبيل فجر الأحد 21 سبتمبر2014) عن البحث الذي أنشره بطلب من الأستاذ، وتفاصيله كما ذكرت في رسالتي إليه، ولتجنب تكرارها لا أطيل في التقديم، وأبتدئ بنقل المقالة، ومن ثمَّ الرسالة والبحثَ المرفق بها بإذن الله، وأرجو أن ينال موضوعي هذا رضاكم، كما أرحّبُ بكل ملاحظة أو إضافة، وآمل أن يفيدنا أصحاب الاختصاص، ومن يستطيع الوصول إلى المخطوطة الأصلية أو إلى نسخة أوضح من خرائط الإدريسي وابن سعيد التي سيأتي الكلام عنها لاحقًا بإذن الله.
وأغتنم الفرصة لأشكر راعي الوراق الأستاذ محمد السويدي والقائمين على الموقع، وقد كان لخدمة البحث في نصوص الكتب دور كبير في بحثي هذا، والشكر والامتنان موصولان لأستاذي زهير على ما يتحفنا به من مواضيع قيمة، بارك الله فيه وفي جهده ونفعنا بعلمه وبأساتذتنا الأفاضل جميعًا.
وكملاحظةٍ أخيرة؛ انتبهت إلى أن تعليقات بعض الأساتذة لا يظهر منها إلا العنوان، والمشكل يحصل معي أيضا عندما أنشر تعليقاتي باستعمال المتصفحات قوقل كروم (Google Chrome) وفاير فوكس (Firefox)، وأتفادى هذا المشكل باستخدام متصفح إنترنت إكسبلورر (Internet Explorer) لنشرها.
ولا أطيل عليكم كثيرا لندخل في صلب الموضوع.
 
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
6/ جزيرة بريطانية    كن أول من يقيّم
 
 
جزيرة بريطانية/ بريطانية الكبرى(1)
 
بريطانيا الجزرية (Bretagne insulaire) أو جزيرة بريطانيا: هو الاسم الذي أطلقه المؤرخون المعاصرون على بريطانيا العظمى حتى نهاية القرون الوسطى، وقد حل محل الأسماء القديمة ألبيون (Albion) –ويرتبط بهذا الاسم أسطورة نفي "ألبين" أكبر بنات ملك اليونان سنة ثلاثة آلاف وتسعمئة وسبعين قبل الميلاد إليها وكانت جزيرة مهجورة مجهولة. كما أن "ألبيون" هو الإله الحارس الأصلي لبريطانيا الكبرى في الأساطير الإغريقية، وهو ابن " بوسايدن " وأخ "أطلس"  وهو الذي ساعد "أطلس" و"إيبريوس" إله إيرلندا على منع "هرقل" من الوصول إلى الغرب(2)- والاسم اللاتيني بريطانيا.
وهذا الاسم  (جزيرة بريطانيا)كثيرا ما يستخدم من طرف المؤرخين في عصرنا الحالي للإشارة إلى هجرة البريطانيين من إقليم بريطانيا الروماني إلى أرموريكا (بريطانيا الصغرى).
باللغة الإنجليزية يفضل استخدام (بريطانية الكلتية) (بريطانية الرومانية) (بريطانيا العصور الوسطى) للدلالة على إنجلترا حسب العصر الموافق.
 
وتعود تسمية إنجلترا إلى شعب الأنجل (Angles)، باللاتينية (gens anglorum)، -ومن اسم (الأنجل) جاء الاسم Angle-land والذي حرف ليصبح England.(3)-. وهو من الشعوب 
 الجرمانية، ويرجع أصله على الأرجح إلى شبه جزيرة (Angeln) بمدينة شليسفيغ هولشتاين (Schleswig-Holstein) حاليا بألمانيا. هؤلاء المرتزقة أو الغزاة غير المسيحيين عبروا بحر الشمال واستقروا في جزيرة بريطانيا، وبنوا ممالكهم فيها بالقوة على حساب الممالك البريطانية التي صارت دون حماية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية. وقد ذكرت المصادر اللاتينية وجود القراصنة الفريزيين (pirates frisons) في بحر الشمال وقناة المانش منذ سنة عشر وأربعمئة (410) ، ولكن الهجرة الجماعية كما يبدو  لم تبدأ إلا عام ثلاثين وأربعمئة (430).
في أوائل القرن السابع، قبل اعتناق الشعوب المسيحية، قامت عشرات من الممالك الأنجلوسكسونية في الجزيرة، وفي هذه الفترة، وحتى وقت لاحق، كان الملك المهيمن يفرض سلطته على الجزيرة. في سنة 731، كان القديس بيدا (Bède) –مؤلف كتاب التاريخ الكنسي للأمة الإنجليزية - يعلم الوحدة الأنجلوسكسونية وكان من الطبيعي أن يجعل الأنجل (الإنجليز) في الواجهة بدلا من البريطانيين والسكسون والجوت (Jutes) (4). في أواخر القرن الثامن قام الغزات الشماليون بغزو السواحل الانجليزية وحققوا تقدما عسكريا طوال القرن
 التاسع، وفي سنة 879 استقر الدنماركيون، الذين اعتنقوا للتو المسيحية، بصفة نهائية في إنجلترا الشرقية بينما وصل الفايكينغ النرويجيون إلى يورك، وكانت هذه نهاية ممالك الانجليز. وقد استمرت هذه الهيمنة الدنماركية وضم انجلترا إلى إمبراطورية بحرية شمالية حتى عودة الحكم السكسوني عام 1042، الذي استبدل بالحكم النورمندي المركزي الإقطاعي سنة 1066 والذي دام لثلاثة قرون .(5)
 
المراجع:
(1) مقالة جزيرة بريطانيا http://fr.wikipedia.org/wiki/Bretagne_insulaire
(2) مقالة ألبيون http://fr.wikipedia.org/wiki/Albion
(3) مقالة شعب الأنجل بالعربية  http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%86%D8%AC%D9%84_(%D8%B4%D8%B9%D8%A8)
(4) مقالة شعب الأنجل (الانجليز) http://fr.wikipedia.org/wiki/Angles_(peuple)
(5) مقالة تاريخ إنجلترا http://fr.wikipedia.org/wiki/Histoire_de_l%27Angleterre
 
*لمياء
23 - سبتمبر - 2014
7/ بحر بريطانية    كن أول من يقيّم
 
بحر بريطانية
 
اليوم، في اللغة البريطانية الحديثة (breton moderne) يدل (بحر بريطانيا) { Mor Breizh, « mer de Bretagne »} على قناة المانش (القناة الإنجليزية) فقط، أي القناة الرابطة بين بريطانيا الكبرى والصغرى، وإن كانت دلالته أوسع في وقت مضى. وقد ذُكِرت المصطلحات (بريطانيكوس)، (المحيط البريطاني)، (البحر البريطاني) على الخرائط القديمة لبريطانيا حتى القرن الثامن عشر، وكان يعني في الغالب قناة المانش، لكنه أحيانا كان يشمل الساحل الجنوبي لبريطانيا القارية (الفرنسية).
 
ومن الجلي أن اسم بحر بريطانيا مشتق من اسم جزيرة بريطانيا (انجلترا)، فقد ظهر عند المؤلفين اللاتينيين في القرن الأول بعد الميلاد، الوقت الذي بدأ فيه نشاط الجزيرة في اقتصاد وسياسة روما، ففي هذا القرن عرفت تجارة خمور بلاد الغال  عبر المحيط الأطلسي ازدهارها بالتوازي مع تصدير سيراميك نفس المنطقة، ومع ذلك لم ينحصر بحر بريطانيا في سواحلها، بل امتد ليشمل سواحل بريطانيا القارية (الفرنسية/الصغرى) و أكيتانيا أو أقطانيا (Aquitaine) وحتى شبه الجزيرة الإيبيرية.
 
ولم يخطئ الإدريسي حين قال:
{ فنقول أما الأندلس في ذاتها فشكل مثلث يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث فجنوبها يحيط به البحر الشامي وغربها يحيط به البحر المظلم وشمالها يحيط به بحر الانقليشين من الروم. والأندلس طولها من كنيسة الغراب التي على البحر المظلم إلى الجبل المسمى بهيكل الزهرة ألف ميل ومائة ميل وعرضها من كنيسة شنت ياقوب التي على أنف بحر الانقليشين إلى مدينة المرية التي على بحر الشام ست مائة ميل.}
{ ويكتنفهم من جهة المغرب البحر المظلم وتأتيهم منه أنواء وأمطار ... وقليل ما يسلك هذا البحر إلا نادراً والقوم الذي يسلكونه لهم به معرفة وجسر على ركوبه وأيضاً فإنهم يسيرون فيه مساحلة لا يفارقون البر منه وأيام سفرهم فيه أيام قلائل وهي مدة شهر أسطريون وشهر أوسو وأكثر ما يركبه القوم المسمون بالإنكليسيين } نزهة المشتاق
 
فمن الطبيعي أن ينسب البحر للشعب الذي كان يسلكه أي الإنجليز، وابتداءً من منتصف القرن الثاني عشر، صار بحر بريطانيا دالا على البحر الأنجلو نورمندي أو حتى بحر البلانتاجانت (1) .
 
قلت أنا لمياء: وقد ذكر بحر بريطانيا المقري في قوله:
{ وذكر أن الركن الشمالي عند شنت ياقوه من ساحل الجلالقة في شمال الأندلس الغربي، حيث تبتدئ جزيرةٌ برطانيةٌ الكبيرة فيتصوّر هنالك بحرٌ داخلٌ بين أرضين، من الناس من يجعله بحراً منفرداً خارجاً من البحر المحيط لطوله إلى الركن المتقدم الذكر عند مدينة برذيل. }(2)
 
وهو يذكر انجلترا بمصطلح (جزيرة برطانية الكبيرة) كما سبق وأشرت إلى صفة الكبرى المضافة لها لتمييزها عن بريطانيا الصغرى القارية، ويصف قناة المانش التي تدخل بين أرضي البريطانيتين، ومن الناس من يسمي هذه القناة  الخارجة عن البحر المحيط (أي المحيط الأطلسي) بحر برديل وهو نفسه بحر بريطانيا كما وصفه القلقشندي في قوله:
 
{ الخارج من المحيط الشمالي:المعروف ببحر برديل
بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الياء المثناة تحت ولام في الأخر.
قال ابن سعيد: ويقال له بحر برطانية أيضاً، وهو بحر يخرج من شمالي الأندلس ويأخذ شرقاً إلى خلف جبل الأبواب الفاصل بين الأندلس والأرض الكبيرة، ويقرب طرفه الشرقي حتى يبقى بينه وبين بحر الروم المتقدم ذكره أربعون ميلاً، وهناك مدينة برديل التي يضاف البحر إليها. }
 
 
وكما ذكره لويس شيخو في قوله: {ويقال للبحر الخارج من البحر المحيط بحر برطانية وبحر برديل.}
 
المراجع:
 
 
(1) بحث بحر بريطانيا؛ تسميةً للمحيط الأطلسي من السواحل الإيبيرية إلى جزيرة بريطانيا، من العصر القديم إلى العصور الوسطى
Mare britannicum : une dénomination de l’espace maritime atlantique des côtes ibériques aux îles britanniques, depuis l’Antiquité jusqu’au milieu du Moyen Âge / Patrice Marquand
 
(2)نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب/ المقري
(3) صبح الأعشى/ القلقشندي
(4) مجاني الأدب في حدائق العرب/ لويس شيخو
 
*لمياء
23 - سبتمبر - 2014
8/ مدينة بربطانية الأندلسية    كن أول من يقيّم
 
مدينة برطانية الأندلسية
 
لمياء: أثناء بحثي في نصوص الكتب في الوراق، عثرت على وصف مغاير لـ(برطانية) وشككت في أن تكون نفسها التي  ذكرها الإدريسي بهذا الاسم، خاصة حين قرأت أن عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث وصل إلى برطانية في معركة أربونة (أو نربونة) وجرندة (Gérone)، وأربونة وجرندة تقعان في جنوب فرنسا بينما بريطانية التي ذكرها الإدريسي في شمالها، وقد بينت هذا على الخريطة الموالية، ولما بحث في الأمر تبين لي أن برطانية هذه هي بَرْبَطانِيَة Boltania، أو ما يسمى الآن بولتانيا (بالإسبانية: Boltaña)، وهي المقصودة في النصوص التي أوردها بعد قليل، وكلها مأخوذة من الوراق، وتأكدت من هذا حين عدت إلى كتاب الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية الجزء الثاني لشكيب أرسلان، وقد أوردت رابطه.
 
 
{الأندلس وما جاورها: مدن الأندلس......... بَرْبَطانِيَة Boltania:
مدينة كبيرة في الأندلس، يتصل عملها بعمل لاردة، وكانت سَدّاً بين المسلمين والرُّوم، ولها مدن وحصون، وفي أهلها جلادة وممانعة للعدو، وهي في شرقي الأندلس. ويسميها صاحب نفح الطيب: كورة برطانية، بياء واحدة، لا بيائين، وهو الأقرب للأصل الإسباني، وهو يذكر بأنّها كورة، فيقول: كورة برطانية، وقد أطلق اسم المدينة على الكورة. } قادة فتح الأندلس / محمد شيت خطاب (1)
 
قلت أنا لمياء: لم أتصرف في النص السابق، وعندما عدت إلى كتاب الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية الجزء الثاني لشكيب أرسلان (2) وجدت النص كالآتي: (ولكن في نفح الطيب يسميها كورة برطانية، ببـاء واحدة، لا ببائين، وهو الأقرب للأصل الإسباني)
وفي نشرة الوراق في نفح الطيب ذكرت كورة بربطانية ببائين، المهم؛
 
 يقول شكيب أرسلان في نفس الكتاب (ص184): (وقد تكرر ذكر برطانية في نفح الطيب، فإنه يذكر في أيام هشام بن عبد الرحمان الداخل أنه أرسل وزيره عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث سنة سبع وسبعين ومائة بالعساكر إلى أربونة وجرندة، فأثخن فيها ووطئ أرض برطانية، ثم إنه عبد ذكره إمارة عبد الرحمان الثاني يقول إنه في سنة ست وعشرين بعث العساكر إلى أرض الفرنجة، وانتهوا إلى أرض برطانية....ولا يمكن أن يكون قد أراد ببرطانية هنا بلاد بريطانية التي هي في شمال فرنسا شديدة البعد، ولم تذكر التواريخ أن عبد الرحمان الثاني أزغل في أرض فرنسا حتى وصل إلى برطانية.
 
ومن بين النصوص التي سمّت بربطانية برطانية:
 
في نهاية الأرب في فنون الأدب، قول النويري:
 
{ غزو الفرنج: وفي سنة سبع وسبعين ومائة أغزى هشام عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث في جيش، فدخلوا بلاد الفرنج فبلغوا أربونة وجرندة، فبدأ بجرندة وبها حامية الفرنج فقتل رجالها وهدم أسوارها وأشرف على فتحها. ورحل عنها إلى أربونة ففعل مثل ذلك وأوْغل في بلادهم ووطئ برطانية واستباح حريمها وقتل مقاتلتها وجاس البلاد شهوراً يُخرِّب الحصون ويحرق ويغنم. وجفل العدو بين يديه، وأوغل في بلادهم ورجع ومعه الغنائم وما لا يُحصى كثرة، وهي أشهر مغازي المسلمين بالأندلس. }
{ بَربَطانِيَةُ: بفتح الباء الثانية وطاء وألف ونون مكسورة وياء خفيفة وهاء. مدينة كبيرة بالأندلس أيضاً يتصل عملها بعمل لاردةَ وكانت سداً بين المسلمين والروم ولها مدُنَ وحصون وفي أهلها جلادة وممانعة للعدو وهي في شرقي الأندلس اغتصبها الأفرنج فهي اليوم في أيديهم } معجم البلدان/ ياقوت الحموي
 
وقول الحميري في صفة جزيرة الأندلس:
{ بربشتر: هي مدينة من بلاد بريطانية بالأندلس، وهي حصن على نهرٍ مخرجه من عين قريبةٍ منها، وبربشتر من أمهات مدن الثغر الفائقة في الحصانة والامتناع...}
 
  
*لمياء
23 - سبتمبر - 2014
9/ خريطة ابن سعيد    كن أول من يقيّم
 
 
 
الحجم الأصلي على الرابط:
 
أما في الخريطة الموالية فقد بينت الاتجاه الذي خمنت أن ابن سعيد المغربي اعتمده في وصفه:
 
وهنا أكون قد أتممت بعون الله نقل البحث الذي أرفقته برسالتي إلى أستاذنا زهير، وإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، أسأل الله التوفيق والسداد، وسأحاول بإذن الله العودة إليه في وقت لاحق.
في الأخير أرحب بملاحظاتكم وإضافاتكم، تحياتي العطرة.
*لمياء
23 - سبتمبر - 2014
مقالة الأستاذ زهير (1)    كن أول من يقيّم
 
 
بريطانيا وإنكلترة في كتب التراث العربي
 
بريطانيا كما كان متداولا في التاريخ العربي غير إنكلترة، وكانت عاصمتها برستول، وأما إنكلترة فعاصمتها "لندن" وقد وصفهما ابن سعيد (610 – 685هـ) في كتابه (الجغرافيا) وذكر أن الحرب بينهما تقع للسيطرة على ويلز التي يسميها (بلله) وهو يسمي لندن (لندرس) أي لندرة ومن أسمائها أيضا لندنبورغ، ولندنيوم. قال: (الجزء الثاني من المعمور خلف الأقاليم: أول ما يلقاك منه جزيرة بلله وهي صغيرة معمورة تقع الحرب عليها بين صاحب انكلترة وبريطانية، لأنها بين الحدين) وأما اسكتلندة فقد سماها باسم جبالها "جرمونية" واما "إيرلندة" فهو يسميها باسمها (إيرلندة) ويقول عن أهلها أنهم كانوا مجوسا قبل دخولهم في النصرانية، وللإدريسي أيضا كلام طويل في وصف إنكلترة واهم مدنها، وهو يسميها (إنقلطارة) و(انقلطرة) ويسمي لندن (لوندرس) ويسمي التيمز (رطانزة) ويسمي اسكتلندة "اسقوسية" وإيرلندة "إرلاندة"
وذكر القزويني (ت 682هـ) إيرلندة في كتابه (آثار البلاد) قال:
(ايرلاندة: جزيرة في شمالي الإقليم السادس وغربيه؛ قال العذري: ليس للمجوس قاعدة إلا هذه الجزيرة في جميع الدنيا، ودورها ألف ميل، وأهلها على رسم المجوس وزيهم، يلبسون برانس قيمة الواحد منها مائة دينار. وأما أشرافهم فيلبسون برانس مكللة باللآليء. وحكي أن في سواحلها يصيدون فراخ الأبلينة، وهو نون عظيم جداً، يصيدون أجراءها يأتدمون بها...إلخ)
وقال النويري في نهاية الأرب: ( وجزيرة أنقلطرة. فيها مدائن عامرة، وحبال شاهقة،وأودية، وأرض سهلة، والشتاء بها دائم، وبين هذه الجزيرة والبر مجاز سعته اثنا عشر ميلا)
وقال يوحنا أبكاريوس (ت 1889م) في أواخر القرن التاسع عشر في كتابه (قطف الزهور في تاريخ الدهور):
(أن المملكة الإنكليزية كائنة على جزيرتين منفصلتين فالأولى تدعى جزيرة بريتانيا الكبرى وتشتمل على إنكلترا وويلس واسكوتسيا المعروفة باسكتلندا. والثانية جزيرة أيرلندا ولذلك يسمي الإنكليز مملكتهم مملكة بريتانيا الكبرى وأيرلندا ... ومع أن هاتين الجزيرتين لا تعدان من البلاد المتسعة وبقعتهما تعتبر من الرتبة السابعة من ولايات أوروبا بالنظر إلى المساحة فأهاليها ليسوا بأقل من 32 مليونا ويتبعها أيضاً تملكات خارجية كثيرة في القارات الأربع بحيث أن ملكة بريتانيا تحكم على أكثر من 200 مليون تقريبا من الشعوب كما يظهر من الجدول الآتي... وقصبة بريتانيا الكبرى مدينة لندن وهي أعظم مدن العالم وعدد سكانها مع ضواحيها ينوف عن ثلاثة ملايين نسمة وأسواقها نحو عشرة آلاف سوق ... آما اسكتلندا فهي مقسومة إلى قسمين. أعلى وأسفل فالقسم الأعلى يشتمل على جبال عالية باردة وبعض سكانها يتكلمون الغاليكي الذي يعسر فهمه. أما القسم الأسفل فهو لجهة الجنوب يعادل إنكلترا في الجودة وأهله يعتنون جدافي العلوم ويرغبون في إشاعة المعرفة ... واشهر مدنها ادنبرج وفيها طبية لا نظير لها في كل بلاد الإنكليز. وكلاسكو وهي شهيرة في معاملها وأقمشتها. أما جزيرة أيرلندا فيفصلها عن جزيرة بريتانيا الكبرى خليج مار جرجس وبحر أيرلندا وهي جيدة التربة وهواؤها رطب معتدل وأهاليها فقراء بسبب عدم التفات الحكومة. فكثير منهم يهاجرون بلادهم ويستوطنون في أميركا. ولكن المأمول بأنه بواسطة التغيرات الجديدة التي أحدثتها الحكومة ستتحسن أحوال هؤلاء لشعوب الذين أكثرهم باباويون. ومن اشهر مدن هذه الجزيرة دوبلين وبلفاست. وكانت هذه الجزيرة مستقلة قديما لم يتغلب عليها الإنكليز إلا سنة 1172 مسيحية ولم تصر جزءا من المملكة إلا سنة 1801 حين قبلت في المعاهدة مع القسمين الآخرين).
وفيما يلي كلام ابن سعيد كاملا قال:
المعمور في شمالي الأقاليم السبعة، والعرض عند آخره من أول العمارة في الجنوب، ثمانون درجة، ومن خط الاستواء أربع وستون درجة، ووسعه ست عشرة درجة، ولا يمكن العمارة بعده في الشمال، لأن الشمس لا تطلع على تلك الجهة.
الجزء الأول من المعمور خلف الأقاليم:
أول ما يلقاك منه في البحر المحيط، بالمغرب، جزيرة بريطانية. وأولها من جهة الجنوب والمغرب، حيث الطول تسع درجات، من سمت الجزائر الخالدات، والعرض مع آخر الإقليم السابع، ثم يدخل البحر فيها نحو درجة وثلث، ثم يرجع إلى خط الإقليم السابع. ويقال لهذا البحر، الخارج من البحر المحيط، بحر بريطانية. وهو مكتنف لهذه الجزيرة من جنوبيها، والبحر المحيط من سائر جوانبها، وبقي لها مدخل إلى بلاد الأندلس من الجهة الشرقية الجنوبية في آخر هذا الجزء. ومسافة هذه الجزيرة في الطول، ثمانية عشر يوماً من الجانب الجنوبي، واتساعها نحو أحد عشر يوماً في الوسط، ولا مياه فيها، إلا من المطر، ولها ملك منفرد قاعدته مدينة بريستل = بريستول = حيث الطول ثلاث عشرة درجة، والعرض تسع وأربعون درجة واثنتان وأربعون دقيقة.
الجزء الثاني من المعمور خلف الأقاليم: أول ما يلقاك منه جزيرة بلله وهي صغيرة معمورة تقع الحرب عليها بين صاحب انكلترة وبريطانية، لأنها بين الحدين، وطولها من شمال إلى جنوب، بانحراف إلى المشرق، نحو مائة ميل. ويقال إن فيها شجراً تخرج منه طيور كالدجاج، وهذا مستفيض عند الفرنج، كاستفاضة الخرفان التي تخرج من القرع عند الترك.
وفي شرقي هذه الجزيرة، جزيرة انكلترة، وصاحبها الانكتار المذكور في تاريخ صلاح الدين في حروب عكا، وقاعدته مدينة "لندرس"، حيث الطول اثنتان وعشرون درجة وعشرون دقيقة، والعرض ثمان وأربعون درجة وخمس عشرة دقيقة. وبعض الجزيرة داخل في الإقليم السابع، وفيها مدن كبيرة وعمائر معجمة خاملة الذكر عندنا. وطول هذه الجزيرة من الجنوب إلى الشمال، بانحراف إلى المغرب والمشرق، نحو أربعمائة وثلاثين ميلاً، واتساعها في الوسط نحو مائتي ميل. وفي هذه الجزيرة الذهب والفضة والنحاس والقصدير، وليس فيها كروم لشدة الجمد، فأهلها يحملون جواهر هذه المعادن في البحر، ويدخلون بها فرنسا، ويتعوضون بذلك بالخمر.
وصاحب فرنسا إنما كثرة الذهب والفضة عنده من ذلك. وعندهم يصنع الاسكرلاط العالي. وفي هذه الجزيرة غنم لها صوف ناعم كالحرير فيجعلون عليها جلالاً يقيها من الأمطار والغبار. ومع غناء الانكتار ووسع مملكته، فإنه يقر بالسلطنة للفرنسيس، وإذا كان مجتمع حفل، خدمه بان يحط قدامه زبدية طعام، وهي عادة متوارثة.
وفي شمالي انكلترة وبعض شمالي بريطانية، جزيرة إيرلندة، وهي داخلة في الجزء الأول وفي الثاني. ومسافة طولها نحو اثني عشر يوماً، وعرضها في الوسط نحو أربعة أيام، وهي مشهورة بكثرة الفتن، وكان أهلها مجوساً، ثم تنصروا اتباعاً لجيرانهم. ويجلب منها أيضاً النحاس والقصدير الكثير. وفي الشمال من هذا الجزء الثاني جزيرة جرمونيه =وهي اسكتلندة اليوم= طولها اثنا عشر يوماً، وعرضها في الوسط نحو أربعة أيام، ومنها تجلب السناقر الجياد. وفي غربيها جزيرة السناقر البيض. طولها من غرب إلى شرق نحو سبعة أيام، وعرضها نحو أربعة أيام.
ومنها ومن الجزائر الصغار الشمالية، تجلب السناقر التي تحمل من هنالك إلى سلطان مصر. ورسم الخارج منها في خزانته ألف دينار، وإن أتوا به ميتاً دفع لهم خمسمائة دينار. وعندهم الدب الأبيض يدخل البحر ويصيد السمك ويخطف ما فضل أو ما غفلت عنه هذه السناقر، ومن ذلك عيشها، إذ لا تطير هناك من شدة الجمد. وجلود هذه الدببة ناعمة.
وأقدم ذكر لبريطانية في كتب العرب ما حكاه البتاني (ت 317 هـ 929م) في كتابه "الزيج الصابي" وهو قوله:
(ثم نظروا في العرض فوجدوا العمران من موضع خط الاستواء إلى ناحية الشمال ينتهي إلى جزيرة ثولي التي في بريطانية حيث يكون طول النهار الأطول عشرين ساعة) وقوله في مكان آخر من الكتاب : (فأما بحر أوقيانوس الغربي الذي يدعى المحيط فإنه لا يعرف منه إلا ناحية المغرب والشمال من أقصى أرض الحبش إلى بريطانية وهو بحر لا تجري فيه السفن)
وقال ابن خلدون في التاريخ أثناء كلامه عن الإقليم السادس: (
فالجزء الأول منه غمر البحر أكثر من نصفه واستدار شرقاً مع الناحية الشمالية، ثم ذهب مع الناحية الشرقية إلى الجنوب وانتهى قريباً من الناحية الجنوبية، فانكشفت قطعة من هذه الأرض في هذا الجزء داخلة بين الطرفين، وفي الزاوية الجنوبية الشرقية من البحر المحيط كالجون فيه، وينفسح طولاً وعرضاً، وهي كلها أرض بريطانية ... والجزء الثاني من هذا الإقليم دخل البحر المحيط من غربه وشماله، فمن غربه قطعة مستطيلة أكبر من نصفه الشمالي من شرق أرض بريطانية في الجزء الأول، واتصلت بها القطعة الأخرى في الشمال من غربه إلى شرقه، وانفسحت في النصف الغربي منه بعض الشيء وفيه هنالك قطعة من جزيرة إنكلترة، وهي جزيرة عظيمة متسعة مشتملة على مدن وبها ملك ضخم وبقيتها في الإقليم السابع).
 
*لمياء
22 - سبتمبر - 2014
مقالة الأستاذ زهير (2)    كن أول من يقيّم
 
 
وذكر القلقشندي إنكلترة وعرف بها أثناء حديثه عن جزائر بحر الروم (البحر البيض المتوسط) اليوم قال:
(العاشرة - جزيرة أنكلطرة بألف ونون ساكنة وكاف مفتوحة ولام مفتوحة وطاء مهملة ساكنة وراء مهملة مفتوحة وهاء في الآخر. قال ابن سعيد: ويقال أنكلترة بإبدال الطاء تاء مثناةً من فوق. قال: وطول هذه الجزيرة من الجنوب إلى الشمال بانحرافٍ قليل أربعمائة وثلاثون ميلاً، واتساعها في الوسط نحو مائتي ميل، وفيها معدن الذهب والفضة والنحاس والقصدير وليس فيها كرومٌ لشدة البرد بها، وأهلها يحملون الذهب إلى بلاد الفرنج، ويعتاضون عنه الخمر لعدمه عندهم.
وقاعدتها مدينة لندرس بلام ونون ودال وراء وسين مهملات. وصاحب هذه الجزيرة يسمى الأنكتار بنون وكاف وتاء مثناة فوقية وألف وراء مهملة في الآخر. وهو الذي عقد الهدنة بينه وبين الملك العادل أبي بكر بن أيوب في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، والملك العادل على عسقلان. وكان من أمره أنه لم يحلف على الهدنة بل أخذت يده وعاهدوه، واحتج بأن الملوك لا يحلفون، وكانت الهدنة بينهما ثلاث سنين وثلاثة أشهر، أولها كانون الأول الموافق الحادي عشري شعبان من السنة المذكورة.
الحادية عشرة - جزيرة السناقر. (لعلها آيسلاندا اليوم) جمع سنقر وهو الجارح المعروف ذكره في الكلام على ما يحتاج الكاتب إلى وصفه في المقالة الأولى. وهي جزيرةٌ على القرب من جزيرة أنكلترة المقدمة الذكر. قال ابن سعيد: وامتدادها في الطول شرقاً بغربٍ سبعة أيام، ووفي العرض أربعة أيام. قال في تقويم البلدان: ومنها من الجزائر التي شماليها تجلب السناقر التي هي أشراف أنواع الجوارح. (اهـ)
 
تعريف الإدريسي (ت 560هـ) لإنكلترة وما جاورها في كتابه (اختراق الأفاق) وهو يسميها (إنقلطارة) قال في التعريف بالجزء الثاني من الإقليم السابع:
(إن في هذا الجزء الثاني من الإقليم السابع مضمناً قطعة من البحر المظلم فيها جزيرة إنقلطارة وهي جزيرة كبيرة تشبه رأس النعامة.وبها مدائن عامرة وجبال شاهقة وأودية جارية وأرض سهلة.
وفيها خصب زائد ولأهلها جلادة وعزم وحزم والشتاء بها دائم.
وأقرب بر إليها وادي شنت من أرض إفلاندرش
وبين هذه الجزيرة والبر الكبير مجاز سعته اثنا عشر ميلاً.
فمن مدنها التي في أقصى المغرب من هذه الجزيرة وعلى طرف من أضيق مكان فيها مدينة سهستار وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلاً وهي مدينة حسنة عامرة على نهر كبير يأتيها من جهة الشمال فيصب في البحر بشرقيها ومن هذه المدينة إلى مدينة غرهم على الساحل ستون ميلاً وكذلك من مدينة سهستار إلى الطرف الغربي من الجزيرة ثلاث مائة ميل وثمانون ميلاً.
ومنها أيضاً إلى مرسى درته موده ثمانون ميلاً ثم إلى طرف الجزيرة المسمى قرنوالية ثلاث مائة ميل وهذا الطرف الرفيق منها شبيه بمنقار طائر.
ومن مدينة سهستار أيضاً إلى مدينة سلابرس في البر من جهة الشمال ستون ميلاً وهي مدينة جليلة على شرقي النهر الذي يصب في مدينة سهستار. ومن مدينة غرهم أيضاً إلى طرف هنتونة وهو قرطيل يدخل في البحر خمسة وعشرون ميلاً وعلى طرفه من ناحية المشرق مدينة هنتونة وهي مدينة عامرة ويصب بها من ناحية شرقيها نهر عونسترة. وعونسترة مدينة برية وبين هنتونة وعونسترة ثمانون ميلاً ومن عونسترة إلى سلابرس أربعون ميلاً في جهة الغرب ونهر عونسترة يخرج من جبل معترض في وسط الجزيرة.
ومن هنتونة إلى مدينة شرهام ستون ميلاً وهي على نحر البحر وهي مدينة جليلة متحضرة فيها إنشاء وعمارة.
ومنها مع الساحل إلى مدينة هستينكش خمسون ميلاً وهي مدينة مقدرة الكبر كثيرة البشر عامرة جليلة ذات أسواق وفعلة وتجار مياسير.
ومنها مع الساحل شرقاً إلى مدينة دبرس سبعون ميلاً وهي أيضاً مدينة كبيرة وهي على رأس المجاز الذي يجاز منها إلى البر المتصل بالأرض الكبيرة.
ومن مدينة دبرس إلى مدينة لوندرس في البر أربعون ميلاً وهي على نهر كبير يصب في البحر بين مدينة دبرس وبين مدينة جرنموده. ومدينة جرنموده مدينة حسنة على ضفة البحر. فمن مدينة دبرس إلى موقع نهر
لوندرس في البحر عشرون ميلاً ومن موقع هذا النهر إلى مدينة جرنموده المذكورة أربعون ميلاً فذلك من مدينة دبرس إلى جرنموده على البحر ستون ميلاً.
ونهر لوندرس اسمه رطانزة وهذا النهر كثير الجري حسير الماء وجريه من وسط الجزيرة فيصل إلى مدينة غركة فرت على مقدار خمسين ميلاً ويجتاز بجنوب مدينة غركة فرت فيمر منها إلى مدينة
لوندرس المذكورة أربعين ميلاً ثم يمر من لوندرس فيصب في البحر كما ذكرناه.
ومن مدينة جرنموده إلى مدينة نرغيق تسعون ميلاً
ومدينة نرغيق مرتفعة عن البحر مقدار عشرة أميال.
ومن مدينة نرغيق إلى مدينة أغريمس على البحر ثمانون ميلاً فذلك من مدينة جرنموده إلى أغريمس على البحر مائة ميل وخمسون ميلاً ومن مدينة جرتموده المذكورة ينعطف البحر آخذاً في جهة الشمال على استدارة ومن مدينة أغريمس المذكورة إلى مدينة أفرويك ثمانون ميلاً وهي على بعد البحر المظلم وعلى طرف جزيرة سقوسية المتصلة بجزيرة إنقلطارة وهي جزيرة ذات طول آخذة في شمال الجزيرة الكبيرة وليس بها عمارة ولا مدينة ولا قرية وطولها مائة وخمسون ميلاً. ومن مدينة إفرويك إلى موقع نهر بشكه مائة وأربعون ميلاً وبشكه حصن على هذا النهر مرتفع عن البحر اثنا عشر ميلاً.
ومن مدينة أغريمس المذكورة قبل إلى مدينة نقولس في البر مائة ميل والنهر يشق وسطها وينصب منها إلى مدينة أغريمس فيصب بجنوبها في البحر كا ذكرناه.
ومن نقولس البرية إلى مدينة إفرويك أيضاً تسعون ميلاً ثم إلى مدينة دونالمه ثمانون ميلاً شمالاً على بعد من البحر.
ومن طرف جزيرة سقوسية الخالية إلى طرف جزيرة إرلاندة مجريان في جهة الغرب.
وجزيرة إرلاندة كبيرة جداً بين طرفها الأعلى وبرطانية ثلاثة مجار ونصف وحكى صاحب كتاب العجائب أن بها ثلاث مدائن وبها قوم يسكنونها وكانت المراكب تجتاز بها وتحط عليها وتشتري منها العنبر والحجارة الملونة فوقعت بين أهلها شرور وطلب بعضهم أن يملك عليهم وحاربهم بأهله فحاربوه فوقعت العداوة لذلك بينهم فتفانوا وانتقل بعضهم إلى عدوة البحر من الأرض الكبيرة فخربت مدائنهم ولم يبق أحد منم.
ومن طرف جزيرة إنقلطرة إلى جزيرة دنس مجرى.
ومن طرف إسقوسية في جهة الشمال إلى جزيرة رسلاندة ثلثا مجرى وبين
طرف جزيرة رسلاندة وطرف جزيرة إرلاندة الكبيرة مجرى وكذلك من طرف جزيرة رسلاندة في جهة الشرق إلى جزيرة نرباغة اثنا عشر ميلاً وطول جزيرة رسلاندة أربع مائة ميل وعرضها مائة وخمسون ميلاً وسنذكر هذه الجزائر فيما بعد بعون الله تعالى وحسن توفيقه. نجز الجزء الثاني من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله.
*لمياء
22 - سبتمبر - 2014
رسالتي إلى الأستاذ زهير بتاريخ 21 سبتمبر 2014    كن أول من يقيّم
 
 
تحيةً طيبة وبعد:
قرأت الأسبوع الفائت مقالكم (بريطانيا وإنكلترة في كتب التراث العربي)، وخطر على بالي أن أبحث في الموضوع، وقد تشعب البحث وصار من المستحيل أن أفصِّل جوانبه في رسالتي هذه، ففضلت أن أرسله إليكم في ملف مرفق بها، وأن أكتب لكم هنا ملخصًا لبعض الخطوط العريضة.
خلاصة ما توصلت إليه، هو :
- أن (بريطانية) التي يذكرها ابن سعيد في كتابه الجغرافيا هي (برطانية) كما يسميها الإدريسي، وهي بريطانيا المقاطعة الفرنسية المعروفة اليوم (Bretagne
فأما الإدريسي فيذكر مدنها بتسمياتها كما هي اليوم، وقد بينتُ هذا في الملف، وغمرني السرور وأنا أرفق كل مدينة باسمها الحالي كما لو حققت نصرا عظيما.
وأما ابن سعيد فيقول:
× (ثم يدخل البحر فيها نحو درجة وثلث، ثم يرجع إلى خط الإقليم السابع. ويقال لهذا البحر، الخارج من البحر المحيط، بحر بريطانية.) وهو بدخوله يشكل قناة المانش (القناة الإنجليزية) وكل هذا ضمن ما يسمى بحر بريطانيا الذي سماه القلقشندي بحر برديل، وكل هذا جزء من البحر المحيط وهو بحر الظلمات أي المحيط الأطلسي في يومنا هذا، وتفصيل كل هذا في الملف.
× (وبقي لها مدخل إلى بلاد الأندلس من الجهة الشرقية الجنوبية في آخر هذا الجزء.) أي أنها متصلة بالقارة في جهة الجنوب الشرقي، وهذا ما يسمى في الاصطلاح الجغرافي (شبه جزيرة) أي أنها تبقى متصلة بالقارة بجزء صغير، وكل هذا ينطبق على الإقليم الفرنسي.
× (ولها ملك منفرد قاعدته مدينة بريستل) لا يمكن أن يقصد بريستول الإنجليزية، وربما كان المقصود مدينة بريست (Brest)، وهو ثاني أكبر ميناء عسكري في فرنسا بعد تولون، ويقع في الساحل الغربي لبريطانيا (الفرنسية)، وفيه قلعة بريست الحصينة، وإن كان في الحديث عن عاصمة بريطانية (الفرنسية) تفصيل خلاصته ألا عاصمة ثابتة لها.
 
- (بلله) لا يمكن أن تكون (ويلز)
× يقول ابن سعيد (أول ما يلقاك منه جزيرة بلله وهي صغيرة معمورة تقع الحرب عليها بين صاحب انكلترة وبريطانية، لأنها بين الحدين)  و(ويلز) ليست بأي حال من الأحوال بين حدي بريطانيا وانجلترا، ولم يقع بينهما حرب عليها، وإنما الحرب بين النورمند بعد غزوهم إنجلترا مع سكان ويلز الكلتيين (السلتيين) في عملية توسعية لانجلترا النورمندية.
 
- ربما كانت (بلله) هذه شبه جزيرة كوتنتان (Cotentin) الفرنسية، وتنتمي إلى مقاطعة نورمندا التي حملت اسمها { Pagus Constantiensis (pays de Coutances)} وتقع فعلا بين حدي بريطانية وانجلترا. وربما ألحق بها الجزر الأنجلونورمندية التي تجاورها غربا وأكبرها جزيرة جيرزي (Jersey.)، وقد كانت محل صراع بين النورمندين والانجليز، وهي اليوم جزر مستقلة تابعة للتاج البريطاني (الإنجليزي).
 
- و من اللطائف أن (صاحبها الانكتار المذكور في تاريخ صلاح الدين في حروب عكا) الذي ذكره ابن سعيد أي ريتشارد الأول (قلب الأسد) ملك إنجلترا، هو الأخ الأكبر لــ جيوفري الثاني دوق بريطانيا (الفرنسية) لزواجه من وريثة الحكم كونستنس (Constance de Bretagne).
- ويقول ابن سعيد (ومع غناء الانكتار ووسع مملكته، فإنه يقر بالسلطنة للفرنسيس)  وهذا الوصف صحيح للعلاقة بين ملك انجلترا وملك فرنسا، فما يسمى بالإمبراطورية الأنجوية التي حكمها البلانتاجانت الأنجويون وضمت مناطق فرنسية إلى التاج الإنجليزي ومع اتساعها (ما يملكونه من أراضي يفوق ما يملكه ملك فرنسا) إلا أنها ضلت أهم تابع لمملكة فرنسا.
وقد ضمت هذه الإمبراطورية في زمن ما نورمندا وأنجو، وبهذا صارت على حدود دوقية بريطانيا (الفرنسية) من جهة سنت مجيال.
 
وبينما كنت أقوم بالبحث في نصوص الكتب عن ذكر (برطانية) بهذا اللفظ بعد أن وجدتها عند الإدريسي، انتبهت إلى وجود مدينة أندلسية تحمل هذه التسمية، وأوصلني البحث إلى كتاب الدرر السندسية لشكيب أرسلان، ووجدت أنه سبقني إلى ذكرها وذكر اختلافها عن (برطانية) شمال فرنسا، والحقيقة أني أحسست أن كل ما كنت أقوم به هو (إعادة اختراع العجلة)، وتمنيت أن يكون في بحثي هذا إضافة وأن تكون منه فائدة ترجى.
وفي الختام أشير إلى أصل التسميتين  (بريطانية) و(انجلترا) باختصار، وكلاهما مأخوذتان من اسم شعبين، والقضية هي أن بريطانيا هي التسمية اللاتينية لإنجلترا في العهد الروماني، نسبة إلى الشعب البريطاني وهو شعب كلتي (سلتي) كان يسكنها، وبسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، وبداية العصور الوسطى هاجر هذا الشعب إلى أرموريكا شمال فرنسا والتي أخذت تدريجيا اسمه إلى أن قامت فيها مملكة بريطانيا، وللتفرقة بينها وبين إنجلترا، سميت إنجلترا ببريطانيا الكبرى أو الجزيرة (جزيرة بريطانيا)، وسميت الفرنسية بريطانيا (من غير صفة) أو بريطانيا القارية، أو بريطانيا الصغرى.
في نفس الوقت، بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، صارت الشعوب البريطانية في إنجلترا من غير حماية وغزاها شعب الأنجل (الانجليز) وهو شعب جرماني وأقام ممالك فيها، فسميت بريطانيا الكبرى نسبة إلى هذا الشعب الجديد إنجلترا.
 
والفترة التي كتب فيها ابن سعيد المغربي (610 - 685 هـ = 1214 - 1286 م)  كتابه الجغرافيا، وافقت قيام المملكة الإنجليزية النورمندية وهي مملكة بلانتاجانت وأول ملوكها هنري الثاني هو والد ريتشارد قلب الأسد. وفي فترة حياة ابن سعيد كان الملك هو هنري الثالث ومن بعده إدوارد الأول. ويقابله قيام دوقية بريطانيا (الفرنسية) وكان الدوق فيها بيار الأول ومن بعده جين الأول.
وقد حاولت قراءة ما كُتب على خريطة ابن سعيد (التي وجدتها على الشبكة) ولم أتمكن من قراءة أسماء الجزر المجاورة للجزيرة التي كتب عليها (مجوس)، وإن كانت هذه هي إيرلندة فقد وضعت تخمينا لبقية الجزر، ولعلكم تستطيعون اكتشاف ما كتب، أبعث إليكم الخريطة وخريطة الإدريسي مع الإشارة إلى أن الشمال فيها إلى الأسفل وانجلترا في الزاوية السفلى اليمنى (رأس النعامة).
أما المصادر التي اعتمدت عليها في بحثي فأغلبها باللغة الفرنسية –لأني لم أجد هذه المعلومات باللغة العربية على الشبكة- وقد ذكرتها في الملف بالتفصيل، وقد ترجمت منها كما ترون في الملف وأشرت إلى روابطها، وهي باختصار مقالات وخرائط موسوعة ويكيبيديا، وكتب منشورة في الوراق والمكتبة الشاملة وكتب وخرائط قوقل، وخرائط أخرى وكتب ومقالات متفرقة على الشبكة.
أتمنى أن ينال بحثي الصغير إعجابكم، وأترككم في رعاية الله.
 
*لمياء
22 - سبتمبر - 2014
 1  2