البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : بحور لم يؤصلها الخليل - بحر المتدارك    كن أول من يقيّم
 عمر خلوف 
15 - مارس - 2009
البحرُ المُتَدارَك *
 
  على الرغم من ضياع كتاب العروض للخليل، فلا نشكّ في أنه اعْتَبَرَ البحرَ الذي على (فاعلن فاعلن...) بحرًا مُهملاً ينفكُّ عن دائرة المتقارب. ولا يُعقل أبدًا أن لا يُشير إليه الخليلُ بحراً مُهْملاً، لأنّ طريقتَه الفذَّةَ في فكّ البحور من دوائرها لابدّ أن تُخرِجَه من دائرته، بل إنّ إخراجَه أسهلُ من إخراجِ غيره من مهملات الدوائر الأخرى.
          ولقد كانت إشارة ابن عبد ربِّهِ (-328هـ) إلى هذا البحر واضحةً في اعتباره  مُهْمَلاً، لم يأْتِ عليه في الشعر أية شواهد، حيث قال([1]):
وبعدَها خامسَـةُ الدوائـرِ=للمُتَقَـاربِ الذي في الآخِـرِ
ينْفَكُّ منها شَطْرُهُ .. وشَطْرُ=لَمْ يأْتِ في الأشعارِ منه الذكْرُ
          كما أشار في رسمِ دائرة المتقارب عنده إلى موضع انفكاكه منها بقوله "مُهْمَل"([2]).
ولا شكّ أن اعتبارَه البحرَ الذي على (فاعلن) مهملاً له ما يُبرّره، فهو كغيره من مهملات الدوائر الأخرى، لم يكن له في جعبة الخليل الشعرية أيّ شاهدٍ أو دليل يدلّ عليه، بل لم توجد له شواهدُ حقيقية إلا في زمنٍ متأخر. يقول المعرّي: وهذا الوزن "لم تستعملْه العرب"([3]).


  *  نشر الجانب النظري في مجلة الدراسات اللغوية، مج4، ع2، 1423/2002، ص233.
([1]) العقد الفريد 6/287.
([2]) سا. 6/289.
([3]) الفصول والغايات، ص134.
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
استفسار من نهم متعجل    كن أول من يقيّم
 
استفسار من نَهِمٍ مُتَعَجِّل:
شيخي عمر:
ما أبرز القصائد التراثية على نسق المتدارك؟ وما رأيك في إيقاعه؟ وما رؤيتك لمستقبل هذا البحر في الإبداع الشعري؟ هل نظامه التفعيلي صعب على الشاعر، ويوقعه في التصنع والتكلف؟
أسعفنا بالإجابة وأمتعنا يا أمير العروض. بارك الله فيك.
 
*صبري أبوحسين
16 - مارس - 2009
سيدي د.صبري أبو حسين    كن أول من يقيّم
 
سيدي د.صبري أبو حسين
حفظه الله ورعاه
أرحب بك وبتعليقاتك الثرية المثرية للموضوع، وأقول:
ليس المفتاح سوى مدخل لحفظ الوزن، وقد وجدت مفاتيح عدة لبحور الشعر، ولكن يبدو لي والله أعلم أن مفاتيح الحلّي كانت الأنسب والأشهر، وذلك لما حملته من روحه الشاعرة، وكفايتها في التعريف بذلك الوزن..
وقد جاءت مفاتيح الحلي مصرّعة جميعها، مما سهّل على المتلقي حفظها.
ولذلك فأرى أن في مفتاحكم الجميل عيب فقدانه التصريع، وهو أمر مهم في انتشاره وقدرته على حفظ الوزن.. ومع ذلك فالمفتاح عندي ليس بتلك الأهمية التي للدراسة النظرية التأصيلية إذا ما كتب لها القبول والانتشار..
أما عن استفساركم الآخر، فقد جاء في ثنايا البحث قولي:
وكغيره من المهملات الخليلية الأخرى؛ يتمثل في المتدارك الكثير من ملامح النثرية، وخاصةً في شكله التام. ولكنّ تركيبَه البسيط، بتفعيلته الخماسية القصيرة المتكررة، ميَّزَهُ قليلاً عن المهملات الأخرى، فاستُخْدِمت بعضُ صوره -المجزوءَةِ خاصّةً- في العصرين العباسيّ والأندلسيّ، واستخدمه المحدثون في القليل من قصائدهم العمودية، والكثير جدّاً من شعر التفعيلة.
وسأوافيكم بالأمثلة إن شاء الله.
تحياتي
*عمر خلوف
16 - مارس - 2009
قوالب البحر المتدارك    كن أول من يقيّم
 
1- التامات:

1-=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلاتن

2-=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلانْ

3-=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

2- المجزوءات:

4- فاعلن فاعلن فاعلاتن= فاعلن فاعلن فاعلاتن

5- فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلاتن

6- فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلان

7- فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلن

8- فاعلن فاعلاتن=فاعلن فاعلاتن

9- فاعلن فاعلاتن=فاعلن فاعلان

10- فاعلن فاعلاتن=فاعلن فاعلن

11- فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلاتن

12- فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلان

13- فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن

14- فاعلن=فاعلن

3- المشطورات:

15-        فاعلن فاعلن فاعلن فاعلانْ

16-        فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

17-        فاعلن فاعلن فاعلاتنْ

18-        فاعلن فاعلن فاعلانْ

19-        فاعلن فاعلن فاعلن

20-        فاعلن فاعلاتن

21-        فاعلن فاعلانْ

 22-        فاعلن فاعلن
*عمر خلوف
17 - مارس - 2009
شواهد المتدارك 1    كن أول من يقيّم
 

2-=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلانْ

يقول عبد المنعم الأنصاري:

بـعضُ ما كانَ طيَّ سِجِلِّ iiالطغاهْ مطَـرُ الـفـجْرِ ثبَّتَهُ أمْ iiمَحاهْ؟
حـيـنـما  هجَرَ اللّحْنُ iiقيثارتي تـاركاً  في دَمي رعْشَةً منْ iiأساهْ
بـتُّ فـي شُـرْفـةٍ iiأُرْجُـوانيَّةٍ والمَدى  راهِبٌ مُطْرِقٌ في iiصلاهْ
ويـدٌ  تـسـرِقُ النورَ من iiجبْهَة عرَفَ الـمجْدُ في نورِها iiمبْتداهْ
فكَـسَتْ مسْحةُ الذّلِّ كِبْرَ iiالجِباهْ فجْأةً وطَوى الرّعْبُ سخْطَ iالأُباهْ
قـدَرٌ بـالِـغٌ رغْـمَ أنـفي مَداهْ أنْ يرى صاحبي بعضَ ما لا أراهْ
ذَبُـلَ الـورْدُ في رَوْضَتي iiوجَناهْ لَمْ يزَلْ يهَبُ النّبْتَ دِفْءَ iiالحياه
كـلُّ  مـا كـانَ فـي بَدْئِهِ iiكلْمةً ربّـما  لَمْ يـكنْ كلْمةً iiمنتهاهْ

*عمر خلوف
17 - مارس - 2009
(آسفي) في شواهد المتدارك 2    كن أول من يقيّم
 

3-=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

وهو الشكل الأصلي للبحر كما تذكر كل كتب العروض، إلاّ أنّها جميعها لا تذكر عليه من الشواهد سوى أبياتٍ متفرّقة ذكرناها في المقدمة.
يقول الحبْسي([1]):

كـنْ  مُجيداً لِمدْحِ النبيِّ iiتَنَلْ مـا تُحِبُّ، وتبلُغْ بذاكَ iiالأمَلْ
فـمَـديحُكَ للمصطفى iiسبَبٌ لبلوغِ مُناكَ بغيرِ حِيَلْ(2)i
فـمُحمّدُ  أزكى الورى iiحسَباً وأعـزُّ وأرقـى الأنامِ iiعَمَلْ
فـعَـلـيـهِ  صلاةُ إلهِكَ iiما مطَرٌ مِنْ خلالِ السّحابِ هَمَلْ
عـالِـمٌ  علَـمٌ عادلٌ iiحَكَمٌ صـارِمٌ خَذِمُ الحَدِّ حينَ iiيُسَلّْ
لـلـزيارةِ  تعنو الحجيجُ iiلَهُ قاصدينَ  لهمْ في القفارِ iiزَجَلْ

ويقول الحساني حسن عبد الله في ذكرى العقاد([3]):

سـيِّـداً كانَ ، كمْ شاقَنا iiصوتُهُ نـافِـذاً  فـي جَوانحِنا ، iiسيِّدا
كـان؟  كلاّ، فما زال،iiهاهُوَذا صـوتُـهُ فـي مسامعِنا iiأمردا
حـيـثما  كنتَ يلقاكَ منه رفي قٌ  ، إذا مـا استعنتَ بهِ iiأنجدا
لاتقولوا  وَهِمْتَ دعوني مع iiال وَهْم أُكْمِلُ في وهْمِيَ iiالمشهَدا
إنّـمـا ذاكَ -أعلَمُ- نُشْدانُiiما غالَ منّا الردى ذاكَ شوقٌ iiبَدا
ولِـمـاذا نُـغـالِـطُ في واقِعٍ نحنُ  أيضاً سيُبكى علينا iiغدا
وسـيُبكى على مَنْ بكى ، iiفإلى أينَ يا ركْبُ يمضي بنا مَنْ حَدا
الـسـؤالُ تـنـقَّلَ فوقَiiالشِّفا هِ ، تزولُ ويبقى عميقَ iiالصّدى
أنـا  شـيءٌ فكيفَ أصيرُ iiإلى غيرِ شيءٍ، أيذهَبُ كوني iiسُدى

 

ولشاعر الوراق، الأستاذ زهير ظاظا:

آسـفي  يـا لها لوحة iiتخطفُ جانبٌ  هـائجٌ، جانبٌ iiمدنفُ
صورة غصتُ في عمق تجريدها فـي  ضياء الربى جوقة iiتعزفُ
كـلمـا تـفـتح الريح شباكها يـدخل  الشعر والزهر والقرقفُ
مـثـل إحساسنا الغامض اغتالنا مـثلما  البحر في آسفي iiيوصفُ
كـان  مـلكا لها وهي في موجه زورق فـوق أمـواجـه يزحفُ
مـوج بـحـارة في iiأعاصيرها وجـمـاهـيـرها باسمها تهتفُ
مـثـل شوقي لها حين iiشاهدتها إن يـكـن نافعي شوقيَ iiالمتلفُ
الـسـنـا  صدرها والعلا iiبابها عـنـدمـا  تُفتَحُ القلعة iiالمتحفُ


([1]) ديوانه ص25. وانظر ديوانه ص110. ولعله أقدم من كتب على هذا الوزن تاماً.
([2]) في القصيدة عدد من الأشطر الخببية الصريحة، كما في عجز هذا البيت، ومطلع البيت الرابع.
([3]) عفت سكونَ النار ص100-102.

*عمر خلوف
17 - مارس - 2009
شواهد المتدارك 3    كن أول من يقيّم
 
4- فاعلن فاعلن فاعلاتن=فاعلن فاعلن فاعلاتن
          ذكره الحنفي، لكنه تاه فيه، فعدّه مرّةً من البحر المديد([1])!! معتمداً كما يقول على أذنه الموسيقية التي ترمي به إلى ساحل المديد، وذلك على الرغم من أنه أورد نفس الأمثلة ساكنةَ الروي مع المتدارك([2])، بل إنه دمجه -ثالثةً- مع بعض صور الخفيف!! فقدَّرَه مرةً بتفاعيله ذاتِها([3])، وقدّره أخرى: (فاعلاتن فعولن فعولن)([4])، وهي الصورة ذاتها كما هو واضح!! ومما مثل به الحنفي قوله:

إنَّ ليلي لَلَيلٌ عميدٌ=بكَعابٍ وأيُّ كَعابِ

آهِ لو تعلمينَ بما في=كبدي من جوىً وعذابِ

وقد وجدت شاهده في قصيدةٍ ليوسف أبو سعد يقول فيها([5]): 

أيقظَ  الجرْحَ هجْرُ iiالحبيبِ فـادْمَعي يا عيوني iiوذوبي
قد  تلاشتْ طيوفُ iiالأماني ونَـما الشوكُ فوقَ الدروبِ
إنَّـما الـهجْرُ ليلٌ iiكئيبٌ لُفَّ في ثوبِ صمْتٍ رهيبِ
تـاهَ فـيـهِ فؤادي iiالمُعنّى واعترتْني طيوفُ iiالشحوبِ
تَـمتِمي  يا شِفاهي iiحَيارى أينَ  مني المنى يا iiحبيبي؟
أيـنَ  مـني مَجالِي iiجمالٍ عـبَقَتْ  في التداني بطيبِ
أيـنَ دنـيا رضعْنا iiهواها ثـمَّ عشنا بروضٍ iiخصيبِ
يـمرحُ  الطيرُ فيهِ iiاختيالاً بـينَ  ماءٍ وغصْنٍ iiرطيبِ
كـمْ  سعدْنا بدنيا iiالتلاقي وانـتشينا  بشمِّ iiالطيوبِ
وسـهرْنـا وللحبِّ iiكأسٌ قد شـربْناهُ ملْءَ iiالقلوبِ


([1]) العروض ص 299 .
([2]) سا.ص 218 .
([3]) سا.ص 257 .
([4]) سا.ص 273 .
([5]) شواطئ الحرمان ص 159 .
*عمر خلوف
17 - مارس - 2009
شواهد المتدارك 4    كن أول من يقيّم
 
5- فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلاتن
          ليس له في كتب العروض سوى شاهد مصنوع، أورده الجوهري([1])، حيث جاءت عروضه مساويةً لضربه (فعِلاتن) للتصريع([2]):

دارُ سعْدى بشَحْرِ عُمانِ=قد كساها البِلى المَلَوانِ

يقول زهير المحروس([3]):                        

لا تكنْ للجوى ناصِحاً!=يُعجِزُ الطبَّ مَيْتُ الغرامِ

وأورد عبد العليم إبراهيم([4]):

يا بني عمَّنا لَمْ نزَلْ=نرتجي منكمُ الحسناتِ

وأورد صبري السيد([5]):

حانَ وقتُ الذهابِ فيا=مهجتي لنْ أقولَ وداعا

        بل أقولُ إلى الملتقـى=[والأمـاني تمرُّ سِراعا]([6])
* * *
6- فاعلن فاعلن فاعلن=فاعلن فاعلن فاعلانْ
لا تورد له كتب العروض إلا أبيات مفردة أهمّها ما أورده الجوهري([7]):

هذهِ دارُهمْ أقفرَتْ=أم زُبورٌ مَحَتْها الدهورْ

وقولهم أيضاً :

مَنْ يدَعْ عينَهُ هَمَلاً=يُبْتَلى قلبُهُ بِحِسانْ

وقد استعملَ المعاصرون هذا القالب كثيراً.
تقول نازك الملائكة([8]):

إنَّهمْ يقطعونَ الطرُقْ=ويَسدّونَ كلَّ سبيلْ

فاستفِقْ منْ كَراكَ اسْتفِقْ=أيُّها العربيُّ النبيلْ

وتقول أيضاً([9]):

ورأيْنا شِفاهاً خَوَتْ=لَمْ تعُدْ تشتكي أو تجوعْ

وأكُفّاً ذَوَتْ وانطوَتْ=لَم يعُدْ لأساها دموعْ
ويقول عبد السلام حافظ من قصيدة طويلة([10]):

قَلَّ صحبي وأنتِ التي=فيكِ قلبي صريعُ الشقاءْ

مسرحُ الجنِّ صدري ولي=جسمُ عانٍ سديم البلاءْ

يا ربيعي ودنيا الهَنـا=يا غرامي وصـفْوَ البَقاءْ

أنتِ نجْوى تصيَّدتُها=تُلهِمُ الفكْرَ وحيَ السناءْ

أنتِ أنشودَتي والنّهى=ينظم الشعْرُ خمرَ الشفاءْ

كنتِ أفراحَ نفسي وها=أنتِ سرُّ الضنى والعناءْ

فامنحيني حياةَ الهدى=ضلَّ بي مسرحُ الأشقياءْ


([1]) عروض الورقة ص69.
([2]) وقد توهم بعض المعاصرين أن العروض والضرب يردان على: (فعِلاتن) دائماً، وما ذلك بصواب، إذ يصح ورودها على الأصل: (فاعلاتن)، كما هو واضح.
([3]) الخلاصة الوافية، ص119.
([4]) صفوة العروض، ص66.
([5]) أصول النغم، ص298. وربما كانا من تأليفه، وضعهما للتمثيل.
([6]) في الأصل ( والزمانُ يمرّ سريعا ) فعدّلناه لتتناسب قافيته مع سابقه.
([7]) عروض الورقة ص 69 .
([8]) شجرة القمر ص 98 .
([9]) ديوانها 2/46 .
([10]) وحيٌ وقلبٌ وألحان، ص44.
*عمر خلوف
18 - مارس - 2009
شواهد المتدارك 5    كن أول من يقيّم
 
 
          قالبٌ جميل، رائق الإيقاع، ومع ذلك فليس له في كتب العروض إلاّ أمثلة مفردة مصنوعة، كما رأينا.
          وقد دبّت إليه الحياةُ عند المعاصرين، ففي عام 1940، نشرت مجلة الرسالة قصيدةً على هذا الوزن لبشر فارس، قال أنه كتبها عام 1934م، مدعياً أنه وضَعَ بحراً جديداً، أجزاؤه (فاعلاتن مفاعلتن)! وأطلق عليه اسم: المنطلق! يقول فيها([1]): 

جنِّبوا النايَ عنْ أُذُني=أذُني زُلْزِلتْ طرَبــا

مثلَ قلبٍ تُحدِّثُــهُ=سَرَّهُ السَّرْدُ فاضْطَرَبا

نغَمٌ جاءَ يفتِكُ بي=ذاعَ في السمْعِ مُصْطَخِبا

مثل دمعٍ يُغالِبُـني=دارَ في العينِ مُلْتهِبــا

ولمحمود حسن اسماعيل([2]):

جاءَكَ الروضُ يشكو الظَّما=فجْرُهُ ، زهْرُهُ، طيْرُهُ
فغَدا هاتِفاً في الحِمـى=نورُهُ ، عطْرُهُ ، سِحْـرُهُ

* *  *

أنتَ في الروضِ خمْرُ السّما=فاسْقِنا .. هذهِ كأسُنا

*  *  *

غنِّ يا شعْرُ في عصْـرِهِ=عازِفاً عبقرِيَّ النَّغَـمْ

وارْوِ للناسِ عنْ بشْرِهِ=ما روى كلُّ قلبٍ وفَمْ

*  *  *
واسألِ الشرقَ عنْ بِرِّهِ=تَلْقَ أيّامَهُ ألْسُـنا


([1]) مجلة الرسالة (341)، س8 ، 1940م ، ص89. وقد وجّهها محمود محمد شاكر إلى مجزوء المتدارك في العدد (343)، ص183.
([2]) الأعمال الكاملة 1/601.
*عمر خلوف
18 - مارس - 2009
شواهد المتدارك 6    كن أول من يقيّم
 
8- فاعلن فاعلاتن** فاعلن فاعلاتن
          قالبٌ قديم، جميل([1])، كثير الاستخدام، ذكره ابن قتيبة شاهداً على أنّ أبا العتاهية كانَ ربما قالَ شعراً موزوناً يخرجُ به عن أعاريض الشعر([2]). وذكره الزنجاني([3])، والدماميني([4])، وعدد من المعاصرين([5])، حيث ردّه معظمهم إلى مجزوء الخفيف؛ (فاعلاتن فعولن)! في حين اعتبره بعضهم مربعاً للبحر الممتد المهمل (وهو معكوس المديد الدوائري الخليلي)([6])، أو مجزوء "المطّرد" (فاعلاتن مفاعيلن مفاعيلن)([7])، وهو ليس إلاّ من المتدارك كما يدلّ على ذلك تتابعه الحركي.
يقول أبو العتاهية، ولعله أقدم أمثلته([8]):

عُتْبَ ما للخيـالِ=خبّريني ومـالي

لا أراهُ أتــانِي=زائراً مذْ لَيـالي

لَوْ رآني صديقي=رقَّ لِي أو رثى لي

أو رآني عدوّي=لانَ منْ سوءِ حالي

وتقول علية بنت المهدي (-210هـ)([9]):

ليتَ سلمى تراني=أو تُنَبّى بِشاني

كيْ تفكَّ أسيراً=متعبَ القلبِ عانِ

يا ديارَ الغـواني=المِلاحِ الحسـانِ

جادكِ الغيثُ منهُ=بالغَوادي الرّواني

ويقول ابن المعتز([10]):

طالَ وجْدي وداما=وفَنِيتُ سقاما([11])

آلُ سلمى غِضابٌ=فيمَ ذا ، وعَلى ما؟

جعَلوا القرْبَ منها=والكَلامَ حَـراما

وفـؤادِيَ عـاصٍ=لا يُطيـعُ المَلاما

كلّمـا جَذَبــوهُ=لِيرى الرُّشْدَ هَاما

ما يضــرُّ خلِيّاً=لو شفى مستَهـاما



([1]) ومع ذلك عدّه المعري "من أضعف أوزان الشعر وأرَكِّهنّ"، ورأى أن أبا العتاهية إنما عملَه "على هيئة اللعب" بالوزن. انظر الصاهل والشاحج، ص586.
([2]) سا. ص585، الهامش (2).
([3]) معيار النظار1/68. يقول: "ويجوز أن يُجعل من المضارع، على أنّ الصدر والابتداء أشتران"!
([4]) الغامزة ص75.
([5]) انظر المرشد، د.الطيب1/79. العروض للحنفي ص 267، العروض والقافية للعلَمي ص233، وفعل ذلك أيضاً د.شكري فيصل في تحقيقه لديوان أبي العتاهية ص 618، وبنت الشاطئ في تحقيقها لرسالة الصاهل والشاحج ص 585.
([6]) سفينة الشعراء للفاخوري، ص179، وقد ذكر الفاخوري بحراً مهملاً آخر سمّاه "الوسيم" تفعيله عنده هو (فاعلاتن فعولن)، دون أن ينتبه إلى أنهما متطابقان!!
([7]) د.مستجير، مدخل رياضي ص50.
([8]) ديوانه، ص 618. ويحكى أن أبا العتاهية لَمّا قال هذه الأبيات قيل له: خرجْتَ عن العروض! فكان يقول: أنا سبقْتُ العروض أو أنا أكبر من العروض!! (الغامزة ص76).
([9]) ديوانها ص 84 .
([10]) ديوانه2/99. يقول د.حسني يوسف (موسيقى الشعر العربي1/121): "لم يُشِرْ إليه العروضيون، ووجدته عند ابن المعتز"!!.
([11]) استغرقت (فعِلن) هنا كامل الشطر، فانتقل إيقاعه إلى الخبب (فعِلن فعِلن فعْ). مما يؤكّد أن هذا الوزن من المتدارك لا الخفيف.
*عمر خلوف
18 - مارس - 2009
شواهد المتدارك 7    كن أول من يقيّم
 
9- فاعلن فاعلاتن** فاعلن فاعلانْ
يقول الششتري:

أنتَ إنْ كنتَ تفهمْ=راقِبِ السِّرَّ فيكْ

واتركِ النفسَ تسْلمْ=منْ عدوٍّ يَليـكْ

واطلُبِ العلْمَ تعْلمْ=منْهُ [نَفْيَ] الشريكْ

ويقول ابن تومرْت:

يومَ نادى المنادي=ودَعا للكفـاحْ

قمتُ أحمي بلادي=وتركْتُ المزاحْ

وصَدَقْتُ جهادي=وغدَوْتُ الجناحْ

أنْبري للأعادي=وأداوي الجراحْ

*عمر خلوف
19 - مارس - 2009
 1  2  3  4