البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : بحور لم يؤصلها الخليل - بحر الخبب    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 عمر خلوف 
9 - مارس - 2009
بحْرُ الخَبَب*
 ( مثلّث برمودا العَروض )
(حمار الشعر والغناء)
 
        في العروض التقليدي -وليس الخليلي- هو البحر السادس عشر من بحور الشعر العربي، ولكنه -مع ذلك- بحرٌ غامضُ الحدود، غائمُ المعالم، لا تزال تصطَرِعُ حوله الآراءُ وتحتدّ، ولا زال العروضيون -منذ وَضْعِه- يخبطون فيه على غير هدى. إذْ يُجْمع الكثير منهم على أن الأخفشَ، سعيد بن مسعدة (-215هـ) هو الذي تداركه على الخليل (-175هـ). ويقول آخرون: إنّ الخليلَ قد عَرَفَه، وألَمَّ به، ولكنه أعرضَ عنه لقلّته أو لشذوذه، أو لكونه "مخالفًا لأصوله"([1]). في حين يدّعي آخرون أنه "أقدم من الرجز"([2])!


 * نشر الجانب النظري في مجلة الدراسات اللغوية، ع2، 1424/2003، ص127.
([1]) العروضي، الجامع في العروض والقوافي ص259. الدمنهوري، الحاشية الكبرى ص69.
([2]) الحنفي، العروض ص236.
 1  2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
كلام عن (المتدارك)..    كن أول من يقيّم
 
   على الرغم من ضياع كتاب العروض للخليل، فلا نشكّ في أنه اعْتَبَرَ البحرَ الذي على (فاعلن فاعلن...) بحرًا مُهملاً ينفكُّ عن دائرة المتقارب. ولا يُعقل أبدًا أن لا يُشير إليه الخليلُ بحراً مُهْملاً، لأنّ طريقتَه الفذَّةَ في فكّ البحور من دوائرها لابدّ أن تُخرِجَه من دائرته، بل إنّ إخراجَه أسهلُ من إخراجِ غيره من مهملات الدوائر الأخرى.
    ولقد كانت إشارة ابن عبد ربِّهِ (-328هـ) إلى هذا البحر واضحةً في اعتباره  مُهْمَلاً، لم يأْتِ عليه في الشعر أية شواهد، حيث قال([1]):
وبعدَها خامسَـةُ الدوائرِ=للمُتَقَاربِ الـذي في الآخِـرِ
ينْفَكُّ منها شَطْرُهُ.. وشَطْرُ=لَمْ يأْتِ في الأشعارِ منه الذكْرُ
كما أشار في رسمِ دائرة المتقارب عنده إلى موضع انفكاكه منها بقوله "مُهْمَل"([2]).
ومعلوم أن ابن عبد ربه صرّحَ أكثر من مرّة بأخذه العَروضَ عن كتاب الخليل. يقول([3]):
        ولا شكّ أن اعتبارَه البحرَ الذي على (فاعلن) مهملاً له ما يُبرّره، فهو كغيره من مهملات الدوائر الأخرى، لم يكن له في جعبة الخليل الشعرية أيّ شاهدٍ أو دليل يدلّ عليه، بل لم توجد له شواهدُ حقيقية إلا في زمنٍ متأخر. يقول المعرّي: وهذا الوزن "لم تستعملْه العرب"([6]).
    وربّما كان الجوهري (-398هـ) بعده، أول من سمّاه (المتداركوأصَّلَ قواعِدَه المعروفةَ إلى اليوم، فأفرَدَ له باباً خاصّاً في البحور، ونظمه على طريقة البحور الخليلية الأخرى، مُعدِّداً أعاريضَه وضروبَه، ومشيرًا إلى إمكانية وروده مجزوءاً. وأورد له بعض الشواهد المصنوعة للتمثيل([7]). وكان مَنْ أتى بعده عالةً عليه، فلم يتجاوزوا طريقتَه في التأصيل، ولا شواهدَه في التمثيل، وذلك على الرغم من هشاشة تلك الطريقة، وافتقادها إلى المنطقية التي تميّزَ بِها عروض الخليل.
    ويتضح من جميع أمثلة البحر، وتعليقاتِهم عليه، أنّ ما هو مستخدمٌ فعلاً، وما أشاروا إلى قِدَمِهِ وصحّته، لا يخرج عن (فعِلن و فعْلن) دونَ (فاعلن) أبدًا، كالذي نُسِبَ إلى الجنّيّ، أو إلى علي بن أبي طالب، أو إلى أبي العتاهية، أو إلى الخليل ذاته، أو إلى من جاء بعدهم، يقول الجوهري([8]): "وشعْر عمروٍ الجنّي مخبون" كلّه. ويقول ابن القطاع عنه([9]): "استعمل مخبوناً". ويقول الزمخشري([10]): "غيرَ أنه جاءَ مخبوناً أو مقطوعاً"!
    في حين يبقى ما جاءَ على (فاعلن) أمثلةً مفردةً مصنوعةً، غير منسوبةٍ لأحد، وُضِعتْ للتمثيل. وهي لا تخرجُ عن (فاعلن) وبديلها (فعِلن) دون (فعْلن) أبدًا. ولم يقدر صانعوا هذه الأمثلة على إيراد شاهدٍ مصنوعٍ واحد يخلط ما بين (فاعلن و فعْلن) على الإطلاق.

 

([1]) العقد الفريد 6/287.
([2]) سا. 6/289.
([3]) العقد الفريد 6/277.
([4]) سا. 6/270.
([5]) سا. 6/325.
([6]) الفصول والغايات، ص134.
([7]) عروض الورقة ص68. وليس ذلك مستغرَباً على عالمٍ مجدّد كالجوهري، فهو ـ وإنْ لم يكن مؤهَّلاً لذلك كالخليل ـ أوّلُ من حاولَ التعديلَ في نظام العروض، فجعلَ التفاعيلَ سبعةً، والبحورَ اثني عشرَ بحرًا، دامجاً بحرًا في بحر، وأهمل الدوائر، وانتقد الخليلَ في كثيرٍ مما جاء به.
([8]) عروض الورقة، ص68.
([9]) البارع (ص206)، وانظر الإقناع لابن عباد (ص76)، المعيار للشنتريني (ص93)، معيار النظار للزنجاني(1/84). المنهاج للقرطاجني (ص229)، نهاية الراغب للأسنوي (ص334)، والغامزة للدماميني (ص21).
([10]) القسطاس، ص128.
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
الخبب والمتدارك وزنان منفصلان    كن أول من يقيّم
 
     إنّهما في واقع الأمر وزنان منفصلان، متمايزان، خلَطَ بينهما العروضيون دون الشعراء، على الرغم من شعورهم الأكيد بالاختلاف والتباين. فقد نبَّهَ معظمُهم إلى أن تحوّل (فاعلن) إلى (فعْلن) هو مما يُخالف أصولَ القواعد الخليلية، وأنّ ذلك حالةٌ شاذّةٌ يختصُّ بِها هذا البحر دونَ سواه!! بل لقد حكَمَ معظمهم بشذوذ هذا البحر سالِمَ التفاعيل، وصحّته معتلاًّ!! ونبّهَ آخرون إلى أنه لا يستعمل إلاّ مخبوناً أو مقطوعاً كما رأينا.
     يقول العروضي([1]): "إنّ هذا الوزنَ قد لحِقَهُ فسادٌ في نفس بنائه، أوجَبَ [على الخليل] ردّه، وذلكَ أنه يجيءُ في حشْوِ أبياته (فعْلن) ساكنَ العين، ومثل هذا لا يقع إلاّ في الضرب... فأما في حشو البيت فغير جائز، وما عُلِمَ في شيءٍ من أشعار العرب"، مخالفًا بذلك سائرَ أنواع الشعر كما يقول، ومشيرًا إلى أنه "لو كانَ يجيءُ على بناءٍ تامّ ، فيكون كلّه (فاعلن فاعلن)، أو يجيء [على] (فعِلن)" لَما خالَفَ أنواعَ الشعر الأخرى "ولكنه قلَّ ما يجيء منه بيت إلاّ وأنتَ تجدُ فيه (فعْلن)". ولعلَّ في إطلاقِهِ اسمَ (الغريب) عليه إشارة واضحةٌ إلى استغرابه من هذه المخالفة([2]).
     كما أن في إشارات المعرّي العروضية، ما يؤكد أنه كان يشعر بانفصال الوزنين، وإن لم يقل ذلك صراحة. يقول([3]): "وقد ينقلب [المتقارب] إلى وزنٍ آخر [دون تسميته] لَمْ تستعمله العرب، مثل قوله: 
أنتِ ياقوتةٌ عندنا في الرّضا=غيرُ مَقْلِيَّةٍ عندنا في الغضَبْ
يقول: "فهذا وزنٌ مهملٌ لَم تستعمله العرب". ولكنه عندما أشار إلى الخبب قال([4]): "الوزنُ الذي يُسمّى ركض الخيل، وزنٌ ركيك"، "ضَعُفَ وهجَرَتْهُ الفحول في الجاهلية والإسلام، وربما تكلّفه بعض الشعراء كما قال:  
أوَقفْتَ على طَلَلٍ طرَباً=فشَجاكَ وأحزَنَكَ الطّلَلُ
ويقول الزنجاني([5]): "وأنشدوا في تمامِهِ:  
يا بَني عامِرٍ قدْ تجمّعْتُمُ=ثمَّ لمْ تدفعوا[الضَّيْمَ] إذْ قمْتُمُ
ولعلّه مصنوع؛ فإنّ العرب لم تستعمله تامّاً، بل جميعُ أجزائه يجيءُ إمّا على (فعِلن) مخبوناً... وإمّا على (فعْلن) مقطوعاً... أو يجيءُ بعضُ أجزائه مخبوناً، وبعضُها مقطوعاً"!!
     وباستقرائنا للكثير مما كُتبَ على هذين الوزنين -قديماً وحديثاً- تبيّنَ لنا بما لا يدعُ مجالاً للشكّ، أنّهما شكلان منفصلان، لا يرتبط أحدهما بالآخر إلاّ برباطٍ كاذب؛ هو اشتراكهما بالوحدة الإيقاعية (فعِلن):
   * حيث يُمثل الشكل الأول كلَّ ما كُتِبَ على (فعْلن) وبديلها (فعِلن)، وتركنا له اسمَ الخبب.
   * ويمثل الشكل الثاني كلّ ما كُتِبَ على (فاعلن) وجوازها (فعِلن)، وتركْنا له اسمَ المتدارك.
 


([1]) العروضي، الجامع ص259. البارع لابن القطاع (ص206). القسطاس للزمخشري (ص128). شفاء الغليل للمحلي ص183. نهاية الراغب للأسنوي (ص336)، الحاشية للدمنهوري (69-73). وكثير من المحدثين.
([2]) تبع ابن جنّي خطى الخليل في عروضه، فلم يتعرض إلى ذكر هذا الوزن، إلاّ أن دائرةَ المتقارب عنده (ص154) تضمّنت موضعَ انفكاكه اسمَ (الغريب) أيضاً، في الوقت الذي أعرضت بقية الدوائر لديه عن ذكر مهملات البحور الأخرى. لذا نرجّح أن يكون هذا الاسم، وربما جميع دوائر ابن جنّي، من إضافات النسّاخ، سيما أن المخطوطة الأمّ للكتاب، ليس فيها رسمٌ للدوائر كما أشار إلى ذلك محقق الكتاب (ص22).
([3]) الفصول والغايات، ص134.
([4]) الصاهل والشاحج، ص527.
([5]) معيار النظار 1/84.
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
ابن الفرخان والقرطاجني    كن أول من يقيّم
 
      ولعلّ ابن الفرخان هو أول عروضيٍّ من القدماء يفصل الخبب عن المتدارك، فيجعله جنساً قائماً بذاته (يقوم على فعِلن)، ويجعل المتداركَ جنساً قائماً بذاته أيضاً (يقوم على فاعلن).
يقولابن الفرخان([1]): "وقولهم إنّ (فاعلن) هو أصل (الخبب)؛ إنْ عنَوْا به أنّ (فاعلن) أفضل من (فعِلن) في الوزن فليس كذلك، وإن عنَوْا أن المتألِّفَ من (فاعلن) أكثرُ استعمالاً من المتألِّفِ من (فعِلن) فلا كذلك أيضاً، وإنْ عنَوْا أنّ (فعِلن) لا يُستعملُ أصْلاً على انفراده، بل زحافاً (لفاعلن) ومعَه [فهذا] أيضاً غير مقبول".
     ويرفض القرطاجني([2])(-684هـ) أن يكون للمتدارك وجودٌ أصلاً، لِما فيه من التنافر والثقل، بينما أقرّ الخببَ بحراً قائماً بذاته، مُجَهِّلاً مَنْ جعله صورةً عن المتدارك وزعَمَ أن الخبْنَ التُزِمَ في جميع أجزائه، مقترحاً تقطيعَه على (مُتَفاعِلَتُن ///ه///ه) مرتين في كل شطر، مع جواز سكون التاء أو اللام([3]) أوكليهما معاً، لتصيرَ إلى (مفعولاتن). ومبيّنًا "فسادَ رأيِ مَنْ جعَلَ شطْرَ الخبب مركّباً من (فاعلن) أربع مرات، ثمّ زعَمَ أن (الخبْنَ) التُزِمَ في جميع أجزائه وجاز فيها القطع، [و]لا يُلتَزَمُ خَبْنٌ، ولا يجوزُ قطعٌ، إلاّ في عروضٍ أو ضرب".


([1]) المدارس العروضية للسيد (ص333)، بل إن ابن الفرخان فصلَ عنه ما كُتب على (فعْلن)، وإن كان لا يعدّه شعرًا لتكرر الأمثال (يعني الأسباب) فيه، كما يقول! بل إنه جعلَ ما كُتبَ على (فاعِلُ) جنسًا ثالثاً قائمًا بذاته، لم يضع له اسماً كذلك!
([2]) المنهاج 229-231،237.
([3]) تتركب (مُتَفاعِلَتُن) -عند القرطاجني- من سبب ثقيل (//) فوتد مفروق (/ه/) فوتد مجموع (//ه)، وبذلك غفل القرطاجني هنا فأوقع الزحاف على الوتد المجموع المقترح آخر التفعيلة!.
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
دعوات المحدثين لفصل الخبب عن المتدارك    كن أول من يقيّم
 
      ولم يجد عمل ابن الفرخان ولا اقتراح القرطاجني صدىً أو استجابةً ممن جاءَ بعدهما من العروضيين، حتى جاء العصر الحديث، وازداد اهتمام الشعراء بهذين البحرين، فبدأت أصوات العروضيين والشعراء تنادي مرّةً أخرى بفصل الخبب عن المتدارك. حيث دعا د.إبراهيم أنيس إلى أن تُقْصَرَ "‏أحوالُ المتدارك على ذلك الوزن الشائع، الذي رُوِيت له أمثلة قليلة، ولكنها صحيحة النسبة، كقصيدة الحصري وأبيات شوقي"([1])، وهو يعني بذلك الخبب طبعاً.
    وأشار د.محمد النويهي إلى أن المتدارك ‏"‏ينقسم إلى قسمين عظيمين، يكاد كلّ منهما أن يكون بحراً مستقلاًّ"([2]). كما أشار د.كمال أبو ديب إلى أن ‏" ثمّةَ تشكُّلاً إيقاعيّاً في الشعر العربي قد تتألف الوحدة الإيقاعية فيه من نواتين من النوع (فا) [يعني: فا فا = فعْلن]، وقد تكون جميع وحداته من هذا الشكل، أو يكون عدد منها من الشكل (///ه). وبهذه الطريقة نُميّز هذا التشكّل عن المتدارك‏ [الذي على فاعلن]"‏([3]).


([1]) موسيقى الشعر، ص105.
([2]) قضية الشعر الجديد، ص316.
([3]) في البنية الإيقاعية، ص78.
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
خصائص الخبب    كن أول من يقيّم
 
        وواضح تماماً أن بحرَ الخبب يختلف كلَّ الاختلاف عن جميع بحور الشعر الأخرى -بما فيها المتدارك- حيث يتأبّى على جميع القواعد والأنظمة التي تنتظمها؛ فهو بحرٌ:
1.                 يخلو من الأوتادِ تماماً.
ذلك أن هذا البحر يتّصف بزئبقيّة، تجعل من العسير جدّاً الإمساك به، وتقنينه، فهو بحر يخلو من الأوتاد التي تعطي بحورَ الشعر العربي إيقاعَها المميز، والتي اعتمد عليها الخليلُ كثيراً في وصفِ تفاعيله، ولذلك فهو يجري منساباً، منسرِباً، لا يحدُّهُ في جريانه أي وتد.
2. يمكن أن تتجاور فيه الفواصلُ الثلاثية (///ه ///ه ///ه..) بلا حدود، كما في قول ابن حمديس:
ويَسُلُّ ظُباهُ بكلِّ وَغَىً=ويَسِيلُ نَداهُ بكلِّ يَدِ
///ه ///ه  ///ه  ///ه=///ه  ///ه  ///ه  ///ه
3. يمكن أن تتجاور فيه الأسباب (/ه /ه /ه /ه...) بلا حدود، كما في قول أبي ريشة:
بَغْيٌ منّي أنْ لا أرْعى=لِعَطايا أيّامي حُرْمَهْ
/ه/ه /ه/ه /ه/ه /ه /ه=///ه /ه/ه /ه/ه  /ه/ه
4. يمكن أن تنتثر فيه الفواصل والأسباب بلا انتظام .كما في قول الشابي:
قدْ كانَ لَهُ قلْبٌ كالطّفْـ=ـلِ يَدُ الأحْلامِ تُهدْهِدُهُ
/ه /ه  ///ه  /ه/ه   /ه /ه= ///ه   /ه /ه   ///ه  ///ه
5. يمكن أن تجتمع فيه - على قلّة - أكثر من أربعة متحرّكات متتالية، إذا وُجِدَتْ (فعِلَتُ ////)، فتظهر فيه الفواصل الخماسية (/////ه) أو السباعية (//// ///ه) أو التساعية (//// //// /ه)، وربما أكثر من ذلك.
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
حل مشكلات الخبب العروضية    كن أول من يقيّم
 
    وتعتبر دراسة د.أحمد مستجير من أنجح الدراسات الحديثة لبحر الخبب، والتي كما نرى يمكن أن تحلّ جميعَ مشاكله العروضية تلك. فهو يعتبر الوحدةَ الإيقاعيةَ للخبب ليست التفعيلة، وإنما هي السبب ( ) لا غير. فهو أساس هذا البحر. وما (فعْلن /ه/ه) و (مفعولن /ه/ه/ه) و(مفعولاتن /ه/ه/ه/ه) سوى مكرّراتٍ منه([1]).
      ولكن من الأيسر طبعاً استخدام التفعيلة (فعْلن)، واعتبارها تفعيلةَ الخبب الرئيسَة، وذلك لوضعِه في إطارٍ من التفاعيل التي تحفظ لنا وزنَه وإيقاعه، بتكرارها أربع مرات، عدداً يتلاءَم  إلى حدٍّ كبير مع عدد تفاعيل البحور الأخرى. كما نستطيع بوساطتها أن نضبطَ زحافات البحر، ونتحكّم بأسماء تفاعيله المزاحفة تلك.
    وبحر الخبب - على ذلك - لا يقبل حذفَ الساكن فيه، وإنما يقبلُ تحريكه فقط، مخالفاً بذلك كلّ قواعد البحور الأخرى، وبالتالي يمكن أن تتخذ (فعْلن) فيه أربعة صورٍ مختلفة:
 1. فعْلن /ه/ه=على أصل التفعيلة .
2. فعِلن ///ه=بتحريك الساكن الأول .
3. فاعِلُ /ه//=بتحريك الساكن الثاني .
4. فَعِلَتُ ////=بتحريك الساكنين معاً .
   وتُعتبر (فعْلن و فعِلن) أكثر هذه الصور استخداماً، وإن كانت (فاعِلُ) ليست نادرةَ الورود. وأمّا (فعِلَتُ) فهي أقلّ هذه الصور استخداماً بلا شك، وخاصة إذا اجتمعت مع (فعِلن).
وهكذا:
* قد تتوالى 3 متحركات قبل الساكن، وذلك:
          - عندما يتحرك الساكن الأول من (فعْلن) لتصير إلى ( فَعِلُنْ ///ه).
          - أو عند اقتران ( فاعِلُ فعْلن  ///ه/ه ).
          - أو اقتران ( فاعِلُ فاعِلُ /ه///ه// ).
* وقد تتوالى 5 متحركات قبل الساكن، وذلك:
          - باقتران ( فاعِلُ فعِلن /ه /////ه ).
          - أو اقتران ( فعِلَتُ فعْلن /////ه/ه ).
          - أو اقتران ( فعِلَتُ فاعِلُ /////ه// ).
* وقد تتوالى 7 متحركات قبل الساكن، وذلك:
          - باقتران ( فعِلَتُ فعِلن ///////ه ).
          - أو اقتران ( فاعِلُ فعِلَتُ فعْلن /ه///////ه/ه ).
          - أو اقتران (فاعِلُ فعِلَتُ فاعلُ /ه///////ه// ).
* وربما اجتمعت 9 متحركات قبل الساكن، وذلك باقتران (فاعِلُ فعِلَتُ فعِلن /ه/////////ه )، أو حتى 11 أو 13 أو 15 متحركاً. حيث يكون عدد المتحركات قبل السكون فردياً دائماً، فلا يرد فيه متحركان قبل ساكن (//ه)، ولا أربع متحركات (////ه) ولا ستّ متحركات (//////ه).


([1]) مدخل رياضي، ص111. وقد لاحظ د.علي يونس أن ما يتكرر في الخبب هو مقطعٌ واحد، يقصد المقطع الطويل في (فَعْلن ـ ـ)،(نظرة جديدة، ص119). واعتبر عبد الصاحب المختار أن "دق الناقوس" (الذي على فعْلن فعْلن) أساس النظم، "والأصل الطبيعيَّ لكل الأوزان"!!. وأن الخببَ قد نشأ منه "بتحريك الساكن الأول من كل نغمٍ خفيف (دَنْ دَنْ) تحريكاً وقتياً طارئاً غير مُلْزم" ليصبح (دَنَ دَنْ)، حيث يجوز للشاعر فيه إعادة التسكين مرة أخرى. (دائرة الوحدة، ص34-37). أما الخبب لدى سليمان أبي ستة؛ فبحرٌ قائمٌ بذاته أيضاً، "ولا موقعَ للسبب الخفيف فيه"، "وإنما يتألف بكامله من السبب الثقيل وحده [//]"، والذي يقبل التخفيفَ، أي إسكانَ ثانيه. (في نظرية العروض العربي، ص26، 55، 58).
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
ثروة موسيقية، ومفتاح جديد    كن أول من يقيّم
 
 وهكذا يبدو الخببُ ثروةً موسيقية هائلة للشاعر، لامتلاكه إمكاناتٍ واسعةً في التنوع الموسيقي، ففيه يستطيع الشاعر ‏"‏ أن يتخلّص تماماً من التفعيلات‏"‏ وأن ينْثُرَ بين الأسباب -حيثما يشاء- ما يشاء من الفاصلات الثلاثية أو الخماسية أو السباعية... دون أن يكسر شعره. وقَيْدُه الوحيد هو أن لا يستخدم الوتد ( //ه ) ولا الفاصلات الزوجية، كالفاضلة (////ه)، أو غيرها.
    إنه توزيعٌ عشوائيٌّ للأسباب والفاصلات الفردية ‏"‏ يحفظ للبحر موسيقاه، بالرغم من عشوائيته‏"‏، وهي قاعدةٌ ‏"‏ يُطبّقها الشاعر بحسّه الموسيقي‏"‏ ليس إلاّ. فإذا انعدمت الأوتاد في شطر، وتوالت فيه الأسباب أو الفواصل دون انتظام، فذلك هو الخبب بلا ريب([1]).
 
وضبطاً لوزنه، وتيسيراً لحفظه، فقد وضعنا له مفتاحه الجديد التالي:  
خَبَبٌ يَجْري فيهِ القَوْلُ = فعْلُنْ فعْلُنْ فعْلُنْ فعْلُ


([1]) انظر مدخل رياضي لمستجير، ص116-119، 130.
*عمر خلوف
11 - مارس - 2009
أسئلة إلى أمير العروض    كن أول من يقيّم
 
أسئلة إلى أمير العروض:
أي قارئ لهذا الملف العميق تطرأ عليه عدة أسئلة، منها:
لماذا اخترت مصطلح الخبب دون سواه ليكون اسمًا على تلك الصورة الوزنية الشائعة؟
أين موقف الجوهري من الخبب؟
ما الفساد الذي لحق هذا البحر كما يقول أبو الحسن العروضي؟
 لماذا تتعصب لهذا البحر؟
لماذا ترفض أحكام المعري وتابعيه الذوقية على هذا الوزن؟
ما المتطلبات الفكرية والنفسية التي يصلح لها الخبب دون سواه؟
مع خالص تحياتي
*صبري أبوحسين
12 - مارس - 2009
نصوص مفيدة حول الخبب    كن أول من يقيّم
 
نصوص مفيدة حول الخبب
جاء في كتاب الحور العين:
وزاد عبد الله بن المنذر حداً سماه المتقاطر له أربع عروضات وخمسة أضرب، وهو من دائرة المتقارب. وروى أن الخليل بن أحمد رحمه الله كان يرده ويدغمه ولا يجيزه.
وجاء في كتاب غرر الخصائص الواضحة:
وزاد الأخفش بحراً آخر وسماه الخبب وهو مبني على فعلن فعلن ثمانية أجزاء وهو عند الخليل غير مستعمل، ويسمى المتدارك والمخترع وركض الخيل وهو والمتقارب يفكان من دائرة المتفق.
 
*صبري أبوحسين
12 - مارس - 2009
من النصوص المفيدة أيضًا    كن أول من يقيّم
 
من النصوص المفيدة أيضًا: ما جاء في كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة عند ترجمة "ابن علي الهنتاتي": وكان أديباً شاعراً... وكان أبو المطرف بن عميرة، ينشد له، يخاطب الفقيه الأديب أبا الحسن بن حريق، يستحثه على نظم الشعر في عروض الخبب:
خذ في الأشعار على الخبب
 
فقصورك عنه من العجب
هذا وبنو الآداب قـضـوا
 
بعلو مجدك في الـرتـب
فنظم له أبو الحسن القصيدة المشهورة، منها:
أبعيد الشيب هوى وصبـا
 
كلا لا لهواً ولا لعـبـا
ذرت الستون برادنـهـا
 
في مسك عذارك فاشتهبا
ومنها:
يا نفس أحيي تصلي أملاً
 
عيشي روحيا تروي عجبا
وخذي في شكر الكبرة ما
 
لاح إلا صباح وما ذهبـا
فيها أحرزت معارف مـا
 
أبليت بجدته الحـقـبـا
والخم إذا أعتقت وصفـت
 
أعلى ثمناً منها عـنـبـا
وبقية عمر المرء لـه أن
 
كان بهـا طـبـا دربـا
 
*صبري أبوحسين
12 - مارس - 2009
 1  2  3  4  5