البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : أصوات من العالم

 موضوع النقاش : من يقتل الغذامي تقربا لله?    قيّم
التقييم :
( من قبل 5 أعضاء )
 زهير 
29 - نوفمبر - 2006
بقلم: صالح إبراهيم الطريقي.
لا يمكن فهم ما حدث بالندوة الثقافية التي أقيمت بكلية اليمامة بالرياض ، حين شرع الدكتور عبدالله الغذامي يتحدث عن أزمة الثقافة العربية ، فراح أفراد التيار الإسلامي يقاطعونه ويشوشون عليه ، رغم أن الغذامي كان يتحدث عن واقع معاش في العراق ، فصرخ أحد من يسمون أنفسهم شباب الصحوة "إن هذا النوع من العلاقات الزوجية محرم وغير جائز شرعا" ، ورغم توضيح الغذامي بأنه يصف ما حدث في العراق وليس هو أمام تبيان ما حدث شرعيا ، لم يصمت شباب الصحوة وتابعوا ما جاؤوا من أجله ، وهو منع الغذامي من الحديث حتى لا يغوي البشر .
قلت :لا يمكن فهم ما حدث في الندوة ما لم يعد المرء إلى الثمانينات الميلادي ليسترجع تلك الفترة والتي سميت "حرب الكاسيت" .
في ذاك الوقت كان المجتمع الثقافي قد دخل في صراع بين القديم والجديد ، كان عبدالله الغذامي وبعض العائدين من الغرب بعد حصولهم على شهادات عليا يرون أن الصراع بين العرب والغرب هو صراع معرفي ، وأنه لا بد من إعادة صياغة العقل العربي ، هذا العقل الأسطوري الذي خلط الدين بالعادات والتقاليد فصنع عقيدة تدفع للخوف والتخلف ، وأنه على العالم العربي جلب الأدوات المعرفية والتي أهمها أدوات النقد التي خلصت الغرب من سلطة المؤسسة الدينية .
فانبرى لهم الأصوليون يحاربون ليس التوجه الجديد بل وعرافيه ، وخرجت أشرطة الكاسيت بأصوات "بعض المشايخ" ، تعلن عن كفر هؤلاء الحداثيين والذي كان أحد عرابيهم الغذامي ، والذي لقب في أشرطة الكاسيت بـ "الحاخام الأكبر للبنيوية" ، وكانت تلك الأشرطة التي توزع مجانا ، تحذر المجتمع من هؤلاء الكفرة الذين يريدون تغريب المجتمع ونزعه من عقيدته وثقافته وجذوره ، في أحد الكاسيتات ختم أحد المشايخ محاضرته قائلا : "لا تجعلوا أنفسكم جسورا تطؤها أقدام الحداثيين ، ولا تسكتوا عن الحق خشية الناس ، والله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين" .
منذ ذاك الوقت وهناك دائما شباب جاهزون للذهاب إلى محاضرات الغذامي لمنعه من الكلام ، من يصنع هؤلاء المتطرفين ?
أذكر في أوائل التسعينات كنت في مكتبة الملك فهد العامة بالرياض بعد العصر ، وكنت أبحث عن كتاب لأستعيره ، لكنه كان من الممنوعات التي لا يمكن إعطاؤه إلا بورقة من الجهات المسئولة ، بعد أن وضح لي الموظف هذا ، دخل شباب أعمارهم تترواح بين 13 و 14 عاما ، وكان معهم ما يمكن تسميته الموجه أو أميرهم ، أشفقت على هؤلاء الشباب وهم يجوبون المكتبة ، ثم يأتي كل شاب منهم إلى المسئول عنه وبيده كتاب ، ليستشيره "هذا الكتاب يصلح أقرأه" ، فيتأمل الأمير الكتاب ثم يسمح له بقراءته أو ينصحه بأن يتجنبه وأن يقرأ كتابا آخر يحدده له .
هؤلاء الشباب الذين تعلموا على يد أميرهم وعلى أشرطة الكاسيت ، بالتأكيد هم من كانوا جاهزين كل مرة لمواجهة الغذامي هذا الحداثي الذي يريد تغريب الأمة ، فيذهبون لكل محاضرة له يتصادمون معه ، حتى لا يغوي أحدا أو يسحرا أحد بكلامه .
الخطورة ليست في هذا التشويش ، بل في أن يتقرب أحد هؤلاء الشباب الذين غسلت عقولهم إلى الله فيقتل الغذامي ، هذا الحداثي الذي يؤمن بالله ويصلي ويصوم .
*نقلا عن جريدة "شمس" السعودية
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
إغتيال مثقف عربى00000(4)الحنين إلى الماضى    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
سنة 45هجرية ،فى عهد معاوية بن أبى سفيان،وقد اشتدت وطأة الخوارج على العراق ،فقام معاوية بتولية زياد ابن أبى سفيان ،ولاية البصرة وخراسان لكى يعيد النظام ويقضى على سطوة الخوارج  ويدمر معاقلهم ويفتك بهم ويحرقهم  0
 
قدم إليها زياد وفى مدينة البتراء ،اعتلى المنبر وخطب خطبته المشهورة ،ومما قاله فيها (00000000حرام على َالطعام والشراب حتى اسويها بالأرض هدما واحراقا ،إنى رأيت أخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله 0لين فى غير ضعف وشدة فى غير عنف 0وإنى أقسم بالله لآخذن الولى  بالمولى والمقيم بالظاعن والمقبل  بالمدبر والمطيع بالعاصى والصحيح منكم فى نفسه بالسقيم  حتى يلقى الرجل منكم أخاه  فيقول  إنج سعد فقد هلك سعيد  أو تستقيم لى قناتكم )0
 
يتأكد لى  أن هذا القول المأثور الذى حاز القداسة وصار فرضا علينا نتلوه ونحتمى به (لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ) مأخوذ من خطبة هذا الجزارالمستبدالذىيحرق ويهدم ويسوى المدينة بمن وبما فيها بالأرض يطيح بالرؤوس دون جريرة وكما نقول فى دراسة الفقه الجنائى ، عمومية العقوبة أو كما سمعناها (الحسنة تخص والسيئة تعم ) 0
 
فالطريق الوحيد لتقدمنا هو العودة إلى الماضى الجميل واجترارالأحلام السعيدة بالأمجاد الغابرة ومحاولة إعادة صياغة المجتمع على غرار المجتمع المثالى ، مجتمع الأوائل الذين لم يخطئوا ولم يفسدوا ولم ينهبوا ولم يكذبوا ولم يتقاتلوا 0
مجتمع النور والخير والجمال والإيمان والتقوى 0
مجتمع العلماء الأفذاذ الفطاحل الذين لم ولن يجود الزمان مهما امتد وطال، بأمثالهم 0
مجتمع السكينة والسلام والهدوء والحضارة والتقدم والشعر والأدب والقصص 0
 
لابد من إعادة صياغة هذا المجتمع المعاصر بمحظوراته وقوانينه وسلوكه ومباحاته ونواهيه وأفراحه وأتراحه و عاداته وأخلاقه  وملابسه وفقا للتصور المثالى عن مجتمع الأوائل الأطهار الأشراف، إنهم_ وبحق _السلف الصالح 0
إن أى محاولة للخروج من عباءة السلف الصالح، كفر والحاد وزندقة ومروق عن الملة ،وطعن فى الدين  وتفاهة ووقاحة وردة مؤكدة ، وجزاؤها القتل0
 
 كيف للأفسال  الإجتراء على قداسة الماضى العريق بعلمائه المعصومين من الخطأ?????
كيف للأفسال أن يجتهدوا لحل مشاكلهم وتشريع القوانين لاحتياجات عصرهم ???
 
 العودة إلى النبع ، والحنين إلى الماضى ، والتنقيب فى الأضابير والإتيان بالحلول 0
 
لايحق لنا حتى مجرد الشكاية ، الماضى حى يرزق ، ونحن ملجمون بالخرس 0
كيف لنا وكيف فكرنا، مجرد التفكير ،أن نعمل عقولنا ونبحث عن حلول لهمومنا ??
إن من أتـى بعد هؤلاء الأفذاذ  ،  غثاء لايسمن ولايغنى من جوع 0
 
وأمامى الآن كتاب حضارة الإسلام وهو الترجمة الرائعة لكتاب الإسلام الوسيط ،دراسة نحو التوجه الثقافى ،لجوستاف  إ  فون جرينباوم  المستشرق النمساوى ذائع الصيت ،ترجمه عبدالعزيز توفيق جاويد وراجعه عبد الحميد العبادى ،ونشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب فى سلسلة الألف كتاب  رقم 160سنة 1994يقول عن المسلمين ص370
 
(0000وهذا الميل صوب الماضى ،وهذا التلهف على الساكن الراكدليس لهفى لغة التحصيل والتقدم إلا معنى واحد هو "تحقير الأصالة والابتكار "لقد بات الخلق والاستحداث أقل أهمية من الصوغ ؛وباتت الألفاظ تعظم المعنى مرتبة 0وكان الابتهاج بالشكل كوقاية للذات من كل بدعة مفسدة  من قوى العوامل التى ظاهرت السبك للعاطفة والفكر ،ذلك السبك الذى قدر للإسلام أن يستكين له فى امتثال بديع )
 
 
كم أنا فى شوق أن يطوف بنا أخونا يحيى فى ملفات الوراق 0
وأهلا ومرحبا 00000000
وثق أنك صديقى ونصر أبو زيد صديقى والحق أيضا صديقى فإذا اختلفنا فالحق أولى بالصداقة  على الأقل من وجهة نظرى !!!!!!!
الوز والفراخ والبط  فى انتظارك أيا كان رأيك0
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
2 - ديسمبر - 2006
إغتيال مثقف عربى (5)الإجتهاد حق وواجب    كن أول من يقيّم
 
يعتبر النسب من أكثر المباحث الفقهية والقانونية أهمية لما يترتب عليه من حقوق والالتزامات ترتبط في أحكامها بجملة من القواعد الشرعية والآثار الفقهية ، فمن حيث القواعد فإن النسب يحتكم في تأصيله إلى عدد من المبادئ التي تقوم عليها النظم التشريعية كالبينة والإقرار ، ومن حيث الآثار فإن النسب كما هو معلوم ثمرة العلاقة الزوجية ،الرابطة الاجتماعية التي تؤسس للمجتمع وتحدد معالم ازدهاره و ترابطه ، وهو السبب الأول في اكتساب الحقوق المعنوية كالاسم  والحرمة أو المالية كالنفقة والميراث  .
و قيام ثبوت النسب أو نفيه على قواعد محددة سار عليها الفقه والقضاء ، لم يخل من كثرة النوازل فيه والقضايا ، ناهيك عن التطور التكنولوجي التي عرفته البشرية في هذا العصر الذي أظهر للوجود وسائل علمية دقيقة تِؤكد أو تنفي علاقة البنوة أو الأبوة ، و بالتحديد ما اصطلح عليه بالبصمة الوراثية.
و السؤال هو: إلى أي مدى تكون الطرق العلمية والبصمة الوراثية على وجه الخصوص حجة في ثبوت النسب شرعا وقضاء? ،و إذا علمنا أنها من مستجدات العصر أن نسبة دقة نتائجها تكاد تكون قطعية ، فما مدى حجيتها على القواعد الشرعية الثابتة التي سار عليه الفقهاء منذ عهد النبوة ، وهل تقوم قاعدة مع تلك القواعد ? أم الأمر غير ذلك.
 
 
شهرزاد 0 الوراق 0  مجلس :رسائل جامعية  0 ملف :البصمة الوراثية   26/11/2006
*عبدالرؤوف النويهى
4 - ديسمبر - 2006
هل التجديد فى الإسلام 00000عهن منفوش وسيل من سيل وزبد من رابية??!!!!!!!!!!!    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
التجديد في الإسلام.. قضية وجود
GMT 22:45:00 2006 السبت 25 نوفمبر
الخليج الاماراتية


د. محمد جابر الأنصاري


تعرض اتجاه التجديد الإسلامي في العصر الحديث الى عوائق تاريخية قاسية كادت تخنقه وتبقيه حبيس القيود ولا يزال كذلك في زمن يسود فيه الاتجاه النقيض المعادي للتجديد في الإسلام بشدة في ظل هجمة خارجية شرسة على العالم الإسلامي تغذي في النهاية عناصر الجمود فيه وتقوي رواسب الماضي، ولا تترك لأكثر المسلمين - في رد فعل غريزي دفاعا عن النفس - إلا التمسك بموروثهم التاريخي والاجتماعي المنسوب للإسلام وهو في حقيقته تعبير عن الأزمة الداخلية والخارجية الطاحنة التي يعيشونها وتزيد من انعزالهم وتخلفهم عن حركة العالم، بعد أن تجمدت الحضارة الإسلامية، وهو الأخطر، في أهم جوانبها الحيوية - اجتهادا وعمرانا وانفتاحا - في العصور المتأخرة التي علينا أن نعترف بأنها كانت تراجعا ذاتيا سبق “مؤامرات” القوى الخارجية. وعلينا الإقرار والاعتراف بأن ذلك هو ما أدى في الواقع الى تراجع المسلمين امام القوى المعادية من دون أن نتذرع بأي مبررات أخرى.
وقبل بدء الهجمة الغربية الاستعمارية على مراكز التحضر العربي والإسلامي، استطاع مفكرو الاسلام الاعتراف بتفوق أهل الحضارة الحديثة في القوة على غيرهم من الأمم، فكتب رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وسواهما في الدعوة الى الانفتاح عليها حيث قرر الطهطاوي ببساطة: “ان كمال العلوم والفنون والصناعات ببلاد الإفرنج امر ثابت شائع، والحق أحق أن يتبع. ولعمر الله انني مدة إقامتي بهذه البلاد في حسرة على تمتعها بذلك وخلو ممالك الاسلام منه، فنسأل الله، أن يوقظ من نوم الغفلة سائر أمم الإسلام..” من مقدمة كتابه تلخيص الابريز.
إلا انه مع توالي الغزوات الأوروبية لديار العرب والمسلمين واشتداد حصارها مالت لهجة مفكري الإسلامي الى التشدد والتصلب بدءا من جمال الدين الذي افترق عن رفيقه الاستاذ الإمام محمد عبده الى أولوية النضال السياسي، مغفلا بذلك الإصلاح العقلي والتربوي واللغوي الذي كان محمد عبده يراه ضروريا لنهضة الأمة، بما في ذلك نهوضها السياسي الذي لا بد أن يؤسس على نهوض تربوي وثقافي وتحضري.
ولا تزال هذه الإشكالية المصيرية قائمة وتواجه العرب والمسلمين في مختلف ديارهم في ظل اشتداد الهجمة السياسية العسكرية المعادية، التي تحتم الرد، لكن بقوة النهوض الحضاري الذي إن لم يتحقق فلا ضمانة للنصر، وسنظل معرضين للمزيد من التراجعات والهزائم. فعلينا الاتفاق إذن على أن المعركتين متلازمتان: معركة السياسة ومعركة الحضارة، ولا بد أن نعرف كيف نخوضهما معاً في مشروع متكامل واحد أحس فطريا بضرورته محمد علي بمصر، ثم تلته محاولات أخرى، رغم قصوره في بعض جوانبه، وإن كان رياديا وغير مسبوق في وقته، وحقق لمصر العربية نهوضاً حضارياً في تلك الحقبة المظلمة كانت تشيد به صحيفة “العروة الوثقى” التي أصدرها عبده الأفغاني من منفاه بباريس رغم رفض الشيخ محمد عبده لاستبداد محمد علي.
***
يتضح أن أي دراسة موضوعية محايدة للحركة الاسلامية الاولى، وفي ضوء نصوص قطعية الدلالة من القرآن الكريم والسنة النبوية، تثبت ان الاسلام دين حضري حضاري وأنه نزل لتحضير العرب وتقليص أثر الحياة الرعوية في نظامهم القيمي والاجتماعي والسياسي. وكان فقه الحاضرة / البادية فقهاً قوي الحضور في خطاب الدعوة الإسلامية - قرآناً وسنة ومسلكاً نبوياً وصحابياً - وقد تحول  هذا التوجه في الإسلام الى تفاعل واثق فيما بعد مع الحضارات الأجنبية الأخرى و”علوم الأقدمين”، بعد أن استطاعت القيادات الحضرية منذ عهد الخلفاء الراشدين عبور الحواجز الصحراوية للجزيرة العربية والسيطرة على قواها الرعوية وضبطها وتنظيمها والانتشار في الفضاءات الحضارية الهيلينية (الإغريقية) والفارسية والهندية والصينية.. الخ. وأقام الإسلام للمرة الأولى في التاريخ - كما أقر المؤرخون - حضارة جامعة قاربت بين المعطيات الإغريقية - الرومانية في أقصى الغرب والعناصر الهندية الصينية في أقصى الشرق - فقد وضع الإسلام بما فيه من عناصر الانفتاح والقوة “معطيات” الحضارات القديمة في إطاره المرن دون عقد ومضى بها، في ظل عقلانيته القرآنية الأصيلة، الى أن وصل بها الى تخوم الجامعات الغربية الناشئة في أوروبا عبر الأندلس ولم يخضع للاتجاهات الجامدة في الفكر والاجتهاد إلا عندما اشتدت عليه وطأة الهجمات الافرنجية والمغولية من الخارج، وانبعاث الموجات الرعوية المتبدية من الداخل التي كانت تلجأ اليها المجتمعات الإسلامية المتحضرة لحمايتها من الأعداء الخارجيين، فكانت كالمستجير من الرمضاء بالنار، حيث اضطرت تلك المجتمعات المتحضرة - دفاعاً عن النفس - الى التكيف مع سادتها الرعويين المشاركين لها في ظاهر العقيدة لا في جوهر الحضارة من عرب وأتراك وبربر. وكان الخيار القاسي الذي واجهه الأمير المتحضر المعتمد بن عباد صاحب اشبيلية بين أن يصبح “راعي خنازير” لدى الافرنج او “راعي جمال” لدى قومه المسلمين في إفريقيا تعبيرا عن القدر الفاجع لمشروعات التحضر العربي.
بذلك انطمس ذلك الفقه الرائع الذي كان الدافع الأكبر للتحضر العربي- الإسلامي فقه الحضارة - البداوة، وتم إغفال الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية المتعلقة بهذا الإشكال الحيوي في النسيج الاجتماعي للعالم العربي والإسلامي، وإلا لما تجرأ خليفة كالمعتصم على جلب أخواله بدو الترك لحكم حاضرة الخلافة بغداد، فلما تيقن من رفض الحاضرة وأهلها الحضر لهؤلاء العسكر الرعوي بنى لهم “سامراء”، معسكراً يرمز لسطوة العسكر على الحياة المدنية العربية منذ ذلك التاريخ. وكما سجل الطبري مؤرخ العصر فقد كان هؤلاء: “عُجماً جفاة يركبون الدواب، فيتراكضون في طرق بغداد وشوارعها، فيصدمون الرجل والمرأة ويطأون الصبي”، حتى تفاقم الوضع واشتدت شكوى أهاليها منهم الى الخليفة.
ولم يقتصر تأثير هؤلاء البدو الرعاة على زعزعة الحياة الحضرية التي بذل الإسلام أقصى جهده لإرساء أسسها منذ فجر الدعوة على يد الرسول الكريم، بل “استولوا على المملكة واستضعفوا الخلفاء، فكان (الخليفة) في يدهم كالأسير، إن شاءوا أبقوه، وإن شاءوا خلعوه، وإن شاءوا قتلوه” - كما سجل المؤرخ ابن الطقطقي.
وعلى الرغم من أن الجاحظ قد كتب رسالته في أولئك الرعاة الآسيويين إبان سطوتهم، فإنه لم يجد مناصا من إقرار حقيقة كونهم: “أعراب العجم، لم تشغلهم الصناعات والتجارات، ولا غرس ولا بنيان ولم يكن همهم غير الغزو والغارة، وطلب الغنائم وتدويخ البلدان”، مبرزاً افتقارهم الى أي منشط حضاري.
وفي رؤية نافذة لشكلية إسلامهم والمظاهر القشورية التي تلبسوها منه يقول شيخ النهضة الحديثة الاستاذ الإمام محمد عبده: “استبدوا بالسلطان.. وصارت الدولة في قبضتهم، ولم يكن لهم ذلك العقل الذي راضه الإسلام، والقلب الذي هذبه الدين، بل جاءوا الى الإسلام بخشونة الجهل، يحملون ألوية الظلم، لبسوا الإسلام على أبدانهم، ولم ينفذ منه شيء الى وجدانهم، وكثير منهم كان يحمل إلهه معه” (الاسلام بين العلم والمدنية ،1959 ص 166).
ولم تكن مصادفة أن عمر بن الخطاب “لم يكن يولي أحداً من أهل الوبر على أهل المدر”، أي ان الخليفة الثاني لم يكن يولي بدواً على حضر لضعف قابليتهم السياسية. وفي السنة النبوية وفقه فقهاء الصدر الأول وفي مقدمتهم الإمام مالك بن أنس إمام مدينة الرسول من التحفظ حيال الخضوع لأعراف البداوة ما يتطلب التأمل العميق وإن لم يكن هنا موضعه، وقد فصلناه في دراسات خصصت لذلك.
*عبدالرؤوف النويهى
6 - ديسمبر - 2006
التجديد ... والابن العاق...    كن أول من يقيّم
 
  قرأت المقال الذي أوردته أستاذي الفاضل " النويهي " وهو في الحقيقة يتحدث عن بعض أسباب النكسة التي أُصيبت به هذه الأمة في تاريخها المجيد، وتخلفها عن مسلك التحضر والتمدن بعد أن كانت رائدة في هذا المجال، ولست هنا بصدد الحديث عن الماضي التليد والبكاء على (...)
  غير أن ما أود الإشارة إليه أستاذي الكريم أن السلف الماضين من علماء وفقهاء ومؤرخين،.. عملوا جميعا في ديمومة من الزمان والمكان بما عندهم، فهم بما عندهم ونحن بما عندنا، فلايصح أن نحاكمهم بما عندنا اليوم بقدر ما يجوز لنا أن نحاكمهم بما عندهم، لقد عملوا ما كان يجب أن يُعمل وفقا للحياة الفكرية والسياسية في عصورهم، فهل قدمنا ما يجب أن يكون عليه الأمر في عصرنا ? هذا ما أريد أن أنوه به.
   المُجدد من يقدم إضافات ضافية من داخل الإسلام، لا من خارجه، وللحديث بقية أستاذي الكريم ..
  ولي إليك هذا السؤال في هذه الفقرة، وهو كما يأتي:
*سعيد
7 - ديسمبر - 2006
تقنين الفقه الإسلامي...    كن أول من يقيّم
 
 بدايةً أريد أستاذي الكريم أن تتأمل معي هذه الأمثلة:
  وهي بدايات التقنين في هذه الأمة.
 *  كانت البدايات الأولى لفكرة التقنين والإلزام بمعنى الإلزام بمذهب واحد، مع عبد الله بن المقفع في القرن الثاني الهجري في رسالته " رسالة الصحابة " .
* ما كان من أبي جعفر المنصور الذي كانت له رغبة في إلزام الناس بمذهب واحد في إطار الموطأ للإمام مالك.
* بعض المحاولات من أُمراء الأندلس خلال القرن الثالث والرابع الهجريين.
* ألمح إلى ذلك الطوفي الحنبلي، خلال حديثه عن الحديث الثاني والثلاثون من الأربعين النووية والذي خصه بالحديث عن المصلحة.
* مشروع قانون في مجال المعاملات وفقا لقواعد الشريعة في إطار قانوني ملزم، في عهد الحكومة العثمانية من خلال " مجلة الحكام العدلية " .
  **** أقول: كل هذه المحاولات وهي متناثرة عبر الزمان والمكان أُجهضت في بداياتها.
  ـ لماذا كان هذا الأمر في رأيك ?
  ـ فهل هناك تقنين في البلاد الإسلامية ?
  ـ ألسنا أمة تقنين ?
  ـ لماذا تطيش كل محاولات التقنين ?
  ـ هل ينافي التقنين النابع من روح الفقه الإسلامي، أحكام الشرع الشريف?
  ـ هل كنا نعيش طيلة هذه القرون بدون تقنين ?
*سعيد
7 - ديسمبر - 2006
???    كن أول من يقيّم
 
تحية جميلة كجمال الأجواء فوق ناصيتي .. وبعد:
فالذي أجزم به واثقاً ، ـ وأنا أتحمل هذا الجزم يوم أقف أمام المصير ـ أننا لسنا في حرب وصراع بين عالم عربي (متخلف) وعالم غربي (متحضر على أكتافنا) ، بل في حرب داخلية (وأهلية) بين تيارات متجاذبة هنا وهناك دون فائدة تذكر ..
 
هذه الاختلافات والتيارات والمذاهب الفكرية وُجدت في عصور ماضية ـ وبخاصة في عصر الازدهار العباسي ـ ولكنها زادت من الحركة الثقافية وقتذاك، وأخرجت لنا تراثاً ما زلنا نلهج من ثمراته وخيراته ..
 
أما تيارات هذا العصر فهي معارك (عقيمة) لا تخرج بنتيجة للمتابع وحرب (مصطلحات) ظل معها المصطلح العربي يشكل مشكلة في الفكر الحديث، حيث يظل هدف تلك التيارات الأول والآخير هو الانتقام بأي وسيلة كانت ، ولو كانت بالقتل ، فهو آخر العلاج من خلال تفعيل تام لثقافة الإلغاء في المجتمعات العربية والخليجية بخاصة!!
 
حضرت تلك الفقاقة (الصبيانية) في كلية اليمامة بالرياض ولم أرَ إلا ملاسنة كلامية ، ومهاترة تعسفية ، ولعباً طفوليا تماما كلعبة (قيم بوي) التي يعكف عليها أخي الصغير هذه الأيام ..!!
 
للخائفين على الثقافة العربية / القومية أرق تحاياي..
عبدالله.
الأكاديمي
7 - ديسمبر - 2006
إغتيال مثقف عربى00000(7) هكذا يستقيم الحوار    كن أول من يقيّم
 
 

هكذا يستقيم الحوار 0

 
ما يطرحه نابغة الوراق000_ وأؤكد بكل حب وصدق، نابغة الوراق الأستاذ الباحث/ سعيد الهرغى  _ هو كبد الحقيقة التى يجب الإلتفات  إليها لحل إشكاليتها 0
 
خماسية الأسئلة  الخمسة  المشرقة التى طرحها وكيف ولماذا وصلنا إلى حالة الركود والجمود الى طالت حياتنا 0
 ((((((أقول: كل هذه المحاولات وهي متناثرة عبر الزمان والمكان أُجهضت في بداياتها.
  ـ لماذا كان هذا الأمر في رأيك ?
  ـ فهل هناك تقنين في البلاد الإسلامية ?
  ـ ألسنا أمة تقنين ?
  ـ لماذا تطيش كل محاولات التقنين ?
  ـ هل ينافي التقنين النابع من روح الفقه الإسلامي، أحكام الشرع الشريف?
  ـ هل كنا نعيش طيلة هذه القرون بدون تقنين ?))
 
وسنجيب بإذن الله وعونه على هذه الخماسية المشرقة ،واضعين فى الحسبان أن ما نحاول طرحه ، هو مجرد رأى يحتمل الصواب والخطأ 00
     
 
*عبدالرؤوف النويهى
7 - ديسمبر - 2006
إغتيال الفقة    كن أول من يقيّم
 
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
 
                                              ثم أما بعد,
أساتذتى الاجلاء:
سأحاول أن أنطلق من تساؤلاتكم المتعلقة بمسألة تقنين الفقه, كما أتعرض إلى موضوع,ربما أغفل لاسباب عديدة.
أتضح لى من خلال التعليقات السابقة أن تقنين الفقه يلزمه إدارة أو مؤسسة تقوم بعملية التقنين أو الالزام.
وهذا يعد برأيى ساحة غير مستحبة, إذ يترتب عليه كثير من المخالفات الشرعية منها:
1_ انه سوف يصير الفقة مادة للاستثمار وليس أداة للتشريع
2_ان المقننين لن يكونوا ديمقراطيين,فهم فى الفكر يسار وفى الاقتصاد يمين
3_ان المقننين سيقدمون تنازلات فقهية لما فوقهم,مما يترتب عليه فساد رؤاهم
4_ان المقننين المعينين يأتون من أهل الخبرة وليس من الثقافة الفقهية
وليس أدل على ذلك من دور الازهر الشريف فى فترة الاحتلال الانجليزى ,فقد كان له دورا فعالا فى تحرير مصر من الاحتلال من خلال إقامة الاجتماعات للاحزاب وأستضافته للمظاهرات والضبات الاحرار.فقد كان مؤسسه مستقلة بذاته
أما الان وقد أصبح مؤسسة حكومية لا حول له ولا قوة وأصبح غير قادر حتى على رفع صوته أمام أفتراءات بعض المسئولين .
ونحن الشجر .. ونحن النخيل.. علينا أن نسير أماما حين تتنمر خيانة اللون والجلد,حتى لايجرفنا تيار الالزام الى القبر.
وإلا فمن الحتم أن نغرس جذور النخيل حتى الجزع, ونحن نجد أنفسنا..نفس الشعب الاسلامى فى الدرجة الاولى من الصفر. لاننا بذلك الانغراس فى رحم الارض نشكل موقفا ضد عواصف الجذر
 
سلافة كارم
10 - ديسمبر - 2006
إغتيال مثقف عربى00000(8) هكذا تكلم نصر حا مد أبوزيد بلسان ابن عربى    كن أول من يقيّم
 
نظرة في توافق الأفكار بالجدل المفتوح مابين قديمها وحديثها

(لم أزل أبكي حتى ضحكت، ولم أزل أضحك حتى صرت لا أضحك، ولا أبكي- أبو يزيد البسطامي)

يحتدمُ جدل الفكر العربي في كل لحظة ما بين أصول قديمه المشرق، وأصول حاضره المعتم، ويحدث أن يصل كل منهما إلى مفترق طرق، فذلك الزمن قد خطت فيه أغلب الأفكار التنويرية إلى أمام، وقد خطت أغلب أفكار اليوم إلى الوراء، وثمة جدل عقيم، سوف تخلفه المقارنة، وكأن الأمس العربي برغم محدودية عصره.. في التقنية الحضارية، قد كان أكثر حضارة ورُقياً، وأكثر انفتاحا بحضارته الفكرية على العالم الحاضر فيه، إذ كان الفكر جدليا رائقا، ومفتوحا، ولم يك يقيم الحدّ بالقطيعة مع التمرد، بل يقيم الدليل، ويجادل الفكرة بالفكرة الأبهى، محاججاً بالدليل والقرينة، حتى بقيت الإضاءة خالدة متحدية الطمس، والنكران. وغالبا ما تفرض المصالح مطالحا والمطالح مصالحاً تغير المعاني إلى الاتجاه الذي تريده، حيث دُعِمَتْ الفرق بألف قضية، ونشرت المِلَلْ، والنِحَلْ بألف سبيل، وما عادت الخطابات قائمة لذاتها، حيث يؤرقها الاختلاف بالسيف وبقية السبل، فكلما جاءت فكرة، حتى جاءت معها الفكرة الأخرى، النقيض، وصار منهما الأثر بعد العين، (يجب أولا قبول غربة عقلية لا مناص منها للوصول إلى طراز محدد كل التحديد تاريخيا من الإدراك والتمثل والتفكير، ولابد ثانيا من ألفة ينهض بها المرء للطرائق والإشكاليات التي مازلنا نشعر بخصبها- محمد أركون ). ولان (محيي الدين بن عربي) نقطة التقاء بين التراث العالمي والتراث الإسلامي، وهذه فاصلة، تمكن النظر عبره لتراث عربي بوصفه تواصلاً حياً خلاقاً مع التراث العالمي الذي كان معروفاً ومتداولاً في عصره، سواء كان تراثاً دينياً، مسيحياً أو يهودياً، أو كان تراثاً فلسفياً فكرياً، وإصرار العصر على استخدام مصطلحات متنوعة للدلالة على مفهوم واحد، واستيعابه للتراث السابق، أو تأثيره في النهج الفكري التالي له، قد لا يحتاج إلى استدلال، وصار الثابت متحولا؛ من بعد أن تعددت المناهج السياسية إلى حدّ لا حساب له، بعدد تعدد المصالح وصار الجزء يطغي على الأصل، بوقف ما يراد منه، وتغيرت الملامح بألف قناعِ، وقد تصدى في الأزمان اجمعها من المتجادلين لبعضهم، فأضاعوا ما أضاعوه، وبقيت الأسباب هي الأسباب، (تلحق الأباعد بالأداني وتلحم الأسافل بالأعالي )، وقد كانت مهام كثيرة تتطلب القيام بها من لدن مفكرينا الجادين في البحث، لأجل استحداث القناعة التامة بان الفكر الإسلامي قد كان ولم يزل منيرا، وان رجاله الحق قد تركوا رؤية عميقة في فهم النصوص بحياد عام، وقد كتب (نصر حامد أبو زيد)، الموسوم بـ(هكذا تكلم بن عربي) محاولة جريئة غير مسبوقة لنقد مشروع نقد العقل الإسلامي، والوقوف عند ابرز شيوخ التصوف، من خلل آليات علمية اعتمدها النقد العقلاني، وتأتي أهميتها من أنها تغور بعمق الفكر وليس من خارجه، فالمؤلف وفي إطار تحليله معتمدا على عمق ثقافة إسلامية، لا يأخذها إلا الجد وتشير إلى أن أقصر الطرق الكاشفة عن معرفة عصرية، وقد تركت بجرأة عالية إشاراتها البارزة في العقل الإسلامي المعطاء للمعرفة، والرافض للتحجيم. فيشير إلى أهمية تناول شخصية (بن عربي) بالتحليل الدقيق، والإضاءة على واحد من الذين تميزوا بين علامتين؛ هما استيعاب النص الجلي الضخم للفكر النقدي من ناحية، والإلمام بتاريخ الفكر العالمي، وتشعباته، ومدارسه من ناحية أخرى، فضلا عن أنه يندرج ضمن مرحلة معينة من مراحل ومناهج الفكر العربي
الإسلامي المعاصر، موضحاَ الأسس العرفانية والبيانية المكونة لوحدات هذا الفكر،
 
 فالمفكر(نصر حامد أبو زيد) يعطينا دلالات معرفية مثيرة أساسها التفسير بأسبابه، ومقتضياته وينبغي علينا أن نذكر بأنه كمفكر عربي معاصر، طاردته المحاكم بسبب خروجه على الخط المقرر من قبل فقهاء عصره، وصار مقيما في هولندا (تولد عام 1943م وحاصل على دكتوراه دراسات إسلامية من القاهرة 1972م)، وقد عرج متوقفا عند (محيي الدين بن عربي) بأكثر من كتاب، وأكثر من مقام ومقال، والرجل لم يكن متصوفا كبيرا، فحسب، وإنما كان عالما مقتدرا بين علماء عصره، وقد ترك بصمات دلالية على نهج تفكيره، فكان فيلسوفا أيضا، إذ أنتج أفكارا حاجج بها كل المفكرين الذين جايلوه، وبقيت تتلامض كالدر المكنون في أبيات الشعر الصوفية التي بقيت خالدة، إضافة إلى فتوحاته النصية الرائعة في كتابه العبقري (الفتوحات المكية)، الذي دل على أن (ابن عربي) عالما لغويا لا يمارى، ذهب إلى مقاصده بخط مستقيم، ومعانيه لم تكن تحوى على ازدواج في المعنى، إذ كان مؤمنا بعمق لما كان يتحمل وزه، (في فترات القلق والتوتر يكون التكفير هو السلاح، وفي فترات الانفتاح لا يوجد تكفير، كل الخطابات متاحة، ومتميزة بالتفاعل فيما بينها، والتيارات الظلامية هذا التعبير لا أحبذ أن استعمله، لأنه سيرد فيما بعد ليقول لي بالتيارات المنحرفة عن العقيدة، يعني هناك تبادل تهم، السلطة هي تخلقه، وكذلك السلطة تكفر، ومشكلتنا في المجتمعات العربية لا نستمع إلي الرأي الآخر ولا نتسع له، وكل فرد في الجماعة يعتبر نفسه مالكاً للحقيقة وبالتالي نحن نختلف حول المعاني ولا نختلف حول الحقيقة، لا نختلف حول وجود الله وحتى لو اختلفنا حول وجود الله فهو اختلاف بالمعنى، إن الاختلاف هو أمر طبيعي، وهو ليس جريمة، إن هذا قدرنا الإنساني أن نختلف حول المعنى )، فزمن طويل قد مضى على تلك الحقبة، بعد أن غيّرَ الكارهين اغلب الوثائق مضفين إليها نقاط الشقاق والنفاق، وعلامات فارقة من الحقد، متناسين بان الرجل المفكر سيكون بما ترك من نصوص وشروح سوف تبقى مرآة عصره، كذلك صورته لم تكن تتزعزع لأنه، آنذاك، قد جايل مفكرون قد حايثوه، وعايشوه، وتتطبعوا منه أو تطبع منهم، فبقوا هم من يحمل صورته التي تتحدى الطمس، وتقف بمثل ما كانت تأخذ دورها الطبيعي في جدلية التاريخ، والمنطق، فقد ولد (بن عربي) في الأندلس، (موريسيا) عام 1165م، وتلقى تعليمه في (إشبيلية) مع من كانوا يحيطون به، ثم مؤخرا استقر بمصر، ومات في دمشق. درس كل العلوم الكلاسيكية للإسلام من لغة وعروض ونحو وصرف وفقه إسلامي وأدب وتاريخ، الخ. منطلقا بعدئذ نحو كبريات المدن الأندلسية المغاربية بحثا عن العلم أو تكملة له. ترك (المغرب) عام 1201م، متجاوزا الخامسة والثلاثين، (لعل هذه المحنة كان لها تأثير في قرار ابن عربي مغادرة المغرب كله إلى المشرق )، ومن بعد اخذ بالمغاربة والأندلسيين ليجهر علنا توجهه الصوفي الباطني، ومهاجرا، ليجد في المشرق علوما تتوافق مع تفكيره وتوجهاته الروحية والعلمية، حطّ بـ(مصر) طويلا، ثم (سوريا)، (العراق) ف(تركيا) ولاقى الكثير من الأمراء الذين شملوه بعطاياهم وبحمايتهم لأنهم قد أعجبوا به، وبعلمه الغزير، وفهمه العميق للإسلام الحنيف، خاصة، أمراء السلاجقة، فلم يبخلوا عليه بالغالي والنفيس. وفي عام 1225م غادر من (تركيا) عائدا إلى (دمشق) لكي يستقر فيها، ويعيش حتى مات عام 1240م، أي بعد خمسة عشر عاما، وكان قد في الخامسة والسبعين أو ناهزها.. مستوعبا الفكر العربي في مرحلتيه السابقتين: العصر الذهبي والانتشار اللتين استمرتا على امتداد قرون انشغل خلالها المفكرون، آنذاك، بتحليل المجتمع في أبعاده التنظيمية وتجلياته الأدبية وبناه المختلفة بالنظر إلى المبادئ والقوانين التي ولدتها، وإزاء اتساع النصوص التي اطلع عليها وكيفية تدرج البنية المعرفية ضمن بنية أشمل هي بنية العقل الديني ساعيا لتوحيد الوعي الديني، وعهد كعالم يتعامل مع المفاهيم والمناهح غربية المنشأ والأصل متعمقا بسياقها المعرفي والحضاري، وكان يطبقها على مجال مغاير تماما لمجال انبثاقها، فالمناهج الفكرية الغربية هي مناهج منقولة غير مأصولة. بهذا المعنى يعد (ابن عربي) ممثلا للتيار الآخر من الفكر الأندلسي والعربي الإسلامي في مجمله. كان يمثل التجربة الروحية والصوفية الكبرى في تاريخ الإسلام، في حين أن (ابن رشد) كان يمثل التيار العقلاني المحض. (ولهذا السبب قال له ذات يوم، أولا: نعم، ثم أردف قائلا: لا! (بنعم) كان يقصد أنه متفق معه على أهمية العقل وضرورة استخدامه، و(بلا) كان يقصد أن العقل وحده لا يكفي للوصول إلى الحقيقة الإلهية وإنما ينبغي أن نفتحه أيضا على الخيال والإلهام والتجربة الروحانية العميقة ). وكانت هذه النقطة الحاسمة التي جعلت (ابن رشد) بعيدا عن المثيولوجيا لتقاربه مع فلسفة (أرسطو) الواقعية والمادية، (بوسع المرء أن يطرح منظومة إن الإنتاج والتأويل المستمرين للثقافة الغربية نفسها قد افترضا الافتراض ذاته بالضبط إلى زمن موغل في القرن العشرين، حتى حين كانت المقاومة السياسية لقوة الغرب تتصاعد في العالم الهامشي ألإطرافي، وبسبب من ذلك، وبسبب مما أدى إليه يغدو ممكنا الآن أن نعيد تأويل سجل محفوظات الثقافة الغربية كما لو كان مشروخا جغرافيا بالفالق الجغرافي المنشط، وان نقوم بمنط مختلف من القراءة والتأويل- ادوارد سعيد )، وكان (ابن عربي) على يقين بأن فلسفة (ابن رشد) قد وصلت إلى الجهة الأخرى المضادة.. في وقت بات الفكر العربي الإسلامي كان بحاجة إلى تأسيس تتواشج فيه الروح بالمادة، وإلا سوف يلغى ويحارب كما لغي (ابن رشد) وهذه التأسيس رائده وزعيمه (محيي الدين بن عربي)، وعلى هذا النحو اشتهرت كتبه (الفتوحات المكية)، و(النصوص والحكم)، و(ترجمان الأشواق)، وغيرها من روائعه، فعقيدة (بن عربي) تتداخل فيها: عدة أساسيات دينية، فلسفية، وصوفية، تعتمد على نظرية وحدة الوجود. (وهي نظرية تقول ان الكون كله يصدر عن الله كما تصدر الجزئيات عن الكليات)، و(المعتزلة هي فرق أسلاميه أسسها (واصل بن عطاء الغزال) وأنضم إليه (عمرو بن عبيد) في أوائل القرن الثاني الهجري ثم انتشرت وتشعبت إلى الكثير من الفرق كالنظامية، والمردارية، والخابطية، والبشرية، والهشامية، والثمامية... إلخ، ومن أهم أفكارهم: نفي صفات الخالق (عزوجل) معتقدين بأنه لا جوهر، ولا عرض، ولا طول، ولا بذي لون، ولا طعم، ولا رائحة، ولا بذي حرارة، ولا برودة، كذلك نفي العلم والقدرة، ونفوا أن يكون الله تعالى خالقا لأفعال عبادة، كذلك دعت ما بعد الحداثة إلي إلغاء الازدواجية وأثينية المنهج الاستدلالي، كازدواجية الذات والأعراض، والمبدأ والأثر، وعدم التفريق بين الحابل والنابل، وهذا ما رفضه (أبن عربي) مع (ابن رشد)، وكذلك يرى؛ أن كل (الأديان السابقة على الإسلام لم تكن إلا مسارا طويلا للوصول إليه، وبالتالي فقد أرهصت به ومهدت له الطريق. ينتج عن ذلك أن الإسلام هو الدين الكوني الذي يشتمل على جميع الأديان، وأن محمداً (ص) هو خاتم الأنبياء والمرسلين)، وقد تنادى بأسس التسامح في الدين الإسلامي لأنه اعتبر أن (جميع الأديان تؤكد على حقيقة واحدة هي الحقيقة التي جاء بها الإسلام. وبالتالي فلماذا نكرهها أو نحتقر أتباعها? لماذا لا يتسع قلبنا لجميع مخلوقات الله?) ويؤكد المؤلف (للأسف فإن المتعصبين لم يفهموه ولم يدركوا أبعاد هذا التفكير الكوني الواسع الذي دشنه، ولذلك فقد انتقدوه بشدة، بل وكفّروه، وهنا تكمن مشكلة الفلاسفة والمفكرين الأحرار في الإسلام، فالعامة لا تستطيع فهمهم والفقهاء الصغار يكرهونهم نظرا لاتساع أفقهم العلمي والعقلي الذي يتجاوز مداركهم، وبالتالي فإنهم يتعرضون للمحاربة العنيفة باستمرار)، قائلا بما معناه؛ (ينبغي العلم بأن الفلسفة العربية الإسلامية لم تمت مع ابن رشد، وإنما استمرت في الوجود من خلال (بن عربي)، و(السهرمدي) في المشرق، والحيوية الفكرية في الأندلس ماتت بسبب الفهم المنغلق، والحرفي الأعمى للعقيدة بسبب نسيان جوهر الدين، والتركيز على القوالب الخارجية القسرية والطقوس الشكلانية الجافة، ولهذا السبب ماتت الفلسفة بعد أن ازدهرت لعدة قرون في الأندلس والمغرب الكبير)0
(وقد تحدث ابن عربي عن اللقاء الوحيد الذي جمعه بابن رشد الذي كان قد بلغ أوج مجده في نهاية عمره، هذا في حين أن ابن عربي كان لا يزال في أول شبابه. وقال بما معناه: لقد زرت أبا الوليد ابن رشد في بيته بقرطبة بناءً على رغبته في رؤيتي والاستماع إليّ)، (وما إن دخلت البيت حتى نهض ابن رشد من مجلسه وأقبل عليّ بكل ترحاب وعززني وكرمني بل وقبّلني. ثم أجلسني إلى جانبه لكي يتحدث معي ويرى ما أملكه من علم، ثم قال لي: نعم، (أي نحن متفقان)، فقلت له: نعم... وعندئذ شعر بالارتياح وبدا الانشراح على وجهه واعتقد أني من تلامذته وأتفق معه في كل شيء)،
(حكي الشيخ الأكبر أبن عربي فقال: دخلت يوماً بقرطبةَ على قاضيها أبى الوليد بن رشد ، وكان يرغب في لقائي لما سمع وبلغه ما فتح الله به علىَّ في خلوتي، فكان يُظهر التعجُّبَ مما سمع. فبعثني والدي إليه في حاجةٍ، قصداً منه حتى يجتمع بي، فإنَّه كان من أصدقائه، وأنا (آنذاك) صبىٌّ ما بقل وجهي ولا طرَّ شاربي. فعندما دخلت عليه، قام من مكانه إلىَّ محبَّةً وإعظاماً، فعانقني وقال لي: نعم، قلت له: نعم، فزاد فرحه بي لفهمي عنه، ثم استشعرتُ بما أفرحه، فقلت: لا، فانقبض، وتغير لونه وشك فيما عنده. وقال لي: كيف وجدتم الأمرَ في الكشف والفيض الإلهي، هل هو ما أعطاه لنا النظر? قلت: نعم ولا، وبين نعم ولا تطيرُ الأرواحُ من موادِّها والأعناق من أجسادها، فاصفرَّ لونُه، وقد قال الشيخ الأكبر؛ الخلاف حق حيث كان)0
 
وفي رواية أخرى (وكان قد سمع بالإلهام الذي حباني الله به في عزلتي الروحية. وقد أبدى دهشته مما سمعه عني، ولهذا السبب فإن والدي الذي كان صديقه الحميم أرسلني إليه في أحد الأيام لكي يراني ويعرف من أنا بالضبط. ولذلك استدركت قائلا: لا، فاغتمّ وبان الحزن على وجهه وتغير، وبدا وكأنه يشك في تفكيره، والعقيدة الفلسفية التي توصل إليها، وعندئذ سألني: ما هو الحل الذي توصلت إليه عن طريق الإشراق والإلهام الرباني? وهل هو متوافق مع ما نتوصل إليه نحن عن طريق الفلسفة أو الفكر البرهاني? فأجبته: نعم، ولا، وذلك لأنه بين النعم والـ لا، فإن الروح تنطلق حرة خارج مشروطية المادة والأعناق تنفصل عن أجسادها، وعندئذ اصفرّ وجه (ابن رشد) ورأيته يرتجف وهو يتمتم قائلا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والواقع أنه فهم مقصدي العميق وما أشير إليه وعرف أنه يتجاوز فلسفته العقلانية المنطقية أو يفترق عنها بعد أن يهضمها ويستوعبها)، ومقارنة ما بين تاريخ ميلاد (بن عربي وبن رشد) نستنتج بأنه يصغر (ابن رشد) بأربعين سنة أي قد كان أحد تلامذته الذين استفادوا من علمه وعقلانيته البرهانية، وفلسفته ومن الذين خرجوا عليه تجاوزا إلى الفكر الصوفي، كون منهج الإسلاميات التطبيقية هو الوجه الآخر المشرق، (ثم رجعت إلى صاحبي وهو ينظرني بباب المسجد، فتحدثت معه ساعة، وقلت له: من هذا الرجل الذي صلى في الهواء? وما ذكرت له ما اتفق لي معه قبل ذلك، فقال لي: هذا الخضر )، ومن ناحية ثانية يشير (نصر حامد أبو زيد) إلى خطورة المنهجية التعددية التي اعتمدها وأنها قد تكون محفوفة بالمزالق اذ قد تنتهي بالباحث إلى التناقض لأنه يجمع بين فلسفات مختلفة اختلافا بنيويا وأصوليا، ومن ذلك ما يشير إليه من وقوع (المؤلف) في هذا النوع من الخطأ عندما جمع بين افكار (فوكو وهابرماس)، بعقلانية منفتحة ومتعددة وفهم متقدم للإنسان، مؤلفاته الأخرى: (النص السلطة والحقيقة)، (مفهوم النص)، (فلسفة التأويل)، (نقد الخطاب الديني)، لم نجده إلا عند المتأخرين من رواد ما بعد الحداثة مثل (فوكو)،(دريدا)، (محمد أركون)، ومن الجدير بذكره؛ في عام 1995 قضت محكمة استئناف القاهرة باعتبار (نصر حامد أبو زيد) مرتدا عن الإسلام والتفريق بينه وبين زوجته السيدة (ابتهال يونس) وذلك لأنه لا يجوز لها كمسلمة الزواج من كافر حيث اعتبرت هيئة المحكمة كتابات المذكور أهانه للعقيدة الإسلامية. (إن اله العولمة قادر على إعادة إنتاج نفسه في أشكال وصيغ وملامح لا تخلو من جاذبية- أبو زيد )، و(هاجت الأرض من شرقها إلى غربها وانتفضت كل الهيئات والمنظمات العالمية والعربية والمصرية المعنية والغير معنية وكل القيادات العلمانية الليبرالية، والاشتراكية مع كل القوى التقدمية التعبوية الراديكالية ذات الرؤى المشتركة نحو هدف نهوضي توحدي ثابت ضد كل قوى الشر التي تريد أن تعود بهذا الوطن إلى عصور الجاهلية وأطروحاتها المظلمة)، وفي آب لعام 1996 أيدت محكمة النقض بالقاهرة الحكم السابق الصادر من محكمة الاستئناف، وأصبح الحكم لا رجعة فيه، (الرجل ينكر الوجود العيني للملائكة والجن والشياطين والسحر والحسد ويعتبرها مجرد ألفاظ مرتبطة بواقع ثقافي معين (خرافات وأساطير)، واعتبروه كـ(ابن رشد) يدعو إلى اعتبار القرآن الكريم نصاً تاريخيا وينبغي فهم نصوصه في إطارها التاريخي والاجتماعي واتهموه بأنه يدعو الدولة إلى إصدار قوانين تمنع تعدد الزوجات، ويطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة في الطلاق وفي الميراث، (يطالب باعتبار شهادة الرجل تساوي شهادة المرأة)، فالرجل يقرأ فلسفة (ابن عربي) في جوانبها الوجودية والمعرفية، وفق مفاهيم جدلية بماهية النص الديني، ودوره المعرفي، وله تمكن العارف في مفهوم اللغة بمستوياتها المتعددة كوسيط يتجلى عبره النص، كذلك (بن رشد)، (بن عربي) قد كانا من المناصرين للمرأة، وقالا ما قاله (أبو زيد) بين ظاهر الوجود وباطنه، (ويرى ضرورة النفاد من الظاهر الحسي المتعين إلى الباطن الروحي العميق في رحلة تأويلية لا يقوم بها إلا الإنسان لأنه الكون الجامع الذي اجتمعت فيه حقائق الوجود وحقائق الألوهة في الوقت نفسه)، فالعلاقة علاقة توافق، وتواصل الأفكار بالجدل المفتوح مابين قديمها وحديثها، تستوجب القراءة المتأنية وإعادتها على مدى أيامنا القادمة.
 
*************************************************************
محمد الأحمد 00موقع الحوار المتمدن0العدد1762  يوم 12/12/2006م

*عبدالرؤوف النويهى
12 - ديسمبر - 2006
استفسار    كن أول من يقيّم
 
أستاذ عبد الرؤوف النويهي : سلام
لو سمحت ..عندي سؤال:
أليس هناك فرق بين التجديد والتحريف?
بمعنى : عندما نطالب بتجديد الأحكام المنصوص عليها بنص قطعي ثبوتا ودلالة ألا يكون هذا مطالبة بالتحريف?
طبعا تطوير أحكام الفقه لتتناسب مع زماننا وأعرافنا وحياتنا أمر واجب ولكن ألا يفترض أن يكون ذلك استنادا إلى مناهج وقواعد وضوابط?
فما هو المنهج الذي كان يستند إليه من سبق ذكرهم في تجديد الإسلام??
*أم الرضا
13 - ديسمبر - 2006
 1  2  3  4