البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : الدوبيت    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 عمر خلوف 
9 - أكتوبر - 2006
الدّوبيت
          هو أحد الأوزان الشعرية المستحدثة، الخارجة على قواعد العروض العربي. ومع ذلك؛ فقد كُتِبتْ له الشهرة والانتشار قروناً عديدة.فمنذ نشأته؛ استساغ إيقاعَه الغنائيَّ الكثيرُ من شعراء العربية فكتبوا عليه الرباعيات العديدة، والقصائد الطويلة، والموشحات العذبة، حتى أصبحَ ما كُتِبَ عليه يفوقُ -كَمّاً- ما كُتِبَ على بعض الأوزان الخليلية. ومعَ ذلك، فقلّما تجِدُ في عصرنا  مَنْ سمعَ به!
          ويَشي اسمه بأنه فارسيّ الأصل. فكلمةُ (دوبيت) -وهي علَمٌ عليه- كلمةٌ فارسيةٌ تعني (بيتين)، إشارةً منهم إلى طريقة النظمِ عليه، حيث يُعبَّرُ بكلِّ بيتين منه عن فكرةٍ محدّدة.
يقول عفيف الدين التلمساني (-690هـ)([i]):
الدّهْرُ رياضٌ، نحنُ فيها الزَّهَرُ ** والكَوْنُ غصونٌ، نحنُ فيها الثمَرُ
والْمُلْكُ لنا، وما علينا حَرَجٌ ** والعيشُ صَفا، فما الذي ننتظِرُ?
ويقول أبو البحر الخطّي (-1028هـ)([ii]):
يا مَنْ بِهَواهُ سِيطَ لَحْمي ودَمي ** لا نَالَكَ ما تراهُ بِي مِنْ ألَمِ
إنْ لَمْ تَهَبِ الحياةَ في وَصْلِكَ لي ** فامْنُنْ كَرَماً ورُدَّني للعَدَمِ

          وهم كثيراً ما يسمونه بالرّباعي (أو الرباعيات). وذلك راجعٌ إلى كتابته -مشطوراً- على أربعة شطورٍ مقفّاة برويٍّ واحد، تبقى في مجموعِها بيتين اثنين أيضاً؛ كما في قول العماد الأصبهاني([iii]):
لا راحَةَ في العيشِ سوى أنْ أغزو
سيفي طَرَباً إلى العُلا يهتزُّ
في قتْلِ ذوي الكُفْرِ يكونُ العِزُّ
والقدْرةُ في غيرِ جهادٍ عَجْزُ
وكما في قول جلال الدين الرومي([iv]):
يا مَنْ هوَ سيّدي وأعلى وأجَلْ
يا مَنْ أَنَاْ عبْدُهُ وأدنى وأقَلْ
حاشاكَ تملّني ، وحاشاكَ تُمَلْ
إنْ لَمْ يكُنِ الوابِلُ بالوَصْلِ فطَلْ

          ولكننا نفضل استخدامَ مصطلح (الدوبيت)، لأنه علَمٌ على هذا الوزن، لا يُشاركه فيه أيّ بحرٍ آخر، يُشبه قولَنا: الكاملَ أو الطويلَ أو البسيط. بينما تشير كلمة (الرباعيات) إلى جميع ما كُتبَ بطريقة الرباعيات، على أيِّ وزنٍ كان.
          وربما كان ظهور رباعيات الدوبيت في أواخر القرن الثالث الهجري. حيث جاء ذكرها في كلامٍ للجنيد البغدادي (-298هـ)، ومعاصره أبي الفضل الهاشمي (-317هـ)، إبّان انتشارها في غزنين.         ولكن الغريب فعلاً أنْ تكون أقدم رباعية دوبيتية معروفة هي رباعية عربية، حيث يعود تاريخها إلى أواخر القرن الثالث الهجري، عصر اكتشاف الدوبيت نفسه. فقد وجَدْتُ في ديوان الحلاّج (-309هـ) رباعية دوبيتية فريدة، فاتَ ذكْرُها على جامع (ديوان الدوبيت، ومستدرَكَيْه)، مع أنه هو محقّق ديوان الحلاج! يقول فيها([v]):
كَمْ ينشُرُني الهوى وكَمْ يطويني ** يا مالِكَ دُنْيايَ ومالِكَ([vi])دِينِي
يا مَنْ هُوَ جَنَّتي ، ويا روحِي أنا ** إنْ دامَ علَيَّ هجْرُكُمْ يُعْيِينِي

          كما أورد ابن إياس الحنفي (-?هـ) للإمام الشافعي (-204هـ) ست رباعيات دوبيتية، فاتت كذلك على جامع (ديوان الدوبيت)، هي الأقدم إن صحّت نسبتها إلى الشافعي، يقول في أولاها([vii]):
رزْقي يَأْتي ، وخالقي يكفلُهُ ** لا أفْضُلُ غيرَهُ ولا أسألُهُ
إنْ كنتُ أظنُّ أنّهُ منْ بَشَرٍ ** لا قدَّرَهُ اللهُ ولا يسّرَهُ
          بل إنّ ابن تغري بردي (-874 هـ) أوردَ للعَتّابي (-220هـ) شاعر البرامكة والرشيد، رباعيةً دوبيتية، نسَبَها خطَأً إلى المواليا([viii])، وفاتت كذلك على جامع (ديوان الدوبيت)، هي من أقدم الدوبيتات المعروفة إنْ صحّت نسبتها إلى العتّابي كذلك، يقول فيها([ix]):
[يا ساقٍ]([x]) خُصَّني بِما تَهْواهُ ** لا تمزِجْ أقداحي رعاكَ اللهُ
دعْها صِرْفاً فإنّني أمزِجُها ** إذْ أشْرَبُها بذِكْرِ مَنْ أهواهُ
          ومن الرباعيات العربية القديمة؛ التي فات ذكْرُها على جامع (ديوان الدوبيت)أيضاً، ويعود تاريخها إلى أواخر القرن الرابع الهجري، قول أبي الفتح البسْتي (-400هـ)([xi]):
قولا  لِمُنى قلْبِيَ إسْماعيلا
أنعِمْ بنَعَمْ ، أطَلْتَ إسْماعي لا
أشْعَلْتَ جَوايَ بالهوى تشعيلا
أدْرِكْ رَمَقي ، فإنّ صبرِيَ عِيلا
          وأغرب من ذلك أن تعود أقدم رباعيات الدوبيت الفارسية المعروفة، إلى بدايات القرن الخامس الهجري، حيث اشتهر بها أبو سعيد بن أبي الخير (-440هـ)، الذي يُنسب إليه الجزء الأكبر من رباعيات الخيام. وله رباعيتان عربيتان. مما يدعم آراء القائلين بعربية هذا الوزن.


([i]) ذيل ديوان الدوبيت، القسم2، مجلة المورد (2)،1977م، ص65.
([ii]) ديوان الدوبيت ص446.
([iii]) ديوانه ص472، ديوان الدوبيت ص152.
([iv]) ديوان الدوبيت ص271.
([v]) ديوانه 1/397.
([vi]) وكان د.كامل الشيبِي محقّق الديوان قد أثبت كلمة (مَوْلى) بدل (مالك) متوهّماً أنّ في الشطر انكساراً، فقال: "جاءت (مولى)..على (مالك)، وبما أثبتنا يستقيم الوزن"! وليس فيما تنكّب عنه المحقق أي خلل وزني.
([vii]) المستدرك على ديوان الدوبيت، لهلال ناجي، مجلة الكتاب العراقية، (7)، 1974م، ص14.
([viii]) ونقل عنه ذلك الخطأ د.عبد الرحمن عطبة (تطوّر الشعر في بلاد الشام ص146)، مرجِّحاً -بناءً عليه- أنّ العتابي كان مخترِعاً للمواالِيا!!
([ix]) النجوم الزاهرة 2/186 .
([x]) في الأصل (يا ساقِياً ..) ، وبها يختل الوزن .
([xi]) ديوانه ص143. وقد ردّها محققا الديوان -خطأً- إلى البحر السريع !!
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
وشكرا لهديتكم    كن أول من يقيّم
 
شكرا يا أستاذ عمر على هديتكم، وأنا أيضا أضع بين يديك وبين يدي الأستاذة سلافة قطعة من كتابي (موسوعة البحور) عسى أن تفيدا منها، ولكن بشرط أن لا تدخلاني في متاهة العروض، لأنني كتبت هذا الكلام منذ أكثر من خمس سنوات، ولا أجد وقتا للمضي في مناقشة كل هذه الدقائق. فكلا ما تشاءا هنيئا مريئا، ولكن أقول للأستاذة سلافة: أبن ما سألتك عنه حول دوبيت ابن إياس، رجاء اكتبي لي حرفيا كل ما يتعلق بدوبيت ابن إياس في المصدر الذي نقلته منه.
@ الدوبيت
أول ما ننبه إليه قبل الخوض في تعريف الدوبيت أنه نفسه البحر العميد المعدود في الأبحار التسعة المتروكة وهي كما سماها أبو بكر الشنتريني في كتابه " المعيار في أوزن الأشعار " ( الوسيط والوسيم والمعتمد والمتئد والمنسرد والمطَّرد والخبب والفريد والعميد ) قال في تعرف العميد ص 146 : وهو خارج عن الدوائر أيضاً ووزنه
مستفعلاتن مستفعلاتن فعل مستفعلاتن مستفعلاتن فعل
ومثاله :
ما أعذب عندي في الهوى تعذيبي الموت يهون في رضى iiالمحبوب

هذا كلام الشنتريني ،والعجب أنه لم ينبه إلى أن هذا الوزن هو نفسه وزن الدوبيت 
شأنه شأن كل الذين تعرضوا لذكر البحر العميد
.
أما وزن الدوبيت عندهم فهو
فعلن متفاعلن فعولن فعلن فعلن متفاعلن فعولن فعلن
 
ووافق حازم في ذلك إلا أنه اختار له تفعيلات أخرى هي :
مستفعلتن مستفعلن مستفعلن مستفعلتن مستفعلن مستفعلن

وكأنه يرده بذلك إلى أوزان الرجز ، وهو ما نبهنا إليه في حديثنا عن التقارب بين
الدوبيت و قصيد الرجز في باب الرجز ، وهو ما ذهب إليه علي حميد خضير في كتابه " الجديد في العروض " حيث قال ص 32 : والدوبيت مأخوذ من الرجز إذا قطعناه على الشكل الآتي :
مستفعتلن مفاعلن مستفعل مستفعتلن مفاعلن مستفعل

وكان ابن المرحل أول من نبه إلى وزن الدوبيت وأدخله في العروض العربي
قال : ( رأيت النوع المعروف بالدوبيت من أوزان الكلام المنظوم ، مستقيم البناء ،مستعذباً في الغناء إلا أن بعض الناس يخلط في النظم عليه ويسلك مسلك العجم في الزيادة فيه والتقصير منه حتى يخلَّ به . فصنعت له ميزاناً وبينت ما يجب فيه وما يحسن  وما يقبح قياساً على الأوزان العربية واتباعاً للأكثر في المساق والأعذب في المذاق ، ووضعت له أربعة أجزاء .. )
       عن " رسالتان فريدتان في العروض لمالك بن المرحل "
                          تحقيق هلال ناجي
وعد من مجازيئه مجزوءه المشهور ( فعلن متفاعلن فعولن )
ومثاله لامية البهاء زهير : يا من لعبت به شمول
ومجزوءه المحذوف ( فعلن متفاعلن فعو )
ومثاله :
لله  معاً لذي iiالحمى ما أحسنها مع الدمى

ومجزوءاً آخر ذهب هلال ناجي إلى أنه من مجازيء المتدارك وهو
( فعلن متفاعلن ) ومثاله :
أهـلاً  iiبخيالكم من لي بوصالكم

قال : وفي الحقيقة أنه من المتدارك ولكن نغمته تقرب من الدوبيت
            = انظر الكلام على مخلع الرمل في هذه الموسوعة =
قال جلال ص 350 ( وأولع العماد الأصفهاني بنظم هذا النمط من الشعر = الدوبيت = حتى كان له منه ديوان ، والذي لاح لنا أن معظم ضروب الدوبيت وأنماطه لا تخرج عن أوزان الرمل )
ونقل عن صاحب " معيار النظار " قوله : اخترع بعض العجم بناء سموه الرباعي وهو
مفعول مفاعلن فعولن فع لن
ومثاله : يرجو ويخاف وهو شاك شاكر
ويمثل للدوبيت عند العروضيين بما ذكره الخفاجي في كتابه " القصيدة العربية " ص 85
في دوبيتهم عروضة ترتجل فـعلن متفاعلن فعولن iiفعلن
ما أحسن واصلي وما iiأجمله مـا  أجـمل قدَّه وما iiأكمله
ومن الشعراء من كتبوا به القصائد المقفاة كالشيخ علي الدرويش وله فيه عدة قصائد
منها القصيدة التي يقول فيها
أهديك شعراً من بحر فني درراً لا  تعرف من أي بحور العرب
.
@ السلسلة
ثاني الأوزان العجمية المدخلة في العروض العربي ، ولكنها لا ترقى إلى رتبة الدوبيت من حيث شهرة الدوبيت وشيوعه في دواوين المتأخرين ، وهي غير مصطلح السلسلة التي نقلها أبو العلاء في الصاهل والشاحج عن قدامة بن جعفر ، وغير البحر السلسل الذي زعم المفتي عبد اللطيف أنه اخترعه وألف فيه رسالته " الزلال المسلسل في بحر السلسل"
= انظر ذلك في البحر السلسل في معجم العروض من هذه الموسوعة =
ووزنها عندهم
فعلن فعلاتن متفعلن فعلاتن فعلن فعلاتن متفعلن فعلاتن

ومن أمثلته :
السحر  بعينيك ما تحرك أو iiجال إلا  ورمـاني من الهوى iiبأوجال
يا قامة حسن نشا بروضة إحسان أيـان هفت نسمة الدلال به iiمال

ومنه قول المفتي عبد اللطيف
هيجتِ سليمى من المتيم بلبال من  حيث تبديت للمتيم iiبالبال

وقوله :
ما لاح بريقٌ من العذيب على البان إلا وسـنـاكـم لقد أضاء وقد iiبان

ومنه قصيدة الشيخ علي الدرويش التي أولها:
أفراحك يا مصر والمسرة في العام
وقد أوضحنا غير مرة أن هذا الوزن ما هو إلا خفيف أضيف إليه في أوله " فعلن "
إلا أن الشاب الظريف تصرف في ذلك فجعلها رملاً مسبوقة بفعلن في قوله
يـا  مـالك رَقَّ الصَبُّ باللَّهِ عَلَيْكَ ارْحَـم حـائراً يُسايِلُ الدَمعَ iiعَليكَ
وَاسمَح بِخَيالٍ في الدُجى يطرُقُ مَن أَضـحَـى  دنفاً أذابَهُ الشّوْقُ iiإِليكَ

وجعله رجزاً مسبوقاً بسبب خفيف ( فع ) وهو قوله :
كم يشمت بي في حبك العذال كم يكثر فيك القيل بي iiوالقال
الـصَّبْرُ بِكُلِّ حَالةٍ أَلْيَقُ iiبِي أَحْتاجُ أُدَارِيكَ وَيَمْشِي الحَالُ
ومن أقدم ما وصلنا من وزن السلسلة الأول قول حمزة بن علي أبي يعلى المتوفى عام
556
هل تأمن يبقى لك الخليط إذا بان لـلـهـم فـؤاد وللمدامع iiأجفان
ذكر ذلك ياقوت في ترجمته في معجم الأدباء ج 5 ص 21
وفي هذا ما يثبت وهم العياشي حين جعل بحر السلسلة من مواليد القرن الثامن الهجري
وتجدر الإشارة هنا إلى وهم آخر وقع فيه العياشي حين قال : ( ولمن استنبط هذا الوزن من شعراء ذلك العصر ميزة لا تجحد على من عاش قبله وبعده من شعراء الإسلام وحتى الجاهلية المعروفة لأنه هو وحده وحتى هذه الساعة من عرف مبدأ القيمة المزيدة في تأليف الإيقاعات وهو المبدأ المعتمد في تأليف هذا الإيقاع " السلسلة " وهو يتألف مما يتألف منه إيقاع الخفيف مع زيادة قيمة ثقيلين ممدودين = يقصد سببين خفيفين = في أوله ) وهذا يدل أن العياشي لم يقرأ أوليات كتب العروض لأن هذا الذي سماه القيمة المزيدة هو نفسه فصل تركيب البحور في كتب العروض
قال الزمخشري في " القسطاس " ( وأزوجوا بين خماسيٍّ وسباعي بما لو حذفت من السباعي ما طال به الخماسي لم يتباينا في الوزن وذلك كإزواجهم
بين فعولن ومفاعيلن : ألا ترى أنك لو حذفت " لن " من مفاعيلن وجدت مفاعي جارياً على فعولن وبين مستفعلن وفاعلن : ألا ترى أنك لو حذفت  " مس "  من مستفعلن وجدت تفعلن جارياً على فاعلن وبين فعلاتن وفاعلن :ألا ترى أنك لو حذفت " تن " من فاعلاتن جرى " فاعلا " على فاعلن
وأزوجو بين سباعيين لو رددتهما إلى الخماسي بحذف سبب من كل واحد منهما توازنا وذلك إزواجهم بين فاعلاتن ومستفعلن لأنك لو حذفت " تن " من فاعلاتن و" مس " من مستفعلن بقي " فاعلا " و " تفعلن " متوازنين وبين مفاعيلن وفاعلاتن : لأنك لو حذفت " لن " من مفاعيلن و" فا " من فاعلاتن بقي مفاعي وعلاتن متوازنين. وانظر مما ألف في هذا الفن (الفُلك المحملة بأصداف بحر السلسلة) صنعه وترجم لناظميه د. كامل مصطفى الشيبي، وانظر ما ألف من مستدركات على هذا العمل في كتاب (نشر الشعر وتحقيقه/ ص83).
وهناك صلة أيضا بين  الدوبيت ومخلع الرمل، =ويعرف أيضاً بمخبول الرمل = وهو عكس مخلع البسيط حيث أصابه الخلع في أول تفعيلاته وذلك بحذف وتدها المفروق لتصبح بعد التعديل ( فع لن فاعلاتن فاعلاتن )
وهو نفسه مجزوء الدوبيت كما سيأتي
وهو ما ترجم له الشيخ جلال في الرمل الثامن عشر
وعد في بدائله: ( فع لن فعلاتُ فاعلاتن )
ومنه قصيدة البهاء زهير ( يا من لعبت بهم شمولٌ )
وقد ورد الكلام على لامية البهاء هذه = كما يقول الشيخ جلال = في كثير من الكتب العروضية ومن ذلك شرح كتاب " التيسير الدافع للداهية في تحصيل علمي العروض والقافية " فقد جاء فيه
( ومن الشعر الفاسد ما يقبله الطبع السليم فيظنه صحيحاً كقوله
" يا من لعبت بهم شمول " )
وكان الدماميني قد دافع عنها في " العيون الغامزة " ولم يعدها من الأوزان المهملة أو الخارجة عن أوزان العرب
ورأيه فيها أنها من الوافر الذي أصابه العقص في جزئه الأول وأصابه العقل في جزئه الثاني والخامس والقطف في العروض والضرب فصار
مفعول مفاعلن فعولن مفعول مفاعلن فعولن

وذهب مؤلف " تبسيط العروض " إلى تسمية هذا الوزن بمجزوء الدوبيت وهو ما اخترناه، وإلى ذلك ذهب عبد المنعم الخفاجي وآخرون.
ومن مخلعاته ما عده الشيخ جلال من الرمل التاسع عشر
( فع لن فاعلاتن فاعلن )
ومثَّل له بالبيت :
يـا  أحبابنا رفقاً iiبنا إنا من هواكم في عنا

وقد عده الحفناوي في حواشيه من الدوبيت الرابع
*زهير
18 - أكتوبر - 2006
المحرك لا يسير بدون (دينامو)    كن أول من يقيّم
 
تحية كبيرة لأستاذنا الكبير ..
معتذرين له عن قبول شرطه، إذ لا بد لمشاركة رائعة منه أن تضعنا معاً في متاهة البحث والتنقيب.
وسأقتصر هنا على نقطتين مما جاء في إضافته القيمة:
** الأولى تتعلق بما جاء في كتاب (المعيار للشنتريني):
ففصل البحور المهملة (المستحدثة)، وماسبقه من (ضوابط الأوزان) مقتبسان من كتاب (الوافي في نظم القوافي، لأبي البقاء الرندي)، وليسا للشنتريني، بدليل أن الرندي أضاف (الخبب) إلى المهملات من البحور، في حين أفرد له الشنتريني باباً خاصاً في كتاب المعيار هو: (باب المتدارك).
وقد أخطأ المحقق (أو المؤلف) في وزن بحر العميد، حيث يفترض أن يكون:
(مستفعلتن مستفعلاتن فعْلُ).
بل إن ما أسماه (بالفريد) هو ذات الدوبيت أيضاً، وإنْ أخطأ في وزنه، فجعله:
(مستفعلن مستفعلن مستفعلاتن)
وربما كان صحيحه:
(مستفعلتن مستفعلن مستعلاتن).
بل أخطأ في ضبط عجز شاهده:
القَطْرُ كسا الأرضَ من الحسنِ فنونا ** فتّح النَّورُ ثغوراً وعيونا
والغريب أن يزن صاحب (سفينة الشعراء) بحر العميد على:
(مفعولُ مفاعيلُ مفاعيلُ فعولْ)
والفريد على:
(مفعولُ مفاعيلن مفاعيلن فعْ)
ويقدمهما على أنهما بحران (مهملان مستحدثان) إلى جانب الدوبيت بتفعيله المشهور:
(فعلن متفاعلن فعولن فعلن)
وتابعه على ذلك د.نبوي (الإطار الموسيقي ص231) وأسبر (معجم الخليل ص126).
ولو أنهم وضعو شاهديهما لتبين لهم حقيقة ما وقعوا فيه من الوهم، وأنهما ذات الدوبيت.
وقد كان الزنجاني (ـ بعد 660هـ) قد وزن الدوبيت على:
(مفعولُ مفاعلن فعولن فعلن)
 
** الثانية: أن أول من نبه إلى وزن الدوبيت على حد علمنا القاصر هو ابن الفرخان، صاحب كتاب (المستوفى في النحو)، من علماء القرن السادس الهجري، وهو ممن عاصر ضياء الدين الحسني الراوندي (ـ 560هـ)، وبينهما عدد من المساجلات الشعرية.
فقد أورد في كتابه المخطوط (الإبداع في العروض) ما ينوف على تسعة قوالب للدوبيت، حيث جعله من (مكفوف الرجز)، وقالبه الرئيس يساوي عنده:
مستفعلُ مستفعلُ مستفعلُ مسْ
ومن أمثلته لديه:
كمْ طافَ بِيَ الخيَالُ فيما قد طافْ
واشتقتُ إليهمُ فدمعي توكافْ
لا يلبَثُ مَنْ عليهِ وسْمُ الإنْصافْ
أنْ يؤمِنَ قلبَ عاشِقٍ ممّا خافْ
وقوله:
يا طَرْفُ سقِمْتَ ، كمْ عسى تُسْقِمُني
يا كشْحُ هَضُمْتَ ، كمْ تُرى تَهْضِمُني
مَنْ أعشَقُهُ فكمْ غدا يُسْقِمُني
وقوله:
قلبي لكُمُ كما علمتمْ دامِ
والوجْدُ بكُمْ يزيدُ منْ أسقامي
هلْ يصلُحُ في قضيّةِ الإسلامِ
أنْ أُحْرمَ وصْلكمْ ودمْعيْ هامِ
وقد أوردنا بعضاً من نماذجه الأخرى في المشاركة السابقة.
*  *  *
أكتفي بذلك، وأرجو أن تكون لي عودة إلى مشاركة الأستاذ القيمة، شريطة أن لا نكون بذلك ندفع به غلى متاهة العروض كما ذكر.
 
*عمر خلوف
19 - أكتوبر - 2006
إنْ كنتُ أظنُّ أنّهُ منْ بَشَرٍ ** لا قدَّرَهُ اللهُ ولا يسّرَهُ    كن أول من يقيّم
 
عزيزى زهير
آسف على تأخر تعليقى بشأن  ( ابن إياس الحنفى ت 930) وذلك لتعزر قراءتى لتعليقك, لأنى عفوا  من أرباب "نظارات المعواة".
 ذكر صاحب " صلة ديوان الدوبيت" بملحقه بعض شعراء الدوبيت وكان منهم ابن إياس حيث يقول:
"هو محمد بن أحمد بن إياس، ولد في 6 ربيع الآخر سنة 852هـ (8 يونيو 1448م)، وينحدر من أصل مملوكي يرجع إلى النصف الأول من القرن الثامن الهجري. وجده إياس الفخري أحد مماليك السلطان الظاهر برقوق، وعين دواداراً ثانياً في دولة السلطان الناصر فرج بن برقــوق. وكان والده شهاب الدين أحمد مـن مشاهير أبناء الناس ومتصلاً بالأمراء وأرباب الدولة، وتوفي (والده) سنة 908هـ (1503م)، وعمره نحو أربع وثمانين سنـة، رزق فيهــا بخمسة وعشرين من الأبنـاء، عاش منهـم المؤلـف وأخـت له وأخوه الجمالي يوسف الزردكاش.............. "
وبعدما أفرط فى تقديمه للشاعر يذكر أهم مخطوطاته قائلا
"ألف ابن إياس مؤلفات عدة هي: "بدائع الزهور في وقائع الدهور"، "عقود الجمان في وقائع الأزمان"، "نزهة الأمم في العجائب والحكم"، "نشق الأزهار في عجائب الأقطار"، "الجواهر الفريدة والنوادر المفيدة"، "مرج الزهور"، "منتظم بدع الدنيا وتاريخ الأمم"، "عجائب السلوك" (وهو ملخص لبدائع الزهور)."
ثم ذكر له البيتين السا بقين فقط . وقد أعتمد فى بحثه هذا على كتاب " بداية المبتدأ ونهاية الخبر فيما ورد من شعر العرب" للدكتور المفكر العربى زكى مركشى.  على ما ذكر.
والواضح أمامنا أن كتاب الصلة يغلب عليه الطابع التاريخى أكثر من الطابع الادبى الامر الذى يصعب علينا تحديد إن كان لابن إياس ديوان كبير له صلة بفن الدوبيت.
أما بعد,
 فقد جاء تعليقى بعد تعليلك, ليعبق الإجابة بالدليل.
      فهل أجبت??
سلافة كارم
19 - أكتوبر - 2006
شكرا ولكن لم أفهم    كن أول من يقيّم
 
شكرا لك يا أستاذة سلافة، أتعبت نفسك أكثر مما توقعت، ولكن أنا لم أسألك عن ترجمة ابن إياس،  وكان سؤالي ينحصر عن (الدوبيت) فقط. وقفت طويلا أتأمل قولك (قد اعتمد فى بحثه هذا على كتاب " بداية المبتدأ ونهاية الخبر فيما ورد من شعر العرب" للدكتور المفكر العربى زكى مركشى) فمن هذا زكي مركشي، وما حقيقة كتاب (بداية المبتدأ) وهكذا يبدو أننا خرجنا من تحت الدلف إلى تحت المزراب. هل هذا عنوان صحيح:  بداية المبتدأ ونهاية الخبر فيما ورد من شعر العرب"
انظري لي رجاء في صفحة المراجع ما حقيقة هذا الكتاب،  وأرجو من الأستاذ عمر أن يتدخل أيضا في حل هذه المشكلة.
*زهير
19 - أكتوبر - 2006
نحن في واد، وسلافة في واد    كن أول من يقيّم
 
أستاذي الكبير ..
 
والله أنا مثلك في انتظار حل لهذه المشكلة ، بل المشاكل التي ألقتها علينا الأستاذة سلافة دون أن تسعفنا بحل لها، والواضح أن الحل بيدها، لأنها من يمتلك ذلك المرجع، وهي الوحيدة الآن القادرة على ذلك الحل، ولكنني بدأت أشعر أننا في واد وسلافة في واد آخر، فنحن لم نطلب منها المستحيل.
لقد طلب الأستاذ منك يا سلافة موافاته بالمرجع الذي أخذ عنه د.عهدي السيسي موشحة ابن إياس التالية:
أهوى قمراً في حسنه مذ بزغا ..
قد جار هواه فى فؤادي وطغا ..
إن حرّضه علي ّواشٍ وصغـا ..
يا ليت بلغت منه ما قد بلغـا ..

أم أنّ السيسي لم يوثّق نقولاته في حواشيه?!
 
وطلبتُ منكِ أمثلةً لما قام به من تقسيم إلى الرباعية المغناة، والرباعية الملقاة ..
فما شفيت لنا غليلا.
أستاذي زهير ..
في مستدرك هلال ناجي على ديوان الدوبيت ثلاث رباعيات لابن إياس، نقلها ناجي عن كتابه (الدر المكنون في السبع فنون) أضعها بين يديكم بأرقامها للفائدة:
-24-
قد قلتُ لمن رأيتُهُ: ذا وجْدي ** يزدادُ تولّعاً بحُبّ المُرْدِ
إنْ همْتَ بهمْ أرداكَ ما همتَ بهِ ** لا تَرْمِ حشاكَ يا فتى بالمُرْدي
-25-
مِنْ قبلِ هواكَ كانَ عندي جلَدُ
واليومَ إذا طلبْتُهُ لا أجِدُ
قد سافرَ صبري وأقامَ الكمَدُ
ما يمكنُ أنْ يُطيقَ هذا أحدُ
-26-
البدرُ إذا رآكَ يوماً سجَدا
يا منْ بلحاظهِ أذابَ الجسَدا
كمْ تقتُلُ باللحاظ ظلماً أبدا
ما تفعله اليومَ ستلقاهُ غدا
 
 
*عمر خلوف
19 - أكتوبر - 2006
توضيح وشكر ورجاء    كن أول من يقيّم
 
شكرا للأستاذ عمر على هذه المداخلة بكل ما فيها طرائف، ولكن عندي توضيح وهو أن الأستاذة سلافة سمت لنا اسم المرجع الذي نقل عنه السيسي دوبيت ابن إياس، ولكن المشكلة التي تولدت هي أنني أصبحت أتشوف لمعرفة كتاب (بداية المبتدأ ونهاية الخبر فيما ورد من شعر العرب) حسب نقل الأستاذة، فما هذا الكتاب ? وما كنهه ? ومن هو مؤلفه الذي نعتته سلافة بالمفكر العربي زكي مركشي. هذه هي المشكلة الجديدة. وأما رجائي من أستاذ عمر فهو أن تجدّ في البحث عن ديوان إبن إياس، لأن من كتب كل هذه الدوبيتات الرقيقة لابد أن يكون له شعر من الطبقة العالية، فأين ضاع ديوانه? وأنا بين يدي الآن الموسوعة الشعرية في إصدارها الذي لم يصدر بعد، وليس فيها ديوان لابن إياس، مع أنه صاحب (بدائع الزهور) ويعني ذلك لمن لا يعلم أنه (صاحب أهم كتاب ألف في تاريخ مصر في العصر العثماني) فأين ديوانه، وأين شعره، والشكر موصول للأستاذة سلافة أيضا، وأنفاسنا محبوسة بانتظار إجابتها ?
*زهير
20 - أكتوبر - 2006
الدوبيت رقميا    كن أول من يقيّم
 
لأخي وأستاذي عمر خلوف فضل علي في كثير مما أدركته من مضمون الرقمي وخاصة لكتابة (البحر الدبيتي )
 
فيما يلي تمثيل رقمي لوزن البحر الدبيتي يبين ( معظم إن لم يكن كل ) احتمالات الوزن المختلفة  ويبرز  إحدى مزايا الرقمي في التعبير عن الوزن دون التعرض لصيغة التفاعيل التي قد تتعدد فيها التعابير.
 
2 = سبب خببي قابل ليكون خفيفا أو ثقيلا  ( غير قابل للزحاف )
2= سبب  حفيف بحري ( قابل للزحاف )
3= وتد
2 = سبب خفيف ثابت غير قابل للزحاف
 
2 2 2 2 2 2 3 2 2 2
 
*خشان
26 - أكتوبر - 2006
تعقيب رقمي    كن أول من يقيّم
 
يقول الدكتور عمر خلوف في كتابه البحر الدبيتي عن وزنه (ص-19) :" ولأنه لا يشبه أنساق الأوزان العربية في طريقة تتابع مقاطعه، فقد حار العروضيون – عيبر الأزمانفي تفعيله، وفي أشكال زحافاته"، وخببيّته تتضح من قبول التكافؤ الخببي فيه. وهذا ما غطاه الدكتور خلوف تغطية وافيه في كتابه المذكور في الصفحات (49-56) حيث يقول عن 2 2 1 3  تحت عنوان وزن الدبيتي وزحافته تأصيل واقتراح موردا الشواهد على ذلك : " ففي بداية هذا الوزن كثيرا ما يرد أحد الأشكال الخمسة التالية:
1 - أربعة أسباب متتاليه (2222) وعليه: يا من أدعو فيستجيب الدعوى = (2 2 2 2 ) 3 3 2 2 2
2 -  سببان ففاصلة ( 3122 ) وعليه : يا محيِيَ مهجتي ويا متلفها = ( 2 2 1 3 ) 3 3 2 1 3
3 - فاصلة فسببان ( 2231 ) وعليه : عبقت بالطيب في الدجى نفحته = ( 1 3 2 2 ) 3 3 2 1 3
 
4 - فاصلتان متتاليتان ( 3131) وعليه : وحياتِك ما عشقت في الكون سواكْ = (
1 3 1 3 ) 3 3 2 1 3 ه
5- فاصلة بين سببين ( 2312) وعليه : أجمع شملا هواك من شتّته = ( 2 1 3 2 ) 3 3 2 1 3
ويقول في (ص- 55) ويتضح من ذلك أن التشكيل المستخدم هنا ليس إلا جزءا خببيا يساوي تفعيلة بحر الخبب مكررة ( فعْلن فعْلن ) وهي تفعيلة سببية لا وتدية . وإلى هذا النص بالذات إضافة إلى نهج الدكتور أحمد مستجيريرحمه الله – في كتابيه (في بحور الشعر - الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي) ، و(مدخل رياضي إلى عروض الشعر العربي) يرجع أكبر الفضل في إدراكي لشمولية مفهوم التخاب. وزاد من وعيي عليه كتاب الدكتور أحمد رجائي ( أوزان الألحان بلاغة العروض )
وانظر كيف يكون التعبير الرقمي عن وزن الدوبيت شاملا مختصرا حسب المقاطع وألوانها التي تقدم شرحها، وأعيد شرحها هنا
وفيما يلي الرمز الرقمي لوزن الدبيت، وتتضح منه إحدى خواص الرقمي في التعبير عن وزن الدبيت باختصار.
 
2= سبب خببي ( أي يكون خفيفا أو ثقيلا ولا زحاف فيه )
2 = سبب بحري أي ( خفيف قابل للزحاف أي حذف ساكنه )
2 = سبب خفيف ثابت لا يزاحف
3= وتد
 
2 2 2 2 2 2 3 2 2 2
 
أزعم أن هذه الصيغة تلخص الكثير بل الكثير جدا مما كتب عن الدوبيت.
*خشان
28 - أكتوبر - 2006
وزن الدوبيت لدى العروضيين    كن أول من يقيّم
 
وزن الدّوبيت
استقرّت كتب العروض الحديثة على تفعيل الدوبيت على:
فعْلن متَفاعلن فعولن فعِلن
والذي يبدو أنهم أخذوه عن الحاشية الكبرى للدمنهوري (بعد 1230هـ). مع أنه تفعيل ابن المرحّل المالقي السبتي (-699هـ)، الذي يقول: "وقد اخترعْتُ هذه الميزان وأحكمتُها، وهو اختراعٌ نبيلٌ لم نُسْبق إليه، وجريتُ فيه على طريقة العروضيين".
ويكمن الخلل هنا في تأبّي التفاعيل الخليلية على قبول زحافات هذا البحر الغريب عنها. فمتفاعلن؛ ربما صارت إلى (متفاعيلن أو متفاعيلُ) وربما صارت إلى (مفعولاتن أو مفعولاتُ). في حين لا تقبل (فعولن) الزحاف الخليلي (فعولُ) على الإطلاق.
وربما كان ابن الفرخان، وهو من علماء القرن السادس الهجري، من أوائل العروضيين المعروفين الذين حاولوا تفعيل الدوبيت، حيث جعله من (مكفوف الرجز):
مستفعِلُ مستفعِلُ مستفعِلُ مُسْ
مجيزاً أن تتحول (مستفعلُ الثانية فقط!) إلى (فاعلاتُ) زحافاً!!
وتعد المصنفات الفارسية الدوبيت ضرباً من الهزج العربي!! فتزنه على:
مفعولُ مفاعلن مفاعيلن فاعْ
مفعولُ مفاعيلُ مفاعيلن فاعْ
متعسفين له أسوأ العلل، لضبطه على هذه الأفاعيل.
ومثل ذلك قطّعه الزنجاني (- بعد660 هـ) كما يلي:
مفعولُ مفاعلن فعولن فعْلن
واقترب حازم القرطاجني (-684 هـ) من روح الدوبيت بتفعيله على جزء ثماني، أتبعوه بما يُناسبه من السباعيات، وجعلوا السباعيَّ التاليَ له ناقصاً عن سابقه:
مستفعِلَتُن مستفعلن مستعِلن
ليكونَ كل واحد من الأجزاء أخفّ مما قبله، وهو المستطابُ في الذوق، والأحسن في الوضع، مراعياً كما يقول طريقةَ الخليل في تفعيل البحور.
وكان ابن سعيد الأندلسي (-685 هـ) قد قال في الدبيتي: إنهم "استنبطوا وزنه من الرجز"، وأنّ "فيه متحركٌ وساكنٌ زائد على الرجز المُثلث المسمى بالمشطور".
واختار أبو إسحاق التلمساني (-699هـ)، وهو الأقرب إلى روح الدوبيت، التفعيل:
فعِلن فعِلن مستفعلن مستفعلن
مشيراً إلى أنه بحر مركّب من تفعيلتين، وشطره مثمّن، كالطويل والمديد والبسيط!! مدّعياً أن (فعِلن) الأولى لا ترد إلاّ مضمَرة (فعْلن)، وأن العروض (مستفعلن) لا ترد إلاّ مطوية (مستعلن)!! وهذا ما اختاره عبد الصاحب المختار من المحدَثين، دون إشارة إلى مصدره.
إلاّ أنّ من المُحْدثين مَنْ أتى بتفعيلٍ مختلفٍ تماماً للدّبيتي. فقد تخبّطَ د.كمال أبو ديب في تحليله لهذا الوزن تخبُّطاً شديداً، دون أن يخرج من ذلك بطائل. معتبراً وزنَ الدبيتي ليس إلاّ تحقيقاً فعلياً للإمكانية النظرية التالية:
فا فا فا علن  فا فا علن  فا فا علن !!
ونظراً إلى أنّ هذا الوزنَ يساوي: (تن مستفعلن  مستفعلن  مستفعلن) فهو على ذلك ليس إلا تطوّراً عن بحر الرجز كما يقول(!!).
          ومرةً أخرى، يجعلُه تطوراً عن بحر الخبب، حيث يحدث فيه تبادلٌ بين (فعِْلن وفعولُ وفاعلُ) كما يقول(!) مثل:
فعْلن فعِلن فعولُ فعْلن فعْلن
ولسنا بحاجة إلى القول؛ إن هذا ليس من الخبب في شيء.
           وفي محاولةٍ مُخْفِقَةٍ، تكلَّف الشيخ جلال الحنفي قَسْرَ هذا البحر ليضمَّه إلى بحر الرمل، فقال: "هذا نمطٌ من الرمل نشَأَ من جرّاء خَرْمٍ أُحدثَ في وزنه الأول (يقصد فاعِلاتن الأولى)فبقيَ من تفاعيله ما صار وزناً مُتميِّزاً عن نظائره سمَّيناه مُخلّعَ الرمل"(!!) "وإن أدّى التّخليع إلى اختلالِ التفعيلة الأولى في كلٍّ من صدرِهِ وعجُزِه"(!!). هكذا:
فعْلن فاعلاتن  *  فاعلاتن  فاعلن
          والحنفي بهذا؛ يُقطِّع -أوّلاً- أوصالَ الدبيتي، فيُمزِّقَه إلى شطرين غير متناسبين، ويجعلُ من (الخَرْم) -ثانياً- علّةً ملازمةً له بقيّة عمره.
          كما قَسَرَ  د.أحمد مستجير الدبيتي على الدخول في حظيرة البحر الطويل لديه، فاعتبر تفعيلاتِه الأصليّةَ مُركَّبةً من تفعيلات البحر المهمل:
مفعولاتُ مفعولاتُ مفعولاتُ
مساوياً بذلك أصلَ الدبيتي لدى أبي ديب والحنفي كما رأينا، ووفقاً لواقع الدبيتي؛ فإنه لا يرد بمثل هذه التفاعيل على الإطلاق، ولا بدَّ من مزاحفتها إلزامياً لكي يتطابق هذا الوزنُ مع الدبيتي.
          ومن أعجب ما رأيت؛ أن يستدلّ علي حميد خضير على أن "الدوبيت من الرجز"(!!) بإمكانية تقطيعه هكذا:
 مستفعلتن مفاعلن مستفْعلْ
معتبرًا (مستفعلتن) تفعيلةً رجزيةً(!!) منقولةً عن (مستفعلاتن)!! وواضح أن هذه التفعيلة هي من وَضْع القرطاجني كما مرّ، ولا علاقة لها بالرجز من قريب ولا بعيد.
          وقد عاد في مكان آخر فقال: "والدوبيت مأخوذٌ عن المتدارك"!! "بدليل أننا يمكن تقسيمه [كذا] على الشكل التالي:
فعْلن فعِلن فعولُ فعْلن فعِلن
          وعاد مرّة أخرى فعدّه من مخلّع البسيط(!!) بزيادة (فعِلن) إلى آخره هكذا:
 مستفعلُ(!) فاعلن فعولن (فعِلن)
          مخطئاً العروضيين جعْلَهم الدبيتي مجزوءاً، لأن مجزوءَه عنده هو (مخلعُ البسيط) عينَه(!!) هكذا:
 مستفعلُ(!) فاعلن فعولن!! ???
ويتضح من كيفية تفعيل هذا البحر، وأمثلَتِهم عليه، وتعليقاتِهم عليها بالصِّحَّة أو القَبول، وبالمطابقة أو المخالفة، أنهم يرونه وزناً جامداً وإيقاعاً رتيباً قلّما يصيبه الزحاف (أو التغيير) الذي يتيح للشاعر حريةً أكبرَ في النظم والحركة والاختيار.
     وواضح أيضاً مدى التخبُّطِ في إصرارهم على حصر هذا الوزن ضمن تفاعيل الخليل من جهة، ثم شموسه وتأبيه على قبول هذه التفاعيل وزحافاتها من جهة أخرى، ذلك أن أَيّاً من طرق التفعيل السابقة لا تفي بمتطلبات تلك التفاعيل من الزحاف على الإطلاق. ولا عجب؛ فالبحرُ دخيلٌ على الشعر العربي، ويحمل روحاً غريبةً عنه.
    ولذلك كان لابد في دراسته من اتّباع طريقةٍ مختلفةٍ عن دراسة بحور الشعر العربي الأخرى، وإنْ أدّى ذلك إلى مخالفته قواعدَ العروض العربي بعض الشيء. 
 


 
*عمر خلوف
4 - نوفمبر - 2006
وزن الدوبيت    كن أول من يقيّم
 
أخي العزيز الدكتور عمر
شكراً على هذا العرض القيم جداً.
 
بالنسبة لوزن الدوبيت فإنني أميل إلى هذا الوزن وهو من اقتراحي
فعلن فعلن مستفعلاتن فعلن
 
والسبب أن الخليل في منهجه حرص على تبسيط التفعيلات بحيث تكون متكررة وعددها في أدنى حد ليسهل حفظها واستساغة الموسيقى الداخلية فيها، فهي لا تحوي إلا تفعيلتين. أما
 
فعْلن متَفاعلن فعولن فعِلن
مثلاً فبها 3 تفعيلات مختلفة
 
كذلك
مفعولُ مفاعلن مفاعيلن فاعْ
4 تفعيلات مختلفة
 
مفعولُ مفاعيلُ مفاعيلن فاعْ
4 تفعيلات مختلفة
مفعولُ مفاعلن فعولن فعْلن
4 تفعيلات مختلفة
مستفعِلَتُن مستفعلن مستعِلن
3 تفعيلات
 
فعِلن فعِلن مستفعلن مستفعلن
تفعيلاتان لكن مستفعلن الأخيرة نادراً ما تكون كاملة
 
فعْلن فعِلن فعولُ فعْلن فعْلن
3 تفعيلات مختلفة
 
 
أما
مستفعِلُ مستفعِلُ مستفعِلُ مُسْ
بإجازة أن تتحول (مستفعلُ الثانية فقط!) إلى (فاعلاتُ) زحافاً!!
فهذا معقد يصعب حفظه وركونه في السماع، إذ كيف يستساغ أن تكون فاعلاتُ زحافاً لـ مستفعلُ ?
 
أما بالنسبة لـ
فعْلن فاعلاتن  *  فاعلاتن  فاعلن
فـ فاعلاتن الأولى ينبغي أن تكون فاعلاتُ
 
والسبب الآخر الذي يجعلني أفضل فعلن فعلن مستفعلاتن فعلن
 هو تسهيل الربط بين الدوبيت ومجزوء الدوبيت
حيث يكون مجزوء الدوبيت
فعلن فعلن مستفعلاتن
كما في قصيدة البهاء زهير
يا من لعبت به شمولُ ما ألطف هذه الشمايل
 
صحيح أن مستفعلاتن تفعيلة حديثة لكنها شاملة حيث يشتق منها مستعلاتن ومتفعلاتن بسهولة، وهي أقرب إلى النفس.
 
أخي الكريم الدكتور عمر
إليك بعض الأسئلة، الرجاء ضبط الأبيات التالية لأنها لا تبدو سليمة سماعياً ولا حين أحاول تقطيعها وردها إلى أي من تفعيلات الدوبيت: 
كَمْ ينشُرُني الهوى وكَمْ يطويني ** يا مالِكَ دُنْيايَ ومالِكَ([i][vi])دِينِي
 
ربما صح وزن العجز هكذا، كما ورد في ديوان الحلاج
كَم يَنشُرُني الهَوى وَكَم يَطويني       يا مالِكَ دُنيايَ وَمَولى ديني
 
كذلك في البيت التالي
يا ساقٍ]([ii][x]) خُصَّني بِما تَهْواهُ ** لا تمزِجْ أقداحي رعاكَ اللهُ
عجز البيت لا يبدو سليما
 
سؤال آخر، هل لجلال الدين الرومي شعر بالعربية أم إن هذه أبيات مترجمة له?
يا مَنْ هوَ سيّدي وأعلى وأجَلْ
يا مَنْ أَنَاْ عبْدُهُ وأدنى وأقَلْ
حاشاكَ تملّني ، وحاشاكَ تُمَلْ
إنْ لَمْ يكُنِ الوابِلُ بالوَصْلِ فطَلْ

مع الشكر الجزيل والتحية  
لينة ملكاوي
*لينة
22 - نوفمبر - 2006
 1  2  3