البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : يوميات دير العاقول    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 معتصم 
20 - مايو - 2007
يوميات دير العاقول هو عنوان لكتاب جديد يعيد الشاعر محمد السويدي عبره تركيب عصر الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي, من خلال نص خاص يستند في مرجعيته إلى كل ما توافرت عليه المكتبة العربية , و جهود بحثية للمؤلف على مدى العشرين عاماً الماضية , و سيكون العمل موسوعة كاملة عن القرن الرابع للهجرة , معتمدةً على سيرة المتنبي كإنسان أكثر من كونه شاعراً , و سيكون الراوي لأحداث زمانه .
و المؤلف يضع هذا العمل في أيدي رواد مجالس الوراق مؤكداً على أهمية آرائهم في إغناء هذا العمل و تطويره .
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
من أيام السويدى المجبولة بعبير المتنبى (6)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
مقدمة لابدمنها
 
كنت أطالع المواقع وعثرت على موقع مجلة أنانا،وشدنى مقال الأستاذة نضال نجار ،فرددت عليه بسطور قليلة أودعتها تعريفى المتواضع عن من هو الشاعر??
ربما فى سياق الحديث عن الشاعر المتنبى وماله وماعليه ،أقدم هذه السطور،مستكملا بمشيئة الله ،ما بدأته (من أيام السويدى 000)
****************
                    شعرية الديني / دينية الشعري
          أو ثنائية الاغتراب الانساني في صحراء الذات..
                                                    نضال نجار
وهل من مأساةٍ أكبر من ذلك???
هل من وسيلة غير الديني والشعري لاختراق الذات???
الانسان ومنذ بداياته، مسكونٌ بالسؤال، بالحيرة، بالقلق..مسكونٌ بالبحث عن حقيقته في وجود يراه عدمي أو عبثي..
فإما يهرب من الواقع ، مفضِّلاً عزلته على حريةٍ غامضة ، مجهولة لايعرف أين تفضي به .. عزلة يمارس فيها يقينياته الممنوعة من الصرف في كل عصرٍ وظرف.. ولعل أبرز مايعبر عن هذه الاشكالية _هويتنا الشعرية والدينية_ تلك الهوية التي تشير وتعبر عن قلقنا المعرفي اتجاه الذات، الدين، الوجود، الله والمصير.. الخ. وإما ، يخترق هذا الواقع مفضلاً المغامرة والمجازفة على التصدع والموت في شرنقة العزلة.. تلك التي يشعر بأنها تقيده إلى فراغٍ ابتكرته الآلهة وأربابها .. فيلغي المسافة بينه وبين المقدس مقدساً حريته، ابداعه ، ذاته، حرائقه المشتعلة في المساحات اللامنتهية ليؤسس دلالة ومدلولية الخلق والابداع في مواقفه وأعماله فكراً وقولاً وعملاً.. لعلَّ الحفريات في مجتمعاتنا العربية، ستكشف ذات يومعن تلك النوعية النادرة ( أي الثانية ( والمسافرة عكس الزمن.. عكس الذاكرة.. الهوية.. الايقاع والواقع.. وعكس الانتماء الى المستنقع الكارثي.. وحتى ذلك الحين.. ربما يحدث قفزات ونقلات نوعية مفاجئة يقوم بها من لديه المقدرة على التمدد نحو الماضي والمستقبل للكشف عن الوقائع بينهما معتمداً في ذلك على ذهنية منفتحة مرنة  أي كونية ) تعيد بناء و / أو توجيه كينونته ووجوده الانساني طاهراً متطهراً من الانتماءات الاصولية والهويات الأخرى القاتلة
 ********************************
تساؤل مخيف وخارج عن أطر التعتيم المبالغ فيها من سدنة الدينى وكهانه المتحجرين،فالشعر _من وجهة نظرى_خارج الأطر المرسومة وبدقة لمستويات التعامل الإنسانى والبشرى والأستاذة /نضال نجار، لى سابق معرفة بها فقد أعجبتنى إحدى ترجماتها الشعرية الرائعة وحرصت على نشرها فى ملفى(من روائع الشعر العالمى ) موقع الوراق،ونلت منها كلمة تقدير أحتفظ بها 0شعرية الدينى ودينية الشعر0000كما قلت تساؤل مخيف يتصدى له وبشراسة كهان التراث الرجعى الذى يتحامق ويرفع سيوف القهر دون تعامق وسبر أغوار منظومة الشعرية عبر عصورها التاريخية ولنا فى الكثير من شعرائنا الأماجد المتمردين على هذا التساؤل المخيف ،محاولات متعددة صمدت بعض الوقت وباءت بالفشل فى آخر المطاف ،الحسن بن هانىء)أبو نواس) هذا الشاعر العملاق الذى تحدى السائد والمألوف والوعظ والإرشاد وغاص فى مسارب النفس البشرية إلى أقصى مدى ممكن 0أزعم أن الشاعر هو الصارخ فى البرية والخارج على مظومة التعامل اليومى والمتمرد على سياج المألوف والمتداول 0الشاعر 0الشاعر الفذ الذى يسبح فى بحار الروح ويمسك بتلابيب النفس ويهيم فى أفلاكها ،عاشقاً وناقداً ومحطماً أغلال سنوات القهر وأسوار السجون الشائكة0                                    عبدالرؤوف النويهى
 
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
12 - سبتمبر - 2007
يا داود إنا    كن أول من يقيّم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
كل عام وأنتم بخير ,مع إطلالة هذا الشهر الكريم 
 
الأستاذ الكريم داود محق بشأن ماذهب إليه بشأن ما ادعاه بانعدام الثقة عن طه حسين حينما يكتب عن التراث العربي الإسلامي ,وهذا دعوى يؤيدها البرهان ,لا الإيمان ,ويثبتها العقل والبحث العلمي ,وليست العاطفة ,أو من يزعم أنه يعقل ,وكون  الأخ الكريم داود لم يقرأ كتاب المتنبي لمحمود شاكر رحمه الله ,فهو لم يعرف المتنبي حقا ,وهو من أمتع البحوث التاريخية الأدبية وأصدقها وأوثقها ,وبالنسبة لكتاب طه حسين فقد رد عليه محمود شاكر ,وفند حجته بنسبته إلى القرامطة ,وسأوردها هنا إن أرادها الأخ داود .
 
يقول طه حسين في مقدمة كتابه وعن أسباب كتابته عن المتنبي (قل ماتشاء في هذا الكلام الذي تقرأه .قل إنه كلام يمليه رجل يفكر فيما يقول ,وقل إنه كلام يهذي به صاحبه هذيانا ,قل إنه كلام يصدر عن رأي وأناة ,وقل إنه كلام يصدر شذوذ وجموح ,فأنت محق في هذا كله ,...فلنتمرد بالجماعة ولنثر بالقراء ,ولننبذ الاحتياط ,إلا هذا الذي يثير الشر ,ويؤذي الأخلاق ).
 
ثم يعقب عليه أبو فهر (زهو بغيض وخيلاء نابية وعجب لايرحم بائسا رماه حب القراءة في تنور وقوده من زمهرير ثرثرة قاسية ).
 
ولقد قال محمود فصدق ,وقال طه عن نفسه فصدق ,والصدق حبيب الله ,فقذف المتنبي بإنه لقيط لا أب له ,إنما هو ثرثرة وتخريف ,وهذيان وتخليط ,وقول بلا برهان ,وهي شبهة لاترقى بأن تكون دعوى ,وهو مثير للشر ,منقصة للأخلاق ,مجلبة للخطايا والسيئات ,وسنة سيئة في تاريخ البحث ,وتأويل فاسد لأدب المتنبي وكفى بهذا ضلالا .
 
 
كل عام وأنت بخير يا أستاذ عبدالرؤوف ,وأعظم  شكر لما قدمه الأخ داود من طرح راق,وتحياتي لأهل الوراق أجمعين .
خالد العطاف
13 - سبتمبر - 2007
المتنبى 000ملأ الدنيا وشغل الناس0    كن أول من يقيّم
 
 
 
 
                    المتنبى بين طه حسين ومحمود شاكر
 
 
شكرأ للأستاذ الكريم /خالد العطاف ،على كلمته الرقيقة العذبة وكل عام وجميعنا بخير
 
لكن المتنبى بين طه حسين ومحمود شاكر ،كان صراعاً متأججاً لم يهدأ أواره حتى اللحظة0ورغم حدة التناول وقسوة النقد من محمود شاكر للدكتور طه حسين ،فقد كانت الثمار لهذه المعركة على أرقى مستوى ،هذه الدراسة الفذة عن المتنبى ،وقامت دار الهلال المصرية فى سنوات سابقة بنشر مقدمته تحت عنوان الطريق إلى ثقافتنا،فى سلسلة كتاب الهلال الشهرى، إن لم تخنى الذاكرة الخؤون   0
 
ما المانع _أستاذنا العطاف_ من تقديم أجزاء من هذا الكتاب العمدة على صفحات جامعةالوراق??
 
بل أسوق رجاءاً حاراً أن تضمه جامعة  الوراق إلى مراجعها القيمة والنادرة0
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
14 - سبتمبر - 2007
المتنبي وعصره بين البحث والرواية    كن أول من يقيّم
 
 
 
تفضل بعض الأصدقاء مشكورين بلفت انتباهي إلى تشابه حادث في الفكرة التي اختارها الروائي الأستاذ محمد جبريل مدخلاً لروايته المعنونة (من أوراق أبي الطيب المتنبي)، والمنشورة عام 1984، وبين قصة عثور أحدهم على مخطوطة اتضح أنها للشاعر العربي الكبير أبي الطيب المتنبي، والتي اخترتها مدخلاً لعملي المعنون "يوميات دير العاقول" وهو المكان الذي لقي فيه الشاعر مصرعه.
وحقيقة الأمر أنني لم أحظ بفرصة الإطلاع على رواية الأستاذ جبريل سوى منذ أيام قلائل حيث حالفني التوفيق في الحصول على نسخة منها.
ولست هنا بصدد الدفاع أو تقديم المبررات، وإنما دافعي للكتابة هو أولاً تقديري لهؤلاء الأصدقاء الذين تكرموا بلفت انتباهي إلى الأمر، ثم حرصي على التواصل مع النخبة من القراء من أصحاب الوعي والثقافة ممن كانوا أكثر حظاً مني في الإطلاع على رواية الأستاذ جبريل في أوقات مبكرة، والذين ربما لم تتح لهم الفرصة كاملة للإطلاع على عملي (يوميات دير العاقول) لأنه-من جهة- ما زال قيد الكتابة والتطور، كما أنه من جهة أخرى لم يصدر في نسخته الورقية بعد، وإنما تم تدشين نسخته التفاعلية على موقع الوراق، ونشرت الصحافة العربية مختارات ومقتطفات منه لا أظنها بأي حال قادرة على إيضاح الصورة الكلية للعمل؛ حيث يختفي في هذه المختارات الترابط العضوي بين اليوميات بينما أراه الرهان الحقيقي في هذا العمل الطويل.
ولا أظن أنني في حاجة إلى القول بأن اهتمامي بالمتنبي شاعراً وإنساناً لم يبدأ مع تاريخ إعلاني عن "يوميات دير العاقول"، وأن علاقتي البحثية بهذا الشاعر وبعصره قد بدأت قبل ذلك بزمان فلقد أنجزت موقعا على الشبكة لديوانه كاملا مضمنا عشرات من الشروح وكذلك التسجيل الصوتي للقصائد http://www.almotanabbi.com ، وكان شغلي الشاغل منذ خطفتني ربّة الشعر قراءة منجزه الشعري بعين الباحث قبل عين الأديب، كما كان همي الوقوف على جُلّ – إن لم يكن كل - ما حوته كتب التراث والتاريخ عن حياته وعن تفاصيل العصر الذي عاش وأبدع فيه، القرن الرابع الهجري، ذلك العصر الذي رسخ في أذهاننا باعتباره العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.
لقد شغلني المتنبي وعصره فكنت أحرص على التقاط كل واردة وشاردة تخص هذا العصر، وقد دفعني الهاجس والرغبة إلى تحرّي صورة عصر المتنبي خلال يوميّات أسميتها (يوميات دير العاقول) التي أسرتني فكرتُها ، وتحت وطأة هذا الشعور بدأت في التدوين، وما زلت في منتصف الطريق، إذ دونت ما يربو عن 160 يومية، أتوقع أن تصل إلى أكثر من ثلاثمائة يومية وفقاً للتسلسل الذي رسمته للأحداث.
 
لست في حاجة إلى أن يبدو كلامي السابق وكأنه دفاع أو تبرير لما حدث من تشابه بين مدخلي العملين، لأنه "ثيمة" إقامة عمل ما على فكرة العثور على مخطوطة ثم الانطلاق منها هي بالأساس فكرة ليست بمبتكرة، ولا يمكن أن ننسبها إلى شخص بعينه، وإنما هي طريقة درامية – إذا صح التعبير- تكرر استغلالها وسوف يتكرر في العديد من أنواع الإبداع الفني.
وإذا كان الداعي الأساسي لتوهم وجود تشابه بين العملين هو ارتباط الأمر بالشخصية نفسها،  أي الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي،  ففي رأيي-  لا يجوز لمثقف مهتم أن يكتفي بهذا التصور المبدئي للحكم على عملين يختلفان كل الاختلاف من حيث النوع الفني ومن حيث منهج التناول.
فبينما ينسج الأستاذ محمد جبريل في  عمله روايةً يطلق فيها العنان لمخيلته المبدعة ويختار من التاريخ ما يمكنه أن يتحول إلى إسقاطات فنية على واقع يريد أن ينتقده، فإن الفكرة الرئيسة في (يوميات دير العاقول) إنما هي تفكيك الزمان وإعادة تركيبه في محاولة لتحقيق رغبة تنتابني تجاه تاريخنا بشكل عام، حيث أرغب في إعادة النظر في هذا الكم من المسلمات والأفكار الثابتة التي تثقلنا وتحول دون امتلاكنا نظرة موضوعية إلى ذواتنا وتاريخنا.
على هذا الأساس فإن منهجي في كتابة اليوميات اقتضي مني البحث في تفاصيل صورة العصر كما عاشه المتنبي في محاولة لإعادة قراءته، معتمداً آليات موضوعية للربط بين الروايات وتتبعها، مع محاولة تفهم دوافع الاختلافات الكبيرة بين الرواة والمؤرخين الذين كان بعضهم  محكوماً بانتماءاته أو بخوفه أو بطمعه أحياناً.
وإذا كان متنبي الأستاذ جبريل هو بطل متخيل في عمل روائي لا يُقاس على مسطرة التاريخ، (دون أن يتضمن ذلك حكم قيمة على العمل)، فإن المتنبي في (يوميات دير العاقول) هو نفسه المتنبي، الشاعر الذي عاش في الفترة بين (303 هجرية) إلى(354 هجرية) من القرن الرابع ، لأن اختياره نابع من كونه رجل غير اعتيادي عاش في هذا العصر الذي أردت تقديم قراءة أخرى له، ولأنه يمتلك كل المواصفات التي تؤهله لأن يكون (حاملاً) قوياً للرسالة التي أردت إيصالها من خلال إعادة تشكيل فسيفساء أحداث وتنظيم نبض الحياة في ذاك العصر. ومن هذه الزاوية فإن أبا العلاء المعري يصلح عندي أيضاً لأن يكون (حاملاً) جيداً أعيد من خلاله إعادة قراءة القرن التالي، وفي ظني ما كان هذا اللبس ليقع لو كان اختياري قد توجه إلى أبي العلاء.
من ناحية أخرى فإن المتنبي في (يوميات دير العاقول) ليس راويةً بالمعنى التقليدي للكلمة، فقد وضعت على لسانه كل هذه الحكايات التي حرصت على تتبعها في مصادرها وتحري الدقة إلى أقصى قدر ممكن، فالأساس في هذا العمل هو (التشكيل)، لأنني أهدف إلى إعادة فك وتركيب ذاك العصر ليصل إلى القارئ في مشهديّة تضجّ بالصخب والحياة والناس والأحلام وغير ذلك، واختيار مدخل العثور على مخطوطة واعتماد نسق اليوميات ما هو إلا (لباس فني) حاولت من خلاله كسر ما عرفته عملية كتابة التاريخ من نمطية.
إنني أعمل على اليوميات كما يعمل موسيقي على مقطوعته، ربما أعيد رواية القصة أكثر من مرة في أكثر من موضع بأكثر من شكل، كلحن يتردد في العمل الموسيقي بين آونة وأخرى، إلا أن كل هذه المقطوعات أصلية يمكن تتبعها في أصولها ومصادرها.
حتى تلك اليوميات التي قمت بنحتها بشكل خاص، فإنما هي نتيجة لاجتهادات بحثية توصلت خلالها إلى نتائج قمت بصياغتها في يوميات تكتسي الطابع الأدبي، مثل يومية العرَّافة التي بشرت بميلاد الشاعر، متنبئة بتفاصيل حياته، مشيرة إلى أنه سوف "ينتهي به المطاف وحيداً، محطّما كموجة على الصخور"، هذه اليومية لم تكن وليدة الخيال المحض، إنما هي نتيجة لاجتهاد دقيق لمعرفة إلى أي برج ينتمي المتنبي، وذلك من خلال ما ورد في الكتب عن مواصفاته الشخصية وكذلك من خلال أشعاره. وأنا أميل إلى كونه من أبناء الجوزاء لانطباق مواصفاته على مواليدها الذكور وأعترف بأن هذا ترجيح أملاه عليّ إهتمامي بلأبراج ومحاولة فكّها رياضيا وهذا موضوع يطول بحثه. ويتكرر الأمر في يوميات أخرى منها يومية (الخروج من مصر) مثلاً، والتي تضمنت خلاصة جهد بحثي توصلت من خلاله بالأدلة الموثقة إلى أن المتنبي لم يخرج من مصر مهزوماً وإن احتال للخروج، بل قامة شعريّة يعتد بها في زمانه إذ استقبلته قبائل العرب استقبال الأمراء، كما أنه لم يتخل بخروجه من مصر عن حلمه بالإمارة الذي ظل شاغله الأول خلال الجزء الأخير من حياته، بل توصلتُ إلى أن سعيه وراء هذا الحلم كان السبب المباشر والرئيس في خروجه من مصر وكذلك في مصرعه، وهو ما لم يأت على ذكره باحث من قبل (في ما طالعت من كتب وقعت عليها ولا أعلم فربّما هناك من سبقني إلى ذلك).
وخلاصة اجتهادي في هذه النقطة، كما صغتها في اليومية، تقول إن المتنبي بعد أن خرج من حلب مخلفاً سيف الدولة، متوجهاً إلى مصر -حيث لم ينل مراده من المكوث لدى كافور- قصد الكوفة فبغداد محاولاً الوصول إلى معز الدولة عبر وزيره المهلبي الذي خذله وألّب شعراء (سفهاء كما أسماهم المتنبي في يوميّاته)، فتوجه إلى عضد الدولة، بينما هو على علم بما بينه وبين ابن عمه معز الدولة وولده بختيار (صاحب فاتك وقاتل المتنبي) من عداوة، إلا أن نفس المتنبي الطامحة إلى الحكم أمرته بخوض اللعبة إلى آخرها وإن كان فيها مصرعه، وهو ما كان.
لا شك عندي في أن الحديث عن العمل ليس كقراءته، وأنه لا يمكن لمقالة مهما بلغ حجم جهدي في صياغتها أن يُلخّص ما أريد قوله في (يوميات دير العاقول) خاصة وأن النص مفتوح، ما زال، على احتمالات كثيرة بقدر ما يطرأ على معرفتي من تغيرات خلال البحث والقراءة، وهو أمر يتطلب من المهتمين التواصل مع العمل في موقعه التفاعلي : (www.alwaraq.com)، والتواصل معي بشأن ما يرونه من ملاحظات قد تفيد في تطوير العمل أو حتى تغيير مساره إذا استدعى الأمر ذلك، لأن إعادة قراءة التاريخ وفق هذه الطريقة التي أحاول التأسيس لها، إنما هو مشروع حياة بالنسبة لي/ لنا، بدأته وأتمنى أن أنجح في استكماله، ولا أخفي أنني بصدد الإعلان عن مشروع مواز لإعادة تقديم حقب تاريخة هامة من خلال إعادة ترتيب فسيفساء التاريخ المنثورة بين الكتب وتخليصها من شوائبها الكثيرة.
ما أردت قوله من خلال هذا البحث المرتدي لباس اليوميات هو خلوصي أن القوانين التي حكمت عصر المتنبي ما زالت تحكم عصرنا، رغم كل ما ندعيه من تطور وحضارة، لقد كانت الفتنة الطائفية والمذهبيّة في ذلك الزمان فتنة وقودها الناس، ولا زالت في عالمنا العربي تتغذى على الناس كل يوم، لم يجدّ جديد سوى أن وسائل التدمير أصبحت أشرس، وكأن القرن الحادي والعشرين مرآة للقرن العاشر إلا أنها مرآة مكبرة تعكس كل السلبيات، ما زال الخطاب الديني المتطرف يحكم مصير شعوب بأسرها، ولا زالت القيادات التي حكمت القرن العاشر فقمعت وقهرت وقتلت وعذبت وابتذلت موجودة في غير مكان من أرض العرب في القرنين العشرين والحادي والعشرين،  وكأن أحداً لم يسمع عن مفاهيم الديمقراطية منذ الإغريق وصولاً إلى عصر فولتير، وجان جاك روسو، وغيرهما من مفكري عصر التنوير.
لا زالت مجتمعاتنا  تعيش حالة المذهبيّة والطائفية والتفرق، وتخضع لأوهام السحر والشعوذة، والتشبث بماض وهميّ لم يكن له وجود لم يقرأ ويمّحص بعد وتشهد على ذلك فضائياتنا المكرسة لذلك والتي تزداد عدداً ويزداد مشاهدوها كل يوم، وهو أمر يؤسف له.
ما زال المبدع العربي إما موظفاً لدى السلطة، أو لدى المؤسسة الخاصة وهو امتداد للاستجداء الذي وصموا به الشاعر والأديب في زمان المتنبي ( وأنا لا أغفل عن الحاجة التى تدفعنا/تدفعهم لذلك، أو مصابيحا لا تمدّ بالزيت على حدّ قول الفيلسوف الأغريقي، ألم يكن الأمر كذلك في ذلك العصر?.
في النهاية، أشكر كل من اهتم بالأمر، وأشكر من لفت انتباهي إلى رواية (من أوراق أبي الطيب المتنبي) التي رأيت أنها بالفعل جديرة بالقراءة والتقدير.
 
*محمد
18 - سبتمبر - 2007
من أوراق أبى الطيب المتنبى 00للروائى محمد جبريل (1)    كن أول من يقيّم
 
عندما كتبتُ عن( يوميات دير العاقول) للأستاذ /محمد السويدى وقلت أنها (من أوراق السويدى أو يوميات السويدى) ،كانت أمامى آنذاك رواية الأستاذ/محمد جبريل الروائى المصرى (من أوراق أبى الطيب المتنبى ) هذه الرواية الفارقة التى اتكأ فيها محمد جبريل على حياة المتنبى ورحلته إلى مصر ،فهى رواية عن( المتنبى فى مصر)  و شتان بين العملين الذين تم الربط بينهما دون توضيح ماهية كل عمل على حدة والأسس الإبداعية التى إتكأ كل منهما على فنيات عمله 0
 
 
رواية محمد جبريل ،تنهج منهجا سردياً فهى الرواية الثالثة له،بعد رواية الأسوار ،ورواية إمام آخر الزمان 0
كتبت هذه الرواية كما أورى مؤلفها سنة 1986 ونُشرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ،فى سلسلة الرواية العربية سنة 1988م،بلغ عدد صفحاتها 154صفحة ،وتبدأ وقائع الرواية من صفحة 11وتبدأ كالآتى :
 
الأوراق من 6إلى 8:    (1)
 
مصر 00
 
وصلت إليها فى مطلع الصباح 0الشوارع تتثاءب،وغلالة  رمادية تلف الناس واشياء ،والمشربيات لا تبين عما وراءها0
 
قطعت- واتباعى –الطريق دفعة واحدة ،من الرملة إلى بلبيس (2)فالفسطاط(3)0دخلت من باب هائل الارتفاع (علمت فيما بعد أن اسمه باب الصفا ،منه تخرج العساكر ،وتعبر الجنود)0
--------------------
(1)لاحظنا أن المتنبى لم يشر إلى تاريخ كل حادثة بتوقيتها ،ربما لأن كتابة المذكرات والسير الذاتية –بصورتها الحالية –لم تكن معروفةآنذاك،وقد فصلنا – بديلا لذلك- أن نشير إلى الوراق بارقامها المسلسلة 0
 وبداية الأوراق من الصفحة السادسة ،بما يعنى أن المتنبى كتب تمهيداً ، أو مقدمة،استغنى عنها فيما بعد ،أو أنهافقدت مع أوراق أخرى ،سيأتى ذكرها فى حينه0 
 
(2) بلبيس:هى مدينة بلبيس الحالية ،كان بينها وبين فسطاط مصر    عشرة فراسخ0وقد ذكرها المتنبى ،فقال :
 


جزى عربا أمست ببلبيس ربها بـمـسعاتها  تقر بذاك iiعيونها
كراكر  من قيس عيلان iiساهرا جـنون  ظباها للعلى iiوجنونها
 
(3)الفسطاط :هى أول مدينة بناها العرب فى مصر ،وقد بناها
             عمرو بن العاص(21هجرية) وكان موقعها بين القاهرة
            ومصر العتيقة0
*عبدالرؤوف النويهى
19 - سبتمبر - 2007
من أوراق أبى الطيب المتنبى 00للروائى محمد جبريل (2)    كن أول من يقيّم
 
حاول محمد جبريل أن يوهم القارىء بما سيقدمه من أوراق المتنبى ،فأخذ يتحدث عن حكاية هذه الأوراق0000
فالحكاية كلها من أولها لأخرها  عن وجود أبى الطيب المتنبى فى مصر ، بل أزعم أن الأوراق تحكى عن واقع مصر خلال السنوات التى سبقت كتابة هذه الرواية ،فما من عمل إبداعى إلا وله خلفية سياسية تحيط بالوطن وظروف مجتمعه وما تموج فيه من صراعات0
ومن ثم فإن هذه المقدمة التى أطلق عليها محمد جبريل (حكاية هذه الأوراق) أعرضها على القارىء الكريم ،توطئة لعرض بعض صفحات من الرواية  معلقا عليها بما تيسر لى من سطور0
 
 
حكاية هذه الأوراق
 
تباينت الروايات؛فى أى الأماكن ترك أبو الطيب المتنبى (1)هذه الأوراق،ومن الذى عثر عليها للمرة الأولى 0قال البعض أن الأوراق عثر عليها ضمن متعلقات أبى الطيب ،فى الموضع نفسه الذى شهد معركته الأخيرة ،ومصرعه0ورواية ثانية ،أنها كانت ضمن ما حمله أحد اللصوص من متاع المتنبى ،أودعها بيته القريب من بغداد ولحقته الوفاة دون أن يدرك قيمتها 0ففطن الأحفاد لخطورة ما تحويه ،فاذاعوه0 ورواية ثالثة ،أن أحد المارة وجد حقيبة صغيرة فى الموضع نفسه الذى صرع فيه المتنبى ،فحملها إلى بغداد ،وفحصتها الأعين الخبيرة فأعطت المقابل الذى به استحوذت عليها ،وظلت فى موضعها من مكتبة خاصة ،حتى قيض الله لها كاتب هذه السطور ،فأخرجها إلى النور0
 
أما السؤال الذى طرح نفسه، قبل أن أعد هذه الأوراق للنشر ،وبعد إعدادها كذلك،فهو :هل كتب أبو الطيب ما كتب فى صورة مؤلف ،يروى أحداث رحلته فى مصر ،أم أن أوراقه مجرد ملاحظات أقرب إلى المذكرات اليومية التى يكتبها بعض المشتغلين بالحياة السياسية والفكرية فى حياتنا المعاصرة0
أيا كان الجواب ،فإن هذه الأوراق  التى كتبها أبو الطيب المتنبى إبان إقامته فى مصر ، وبعدها ، إلى مصرعه، كان ينبغى أن تحقق ، وتنشر ، بحيث يتاح للأجيال الحالية أن تتعرف إلى جوانب لم يسبق كشفها فى حياة المتنبى 0
وقد حرصت فى تحقيق الأوراق –وأعتذر لضياع بعضها ، وطمس كلمات، أو حروف ، بعضها الآخر – أن أسود ماكتبه بو الطيب فى زمانه ،لا أغير كلمة ولاحرفا ،ولا أحذف أو أضيف إنما أشرح ما يطلب الشرح ،وأسلط الضوء على الأعلام والأماكن والأحداث بما يعين على فهم الأوراق ،واكتناه بواعثها ودلالتها 0
وأملى أن هذه الأوراق اهتماما ،يساوى قيمتها التاريخية والأدبية ،وما بذل فيها من جهد كى ترى النور 0
والله ولى التوفيق،،
        محمد جبريل  - مصر الجديدة1986م
_____
(1)هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفى 0ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة هجرية0نشأ بالشام ،وأقام بالبادية ،وفيها تعلم اللغة والشعر 0وقد تفهم-فى نشأته-تعاليم اقرامطة ،ومارس طقوس الشيعة 0تؤكد غالبية الروايات أن المتبىعربى الأبوين ،وأن أباه كان سقاء فى الكوفة ،وإن ذهبت اجتهادات إلى أن غموض طفولة المتبى ،دفع الحتقدين عليه للإدعاء بأن أباه كان سقاء ، وأنه انتقل به من الكوفة إلى الشام 0ولما سئل المتنبى عن نسبه،لماذا يكتمه?أجاب:إنى أنزل دائما على قبائل العرب ،وأحب ألا يعرفونى ،خيفة أن يكون لهم فى قومى ثرة (ثأر) 0
 
 
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
19 - سبتمبر - 2007
من أوراق أبى الطيب المتنبى 00للروائى محمد جبريل (3)    كن أول من يقيّم
 
لم يكن أحد في استقبالي، وإن كنت أعرف مقصدي. سألت عن قصر الأستاذ أبي المسك كافور(4)، فأبدى الناس عجبهم، وإن أشاروا بعبور شوارع وأخطاط (5)وأبواب كي أصل إلى القصر المنشود.

حرصت على ركوب الحصان. حرصت على الأمر نفسه لأتباعي : ولدي محسد، وتابعي مسعود، وقلة من الخدم والعبيد، حتى لا نبدو في الأعين كالآلاف من السابلة العامة ذوي المهن الحقيرة.

أمرت، فأحسن الخدم اختيار جوادي وطهمته وكسوته، فبدا مليحا يسر الناظرين. مشاعر الاعتزاز تمور في داخلي للنظرات المتطلعة المشوبة بالإعجاب. تتقلص يداي على المقود، وأطمئن إلى الأتباع والأمتعة في جياد أخرى خلفي. لا يعرفون أبا الطيب وإن حسدوا عظمة هذا الوافد، تبين نظراته المتطلعة عن غربته.
                                *****

كأنما العرب خلقوا للأحقاد: سيف الدولة(6) يهبني لكافور بسوء تدبيره وقلة تمييزه.(7) خلفت في الشام أبا فراس(8) وأبا الحسين الناشئ(9) وأبا القاسم الزاهي (10)وأبا العباس النامي (11)وغيرهم عشرات ،بذلوا المداهنة والملق، والقصائد التي تخفض ولا ترفع. أحكموا المكائد والمؤامرات، فبات سيف الدولة غضبا خالصا. قررت أن أترك لهم الجمل بما حمل، فأهجر الشام إلى بلاد أخرى غيرها من بلاد العرب.

ناقشت أصحابي : أي بلاد نتجه إليها ? اختاروا العراق0 واخترت مصر 0لم يكن اختيارى وليد اللحظة  ولامصادفة 0أسرفت –فى قصائدى – فى النيل من معز الدولة ،والنيل من الخليفة نفسه0أهملت الحيطة والحذر ،فرميت ناس العراق بالجبن والخوف وغلبة الشهوات0باتت الطريق إلى بغداد- من يومها- غير ممهدة امأمونة 0زاد رسل الفسطاط0تعددت زياراتهم إلى حلب ضمنوا حماية الإخشيدى ،ولوحوا بالأمل الذى كنت أتوق00000(12)
 
 
____
 
(4) يقول صاحب الصبح المنبى عن حيثية المتنبى  ص110-111 (وكافور هذا عبد أسود خصي مثقوب الشفة السفلى بطين قبيح القدمين ثقيل البدن لا فرق بينه وبين الأمة، وقد سئل عنه بعض بني هلال فقال رأيت أمة سوداء تأمر وتنهي، وكان هذا الأسود لقوم من أهل مصر يعرفون ببني عياش يستخدمونه في مصالح السوق، وكان ابن عياش يربط في رأسه حبلا إذا أراد النوم فإذا أراد منه حاجة جذبه بالحبل لأنه لم يكن ينتبه بالصياح، وكان غلمان ابن طغج يصفعونه في الأسواق كلما رأوه فيضحك فقالوا هذا الأسود خفيف الروح، وكلموا صاحبه في بيعه فوهبه لهم، فأقاموه على وظيفة الخدمة، ومات سيده أبو بكر بن طغج وولده صغير، وتقيد الأسود بخدمته وأخذته البيعة لولد سيده، وتفرد الأسود بخدمته وخدمة والدته، فقرب من شاء وبعد من شاء فنظر الناس إليه من صغر هممهم، وخسة أنفسهم، فسابقوا إلى التقرب إليه، وسعى بعضهم ببعض حتى صار الرجل لا يأمن أهل داره على أسراره، وصار كل عبد بمصر يرى أنه خير من سيده، ثم ملك الأمر على ابن سيده وأمر ألا يكلمه أحد من مماليك أبيه، ومن كلمة أتلفه، فلما كبر ابن سيده وتبين ما هو فيه جعل يبوح بما هو في نفسه في بعض الأوقات على الشراب ففزع الأسود منه، وسقاه سما فقتله، وخلت مصر له    "
(5) أخطاط: مفردها "خط"،وهى الحارة 0وكانت هذه هى التسمية إلى انشاء القاهرة0
(6)سيف الدولة الحمدانى :صاحب حلب0خاض الكثير من الحروب والمعارك ،واشتهر برعايته للعديد من الأدباء والعلماء،كالمتنبى وأبى فراس والفارابى 0وقد قدم إليه الأصبهانى كتاب الأغانى 0
(7) تتفق غالبية الروايات فى أن سبب مفارقة المتنبى سيف الدولة ورحيله إلى مصر ،هو انصات سيف الدولة لمن يوغرون صدره ضد المتنبى ،حتى كان يسرف فى قسوته عليه أحيانا0
(8)أبو فراس :ابن عم سيف الدولة 0يعد من أشهر مشاهير عصره فى الشجاعة والكرم وجودة الشعر 0وقال الصاحب بن عباد:بدىء الشعر بملك يعنى إمرأ القيس)وختم بملك(يعنى أبا فراس)0مات قتيلا فى 257هجرية0
 
(9)أبو الحسين الناشىء :شاعر مجيد من أهل بغداد0له قصائد كثيرة فى أهل البيت0وكان من الشعراء المقربين إلى سيف الدولة 0
(10)أبو القاسم الزاهى :من أهل بغداد 0كان من أشهر شعراء عصره 0أكثر قصائده فى مدح آل البيت ،ون كتب مدائح فى سيف الدولة والوزير المهلبى وغيرهما 0
(11) أبو العباس النامى :هو أبو العباس أحمد بن محمد الدرامى المعروف بالنامى 0من أعظم شعراء عصره0كان قريبا من سيف الدولة 0وقيل أنه كان يلى المتنبى فى المنزلة 0توفى سنة 370هجرية0
(12)هكذا بياض فى الأصل0
**********************************
ويواصل محمد جبريل الرحلة مع المتنبى ، عارضا هذه الأوراق ، ومحاولا وبقدر الإمكان أن يستلهم مفردات الماضى البعيد ،وأن يوهم القارىء بصدق أوراقه 0
 
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
20 - سبتمبر - 2007
تبدو مشجعة     كن أول من يقيّم
 
عبدالمحسن
2 - يناير - 2011
 1  2  3