موضوع النقاش : مئات الدواوين العراقية الضائعة في العصر العباسي قيّم
التقييم : ( من قبل 3 أعضاء )
زهير
18 - يونيو - 2005
سأعرض في هذه الدراسة إلى تحقيق ما يمكن تحقيقه من القائمة التي أوردها ابن النديم في (الفهرست) ووصف فيها مقادير دواوين معظم شعراء بغداد في زهاء مائتي عام من العصر العباسي، وهم (478) شاعرا مع المكررين =ويقرب د. إبراهيم النجار الرقم بأنه حوالي 600 شاعر، بناء على الفصول التي وردت قبل هذا الفصل. قال (ج1/ ص100): (ولم يصلنا من هذه المجاميع الستمائة التي أحصاها ابن النديم سوى عشرين مجموعا هي في أغلب الحالات ناقصة، لم تقع صيانتها وحفظها). ولا يعرف أن أحدا تصدى لتحقيق كتاب الفهرست، والمنشور منه حتى الآن لا يعدو نشر النص مضبوطا على اختلاف مخطوطات الكتاب، من غير بذل أي جهد في تصويب ما قد يكون لحق الكتاب من التصحيف والتحريف، وأضرب على ذلك مثلا ابن نجاح، فقد ورد اسمه في نشرة فلوجل: (أبو الكلب الحسن بن نجاح) وفي نشرة د. خليفة: (أبو الكلب الحسن بن نحناح) والصواب أن (أبا الكلب) لا علاقة لها بترجمة ابن نجاح، وهي خطأ أيضا وصوابها: (أنف الكلب) وهي لقب خطاب ابن المعلى، الواقعة ترجمته قبل ترجمة ابن نجاح. ومن ذلك: أبو النفيعي في نشرة فلوجل، وهو في نشرة طهران ص189 ونشرة خليفة ص 306 أبو الينبعي، وكلاهما خطأ وتصحيف، والصواب في كنيته أبو الينبغي، وبها ترجم له ابن المعتز في طبقاته وترجم له الصفدي في الوافي، والأمثلة على ذلك لا تحصى، كما سترى لدى مراجعة هذه القائمة...
وقد جعلت إشارة النجمة * في أول اسم الشاعر دليلا على أن ديوانه أحد الدواوين التي وصلتنا، فإذا كان قد وصلنا ناقصا أضفت إلى النجمة علامة ناقص (-). فإذا كان زائدا عن تقدير ابن النديم زيادة فاحشة أضفت إلى النجمة علامة + كما جعلت العلامة ? دليلا على أن الترجمة قيد الإعداد. وقد صرح ابن النديم أنه نقل هذه المعلومات عن كتابين هما كتاب (الورقة) لابن الجراح، وكتاب (أشعار الكتّاب) لابن حاجب النعمان، ولم يحذف التراجم التي اتفق الكتابان على ذكرها. وترتب على ذلك اضطراب في كثير من الترجمات انظر كمثال على ذلك ترجمة (يوسف بن الصيقل). ونراه في كثير من التراجم ينقل كلام ابن الجراح برمته ويلتزم بترتيبه، انظر كمثال على ذلك ترجمة عمرو بن حوي، وطالب وطالوت ابني الأزهر. وتركت هذه البطاقات مفتوحة لإضافة ما أعثر عليه بعد ذلك، وحرصت على ذكر ما قام المحققون في العصر الحديث من جمعه وتحقيقه من هذه الدواوين الضائعة، مع ذكر عدد الأبيات والقصائد التي تمكنوا من جمعها، للمقارنة بين حجم الديوان الأصلي وبين ما وصلنا من شعره متفرقا في كتب الأدب، تمهيدا لإحصاء عدد الشعر العربي الضائع في أهم حقبة من تاريخ الإسلام،. وبدا لي أن د. فؤاد سوزكين أسس مشروعه على هذه الورقات وجعلها عمدة بحوثه فيما يخص العصر الذي تناولته في كتابه (تاريخ التراث العربي) قارن كمثال على ذلك تسلسل تراجم الشعراء الموصليين في الكتابين، سوزكين (4/ 231) و(الفهرست: ص195 طبعة طهران) وسوف أشير إلى ملاحظاته على معظم هذه التراجم معتمدا نشرة وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية (1304هـ 1983م).
قال ابن النديم: (قد قلنا في أول هذه المقالة إنا لا نستحسن أن نطبّق الشعراء لأنه قد قدمنا من العلماء والأدباء من فعل ذلك، وإنما غرضنا أن نورد أسماء الشعراء ومقدار حجم شعر كل شاعر منهم، سيما المحدثين والتفاوت الذي يقع في أشعارهم، ليعرف الذي يريد جمع الكتب والأشعار ذلك، ويكون على بصيرة فيه. (فإذا قلنا: إن شعر فلان عشر ورقات فإنا إنما عنينا بالورقة أن تكون سليمانية ومقدار ما فيها عشرون سطراً أعني في صفحة الورقة فليعمل على ذلك في جميع ما ذكرته من قليل أشعارهم وكثيره. وعلى التقريب قلنا ذلك، وبحسب ما رأيناه على مر السنين، لا بالتحقيق والعدد الجزم). ونلفت النظر هنا لتوضيح كلام ابن النديم أنه قدر ديوان أبي تمام بمائتي ورقة، وكذا ديوان صريع الغواني. على أنني في شك من بعض هذه التقديرات، ولا أدري إلى أي مدى كان ابن النديم مصيبا في تقديراته، فليس من قبيل المصادفة أن يكون ديوان كل شاعر من بني صبيح خمسين ورقة، (انظر ترجمة القاسم بن صبيح في هذه القائمة). ثم لابد من التنبيه إلى خمس مسائل قبل استعراض قائمة الشعراء وهي:
حماد الراوية: : شاعر من طبقة حماد عجرد، قال ابن المعتز في طبقاته: حماد عجرد وحماد بن الزبرقان وحماد الراوية، وكانوا في عصر واحد، وكلهم شاعر مفلق وخطيب مبرز.
عتاب بن عبد الله بن عنبسة العبشمي: شاعر من أهل الكوفة، ترجم له ابن الجراح في الورقة وأورد (17) بيتا من شعره، قال: (عتاب بن عبد الله بن عنبسة ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، قال دعبل: هو كوفي.
وأخبرني أحمد بن أبي خيثمة قال: أخبرنا مصعب قال: كان عتاب يمازح أبي الشعر: وأنشد دعبل له في المهدي..إلخ.
مثقال غلام ابن الرومي، وهو أبو جعفر محمد بن يعقوب، مثقال الواسطي: غلام ابن الرومي وراويته، قال سوزكين (4/ 174): كان شاعرا أيضا، ويقال: إن ابن الرومي سرق شعره. وعن مثقال هذا روى أبو الحسن ابن العَصْب الملحي ديوان ابن الرومي كما ذكر ابن النديم (ص166) ثم إن سوزكين عاد فاعتمد على العبارة الأخيرة التي وردت في ترجمة ابن الرومي فقال في ترجمة مثقال (4/ 198) كان ديوانه مائة ورقة. وننبه هنا إلى خطأ ورد في ترجمته في الوراق في كتاب (معجم الشعراء) للمرزباني، والصواب: (هو ما نقله الصفدي عنه في الوافي والزركلي في الأعلام، وهو قوله(قال ابن المرزبان: أخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال من أشعار ابن الرومي...إلخ) وذكر الصفدي في ترجمة أبي منصور الباخرزي: محمد بن إبراهيم أنه كان يهاجي مثقالا، واستشهد بنموذج من ذلك. ولم يذكر ابن النديم الباخرزي هذا في هذه القائمة. وقد ترجم القفطي للباخرزي في كتابه (المحمدون) ولم يترجم لمثقال مع أن اسمه محمد. ومما يتصل بذلك ما قاله ابن الجراح في (الورقة) في ترجمة محمد بن معروف الشاعر: (وكان ابن أبي الحكيم، وابن معروف، وابن الرومي، ومثقال، والباخرزي، والفتال، وأحمد بن صالح الحرون، وأبو بكر بن بوزان الخبازة، وأبو يوسف الدقاق الضرير، في لِفٍّ من الشعراء قاطنين بغداد في وقت انتقال السلطان عنها إلى "سرّ من رأى"، وكانوا يتهاجون ويتهاترون، وكان مثقال أحطهم في ذلك).
ابن جدير البصري: واسمه الفضل بن هاشم أبو أحمد. كان حيا أيام الواثق. انظر النجار (4/ 341) قال: (انفرد كتاب الورقة لابن الجراح ومعجم الشعراء للمرزباني بذكر ما تبقى من أخباره وأشعاره. قال ابن الجراح: (سفيه خليع فاسق، له أشعار في الأقذار، يصف نفسه بشهوتها، وهو أول من سُمع به ذكرُ ذلك)...
أبو المخفف: من شعراء بغداد في عصر المأمون. ضاع اسمه فيما يبدو، ووصلنا اسمه المخترع (عاذر بن شاكر) (ت 218هـ) انظر النجار (4/ 347) قال: (لا ذكر لأبي المخفف في غير كتاب (الورقة) من المصادر التي وقفنا عليها. (1) قال ابن الجراح: (كان ظريفا طيبا شاعرا، وكان يركب حمارا، وتركب جارية له حمارا آخر، وتحتها خرج، ويدور بغداد، ولا يمر بذي سلطان ولا تاجر ولا صانع إلا أخذ منه شيئا يسيرا، مثل قطعة أو رغيف أو كسرة) ثم ساق خمس قطع له في وصف الرغيف وتسول الخبز...
(1) وقد وقفت لاحقا على أخبار أبي المخفف كما حكاها ابن الجراح نقل الزمخشري فاتحتها في كتابه "ربيع الأبرار" ولم يصرح بذلك وذلك في باب سماه (باب الطعام وألوانه والإطعام والإضافة)
المكاربي الأخباري: من مشاهير شعراء هذه الطبقة، ترجم له ابن الجراح في (الورقة) ووصلنا كلام ابن الجراح عن طريق الصفدي، قال في (الوافي): عبيد الله بن إسحاق بن سلام المكاربي. أبو العباس الأخباري. قيل فيه: عبد الله بن إسحاق؛ ذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة؛ فقال صاحب الكتاب: شاعر مجيد؛ توفي سنة إحدى وسبعين ومايتين؛ وكان حسن العلم بالفقه والغريب والآثار والشعر، صدوقاً، ودفن شعره لما مات لئلا يوصل إليه؛ وكان قال في المتوكل قصيدة يهجوه بها فبلغت المتوكل فأمر بقتله، فعوجل المتوكل بالحادث عليه، وأفلت. وله القصيدة التي رثى بها أبا الحسين يحيى بن عمر الطالبي وأولها: (ألا قل لنصل السيف هل أنت نادب * هماماً تبكيه القنا والـقـواضـب) منها: (فإن بك يا ابن المصطفى قبر سيد * تعقر خيل حـولـه ونـجـائب) (فقبرك أحرى أن تعقر حـولـه * رجال المعالي والنساء الكواعب) (بني هاشم قد جرب الناس وقعكم * وهل حازم من لم تعظه التجارب ) (وإن حمل الدهر الرزايا نفوسكـم * فأنتم قروم الحادثات المصاعـب)
وقال يهجو ابن أبي حكيمة: (وتكيد ربك في مغارس لحـية * الله يزرعها وكفك تحـصـد) (...)
المعافى بن نعيم بن مودع بن توبة العنبري: شاعرا، وراوية، كان راوية معبد بنم طوق العنبري، وله أشعار جياد كما يقول ابن الجراح، وقد أورد ثلاثة أبيات منها في (الورقة) في ترجمة معبد.
المعلى الطائي: شاعر مجيد، ترجم له ابن المعتز في طبقاته، وذكر أنه تاب عن قول الشعر وتنسك، وأورد قطعا من شعره قبل توبته. قال: (وهو حسن الشعر مليحه، ولما تاب ترك الشعر،وكان يقال له: لم لا تقوله وأنت نسيج وحدك? فيقول: قد أبدلني الله تلاوة كتابه. وما قال بعد ذلك شعراً حتى مات).
الشمشاطي علي بن محمد المتوفى نحو (380هـ) من كبار أدباء عصره، وهو صاحب كتاب (الأنوار ومحاسن الأشعار) المطبوع، ذكره ابن النديم في غير هذا الفصل من كتابه، وقال: (كنت أعرفه قديماً، .. وهو يحيا في عصرنا سنة سبع وسبعين وثلاث مائة ..إلخ) ثم سمى (8) مؤلفات له. جمع ما تفرق من شعره صالح مهدي العزاوي (بغداد 1987) انظر (نشر الشعر/ 99) وانظر ترجمة أبي العباس النامي في قائمة الدواوين