البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : العلم و التكنولوجيا

 موضوع النقاش : { تربـيـة الـنـحـل قــديـمــا و حــديــثــا }    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 لحسن بنلفقيه 
11 - مايو - 2005

بسم الله الرحمن الرحيم : { و أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا و من الشجر ومما يعرشون (68) ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون (69) } [ سورة النحل ] . صدق الله العظيم .

 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
نحال بير عجم (هدية للنويهي ولأستاذنا بنلفقيه)    كن أول من يقيّم
 

ذكرتني يا أيها النويهي الكبير بالدكاترة زكي مبارك في وصفه لعضلاته المفتولة لما كان يمسك الجاموسة ويقودها للحقل أمام الصبايا، وذكرتني أيضا بشيخنا وحبيبنا جودت سعيد الذي هو أيضا من كبار المعتنين بتربية النحل، ولما زرته في المرة الأولى، عام 1985م في قرية (بير عجم) في القنيطرة، في بلاد الشام، كنت قد رسمت في مخيلتي صورة عنه باءت بالفشل بكل معنى الكلمة، حيث ألقى صاحبي السلام على راع يقود أمامه خمس بقرات، فإذا بهذا الراعي بأريدته الرثة وحذائه الغارق في الطين، يرد السلام بأفصح ما سمعت تحية وترحيبا، لأتفاجأ أن هذا الراعي البسيط هو الفيلسوف جودت سعيد، ولما أخذنا إلي بستانه اعتذر منا بأنه سينشغل عنا بضع دقائق، يقول ذلك وهو ينزع ملابسه ويرتدي ملابس الحدّاد، ثم جر أمامه (الملحمة) وتقنع بقناع الحداد، وراح يلحم مصراع باب مكسور، ثم لما فرغ سارع إلى كيس وفتحه واستخرج منه لباسا لم تقع عيني من قبل على مثله، وكان ذلك (لباس النحال) ثم عاد بعد دقائق وبيده مائدة عليها ما لذ وطاب من العسل والقشطة والزبدة والبيض البلدي، وكلها إنتاج جودت سعيد. ولما حان موعد صلاة الجمعة طلب مني أن أخطب الجمعة فاعتذرت، فقام هو بالملابس التي استقبلنا بها وخطب الجمعة، فقلت له: يا شيخ أنت عندك ملابس راع وملابس حداد وملابس نحال، فلماذا لا تشتري ملابس خطيب، فقال لي. والله هذه فاتتنا، وبينما نحن في مجلسه إذا بالأطفال يصيحون طاش الطرش، فركض ليرى البقر يتجه نحو حقل الألغام المزروع على حدود (بير عجم) المتاخمة لإسرائيل، فطلب من إخوته وأقربائه أن يتفرقوا في الوقوف أمام البقر والتفت إلي وقال: هنا ينفع التفرق والاختلاف، وأما الاتفاق والوقوف في جبهة واحدة فيعني ضياع البقر.

*زهير
11 - يونيو - 2006
قصتى مع النحل ، مهداة لأستاذنا الجليل / لحسن بنلفقيه 0    كن أول من يقيّم
 

   

    

كنت أخاف النحل ولازال هذا الخوف يطاردنى ، ويا ويلى إذا ساقنى حظى ومررت على منحل لأحد الأصدقاء المدمنين تربية النحل ، وأراهم ينظرون إلى بدهشة واستغراب ، وكأنى أقترف معصية ، وحاول أحد أصدقائى أن يهدينى عسلا ويحضنى على أكله ، فنظرت إليه ، ولم تنقذنى من رفضى له سوى زوجته التى تعرف عنى أننى لا آكل عسل النحل ، وإن أكلته فرغما عنى ، وزوجتى وهى بنت المدينة الراقية (المنصورة / محافظة الدقهلية /مصر ) ومنزلهم  على بعد خطوات من بيت ابن لقمان (المتحف القومى ) هذا المنزل الذى أسر فيه لويس التاسع إبان الحروب الصليبية ، حباها الله قبول الأطعمة والإستمتاع بها ، وكان والدى يرحمه الله ، أسبق منها فى هذا المجال ، ولما تزوجتها ، وانتقلت للعيش معى بالريف ، التقت هى وأبى على حب الطعام ، ودائما يصفوننى أننى معرفش فى الأكل ، وألوذ بالصمت 0

ويحضرنى _ وأنا بصدد ما زادنى علما وخبرة هذا البحث الممتاز الذى قدمه أستاذنا الجليل / لحسن بنلفقيه ، عن تربية النحل _      قصة ربما سطعت الآن بذاكرتى وقد تكون سببا مع أسباب أخرى منسية طى الذاكرة 0

كنت وفى طفولتى الأولى أذهب إلى  الحقل أو الغيط كما هو معروف لدينا بالريف ، أمتطى ظهر الحمار ، وأسحب حبل الجاموسة التى تسير خلفى بتؤدة وتأن ، هذه الجاموسة أستريح لها عن با قى حيوانات الحظيرة،فالبقر لا أستريح له ولا أشرب لبنه ولا زبدته وسمنه ، والعجول الجاموسى شرسة ، لا تخضع بسهولة ليد طفل غض ، والجمل أسحبه فقط بالخزام (حلقة نحاسية تركب بعد خرم الشفةالعليا والقريبة من الأنف ) ولها حبل من نوع خاص مع الحكمة التى تحيط برأسه ، وأعتقد أن هذا الخزام كان من الشدة أن يخضع الجمل له كأنه أرنب ، وأذهب إلى الغيط وأربط الجاموسة بالوتد وأقوم بحش البرسيم وأجمعه أمامها ، وفى يوم ما كنت وحدى  ،  وأتت أسراب النحل ، ولا أدرى إلا وهى تكاد تحيط بى ، وأصرخ من اللدغات ، والتهب  الظاهر من جسمى وتورم ورما شديدا وعانيت من آثاره الكثير ، بل لم أذهب إلى المدرسة فى اليوم التالى ، وألقى الجميع الذنب على ولم يصدقنى أحد،أننى لم أتعرض للنحل مطلقا ،وقال أحد العالمين ببواطن لأبى يمكن يكون النحل هايج وابنك مالوش ذنب ، ولكن من يصدق شقاوة طفل يحاول أن ينقذ نفسه ???

وربما صرت أتحاشى مستقبلا التواجد فى مكان به نحل ، بل ربما وبعقلية الطفولة الساذجة حرمت على نفسى أكل عسل النحل ، وبرعت كل البراعة فى أكل العسل الأسود (قصب السكر ) وهذا عقاب للنحل الذى آذانى دون جريرة تذكر ، أو تعدى عليه ،ومضى قطار العمر ولم تحاول نفسى التراجع عن هذا التحريم الطفولى لعسل النحل ، ولكنى ونظير ذلك ،قدمت لأولادى عسل نحل شهى ، وأصبحت أحضره لهم من مناحل أصدقائى ، بل وأشترط من القطفة الأولى ، وأراهم وهم يأكلونه بمتعة وشهية ،فأحمد الله وأشكر فضله ،أن جعلهم يستمتعون بأكله ،وكم أكون سعيدا وهم يطلبون منى شرائه ، بل أخيرا طلب منى أحد الأقارب أن أتوسط له عند أكبر صاحب مناحل فى مصر وهو صديق عزيز،أن  يبيعه عسل نحل ومن القطفة الأولى وبأى سعر يرتضيه 0

 

*عبدالرؤوف النويهى
10 - يونيو - 2006
الحلقة الأولى :    كن أول من يقيّم
 
{ الحلقة الأولى } و شعارها : { أين مجدي إن لم أسلمك أحلى * ما تسلمت من أكف جدودي } [ للشاعر : زهير أحمد ظاظا ]... من نعم الله علي ـ له الحمد وله الشكر ـ ، أن هداني إلى حب النحلة ، و يسر لي التعرف على بعض أسرارها و الإستفادة من خدماتها ، التي الهمها الله بوحي منه و لتسخيره لها لما فيه منفعة عباده . و سأحاول ضمن هذا المجلس المبارك ، أن أقدم خلاصة تجربتي في الإعتناء بهذه الحشرة و الإستفادة من خدماتها لمدة زمنية جاوزت الثلاثين عاما ، و لله الحمد و الشكر ، و له الأمر من قبل و من بعد . إلا أن أول ما يهمني ذكره و بسطه ، تقنية جديدة في تربية النحل ، د فعتني إليها الضرورة و لم أُسْبَق إليها حسب علمي ، و للضرورة أحكام ، و الحاجة أم الإختراع كما يقال . و لوضع ظهور هذه التقنية في سياقها التاريخي ، إليكم ـ في هذه الحلقة الأولى ـ أهم محطات دواعي التفكير فيها . بعد انتهاء تدريبي في تربية النحل عند نحال بلجيكي مقيم بالمغرب ، و حصولي منه على شهادة نحال آخر سنة 1973. عُيِّنْتُ في بداية 1974 ، من طرف مصلحة الإنتاج الفلاحي بإدارتي ، مديرًا لمركز فلاحي بالساحل الأطلسي ، و كلفت أيضا بإدارة أول منحل نمودجي ، تابع للمركز الفلاحي ، تَمَّ استحداثه في ضيعة غابوية من الأراضي المسترجعة ، بالقرب من مدينة الواليدية . و استمر عملي ـ من 1973 إلى 1976 ـ في إدارة المركز الفلاحي ، و المنحل النمودجي التابع له ، و الذي عَيَّنَتْ له الإدارة لاحقاً نحالا خاصا به ، و كَـلّفتْه كذلك بتسيير أول تعاونية تربية النحل تم تأسيسها ، و من مؤسسيها بعض الفلاحين الذين سبق و ان سهرتُ شخصيا على تكوينهم ، عند النحال البلجيكي السابق الذكر. و دفعا لكل التباس أو شبهات و طبقا للقانون ، و خلال هذه الفترة كلها ، لم أفكر قط في تأسيس منحل خاص بي . و كان كل اهتمامي منصبا على إنجاح سير المنحل النمودجي و التعاونية كتجربتين رائدتين في هذا الميدان ، ثم دراسة هذه الحشرة المباركة ، و النباتات الرحيقية في المنطقة . و في سنة 1976 ، قرر المكتب الجهوي الذي أعمل فيه عقلنة تسييرالمصالح الخارخية بالمنطقة لمصلحة العتاد الفلاحي التابعة له ، فاستحدث ثلاث مقاطعات جديدة ، عينت رئيسا لإحداها ، و بتعييني في هذه المصلحة ، لم يبق لي أي اتصال إداري بتربية النحل . عندها انتقلت تربية النحل من الوظيفة إلى هواية شخصية و اصبح في إمكاني استحداث منحل شخصي. و في الشهور الأولى من التحاقي بمسكني الجديد في مركز فلاحي بمنطقة سقوية ، و كان لكل منزل كما هو الشأن في جميع مراكز المنطقة ، بقعة أرضية تحيط به لإستغلالها كحديقة . و يفصل بين المنازل عدة أمتار فقط . عندها بدأت أفكر في استحداث منحل خاص بي ، و بما أنني لا أملك بقعة نائية و بعيدة عن الساكنة لإحداث منحل عادي ، كنت مضطرا لإنشاء أول منحل لي ، مكون من عشرة خلايا ، في حديقة المنزل . و مما شجعني نفسيا أنني منذ أن وعيت وجودي ، و النحل موجود بمحيطي العائلي . كان موجودا ببستان و حديقة بيت والدي بنواحي مدينة مراكش مسقط رأسي . و كان موجودا ببيت أجدادي [1] من أمي بنفس البادية. وأما أجدادي من جهة والدي فموطنهم بنواحي مدينة تارودانت المغربية . كما أن النحل موجود أيضا و إلى يومنا هذا ببيوت أخوالي و خالاتي و عمتي ، و لهم طريقة خاصة في إسكانه و جني أقراص العسل من خلاياه ، سأتكلم عنها في حلقة خاصة إن شاء الله . أما هنا ـ بدكالة ـ و خاصة منها المنطقة التي أعمل فيها كموظف ، فقليل هم من يهتمون بتربية النحل بين الفلاحين ، بل لاحظت أنهم يتخوفون منه أكثر مما يميلون إلى تربيته . و هذا عكس ما رأيت بعد أعوام في مناطق أخرى من دكالة نفسها ، إذ وجدت المناحل في وسط مساكن الفلاحين بدون أي حاجز يفصلها عن الحيوانات الأليفة التي تتقاسم نفس البقعة ، من أغنام و أبقار و دجاج و أرانب و كلاب و قطط ، إلى جانب سكان البيت من البشر ، و بشكل استغربت له فعلا و لم أكن أتوقع وجوده ..... ومع ما يمثله النحل من خطر حقيقي عند إثارته و هجومه على الإنسان و الحيوان ، كان هاجس الخوف ملازما لي . فكنت دائم البحث عن انجع طريقة لإستغلال النحل داخل مجمع سكني ، دون إيذاء الغير من الجيران و المارة و العمال الفلاحين المتواجدين بالبقع الفلاحية المحيطة بالمركز الفلاحي حيث توجد المنازل الإدارية للموظفين . و من باب الإحتياط ، كنت لا افتح الخلايا إلا في المساء قبل الغروب بقليل ، لأن النحل يكون مضطرا بعد الغروب إلى الدخول إلى بيوته حتى و لو كان ثائرا غاضبا هاجما إثر حركة قوية من طرف النحال ، او أي عامل خارجي يمكن أن يتسبب في إثارته . أما إذا تمت الإثارة في الصباح ، أو في وسط النهار ، فإن النحل سيبقى عندها هاجما ثائرا و لاسعا لكل حي يتحرك بقربه من إنسان و حيوان . و تنتقل عدوى الغضب إلى النحل المجاور و من خلية إلى أخرى فيتعقد الأمر و تكثر الأخطار و تطول الساعات الفاصلة عن غروب الشمس و نهاية الهجوم . لذا كنت أقوم بالأعمال الكبيرة ، و أهمها جني أقراص العسل ، في ظلمة الليل ، مستعينا بمساعد من جيراني يتكلف بتشغيل المدخن خاصة و توجيه الدخان إلى النحل حسب تعليماتي ، ومعتمدا أساسا على مصباح كهربائي عادي ، متصل بواسطة خيط طويل إلى شبكة البيت ، فكنت أتحكم في إشعال و إطفاء المصباح بالكيفية التي أستطيع معها أن أرى ما ذا أفعل دون إثارة كبيرة للنحل . و الإحتفظ بمصباح الجيب كاحتياط خوفا من انقطاع الثيار الكهربائي . و رغم هذا كله ، فإن انتشار الدخان بالمنحل يثير فضول النحل الحارس بباب الخلايا المجاورة للخلية المفتوحة ، فيخرج لتفقد الأحوال ، فيرى الضوء و يطير نحوه غاضبا ، فيحدث صوتا خاصا و ينشر رائحة متميزة يتسببا بدورهما في المزيد من الإثارة لباقي النحل . و عند إطفاء المصباح و الإكثار من الدخان ، لا يستطيع النحل الهاجم العودة إلى خلاياه ، و يختلط بنحل الخلية المفتوحة الذي يعتبره بدوره عدوا مهاجما ، فيقع بينهما عراك و تشابك و اقتتال حتى في جنح الظلام ، و يكثر تبعا لذلك لسع النحال و مساعده من طرف نحل هذه الخلية و تلك ، لانه بمنزلة العدو لهما . فيكثر الموت و الضياع في النحل ، و يصعب إجراء العمليات كما يجب. و من آثار هذه الفوضى أن يدوس النحال و مساعده على العشرات من النحل ، و أن يسقط العشرات منه نتيجة تقاتله مع بعضه البعض ، و عند طلوع الشمس و خروج النحل للرعي ، يجد رائحة سم النحل الميت و جثت النحل الآخر ، فيظنه عدوا ، فيثور البعض منه ، ويهاجم كل من و ما يتحرك بقربه صحيح أنني كنت أضع بعض الحواجز لمنع وصول أشعة الضوء على أبواب الخلايا المجاورة للخلية المفتوحة ، إلا أن الأعمال لساعات طوال داخل المنحل تسبب لا محالة في إثارة النحل و هجومه . لذا صار أكبر همي هو دراسة سلوك هذه النحلة أكثر حتى أتجنب مستقبلا حدوث مثل هذة الأحداث ليلا أو نهارا . وبعد دراسة و بحث ، هداني الله إلى تقنية تربية النحل ليلا ، بشكل يقضي بشكل شبه تام على إثارة النحل و غضبه عند فتح الخلايا ليلا للقيام بعمليات تربية النحل و أكثرها إثارة للنحل ، مثل عملية جني أقراص العسل . و هذا ما سأعرض لتفاصيله في الحلقة المقبلة إن شاء الله . و ما دام الشيء بالشيء يذكر ، فإن إنشاء منحلي الأول هذا بهذا الشكل أثار فضول بعض الباحثات الصاعدات ، فنُشِرَ عنه تحقيقٌ نجح في الفوز بجائزة في مباراة " صحافة الغد بأقلام الغد " ، على صفحات مجلة " سيدتي " ، تحت عنوان :" في بيت واحد : رجل و مائة ألف نحلة " ، و مع التحقيق صور لي و للمنحل و خلاياه بجانب البيت الذي أقيم فيه مع عائلتي . [ مجلة سيدتي عدد 277 ـ سنة 1988 ـ صص 54 ـ 55 .] ..../هــ........الهامش :[1] و هذا بعض ما يفسر اختيار الشعار المقدم لهذه الحلقات ، و الذي اخترته بعد اطلاعي بإعجاب و تقدير ، و قراءتي بمتعة و نشوة و فخر ، بعض ما جادت به قريحة شاعرنا الفذ الأستاذ زهير أحمد ظاظا ، ثم أريحيته علينا بمناسبة مرور عام على التحاقه بموقع الوراق في العاشر من مايو . فالمزيد المزيد يا زهير لا فـضّ فـوك . هذا و مما وجدت في نفس المعنى ، قول الشاعرالعربي قديما : { و ما فِـيَّ من خـير و شـر فإنها * سجيـة آبائي و فعل جدودي } { هم القوم فرعـي منهم ُ متفرع * و عودهمُ عند الـحوادث عـودي } ......... و إلى الحلقة الثانية .
*لحسن بنلفقيه
12 - مايو - 2005
[ الحلقة الثانية ] في تربية النحل ليلا    كن أول من يقيّم
 
شعارالحلقة : { أين مجدي إن لم أسلمك أحلى * ما تسلمت من أكف جدودي } [ للشاعر : زهير أحمد ظاظا ] ...استمر اعتمادي في تربية النحل ، و لسنوات عديدة ، على ظلمة الليل و الضوء الأبيض لمصباح عادي . و كنت طيلة هذه المدة ، دائم البحث على تقنية تمكن من تحسين إجراء عمليات التدخل هذه ، مع أقل ما يمكن من الأضرار التي تصيب النحل و النحال خلال العمل في المنحل ليلا . و في إحدى زياراتي لمكتبة من المكتبات ، وجدت كتابا كنت أسمع و أقرأ عن صاحبه ، و أتمنى العثور عليه لقراءته . ذلكم الكتاب هو ما يمكن ترجمة عنونه إلى :" حياة النحل و طبائعه " ، أو " حيات النحل و سلوكه " أو حياة النحل و عاداته " ـ Vie et m?urs des abeilles ـ والكتاب كما هو ظاهر من عنوانه عن حياة النحل ، و هو مترجم من الألمانية إلى الفرنسية ، و مؤلفه هو النمساوي " كارل فون فريتش Karl von Frisch " ،( 1886 ? 1982 ) ، الحائز على جائزة نوبل في الطب [ الفيزيولوجيا ] سنة 1973 ، كتتويج عن أعماله الرائدة في البحث و الدراسة لأجهزة الإحساس و الإستشعار عند الأسماك و الحشرات ، و التي قادته إلى فهم " لغة النحل الخاصة و المعتمدة على رقصات تقوم بها النحلات الراجعة من جولاتها الإستطلاعية و مهماتها الإستكشافية عن مصادر الرحيق و حبوب اللقاح و الماء ، لإطلاع شغالات الخلية على جهة ، و بُـعْـدِ ، و كمية مصدر الغذاء المكتشف ، حتى يتسنى لجموع الشغالات التوجه بثقة و ضبط ، و دون ضياع للجهد و الوقت ، و مباشرة إلى عين المكان الموصوف في حركات النحلة الراقصة " . و كان الكلام عن و في هذه الرقصات و لا يزال " موضة " مشهورة عند مثقفينا العرب و غيرهم ، تـُذْكر في النوادي ، و المقاهي ، و على مقاعد الحافلات و القطارات و ربما الطائرات ، كعنوان على سعة الإطلاع و متابعة التقدم العلمي و مسايرته ، و عادة ما تذكر هذه اللغة الراقصة إلى جانب نظرية النسبية عند آينشتاين ، و غزو الفضاء و أخيرا الإستنساخ و ما أشبه من مواضيع ، و على اختلاف اطلاع المتحذثين و مستواه ، لقتل الوقت كما يقال في مثل تلكم اللقاءات..... فرحت بعثوري على هذا الكنز الثمين . و استمتعت كثيرا بتتبع ما يعرضه صاحبه من تجارب و نتائج و استنتاجات و تحليلات و معلومات جديدة عن حياة النحل و سلوكه . و مما استوقفني فيه ، حقيقة عجيبة عن كيفية رؤية النحل للألوان . ذلك أن هذا العالم الفذ اكتشف أن النحل يرى كل الألوان إلا لونا واحدا هو اللون الأحـمـر . فسبحان الله الذي له في خلقه شؤون ... و خلال نفس الشهر الذي كنت أقرأ فيه كتاب " فون فريتش " هذا ، و في إحدى الليالي التي اشتد علي لسع النحل و أنا داخل المنحل ، و جلست في ظلمة تامة على كرسي صغير استجمع أنفاسي و أستريح بعد أن قطعت الثيار الكهربائي عن المصباح ، تذكرت حالة النحل إزاء اللون الأحمر ، فقلت في نفسي : ما أشبهني بنحلة وسط ضوء أحمر، لا ترى ما يحيط بها . عندها جاء الفتح ، و استنتجت من فكرتي هذه ان النحل لن يراني لو استعملت مصباحا يعطي ضوءا أحمر عوض الضوء الأبيض العادي . أما أنا فلست بنحلة ، فيكون في استطاعتي أن أرى النحل من حيث لا يراني . و كانت البداية . و خلال نفس الأسبوع أعددت مصباحا كهربائيا للجيب ، يعطي ضوءا أحمر و جربته فوجدت التقنية ناجحة . و جربت مصابيح أخرى مرتبطة بالشبكة الكهربائية للمنزل ، من أحجام متنوعة و بقوة مختلفة و من مسافات متباينة . و اعتمدت التقنية لإنجاز جميع التقنيات الخاصة بتربية النحل و بدون استثناء، و خلال شهور و شهور و في مختلف الفصول ، فحمدت النتائج ، و كررت التجارب و كانت كلها ناجحة . عندها قمت بعرض التقنية الجديدة في اجتماع لجمعية مربي النحل بالمغرب بالعاصمة الرباط ، و الذي كنت وقتها عضوا من أعضاء مكتبه ، و طلبت من النحالين تجربتها في مختلف الأعمال الخاصة بتربية النحل . و بعد شهور توصلت من رئيس النحالين بالمغرب و باسم جمعيتهم ، بشهادة أعتز بها ، يعترف فيها و يشهد بنجاح التقنية بعد تجربتها و تطبيقها و أنها نافعة و ستساعد على تقدم تربية النحل ببلادنا . و عرضت التقنية أيضا على العديد من النحالين الجدد بمنطقة إقامتي ، و يشهدون كلهم أنهم يحمدون تطبيقها ، و لولاها ما استطاعوا مزاولة تربية النحل بسلام داخل حدائقهم بالمراكز الفلاحية و على سطوح البيوتات في القرى و المدن . و لنجاح التقنية و الحصول على النتائج المرغوبة ، و بعد الإكتتاب في تأمين خاص بالمسؤولية المدنية في تربية النحل َAssurance ، لابد من مراعاة النقط التالية : [1] يجب وضع الخلايا على ارتفاع لا يقل عن عشرة سنتيمترات عن سطح الأرض ، و تنقية أسفل الخلية و محيطها من كل الحشائش اليابسة و الخضراء حتى لا يجد النحل المتواجد في جنبات الخلية أثناء فتحها أي وسيلة يتخذها مطية للنزول إلى تحت الخلية فينتشر على الأرض و تدوسه الأقدام في جنح الظلام . و أن يغلق النحالُ البابَ السفليَ العاديَ للخلية بورق الجرائد مثلا ، حتى لا يخرج منه النحل فيكون قريبا إلى الأرض .[2] إن لا ينسى مساعد النحال أبدا ، و من حين لآخر ، توجيهَ الدخان إلى أسفل الخلية ليرغم النحل على الصعود إلى أعلى و عدم نزوله أسفل الخلية نحو الأرض . [3] الملاحظ رغم هذا كله أن النحل ينجذب قليلا نحو الضوء الأحمر هذا ، نظرا لضعف لون زجاجه و قلة سمك طلائه ، و يعين هذا الجذب من جهة ، و هروب النحل من الدخان من جهة أخرى ، إلى توجيه النحل و التحكم في صده بعيدا عن الأماكن التي تنجز بها العمليات داخل الخلية بعقلنة استخدام الضوء و الدخان ، كما تمكن من جمع النحل في جهة معينة أو داخل صندوق آخر فارغ به مصباح آخر ، ضوؤه أقوى من المصباح المستعمل و معلق داخل الصندوق الفارغ بشكل يسمح بتجمع النحل حول المصباح داخل الصندوق ، و كل هذا للحيلولة دون تفرق النحل ، و مضايقته للنحال و تعرضهما للإصابات . [4] النظرمن وقت لآخر في البقعة المحيطة بالخلية و التأكد من عدم وجود النحل السارح بها حتى لا يضيع تحت الأقدام .[5] أن يعمل النحال كل ما في وسعه من انتباه و حذر لمنع سقوط أي قطعة شهد أو سيلان كميات أو حتى نقط من عسل على جنبات الخلايا المفتوحة أو فوق الأرض المحيطة بها . حتى لا يجده نحل الخلية و نحل الخلايا الأخرى في اليوم الموالي و منذ خروج النحل من خلاياه صباحا ، فتتسبب هذه البقايا في تجمع نحل من خلايا مختلفة ، فيبدأ الإقتتال و تنتشر العدوى إلى الخلايا الأخرى . [6] و كوسيلة وقائية أخيرة ، وجدت لها الأثر الكبير في تهدئة النحل و إزالة آثار المعاملة القاسية التي يسببها عادة فتح كل خلية من طرف النحال في" نفسية النحلة "* ، و بعد قطع الثيار الكهربائي و إبعاد كل أسلاكه ، أن يقوم النحال برش الخلية التي كانت مفتوحة ، و التي أجريت فيها العمليات ، بعد غلقها النهائي ، و إتمام العمل بالمنحل و الإستعداد لمغادرته ، و كذا رش الخلايا المجاورة لها ، ورش أرضية المنحل **، برذاذ من الماء على شكل مطر اصطناعي ، مباشرة على الخلايا و ما يوجد عليها من نحل ، حتى يتم بلل النحل دون إحداث إى ضرر به . و من نتيجة هذا الرش ، أن يغسل آثار بعض ما سقط من قطع الشهد و نقط عسل على الأرض ، و أن يضعف من رائحة السم الصادر عن جثت النحل المداس تحت الأقدام ، و أخيرا من آثار هذا الرش أن يعتبر النحل كل تدخلات النحال المزعجة و كأنها حالة طبيعية من الحالات المنقوشة في سجله الوراثي منذ وجود هذ الحشرة فوق اليابسة ، حيث كانت تتعرض لغضب الطبيعة المتمثل في الحرائق إثر الصواعق أو الغرق إثر الأمطار الغزيرة و الفياضانات ، فلا تملك إزاءها غير الخنوع و الخضوع حفاظا على حياتها و استمرار بقائها .... و خلاصة القول أن هذه المقالة ما هي إلا عرض مركز للفكرة الرئيسية و الخطوط العريضة ، و تبقى الممارسة وحدها المحك الكفيل بنجاح التقنية و تقييم تطبيقها ./هـ........الهامش = *: قال تعالى :{ و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمـم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون } ـ سورة الأنعام ـ ، و صدق الله العظيم . ** : يمكن استعمال الماء المضغوط داخل أنبوب بلاستيكي ، و هي طريقتي في الرش ، أو تجهيز المنحل برشاشات خاصة و دائمة بداخله ./هــ... انتهت الحلقة الثانية .
*لحسن بنلفقيه
14 - مايو - 2005
ملحق بالحلقة الثانية من تربية النحل ليلا :    كن أول من يقيّم
 
و شعاره { أين مجدي إن لم أسلمك أحلى * ما تسلمت من أكف جدودي } [ للشاعر : زهير أحمد ظاظا ] . تناول الحديث في الحلقة الثانية من تقنية تربية النحل ليلا ، باستعمال الضوء الأحمر الغير المرئي من طرف النحل ، أهم النقط التي يجب أخذها بالإعتبار لإنجاح أي زيارة و فتح لخلايا النحل في جنح الظلام . و كان ملخص هذه النقط هو : [1] و ضع الخلايا على ارتفاع من سطح الأرض ، و إغلاق باب الخلية بورق الجرائد .[2] توجيه الدخان من حين لآخر إلى أسفل الخلية لأرغام نحل الخلية المفتوحة من أعلى على عدم النزول إلى أسفل .[3] الإعتماد على الضوء الأحمر و الدخان للتحكم في جمع النحل على جنبات الخلية أو في صندوق ، و عدم تفرقه .[4] الإهتمام بخلو الأرض المحيط بالخلية من النحل السارح حتى لا تداس تحت الأقدام .[5] عدم إسقاط قطع من الشهد أو كميات من العسل على الأرض .[6] رش الخلايا برذاذ من الماء لتهدئة نحلها بعد إعادة غطاءها و إغلاقها بإحكام . هذا و تبقى النقطة الأخيرة قبل مغادرة المنحل ،و رقمها [7] هي فتح الباب السفلي العادي للخلية والذي سبق أن أغلقناه بورق الجرائد في الرقم [1] لمنع خروج النحل منه أثناء فتح الخلية من أعلى ، لقرب بابها السفلي من الأرض . و مغادرة المنحل دون فتح باب الخلية مثال حي لبعض الهفوات التي تقع فعلا في المناحل . و مثل هذه الهفوة قد تكلف النحال كثيرا ، خاصة إذا كانت العملية التي أجرِيت سابقا عملية كبرى و تسببت في خروج نحل كثير ، و بقي النحل لاصقا بجنبات الخلية حتى الصباح لعدم تمكنه من الدخول إلى مسكنه . لذا و من باب الإحتياط و الحيطة ، يـُنصح النحال بعد كل عملية صعبة أن يستيقظ باكرا و يشعل مدخنه ، و يقي رأسه و وجهه ، ليتفقد حالة المنحل قبل خروج النحل و بداية خروجه ، حتى يصلح أي خلل قد يسبب في إزعاج النحل . و أول ما يجب أن يثير انتباهه سكون النحل وخروجه عاديا من خلاياه إلى مرعاه ، و عدم وجود بقايا من قطع الشهد أو بقع من العسل تسبب في تجمع النحل عليها ، و متى وجدت قام بجمعها و إفراغ الماء مكانها لإزالة آثارها . كما أنه من المفيد أن يتفقد النحال حال الخلايا المفتوحة ليلا ليتأكد من كونها محكمة الإغلاق من فوق ، او ما بين العاسلات ، لأن كل فتحة موجودة ستكون منفذا للنحل السارق الذي يأتي من الخلايا المجاورة و يهاجم الخلية ذات المنافذ المفتوحة ليسرق عسلها ، فيقع في شجار مع النحل الآخر و يتسبب في فوضى بالمنحل . و أخيرا و ليس آخرا يحتفظ النحال في مخزن منحله بأكياس بلاستيكية سوداء ذات علو و عرض أكبر من علو و عرض أعلى خلية بمنحله كالخلايا ذات الطابقين أو أكثر، و على جنباتها ثقوب صغيرة ليتنفس منها النحل دون أن تسمح بخروجه . و في حالة ما لاحظ النحال خروج نحل خلية عن سيطرته أثناء عمله بالمنحل ليلا ، و خشي من هجوم محتمل من طرف نحل الخلية ، فيبقى الحل الأخيرأن يدخل الخلية كلها في الكيس من أعلى إلى الأرض ، و يضع الأحجار أو التراب على جنات الكيس حتى لا يستطيع النحل الجروج من تحته ، و تترك الخلية و نحلها مسجونة طيلة النهار ، ولا يرفع الكيس عنها إلا بعد غروب الشمس وحلول الظلام لليوم الموالي ، و هذه المدة كافية لأن يستعيد النحل هدوءه و يعود إلى حياته العادية ..
*لحسن بنلفقيه
14 - مايو - 2005
الحلقة الثالثة من تربية النحل ليلا : إعداد المصباح ذي الضوء الأحمر .    كن أول من يقيّم
 
أهم النقط المزمع التركيز عليها في هذه الحلقة هي : [ أولا ] الإشارة إلى أن الفرق الأساسي بين تربية النحل الكلاسيكية العادية و المتبعة من طرف جميع النحالين ، و التي يعرضها جميع المؤلفين في كتبهم ، وتلقنها المعاهد الزراعية ، و تعرضها وسائل الإعلام المكتوبة و المسموعة و المرئية ، و بين تربية النحل ليلا كما أعرضها ، هو أن النحالة الكلاسيكية تطبق داخلا المناحل نهارا ، و أن النحالة الليلية ، كما هو ظاهر من إسمها ، تجرى في المناحل ليلا ، معتمدة على الضوء الكهربائي عوض ضوء الشمس . و السبب الأساسي في اعتمادها هو تواجد المناحل قرب تجمعات سكنية ، لا يمكن ممارسة النحالة نهارا بقربها لما يمثله النحل من خطر اللسع لسكان هذه التجمعات إذا ما وقع ما يثيره ويتسبب في هيجانه . أما بالنسبة للتقنيات ، و باستثناء النقط السبع المذكورة في الحلقة الثانية و ملحقها ، فتبقى هي نفسها التقنيات الخاصة بالنحالة الكلاسيكية ، و يتم تطبيقها و إنجازها ليلا في ضوء مصباح كهربائي .[ ثانيا ] يُـعَـدّ استعمال الضوء الأحمر الغير المرئي من طرف النحل بناء على اكتشاف العالم الألماني Karl von Fritsch ، خطوة هامة في تقدم النحالة ليلا و انتشارها بين النحالين ، لما تسمح به من تحكم أكثر في إنجاز جميع العمليات مع أقل الخسائر في النحل ، و بجهد و تعب أقل من طرف النحال مما كان عليه الأمر باستعمال الضوء الأبيض العادي . [ ثالثا ] تنقسم المصابيح المستعملة إلى نوعين : مصابيح الجيب ، و هي مصنوعة أساسا لتعطي الضوء الأبيض العادي . و لجعل ضوئها أحمر ، يكفي استبدال الزجاجة الشفافة الموضوعة امام مصدر الضوء بزجاجة حمراء ليصبح الضوء أحمر، و يمكن هنا الإستعانة بخبرة صانع النضارات او النضاراتي Opticien . و إذا لم يتيسر هذا ، فيكفي وضع قطعة بلاستيكية حمراء تحت زجاجة المصباح ، أو إلصاقها فوق ، أو صبغها بصباغ أحمر ، ليصبح الضوء الصادر عن المصباح أحمر . أما النوع الثاني من المصابيح الكهربائية ، فهي تلكم التي تتصل بالشبكة الكهربائية أو أي مصدر للكهرباء بأسلاك لها طول بُعْدِ المصباح عن مصدر الضوء ، و هي مختلفة الشكل و القوة و الحجم ، وزجاجها أحمر . و الجدير بالذكر هنا أن تربية النحل قرب المساكن ، ليس بالأمر الجديد ، و قد سبق لمجلة فرنسية مشهورة أن نشرت " تحقيقا " مدعما بالصور ، عن ما يقرب من عشرين منحلا في قلب العاصمة الفرنسية باريس ... و ما من مدينة مدينة إلا و فيها أماكن يسكنها النحل ، سواء بتدخل الإنسان و تدبيره أو رغما عن أنفه . و كثيرا ما يتسبب طمع الإستيلاء على العسل بالطرق الهمجية المعتادة في مثل هذه الحالات ، و أشهرها حرق خلايا النحل المنهي عنه شرعا ، في حوادث أليمة . بل و من بين مراجعي في تربية النحل ، كتاب عنوانه :" تربية النحل في القرى و المدن " ، و هو يتكلم عن التربية نهارا لا ليلا كما قد يظن البعض .
*لحسن بنلفقيه
17 - مايو - 2005
تربية النحل : تاريخ النحالة : بقلم : جاك لومير Jacques Lemaire ?.ترجمة : الحسن بنلفقيــه Benlafqih    كن أول من يقيّم
 
مقدمة : من بين الكائنات الحية المختلفة الأنواع ، و من بين كل التي زوِّدت منها بتلكم المهارة العبقرية التي نسميها الغريزة ، من بين هذا كله ، لا يوجد من هي أكمل صنعا لإثارة إعجاب الإنسان ، و لا من هي أقدر على التأثير في كبريائه مثل النحل ، موضوع درسنا هذا و ما سيليه من دروس .................. تاريخ النحالة : { أي شيء أحلى من العسل ? } ، كان هذا هو جواب رجال " ثينا " على اللغز الموضوع من طرف " شمشـون " . و تتردد هذه الصورة كلازمـة خلال حقبات ما قبل التأريخ . و تتجمع الكلمات في كل اللغات لتعطي للعسل معنى الحلاوة الزائدة و الطعم اللذيذ . فهل يستلزم هذا الإعتقاد بأن تربية النحل قديمة قدم العالم ? هذا غير صحيح ، على الأقل إذا اعتبرنا المعنى الحقيقي للكلمة ، و ما ترمز إليه من استعمال بيوت منتظمة في الوضع و مهيئة لإيواء طرود النحل قصد الجني المنظم و الممنهج لإنتاجها من العسل . تعتبر النحالة من الفتوحات الإنسانية التي يمكن وصفها بالمتأخرة . صحيح أنها عُرِفت منذ أكثر من ألف سنة قبل الميلاد ، إلا أنها بقيت و لآلاف السنين في مرحلة بدائية ، اكتفى الإنسان خلالها بجني العسل دون معرفة كيفية إنتاجه و دون أن يفكر في حماية هذا الإنتاج و رعايته . و يتعلق الأمر هنا بعسل الغابات و المغارات الذي يعثر عليه بالصدفة أساسا . و كل الشواهد و الآثار توحي بأن معرفة العسل البري و أخذه من بيوت النحل [ الخلايا ] هي الخطوات الأولى نحو النحالة . كان قدماء المصريين يرسلون بعثات حقيقية لجمع العسل و شمع النحل حول مشاجر { البطمTérébinthe } . و كانت تلك البعثات مصحوبة بحراس مسلحين بالأقواس و النبال للدفاع عنها و حمايتها من قطاع الطرق . قد يقول قائل : هذه مجرد خرافات لعدم إدراكه للأهمية البالغة التي كان العسل يحظى بها في ذلك الزمان الغابر . إلا أن القدماء تنبهوا إلى ضرورة المحافظة على هذا الإنتاج المهم ? و ذلك بالإمتناع عن أخذ كل ما يجدونه من عسل في البيوت الطبيعية للنحل ، و الإكتفاء بأخذ قسط من ما يجدونه من مخزون العسل خلال زياراتهم المنتظمة . و منذ أن سلكوا هذه الطريقة ، تقدم القدماء بخطوات سريعة نحو النحالة ، و خاصة بعد أن أسكنوا النحل في بيوت خاصة به . إن أنواع الخلايا التي صنعها الإنسان في هذا الميدان جد متنوعة : فضلت مصر الجرة و أنابيب من الطين . و وقع الإختيار في غير هذا البلد على مواد عازلة مثل لحاء أشجار { البلوط } أو { الفلين } في أشكال أسطوانية ، و أغصان { السوحرOsier } على شكل سلال مختلفة الحجم ، ثم الخشب الذي أعطى للخلايا مظهر بيوت النحل . أما فيما يخص معرفة النحل ذاته ، فقد بقي الطيران العرسي vol nuptial ، و خصوصيات التكاثر لذى الملكات مجهولا من طرف الأقدمين . و ظهرت نظريات غريقة في الغرابة عن توالد النحل و تكاثره . و كيفما كان الحال فإن هذه الحشرات بقيت دائما رمزا للخلود . إذا كان لزاما علينا تصديق الأسطورة ، فإن أصل النحل من جزيرة باليونان . كانت الأدوات المستعملة عند اليونانيين جد بدائية ، و هي عبارة عن إناء ذي قناتين ، يسمح بنفخ دخان كثيف داخل الخلايا . و يعصر الشهد في سلال مخروطة الشكل و مصنوعة من أغصان { السوحر = Osier } ، أو في أواني فخارية مثقوبة عثر علماء الحفريات على نمادج كثيرة منها . و كان العسل يخزن في جرار فخارية و يقفل عليه بالشمع . أما بالنسبة لتعمير الخلايا و إسكان النحل بها ، فإن النحال البدائي كان يعتمد أساسا على ما تجود به الطبيعة ، و إعانته لها بطرق اكتسبها تدريجيا نتيجة احتكاكه بالنحل . و تبعا لنصائح " فرجيل Virgile " [ 70 ـ 19 ق.م. ] ، يجب أن تكون خلايا النحل مغطاة من الخارج لحمايتها ضد أعدائها و من تقلبات الجو ، مع تزويدها بأغطية منفصلة عنها حتى يمكن الزيادة في حجم بيوت النحل حسب توافر كميات مخزونها . و من أنفذ التوصيات و أحذقها عند " فرجيل " توجيه أبواب الخلايا نحو الجنوب midi ، و وضعها في أماكن دافئة لوقايتها من الرياح . كما أوصى بإعطاء الخلايا ميِلاً أماميا عند وضعها على الأرض ، حتى يتسرب منها ماء المطر إلى الخارج . و تكلم عن قص أجنحة الملكة [ كان فرجيل يقول الملك ] لمنع التطريد essaimage أو خروج الطرود [ التفريخ ] ، و ذكر أيضا استعمال الأصوات المزعجة و إرسال الرمل في الهواء لإرغام طوائف النحل الطائر [ الطرود = essaims ] على النزول لإصطيادها . [ يتبع ]
*لحسن بنلفقيه
25 - مايو - 2005
تاريخ النحالة : بقلم : جاك لوميرJacques Lemaire . ترجمة :الحسن بنلفقيه Benlafqih [تابع ] .    كن أول من يقيّم
 
حاول الرومانيون بطبيعتهم القانونية معرفة صاحب الحق في الطرود الطليقة ، و اتفق جمهورهم على أنها لمن حصل عليها الأول ، بقطع النظر عن مصدرها . و تجب مراعاة نظافة الخلايا بعد تعميرها ، و حفظها من العظايا و الخطاف و بنات وردان و فراشة الشمع . و أوصى " كولوميل Collumelle " اليوناني ، منذ القرن الأول للميلاد ، بمحاربة مرض النتن أو العفن الذي يصيب الحضنة couvain ، و كانت تستعمل لكل الحالات الوقائية تباخير الكالفانوم galvanum ، او وصفات غريبة يدخل في تركيبها الورد اليابس ، و القنطريون centaurée، و العفص noix de Galle ، و جذور أميليا Amélie مغلاة في خمر ، و كان كل الكتاب القدامى ينصحون باستعمال هذه الوصفات لوقاية المناحل . رحل النحل من الشرق و من منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى القوقاز ، ثم حاذى نهر الدانوب و اجتاز جبال الألب ليصل إلى أوروبا . احتفظت خلايا النحل بشكلها المستدير في كل من الشرق بآسيا ، أو في قلب إفريقيا إلى جبل طارق . و هي في غالب الأحيان من جذ وع أشجار مجوفة ، مغطاة بالأحجار و مستقبلة للشمس و في وضع عمودي ، كما تكون أحيان أخرى على شكل أسطوانات صغيرة من الفلين liège ، أو من خشب مثقوب ، و معلقة في الشجيرات المتسلقة lianes. انتقلت النحالة من القوقاز إلى أوكرانيا و رومانيا ، و من البلقان إلى الألب ، و بخاصة شمال إيطاليا ، ثم عمت كل القرى النائية . و استعملت خلايا خشبية أو معروشة على شكل قوالب السكر و مغطاة بالتبن [ بلغاريا ] ، أو صناديق خشبية [ رومانيا ] موضوعة عموديا و مثقوبة من أسفلها . و نجد أنماط جديدة من الخلايا غرب جبال الألب : هي عبارة عن سلال من أغصان السوحر ، لا يزال مربو النحل بهذه المناطق يستعملونها إلى يومنا هذا . و لم تعرف تربية النحل تقدما يذكر حتى أواخر القرن السابع عشر الميلادي . [ يتبع ]
*لحسن بنلفقيه
26 - مايو - 2005
تاريخ النحالة : بقلم جاك لومير Jacques Lemaire . ترجمة الحسن بنلفقيه Benlafqih [ تابع ]    كن أول من يقيّم
 
أعلام النحالة : لم تعرف تربية النحل تقدما يذكر حتى أواخر القرن السابع عشر الميلادي . في هذه الفترة ظهرت أعمال " سواميردام جان Swammerdam Jan " المزداد بأمستردام في 12. 2. 1637 ، الحائز على دكتوراه في العلوم سنة 1672 و المتوفى سنة 1680. نشر " سواميردام " كتابه المسمى " إنجيل الطبيعة " سنة 1667 و ضمنه أعماله الطلائعية في ميدان تشريح النحلة. و بفضل الإكتشاف الحديث للمجهر آنذاك ، استطاع " سواميردام " تدشين التشريح الداخلي للنحل ، و مكنت دراساته من معرفة المعدة المزدوجة المكونة من الحوصلة jabot و المعدة estomac [1]، و الأعين ، و الفم ، و الأرجل . و اكتشف كذلك المبيض المزدوج و قنواته عند النحلة الأم [= الملكة ] .
*لحسن بنلفقيه
26 - مايو - 2005
تاريخ النحالة : بقلم جاك لومير Jacques Lemaire . ترجمة : الحسن بنلفقيه Benlafqih . [تابع]    كن أول من يقيّم
 
أعـلام النحالة : " فرانسوا هوبير François Huber " ازداد سنة 1792 بسويسرا ، و مات سنة 1838 . قضى " هوبير " حياته في دراسة النحل . فقد بصره و هو لا يزال صغيرا ، إلا أنه استمر في أبحاثه بمساعدة و رفقة خادمه و ملازمه " فرانسوا بورنيسن François Burnesn " الذي كان يقرأ له و يتعلم بجانبه ، و الذي أبان عن جدارته و خبرته كملاحظ . درس " هوبير " مذكرات " ريومور " عن النحل ، و تحقق من اكتشافات " سواميردام " و " بوني " ، ثم قام بملاحظاته الشخصية بعد تجاريب عديدة تدل عن عبقرية فذة ، مكنته من اختراع الخلية الورقية ruche à feuillets التي تعتبر أم الخلية العصرية الحالية [ المعاصرة ] . " جان دزيرزون Jean Dzierzon " [ 1811 ـ 1906 ] . عيِّن قسيسا بـ Karmsmarkt ، و أنشأ منحلا مكونا من 500 خلية نحل ... اكتشف التوالد العذري parthénogenèse عند النحل ، و جرت حول هذا الإكتشاف مجادلة ساخنة بينه و " ديكيل Diekel " الذي يدعي أن البيض كله ملقح ، و أن الشغالات هي المسؤولة عن تحديد الجنس عند النحل . و ملخص الإكتشاف هو : " تتميز النحلة الأم [ الملكة ] بخاصية فريدة و هي أنها ، و حتى في حالة عدم إخصابها أو تزاوجها بذكر النحل ، تستطيع وضع بيض " خصب fertile " ـ غير ملقح ـ ينتج عنه بعد الفقس ذكـور . و هذا ما يعرف بالتوالد العذري . [ بمعنى أن الأم العذراء تبيض بيضا يعطي دائما و أبدا ذكورا ] ..... و تزودنا الوزارة عن هذا الموضوع بمعلومات مأخوذة من كتاب " النحل " لمؤلفه " جرترود هيس Gertrude Hess " هذا نصه :" قد تحاول شغالات النحل أحيانا إنقاد خليتهم من هلاك محتوم ، عندما تفقد الخلية ملكتها إثر مرض ، أو عندما تبقى الملكة عذراء غيرملقحة ، او إذا صارت جد مسنة و لم تعد تضع بيضا . في هذه الحالات ، و بالرغم من ان الشغالات هي إناث غير كاملة التكوين جنسيا ، و أنها لا تلقح من طرف الذكور نظرا لضيق أعضائها التناسلية و نقصان نموهذه الأعضاء ، فإن الغريب في الأمر أنها تحاول إنقاذ خليتها فتضع هذه الإناث بيضا غير ملقح يعطي ذكورا . و هذا دليل قاطع على أن تحديد الجنس عند النحل متعلق بالإخصاب أو التلقيح .و تعرف هذه الظاهرة الموجودة عند بعض الحيوانات الدنيا باسم :" التوالد العذري " . و يتمثل عند النحل على الشكل التالي : يمكن لكل انثى نحل غير ملقحة وضع بيض يعطي ذكورا . و في استطاعة كل ملكة نحل ملقحة وضع بيض ملقح ، أو وضع بيض غير ملقح ، و بكل حرية . فيعطي البيض الملقح إناثا [ ملكات أو شغالات ] . و يعطي البيض الغير الملقح ذكور . [ يتبع ]
*لحسن بنلفقيه
26 - مايو - 2005
 1  2  3