العرب والتكنولوجيا... كن أول من يقيّم
قد يعجز اللسان العربي حين يخوض هذه التجربة والمتمثلة في الإجابة عن هذا السؤال الفلسفي: لماذا تخلف العرب تكنولوجيا ??
صحيح أن الأوائل كانوا سباقين الى اكتشافات في الطب والهندسة والفلك والرياضيات... صحيح أنهم بنوا للخلف ارثا ثقافياـ حضاريا لا مثيل له ، واستغله الغرب بعد ترجمته الى لغاتهم ليحققوا النهضة ثم التطور العلمي المعاصر المذهل ، ومن يدري غدا ما الابتكارات التي سيطالعنا بها هذا الغرب المتحضر .
لكن ودون الغوض في الأسباب السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي كانت وراء سبق الغرب وتخلف العرب تكنولوجيا ، أقف عند النقطة الحساسة التي أفاضت الكأس ، وهي : التعليم .
ان التعليم في البلاد العربية لا يزال ينهج منهجا نظريا صرفا ، والمتعلم يستهلك الدروس والمعلومات ليتقيأها يوم الامتحان ، ثم تسلم له شهادة الاعتراف بالانتقال من مستوى الى آخر ... وهكذا دواليك الى أن ينتهي بشهادة دكتوراه أو دبلوم عال ، ولكن ، لو قدر لك وأن أجريت معه حوارا في أمور خارجة عن المدرسة لوجدته أميا عاجزا عن الإجابة . فلو أعطيته محركا معطلا مثلا وطلبت منه اصلاح العطب فيه لبدا لك جاهلا لا يفقه أي شيء. لو انطفأ مصباح في منزله لوجدته يجري بحثا عن كهربائي ليصلح له العطب ، بل ليبدل المصباح المنطفئ بآخر جديد. وهنا يحق لنا أن نتساءل: ماذا أفرز لنا تعليمنا في الأرض العربية ? العباقرة أم السذج ? الأذكياء أم العجزة ? المهرة المتمكنون من العلوم أو حفظة أبيات شعرية وتضاريس جغرافية ?
ان تخلفنا تكنولوجيا يرجع أساسا الى نمط مناهجنا التعليمية وأهدافها ومراميها . ان هذه البرامج والمناهج تخضع لسياسة الدولة كي تحافظ على وجودها وبقائها ليس الا .
أما أن نكون دولا متحضرة ومتكنجة( ان صح هذا اللفظ ) فانه لا بد من الإيمان بالتعليم النظري الذي يوازيه تعليم تطبيقي والذي يتطلب من الدول العربية انشاء معاهد ومؤسسات خاصة بهذا التطبيق ، مع دعم المواهب وذوي الفكر الخلاق بكل الوسائل المادية والمعنوية قصد الانتفاع من ابتكاراتهم . والا هاجر هؤلاء النوابغ الى الدول الغربية التي تضمن لهم هذه الضمانات . اننا شعوب مغلوبة مستهلكة ، ومستغلة [ بفتح الغين ] من لدن الشركات العظمى في الدول الراقية .
هذه وجهة نظري في هذا الموضوع باختصار ، وللحديث بقية ان شاء الله تعالى. |