البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : جذور الصراع الطائفي في العراق    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )

رأي الوراق :

 صادق السعدي 
6 - مايو - 2012
 
 
    أسباب عديدة كانت تقف حائلا بيني وبين الكتابة في موضوع أراه يمثل جوهر المحنة التي عاشتها أمتنا العربية والإسلامية من قرون ولا زالت تعاني وتقاسي في ظل أوضاع عربية وإسلامية بائسة وكارثية يساهم الباحث والمثقف قبل رجل السياسة المنتفع في دعم مشاريع خطيرة مشبوهة يدفعه في ذلك قصور في الرؤية وفهم خاطيء لطبيعة الصراع التاريخي على أساس مسبقات وخلفيات تاريخية ومذهبية إذا جاز لرجل الشارع البسيط أن يسقط في فخّها، فمن المعيب أن يكون المثقف أو المفكر طرفا في صياغتها وتصديرها لوضع المزيد من الحطب على النار في قنوات إعلامية وصحف صفراء رخيصة مسيّسة الى قرونها والتي لا تنطح عدوا ولا تدفع الضرّ عن صديق. كنت كلّما تقدمت خطوة للكتابة في موضوع كهذا على أهميته وخطورته أجد الخوض فيه مجازفة لا تصرفني عنها خشية أحد من الناس أو خوف خسارة مادية أو معنوية، فليس عندي ما أخسره وأنا في الخمسين، أو أخشى ضياعه وأنا في بلال الغربة. ما أخشاه حقا أن لا أعطي موضوع في حقيقته مشروع لا أزعم أنه يرتقي الى مستوى وضع اليد على جوهر الصراع الذي كان ولازال يمزق الأمة الى طوائف وفرق متناحرة. فقد كتب الكثيرون في هذا المضمار، وأسهمت نخبة من رجال الفكر والثقافة والأدب في رأب الصدع ومحاولة تضييق الفجوة بين الأطراف المختلفة عن طريق الكتابة والمؤتمرات والندوات الدينية والثقافية. ولم تثمر كثيرا تلك الجهود المبذولة في جمع الأمة أو على أقل تقدير إيجاد قواسم مشتركة قد لا تعالج جوهر الصراع ولكن تجمع الأطراف المتخاصمة على أساس المصالح المشتركة والتنبيه على أن المعركة الحقيقية في ساحة أخرى ساهم العدو الحقيقي في ذكاء وتقنية عالية أن يجعل الحرب خارجها وفي بيت المختلفين من أبناء العمومة والخؤولة.
يتبع...
 3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
جدلية الحب والبغض 9    كن أول من يقيّم
 
 
   إنّ محولات التبرير غالبا ماتكون مقنعة للموالي أو المحب، لكن كيف لك أن تزيل تلك الصورة النمطية الموروثة من تاريخ يكتسب شرعيته في الحب أو الكراهية بفعل الشحن المستمر واستحضار المشهد معززا بكل ما يملكه رجل الدين أو المثقف المنخرط في مشروع الدولة المذهبية من أدواة معرفية ومن مصداقية وتأثير في أتباعه، أو ذلك الكتاب أوالوسيلة الإعلامية باختلاف صورها، في قدرتها على الإقناع سلبا أو إيجابا.
   إشكالية كبيرة في جدلية الحب والكراهية أن يكون ما هو مدان وجريمة منكرة في نظر المبغض، عبقرية وانجاز تاريخي في نظر المحب!
   أنظر في ما يقوله حافظ إبراهيم حيث أراد صياغة مثل هذه المفاهيم التي لهج بها المؤرّخ الناثر في قالب شعري مؤثّر من قصيدته أو ملحمته العمرية:
وقولـــــة لـعلـيّ قالــها عمــــر       أكرم بسامعهــا أعظــم بملقيـــها
حرّقتُ دارك لا أبقي عليك بها       إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها       أمــام فــارس عدنان وحاميــــها
كلاهما في سبيل الحق عزمتـه       لا تنثني أو يكــون الحـق ثانيــها
فاذكرهمـا وترحّم  كلما ذكروا       أعاظـما ألّهـوا في الأرض تأليـــها
*صادق السعدي
1 - يونيو - 2012
جدلية الحب والبغض 10    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
وقد قرأنا في كتب الأدب أن من حفظ أربعين قصيدة للطائيين- أبي تمام والبحتري- ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ إنسان! وهذا صحيح بالاستقراء، وما شذ فهو قليل. وقد جعلوا عبقرية الإنسان في ذاكرته. والذاكرة كما هي نعمة، قد تكون أيضا نقمة كبيرة عندما تصبح جهاز استنساخ لصور نمطية حاكمة على العقل. في هذه الحالة تكون أداة طاردة للفكر الموضوعي، تعيق القدرة الذهنية على الفرز والمقابلة بين الأشياء المختلفة، والاستنتاج الحر. 
    الحضور الدائم  للموروث، يرسّخ الصور النمطية في العقل والقلب، فتأخذ شرعيتها عقلا ومنطقا في غياب صورة مختلفة تزاحمها في قوة الحضور. ولا علاقة للمنطق في هذه المعادلة بين الغياب والحضور. لأن الشرط الضروري غائب أصلا: المقابلة بين الأشياء المختلفة والقدرة على الاستنتاج الحر. وبالتالي عليك أن لا تستغرب عندما تكون حماراً في ظل هذه الإشكالية! لأن العقل في ظلها مصادر لحساب الصورة النمطية.
    وإذا كنت جادا في البحث عن الحلول، لابدّ لك أولا أن تبحث في أصل المشكلة. والمشكلة هي شعور بالألم كما يقول عبد الرحمن بدوي، يحدثه الطابع الإشكالي ووجوب رفع هذا الطابع وإزالته..
   فهل نحن نشعر حقا بألم المشكلة ؟ وهل نريد إزالة هذه الإشكالية فعلا؟
   أن أكون حمارا، أو تنطبق السماء على الأرض أخفّ عندي من إزالة الصورة النمطية وتحمّل ألم لا يطاق من قول المخالف لي في العقيدة: إنك قد حبست وجودك وسعادتك على خرافة كبيرة أوأسطورة زائفة لا يقبلها العقل، ولاسند يدعمها إلا الأقاويل.
   عندما يتعرّض جهازك المناعي للخطر، لا شيء يمنعك من القول:
   اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء..!!
*صادق السعدي
1 - يونيو - 2012
التعايش الداخلي والتدخل الخارجي    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
  العراق اليوم منقسم عمليّا بين جنو ب شيعي عربي، وشمال كردي، ومنطقة غربية عربية سنية. ومناطق ومدن أخرى تعيش فيها أقليات وقوميات وأديان مختلفة. أما بغداد فقد بقيت عاصمة يغلب عليها الطابع العربي السني.
  ومن الغريب أن يكون الاختلاف المذهبي سببا في العمران، والغالب أن يكون سببا في الموت وخراب البيوت! فقد جاءت مع الحملة العثمانية كما ذكروا عشيرة عربية – لا يهم إن كانت عربية أو تركية أو خليطا من الجنسين- لتسكن الى جوار أبي حنيفة النعمان، تحمي قبره من عبث الصفويين! متى كانت العقيدة السنية تؤمن بقدسية قبر أحد من الناس، فضلا عن حمايته ممن يريد هدمه وتسويته بالأرض! ربما لرمزيته  المذهبية أو عدم التشدد في مسألة بناء الأضرحة على القبور في العراق، هذا ما حصل. وحول القبر قامت مدينة الأعظمية، واتسعت بعد ذلك لتكون معقلا كبيرا لسنة العراق. وكان آخر مشهد من مشاهد التعبير عن التخندق الطائفي في الشدائد والأزمات والخوف من ضياع المكاسب، ظهور صدام حسين في مدينة الأعظمية يلوّح للجماهير المشحونة عاطفيا ومذهبيّا، ليختفي بعد ذلك..
   على نفس الضفة الشرقية قرر الزعيم عبد الكريم قاسم في سنة 1959 إنشاء مدينة لسكان الصرائف القادمين من جنوب العراق.هربا من الفقر والبحث عن الوظيفة والعمل. هذا الزعيم المتهم بالشوفينية والقطرية والدكتاتورية والعداء للعروبة لم يكن يملك بيتا أو مالا ولا زوجة أو طفلا يرثه بعد موته، جريرته أنه بنى بيوتا للفقراء الشيعة، وحاول أن يجعل كفتي الميزان على حدّ سواء ولم يستطع، في صراع لم يكن يوما يقبل القسمة بالتساوي. مدينة الثورة التي أخذت اسمها من ثورة 14 تموز، أصبحت بعد ذلك مدينة صدام، ثم مدينة الصدر.
   هذا التداخل والتعايش غير المنطقي في عرف النزاعات المذهبية في مدينة واحدة- بغداد- يتوزع على امتداد ضفتي نهرها الشيعة والسنة بطريقة ملفة للنظر، ومثير للتسائل عند غير العراقين من العرب: كيف تعايش السنة والشيعة في ظل هذا التداخل والانقسامات المذهبية؟! لماذا لم يكن يحدث قبل سقوط بغداد ما حدث بعد ذلك من فتن وقتال ومذابح بين السنة والشيعة؟
    الأكيد أن وجود دولة مركزية قوية يمنع في الغالب إمكانية نشوب نزاعات عرقية أو مذهبية، لكن هل هذا يعني أن التعايش السلمي بين الشيعة والسنة خصوصا وبين الطوائف والأقليات الأخرى في العراق كان مجرد شيء ظاهر يخفي في باطنه غليانا ينتظر من يرفع عنه الغطاء؟
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
التعايش الداخلي والتدخل الخارجي 2    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
   لم يشهد العراق استقرارا سياسيا أو اقتصاديا أو جتماعيا إلا في فترات محدودة متقطعة من تاريخه، منذ الفتح الإسلامي وحتى سقوط الدولة العثمانية واحتلال بريطانيا للعراق وقيام الملكية بمباركة دولة أجنبية غربية هذه المرة! حروب وثورات وانتفاضات، وسقوط دولة وظهور دولة جديدة، أوبئة ومجاعات وفيضانات لا تنقطع لنهر دجلة والفرات.
   إن التداخل والتعايش السني الشيعي في بغداد خصوصا وفي بعض المناطق المختلطة دينيا ومذهبيا وعرقيا، كان في ظلّ بناء بعض المدن واتساع ما كان موجودا منها. ومع البناء والتوسعة العمرانية، تتداخل الأعراق والمذاهب، وتتبدل طبيعة التركيبة السكانية  للمكان، وتظهر مفاهيم جديدة في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وتخف شيئا فشيئا النزعات العنصرية والمذهبية وكثير من التقاليد والأعراف الاجتماعية.
    وفي ظل استقرار اجتماعي وسياسي واقتصادي وبناء المدارس والجامعات، وانتشار التعليم بين الناس الذي أخذ يظهر تدريجيا منذ تأسيس الدولة العراقية، أثر أيجابا على طبيعة العلاقة بين مكونات الشعب العراقي. ومع المجاورة واللقاء والتحاور والعمل والمصلحة المشتركة، يحصل التفاهم والانسجام وكذلك المحبة والزواج بين المختلفين مذهبيا وعرقيا..
   في هذا الجو من الانسجام والترابط الأسري، كانت تتوارى تماما الخلافات المذهبية بين الشيعة والسنة. لم يكن اسم أبي بكر أوعمر يثير حساسية الشيعي وهو في حضن زوجته وحبيبته السنية، ولا زوجة الرجل السني وهي تجلس الى جواره يداعبها ويهمس في أذنها بكلمات الغزل وهي تدفعه بتصنّع، تتوارى الصورة الموروثة في طيّات ذاكرة مهملة. قد يثيرها نزاع اجتماعى أو اقتصادي أو أسري وهو أمر نادر الوقوع. ولكنّ البلاء في الخلاف السياسي!
   لماذا لم يكن الخلاف له طابع شعبي يتمثل في صراع المدن والجماعات، أي أنّ الطائفية العراقية هي ليست طائفية شارع، وإنّما طائفية سياسية رسمية تتصل بالسلطة التي اتخذت لنفسها مذهبا حاكما مارست من ورائه التمييز الطائفي ضد المذهب المحكوم كما يقول حسن علوي في كتابه الشيعة والدولة القومية. كتاب أصدره المؤلف وهو خارج العراق سنة 1989. والرجل كان قريبا من الرئيس العراقي السابق صدام حسين ومطلعا على الكثير من الأسرار والحقائق المتصلة بموضوعنا هذا، وقد هرب من العراق بعد وصول صدام الى السلطة بأعوام قليلة. لعلّ ممارسات القمع الممنهج والطائفية السياسية  التي مارسها النظام ضد أكثرية الشعب العراقي كانت واحدة من أهم أسباب ذلك القرار.
    ويضيف الكاتب نفسه:إنّ التمييز الطائفي وليس الانتماء لطائفة يجعل الانسان طائفيا.. وبديهي أن من يمارس التمييز الطائفي ينبغي أن يكون في مركز القوة كأن يمتلك امتيازات عامة قابلة للتوزيع فيسعى الى توزيعها بطريقة منحازة...)
 
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
التعايش الداخلي والتدخل الخارجي 3    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
   لم تكن هناك طائفية في العراق قبل الاحتلال الامريكي. هذا ما نسمعه غالبا في وسائل الإعلام المرئي والمقروء، حتى صار بعض الشيعة خوفا من اتهامه بالطائفية، أو تملقا لوسائل إعلام نفطية يردد هذا الكلام. وليس غريبا أن يسيل لعاب البعض لرائحة النفط وقد ماتت عنده حاسة الشم والتذوّق السليم! ومن لا يعرف يقول عدسا!
   وقد كررت كثيرا في هذا الملف كلمة سنة وشيعة، ولا يتصور البعض أعني بهما الإستاذ الجامعي غير المسيّس أو معلم المدرسة، أو الطبيب والمهندس، سائق التكسي، العمال والكسبة المطحونين المهمومين بلقمة العيش وانجاب الأطفال بالتوكل على الله  في الرزق..
   إنّ الطائفية مرض مستوطن في المؤسسات الدينية، والأحزاب السياسية، والنخب الثقافية العاملة في مشروع الدولة المنحازة غالبا- إن لم نقل دائما- لمذهب تحكم من خلاله الناس، فيكون التمييز والإقصاء لغير المنتمي لهذا المذهب أو ذاك نتيجة طبيعية لابدّ منها.
   أليس من الغرائبية أن يكون المواطن العربي في المشرق أو في أقصى المغرب، ممن لا يعرف جغرافية بلده، ولم يسأل يوما كيف وما هي طبيعة الحكم في بلاده. من يحكمه وما هي ارتباطاته الخارجية؟ أين ثرورة البلد؟ لماذا عليه أن يقدم فروض الطاعة والولاء لملكه، أو أميره يناقش الظروف السياسية والاقتصدية والاجتماعية لبلد يجهله ويدسّ أنفه في شأن لا يعرف عن طبيعته ونشأته فضلا عن كيفية إيجاد حلول مناسبة له؟! إنّه لا يعرف إن كانت السماوة أو العمارة أو الحلة.. شمالية أم جنوبية.! وإذا عرف ذلك بنظرة سريعة على خارطة الوطن العربي، لا يعرف عن أهلها ولا طبيعة مجتمعها ولا عاداتهم أوتقاليدهم، ما يحبون وما يكرهون، ما يعرفون وما يجهلون إلا بمقدار ما يعرف أن الإمام على بن موسى الرضى كان حاكما صفويا لأنه مدفون في مشهد أو خراسان!
   ولو توقف الأمر على هؤلاء لهان الخطب وسهل العلاج والتمسنا للجاهل العذر وما أكثرهم في المشرق والمغرب. ولكنّ المصيبة العظمى أن هؤلاء يقعون بسبب الفقر والجهل والمشاكل الاجتماعية والسياسية والبطالة وما ينتج عن ذلك كله من انسان مأزوم معقد ومريض، وعلى استعداد تام أن يكون حزاما ناسفا أو سيارة مفخخة، مشروعا لدوائر مشبوهة في هذا البلد العربي أو ذاك الأجنبي، لرجال دين موتورين أعماهم التعصب وثقافة إقصاء الآخر بالعنف والقتل بالفتاوى الدينية
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
التعايش الداخلي والتدخل الأجنبي 4    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
   لقد بدأت الطائفية في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية بقرار ومباركة بريطانية. ولا أتصور أن بريطانيا العظى يمكن أن تقوم بتسليم الحكم للأقلية العربية السنية في العراق بدوافع الثأر من الشيعة الذين ثاروا ضد سياستها الاستعمارية كما يرى كثير من الشيعة. وإن كان مثل هذا الأمر قد راود ذهنية بعض الساسة البريطانيين في حينها، فلا نتصوّر أن يكون هو السبب في سياسة الدول الكبرى في العالم.
    لعلّ بريطانيا لم تكن تنظر الى العراق بوصفه مستقلا عن بقية أجزاء الوطن العربي ذات الأغلبية السنية. فإذا كان الشيعة في العراق أغلبية، فهم أقلية بالنسبة الى محيطهم العربي الكبير. ولا زلنا نسمع من يتحدث عن الشيعة في العراق بهذا التوصيف المذهبي: إنهم أقلية لأن العراق جزء من الوطن العربي السني! فإذا كان الأمر كذلك، لماذا يذبح أبناء العراق بهذه الطريقة منذ تسع سنوات وهم يتفرجون، أو يتدخلون في شأنه سلبيا ولأغراض ومنافع خاصة بهم لا تعود بالخير أو النفع لأهل العراق سنة أو شيعة. على هذه الدول التي تمتلك ثروات هائلة من واردات النفط، إن كانت صادقة في هذا التوجه القومي أن توزع تلك الثروة لا أقول على فقراء العراق بل على دول عربية سنية تعيش في عشوائيات وخرائب وأكواخ بدل من تصدير الأزمات..
    لم تكن فكرة القطرية موجوة في العراق أو العالم العربي عموما والذي كانت تحكمه دولة الخلافة الإسلامية. وحتى بعد سقوط الدولة العثمانية، كانت النزعة العامة في الوطن العربي متجهة نحو فكرة الوحدة العربية أو الوحدة الإسلامية. بل كثير من علماء الشيعة في العراق كانوا مع دولة الخلافة الإسلامية متناسين جراحهم والحصاد المر من هذه الدولة، حفاظا على بيضة الأسلام من نوايا الغرب تجاه العالم الإسلامي. وكان انخراط الشيعة بالعمل القومي كبيرا، يكفي قراءة أسماء القوميين والبعثيين الشيعة الذين دفعوا حياتهم ثمنا لهذا المشروع، دليلا على بطلان تهمة القطرية أو الانتماء لمشاريع أجنبية بدوافع مذهبية.
 
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
التعايش الداخلي والتدخل الخارجي 5    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
   ما كان العراق يوما خارج المنظومة العربية حتى بعد التقسيم وظهور الدول القطرية. ويجب ألا ننسى أن الدولة العثمانية التي حكمت العراق قرابة أربعة قرون كانت سنية. وكان اختيار ملك عربي سني قد عزز سلطة الأقلية وتهميش الأكثرية الذي غاب صوتها في البرلمان الملكي إلا من ظل شاحب لوزارة غيرة مؤثرة استكثروها على من وصفوهم بالجهال والأميين! ليصبح ساطع الحصري الذي جاء الى العراق بمعية ملك حجازي، ساطع الحصري بتناقضاته وغرائبه وتعليمه التركي وانتمائه الى الحزب الطوراني المعادي للعروبة والدين، المنقلب بلا مقدمات منطقية الى قومي عربي يشرف على مناهج التعليم في العراق وُيعلّم برطانته أكثرية الشعب العراقي لغة العروبة التي يجهلونها!
   إن من واجب الدولة تعليم أبنائها وتأهيل الفرد ليكون منتجا في مجتمعه، لا أن تقصيه وتحرمه من فرص التعليم المتكافئة والوظائف المهمة في الدولة مما يعزز عنده الشعور بالاغتراب في وطنه وأنّه مستهدف بسبب عرقه أو انتمائه المذهبي..
  لقد مارست بريطانيا منذ تأسيس الدولة العراقية سنة 1921 لعبة التوازن ومسك كل طرف من اليد التي تؤلمه بترسيخ المذهبية في العراق، أقلية تستأثر بالسلطة لتعزيرموقعها وتعويض النقص العددي بالكم النوعي، والسيطرة على جميع المرافق الحيوية والاستراتيجية للدولة. وفي هذه الحالة لابد من نشوب صراع بين هذه الأقلية الحاكمة، وبين أكثرية تشعر بالتهميش والإقصاء والتعدي على حقوقها. وهذا ما تريده وتفعله كل دولة استعمارية، صراع داخلي مستمر بين أبناء الوطن الواحد يشغلهم عن التفكير في التخلص من الهيمنة الأجنبية. فالأقلية بحاجة الى سند هذا الأجنبي، لأن تمرّدها يعني حرمانها من الدعم الذي لولاه ما استطاعت الوصول الى الحكم، وأكثرية مقموعة لا تستطيع تغيير المعادلة إلا بالتحالف والاستقواء بالأجنبي أيضا. وهكذا أصبحت الأقلية- بساستها تحكم- والأكثرية- بفقرائها- في العراق تلطم! حتى سقوط هذا النظام بقرار أمريكي بريطاني في 9 نيسان 2003.
   ومنطقي أن ما بدأ من الخارج ينتهي غالبا بقرار من الخارج. لتظهر تحالفات جديدة في ظل قوة ومنظومة جديدة، في لعبة ليست بجديدة!
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
كلمة أخيرة    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
 
   أزمة حاضرة وتاريخ مأزوم وأسئلة قد لا نجد لها أجوبة، وإن وجدنا اختلفنا عليها، على حساب الواقع بكل تحدّياته التي تواجهنا كلنا ونحن في عصر تغلبت فيه النزعة المادية الدنيوية، وأصبح جوهر الدين ينسحب شيئا فشيئا من واقع حياتنا، إما لصالح التطرف الديني، أو التطرف المادي. 
    نحن بحاجة فعلا الى مراجعة ووقفة قاسية مع الذات والذهنية التي أفسدتها المداومة على القراءة والنظر بعين واحدة. هل سأل أحدنا نفسه كيف يمكن أن نكون موضوعيين في خصومتنا ونحن لا نقرأ إلا الضئيل القليل من كتب المخالفين لنا عقديا أو مذهبيّا. وحتى عندما نقرأ لا نكون في مناخ يمنحنا القدرة على أن نكون منصفين وموضوعيين. وإن جلسنا للحوار يتربص أحدنا بالآخر تربص العدو بعدوه، لا يستمع إليه إلا وهو حانق معبّأ بأجوبة تاريخية  محفوظة. شعاره: إما أن تقنعني، وهذا مستحيل طبعا، أو أقنعك وهذا هو الحق الذي يجب أن يكون!
    نحن نخشى أن نكون موضوعيين صادقين مع أنفسنا، فنخسر جدارنا الذي نتّكئ عليه!  مذهبنا الذي ننتمي إليه. إنها بالفعل خسارة كبيرة لا يجازف فيها إلا من قرر أن يفر من مذهب الى آخر. أي من حماقة الى أخرى ومن خندق طائفي الى خندق مثله.
 
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
شكر واعتذار    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
 
   قبل غلق هذا الملف، لابدّ من تقديم الشكر لكل من ساهم فيه برأي موافق أو مخالف. شكرا لمن انتقد وعلّق وتساءل ,أضاف أواعترض أو غضب. واعتذار حقيقي لكل من رأى فيما كتبته تجريحا، تلميحا أو تصريحا برموز لم يسمع أو يقرأ عنها إلا كل خير وثناء عاطر. ولا أدعي أني بالضرورة كنت موضوعيا أو دقيقا أو حتى مؤهلا للكتابة في مثل هذا الموضوع الشائك والملتبس، وأنا أدون مشاعر وانفعالات وصورا ومواقف وركاما من تاريخ لم نكن شهودا عليه، ولا نعرف عنه إلا ما نقل الرواة وما زعموا.
  كيف لا نختلف في التاريخ ونحن مختلفون في حاضر نشهده بالصوت والصورة! نختلف لأن الموضوعية نسبية والحق كلمة يدعيها كل طرف لنفسه. وقد حاولت أن أستعرض آراء ربما لا يعرفها البعض، أو قرأها بعين واحدة، وظرف مختلف. وفي الإعادة إفادة كما يقولون. كم قرأنا لكننا لم نفهم أو نتعقّل أو نقبل ما يخالف ذائقتنا وموروثنا إلا القليل القليل من ذلك الكم الهائل الذي قرأناه. كنت في كل ذلك متحدثا ربما باسم الشيطان أنقل آراءه وأحزانه ومخاوفه وأوهامه ووساوسه، وربما كان هذا الشيطان قابعا في اللاشعور يُنطقني ويمدني بالحيلة والكيد! ومن يقرأ دفاع الشيطان عن نفسه في الفصل الذي كتبه الشهرستاني في الملل والنحل يتهم هذا الرجل في دينه وسلامة عقيدته، وهذا بالفعل ما حدث. وما جعل الغزالي يكسر مغزله، وقبله أبو حيان التوحيدي يحرق ما كتب!
   ليس ما كتبته فتحا يعيد المياه غزيرة صافية لنهر دجلة والفرات، ولا هو محاولة للطعن والغمز واللمز، لأن القاريء أذكى من أن نلعب عليه بهذه الطريق الباردة! إنما هي تساؤلات سمعتها كثيرا، وقرأتها كثيرا، وشاهدتها في أكثر من مكان كنت أصلي فيه وأنا وحيد في جمع مختلف! في جامع السليمانية- استنبول- قرأت في العيون أسئلة حائرة،ونظرات غريبة في شخص غريب، يصلي بطريقة مختلفة مع جماعة مختلفة! مزحة في مكان لا يحتمل المزح ولا الكمرة الخفية!
   لماذا كان الحديث عن عمر بالذات؟! لأن الخلاف في عمر، ولو كان الخلاف في علي لم يختلف الأمر شيئا. وقد كتبت فصلا في العصمة والخلافة عند الشيعة لم أنشره في هذا الملف خشية الإطالة، ولأنه قد لا يتصل كثيرا بموضوع هذا الملفّ تركته ربما لمجلس آخر إن شاء الله.
   شكرا للجميع، وعذرا للجميع.
والله من وراء القصد
 
*صادق السعدي
5 - يونيو - 2012
 3  4  5