مقدمة علم المعاني - ب كن أول من يقيّم
- ( ص ): مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ وَضِدَّهُ: الْخَبَرْ،vوَغَيْرُهُ الإِنشَا لَدَى أُولِي النَّظَرْ، وَاسْتَلْزَمَ الإِنشَا لَهُ ، وَالصِّدْقُ v طِبَاقُهُ الْوَاقِعَ ؛ وَهْوَ الْحَقُّ ، وَالْكِذْبُ عَكْسُهُ ، وَقِيلَ : الْكَذِبُ v خِلافُهُ لِلاعْتِقَادِ يَجِبُ ، وَالصِّدْقُ عَكْسُهُ ، وَإِن لَّمْ يَعْتَقِدْ v فَذَاكَ قُلْ وَاسِطَةٌ وَّلْتَجْتَهِدْ ، وَكَوْنُهُ وِفَاقَ ذَيْنِ : اللافِظُ v بِهِ هُوَ الرَّاغِبُ بَلْ وَالْجَاحِظُ ، وَالْكِذْبُ عَكْسُهُ وَغَيْرُهُ جُلِبْ v وَاسِطَةً لَّيْسَتْ بِصِدْقٍ أَوْ كَذِبْ، وَبَعْضُهُمْ صِدْقًا وَّكِذْبًا ذَا وَرَدْ. v وَقَدْ أَبَى الْخَبَرَ قَوْمٌ أَن يُّحَدّْ . وَالْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ مَدْلُولُ الْخَبَرْ، v وَبَعْضُهُمْ ثُبُوتُهَا عَنْهُ اشْتَهَرْ، وَمَوْرِدُ الْكَذِبِ ذَاتُ الاِسْتِنَادْ، v وَذَاتُ تَقْيِيدٍ عَلَى رَأْيٍ تُزَادْ. - ( ش ) : الكلام البليغ : هو الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال ، ولذلك ؛ لا بد أن يكون هذا الكلام صادقًا ؛ فإن كان كاذبًا : لم يكن بليغًا بمرَّةٍ ؛ إذ هو ليس مطابقًا للواقع أصالةً حتى يكون مطابقًا لمقتضى الحال بالتبعية ! ، ولذلك قُدِّم هذا المبحث لمعرفة ما الصدق وما الكذب وما الكلام الذي يمكن وصفه بهما وما لا يمكن وصفه . - والكلام من الحيثية المذكورة على قسمين : خبر وإنشاء . - فالخبر : ما احتمل الصدق والكذب لذاته ، بمعنى أنه كلام إن تفكرنا في معناه جوز العقل أن يكون هذا الكلام صادقا وأن يكون كاذبا ، بقطع النظر عن حقيقة الأمر ، فمثلاً قولنا السماء فوقنا هذا كلام من حيث ذاته قضية تحتمل الصدق والكذب ، لكنه صادق قطعا باعتبار التحقق في الخارج لا باعتبار مفهوم الكلام لذاته . وقولنا الأرض فوقنا هذا كلام من حيث ذاته قضية تحتمل الصدق والكذب ، لكنه كاذب قطعا باعتبار عدم التحقق في الخارج لا باعتبار مفهوم الكلام لذاته . - أما الإنشاء : فهو ما لا يمكن وصفه بالصدق أو بالكذب نظرا إلى أن معناه لا يتحقق إلا بعد النطق به ، وليس هناك من شيءٍ ماضٍ نرجع إليه لنقول بأنه صدق في الإخبار عنه أو كذب ، فمثلاً قولنا اقرأ مفهومه وهو طلب القراءة لا يحصل إلا بعد نطق هذا الأمر وليس له وجود قبل ذلك كي نصفه بصدق أو كذب ، وهذا أيضا باعتبار ذاته ، فقد يوصف الإنشاء بالصدق أو الكذب لأمر خارج عنه ، فمثلا : عندما يسألك إنسان عن شيء فتقول له كاذب سؤاله من حيث هو سؤال لا يوصف بصدق ولا كذب ، ولكن وصفته بالكذب إشارة إلى أن هذا السائل يدعي الغباوة أو الجهل وهو على خلاف ذلك وهذا أمر خارج عن مفهوم السؤال . - أما الصدق : فهو مطابقة الخبر للواقع ، يعني أن يكون المفهوم للكلام عقلاً مطابقٌ للحقيقة في الخارج ، فقولك النار حارقة ، هذا خبر صادق ، لأن النار في الحقيقة حارقة. - وأما الكذب : فهو مخالفة الخبر للواقع ، كقولك الحسك لين الملمس . - بقيت أبحاثٌ ستشرح تتميمًا لشرح النظم لكنها لا تهم الطالب فلا بأس أن يضرب عنها صفحًا . - فللصدق والكذب تعريفات أخر غير ما تقدَّم . - قال النظَّام ومن شايعه / إن الصدق : ما طابق اعتقاد المتكلم ، والكذب : ما خالفه ، ولا اعتداد بالواقع . فمثلاً / إذا قال المتكلم : السماء تحتنا ؛ واعتقاده كذلك ؛= فهو صادق - وإن كان كلامه مخالفًا للواقع قطعًا ، وإن قال : السماء فوقنا ؛ واعتقاده ليس كذلك فهو كاذب - وإن كان كلامه مطابقًا للواقع قطعًا . فإن لم يكن معتقدًا لشيءٍ ؛ بل هو شاكٌّ متردِّدٌ ؛= فإن الكلام حينئذٍ لا يوصف بالصدق ولا بالكذب ، بل هو واسطةٌ بينهما . - وقال الجاحظ والراغب وأشياعهم / إن الصدق : ما طابق الواقع واعتقاد المتكلم معًا ، والكذب : ما خالفهما معًا . وثمَّة أقسامٌ أربعةٌ تسمى واسطةً ليست بصدقٍ ولا كذبٍ : 1) مطابقة الواقع ومخالفة الاعتقاد . 2) مطابقة الواقع بلا اعتقادٍ . 3) مخالفة الواقع ومطابقة الاعتقاد . 4) مخالفة الواقع بلا اعتقادٍ . - هذان تعريفان مغايران لما تقرَّر ، لكن - كما سبق ؛ العبرة في البلاغة : بمفهوم الكلام ذاته، دون الأمور الخارجة عنه ، واعتقاد المتكلم خارجٌ عن مفهوم الكلام ، فلا علاقة له لوصف الكلام بالبلاغة أو عدم وصفه بها . - بقيت مسألتان أخيرتان : - الأولى / ما مدلول الخبر ، أي ما ماصدق الخبر ، هل هو الحكم بالنسبة ثبوتا أو انتفاء ، أم أن ماصدقه هو ثبوت النسبة ذاته أو انتفاء النسبة ذاته ؟! ، قولان ، والفرق بينهما أن الأول يعني في قولنا مثلا زيد قائم = الحكم بقيام زيد ، والثاني يعني = أن زيدا قائم فعلا، الأول يحتمل الصدق والكذب على سعة ، أما الثاني فهو لا يعني إلا صدق هذا الخبر وحسب أما الكذب فهو احتمال عقلي لا أكثر وهذا القول الثاني هو قول القرافي وارتضاه التفتازاني في المطول - الثانية / ما النسب التي يرد فيها الوصف بالصدق والكذب ؟ ، اتفقوا على النسبة الإسنادية ، وزاد البعض النسبة التقييدية وهو الراجح . |