البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أعاصير القرن الحادي عشر    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
14 - سبتمبر - 2010
في القرن الحادي عشر الهجري نشبت بين المسلمين أكبر حروبهم في التاريخ وأسفرت هذه الحروب عن خريطة العالم الإسلامي التي لا تزال قائمة حتى اليوم، كما لا تزال الأسر التي أدارت رحى هذه الحروب تحتل مكانتها في إدارة دفة الأحداث (سواء من تحت الطاولة أم من فوقها) وعلى وجه الخصوص في لبنان، ويعتبر كتاب (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر) للمحبي من أهم المصادر التي يستعان بها في الكشف عن ملامح هذه الأسر التي ذهبت في ديانتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فكان ينام الرجل مسلما ويصبح وأسرته عن بكرة أبيها قد اعتنقت النصرانية، أو يضحي نصرانيا ويصبح وكل آله قد اعتنقوا الإسلام، والحق فإن الإستاذة ضياء خانم أقدر مني على رصد هذه الظاهرة وتحليلها، ولكني أدعو الأخوة الأعزاء أيضا إلى المساهمة في رسم لوحة القرن الحادي عشر الهجري من خلال الرجوع إلى مصادر أخرى غير (خلاصة الأثر) وكان ابن جانبولاد أعرض رجالات هذا القرن أثرا وأطولها خطرا، وهو بلا شك من أسرة وليد جنبلاط، ولو لم يخفق في مسعاه لتغير تاريخ البشرية وديانتها وجغرافيتها وكل شيء فيها، وسأنشر في هذا الملف صفحات مختارة من تاريخ هذه الأسر، وأبدأ بترجمة كبير القرن الحادي عشر الهجري الأمير علي ابن جانبولاد أو (جانبولاذ) بالذال المعجمة كما يرد اسمه في تواريخ القرن الحادي عشر
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ابن جانبولاذ    كن أول من يقيّم
 
قال المحبي في ترجمة ابن جانبولاد:
الأمير علي بن أحمد بن جانبولاذ بن قاسم الكردي القصيري:
 
قد أكثر أهل التاريخ والمجاميع ممن لحقوا واقعته من ذكره وذكر ما فعله بدمشق وما جرى لحكام الشام وأهلها معه من الوقائع وقد اخترت من ذلك ما أودعته في هذه الأوراق من مبدأ أمره إلى منتهاه

وأما ذكر أصله ومنزعه فجده جانبولاذ هذا كان يعرف بابن عربو وكان أمير لواء الأكراد بحلب ولي حكومة المعرة وكلس وعزاز وكان له صيت شائع وهمة علية
ومبدأ الأمير علي هذا أنه كان في طليعة عمره ولي حكومة العزيزي وقد تقدم في ترجمة عمه حسين باشا أنه لما قتله الوزير ابن جغال لتراخيه في أمر السفر الذي كان عين له خرج الأمير علي عن طاعة السلطنة وجمع جمعاً عظيماً من السكبانية حتى صار عنده منهم ما يزيد على
عشرة آلاف
ومنع المال المرتب عليه وقتل ونهب في تلك الأطراف ودبر علي قتل نائب حلب حسين باشا وكان ولاه السلطان نيابتها ووصل إلى أذنة وكان بأذنة حاكم يعرف بجمشيد فكتب إليه ابن جانبولاذ أن يصنع له ضيافة ويقتله ففعل ونما خبره إلى الأقطار واستمر في حلب يظهر الشقاق إلى أن أرسل الأمير يوسف بن سيفا صاحب عكار إلى باب السلطنة رسالة يطلب فيها أن يكون أميراً على عساكر الشام والتزم بإزالة الأمير علي عن حلب
فجاءه الأمر على ما التزم وأرسل إلى عسكر دمشق وأمراء ضواحيها يطلبهم إلى مجتمع العساكر وهو مدينة حماه فتجمعوا هناك من كل ناحية وجاء ابن جانبولاذ إلى حماه وتلاقيا وتصادما فما هو إلا إن كان اجتماعهم بمقدار نحر جزور فانكسر ابن سيفا وأتباعه ورجع بأربعة أنفار واستولى ابن جانبولاذ على مخيمه ومخيم عسكر الشام.
 
 ثم أنه راسل الأمير فخر الدين بن معن أمير الشرف وبلاد صيدا وأظهر له أنه قريبه مع بعد النسبة فحضر إليه واجتمعا عند منبع العاصي وتشاورا على أن يقصد طرابلس الشام لأجل الانتقام من ابن سيفا فسار ابن سيفا في البحر وأخلى لهم طرابلس وعكار وأرسل أولاده وعياله إلى دمشق وأجلس مملوكه يوسف في قلعة طرابلس فتحصن بها وبعث ابن جانبولاذ الأمير درويش بن حبيب بن جانبولاذ إلى طرابلس فضبطها واستولى على غالب أموال من وجد هناك واستخرج دفائن كثيرة لأهلها ولم يستطع أن يملك قلعتها
وسار الأمير علي ومعه ابن معن إلى ناحية البقاع العزيزي من نواحي دمشق ومرا على بعلبك وخربا ما أمكن تخريبه منها واستقرا في البقاع وأظهرا أنهما يريدان مقاتلة عسكر الشام ولم تزل العساكر الشامية ترد إلى دمشق حتى استقر في وادي دمشق الغربي ما يزيد على عشرة
آلاف
وتزاحف العسكران حتى استقر ابن جانبولاذ وابن معن في نواحي العراد وزحف.
العسكر الدمشقي إلى مقابلتهما وكان ابن سيفا وصل إلى دمشق وأظهر التمارض ولم يرحل مع العسكر الشامي واستمرت الرسل مترددة بين الفريقين ليصطلحا فلم يقدر لهم الاصطلاح
وتزاحف الجيشان فتوهم ابن جانبولاذ من صدمة العسكر الشامي فشرع في تفخيذ أكابر العسكر عن الاتفاق وأوقع بينهم ثم أنه أرسل إلى طائفة من أكابرهم فوردوا عليه في مخيمه ليلاً وألبسهم الخلع وتوافقوا معه على أنهم ينكسرون عند المقابلة
وكان في جانب ابن جانبولاذ ابن معن وابن الشهاب أمير وادي التيم ويونس بن الحرفوش فطابت نفسهم لملاقاة الشاميين وتقابل الفريقان في يوم السبت من أواسط جمادى الآخرة سنة خمس عشرة بعد الألف ولم يقع قتال فاصل بين الفريقين ثم في صبيحة نهار الأحد وقف العسكر الشامي في المقابلة واقتتلا فما مر مقدار جلسة خطيب إلا وقد انفل العسكر الشامي حتى قال ابن جانبولاذ . ؟.. حتى نزل بقرية المزة وكان نزوله في الخيام وأما ابن معن فإنه كان ضعيف الجسد في هاتيك اليام وكان نزوله في جامع المزة وأصبحت أبواب البلدة يوم الاثنين مقفلة وقد خرج منها ابن سيفا وجماعته ليلاً بعد أن اجتمع به قاضي القضاة بالشام المولى إبراهيم بن علي الأزنيقي وحسن باشا الدفتري المقدم ذكرهما ولم يمكناه من الخروج حتى دفع إليهما مائة ألف قرش ليفتدوا بها الشام من ابن جانبولاذ خروجه غضب وقال أهل دمشق لو أرادوا السلامة مني ما مكنوا ابن سيفا من الخروج وهم يعرفون أنني ما وردت بلادهم إلا لأجله
ونادى عند ذلك بالسكبانية أن يذهبوا مع الدروز جماعة ابن معن لنهب دمشق
فوردت السكبانية والدروز أفواجاً إلى خارج دمشق وشرعوا في نهب المحلات الخارجة فلما اشتد الكرب والحرب على المحلات وتلاحم القتال خاف العقلاء في دمشق فخرج جماعة إلى ابن جانبولاذ وقالوا له أن ابن سيفا قد وضع لك عند قاضي الشام مائة ألف قرش وتداركوا له خمسة وعشرين ألف قرش أخرى كما وقع عليه معه الاتفاق من مال بعض
الأيتام التي كانت على طريق الأمانة في قلعة دمشق وبعد ذلك أداها أيضاً ابن سيفا كالمائة ألف
 فلما تكلم الناس في الصلح طلب ابن جانبولاذ المال الذي وقع عليه الصلح على يد الدفتري وقال أن جاءني المال في هذا الوقت رحلت فحملوا له مائة ألف قرش وخمسة وعشرين ونادى بالرحيل عن المزة في اليوم الرابع من نزوله واستمر النهب في أطراف دمشق ثلاثة أيام متوالية وكانوا يأخذون الأموال والأولاد الذكور ولم يتعرضوا للنساء
 
ولما رحل ابن جانبولاذ ارتفع النهب عن المدينة وفتحت أبواب المدينة في اليوم الرابع فازدحم الناس على الخروج أفواجاً أفواجاً ودخل إليها من نهبت أسبابه من المحلات الخارجة فكانوا لا يعرفون لتغير أسبابهم ووجوههم وابتدأت العساكر الهاربة تتراجع إلى دمشق ولم ينالوا بما صدر منهم من الفضيحة
 
ولما فارق ابن جانبولاذ دمشق سار على طريق البقاع وفارق ابن معن
هناك ورحل إلى أن وصل إلى مقابلة حصن الكراد وأقام هناك وأرسل ابن سيفا يطلب منع الصلح والمصاهرة فأجابه وأعطاه ما يقرب من ثلاث كرات من القروش وزوجه ابنته وتزوج منه أخته لابنه الأمير حسين
ورحل ابن جانبولاذ من هناك إلى جانب حلب وجاءته الرسل من جانب السلطنة تقج عليه ما فعل بالشام فكان تارة ينكر فعلته وتارة يحيل الأمر على عسكر الشام
وشرع يسد الطرقات ويقتل من يعرف أنه سائر إلى طرف السلطنة لإبلاغ ما صدر منه حتى أخاف الخلق ونفذ حكمه من أدنة إلى نواحي غزة
وكان ابن سيفا ممتثلاً لأمره غير تارك مداراة السلطنة واتفق معه على أن تكون حمص تحت حكم ابن سيفا وكانت حماة وما وراءها من الجانب الشمالي إلى أدنه في تعلق ابن جانبولاذ
 
وانقطعت الطرقات إلى أن ولي الوزارة العظمى مراد باشا وكان سافر في ابتداء وزارته إلى الروم وأصلح ما بين السلطان وما بين سلاطين المجر فلما قدم عنه السلطان لدفع ابن جانبولاذ وبقية الخوارج مثل العبد سعيد ومحمد الطويل الخارج في نواحي سيواس
فقدم الوزير المذكور ومعه من العساكر الرومية ما يزيد على ثلثمائة ألف ما بين فارس وراجل وكان كلما مر يقوم من السكبانية الخارجين يقتلهم حتى أزال السكبانية الخارجين
ولم يبق سوى العبد سعيد والطويل محمد فإنهما حادا عن طريقه ولم يستطع لحاقهما ووصل
إلى أدنة فخلصها من يد جمشيد الخارجي
ولما انفصل عن جسر المصيصة إلى هذا الجانب
تيقن ابن جانبولاذ أنه قاصده فجمع جموعه المتفرقة في البلاد حتى اجتمع عنده أربعون ألفاً وخرج من حلب والوزير في بلاد مرعش وجزم بمقابلته وكان الوزير في أثناء ذلك يراسله بالكلمات الطيبة طمعاً في إصلاح أمره فلم يزدد إلا عتواً
ولما تلاقى الفريقان برز عسكر ابن جانبولاذ إلى المقاتلة يومين ولم يظهر لأحد الفئتين غلبة على الأخرى ففي اليوم الثالث التحم القتال حتى كاد أن يكون عسكر البغاة غالباً
وكان من أعاجيب الأمر أن وزيراً يقال له حسن باشا الترياقي وكان من جملة العسكر السلطاني رتب عسكر السلطان وقال قاتلوا البغاة إلى وقت الظهر فإذا حكم وقت الظهر فافترقوا فرقتين فرقة منكم تذهب لجانب
اليمين وأخرى تذهب لجهة الشمال واجعلوا عرصة القتال خالية للأعداء وحدهم وقد أخفى المدافع الكبيرة في مقابلة العدو وملأها بالبارود فلما افترق عسكر السلطان ظن حزب ابن جانبولاذ أنهم كسروا فبالغوا في اتباع عسكر السلطان إلى أن كادوا يخالطونهم
فلما قربوا وخلت لهم عرصة القتال أطلقوا عليهم المدافع ولحقوهم بالسيوف إلى أن أزاحوهم عن خيامهم وكسروهم كسرة شنيعة وقتلوا منهم خلقاً كثيراً وهرب ابن جانبولاذ إلى حلب ولم يقر بها إلا ليلة واحدة فوضع أهله وعياله وذخائره في قلعتها وخرج منها إلى أن ألجأه الهرب إلى ملطيه
وبقي الوزير يتبع أعوان ابن جانبولاذ فأبادهم قتلاً بالسيف وجاء إلى حلب بالجنود فرأى قلعتها في أيدي بعض أعوان البغاة فرام محاصرتها
فتحقق من فيها أن كل محصور مأخوذ فطلبوا الأمان من الوزير فأنزلهم بأمانه وكانوا نحو ألف رجل وكان معهم نساء وكان أكابر الجماعة أربعة من رؤس السكبانية فلما نزلوا بادروا إلى تقبيل ذيل الوزير فأشار إلى النساء بالسكن في مكان العلوم وفرق الرجال على أرباب المناصب وطلع إلى القلعة ورأى ما بها من أموال ابن جانبولاذ وتحفه العزيزة فضبط ذلك كله لبيت المال ثم شرع يتجسر في حلب على الأشقياء وأتباعهم فقتل جملة من الأتباع وهجم الشتاء ففرق العساكر في الأطراف وشتى هو في حلب
وأما ابن جانبولاذ فإنه خرج من ملطيه وسار إلى الطويل العاصي في بلاد أناطولي وأراد أن يتحد معه فأرسل إليه الطويل يقول له: أنت بالغت في العصيان وأنا وإن كنت مسمى باسم عاص لكني ما وصلت
في العصيان إلى رتبتك
فرحل عنه بعد ثلاثة أيام وسار إلى العاصي المعروف بقرا سعيد ومعه ابن قلندر ولما وصل إلى جمعية هؤلاء العصاة تلقوه وعظموه وحسنوا فعلته مع العساكر السلطانية وأرادوا أن يجعلوه عليهم رئيساً فشرط عليهم شروطاً فما قبلوها
فاطمأن تلك الليلة إلى أن هجم الليل وأخذ عمه حيدر وابن عمه مصطفى وابن عمه محمداً وخرج ولم يزل سائراً حتى دخل بروسة مع الليل وتوجه إلى حاكمها وأخبره بنفسه فتحير منه ولما تحقق ذلك قال له ما سبب وقوعك فقال ضجرت من العصيان وها أنا ذاهب إلى الملك فأرسلني إليه في البحر فأرسله من طريق البحر فلما دخل دار السلطنة
أعلم به السلطان فقال أحضروه
فلما حضر إليه قال له: ما سبب عصيانك
فقال له ما أنا عاص وإنما اجتمعت علي فرق الأشقياء وما خلصت منهم إلا بأن ألقيتهم في فم جنودك وفررت إليك فرار المذنبين فإن عفوت فأنت لذلك أهل وإن أخذت فحكمك الأقوى
فعفا عنه وأعطاه حكومة طمشوار في داخل بلاد الروم ونجا بذلك ولم يزل على حكومتها إلى أن عرض له أمر أوجب قتاله لرعايا تلك الديار ولزم أنه انحصر في بعض القلاع في بلاد الروم فعرض أمره إلى باب السلطنة الأحمدية فبرز الأمر بقتله وعدم إخراجه من تلك القلعة فقتل
وأرسل رأسه إلى باب السلطنة وكان ذلك في حدود العشرين وألف والله أعلم.
*زهير
14 - سبتمبر - 2010
ابن سيفا    كن أول من يقيّم
 
قصة إعدام الأمير ابن سيفا صفحة من صفحات الكرامة  والشجاعة، وقد نفذ على نفسه حكم الإعدام على غرار (ساموراي اليابان) وكان في حدود الثلاثين من عمره، وفيما يلي ملخص ترجمته أنقلها لكم من (خلاصة الأثر في اعيان القرن الحادي عشر) للمحبي وهو من منشورات الوراق قال:
الأمير حسين بن يوسف بن سيفا الأمير بن الأمير ولى في حياة والده كفالة طرابلس الشام ثم عزل عنها ثم ولى كفالة الرها ثم تركها من غير عزل وقدم حلب وكافلها محمد باشا قره قاش فحضر الأمير حسين لديه مسلما عليه فأكرمه واحترمه ثم دعاه إلى وليمة فجاء مع جماعة قليلة فاحتاطت به جماعة قره قاش وأمرهم أستاذهم بالقبض عليه فمسكوه ورفعوه إلى القلعة مسجونا ووضع في مسجد المقام يحتاط به الحرسة فبعث قره قاش إلى السلطان يخبره بذلك وبلغ والده الخبر فبعث جماعته ووعد السلطان بمائة ألف قرش إن عفا عنه فلم يجبه إلى ذلك وبعث أمرا بقتله فجاء الجلاد فقال بقلب جرى وجنان قوي: أيليق أن أكون من الباشوات ويقتلني الجلاد ثم إنه أشار إلى رجل معظم من أتباع قره قاش أن يقتله وقال له اصبر علي حتى أكتب مكتوبا إلى والدي وأوصيه بعض وصايا فكتب ورقة أوصاه بأولاده وعزاه في نفسه ثم صلى ركعتين واستغفر الله وقال رب إني ظلمت نفسي وعملت سوءا بجهالة فتب علي إنك أنت التواب الرحيم ووضع محرمة نفسه في عنقه وأمر ذلك الرجل بخنقه فخنقه وبكى عليه جماعة كثيرة لحسنه وكونه شابا وكان شجاعا بطلا إلا أنه كان يبالغ في ظلم العباد ثم أخرجت أمعاؤه ودفنت بتربة القلعيين وصبرت جثته وأرسلت إلى والده فاستقبلها النساء والرجال بالبكاء والصراخ والويل والثبور وصار يوم دخوله كيوم مقتل الحسين وقالت الغواني فيه المراثي يضربن وقت إنشاد أشعار مقتله بالدف بصوت حزين .
حكى قره قاش إني كنت في خدمة السلطان أحمد وقد خرج إلى الصيد فعرضوا عليه طيور الصيد ثم جاؤوه بطير عظيم لا نظير له فتعجب منه وقال من بعث هذا قالوا عبدك حسين باشا ابن سيفا أمير الأمراء بطرابلس فقال السلطان آه آه آه من خيانة مماليكي الأمر لله إلى هذا الحين هذا الكافر بالحياة فأسرها قره قاش في نفسه وصاد بطيره وكان قتله في رابع عشرى شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وألف وعمره قريب من الثلاثين رحمه الله تعالى
*زهير
14 - سبتمبر - 2010
لا علم لي بالموضوع    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
مساء الخير أستاذ زهير :
لم أقرأ في الواقع كتاب المحبي ( خلاصة الأثر ) ولا أعرف حقيقة تفاصيل تلك الفترة الزمنية الهامة رغم أننا لا زلنا نعيش ، بدون شك ، على المستوى السياسي ، على تركة عصر السلطنة العثمانية وما تميزت به في كونها بداية التغلغل الاستعماري الأوروبي والنفوذ الأجنبي . وسيرة فخر الدين المعني ، كرمز تاريخي ، تدل على الذهنية التي كانت وما زالت سائدة والتي تقتضي استمالة القوى الخارجية والتحالف معها من أجل ترجيح كفة ميزان هذا الطرف أو ذاك .
كانت الخلافة العثمانية تدق على أبواب أوروبا النصرانية وتحتل منها مساحات شاسعة ، وكانت الأجوبة وردود الفعل تأتي على أشكال مختلفة منها : اللعب على التناقضات العرقية والمذهبية في الداخل .
ليس بمقدوري تقديم إضافات حقيقية لهذا الموضوع ، وهناك في سراة الوراق أساتذة في التاريخ يعرفون دقائقه ، سيكون بمستطاعهم ، بدون شك ، تقديم بعض الفائدة . وكل الشكر لك ثقتك الغالية .
*ضياء
15 - سبتمبر - 2010
وثقتي إن شاء الله في مكانها    كن أول من يقيّم
 
كل الشكر لك أستاذتنا الكبيرة ضياء سليم العلي على هذه المشاركة الثمينة، وثقتي في محلها إن شاء الله، وإنما قصدت أن الأستاذة أعرف منا جميعا في تاريخ الأسر اللبنانية وما طرأ عليها من تحولات، وتقلبات في السياسة والديانة والمذهب، ولا أعتقد أن أحدا يخالفني في هذا، وكنت أسأل الأستاذة ضياء في رسائلنا المتبادلة طوال خمس سنوات عما تهمني معرفته من تاريخ هذه الأسر فأقرأ في جواباتها ما لم يكن في الحسبان، وعليه: فلم أكن مبالغا عندما قلت إن الأستاذة أقدر مني في معالجة هذا الموضوع، وسأعود لاحقا إن شاء الله لمتابعة هذا الملف، تحياتي لك وشكري أستاذتي وإلى اللقاء
 
*زهير
16 - سبتمبر - 2010
سنة القشلق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
القشلق: كلمة تركية وتعني العساكر المشتية. بانتظار الصيف. قال المحبي في خلاصة الأثر في ترجمة قاضي قضاة الشام أحمد بن عوض العينتابي:
انظر إلى القشلق في iiذلة العكس من حالهم iiالحائل
كم رجل منهم بسموره على جواد صائل صاهل
تحف بالجندي غلمانه وقد  أتى يسأل من iiسائل
وفي أيام قضائه ورد إلى دمشق من عسكر السلطان مراد بن أحمد طوائف وشهرتهم بالقشلق وسبب ورودهم أنهم كانوا عينوا المحاربة شاه عباس فدهمهم الشتاء دون الوصول إلى خطة العجم فأمروا بأن يشتوا في دمشق واطرافها من القرى وضيقوا على الناس أمر المعيشة وبالغوافي التعدى والتجاوز ونهب أموال الناس ونفع صاحب الترجمة الخلق في قمع أولئك بعض القمع وفيهم يقول إبراهيم الأكرمي المقدم ذكرهولأبي بكر العمري قصيدة في وصفهم وفيما فعلوه ويشير فيها إلى معاونة صاحب الترجمة في دفع بعض شرهم ومطلعها
أواه  مـمـا حـل فـي iiجلق مـن الـعـنا في زمن iiالقشلق
رامـى الـبـلا مد على iiأهلها قـوسـا  لـه قال القضا: iiفوّق
حـتـى تنادى الناس مما دهى يـا  لـيـتنا من قبل لم iiنخلق
قـد  مـسنا الضر وعم iiالأذى ومـا لـنـا مـن منجد iiمشفق
مـن مـبـلـغ سـلطاننا iiأننا مـن جـنـده في حرج iiضيق
ويـا  مـراد الله فـي iiخـلقه مـن  الـسـلاطين غدا iiنلتقي
فـي  موقف يحكم رب iiالورى فـيـه  ولا مـلـجأ منه iiيقي
أدرك رعـايـاك فقد iiأصبحوا عـلـى  شفا من كل باغ شقى
كـانـت دمشق الشام iiمحسودة لـكـونـهـا بالعين لم iiتطرق
آمـنـة مـن كـل ما iiيختشى مـأمـنـة  لـلخائف iiالمشفق
مـائـسـة تـزهـو iiبسكانها مـائـدة  لـلـبـائس iiالمملق
لا  يـعـرف الدخل لها مدخلا ولا  إلـى عـلـيـائها يرتقي
وهـي  عـلى ما تم من iiنعمة تـتـيـه بـالحسن iiوبالرونق
وأهـلـهـا  فـي سـفه iiكلهم الـفـاجـر  الـفاتك iiوالمتقي
يـغـبطهم  في ذاك أهل iiالدنا من مغرب الشمس إلى المشرق
فـجـاءهـا  ويـلاه في غفلة أمـر  إلـيـهـا قط لم iiيسبق
أمـر مـراديٌّ لـه iiسـطـوة أخـرست  المنطيق iiوالمنطقي
قـوم  مـن الاتراك عاثوا iiبها عـلـى خـيـول ضمِّر iiسبّق
مـن  جـهة المشرق قد iiأقبلوا والـشـر قد يأتي من iiالمشرق
فـي رقـعة الشام عدت iiخيلهم وذلـت  الارخـاخ iiلـلـبيدق
أواه مـن خـمـدة نـيـرانها يـا نـار كيف اليوم لم iiتحرق
أيـن الـعـتاق الجرد ما iiبالها مـن  أدهـم عـال ومن iiأبلق
مـا  لـلمواضى سكنت iiغلفها كـأنـهـا  بـالأمس لم iiتبرق
مـا  لـلـعوالي نكست للثرى رؤسـهـا كـالخائف iiالمطرق
وأيـن  فـرسانك يا iiشامنا هـل  دخـلـوا في نفق مغلق
عهدي  بهم كانوا ليوث iiالوغى لـم  يـعـبأوا بالفيلق المطبق
عهدى  بهم كانوا غيوث iiالندى إذا  ظـمـئـنـا منهمُ iiنستقى
عـهدى بهم كانوا حماة iiالحمى مـن الـثـنـيات إلى المفرق
قـد أسـلـمـونا للردى iiخيفة مـنـهم  ولاذوا بحصون iiتقي
وبـيـنـنـا  خلوا وبين العدا ووكـلـوا الـبـاشق iiبالعقعق
أقـول  لـلـنفس وقد iiأوجفت خـوفـا عليك الأمن لا iiتفرقي
إن  مـسـك الضر وزاد iiالعنا فـلازمـي الـصبر ولا تقلقي
أو  نـالـك الجوع فلا iiتشتكي فـإن بـاب الله لـم iiيـغـلق
ولا تـضـيقى إن عرى iiفادح ذرعـا  ولـو دام فـلا تحنقى
لـكـل كـرب فـرج iiيرتجى فـصـدقـى ما قلته iiواصدقي
يـا  ويـح قوم دعسوا iiأرضنا وأوقـعـونـا  في ردى موبق
وقـد أغـاروا وبـنـا أحدقوا يـا غـيـرة الله إلـينا اسبقى
أجلوا  أهالي الدور عن iiدورهم بـالـسيف  والدبوس iiوالبندق
واتـخـذوهـا  سـكنا iiدونهم بـالـفرش  من خز iiواستبرق
واسـتـوعـبوا  أكثر iiأموالهم ظـلـمـا  بلا عهد ولا iiموثق
واقـتـنـع الناس iiبأعراضهم فـإنـهـا  بـالثلب لم iiترشق
هـذا ولـولا الله بارى iiالورى أغـاثـهـم  بـالـعالم المفلق
الأوحـدي المولى خدين iiالعلى أحـمـد قـاضيها التقي iiالنقي
الـعـالـم  الفرد رفيع iiالذرى الـنـاشر  العدل على iiصنجق
والله  لـولاه يـمـيـنَ iiامرئ لـسـانـه  بـالمين لم iiينطق
خـلـت دمشق الشام من أهلها طـرا ولـم يـبق بها من بقي
جـاهد  في الله وخاض الوغى بـهـمـة  عـلـياء لم iiتلحق
ولـم  يـخف في الله من iiلائم لام ولا مـن نـاظـر iiمـذلق
وحـولـه  الأعـلام iiسـاداتنا كـل يـرى كـالقمر iiالمشرق
فـقـاتـلـوهم  بقلوب صفت بـالـوعظ  لا بالكف والمرفق
وخـوّفـوهـم  بطش سلطاننا مـراد مـردي كـل باغ iiشقى
ثـم  ابـتـهـلـنا كلنا iiبالدعا إن الـدعـا مـن كل شر iiيقى
وزال عـنـا بعض ما iiنشتكى ونـسـأل الـمـنان فيما iiبقي
وبـعـدها قالوا اشتروا iiشامكم مـنـا فـباعوها غلى iiالمخنق
لـقـد  غـرينا دون وعد iiبلا لام فـأرّخ سـنـة الـقـشلق
وصـل  يا رب على من iiترى أنـواره  جـهـرا من iiالأبرق
 
*زهير
19 - سبتمبر - 2010