البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التربية و التعليم

 موضوع النقاش : اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.    قيّم
التقييم :
( من قبل 64 أعضاء )

رأي الوراق :

 د يحيى 
11 - مايو - 2010
                    اتفاق الشرائع مع القوانين وافتراقهما
السرقة محرمة في الشرع ، ومحرمة في القانون ، فمن ترك السرقة ، ممكن تقول : يخاف من السجن ، والمسؤولية ، ولك أن تقول : يخاف من الله ، ما الحقيقة ؟ الله أعلم ، لكن الذي يغضُّ بصره عن محارم الله ، يقيناً يخاف من الله ، لأنه ليس في الأرض كلها تشريعٌ أو قانونٌ ، يأمرُ بغض البصر ، إذن هنا افترقت الشريعة عن القانون .
الصيام ، بإمكانك أن تدخل البيت في أيام الصيف الحارة ، وأن تدخل الحمام بعيداً عن نظر أولادك وزوجتك ، وأن تشرب الماء النمير البارد ، من العداد رأساً ، ولا يدري بك أحد ، إذن الصيام عبادة الإخلاص ، ما دمت تمتنع عن أن تشرب قطرة ماء ، إذن أنت تُراقب الله عزَّ وجل .
يعني حكم العِبادات أحياناً ، من أجل أن تعلم أنك تحب الله ، من أجل أن تعلم أنك تعلم أن الله يُراقبك ، من أجل أن ترتفع معنوياتك ، من أجل أن تُحس أنك في رضي الله عزَّ وجل ، إذن لا تستغرب ، أنه يا أخي ما هذه الحياة ، كلها صراع ، نفسي تميل ، وفي الطريق نساءٌ كاسياتٌ عاريات ، والله يأمرني أن أغض بصري ، وضع غير طبيعي ، لا هذا هو الطبيعي ، لأنه خلقك للجنة ، وثمن الجنة ضبط الشهوات ، لأنه خلقكَ لحياةٍ أبدية لا تنتهي  وأن ثمن هذه الجنة :
 
( سورة النازعات )
 
فأنا أتمنى دائماً أن أوضح لإخواننا الشباب ، كما أنه ليس في الإسلام حرمان  ليس فيه تفلُّت ، الله قال :
 
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
هم كتبوها على أنفسهم ، هم اجتهدوا فأخطؤوا ، والدليل أنهم أخطأوا :
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
لم يتمكنوا ، لأنها خلاف الفطرة ، الترهُّب ، الرهبنة ، خلاف فطرة الإنسان   لذلك القصص التي تروى ، عن الرهبان في انحرافاتهم الجنسية ، لا تعدُّ ولا تحصى ، لأنهم ألزموا أنفسهم ، ما لا ينبغي أن يكون ، ما كتبناها علينا ، والدليل أنهم :
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
فالإسلام دين الفطرة ، فكما أن الإسلام ، ما كلفك ما لا تطيق ، كذلك ما أطلقك  إلى حيث تريد ، في منهج ، يعني تقريباً ، طريق ، الطريق عريض ، لك حرية الحركة في حدود هذا الطريق ، لكن بعد الطريق هناك ممنوعات .
فأجمل حياة يعيشها ، حياة القيم ، حياة المنهج ، حياة الدستور ، أنظر إلى السيارة أروع ما تكون وهي على الطريق المعبَّد ، لأن هذا الطريق صنع لهم ، وهي صنعت له ، فإذا سارت على الطريق المعبدَّ ، تجدها كلها مرتاحة ، لا يوجد أصوات أبداً ، أما إذا نزلت إلى الطريق الوعر ، تحس أن هذه الطريق ليست لهذه السيارة ، وهذه المركبة ليست لهذا   الطريق .
أردت من هذه المقدمة ، أن نربط الجزئيات بالكليات ، لا أن نبقى في هذه حرام  لماذا حرام ؟ أنت تعيش في مجتمع ، هناك أناس ليس لديهم وازع ديني إطلاقاً ، أما آتاهم الله منطقاً ، عندهم عقل ، فإذا ملكت الحجَّة ، بالمناسبة :
" ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ، لو اتخذه لعلمه ".
 
( سورة الأنعام : أية " 83 " )
 
يعني يوجد قوة للمؤمن ، قد تكون غير مادَّية ، قد يكون مؤمن ، يعني  من أقل المراتب في المجتمع ، قد يكون موظف ، صغير جداً ، ضارب آلة كاتبة ، حاجب قد يكون  لكن قوته نابعةٌ من حجته ، لما ربنا قال :
 
( سورة الأنعام : أية " 83 " )
 
لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب ، قوةٌ ، يجوز حاجب في دائرة ، يناقش المدير العام المتفلت ، الذي عقيدته فاسدة ، هذا الحاجب ، أقوى منه في المناقشة ، المؤمن ، يعلّم لماذا يغضُّ بصره ؟ يعلَّم لماذا يصوم ؟ يعلّم لماذا يصدق ؟ يعلّم لماذا يتكلَّم بالحق ؟ فنحن نريد مؤمن متمكِّن ، لا أريد مؤمن يطبِّق الإسلام إلى حين ، لو أنَّك عرفت الأمر الشرعي  من دون حيثيات ، من دون أن تربطه بالكلّيات ، من دون عقيدة صحيحة ، يمكن _أن تنطبق الأمرّ ، لكن مقاومتك هشة ، هشة ، يعني أدنى ضغط ، أو أدنى إغراء ، تجد مقاومتك قد انهارت ، لذلك كلّ إنسان يربي ، كل إنسان يبني إخوانه بناء ، إذا بنى النفوس بناء صحيح  بناء علمي ، بناء منطقي ، على أساس من العقيدة الصحيحة ، تجد هذا الأخ قوياً ، أي قوي في دينه ، أينما ذهب مستقيم ، الملاحظ لما ينبني إنسان بناء هش ، أو يبنى بناء نصِّي غير تعليلي .
يعني أنت عندما تعرف أن هذا الأمر مربوط ، بهذه العقيدة الصحيحة ، مربوط بهذه الكلِّية ، أي أنت مؤمن بخالق الكون ، أنت مخلوق للجنّة ، والجنّة ثمنها ، ضبط الشهوات الشهوات أودعت فيك لترقى بها إلى الله ، أودعت فيك ، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً للكل.
 8  9  10  11  12 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الإبدال اللغوي    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
شكر وعرفان لكل من أسهم في إصدار المجلد
الإبدال اللغوي

الإبدال اللغوي
    الإبدال لغة: رفع الشيء ووضع غيره في مكانه. والإبدال اللغوي أو الاشتقاق الكبير (ويسمى أيضاً: البدل والمبدل منه، والقلب والمقلوب، والمحوَّل، والمضارعة، والتعاقب، والنظائر) هو ظاهرة لغوية صوتية دلالية تعني إقامة حرف مكان حرف مع الإبقاء على سائر حروف الكلمة، وبذلك قد تشترك الكلمتان بحرفين أو أكثر، ويبدل حرف منهما بحرف آخر يتقاربان مخرجاً أو في المخرج والصفة معاً نحو «قضب وقضم، وقطع وقطم» فقد اشترك الزوج الأول بحرفين منهما القاف والضاد، واختلف بالباء والميم، أحدهما مبدل من الآخر، وكلاهما من مخرج واحد، أي هما حرفان شفهيان. وأما الزوج الثاني فقد اشتركت لفظتاه أو صورتاه بحرفين منهما القاف والطاء، واختلف بالعين والميم، غير أن العين حلقية، والميم شفهية.
    ولايُقيَّد الإبدال بالحرف الثالث من الأصل الثلاثي، أي بلام الفعل، وإنما قد يطرأ الإبدال على الحرف الأول وهو فاء الفعل نحو: خبن وغبن، أو على الثاني وهو عين الفعل نحو: رسم ورشم، وقد تكون اللفظتان رباعيتين كتَوْلَج ودَوْلَج (كناس الظبي)، والبدل في الحرف الأول منهما، وقد تكونان خماسيتين والبدل في الحرف الثاني كجرسام وجلسام (السمّ، وتسمية العامة: البِرْسام)، أو سداسيتين نحو: اعرَنْكَسَ الليل واعلَنكس إذا أظلم.
    وأما الإبدال في النحو والصرف فيُصنف في إطار القلب النحوي الذي جعلوه شاملاً لإعلال ونقل الحركات والافتعال. قال أبو البقاء الكفوي في «الكليَّات»: «الإبدال يكون من حرف العلة وغيرها، والقلب لا يكون إلا من حرف العلَّة». ويرى النحاة أن هذا الإبدال قد يقع في كل حروف الإبدال وإن قصره بعضهم على تسعة أحرف في الإطراد، أو جعلوه في اثني عشر حرفاً، أو أربعة عشر، أو اثنين وعشرين حرفاً. ومن المرجح أن أول من سمّى هذه الظاهرة اللغوية «إبدالاً» عبد الملك بن قريب الأصمعي (ت 216هـ)، وعرض لها الزجاجي (ت 337 هـ) فقال «يقال لهذه الحروف (يعني الكلمات): الإبدال والمعاقبة والنظائر، منها ما يجوز بعضه مكان حرف واثنين وثلاثة، وليس كل الحروف كذلك».
    وذلك يعني أن أكثر ما يجيء التعاقب بين حرفين كالضاد والطاء في قضم وقطم، أو بين ثلاثة أحرف كمدّ ومتّ ومطّ، ولا يجيء الإبدال في الحرف الواحد إلا في إبدال تخفيف الهمزة نحو: سأل وسال فإن الهمزة والألف كالحرف الواحد. وقد يجري الإبدال في حرفين من البدلين نحو: سحق وسهك فإن الحاء بدل من الهاء وهما أختان في المخرج، والقاف بدل الكاف وهما أختان، وهو من مسوغات الإبدال. وقد يجري بين حروف ثلاثة في الكلمة الواحدة نحو: درأ وطلع، فإن الدال والطاء متعاقبتان لأنهما نطعيتان، والراء واللام ذلقيتان وأختان، والهمزة والعين أختان حلقيتان، ومن علماء اللغة من يقول بهذا الإبدال الثنائي والثلاثي. ولعل أول من عرض للإبدال الثلاثي أبو الفتح بن جني (ت 392هـ) وسمّاه الاشتقاق الأكبر وعرّفه بقوله: «وأما الاشتقاق الأكبر فهو أن تأخذ أصلاً من الأصول الثلاثية فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه، وإن تباعد شيء من ذلك عنه رُدّ بلطف الصنعة والتأويل إليه».
    ويبدو أن هذا النوع من الإبدال القائم على التقليب قد ابتعد عمّا عالجه اللغويون قبل ابن جني واختلفت أمثلته وفلسفته فاتجه نحو الدلالة مبتعداً عن الصوتية التي كانت منطلق السابقين إلى التصنيف في الإبدال، ومع ذلك فقد صنف ابن جني كتاباً سماه «تعاقب العربية» ويُفهم مما جاء في مقدمته أنه كان الأقرب إلى إبدال سابقيه، إذ يقول: «اعلم أن كل واحد من ضربي التعاقب، وهما البدل والعِوَض، قد يقع في الاستعمال موقع صاحبه وربما امتاز أحدهما دون رسيله، إلا أن البدل أعم استعمالاً». وما هذا التوزع بين الإبدال والتقاليب الذي يبدو عليه بعض القلق عنده إلا نتيجة لعدم استقرار المصطلح عند جمهور اللغويين.
    ويشار هنا إلى أن ابن جني قد عقد في كتابه «الخصائص» باباً للإبدال هو «باب في الحرفين المتقاربين، يستعمل أحدهما مكان الآخر» فهو يميل في هذا إلى جعل الإبدال في الحروف المتقاربة صفة ومخرجاً، وإن كان الكثير من علماء اللغة لا يشترطون هذا التقارب، بل لقد جمع بعضهم كل ما تقارب لفظاً وخطاً ومبنى وسلكه في إطار الإبدال.
    ومن الجدير بالذكر هنا أن اللغويين اختلفوا حول جريان الإبدال على ألسنة العرب عفواً أو تعمُّداً، فرأى بعضهم أنه لم يجر على ألسنة العرب عفواً، وإنما كان بقصد تنويع معاني الكلمة الواحدة، ومن هنا حسب أصحاب المعاجم أن الإبدال في النظائر بنطقين متساويين هو من سنن العرب في كلامها، في حين ذهب أبو الطيب اللغوي (ت 351هـ) إلى أنه «ليس المراد بالإبدال أن تتعمد العرب تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغات مختلفة لمعان متفقة، واستُدلّ على ذلك بأن قبيلة واحدة لا تتكلم بكلمة طوراً مهموزة وطوراً غير مهموزة، ولا بالصاد مرة وبالسين أخرى، إنما يقول هذا وذاك آخرون».
    وثمة شواهد شبيهة بالإبدال ليست منه في شيء أيضاً، إِنما هي وليدة أمراض النطق والكلام كاللثغة والغمغمة والحُبْسة والتأتأة والفأفأة، أو وليدة التصحيف الناجم عن سوء السمع أو عن إِغفال الإِعجام.
    أما أشهر من عرض لهذه الظاهرة بالبحث أو بالتصنيف فالأصمعي ويعقوب بن السكيت (ت 244هـ) والزجاجي وكتابه «الإبدال والمعاقبة والنظائر» وأبو الطيب اللغوي وكتابه «الإبدال»، وقد حقق هذين الكتابين الأخيرين عز الدين التنوخي ونشرهما المجمع العلمي العربي بدمشق. وكتاب «الإبدال» لأبي الطيب من أوعب ما أُلِّف في هذا الباب وأغزرها مادة تم حشدها وتقييدها وفق منهج حسن التبويب والتنظيم، مرتب على تسلسل حروف الهجاء.
    وأشهر من صنف في هذه الظاهرة من المحدثين أحمد فارس الشدياق، وكتابه: «سر الليال في القلب والإبدال»، وربحي كمال، وكتابه: «الإبدال في ضوء اللغات السامية».
مسعود بوبو
الموضوعات ذات الصلة
 
ـ التنوخي (عز الدين ـ) ـ الزجاجي (عبد الرحمن بن إسحق ـ) ـ ابن السكيت ـ أبو الطيب اللغوي.
 
مراجع للاستزادة
 
 
ـ أبو الطيب اللغوي الحلبي، الإبدال، تحقيق عز الدين التنوخي.ط. (مجمع دمشق 1960).
ـ عبد الرحمن بن إسحق الزجاجي، الإبدال والمعاقبة والنظائر، تح، عز الدين التنوخي (مجمع دمشق، 1962).
ـ يعقوب بن السكيت، الإبدال، تحقيق، حسين محمد شرف (القاهرة 1978).
*د يحيى
2 - يونيو - 2010
أخناتون : أمنوفيس بن أمنحوتب الثالث.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
أخناتون
(القرن الرابع عشر ق.م)
 
    أخناتون Akhnaton هو ملك مصر الفرعون أَمنحوتب الرابع «آمون يرضى», ويُدعى في المصادر الكلاسيكية أَمنوفيس. والده أمنحوتب الثالث (1417 -1379 ق.م), ووالدته تيي التي تحدَّرت من بيئة شعبية, على خلاف ما عُرف عن زوجات الفراعنة اللواتي تحدّرن من سلالات مميزة. أما مرضعته فهي تي, وزوجها قائد المركبات أيي, وخالته شقيقة الملكة الأم هي «موت نجمة» Moutnejmet.
    وتتحدث المصادر عن زواجه من الأميرة نفرتيتي (الجميلة أتت) التي وصفتها المصادر بالجمال الرائع, وبأنها أميرة ميتانية من دون أن يقوم على ذلك دليل, فلا يُعرف شيء عن أصلها, ويحوم كثير من الغموض حول الروابط الأسرية للعائلة المالكة وحول أفراد الحاشية التي كانت تعيش في كنفها. ولكن من الحقائق المعروفة أن الزوجين الملكيين رُزقا بست بنات, منهن مريت آتون زوجة سمنخ كارع وأخنسن باآتون زوجة توت عنخ آتون (توت عنخ آمون).
    وقد تلقى الملك الشاب اسمه الملكي الذي حمله بعد تتويجه «نفرخبرورع» ولكنه بعد ست سنوات من اعتلائه العرش دعا نفسه «أَخناتون» وهو الاسم الذي اشتهر به.
    حكم أخناتون ما يقرب من عقدين (1379-1362ق.م), ولكن بداية حكمه اختلطت بنهاية حكم أبيه الذي بلغت مصر في عهده ذروة مجدها في تاريخها القديم, وامتد نفوذها من الجزيرة الفراتية والأناضول وكريت وحوض بحر إِيجه إِلى النوبة.
    التعاليم الدينية
    في ظل هذه الظروف بدأ أمنحوتب الرابع وهو ولي للعهد, وفي حياة أبيه, ممارسة العبادة والشعائر الدينية المتوارثة عن آبائه, ولاسيما ما تعلّق بآمون - رع الإِله الرسمي للدولة. وأخذ في الوقت نفسه يعلن عن أفكار دينية جديدة تطورت حتى تحولت إِلى الهرطقة (البِدْعه) لخروجها على التعاليم التقليدية السائدة. ولكن توجهاته الدينية المجددة ازدادت وضوحاً بعد أن خلف أباه على العرش. وفي السنة السادسة من حكمه (1374ق.م) أعلن الملك مبادىء ديانة جديدة تدعو إِلى عبادة إِله واحد هو «آتون», وقد مثّله بقرص الشمس المجنّح. ومن دون أن يقطع الملك صلاته بالتقاليد الموروثة عمل على إِبراز بعض المظاهر التي رآها أكثر واقعية في التعبير عن الإِله الذي أراده أن يكون أكثر قرباً من الناس جميعاً, وعالمياً, موجوداً في كل مكان, في ذلك العصر الذي فتحت فيه مصر أبوابها للالتقاء بمن حولها من جيرانها, وكان عليها من جرّاء ذلك أن تعيد النظر في أسس حياتها الداخلية والروحية.
    لا تتضمن شعائر العبادة في ديانة أخناتون الجديدة أية إِجراءات سرية, ولم تفرض على الناس شعائر معينة, ولكن لا يعرف كيف تم التحول عن العبادات القديمة إِلى العبادة الجديدة. وتدل الشواهد الأثرية على أن أخناتون أقام عدداً من المنشآت العمرانية, أبرزها معبد الكرنك الشهير( قرب مدينة الأقصر اليوم), ومدينة أخيت آتون, عاصمته الجديدة, التي يقوم تل العمارنة في صعيد مصر فوق أنقاضها القديمة.
20060514-064103.jpg
أخناتون مع نفرتيتي وأولادهما
(مسلة كلسية من تل العمارنة)
    ففي الموقع المعروف اليوم باسم الكرنك يقوم مجمَّع أثري يضم عدداً من المعابد التي كان أهمها بيت آمون المعبود المفضّل لدى الطبقة الحاكمة من الأسرة الثامنة عشرة, وتحيط به بيوت كبار الكهنة. في هذا المكان, وإِلى الشرق من هرم آمون أقام أخناتون معبداً لآتون, للشمس المشرقة. وكان الهدف من ذلك واضحاً وهو تأسيس ديانة جديدة لتحل محل العبادة القديمة. وتوجه في تراتيل شعرية مؤثرة إِلى ربّه آتون, الذي رمز إِليه بقرص الشمس, وأعلن أن لا حياة لشيء من دونه.
    وفي دعوته المجدَّدة يعلن الملك الكاهن أن بركات آتون ليست وقفاً على مصر وأهلها, وإِنما هي للمخلوقات الموجودة في كل مكان من البشر والحيوان, فيمنح آتون عند شروقه القوة للكائنات ويحييها حتى تستمر نعمة الحياة وعند غروبه تفتر الحياة في كل شيء. وعندما يفقد العالم نسمة الحياة, يدخل هذا العالم في خمود, في الوقت الذي تشحن فيه الشمس بطاقة جديدة حيث كانت تختفي عن الأنظار. وقد وجد عدد من الباحثين تشابهاً بين مضمون هذه الترانيم الأخناتونية وسفر المزامير الذي يعزى إِلى داود( القرن العاشر ق.م) ولاسيما المزمور 104.
    وفي الديانة الأخناتونية أُدخلت تعديلات على النظريات المتعلقة بالموت والشعائر الجنائزية, وتقاليد الدفن, وقُدّمت تفسيرات نشورية جديدة للتقاليد الأوزيرية القديمة المتعلقة بالعالم الآخر. أما آمون وهو القوة الخفية كما يدل على ذلك اسمه, فلم يعد يمثل عند الملك شيئاً سوى ما هو عجيب. فالملك الذي اختار للإِله اسماً قديماً معروفاً في نصوص الأهرام, من الألف الثالث ق.م هو آتون أي كوكب عين الشمس مصدر كل شيء, صار يدعى عند رعيته أخناتون أي «عبد آتون». وآتون هذا الذي كان في عصر الدولة الوسطى يتلقى الصورة الهوائية لملك عند رحيله إِلى عالم الأموات فإِن هذه الصورة تعود عند تحولها إِلى لحم مقدّس, إِلى الجسد الذي خرجت منه.
    واستخدم أخناتون الفنون التشكيلية لنشر تعاليمه, فعمل بنفسه على تعليم الفنانين وتوجيههم في عصره لأنه كان يرى من الضروري ترجمة أفكاره الدينية الجديدة في أشكال واقعية. ففي المعبد الذي أقامه شرقي الكرنك لآتون عولجت صورة الملك وصور أسرته بواقعية مدهشة. وأبرزت في صورة أخناتون تشويهات مقصودة للجسم, ورسمت على الوجه علاماتٌ دالةٌ على الاستبطان عند الفنان الذي كان يهتم بأن يعكس في عمله تجربة ذاتية عميقة في معاينة ما يجري في الفكر في تلك المرحلة من تاريخ مصر, والتعبير عنه بجهد يهدف إِلى التعبير عن العواطف الداخلية للكائن لتصوير الشكل الحقيقي للجسم. فأخناتون يوصي بأن كل شيء يجب أن يضحّى به من أجل الحقيقة التي هي مصدر التوازن والعدالة والحياة وهي عناصر صورة القداسة كما تعكسها مرآة الإِيمان.
    العاصمة الجديدة
    مرّت السنوات الأولى من حكم أمنحوتب الرابع, أخناتون, بوصفه مشاركاً للسلطة مع أبيه في العاصمة طيبة. ولكنه كان مصمماً على تحقيق إِصلاح ديني جذري, فترك العاصمة طيبة برضى أبيه الملك, وأسس على مسافة تقرب من ثلاثمئة وخمسة وسبعين كيلو متراً إِلى الشمال من طيبة, بعيداً عن أرض آمون, مدينة جديدة سرعان ما أضحت عاصمة زاهرة هي أخيت آتون (تل العمارنة).
    ونقل أخناتون بعدئذ مقره إِلى هذه المدينة الجديدة ليعيش فيها مع زوجه وجواريه وأفراد حاشيته من كبار الموظفين وبناته الست اللواتي أنجبتهن نفرتيتي. ويبدو أن العائلة المالكة عاشت حياة سعيدة في أخيت آتون حتى انقسام الأسرة في أواخر سنوات حكمه.
    ولم يقتصر التغيير في أسلوب حياة الفرعون على علاقته بأسرته ورعيته, بل ثمة تغيير في أسلوب الملك المصري تبرزه دراسة الرسائل الدبلوماسية في أرشيف تل العمارنة وهي تكشف عن أسلوب التخاطب والتراسل بين ملوك وأمراء كنعان وأمورو (فلسطين وسورية) من جهة والفرعون المصري من جهة أخرى.
    وتدل دراسة عصر العمارنة برمته على تدهور النفوذ الفرعوني في المناطق التابعة بعد التراخي في فرض هيبة الملك التي تراجعت كثيراً عما كانت في عصر تحوتمس الثالث. فمبالغ الجزية المفروضة على البلاد لم تعد تصل إِلى خزانة فرعون. ولم يتحرك القصر الفرعوني كما يقتضي الأمر لمواجهة الوضع الدولي الناجم عن تراجع مصر أمام تقدم النفوذ الحثي. ويبدو أن مؤامرة كبيرة أطرافها من الداخل: كهنة آمون في طيبة وقائد الجيش حورمحب من جهة, وأمراء كنعان وأمورو من جهة أخرى, قد تم تدبيرها للإطاحة بحكم العاهل الذي كان منصرفاً إِلى الإِصلاح الديني, من دون أن يكون محيطاً بما كان يجري حوله.
    ومرّ زمن كان فيه الملك قابضاً بيد قوية على زمام الأمور في طيبة وفي القصر. وكان باستطاعته أن يأمر بتشييد معابد ضخمة لآتون في طيبة بجوار معابد آمون. ولكن بعد السنة الثانية عشرة من حكمه أخذ الضعف يدبُّ في بنية السلطة. ووقع الانشقاق في الأسرة الملكية نفسها. فتركت الملكة نفرتيتي القصر الملكي في وسط مدينة أخيت آتون مع المربية تي وزوجها الكاهن إِيي وأربع من بناتها والأمير الصغير توت غنخ آتون واتخذت لنفسها مقراً في شمالي المدينة, في حين استقر الملك في قصر آخر في جنوبي العاصمة. ووثق صلته بأخيه الأصغر «سمنخ كارع» ليجعله صهره وزوجاً لابنته وشريكاً له في إِدارة الُملك, وبذلك دخل عصر العمارنة مرحلة جديدة. في هذه المرحلة تفاقمت حالة الملك النفسية, وازدادت تصرفاته اضطراباً, فغدت شبه عشوائية ووسّع جبهة المناهضين لحركته الدينية عندما أمر بتحطيم تماثيل آمون وبمحو اسمه من النقوش, وألغى ألقابه وكل ما كان يطلق عليه من صفات تعبر عن الاعتقاد بحماية عرشه الملكي. واتسع نطاق هذا التغيير في الحياة الدينية في مصر القديمة حتى شمل صورة الصقر التي يرمز بها إِلى الربّة نخبت, وشُوَّه اسم مدينة آمون (طيبة) المكتوب بالهيروغليفية, وأصدر الملك أوامره بإِزالة تلك الصور الممقوتة حتى حدود النوبة, وإِحلال عبادة آتون محلها في كل أنحاء البلاد.
    وقد اصطدمت هذه السياسة الدينية التي قادها الملك بمعارضة قوية تزعمها كهنة المعابد الذين كانوا أكثر المتضررين من توحيد العبادة, وكذلك النبلاء الذين هدَّدت الإِصلاحات امتيازاتهم, والضباط والقادة العسكريون الذين تقلص نفوذهم في الدولة لقلة اهتمام الملك بالجيش ولعزوفه عن متابعة سياسة أسلافه التوسعية, فأصاب الوهن القدرات العسكرية للدولة وتدهورت هيبتها المعهودة داخلياً وخارجياً, وتوغلت دول الأناضول القوية في سورية. وقد أشارت وثائق العمارنة ولاسيما الرسائل الدبلوماسية منها إِلى حقيقة الوضع في فلسطين وسورية في مواجهة التوسع الحثي. وكان لانصراف أخناتون عن قيادة جيوشه أو تحريكها بطريقة فعالة من أجل المحافظة على مواقع مصر في آسيا الغربية, والاكتفاء بالعمل على نشر عقيدته الجديدة عواقب وخيمة كلّفت البلاد ثمناً باهظاً, إِضافة إِلى انهيار العلاقات التجارية لانعدام الأمن والاستقرار, وانتهت أيام الملك في خضم أزمة مأساوية, وآلت الأمور بادىء الأمر إِلى وريثه سمنخ كارع الذي عمل على إِعادة الاتصال بمنفيس وطيبة, وأعاد مصر إِلى التعددية الدينية. ودفن أخناتون في عاصمته أخيت آتون. وقد تعرّف علماء الآثار على قبره, ولكنهم لم يعثروا إِلاّ على حطام ناووسه الملكي الذي رمم ونقل إِلى متحف القاهرة. أما مومياؤه التي لم يعثر عليها فلا يعرف أحد ماذا حلّ بها. وقد يكون أصابها ما أصاب أخيت آتون (تل العمارنة) من التدمير على يدي القائد حورمحب الذي كان في مقدمة من عمل على إِنهاء عصر العمارنة وعلى الإِطاحة بحكم أخناتون. وقد عثر في وادي الملوك على مومياء يظن أنها مومياؤه ولكن لا توجد دلائل قاطعة على ذلك. وبعد سمنخ كارع الذي حكم مدة قصيرة اعتلى العرش توت عنخ آتون الذي اضطر إِلى تبديل اسمه إِلى توت عنخ آمون مؤذناً بإِعادة الاحترام لآمون ولكهنة طيبة الأقوياء. وهكذا انهارت هذه المحاولة المبكرة لقلب الوجدان الديني التقليدي في مصر القديمة ولإِحلال وحدانية الإِله محل التعددية.
 
عبد الله محمود حسين, محمد حرب فرزات
*د يحيى
2 - يونيو - 2010
أذرِعات = درعا = حوران    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
درعا (محافظة ومدينة )
 
 
 
محافظة درعا محافظة سورية، تقع بين خطي العرض 21 َ  32 ْ شمالاً، وخطي الطــول 40 َ 35 ْ  و30 َ 36 ْ شرقاً، تحدها من الشمال محافظة ريف دمشق ومن الجنوب الأردن ومن الشرق السويداء ومن الغرب محافظة القنيطرة. فهي بذلك تقع أقصى جنوب غربي القطر العربي السوري بمساحة تبلغ 3730كم2.
تمتد على الجزء الأوسط والجنوبي من هضبة حوران[ر]، وقد تبدو التسميتان مترادفتين، فأراضي درعا الحالية ما هي إلا أراضي حوران المعروفة منذ القدم.
تتألف أراضي المحافظة من ثلاث مناطق طبيعية هي: اللجاة الصخرية في الشمال الشرقي وحوض اليرموك في الغرب والجنوب، وبينهما السهل الذي يقسم إلى قسمين الجيدور في الغرب والنقرة في الشرق.
مناخها متوسطي شبه جاف، يراوح معدل أمطارها بين 250-300مم سنوياً، وتجود فيها الزراعات البعلية كالقمح والشعير والبقوليات.
بلغ عدد سكانها عام 2001 نحو 800 ألف نسمة، يعمل معظمهم في الزراعة. أهم المدن درعا، وهي مركز المحافظة ونوى وإزرع والصنمين وجاسم.
لمحة تاريخية
سُكنت أراضي المحافظة منذ القدم، وقد عُثر في مدينة درعا على مساكن لإنسان العصر الحجري الحديث (من الألف السادسة إلى الألف الرابعة قبل الميلاد)، وعثر أيضاً على أدواته ومخلفاته التي تدل على ممارسته الزراعة وتربية الحيوان.
والواقع أن أقدم ذكر لأرض حوران يعود إلى رسائل تل العمارنة (القرن 14ق.م)، كما ذكرت في العهد القديم، مما يدل على أن المنطقة كانت عامرة في الألف الثالثة قبل الميلاد.
 
 
خزان مياه في محافظة درعا من العهد الروماني
 
كان الأموريون أقدم الأقوام التي سكنت أرض حوران، لكن مالبث شأنهم أن اضمحل بعد أن امتدت سلطة الكنعانيين إلى المناطق الداخلية، وحدثت بينهم فتن وحروب حتى ظهر الهكسوس، وانتشروا في المنطقة.
في تلك الأثناء ظهر العبرانيون وانتشروا في أراضي حوران تجاراً ومرتزقة 1250ق.م، ثم مالبثوا أن شكلوا جماعات صغيرة ثم دويلات متفرقة أخذت تهدد المنطقة برمتها فاحتلوا عدداً من مدن حوران وهاجموا عاصمتها درعا (أذرعي)، لكن مملكة دمشق الآرامية وقفت سداً منيعاً دون أطماعهم. وبعد حروب دامت نحو قرنين، عادت حوران لتصبح جزءاً من الدولة الآرامية، إلى أن دمر الآشوريون دمشق عام 732ق.م، واجتاحوا حوران، وجاء بعدهم الكلدانيون ثم الفرس لتصبح حوران جزءاً من الولاية الفارسية الخامسة.
بعد معركة إيسوس الشهيرة عام 333ق.م، أصبحت سورية وحوران جزءاً من امبراطورية الإسكندر المقدوني، وبعد وفاته واقتسام امبراطوريته حكمها السلوقيون، ثم الأنباط بعد انتصارهم على المكابيين والسلوقيين عام 90ق.م، حتى احتل الرومان سورية عام 64ق.م.
في عام 106م، أصبحت حوران جزءاً من الولاية العربية الرومانية وعاصمتها بصرى، وما تزال آثار تلك الحقبة ماثلة للعيان كمدرج بصرى ومعبد الصنمين والجسور الرومانية الحجرية.
وحين انقسمت الامبراطورية الرومانية إلى شرقية (بيزنطية) وغربية، ظلت سورية تحت سيطرة البيزنطيين، وحكمها ولاتهم طول مدة الجاهلية وصدر الإسلام، وقد أدى الغساسنة دوراً مهماً إبان الحكم البيزنطي، وكانت عاصمتهم الجابية غربي قرية نوى اليوم، وظهر منهم ملوك يدينون بالولاء لبيزنطة، وعزز هذا اعتناقهم الدين المسيحي، فكانوا حلفاء للروم ضد الفرس وحلفائهم المناذرة وضد العرب المسلمين الذين ظهروا فاتحين في المنطقة. وإلى الغساسنة ينتسب أهالي حوران اليوم ويفخرون بانتمائهم العربي الأصيل.
وعلى أرض حوران، في الجهة الجنوبية الغربية منها، جرت معركة اليرموك الفاصلة بين العرب المسلمين والروم عام 15هـ/636م، فعسكر عمرو بن العاص قائد الميمنة العربية في المنطقة الممتدة من جنوبي الوادي الزيدي المار بمدينة درعا إلى قرية داعل شمالاً، وإثر المعركة عقد المسلمون صلحاً مع أهلها بعد إخراج الروم منها، ومر بها عمر بن الخطاب حينما زار الشام، وظلت تحت الحكم الراشدي ثم الأموي.
وفي الصراع بين الأمويين والعبـاسـيين، قاتلت حوران في صف الأمويين، وظلت الاضطرابات فيها حتى انتصر العباسيون واسـتتب لهم الأمر عـام 133هـ/750م.
أدت حوران دوراً مهماً في أثناء الحروب الصليبية، إذ شكلت بموقعها جسراً ربط بين دمشق والقاهرة بعد أن حاول الصليبيون قطع الإمداد عن الطرفين، وكانت هدفاً لأطماعهم لحاجتهم إلى محاصيلها. وفي عام 1119م هاجم بودوان الثاني مدينة درعا واحتلها، لكنه لم يتمكن من مدينة بصرى. ويُجمع سائر المؤرخين الذين كتبوا عن حوران في العصور الوسطى مثل ياقوت والإدريسي والإصطخري على أن حوران كانت تتبع دمشق في سائر أحوالها.
ثم أتى العثمانيون عام 1516، وفي عهدهم، ولاسيما أواخره، عانت البلاد عامة عوامل الجمود والتخلف. وفي عام 1880، أصبحت حوران متصرفية مؤلفة من ستة أقضية مركزها المزيريب. وانتعشت المنطقة بعد افتتاح الخط الحديدي الحجازي[ر] عام 1908، ولاسيما درعا، بل نشأ فيها حي جديد يعرف باسم «حي المحطة».
شارك أهالي حوران في الثورة العربية الكبرى، واستقبل الأهالي بعد مدة الملك فيصل بعد معركة ميسلون مغادراً دمشق إلى أوربا، كما تعاونوا مع الحركات الوطنية في دمشق إبان الانتداب الفرنسي، فحاصروا الثكنة العسكرية الفرنسية مدة ثلاثة أيام متوالية حتى اضطروا حاميتها إلى الفرار تحت جنح الظلام.
ثم شهدت المحافظة عهد الاستقلال لتتبوأ حوران مكانتها بين المحافظات السورية تحت اسم محافظة درعا.
مدينة درعا
مركز محافظة درعا وأكبر مدنها، تبعد 3كم عن الحدود الأردنية، وتبعد عن دمشق العاصمة 101كم جنوباً، على درجة عرض 37 َ 32 ْ شمالاً وخط طول
 5 َ 36 ْ شـرقاً، عند النهايات الجنوبية لهضبة حوران البازلتية ممتدة على طرفي الوادي الزيدي.
 
 
مدرج درعا
 
لاشك في أن خصوبة التربة وتوافر مصادر المياه هو الذي اجتذب إليها الإنسان وساعده على ممارسة الزراعة والاستقرار فيها منذ القدم. غير أن درعا تدين بأهميتها إلى موقعها أكثر مما تدين إلى ثروتها وغناها، فهي مركز للإنتاج الزراعي ومكان للتبادل التجاري بين البدو والحضر، وهي أيضاً صلة وصل بين المناطق المجاورة لها، وقد اكتسب هذا الموقع أهمية جديدة بسبب موقعه على طريق الحج إلى مكة المكرمة ، وعزز هذه الأهمية تدشين الخط الحديدي الحجازي، الذي ظل يستخدم لأغراض دينية وعسكرية وتجارية حتى أُهمل في النصف الأول من القرن العشرين.
وقد أثر مرور الخط الحديدي الحجازي في عمران المدينة، فقد بدأ العمران قرب محطة القطار بيوتاً لموظفي المحطة، ثم تبع ذلك إقامة سوق تجارية ومبان حكومية تناثرت بين الوادي الزيدي والمحطة فعرف باسم حي المحطة.
ولكن أقدم أحياء درعا هو ما يعرف بالكرك، نسبة إلى مخفر شرطة عثماني كان موجوداً فيه، وهو تل مرتفع تقوم عليه بيوت البلدة القديمة ويحيط به الوادي الزيدي من كل الجهات عدا الجهة الجنوبية، وهذا ما يجعل منه موقعاً طبيعياً حصيناً يصعب اختراقه ويسهل الدفاع عنه في الوقت نفسه. وترجح الآراء أن هذا التل هو الموضع الذي نشأت فيه درعا نشأتها الأولى من خلال الآثار التي عثر عليها فيه، بدءاً من مغاور ومساكن الإنسان الحجري الحديث حتى العصور المتأخرة.
وفي جنوبي الكرك في الجهة التي لا يمر بها الوادي الزيدي، تقع درعا البلد، تمييزاً لها من درعا المحطة، وقد نشأت أحياء جديدة نجمت عن تدفق أبناء الريف المحيط بالمدينة إليها، وجموع اللاجئين الفلسطينيين إثر نكبة 1948، ثم هجرة أبناء الجولان إليها إثر العدوان الإسرائيلي عام 1967، فنجم عن ذلك ازدياد عدد سكان درعا ازدياداً كبيراً، إضافة إلى نسبة النمو السكاني المرتفعة 29.9 بالألف عام 2000، فقد تضاعف عدد السكان خمس مرات في خمسين عاماً حتى بلغ عدد سكانها نحو 826 ألف نسمة عام 2002.
يعمل سكان درعا أساساً بالزراعة، وقد ازدهرت فيها الزراعة المروية للعنب والزيتون والتبغ والخضر، لكن المحصول الأساسي هو الحبوب والبقول التي تزرع بعلاً، كما توجد فيها بعض الصناعات البسيطة المتعلقة بالإنتاج الزراعي، وأُقيمت فيها مؤخراً منطقة صناعية، أُنشئ فيها مصنع للأحذية ومصنع للمعكرونة ومطحنة حديثة.
 
*د يحيى
2 - يونيو - 2010
أذرِعات.....(2).    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
لمحة تاريخية (درعا)
أصل التسمية كنعاني، وورد اسمها «أتي راعا» في رسائل تل العمارنة. اتخذها الأموريون عاصمة لهم عام 2250ق.م، وسموها أذرعي. وازدهرت المدينة أيام الآراميين، وعندما احتل الفرس سورية كانت درعا مركز مرزبانية، بعدها خضعت لليونان (الإسكندر ثم السلوقيين)، ثم الأنباط حتى قضى الرومان على دولتهم وأعلنوا تأسيس الولاية العربية الرومانية.
عُنِيَ الرومان بتنظيم المدينة، فبُنيت فيها المعابد والأسواق والمسارح والحمامات والطرق المرصوفة، وقد كشف عن مدرج درعا وحوله أبنية تعود إلى العصر الروماني، أهمها بقايا حمامات على بعد 400 متر جنوب غربي المدرج، كما توجد بقايا قناة صرف مائية وعثر على لوحة فسيفسائية في منطقة الثعيلة غربي درعا.
وتعود إلى عهد الغساسنة قناة ري قديمة هي قناة فرعون، تجر مياه سهل الثريا عبر قرية الشيخ مسكين وقرية شقرا، ثم تمر غرب خربة غزالة وصولاً إلى درعا عند مكان يسمى حمام الملكة في البلدة القديمة في الكرك. كما أصبحت درعا في عهدهم سوقاً تجارية شهيرة تؤمها قوافل شبه جزيرة العرب وما حولها.
أما أقدم شـواهـد العصر الإسـلامي، فهو الجامع العمري الذي بني في صدر الإسـلام، وجرت عليه ترميمـات كثيرة، أبرزهـا في عصـر كمشتكين عام (506هـ/1112م)، ثم في العصر الأيوبي (618هـ/1221م). وفي عهد العثمانيين، أصبحت درعا مركزاً لقضاء النقرة، وفي عام 1918 فتحت أبوابها للجيوش العربية المتجهة إلى دمشق، وشاركت في النضال ضد الانتداب الفرنسي، وفي عهد الاستقلال صارت درعا مركزاً للمحافظة التي سميت باسمها.
صفوح خير
*د يحيى
2 - يونيو - 2010
النووي : الإمام شارح صحيح مسلم : من (نوى) : من حوران ، وانظر الخريطة إذا تكرمت.    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
اقرأ الإمام النووي ، رحمات الله الرحيم عليه......
*د يحيى
2 - يونيو - 2010
آية كريمة وحديث شريف.    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أنه يعاقب الذين كفروا بعد إيمانهم بما ذكر أنه معاقبهم به من العذاب العظيم وتسويد الوجوه، ويثيب أهلَ الإيمان به الذين ثبتوا على التصديق والوفاء بعهودهم التي عاهدوا عليها بما وصفَ أنه مثيبهم به من الخلود في جنانه، من غير ظلم منه لأحد الفريقين فيما فعل، لأنه لا حاجة به إلى الظلم. وذلك أن الظالم إنما يظلم غيره ليزداد إلى عزه عزة بظلمه إياه، أو إلى سلطانه سلطانًا، أو إلى ملكه ملكًا، = أو إلى نقصان في بعض أسبابه يتمم بها ظلم غيره فيه ما كان ناقصًا من أسبابه عن التمام.  اضغط هنا فأما من كان له جميع ما بين أقطار المشارق والمغارب، وما في الدنيا والآخرة، فلا معنى لظلمه أحدًا، فيجوز أن يظلم شيئًا، لأنه ليس من أسبابه شيء ناقصٌ يحتاج إلى تمام، فيتم ذلك بظلم غيره، تعالى الله علوًّا كبيرًا. ولذلك قال جل ثناؤه عَقِيب قوله: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ،" ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور ".
* * *
واختلف أهل العربية في وجه تكرير الله تعالى ذكره اسمه مع قوله: " وإلى الله ترجع الأمور " ظاهرًا، وقد تقدم اسمُه ظاهرًا مع قوله: " ولله ما في السماوات وما في الأرض ".
فقال بعض أهل العربية من أهل البصرة: ذلك نظيرُ قول العرب: " أما زيدٌ فذهب زيدٌ"، وكما قال الشاعر:
لا أرَى المَـوْتَ يَسْـبِقُ المَـوْتَ شَيءٌ
نَغَّــصَ المَـوْتُ ذَا الغِنَـى وَالفَقِـيرَا  اضغط هنا
فأظهر في موضع الإضمار.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: ليس ذلك نظير هذا البيت، لأن موضع " الموت " الثاني في البيت موضع كناية، لأنه كلمة واحدة، وليس ذلك كذلك في الآية، لأن قوله: " ولله ما في السماوات وما في الأرض " خبرٌ، ليس من قوله: " وإلى الله ترجع الأمور " في شيء، وذلك أنّ كلّ واحدة من القصتين مفارقٌ معناها معنى الأخرى، مكتفية كل واحدة منهما بنفسها، غير محتاجة إلى الأخرى. وما قال الشاعر: " لا أرى الموت "، محتاجٌ إلى تمام الخبر عنه.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا القول الثاني عندنا أولى بالصواب، لأن كتاب الله عز وجل لا توجَّهُ معانيه وما فيه من البيان،  اضغط هنا إلى الشواذ من الكلام والمعاني، وله في الفصيح من المنطق والظاهر من المعاني المفهوم، وجهٌ صحيح موجودٌ.
وأما قوله: " وإلى الله ترجع الأمور " فإنه يعني تعالى ذكره: إلى الله مصير أمر جميع خلقه، الصالح منهم والطالح، والمحسن والمسيء، فيجازي كلا على قدر استحقاقهم منه الجزاء، بغير ظلم منه أحدا منهم.
* * *
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ".
فقال بعضهم: هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وخاصة، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*ذكر من قال ذلك:
7606- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال في: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم الذين خرجوا معه من مكة.
7607- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن قيس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.
7608- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "، قال عمر بن الخطاب: لو شاء الله لقال: " أنتم "، فكنا كلنا، ولكن قال: " كنتم " في خاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
7609- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال، عكرمة: نـزلت في ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل.
7610- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن السدي، عمن حدثه: قال عمر: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
7611- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.  اضغط هنا
7612- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في حجّة حجّها ورأى من الناس رِعَة سيئة،  اضغط هنا فقرأ هذه: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، الآية. ثم قال: يا أيها الناس، من سره أن يكون من تلك الأمة، فليؤد شرط الله منها.
7613- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، يعني = وكانوا هم الرواة الدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أمة أخرجت للناس، إذا كنتم بهذه الشروط التي وصفهم جل ثناؤه بها. فكان تأويل ذلك عندهم: كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، أخرجوا للناس في زمانكم.
*ذكر من قال ذلك:
7614- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، يقول: على هذا الشرط: أن تأمرُوا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله = يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه، كقوله: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [سورة الدخان: 32].
7615- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال يقول: كنتم خير الناس للناس على هذا الشرط: أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر. وتؤمنوا بالله = يقول: لمن بين ظَهريه، كقوله: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [سورة الدخان: 32].
7616- وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: كنتم خير الناس للناس، تجيئون بهم في السلاسل، تدخلونهم في الإسلام.  اضغط هنا
7617- حدثنا عبيد بن أسباط قال، حدثنا أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: خيرَ الناس للناس.
* * *
وقال آخرون: إنما قيل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، لأنهم أكثر الأمم استجابة للإسلام.
*ذكر من قال ذلك:
7618- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "، قال: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة، فمن ثمَ قال: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ".
* * *
وقال بعضهم: عنى بذلك أنهم كانوا خير أمة أخرجت للناس.
*ذكر من قال ذلك:
7619- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "، قال: قد كان ما تسمعُ من الخير في هذه الأمة.
7620- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة قال: كان الحسن يقول: نحن آخرُها وأكرمُها على الله.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قال الحسن، وذلك أن:
7621- يعقوب بن إبراهيم حدثني قال، حدثنا ابن علية، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا إنكم وفيَّتم سبعين أمَّة، أنتم آخرها وأكرمها على الله " .
7622- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: " أنتم تتمُّون سبعين أمة، أنتم خيرُها وأكرمها على الله ".  اضغط هنا
7623- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة: " نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرُها ".
* * *
وأما قوله: " تأمرون بالمعروف "، فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه =" وتنهون عن المنكر "، يعني: وتنهون عن الشرك بالله. وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه، كما:-
7624- حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ". يقول: تأمرونهم بالمعروف: أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والإقرار بما أنـزل الله، وتقاتلونهم عليه، و " لا إله إلا الله "، هو أعظم المعروف = وتنهونهم عن المنكر، والمنكر هو التكذيب، وهو أنكرُ المنكر.
* * *
وأصل " المعروف " كل ما كان معروفًا فعله، جميلا مستحسنًا،  اضغط هنا غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله " معروفًا "، لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله. .
* * *
وأصل " المنكر "، ما أنكره الله، ورأوه قبيحًا فعلهُ، ولذلك سميت معصية الله " منكرًا "، لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها، ويستعظمون رُكوبها.
* * *
وقوله: " وتؤمنون بالله "، يعني: تصدّقون بالله، فتخلصون له التوحيد والعبادة.
* * *
قال أبو جعفر: فإن سأل سائل فقال: وكيف قيل: " كنتم خير أمة "، وقد زعمتَ أن تأويل الآية: أنّ هذه الأمة خيرُ الأمم التي مضت، وإنما يقال: " كنتم خير أمة "، لقوم كانوا خيارًا فتغيَّروا عما كانوا عليه؟
قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما ذهبتَ إليه، وإنما معناه: أنتم خير أمة، كما قيل: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ [الأنفال: 26] وقد قال في موضع آخر: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ [الأعراف: 86] فإدخال " كان " في مثل هذا وإسقاطها بمعنى واحد، لأن الكلام معروف معناه. ولو قال أيضا في ذلك قائل: " كنتم "، بمعنى التمام، كان تأويله: خُلقتم خير أمة = أو: وجدتم خير أمة، كان معنى صحيحًا.
* * *
وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك: كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ، أخرجت للناس.
* * *
والقولان الأولان اللذان قلنا، أشبهُ بمعنى الخبر الذي رويناه قبلُ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أهل طريقة. وقال: " الأمة ": الطريقة.
* * *
*د يحيى
2 - يونيو - 2010
من الشاعر فاروق جويدة    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
ماذا أصابك .. ياوطن ؟!
 
أنا من سنين لم أره
لكن شيئا ظل فى قلبى زمانا يذكره ..
( عمى فرج )
رجل بسيط الحال لم يعرف من الايام
شيئا غير صمت المتعبين
كنا اذا اشتدت رياح الشك
بين يديه نلتمس اليقين
كنا اذا غابت خيوط الشمس عن عينيه
شيىء فى جوانحنا يضل .. ويستكين
كنا اذا حامت على الايام أسراب
من اليأس الجسور
نراه كنز الحالمين
عيناه غارقتان فى سأم السنين
وذقنه البيضاء تحمل الف حلم
للحيارى الضائعين
كم كان يمسك ذقنه البيضاء فى ألم
وينظر فى حقول القمح
والفئران تسكر من دماء الكادحين
لم يبق فى الحقل الجميل
سوى الثعابين العتيقه
تنفث السم الدفين
لم يبق غير قطائع الغربان
تنعى الموت فى الزمن اللعين
لم يبق فوق شواطىء النهر الحزين
سوى العناكب والطحالب والأنين
كم كان يبكى كلما أكلت
جيوش الملح قوت الجائعين
*************
( عمى فرج )
قد كنت أعرف وجهه المعجون
من شوق الليالى
والمواويل القديمة والحنين
دمه بلون النيل
حين يجىء مختالا يشق الارض
تصرخ فى رباها الخضر اصوات الجنين
بيديه مسبحة وفى قدميه خف
علم الدنيا طقوس الصبر فى الزمن الضنين
من ألف عام
كان يمشى فوق نهر النيل
يسمع عن حكايا السارقين
سرقوه جسما .. ثم روحا
ثم أصبح غنوة خرساء
تحكى عم مآسى الراحلين
كم عاش يشرب دمعه
المخلوط من ماء وطين
قد كان آخر عهده بالحلم
حين يجيىء شهر الصوم
بالتمر الملوث بالتراب
يسد جوع الصائمين
*************
( عمى فرج )
يوما تقلب فوق ظهر الحزن
أخرج صفحة صفراء
اعلانا بطول الارض
يطلب فى ( بلاد النفط ) بعض العاملين
همس الحزين وقال فى ألم
أسافر .. كيف يا الله
أحتمل البعاد عن البنية .. والبنين
لم لا أحج .. فهل أموت ولا أرى
خير البرية أجمعين
لم لا أسافر كلها أوطاننا
ولأننا فى الهم شرق
بيننا نسب ودين
لكنه وطنى الذى أدمى فؤادى من سنين
ماعاد يذكرنى .. نسانى
كل شيىء فيك يامصر الحبيبه
سوف ينسى بعد حين
أنا لست أول عاشق نسيته هذى الارض
كم نسيت ألوف العاشقين
وطنى سينسانى
قد كان يذكرنى
اذا لاحت وجوه المعتدين
قد كان يذكرنى
اذا حلت مواسم زرعنا
فيجيىء يسرقها
ويتركنا حيارى .. جائعين
حاربت يوما فى صباى
فعاش مرفوع الجبين
حاربت كى يبقى عزيزا
رغم أنف الظالمين
قد مات ابنى فى سبيلك ياوطن
كفنته فى مهجتى
ورسمته وشما على صدرى
أبا الهول العتيق
يرد كيد الغاصبين
أنا لم اسافر فى حياتى مرة
كانت حقول القمح فى عينى
نهاية كل هذى الارض
كانت ظلة الصفصاف أوسع
من سماء الكون
كانت مصر فى قلبى بلاد العالمين
************
*د يحيى
3 - يونيو - 2010
لله درك يا رجب طيب أردوغان    ( من قبل 8 أعضاء )    قيّم
 
محمد بن صالح المنجّد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وبعد:
 فمما يُدمي القلب ، وتَدمع له العين ، ما أصاب إخواننا شهداء النصرة ممن قامت بقلوبهم غيرة الإيمان والنخوة والمروءة ، فهبوا لنصرة إخوانهم المظلومين... ففاجأهم إخوانُ القردة والخنازير بهجوم مباغت في مشهد بشعٍ اختلطت فيها الدماء بالمياه .

1 - اليهود هم اليهود : أخبث الأمم طوية، وأرداهم سجية ، وأبعدهم من الرحمة ، وأقربهم من النقمة ، امتلأت قلوبهم بالحسد والحقد، يرتكبون المجازر تلو المجازر ، (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) .

وهذا الحدث من طبيعة النفس اليهودية الساعية للإفساد والقائمة بالإجرام ، وقد فعلوا ما هو أكبر من ذلك ، فهم قتلةُ الأنبياء ، وسفكة الدماء ، كذبوا على الله ، وحرفوا كتبه ، وأكلوا السحت ، ونقضوا المواثيق والعهود.

2 - ليست بأولى جرائمهم : وقد أخبرنا سبحانه وتعالى بجملة من كبائرهم فقال : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) ، (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ) ، (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ، وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ).

هذه بعض جرائم اليهود في القرآن ، واليوم تلطخت أيديهم بدماء القتلى من مسلمين وغيرهم ممن جاء لنجدة المظلومين المحصورين .

3 - اليهود لا يراعون في أحد ذمةً ولا عهداً : ولا يخافون اللّه في خلقه، كما أخبرنا تعالى بقوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاً وَلا ذِمَّةً)، وقال: (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إلاً وَلا ذِمَّةً).

وقد رأينا ذلك واضحاً في الوحشية اليهودية تجاه أناس عزَّل من بلدان مختلفة لا يملكون من أمرهم شيئاً ، وهكذا اليهود ( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً ) .

4 - اليهود جبناء : ويتجلى خوفهم في تسترهم عن أي معلومات تتعلق بالقتلى أو الجرحى الذين تم نقلهم للمستشفيات.

5 - اليهود قوم بهت : زعموا كذباً وزوراً وجود أسلحة في السفن المحملة بالمساعدات الغذائية ، وتحججوا بأن ركاب السفينة قاوموا بالسلاح ، لتبرير جريمتهم .

6 - (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) : وهذا واضح في استخدام الطائرات والسفن الحربية لمقاتلة أشخاص عزَّل .

7 - الاستهداف الإسرائيلي رسالة موجهة إلى المسلمين جميعاً : وفحوى الرسالة : حذار ثم حذار من محاولة التفكير في نصرة أهل غزة !!

8 - الأتراك المسلمون يعيدون إلى الأذهان الارتباط بين العثمانيين والأمة الإسلامية ، ويوقظ في النفوس الحنين إلى الخلافة الإسلامية التي تحمي حمى المسلمين في كل أنحاء العالم.

9 -
كان واضحاً في هذه العملية القصد اليهودي في الانتقام من اليقظة الإسلامية التركية ، فقد ساءهم ما يقوم به الأتراك من دور فعال في الدفاع عن حقوق المستضعفين من
المسلمين .

10 -
المسلمون كالجسد الواحد : فالخليط الإسلامي في السفن البحرية ( متطوعون من تركيا ، الكويت ، الجزائر ، لبنان ، الأردن ...) يعكس تضامن المسلمين مع إخوانهم المستضعفين مع تباعد الديار .

11 - بدا واضحاً للعيان الفرق بين الجهود الفعلية التي يقوم بها أهل السنة من قارات العالم ، وبين أصحاب الادعاءات الفارغة من أهل البدع الذين يقومون بالتمثيل والعويل وإلقاء الخطب الرنانة في التباكي على القدس ، والمتاجرة بقضية فلسطين .

12 -
( وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ) : فالذين قتلوا في نصرة إخوانهم المسلمين شهداء خاطروا بأنفسهم لإمداد إخوانهم .

13 -
( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ )(حديث شريف) : لا بد من الحذر من الأصابع الخفية من الذين يكتبون في الشبكة العالمية للتحريش بين الشعوب العربية والإسلامية في هذه الأزمة ( ولَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ) ، ويجب الكف عن الملاسنات وتبادل الاتهامات انطلاقا من العصبية البغيضة.

14 -
الشجب والغضب مفيد ، لكنه لا يكفي : فلا بد أن تكون ردة الفعل على قدْر الحدث، فهناك دماء سفكت في البحر ، ولا بد أن يأخذ الجاني جزاءه .

15 -
( لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) : فمع فداحة الحدث إلا أننا ندعو للتفاؤل ، وتلمس جوانب الخير في هذه المصيبة ، ومن مظاهر الخير : تعاطف المسلمين من جاكرتا إلى طنجة مع إخوانهم في فلسطين ، فضلاً عن تزايد الكُرْه العالمي لليهود .. فدول تسحب سفراءها ، وأخرى تلغي زيارات رسمية مقررة ، وثالثة تستدعي سفراء اليهود احتجاجاً ، ومؤتمرات هنا واجتماعات هناك ، واحتجاجات واستنكارات .

16 -
عدم اليأس من الدعاء : وقول بعضهم نحن ندعو من عشرات السنين ، فماذا استفدنا .. يدل على انعدام الإيمان في القلب ، وعدم معرفة قيمة الدعاء ، فلقد أصيبت دولة اليهود بنكبات كثيرة ، ومصائب بعض قادتهم فيها عبرة وعظة وما خبر شارون المجرم عنا ببعيد ، (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ).

17 -
(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) : تقول إحدى النساء: لقد صرخت تلك المرأة وا معتصماه ، ونحن المسلمات اليوم لا نعرف لمن نصرخ .
ونقول : إننا نستنجد بالله عز وجل وحده ، ونناشده الفرج .

18 -
تذكير بحصار شعب أبي طالب: نتذكر في هذه الحادثة أن من نقض حصار شعب أبي طالب كانوا كفاراً ، شعروا بالظلم الواقع على المسلمين ، فتنادوا فيما بينهم لتمزيق وثيقة الحصار ، فيوجد من عقلاء الكفار من يقيضهم الله للوقوف مع المسلمين والاحتجاج على اليهود ، وتحدث لتحركاتهم فوائد ومنافع .

19 - قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت : فالناشط الإنجليزي "بيتر فينر" البالغ من العمر ثلاثة وستين عاماً يعلن إسلامه من على ظهر سفينة مرمرة إحدى سفن أسطول الحرية، ثبته الله وجعله ممن أسلم على ما سلف من خير.

20 - الوقف الإسلامي عبادة جليلة : ومن مظاهره وصوره الجديدة أن السفينة " بدر" المشاركة في الحملة تم شراؤها بصدقات المسلمين لتكون وقفاً على مهمات الإغاثة في الكوارث والنكبات.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يكشف الغُمة عن هذه الأمة ، وأن يعز دينه ويعلي كلمته ، وأن ينصر أولياءه ، ويخذل أعداءه ، ويجعل كيدهم في نحورهم ، ويكفى المسلمين شرهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.
( جزى الله خيراً كاتبها وقارئها وموصلها)
*د يحيى
4 - يونيو - 2010
جزاك الله خيراً أخي أردوغان    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
شكراُ أوردغان
عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
(1)
اللهجة التركية اشتاق لها الكثير ..

تركيا لن تدير ظهرها لغزة .. بهذه الكلمات الكبيرة خطاب أرودغان العالم ..
نعم إنه الغضب لإخواننا في غزة .. والغضب لدماء الأبرياء .. وأرواح الشهداء ..
إنها العزة الإسلامية .. والحمية الدينية .. لقد كانت كلمات أردوغان كلمات مؤثرة جداً.. ونحسبها صادقة وحقيقية .. كلمات عزة ونصرة ..
وما أحوج المسلمين اليوم لهذه الكلمات .. في زمنٍ عظمت فيه المصيبة .. وحلَّت به الرزايا العصيبة .. وتخطَّفت عالَم الإسلام أيدي حاسديه .. ونهشته أيدي أعاديه .. فالكرامة مسلوبة .. والحقوق منهوبة .. والأراضي مغصوبة .. ذبلت الأجساد .. وجفَّت الأكباد .. قرقرت البطون .. وظمأت الأجواف .. أطفال يصرخون .. وشيوخ يئنون .. مرضى يتوجَّعون .. ورجال حائرون .. انقطعت الكهرباء .. وعم الظلام بالليل .؟. وعزّ الطعام .. وقلّ الماء .. وتقاسم الناس الخبز .. وتعطلت المستشفيات .. وحرم المرضى من الدواء .. صار الناس يتحركون هنا وهناك بحثًا عما يسكت بطونهم وأجوافهم .. أكثر من مليوني مسلم يعيش هذه المعاناة في هذا السجن .. بُحَّت أصواتهم وتعالت صيحاتهم
إنه مشهد من مشاهد الحصار .. وصورة من أثره وآثاره..
ما أحوجنا إلى استشعار العزة .. وتذكر النصر .. ونحن نشاهد اليوم صوراً من من المآسي في غزة ..
في كل أفق على الإسـلام دائـرةٌ ينهدُّ من هولها رضوى وسـهلانُ
ذبـحٌ وسلبٌ وتقتيـلٌ بإخوتنـا كمـا أُعدِّت لتشفِّي الحقد نيرانُ
يستصرخون ذوي الإيمان عاطفـة فلم يُغثهم بيـوم الروع أعـوانُ
فاليوم لا شاعرٌ يبكي ولا صحف تحكي ولا مرسلات لهــا شـانُ
هل هذه غيـرة أم هـذه ضـعةُ للكفـر ذكـر وللإسلام نسـيانُ

- 2 –
صحيفة المقاطعة [ ما أشبه الليلة بالبارحة ] ..

لا أدري أيها الإخوة لماذا تذكرت وأنا أتابع قافلة الحرية .. تذكرت أياماً من السيرة النبوية على صاحبه أفضل الصلاة والسلام .. فبعد سبع سنوات من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. تعاقد أئمة الكفر ورؤوس الطغيان في مكة .. على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب .. مسلِمهم وكافرهم !!! لأنهم آزروا النبي صلى الله عليه وسلم .. وكتبوا صحيفة بذلك علقوها على الكعبة !! فدخل - هذا هو الشاهد - بنو هاشم وبنو المطلب شعب أبي طالب .. وتركوا منازلهم في مكة .. نصرة للنبي عليه الصلاة والسلام وحمية له ..وإن كان كثير منهم على غير دينه ! ومنعت قريش عنهم الطعام والشراب وكلَ ما يحتاجونه .. وعَظُم الحصار عليهم .. فأكلوا أوراق الشجر .. وكلَّ شيء رطب .. وهلك منهم ناس من الجوع .. وبذل أبو طالب وهو مشرك جميع ماله .. وكان صياحُ الصبيانِ يُسمع من وراء الشِعْب من شدة الجوع والمخمصة .. فَيَرِقُّ بعض أهل مكة لحال أهل الشِعْبِ .. فَيُهَرِّبون الطعام والكساء لهم بالليل ..
وبعد ثلاث سنوات من الحصار والجوع سعى بعض كبارهم إلى نقضها ..
وما فعل المشركون من بني هاشم وبني المطلب ما فعلوا حتى تركوا بيوتهم، وهجروا قبيلتهم .. وانحازوا إلى الشعب يقاسمون المسلمين الجوع والضراء والبأساء ثلاث سنوات تباعا، ما فعلوا ذلك إلا حمية للدم والنسب، ووفاء بواجب المروءة والشهامة، وحفظا لحق الرحم والقرابة.
وإذا كانت مروءة العرب قد دفعت مشركي بني هاشم وبني المطلب أن يقفوا في خندق واحد مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أثناء الحصار .. ألا نتعلم من هذا المساندة درسا يوجهنا نحو الموقف الذي تمليه المروءة على العرب والمسلمين قاطبة تجاه أهلهم في فلسطين ؟! هل نحب أن نكون لإخوتنا في غزة كما كان أبو طالب وبنو هاشم وبنو المطلب عموما لمحمد صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين .. يجري علينا ما يجري على إخوتنا، ونعاني مما يعاني منه إخوتنا .. ولا نخذلهم ولا نسلمهم لأعدائهم يفعلون بهم ما يشاؤون .. أم نحب أن نكون كأبي لهب الذي حالف الظلمة ضد الحق وضد أهله ورحمه ؟!
وإذا كان خمسة من مشركي قريش قد سعوا فى نقض صحيفة مقاطعة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. وإذا كانت قافلة الحرية بمن فيها من الشرفاء والأبطال قد سعوا لكسر هذا الحصار الظالم ..

فإننا نتساءل بحرقة: ألا يوجد في الأمة المسلمة مثل هؤلاء ؟!
الآن يجب أن ينبري مثل هؤلاء الأشراف الأحرار من ذوي المروءات من كبار الأغنياء والوجهاء السياسيين والقادة والمسؤولين لتقطيع وتمزيق هذا الحصار على الشعب الفلسطيني عامة وعلى أهل غزة خاصة وعليه يجب كسر الحواجز التي وضعت على المعابر ومنافذ الحياة لإخواننا في غزة ..
إنها دعوة لذوي الأقلام الحرة .. والنفوس الأبية .. والحمية الإسلامية .. والغيرة العربية .. أن يعبّروا عن الرفض لهذا القهر والظلم الأمريكي الصهيوني لأمتنا عامة وإخواننا في فلسطين وغزة خاصة ؟؟
نريد أن يكتب أصحاب الأقلام في الصحف .. والشعراء والأدباء .. والقصاصون والرواة في دواوينهم والمنشدون في أناشيدهم ..والمسرحيون في عروضهم .. والفنانون والرسامون في لوحاتهم ..

- 3 -
الصهيونية اليهودية ..

إن اليهود قوم مجرمون إرهابيون كما قال الله عز وجل فيهم: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ .. وما هذا الاجتياح لقافلة الحرية إلا أوضح دليل .. فهذا فعل له دلالته ومن تلك الدلالة :
أولاً : أن اليهود لهم تأريخ في الغدر والقتل .. فهم قتلة الأنبياء .. فقد قتلوا سيدنا زكريا ويحيى عليهما السلام ..وحاولوا صلب السيد المسيح عليه السلام .. وحاولوا قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. وتاريخهم كما تعرفون سلسلة من الجرائم في وما صبرا وشاتيلا من ببعيد ...

ثانياً :
أن الصهيونية العالمية .. أمة خوانة .. ليس لها عهد ولا أمانة .. تمارس في فلسطين أبشعَ صور الظلم والقهر .. والتخويف والإرهاب .. وتفرض ألوان الحصار .. وتقتل الرجال والنساء والصغار .. وتهدف إلى إبادة المسلمين .. وتصفيتهم جسديًا .. وإرعابهم نفسيًا، بمذابح جماعية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً .. هذه حقيقة يجب إن لايجادل فيها أحد .. نقول هذا لأولئك المخدوعين بهؤلاء المجرمين ..

ثالثاً :
أن تمارس إسرائيل هذا العدوان ليس غريباً .. ولكن أن تمارسه وبهذه الجرأة وأمام نظر العالم وسمعه .. إنه الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه .. وبجميع أنواعه وأدواته .. تمارسه ضاربةً بالمعاهدات والمحادثات والاتفاقات الدولية عرض الحائط .. فأين من يوقف وحشية هذا الإرهاب وبشاعته .. ويطارد رجاله وقادته .. يستأصل شأفتهم .. ويقتلع كافَّتهم؟! أين ميزان العدل والإنصاف يا من تدعونه؟! أين شعارات التقدم والتحرر والحضارة والسلام والتي لا نراها إلا حين تصبّ في مصلحة يهود ومن وراء يهود؟!!
أفعال شنيعة وتجاوزات رهيبة .. لا تثير لدى تلك المجالس والهيئات أي تحرك منصف لم يسأل اليهود عن جريمة ارتكبوها .. ولم تحجب عنهم مساعدات طلبوها .. ولم يتأخرعنهم مدد سألوه ..و لم يوجه إليهم لوم ولا عتاب لجرم اقترفوه ..

أما الدلالة الرابعة
؟! فقد أظهر هذا الاجتياح تفاعلاً لدى جميع الشعوب العربية والإسلامية .. كانوا قد ظنوا بأن هؤلاء سوف يقبلون بالتطبيع مع اليهود وإذا بهؤلاء الشرفاء يهبون في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي نصرة للشعب الفلسطيني ..
فاللهم يا كاشف الضراء .. ويا مجيب الدعاء .. فرج عن إخواننا في غزة .. وارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان .. اللهم ارحم أطفالهم ونساءهم ومرضاهم .. وأطعم جوعاهم .. واكس أجسادهم .. واربط على قلوبهم .. وقو عزائمهم .. وأنزل عليهم الصبر والسكينة والمعونة .. وارزقهم من حيت لا يحتسبون ..

أخوكم /
عبد الله المعيدي
المدرس بالمعهد العلمي بحائل
والمشرف العام على شبكة همة المسلم
www.mettleofmuslem.net
*د يحيى
4 - يونيو - 2010
الصمت القاتل    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
الصمت القاتل
د.مالك الأحمد

بسم الله الرحمن الرحيم

ليس من الغريب أن تصمت الحكومات العربية عن "أسطول الحرية" ... فهذا الأسطول الذي تبناه بعض عقلاء الغرب ومؤيدي الحقول الإنسانية للشعب الفلسطيني ومعهم بعض المسلمين يمثل – بجد ذاته – وصمة عار للأنظمة وحتى للشعوب العربية ....
أين أساطيل العرب لدعم غزة وأهلها ؟!
بل أين مشاركة المثقفين في هذه المعركة ؟!
مثقفونا مشغلون بـ"رضاع الكبير" ومعارك "قيادة المرأة للسيارة" ...
 
تناسوا أن شعباً بأكمله يعيش حصاراً كاملاً ليس فقط من أجرم دولة في العالم ، بل حتى من جارته العربية المسلمة (مصر) والتي ما فتنت ترفع راية العروبة والإسلام في نفس الوقت الذي تفجر أنفاق غزة باعتى المتفجرات وتبني جداراً "فولاذياً" - لحماية حدودها القومية كما زعمت - وأعتى من جدار الأسمنت الإسرائيلي الذي يقطع أوصال الضفة الغربية...
في الصحف لا توجد أي أخبار أو تغطيات عن أسطول الحرية ... فهذا شأن خارجي لا يهم الشعوب العربية...!!
أكاد أموت كمداً وأنا أنظر لأحرار العالم ينطلقون في سفن ملأوها بالغذاء ومواد البناء لإعمار غزة وأنا لا أستطيع أن أشاركهم لأسباب لا تخفى ...
وأزداد حيرة حين أفتقد رموزنا الثقافية والفكرية وحتى العلمانية منها لا تشارك في مسيرة نصرة المظلوم... !!
أن رفع الظلم عن أهلنا في فلسطين - وغزة على وجه الخصوص - مسئولية الدول والشعوب ،كل بقدره .
لماذا لا يكون للعرب أسطول لإنقاذ غزة ونصرتها ؟!
 
لماذا نحن فقط متفرجون على مسرحية بل قضية نحن أصحابها !!
إن أحرار العالم الغربي هبوا لنصرة إخواننا رغم اختلاف الملة والدين ..
لم يقولوا كما يقول رئيس دولة عربية أن غزة بؤرة قاعدية ويجب ان تمحى من وجه الأرض !!
أين الإعلام العربي من هذا الأسطول في الوقت الذي يشارك إعلاميون غربيون مع الأسطول نفتقد – نحن أصحاب القضية – وجودنا هناك .. قد ننقل عنهم بعض ما يجري لكن أن نكون جزءاً من الحدث بل من مخططيه ابتداءً فهذا يظهر استحالته...!!
35 برلمانياً أوروبياً شارك في الأسطول فكم آزرهم من برلماني عربي !!
 
المشكلة - في ظني - ليست إسرائيل فما قامت به تجاه الأسطول ليس بغريب على طبيعتها الإجرامية الإرهابية منذ نشوئها كدولة لكن السؤال الأهم أين العرب وأين المسلمين !!
إن مما يشرفنا – كمسلمين – وجود بعض الأحبة من الكويت .. أبطالاً بحق .. غطوا عنا ضعفنا وقلة حيلتنا ومنهم أبنت عم لي مع زوجها .. مؤازرين وداعمين ومشاركين مما قدر يرفع عنا جزءاً من المسئولية ..
إخواننا الأتراك شاركوا في الحملة ومثلوا قطاعاً كبيراً من المسلمين لا يملك الأدوات والإمكانات للمشاركة فجزاهم الله خيراً، ودماء من سقط منهم عند الله العادل الجبار.
أثبت التاريخ والسنة الكونية – وقبلهما الآيات القرآنية أن اليهود أجبن خلق الله وأنهم لا يعلون إلا بحبل من الله وحبل من الناس فهم عالة على الغير ، والأمر ليس قوة ولا شجاعة فيهم بقدر ما هو ضعفاً وجباناً في المقابل ، ودعماً ومؤازرة من الغرب وأمريكا على وجه الخصوص.
 

في هذه العجالة أرسل بضع رسائل آمل أن تصل لذوي العلاقة :

- الرؤساء العرب:
أنتم مسئولون أمام الله .. ومن خذل مسلماً خذله الله يوم القيامة .. فهل أنتم على دراية بذلك.

- البرلمانيون وكبار المسئولين العرب

عليكم مسئولية .. إصدار البيانات انتهى وقته لابد من العمل الحقيقي... الدولة التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل تقطع جميع الصلات الدبلوماسية والاقتصادية... والآخرون يدعمون إخوانهم ويوازروهم.
لماذا يضحي جورج جالاوي (الحملة السابقة) ويتعرض للإذلال وهو لا ناقة له ولا جمل في قضيتنا ومسئولونا يتابعونا الامر على شاشة التلفاز كان ما يحدث على المريخ!!.


- القيادات الإسلامية والعلماء

يجب عليهم التنسيق فيما بينهم ليس لإصدار بيان بل لوضع برنامج علمي للمقاومة ولرفع الظلم عن إخواننا في غزة.

- الإعلاميون في العالم العربي

أنتم الناقلون لما يحدث فكونوا أمناء فالقضية قضيتكم .. وأنتم جزءاً من المسئولية.. نريد التغطية الكاملة .. والدقة والموضوعية وفضح أساليب إسرائيل في تحويل المجرم إلى معتدي عليه.

- د. وليد الطبطباتي وإخوانه

- وفقكم الله وسدد خطاكم .. شرفتمونا ولكم مع غزة مواقف مشهودة فأنت الوحيد – كما أعلم – من دخل غزة نهاية المعركة العام الماضي ...ثبتكم الله .

- الشعوب العربية

نعم أنتم مغلوبون على أمركم لكن كل منكم لديه شيء يقدمه... مال ولو قليل .. دعاء كثير.. متابعة للقضية .. نصرة أدبية .. تواص .. وهذا ليس بالشيء القليل الأهمية .. بل من أقوى أسلحة المعركة "الدعاء" ...

" والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون "


المصدر : موقع المسلم
*د يحيى
5 - يونيو - 2010
 8  9  10  11  12