البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التربية و التعليم

 موضوع النقاش : اخترتُ لك ، وأنتظرُ اختيارك.    قيّم
التقييم :
( من قبل 64 أعضاء )

رأي الوراق :

 د يحيى 
11 - مايو - 2010
                    اتفاق الشرائع مع القوانين وافتراقهما
السرقة محرمة في الشرع ، ومحرمة في القانون ، فمن ترك السرقة ، ممكن تقول : يخاف من السجن ، والمسؤولية ، ولك أن تقول : يخاف من الله ، ما الحقيقة ؟ الله أعلم ، لكن الذي يغضُّ بصره عن محارم الله ، يقيناً يخاف من الله ، لأنه ليس في الأرض كلها تشريعٌ أو قانونٌ ، يأمرُ بغض البصر ، إذن هنا افترقت الشريعة عن القانون .
الصيام ، بإمكانك أن تدخل البيت في أيام الصيف الحارة ، وأن تدخل الحمام بعيداً عن نظر أولادك وزوجتك ، وأن تشرب الماء النمير البارد ، من العداد رأساً ، ولا يدري بك أحد ، إذن الصيام عبادة الإخلاص ، ما دمت تمتنع عن أن تشرب قطرة ماء ، إذن أنت تُراقب الله عزَّ وجل .
يعني حكم العِبادات أحياناً ، من أجل أن تعلم أنك تحب الله ، من أجل أن تعلم أنك تعلم أن الله يُراقبك ، من أجل أن ترتفع معنوياتك ، من أجل أن تُحس أنك في رضي الله عزَّ وجل ، إذن لا تستغرب ، أنه يا أخي ما هذه الحياة ، كلها صراع ، نفسي تميل ، وفي الطريق نساءٌ كاسياتٌ عاريات ، والله يأمرني أن أغض بصري ، وضع غير طبيعي ، لا هذا هو الطبيعي ، لأنه خلقك للجنة ، وثمن الجنة ضبط الشهوات ، لأنه خلقكَ لحياةٍ أبدية لا تنتهي  وأن ثمن هذه الجنة :
 
( سورة النازعات )
 
فأنا أتمنى دائماً أن أوضح لإخواننا الشباب ، كما أنه ليس في الإسلام حرمان  ليس فيه تفلُّت ، الله قال :
 
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
هم كتبوها على أنفسهم ، هم اجتهدوا فأخطؤوا ، والدليل أنهم أخطأوا :
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
لم يتمكنوا ، لأنها خلاف الفطرة ، الترهُّب ، الرهبنة ، خلاف فطرة الإنسان   لذلك القصص التي تروى ، عن الرهبان في انحرافاتهم الجنسية ، لا تعدُّ ولا تحصى ، لأنهم ألزموا أنفسهم ، ما لا ينبغي أن يكون ، ما كتبناها علينا ، والدليل أنهم :
( سورة الحديد : آية " 27 " )
 
فالإسلام دين الفطرة ، فكما أن الإسلام ، ما كلفك ما لا تطيق ، كذلك ما أطلقك  إلى حيث تريد ، في منهج ، يعني تقريباً ، طريق ، الطريق عريض ، لك حرية الحركة في حدود هذا الطريق ، لكن بعد الطريق هناك ممنوعات .
فأجمل حياة يعيشها ، حياة القيم ، حياة المنهج ، حياة الدستور ، أنظر إلى السيارة أروع ما تكون وهي على الطريق المعبَّد ، لأن هذا الطريق صنع لهم ، وهي صنعت له ، فإذا سارت على الطريق المعبدَّ ، تجدها كلها مرتاحة ، لا يوجد أصوات أبداً ، أما إذا نزلت إلى الطريق الوعر ، تحس أن هذه الطريق ليست لهذه السيارة ، وهذه المركبة ليست لهذا   الطريق .
أردت من هذه المقدمة ، أن نربط الجزئيات بالكليات ، لا أن نبقى في هذه حرام  لماذا حرام ؟ أنت تعيش في مجتمع ، هناك أناس ليس لديهم وازع ديني إطلاقاً ، أما آتاهم الله منطقاً ، عندهم عقل ، فإذا ملكت الحجَّة ، بالمناسبة :
" ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ، لو اتخذه لعلمه ".
 
( سورة الأنعام : أية " 83 " )
 
يعني يوجد قوة للمؤمن ، قد تكون غير مادَّية ، قد يكون مؤمن ، يعني  من أقل المراتب في المجتمع ، قد يكون موظف ، صغير جداً ، ضارب آلة كاتبة ، حاجب قد يكون  لكن قوته نابعةٌ من حجته ، لما ربنا قال :
 
( سورة الأنعام : أية " 83 " )
 
لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب ، قوةٌ ، يجوز حاجب في دائرة ، يناقش المدير العام المتفلت ، الذي عقيدته فاسدة ، هذا الحاجب ، أقوى منه في المناقشة ، المؤمن ، يعلّم لماذا يغضُّ بصره ؟ يعلَّم لماذا يصوم ؟ يعلّم لماذا يصدق ؟ يعلّم لماذا يتكلَّم بالحق ؟ فنحن نريد مؤمن متمكِّن ، لا أريد مؤمن يطبِّق الإسلام إلى حين ، لو أنَّك عرفت الأمر الشرعي  من دون حيثيات ، من دون أن تربطه بالكلّيات ، من دون عقيدة صحيحة ، يمكن _أن تنطبق الأمرّ ، لكن مقاومتك هشة ، هشة ، يعني أدنى ضغط ، أو أدنى إغراء ، تجد مقاومتك قد انهارت ، لذلك كلّ إنسان يربي ، كل إنسان يبني إخوانه بناء ، إذا بنى النفوس بناء صحيح  بناء علمي ، بناء منطقي ، على أساس من العقيدة الصحيحة ، تجد هذا الأخ قوياً ، أي قوي في دينه ، أينما ذهب مستقيم ، الملاحظ لما ينبني إنسان بناء هش ، أو يبنى بناء نصِّي غير تعليلي .
يعني أنت عندما تعرف أن هذا الأمر مربوط ، بهذه العقيدة الصحيحة ، مربوط بهذه الكلِّية ، أي أنت مؤمن بخالق الكون ، أنت مخلوق للجنّة ، والجنّة ثمنها ، ضبط الشهوات الشهوات أودعت فيك لترقى بها إلى الله ، أودعت فيك ، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً للكل.
 18  19  20  21  22 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
نحب عُمان وآل السقّاف من الأدباء والمثقفين.    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 

الشاعر العماني خميس المقيمي عريف أمسيات مهرجان صلاله السياحي

 
في متابعة لـ الاستعدادات النهائية لأمسيات مهرجان صلاله السياحي 2010 كشفت مصادر مؤكدة لوكالة أنباء الشعر أن الشاعر خميس المقيمي سيكون عريف أمسيات مهرجان صلاله السياحي لهذا العام ، ليقدم 4 أمسيات طيلة فترة المهرجان على مسرح المروج الكائن بميدان المهرجان ، حيث ستكون الأمسية الأولى بتاريخ
20 / يوليو 2010 بمشاركة أربع شعراء لم تكشف أسمائهم بعد ، تنقل قناة الوطن الكويتية أمسيات صلالة هذا العام لتكون هي الراعي الإعلامي لأمسيات صلالة السياحي 2010  ، يذكر أن الشاعر خميس المقيمي يعد من أبرز الشعراء العمانيين ومن أهم كتاب القصيدة النبطية العمانية شارك في برنامج شاعر المليون في نسخته الأولى وله ديوان مطبوع يحوي على قصائد وطنية في ذكرى العيد الوطني
 الـ 39 المجيد لبلاده ، شارك في العديد من الامسيات المحلية ومثل السلطنة في الكثير من المحافل والأمسيات الدولية.
*د يحيى
11 - يوليو - 2010
المغاربة إخوتنا نفخر بهم.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 

                 في حوار مع الشاعر المغربي المهجري

  
طه عدنان: أمر قصيدة النثر لا يعنيني. وأنا أدافع عن كتابتي باللغة العربية باعتبارها لغة بروكسلية
 
حاوره: عبداللّطيف الوراري
 في هذه اللحظة المتوتّرة من ثقافتنا المعاصرة، لا يكفُّ الشعر المغربي عن المناداة على حداثته وشقّ دروب مغامرتها في الآن والمجهول، بمختلف الأيدي والأفواه والحساسيّات والرؤى الجمالية. من جيل إلى آخر، ومن ذاتٍ إلى أخرى. وعلى الرّغم من ذلك، لا يزال كثيرٌ من تجارب هذا الشعر يتكلَّم التيه والعماء في الداخل والخارج على السواء، ولا يزال النقد الشعري عندنا يُراوِح مكانه. فليس هناك من مسوِّغ، ألبتّة، أن يظلّ نقد الشعر المغربي كما هو، وأن يثبت خطابه على ميدان هيمنة السلط والكليشيهات، فلا يغيِّر نفسه. يستنزف المستقبل بقدر ما يستنزف نفسه. وإذا لم يعد هناك ما يقوله، فإنّ عليه أن يتغيَّر، لأن الخطاب حول الشعر يتغيَّر لما يتغيَّر الشعر نفسه. كما عليه أن ينظر إلى الأراضي الجديدة التي يحترثها الشعر المغربي في الداخل و"المهاجر" على السواء. وربّما اعتبرنا الوقت قد حان لتبعث "الشعرية المغربية" من تاريخها المنفيّ في أنفاق كثيرة، وتقوم بواجب الإصغاء لمسارات الشعر المغربي، حتّى تدرس خصوصيّاته، وتُقايِس إضافاته النوعية ضمن تيار الحداثة الشعرية، وتكشف عمّا يتحكّم به من قوانين وأسئلة متنوّعة ومركّبة. ومن جملة الإشكالات التي عليها أن تتصدّى لها، هذا الإشكال: عن أيِّ مُتخيَّل شعري وطني يجب أن نهندسه بصدد شعراء مغاربة يكتبون بالعربية، أو بلهجاتهم ورطاناتهم المحلّية [الأمازيغية، الحسّانية والعامية]، أو بلُغات الدول التي تُضيّفهم في المهاجر في أوروبا وكندا وسواهما؟
 ثُمّ هذا الإشكال: هل بإمكاننا اليوم أن نتحدّث عن جيل المهجريّين في الشعر المغربي، ولاسيّما بلغته الوطنية، حيث نجد نفسها أمام نداء لذوات مشروخة ومحفوزة في مرايا التاريخ والمطلق، ومن ثمّة تكون الجغرافيا المقياس في التنظير والتحليل بدلاً من التاريخ، والمهجر المكاني بدلاً من التحقيب الزّمني؟
في هذا الحوار نستضيف الشاعر المغربي طه عدنان**، ونتقاسم معه خبز مائدته هناك:
ـ في أيّ عام هاجرْتَ من بلدك إلى أوروبا؟ وهل كانت الهجرة اختيارية أم اضطراريّة؟ وهل تُحسّ بحنين إلى الوطن؟
كان ذلك سنة 1996، بعد سنتين من حصولي على الإجازة في الاقتصاد والبحث غير المجدي عن عمل. ولأنّ ما من قطّ يهرب من دار العرس، فإنني اضطُررتُ إلى الهجرة اضطراراً. اضطرار اختياري إن شئت. فقد رحلتُ من تلقاء نفسي ولم يجبرني أحد على ذلك. لذا سرعان ما وجدتُني أنتصر لفهم متخفّفٍ من الأبعاد الرمزية الطاغية والحمولات النفسية والوجدانية والعاطفية الزائدة التي تختزنها مفاهيم الرحيل والحنين والوطن. الوطن الذي كان من الطبيعي أن يكون حاضرا في قصائدي دونما طغيان. فمن غير المفهوم أن تذرف القصائد على وطن هجرتَه من تلقاء نفسك، أو أن تتباكى على البعد في الوقت الذي عملت فيه الفضائيات والإنترنت وطائرات الشارتر على تبديد هذا الإحساس. حيث يصعب علينا اليوم أن نحاكي المتنبّي في قوله "أمّا الأحبة فالبيداء دونهم" في زمن لا مكان فيه للبيداء بما تحمله من مشقة سفر واحتمال تيه. أما الأحبة فثلاث ساعات من الطيران كافية لتكون بينهم.
في ديواني "أكره الحب"، الذي هو ثمرة شعرية لعقد من "الاغتراب" ونوع من التأريخ الذاتي لهذه الفترة، يمكن رصد تطور هذه العلاقة مع الوطن. فما بين أول قصيدة كتبتها سنة 1997 وآخر نص تمّ توقيعه سنة 2007 هناك بون شاسع. لقد بدأت أول قصيدة كتبتها بعد عام على انتقالي من مراكش إلى بروكسل بقدر غير قليل من الحنين. لكنني بدأت أتخفف سريعا من هذه الوطأة على الصعيد الذاتي. تماماً كما بدأت التخفف من الذات لكي أراقب العالم والناس من حولي.
ـ هل تعتقد أنّ المهاجر الأوروبية تُقدّم بيئة جديدة لنموّ الثقافة العربية المعاصرة وتهويتها بقيم العصر، وتسمح بالحوار مع الآخر دون تسلّط واستبداد، بسبب تعدد الثقافات وتنوّعها واختلاف الآداب التي تتكلّمها؟
أعتقد أنه من المفيد أن نكتشف يوماً ضآلة وجودنا. حينها نحس بأننا جزء صغير من كلٍّ متشعّب ومتعدّد، وحينها فقط يمكننا التحرّر من وطأة البداهات الشمولية وطمأنينة الأحكام الجاهزة. إن الحوار ليس مجرد رياضة ذهنية أو تحذلق فكري، إنه مسار متعدد الأبعاد، له منطلقات فكرية ومعرفية حتماً لكن أيضاً نتائج عملية ملموسة تختبر واقعياً إمكانات التقارب الفعلي مع الآخر. هذا الحوار ممكن وضروري للخروج من منطق حماية الهوية الخالصة إلى منطق صياغة هويات متعددة قابلة للاغتناء كل يوم بما يوفره الإنسان من انتصارات باهرة على المسافات والحدود بفضل الترجمة والتكنولوجيا وغيرها من أسباب التواصل الحديثة ووسائلها. والأدب يبقى أرقى أشكال التواصل الإنساني بسبب اهتمامه بالأساسي والمشترك خارج ضغط اللحظة العابرة.
ـ هل تقدّم القصيدة التي تكتبها تصوُّرها حول ما يحدث في المعترك الإنساني؟ أم أنّها تُضرب عن الخارج وتهتمّ عوضاً من ذلك بالذّات ومشاغلها؟
بانسحابي إلى بروكسل، ابتعدتُ عن مناخ ثقافي كان يُعلي من شأن الجماعة ويمجّد العام والكلي. فقصائدي الأولى كتبتُها في الجامعة. وفي الجامعة كنت أقرأها أمام حشد من الرفاق بأسماعهم المدرّبة وحناجرهم المتأهبة للهتاف وأكفهم الجائعة للتصفيق. كانت القصيدة وسيلة إيقاعية من وسائل النضال. كما كان هناك تكامل موسيقي بين عمليتي الإرسال والاستقبال. الأمر فرض نوعاً من الغنائية كانت تنساب مع الحبر أثناء الكتابة كما تنساب الإيقاعات أثناء الإلقاء. في بروكسل، كنتُ أكتب وحيدا أمام حاسوب أخرس. ولهذا كانت نصوصي متخففة من كل إيقاع خارجي معلن. رغم أنني لم أختر قطّ قصيدة النثر كشكل فني عن اقتناع نظري مسبق. كما أنني لست معنيا بالدفاع عن هذا الاختيار الجمالي. لأن أمر قصيدة النثر لا يعنيني. فشكل القصيدة ليس دليلا على شعريتها في كل الأحوال. كما أن التخفف من الصوت الجماعي لا يعني التنصل من القضايا الإنسانية. فالانفتاح الواعي للذات على محيطها وتمثلها العميق للأساسي والجوهري والمشترك يجعلها في قلب اللحظة الإنسانية.
ـ هل تعتبر أنّ المهجريّين هم بالضرورة أدباء منفى؟ ثمّ ما الفرق بين أن نتحدّث عن أدب مهجريّ وأدب منفيّ وأدب مُغْترب؟
لا علاقة لما يكتب اليوم بأدب المهجر الذي واكب نزوح بعض المسيحيين العرب في سوريا ولبنان أواخر القرن التاسع عشر إلى المهاجر، هربا من ظلم العثمانيين وبطشهم. ولا حتى بكتابات المنفيين الذين هربوا إلى أوروبا من جور الأنظمة الوطنية في النصف الثاني من القرن الماضي. فالعديد من أبناء جيلي هاجروا بمحض اختيارهم ولأسباب ليست سياسية على الإطلاق. لذا فهم ليسوا مهجّرين ولا منفيين. إنهم شباب أقاموا في بلدان الاستقبال الأوروبية عموما وتأقلموا معها وأبدعوا داخلها أدبا قد يكون عربيا، تماما كما يمكن اعتباره رافدا من روافد الأدب المعاصر لبلدان الاستقبال. ويمكنك بعدها أن تسميه ما شئت: أدب اغتراب أو أدب إقامة حتى. ثم إن المهجريين ليسوا بالضرورة أدباء منفى... فمفهوم المنفى في بعده الأسطوري المتسربل بالحنين أصبح مفهوما تاريخيا في اعتقادي. إنه مرتبط بزمن مضى وبوضع انتفت شروطه وأسبابه. فنحن نقرأ للمتنبي "أما الأحبة فالبيداء دونهم"، يمكننا أن نتلمّس نار الشوق لاهبة ونخمّن ألم البعد ولوعة الفراق. فالبيداء تعني الظمأ والتيه ومشقة السفر. أما اليوم فلا بيداء، ودُون الأحبة سويعاتٌ فقط بالطائرة، وبأسعار زهيدةٍ أحياناً.
قبل عقدٍ ونصف، كان المنفى قائماً لا يزال. عندما كان على المنفيّ أن ينتظر طويلاً قبل أن تصله جريدة تحمل من أخبار البلد ما سمحت به الرقابة. لكن عن أيّ منفى نتحدث الآن في زمن الهواتف المحمولة والفضائيات والأنترنت؟
ـ ما هي الأبعاد المعرفية والجمالية التي يأخذها مصطلح المنفى لديك، في الحياة وفي الكتابة معاً؟ وبالتّالي ما المعاني الجديدة التي تأخذها في نظرك مفاهيم الهويّة والذّات والخطاب؟
لا أعرف للهوية معنى محدّداً. فالهوية ليست مسألة نهائية، بل هي صيرورة قيد التشكل وباستمرار. وعدم نهائيتها يجعلها تغتني بالآخر والمحيط. ويجعل الإحساس بالذات والآخر مسألة غير جامدة ولا متكلسة. وهذا يؤثر بشكل واضح على جماليات الكتابة. فالكتابة لا تحب اليقين. إنها بنت الشك والقلق والسؤال. وهذا بالضبط ما يضفي عليها طابعها الإنساني.
ـ هل الكتابة باللغة العربية، معرفيّاً وجماليّاً، ممكنةً وحيويّة؟ وهل هي في المهجر تُقاوِم مقدّسَها، وبالتالي تختطُّ مسارات المجهول؟
عندما هاجرت كان عمري 26 عاماً. أي أنني وصلت إلى بلجيكا كبضاعة مغربية خالصة. بمعنى أنني أحمل لغة وثقافة وفكرا ووجدانا. ومن الصعب أن تطاوعني لغة كما يمكن للضّاد أن تفعل. لذا فقد اعتمدتُها ناطقا رسميا باسم الوجدان. خاصة وأن اللغة العربية لغة طيّعة منفتحة. ويمكنها التأقلم بسلاسة مع مفردات البيئة المختلفة. ورغم أنني أكتب بالعربية فهذا لا يعني أن عليّ أن أحجم عن طرق مواضيع حديثة معاصرة: من العولمة حتى الإنترنت. إذ يصعب أن تستقل المترو كل صباح لتكتب عن الراحلة والبعير. ثم إنني كمواطن بلجيكي يعيش في مدينة متعددة الثقافات مثل بروكسل، أدافع عن كتابتي باللغة العربية باعتبارها لغة بروكسلية شأنها في ذلك شأن الفرنسية والهولندية والإيطالية والبرتغالية والأسبانية والإنكليزية واليونانية والبولندية والتركية والأمازيغية وغيرها من اللغات التي توشّي سماء العاصمة الأوروبية. هنا تصبح اللغة جزءا من معركة المواطنة الثقافية في هذا البلد الذي ارتضيتُه لي وطنا ثانيا. معركة يربح فيها الطرفان، لأن اللغة العربية هي إحدى ثماني لغات يتحدث بها نصف سكان الأرض. لذا فالكتابة بها قد تكون إضافة للمشهد الأدبي داخل هذا الوطن "المهجري" الجديد
ــ
 **طه عدنان من مواليد 2 أغسطس 1970م في مدينة آسفي ـ غرب المغرب. ساهم في إصدار مجلة "أصوات معاصرة" في بداية التسعينات، وفي إطلاق نشرة "الغارة الشعرية" 1994م في مراكش التي نشأ وترعرع بها. وقد أرّخت "الغارة" لبداية ظهور طه الشعري، ولبزوغ جيلٍ شعري جديد. هاجر إلى بلجيكا، ويقيم في بروكسل منذ عام 1996م. يشرف هناك على إدارة الصالون الأدبي العربي، ومهرجان شعر العشق العربي. صدر له من الدواوين:"ولي فيها عناكبُ أخرى" الرباط ـ 2003، و"بهواء كالزّجاج" الشارقة ـ 2003، و"أكره الحب" بيروت ـ 2009م، وتُرجم الأخير هذا العام إلى الفرنسية والأسبانية.
( نوارس أدبية).
*د يحيى
11 - يوليو - 2010
يا أهل فلسطين : لله دركم ؛ ثقة وأمل وإصرار....    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 

                 شبابيك الغزالة مسرحية أطفال رائدة

  
على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس شاهدنا مسرحية " شبابيك الغزالة " للأطفال من إعداد وإخراج فالنتينا أبو عقصة ، التي اقتبستها أيضاً عن قصص لشقيقتها د. سهير أبو عقصة ، ويمثل المسرحية ثمانية أطفال تتراوح أعمارعم ما بين السادسة والرابعة عشرة تقريباً ، وتأتي هذه المسرحية ضمن مشروع " طفل فنان " في حيفا ، وتنبع أهميتها من كون طاقم التمثيل فيها أطفال ليسوا فنانين ولا هواة تمثيل ، ولكن عندهم استعداد للتمثيل ، كما أن موضوع المسرحية وهي عبارة عن لوحات فنية لإحياء الذاكرة العربية الفلسطينية عند الأطفال الفلسطينيين عمّا حدث لوطنهم وأبنائهم وأجدادهم في بداية قيام الدولة العبرية ومحاولة شطب حتى اسم فلسطين من ذاكرتهم ، كما تأتي لتذكير هؤلاء الأطفال بالقرى العربية التي تم تهجير مواطنيها الفلسطينيين منها ليبقوا لاجئين في وطنهم مثل أهالي أقرث وكفر برعم ، كما تشير المسرحية الى عدة قضايا هامة بدون اقحام او تصنع مثل قضية الاخوة الاسلامية المسيحية بين ابناء الشعب الواحد ، وهو الشعب الفلسطيني الذي يمقت الطائفية رغم محاولات جهات معادية تغذيتها ، ومنها ايضا دور الحزب الشيوعي في اسرائيل في المحافظة على الهوية القومية للعرب الفلسطينيين، وكيف أنه كان يشكل قاسماً مشتركا بين مختلف الجهات الفكرية وحتى الدينية كونه الحزب الوحيد الذي كان ولا يزال يعادي الفكر الصهيوني ويتناقض معه ، ومعروف أن الغالبية العظمى من أعضاء وأنصار هذا الحزب من العرب ومنها أيضا يغنون " الميجانا " ويتلوعون على وطن ضاع وأمة تعيش حالة ضياع ، والأطفال " الممثلون " الذين يفتحون شبابيك الغزالة ، ويقفلون احدى شبابيكها أيضا انما يطرقون باب الغزالة التي تمثل رمز الوجود والبقاء ، ويعرجون على مواضيع لم يعشها الاطفال ولم يقدمها لا الاطفال ولا الكبار على خشبة المسرح ، ويغوصون في أعماق البحث عن العدالة والحرية والخسارة والاحلام ، ومن هنا يأتي ابداع هذه المسرحية لأنها قدمت شيئاً جديدا وغاية في الاهمية .

الديكور :
غاية في البساطة وهو عبارة عن ثلاث عوارض من القماش الابيض الشفاف وشجرتين من البلاستيك لتزيينهما في عيد الميلاد .



الاضاءة :
من اعداد نعمة زكتون ، وقد أضفت على اللوحات الفنية جماليات اضافية ، فعندما يدخل المشاهد الى قاعة المسرح يرى شباكاً على احدى العوارض في غاية الاتقان بحيث أنه يحتار ان كان شباكاً حقيقياً أو مرسوماً على القماش ليكتشف أنه جاء من خلال الاضاءة ، كما ان الاضاءة واكبت حركات الممثلين لتعطي ايحاءات تتناسب وحركاتهم وكذلك مع المضمون الذي يقدمونه .

الموسيقى والمؤثرات الصوتية :
استطاع حبيب شحادة حنا أن يقدم لنا موسيقى ومؤثرات صوتية تتناسب والموقف الممثل على خشبة المسرح ، ففي الليلة الماطرة كان صوت خرير الماء وهدير الرعد يصل الى أسماع المشاهد بسهولة .

اللغة :
طغت اللغة العربية الفصحى على غالبية مشاهد المسرحية ، ورغم أن الممثلين لا يزالون أطفالاً إلا أنهم أجادوها الى درجة كبيرة ، واستعمال الفصحى جاء للابتعاد عن اللهجات المحلية الدارجة ولتكون المسرحية مفهومة للمشاهدين العرب من الأقطار العربية الأخرى اذا ما أُتيح لها أن تُعرض أمامهم .

التمثيل :
عند تقييم أداء الممثلين في هذه المسرحية يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار أنهم ليسوا ممثلين محترفين ، ولا هواة تمثيل ، وإنما هم أطفال عاديون التقطتهم المخرجة أبو عقصه من أحضان والديهم ، فكان التعاون ما بين المخرجة وما بين ذوي الأطفال لتقديم عمل مسرحي ينبش ذاكرة الكبار ويطرحها على عقول الأطفال من أجل إبقاء قضية مقد سة حيّة في وجدان وقلوب هؤلاء الأطفال .
ومع ذلك فإن هؤلاء الاطفال استطاعوا إيصال الفكرة ومضمون المسرحية بشكل جيد ، وإن كانوا بنفس الوقت بحاجة إلى مزيد من التدريب على مخارج الحروف وعلى الصوت وعلى التحرر من هيبة الوقوف أمام الجمهور ، وعلى ضبط الحركات الجماعية ، كما أن المخرجة مطالبة بالإسراع في الإيقاع ما بين مشهد وآخر.
*د يحيى
11 - يوليو - 2010
إيران يا إيران !     ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 

سي ان ان: مقاتلة إيرانية تحلق فوق حاملة طائرات أميركية

Wed, 28/04/2010 - 06:24 GMT
ادعت القناة الاخبارية الاميركية "سي ان ان" الثلاثاء، أن طائرة عسكرية إيرانية حلقت فوق حاملة الطائرات الأميركية "أيزنهاور"
 في مياه المحيط الهندي الأسبوع المنصرم، وذلك خلال مهمة حربية كانت الحاملة تقوم بها لتقديم غطاء جوي للفرق العسكرية التابعة لواشنطن في العراق وأفغانستان.

وياتي اعلان هذا الخبر من قبل قناة "سي ان ان" في الوقت الذي لم يصدر اي تصريح من جانب المسؤولين الايرانيين لحد الان في هذا الصدد.

وقالت "سي ان ان": ان مسؤولين في الجيش الأمريكي صرحوا للقناة مشترطين عدم ذكر أسمائهم، إن القضية حساسة للغاية ويندر الإعلان عنها باعتبار أنها تتضمن احتكاكاً عسكرياً مع الجانب الإيراني، مشيرين إلى أن الحادث وقع على مسافة تتجاوز 50 ميلاً عن الشواطئ الإيرانية.

ورفض المسؤولون الاميركيون الرد على سؤال حول ما إذا كانت هذه الحادثة هي الأولى من نوعها في المحيط الهندي، لكنهم قالوا إن حوادث مماثلة سبق أن وقعت في مضيق هرمز بمياه الخليج الفارسي.

ورجحوا حسب القناة أن تكون الطائرة الإيرانية في مهمة استطلاعية، مؤكدين أنها لم تبد مظاهر عدائية تجاه السفينة الأمريكية، خاصة وأن "أيزنهاور" كانت في مياه دولية.

ولكن أحد المسؤولين الاميركيين الذين تحدثوا عن الواقعة قالوا إن الطائرة حلقت فوق الحاملة لأكثر من مرة، ويعتقد أنها قامت بتصويرها من الجو، مرجحاً أن تكون طهران قد قامت بهذه الخطوة لإظهار قدراتها الجوية للجانب الأمريكي.
*د يحيى
11 - يوليو - 2010
من علماء فلسطين . يمكن كتابة اسمه على موقع Google    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
*د يحيى
12 - يوليو - 2010
أعتذر إليكم    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
اسم العالم الفلسطيني : عدنان مجلي
*د يحيى
12 - يوليو - 2010
قال تعالى : " إنْ هم إلا أممٌ أمثالُكم".    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
https://umc.learn.monterey.army.mil/webapps/portal/frameset.jsp?tab_id=_2_1&url=%2Fwebapps%2Fblackboard%2Fexecute%2Flauncher%3Ftype%3DCourse%26id%3D_1466_1%26url%3D
*د يحيى
12 - يوليو - 2010
ماذا يقول هذا الصحفي الكولمبي؟    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أن يصلَ المرءُ في الوقت المناسب خيرٌ من توجيه الدعوة إليه. جابرييل جارسيا ماركيز:  كاتب وصحفي كولومبي
جابرييل جارسيا ماركيز
كاتب وصحفي كولومبي


Quantcast
إن الإنسانية كالجيوش في المعركة، تقدُّمها مرتبطٌ بسرعة أبطأ أفرادها.
جابرييل جارسيا ماركيز
إن اجتماع الشيوخ مع الشيوخ يجعلهم أقل شيخوخة.
جابرييل جارسيا ماركيز
دع الزمن يمضي وسنرى ما الذي يحمله.
جابرييل جارسيا ماركيز
لو وهبني الله قطعة أخرى من الحياة لما كنت سأقول كل ما أفكر فيه، إنما كنت سأفكر في كل ما أقول قبل أن ...
جابرييل جارسيا ماركيز
*د يحيى
13 - يوليو - 2010
خبر من إحدى الصحف.    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
                        العجوز المُتصابي
 
" تمكنت فتاة أردنية في الحادية والعشرين من عمرها من الإيقاع بأبيها المتصابي الذي يبلغ من العمر سبعين عاماً بعد أن تسبب لها بإحراج كبير من جراء وقوفه يومياً أمام الجامعة التي تدرس فيها مما أحرجها أمام أصدقائها وزملائها.
الفتاة ارتدت ذات يوم البرقع ونظارة سوداء ثم وقفت على ناصية الشارع تنتظر والدها الذي قدم بعد قليل وأخذ يضيء لها مصابيح سيارته إلى أن ركبت السيارة وهنا بدأ الرجل يلقي على مسامعها كلام الغرام والوله وما إن كشفت عن شخصيتها الحقيقية حتى ذهب الرجل خجلاً من ابنته التي أوقعته في الفخ ولم يعرف ماذا يفعل سوى الاعتذار عن الإساءة لسمعة العائلة ولنفسه وإبداء الندم على ما فعله والتعهد أمام ابنته بالعودة إلى رشده والتوبة".
 
 
 
.
*د يحيى
13 - يوليو - 2010
إشراقات المغاربة ، واغترابات المشارقة.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
 
 
 
العدد 47 / في تعليم اللغة العربية للناشئة:إشراقات المغاربة واغتراب المشارقة!
بقلم:زارع بن عبدالله بن ظافر
(أبها- السعودية) :



في البدء أستشهد بالأثر الجميل «الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها». وهذا مقال حاولت فيه أن أجري مقارنة في التكوين اللغوي وتعليم العربية خاصة والتعليم عامة بين أهل المشرق العربي وأهل المغرب العربي، وهذه المقارنة تكاد تكون انطباعية، اعتمدت على أنماط من المخرجات التعليمية في المشرق والمغرب، حيث إنه على مخرجات التعليم يكون المرتكز في الحكم على مسألة التعليم، وننظر أحقق هذا التعليم أهدافه كاملة أم حقق بعضها، أم لم يحقق إلا أقل القليل منها؟! وهذه المقارنة ليست مستفيضة محيطة بجميع الجوانب الموضوعية. وإنما عرضت فيها شيئاً من تجربتي المتواضعة في التدريس خارج المملكة، وقد عرضتها بدون أي تحيز، بل أحاول تحري الدقة والإنصاف والصواب، ومن أهم الدوافع لكتابة هذا المقال ما رأيت من المستوى الضعيف الذي عليه كثير من أبنائنا في آلة العلوم كلها (اللغة) بينما لم أر هذا الضعف وبهذه الدرجة في البلد الذي درّست فيه بل رأيت الضعف في اللغة آخر هموم المربين هناك.قُدّر لي أن أعمل مدرساً في شمال أفريقيا وبالتحديد في موريتانيا أو (بلاد شنقيط) كما يحلو للكثير أن يسميها، وقد كان التدريس في معهد العلوم الإسلامية والعربية في نواكشوط، ذلك المعهد السعودي (كما يسمونه هم) التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي يدرس فيه طلاب شتى عرب وغير عرب، والطلاب العرب غالباً من دول شمال أفريقيا كالمغرب والجزائر وتونس والبلد المضيف موريتانيا الذي نسبة الطلاب فيه تقارب النصف، وكانت المدة التي قضيتها هناك أربعة أعوام (1414 إلى 1418هـ) وكانت ثرية بتجربة مفيدة.وقد لفت انتباهي أثناء التدريس والإقامة هناك جودة التكوين اللغوي والفكري لدى الطلاب، بل لدى الناس عامة، فأنّى التفت تجد الناس يستطيعون التحدث باللغة العربية الفصحى بطلاقة، بل ويجيدون الكتابة بها دون عناء أو عي، ليس هذا خاصاً بالشناقطة، بل حتى الطلاب العرب الذين يفدون إلى المعهد من الدول السالفة الذكر.وأخذت أتأمل المسألة وأقارن - بأسف - ماأرى، بالوضع لدينا في المشرق العربي بصفة عامة، ثم أخذت أوسع دائرة التأمل، فبدأت أطالع الصحف (المغاربية) وأحاور عدداً من الناس من المثقفين وغيرهم فأدهشتني طلاقة الألسنة بالعربية الفصحى وسيولة اللغة على ألسنتهم وأقلامهم، حتى الأطباء والحرفيين، بل حتى الباعة، يمكن أن تحاورهم باللغة العربية الفصحى، بل حتى المتسولين يتسولون بالفصحى، وإذا لحن المتسول ردوا عليه! بيد أن في لغتهم الفصحى لكنة متأثرة بلهجتهم العامية، وهي لا تؤثر في الطلاقة التي أعنيها إذ إني أقصد بها الانطلاق في الكلام وندرة اللحن ومطاوعة المفردات لهم عند أداء المعاني. وقد زاملت بعض الطلبة المغاربة في مركز لتعليم اللغة الإنجليزية في نواكشوط، ونظرت في بعض مذكراتهم الجامعية التي يصطحبونها معهم من الجامعة إلى هذا المركز، فرأيت فيها جودة ونقاء في الكتابة واللغة، وكأنها لطالب متميز لدينا في قسم اللغة العربية. ودخلت في المكتبة المركزية هناك، ورأيت قسماً للبحوث الجامعية لطلاب الليسانس (حيث وضع لها قسم خاص) وتصفحت عدداً من تلك البحوث استوقفتني ساعات طويلة وأمسكتْ تلابيب الدهشة والإعجاب لديّ، فلا ركاكة في الأسلوب ولا أخطاء إملائية ولا لغوية إلا في القليل النادر، رغم أن معظم هذه البحوث في علوم لا علاقة لها باللغة والأدب، بل هي في الجغرافيا والشريعة ونحوهما، ولكنها في غاية الجودة والإتقان.ثم قارنت كل ذلك بالوضع عندنا، وقلت في أسى: (شتان بين مشرّقٍ ومغرّبٍ). وكلما زاد تتبعي لهذه المسألة زاد تعجبي واختلج في عقلي وقلبي أن أبحث عن الأسباب، ثم نظرت في دفاتر طلابي الذين أدرسهم في المعهد ذاك، في المرحلة المتوسطة أو الثانوية فوجدت الغالبية العظمى منهم تمتلك الأسلوب القوي والمفترض أن يكون في الطالب العادي، ولم أجد إلا القليل جداً من المشكلات اللغوية والأخطاء الإملائية، التي كنت أعاني من معالجتها عند طلابي أثناء تدريسي في الرياض سبع سنين، وأصبح شغلي هناك عند تصحيح دفاتر الإنشاء خصوصاً هو التركيز على الفكرة والمضمون وجمال الأسلوب، ونسيت مسألة معالجة الأخطاء الإملائية واللغوية التي كلّت منها أبصار كثير من المعلمين لدينا.ثم دخل ابني (الروضة) أو (حديقة الأطفال) كما يسمونها، إنه مبنى متواضع، غرفه صغيرة وغير نظيفة جداً، وفناؤه مفروش بالبطحاء، وتنتشر فيه بعض الألعاب المهترئة، ولكن! من هذا المبنى بدأت تنكشف لي أولى أسباب جودة أولئك القوم وامتلاكهم زمام اللغة العربية دون عناء.لقد أدخلت ابني الروضة كما فعل زملائي السعوديون، وفعلت ذلك ليلهو الطفل ويختلط بغيره من الأطفال، ولم أكن أتوقع أن هذه (الروضة) الصغيرة مؤسسة كبيرة في التكوين اللغوي للأطفال، فماذا يحدث في هذه الروضة؟! وماذا يُعلَّم فيها الصبية؟! هل يُعلَّمون فيها: (أنا في الروضة ويا أصحابي ساعه للعبي وساعه كتابي)، أو (خروفي خروفي لابس بدله صوفي).... إلخ تلك الأناشيد المخجلة التي يفتخر مع الأسف كثير من الأهالي لدينا بحفظ أطفالهم لها، بدلاً من حفظ بعض سور القرآن والأناشيد العديدة بالعربية الفصيحة؟ أقول هل يدرس الأطفال هناك مثل هذه الأناشيد؟! كلا، إنهم يدرسون فيها الفاتحة وقصار السور، ثم يدرسون الحروف مع أناشيد في غاية الجمال، وباللغة الفصحى فقط، ليس فيها أنشودة واحدة بالعامية. ولم تمض أسابيع من بدء الدراسة إلا والولد - رغم أن عمره لم يجاوز أربعة أعوام - يعرف جل حروف الهجاء بأشكالها، ويحفظ لكل حرف أنشودة تبدأ به، وأورد للقارئ الكريم أمثلة على بعض الحروف وأناشيدها ليعرف مدى جودة تلك الأناشيد ونقاء لغتها وسلامة أسلوبها ومناسبتها لأطفال الروضة، بما تحمله من معانٍ جميلة تنمي لغة الطفل، إضافة إلى ما فيها من مضمون مفيد ومعلومات جيدة:الألف: ألـف أرنــب يقفـز يلعـب هو حيـوان دوماً ينجب عشـباً يأكـل مـاءً يشـربلـو فــاجــأه أحـد يهــربلسـت جباناً مثـل الأرنـبإنــي أكـــتب ألـف أرنــبفوق المكتب حتــى أتعـبحتى أتعب، حتى أتعبالدال:دال دجاجتنا في البيت تمنحنا البيضات هديهْسـخرهـا الله لنا لحماً والريش مـراوح يدويّـهْوأنشودة أخرى تقول:ألف باء تاء ثاءهيا نكتب يا أسماءألف أبنيأبني بلديباء بيديبيدي بيديأبني بلدي..... إلخوأخذ الطفل يحفظ هذه الأناشيد هو وأقرانه بكل سعادة وحبور، دون أن تكون مكتوبة لهم، وإنما يحفّظهم المعلم أو المعلمة حفظاً.والمطلوب منهم فقط أن يكتبوا الحروف الهجائية التي في أول تلك الأناشيد. وهذا كثير في هذه المرحلة، وفي نهاية السنة كلفوا ببعض الواجبات ككتابة الحروف وبعض الرسمات، وحفظ بعض من قصار السور.عندها عرفت السبب الأول، وعرفت أن النمط في جميع رياض الأطفال في الدول المغاربية هو هذا النمط، وأخذت أقارن بين هذه الرياض وبين رياض الأطفال لدينا التي تبهرك بمظاهرها وحدائقها وفصولها وزيناتها، وتبهض محفظتك بتكاليفها وحفلاتها، ولكنها تحزن قلبك بما يُعَلَّم فيها من تجهيل وهراء، فمن صور جوفاء تعلم الطفل السطحية وتربي فيه حب المظاهر إلى أناشيد سخيفة بلهجة عامية (خاصة) وكأنها مفروضة عليهم فرضاً.ثم دخل ابني هذه المدرسة، وكانت مدرسة خاصة تشرف عليها الحكومة، وهي كذلك مدرسة متواضعة المبنى صغيرة الفصول ناقصة التجهيزات، بيد أن فيها حسن التعليم وجودة المنهج.وعندما عاد الولد في اليوم الأول سألته: أين الكتب، فأجابني: نشتريها من السوق، وما الكتب المطلوبة؟ إنهما كتابان فقط كتاب (القراءة والكتابة) وكتاب (الرياضة) أي الرياضيات.فأما الثاني فغير موجود، وعرفت أن المعلم هو الذي يتولى الاختيار منه، وأما الأول فاشتريته بما يعادل خمسة ريالات تحسس الطفل وأبويه بأهمية الكتاب وأنه يُشترى كبقية الأشياء الثمينة ولا يدفع بالمجان فيبتذل. كما عندنا كتب كثيرة بالكاد يحملها التلميذ وكلها بالمجان.أخذت أقلب كتاب (القراءة) - الذي يقع ضمن سلسلة تسمى (الشامل) وهو الكتاب المقرر في معظم دول المغرب العربي - فوجدت فيه مقدمة ممتازة، تعلم المعلم كيف يتعامل معه، وكيف أنه سيواجه طلاباً شتى عرباً وغير عرب (لأن البلاد العربية الشمال الأفريقية فيها عدد من غير الناطقين بالعربية كالبربر والزنوج ونحوهم ويدخلون المدارس العربية).ثم وجدت الكتاب قد بدأ بحرف (الدال)، فأخذت أفكر!! ولِمَ يبدأ بحرف الدال؟! فسألت فقيل لي: لأنه أسهل الحروف نطقاً وهيئة، فهو من أول الحروف التي ينطقها الطفل بالفطرة ثم إنه حرف بسيط غير مركب، فلا نقطة له ولا تركيب معه في أول الكلام، وعرفت عندئذ النظرة التربوية الثاقبة في ذلك الكتاب التي بدأت بالدال البسيط، وأجلت (الألف أو الهمزة) الحرف المركب من ألف وهمزة (أ) العسر النطق بالنسبة إلى الدال.ثم أخذت أتفحص الكتاب فوجدته قد بدأ بتعليم الدال هكذا (بتصرف): الدرس الأول: (حرف الدال)دفتر أحمددَ دَ دَ (وينطق التلاميذ دَءْ دَءْ دَءْ) (ولا حظ البدء بالدال مفتوحة لأن الفتح أيسر الحركات) ثم بعده الضم والكسر.الدرس الثاني:دار ممدوح دا دا (مع النطق بالمد)دو دوالدرس الثالث:دار ديدي دا دا (مع النطق بالمد)دي ديوهكذا، مع التمثيل على حرف الدال بجميع حركاته الثلاث وحروف المد الثلاثة والتلاميذ ينطقون ويكررون (كما هو توجيه الكتاب) ويكتبون فقط حرف الدال مع شكله (ضبطه) ثم مع حرف المد. وهكذا في دراسة جميع الحروف. كل حرف يدرس بحركاته الثلاث داخل جمل مناسبة، ثم يدرس متلوّاً بحروف المد الثلاثة الألف والواو والياء داخل جمل كتلك. ثم في الدروس المتقدمة بعد دراسة السكون في درس مستقل والشدّة والتنوين كذلك، تجد الحرف يكتب في كل أشكاله الممكنة، فتجد الدال قد كتبت في سطر واحد هكذا.دَ/دِ/دُ/دا/دو/دي/دْ/دً/دٍ/دٌ/دَّ/دِّ/دُّ.وكذا بقية الحروف، وعندها يستطيع الطفل قراءة أي كلمة بالتهجئة البطيئة ثم القراءة المعتادة.وبدأت تتكشف لي فائدة هذه الطريقة وخصوصاً في التفريق بين الحركة والمد، حيث يستطيع الطفل مع هذه الطريقة التمييز بينهما، فمثلاً يستطيع التمييز بين الدال المفتوحة والدال المتلوّة بالألف، والهمزة المضمومة والهمزة المتلوّة بمد الواو. وربما أخذوا هذه الطريقة من طريقة الكتاتيب لديهم (ويسمونها المحَاضِر) بفتح الميم، حيث يقول المعلم فيها مثلاً دَ فتحة دَ دا مجبوذ بالألف.... وهكذا... فأفادوا من هذه الطريقة ودمجوها وطوروها في الكتاب المدرسي. والتمييز بين الحركة والمد مشكلة تسبب أخطاء كثيرة في الكتابة فبعض الطلاب عندنا عندما تقول له أكتب (أُريد الخير) يكتبها (أوريد الخير) لأنه لم يتعلم ذلك التمييز المهم في السنة الأولى التي هي أساس تعليم القراءة والكتابة.ثم رأيت في هذه المدرسة تفاصيل مدهشة وممتازة في التعليم، منها أنه لا يكتب كلمة واحدة لا في دفتر التلميذ ولا على السبورة ولا في الكتاب المدرسي إلا وهي مضبوطة بالشكل التام وواضحة وصحيحة. وفي المقابل رأيت كثيراً من المعلمين لدينا يكتب للطفل أمراً أو نهياً أو تعليقاً في الدفتر بخط الرقعة الذي لا يكاد يقرأ، رغم أن التلميذ لا يزال في أبجديات التعلم. أيعقل هذا؟ والعذر أنه مستعجل!!. مع أن الكتب المدرسية في المراحل الأولى لدينا تهتم بالضبط إلى حد كبير، ولكن المجتمع والمعلمين لا يهتمون بذلك، وحتى الموجهين مع الأسف.ولدى المعلم هناك - بالإضافة إلى الدفتر الذي يؤدي فيه التلاميذ واجباتهم - لديه دفتر خاص بالاختبارات يسمى دفتر (التقويم)، فعندما يؤدي الطفل الاختبار يؤديه في هذا الدفتر، ويصححه المعلم، ثم يبعثه إلى ولي التلميذ ليوقعه ثم يعيده إلى المدرسة فيحفظه المعلم عنده حتى موعد الاختبار التالي، وهكذا في كل اختبار، وفي نهاية العام الدراسي يُسلّم هذا الدفتر الذي يعد سجلاً حياً لواقع التلميذ التعليمي مع الشهادة ويكون ملكاً له. ليبرزه مع الشهادة لو انتقل إلى مدرسة أخرى ليكون شفيعاً لتلك الدرجات المدونة في الشهادة، وليس للتلميذ غير هذا الدفتر إلا دفتر واحد يؤدي فيه واجب الكتابة والرياضيات ويكلّف أحياناً ببعض الرسوم الفنية، وحقيبة الطفل خفيفة جداً، إذ ليس فيها إلا كتاب واحد هو القراءة ودفتر للواجبات وزاده الذي سيأكله في الاستراحة.وتبين لي أن طريقة (الدفتر الخاص) هذه أفضل من أداء الاختبارات في أوراق تتلف عند توقيع ولي الطالب عليها، كما هو الحال لدينا، حيث إن الدفتر الذي فيه اختباراته برهان على صحة شهادته ومصداقية درجات تلك الشهادة، وبالأخص عندما ينتقل الطالب إلي مدرسة أخرى.ثم انتقل الابن إلى السنة الثانية فأصبح متمكناً من القراءة والكتابة الأولية، وأصبح لديهم في السنة الثانية إملاء منظور وغير منظور، وتربية قرآنية وعلوم وصحة، وفقه وعقيدة. والأمر المدهش في الإملاء والذي لا يوجد مع الأسف في مدارسنا أن هناك إملاء مع الضبط بالشكل، أي أن التلميذ لا يُكتفى منه بالكتابة الصحيحة فقط، بل لابد من شكل الكلمات كما ينطقها المعلم.وهذا هو السبب الثاني الذي جعل تعليم اللغة العربية المغاربي في نظري يتفوق على التعليم لدينا.ومن الطريف أنه في السنة الثانية هذه استقال مدرس تونسي كان يدرس أبناءنا، وحل محله مدرس مشرقي (مصري)، فبدأ الأبناء يهملون الشكل، وعرفنا بعد مدة أن هذا المعلم الجديد، أعفاهم أو منعهم من الضبط بالشكل، لأنه في نظره غير مهم، فأخذ يتقهقر مستوى الطلاب، حتى تكلمنا مع ذلك المدرس وطالبناه بالالتزام بالمنهج، مع أنه للأسف لا يتقن النطق بالفصحى كما يجب. فانظر كم هو الفرق بين المعلم المشرقي والمعلم المغربي اللذيْن ينطلق كل منهما من مشربه وتكوينه التعليمي ونظرته إلى تعليم اللغة العربية، ووضوح الهدف لديه من تعليمها. وإني أتعجب! كيف تأتى لنا أن نهمل الضبط في مدارسنا وخصوصاً المدارس الابتدائية، مع أن اللغة العربية تعتمد اعتماداً يكاد يكون كلياً على الضبط، وكيف يتأتى لطفل أن يقرأ كلمة ما بالنحو الذي نريد إذا لم نعلمه الضبط بالشكل ثم نضبط له كل الحروف. وإذا أردت أن تعرف أهمية الضبط فاسأل طلاب معاهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، فقد سألني أحدهم ذات مرة متعجباً: كيف تقرؤون الصحف مع أنها غير مشكولة؟ فأجبته: إننا نقرأ لغتنا العربية لا بعيوننا فقط بل بعقولنا وبخلفيتنا عن الكلمة وسياقها. ولكن أنى للمبتدئ في التعلم خصوصاً إذا كان طفلاً غض الإهاب أن يدرك كل ذلك، وكيف للمعلم أن يغضب من خطأ طفل في القراءة والكلمة أمامه غير مشكولة أو أنه لم يعلمه الشكل؟.ثم نظرت في كتب الرياضة لديهم فوجدتها من شدة ضبطها كأنها كتب في اللغة إلى درجة أن كتاب السنة الثانية للرياضيات يكتب للطفل العدد رقماً ثم يعلّمه كيف يقرؤه باللغة العربية الفصحى، فمثلاً تجد درساً على النحو التالي: (7 + 8 = 15 وتقرأ خَمْسَةَ عَشَرَ)«هذا في كتاب الرياضيات، المنهج الليبي للسنة الثانية الابتدائية»وعندما تسأل أي تلميذ وتقول له مثلاً 9 + 9 فإنه يقول لك ثمانيةَ عشرَ. وهكذا كان يقول أبناؤنا هناك، أما الآن فإنهم يقولون (ثمنطعش) سبحان الله!! مع أن اللهجة الأصلية تقول (ثمنتعشر).ووجدت في المدارس هناك أن المدرس لا يتكلم مع تلاميذه بالعامية إلا نادراً، ولا يحق له ذلك، ولا تسمع لديهم ستاد، ولا أبله ولا طابور، ولا شنطة، بل أستاذ، وسيدتي، ومحفظة.. إلخ.وتلفتُّ في الكتب المدرسية لدينا في السنة الأولى الابتدائية، فوجدتها كثيرة جداً بالنسبة لطالب هذه لمرحلة، فهناك (القراءة) و(العلوم) و(التوحيد) و(الفقة) و(القرآن الكريم) و(الفنية)!! وما أدراك ما الفنية كل مادة لها كتاب مستقل بالإضافة إلى دفتر لكل مادة حتى إن الطفل بالكاد يحمل حقيبته.كيف ندرس الطفل (الفقه) و(العلوم) مثلاً وهو لم يعرف بعد أن يفك الحرف، كيف ندرسه القرآن الكريم ونحن لم نعلمه بعد الحروف وضبطها وتشكلاتها المختلفة، إن هذا يعوّد الطفل على أنه يمكن أن ينجح دون أن يعرف ماذا درس، الأمر الذي يجعله يعيش في اضطراب وفقدان ثقة لا نحس بهما، إذ إنه يحفّظ كلاماً ويطلب منه قراءته، وهو لم يعرف بعد أشكال الحروف وحركاتها، وكثيراً ما تجد تلاميذ لدينا في السنة الأولي عندما يُطلب من أحدهم قراءة سورة من قصار السور في المصحف فإنه يقرؤها بشكل عجيب، ففضلاً عن الأخطاء في القراءة تجده يضع إصبعه على كلمات لا يقرؤها، لأنه يقرأ من حفظه، ويوهمك أنه يقرأ من المصحف بوضع إصبعه حول المكان الذي يقرأ فيه. بل ربما وضعها على سورة (الإخلاص) وهو يقرأ (الفلق)، وهذا تعليم مهزوز ومضطرب، كان يجب ألا يفتح التلميذ المصحف ولا يقرأ أي نص إلا بعد أن يتقن جميع الحروف والحركات والتهجئة، ويجب على المدرس أن يحفّظ تلاميذه الفاتحة وقصار السور ولكن بدون مطالعة المصحف، حتى يدركوا جميع الحروف.هذا، وإني بعد النظر والتأمل يمكن أن أجمل الأسباب التي أدت إلى جودة التكوين اللغوي لدى المغاربة، وبالأخص في موريتانيا التي كانت تجربتي التعليمية فيها في النقط التالية:1- الاستمرار في الاهتمام بالتعليم الأصلي، وأعني به تعليم الصبية في الكتاتيب (ويسمونها المحَاضِر) بالطريقة الأصلية السلفية، وهي أن يتعلم الأطفال قبل دخول المدرسة الحروف في لوح خشبي حتى يتقنوها مع ضبطها، ثم ينتقلون إلى حفظ القرآن وكتابته في هذه الألواح، وقد رأيت هذه الطريقة ما زالت مزدهرة في موريتانيا، بل رأيتها في المملكة المغربية في تطوان والقصر الصغير وتوجد في معظم المدن المغاربية. وهنا أهمس لجماعات تحفيظ القرآن الكريم لدينا أنه يمكن الإفادة من هذه الطريقة، وأن نبدأ تعليم الطفل القرآن بالطريقة القديمة قبل أن يدخل المدرسة. كما يفعل المغاربة، حيث لا يكتفي معلم المسجد بتحفيظ القرآن، بل يعلمهم الحروف والحركات ثم القرآن بعد ذلك.2- حفظ القرآن الكريم، فالغالبية من الشعب الموريتاني وبعض الشعوب المغاربية يحفظون القرآن أو معظمه بالطريقة الأصلية الآنفة الـذكر أي مع كتابته في الألواح برسمه الصحيح المدوّن في المصحف، مع ملاحظه أن مصحفهم مدون بقراءة (وَرْش) التي يقرؤون بها، ويختلف الرسم لديهم عن الرسم في المشرق العربي بعض الاختلاف، فالفاء مثلاً نقطتها تحت، والقاف لها نقطة واحدة، والنون بلا نقطة، والصاد والضاد بلا سنّة. والخط كوفي لا نسخ.3- حفظ المتون الأصلية في هذه الكتاتيب (أو المحاضر) بعد حفظ القرآن الكريم، فتجد كثيراً منهم يحفظ منظومة عبيد ربه على الأجرومية، ويحفظ متوناً في الفقة والأصول والنحو والفرائض، مما نمّى لديهم الثروة اللغوية، وأعذب ألسنتهم وأسلس أساليبهم في الكبر، وكذلك يحفظون كثيراً من فرائد الشعر الجاهلي والإسلامي، بل إن منهم من يحفظ دواوين كاملة، حتى كثر فيهم الشعراء كثرة مفرطة، وهو الأمر الذي جعل الشاعر السعودي حسن القرشي الذي كان سفيراً هناك يسمي موريتانيا: بلد المليون شاعر!! وهذه إحصائية قديمة!! وكيف لا يكون كذلك وأهله يحفظون الشعر منذ نعومة أظفارهم بعد حفظ القرآن الكريم، آخذين بنصيحة الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «حفّظوا أولادكم القرآن، وعلّموهم الشعر تعذب ألسنتهم».4- الاهتمام بضبط الكتب التعليمية وأمهات الكتب المتداولة كالمتون ونحوها، فقلّما تجد لديهم متناً لتعليم الصبية أو كتاباً مدرسياً سواء أكان للصغار أو للكبار إلا وهو مضبوط بالشكل كالضبط الذي في المصحف الشريف. فتجد عندهم على سبيل المثال كتاب (متن الرسالة) لابن أبي يزيد القيرواني، وهو كتاب في الفقه المالكي الذي هو مذهب شمال أفريقيا، ويقابله لدينا متن (زاد المستقنع) تجد هذا الكتاب - مطبوعاً بشكل جميل ومخطوطاً بخط بديع ومضبوطاً بشكل دقيق لا يغادر كلمة ولا حرفاً إلا ضبطه. وهو الكتاب المقرر في الفقه على طلاب المعهد السعودي في موريتانيا، في حين أن كتاب (زاد المستقنع) المقرر على طلاب المعاهد العلمية في المملكة غير مضبوط بالشكل، بل مبهم خلْوٌ من الضبط، حتى إن كثيراً من المدرسين يَهِمُ ويخطئ في قراءة كثير من كلماته وجمله. وهناك نوادر مضحكة في هذا الجانب لا يتسع المجال لذكرها. واهتمام أولئك القوم بالضبط لا يقتصر على الكتب المدرسية، بل إن المدرسين في مدارسهم وخصوصاً المراحل الأساسية لا يكادون يكتبون كلمة إلا وهي مضبوطة معربة، حتى أصبح الضبط لصيقاً بالكتابة.وقد زرنا مدرسة ابتدائية موريتانية في قرية نائية تبعد 100 كيلو جنوب العاصمة وكانت هذه المدرسة في غاية البساطة والتواضع، حتى إن الثلاث السنوات الأولى في مبنى عبارة عن ثلاث غرف، والرابعة والخامسة والسادسة في مبنى آخر بعيد عن أخيه، ولا توجد غرفة للإدارة. ودخلنا أحد الفصول وكان (السنة الرابعة)، فوجدنا مدرّس (القرآن الكريم وتفسيره) وكانت السورة (التكاثر)، وقد كتبها المدرس بخط جميل وواضح على السبورة، ثم ضبطها ضبطاً دقيقاً صحيحاً، لم نستطع أن نكتشف فيه غلطة واحدة. ثم رأيناه قد كتب على هامش السبورة بالإضافة إلى التاريخ والمادة والموضوع عدد الطلاب، وعدد الحضور وعدد الغياب، وكان الطلاب جالسين على الأرض حيث لا كراسي ولا طاولات، بل على فرش متواضعة مهترئة، وتحدثنا مع المدرس قليلاً، وسألناه:هل يزورك المفتش دائماً؟ فقال: نعم، كل أسبوع مرتين!! سبحان الله!! يزوره الموجه كل أسبوع مرتين رغم قلة الإمكانات وضعف الرواتب وبعد المكان وصعوبة الطريق، حيث لا أسفلت في هذه القرية ولا خدمات، فتبسمنا بإعجاب لهذا المدرس المجتهد الذي نحس أن تلاميذه سوف يشربون منه العلم كما يشربون الماء الزلال. وانتقلنا إلى فصل آخر في السنة الخامسة،
 
*د يحيى
14 - يوليو - 2010
 18  19  20  21  22