مدفن النابغة الجعدي     ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
رأي الوراق :     
شكرا وتحية لأستاذنا الكريم زهير على هذا البحث المفيد ، واعانه الله على الغزو الفيروسي، وشكرا وتحية لشيخي أبي بشار، وهذه مساهمة مني متواضعة ، تدور حول النابغة الجعدي دون أن يكون من المغمورين، إلا أن مقدار مدة حياته، وكذلك مكان وفاته ومدفنه ، مما يوقع الباحث في حيرة من أمرهما. وكون مسكين الدرامي ذكر في مرثيته مكان مدفن النابغة الجعدي وبعض من رثا من الشعراء ، ولم يذكر مكان دفن ضابيء، وابن دارة، وشماخ، والمزرد، فهذا يدعوني إلى فهم قصده من الرثاء على انه يتمحور حول فناء الدنيا وحقارة شأنها كما ورد عن شارحي أبيات المرثية، وانه نسب كل مدفن من مدافن الشعراء إلى مسقط رأس كل شاعر، لا على وجه التحقيق من جهة تعيين مكان الدفن بدقة؛ وإنما بقصد نسبة الشاعر إلى موطنه. ومما يدل على هذا أن ما ذكرته الكتب من موت النابغة الجعدي بأصبهان أشهر بكثير من أن يكون مدفنه برمال بني جعدة . ففي (الشعر والشعراء- ابن قتيبة/ ت276) وفي( طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأنصاري الأصبهاني/ت369)، وكذلك ما نقل ابن عبد البر في (الاستيعاب) وابن تغري بردي في(النجوم الزاهرة)، والحمدوني في (التذكرة الحمدونية) من أن وفاة النابغة الجعدي كانت بأصبهان. وقد اختارت ذلك الموسوعة الشعرية الصادرة عن المجمع الثقافي في "أبو ظبي" في الإصدار الثالث. ، في ترجمتها للنابغة الجعدي. أما في خزانة الأدب للبغدادي فنجد: " وفي تاريخ الإسلام للذهبي، أن النابغة(يعني الجعدي) قال هذه الأبيات: المرء يهوى أن يعي ش وطول عمر قد يضره وتتابع الأيّام ح تى ما يرى شيئاً يسرّه تفنى بشاشته ويب قى بعد حلو العيش مرّه ثم دخل بيته فلم يخرج منه حتى مات.". وربما كانت الأبيات للنابغة الذبياني وليست للجعدي ، فقد وردت منسوبة للذبياني في عدة مواضع. ومن المعروف أن النابغة الذبياني قد عمر طويلا. ويبقى البيت: ونابغة الجعديّ بالرّمل بيته عليه صفيحٌ من رخامٍ مرصّع محل تساؤل؟ فقدت وجدت في كتاب (الشعر) لأبي علي الفارسي: وأنشد أبو عبيدة : ونابغةُ الجعديِّ بالرَّملِ بيته عليه صفيحٌ من ترابٍ وجندلِ وفي (الكتاب) لسيبويه: ونابغة الجعديُّ بالرَّمل بيته عليه ترابٌ من صفيح موضَّع وفي (المقتضب) للمبرد: ونابغة الجعدي بالرمل بيته عليه صفيحٌ من تراب منضد و قال حسان بن ثابت رضي الله عنه( في رثاء النبي صلى الله عليه وسلم)من قصيدة ذكرتها( سيرة ابن هشام) ، مطلعها: بَطَيبَةَ رَسمٌ لِلرَسولِ وَمَعهَدُ مُنيرٌ وَقَد تَعفو الرُسومُ وَتَهمَدِ ومنها: وَلا تُمتَحى الآياتُ مِن دارِ حُرمَةٍ بِها مِنبَرُ الهادي الَذي كانَ يَصعَدُ فَبُورِكتَ يَا قَبْرَ الرَّسُولِ وَبُورِكَت بِلاد ثَوَى فِيهَا الرَشِيدُ المُسَدَدُ وَبُورِكَ لحد مِنْكَ ضُمنَ طَيبا عَلَيهِ بِنَاء من صَفِيحٍ مُنَضَدُ وفي هذا دليل على أن قبر النبي(ص) بني بالحجارة المنضد بعضها فوق بعض ، وذلك في عهد كبار الصحابة رضوان الله عليهم. |