البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : ابن منظور أديبًا    قيّم
التقييم :
( من قبل 25 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
13 - أبريل - 2010
ابن منظور أديبًا:
هل يعقل أن مؤلف أشمل معجم لغوي في تراثنا وأشيعه(لسان العرب) لا يبدع أدبًا؟
لم يبحث أحد -فيما أعلم- في ذلك! وإلا فلنجب عن الآتي:
أين تراثه النثري؟
أين شعره؟
ما موقف القدامى من أدبه؟
ما شكله وما مضمونه؟
أرجو مساعدة البحاثة زهير ظاظا، والذواقة ياسين سليمان، والمبدع أحمد عزو، والأمير عمر خلوف، والنشيط طماح الذؤابة في هذا الملف، الذي أحاول في هذا الملف إنجازه!
 4  5  6  7 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
إيهٍ ياأبا أحمد ، وبارك الله فيك وفي أفلاذ أكبادك وأمهم ومن تحبون.....    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
ما من شك في أنّ ردّ السلام واجب ، وإنني والله لشاكرٌ ردّ سلامي ، وسأشكر مقدماً كل من حييتهم ، عسى أن يكتبوا شذرات عن أخينا عبد الصمد بن المعذَّل......
*د يحيى
25 - أبريل - 2010
( ابن منظور ) عُرف بها عدد من الرجال    كن أول من يقيّم
 
 
  من الذاكرة الكليلة أذكر أنني يوما كنت أستمع إلى مناقشة رسالة جامعية عبر المذياع ، وكان المُناقش يعلق بنحو ذلك على أن نسبة (ابن منظور) عُرِف بها عدة رجال من علماء القرن السابع والثامن ، وربما قبل ذلك ، وقد يكون هذا سببا في خلو ترجمة صاحب اللسان من تلك النسبة خشية وقوع اللبس .
 
فقلت حينها : ليس التعدد وحده بل شهرة أحدهم قد تطغى على تعريف الآخرين الذين يحملون النسبة المشتركة ولعلي أنشط للتأكد من هذه الملاحظة ، ومر زمن ليس بالقصير ونسيت العزم على البحث ، حتى قرأت ما أثاره درة المحققين الأستاذ زهير ظاظا حول ابن منظور ، فتمنيت أن ينشط أحد الأبناء في هذا الملتقى المبارك لبحث تعدد اسم (ابن منظور) فقد كنت أرجو ذلك قبل زمن الوهَن ، ولكم جميعا الشكر مقدما ومؤخرا . 
 
*منصور مهران
26 - أبريل - 2010
أهلا بأستاذنا أبي البركات    كن أول من يقيّم
 
متعنا الله بطول عمرك يا أبا البركات: وأعتذر من صديقنا الأستاذ الدكتور صبري أبو حسين عن هذه الفوضى التي لحقت هذا الملف إلى درجة تستحق الاعتذار والحوقلة، وأقول لأستاذنا أبي البركات
لم أهتد حتى الآن إلى سبب انصراف المتأخرين عن النسبة التي اشتهر بها أسرة صاحب لسان العرب (بنو المكرم) وقد عثرت أثناء بحثي على فوائد وطرائف، تتصل بهذه القصة، فمن الطرائف أن (الفراء) يمكن أن يقال له (ابن منظور)  أيضا، لأن آخر من عرف من أجداده (منظور) فهو زكريا بن يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسدي بالولاء.
وإذا أطلق اسم (ابن منظور) عند المحدثين فالمراد به أبو عبد الله ابن منظور راوي صحيح البخاري عن الحافظ أبي ذر وهو (أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن منظور بن عبد الله بن منظور، القيسي، الإشبيلي) ووفاته سنة (469هـ) وعلى روايته عمدة أهل الأندلس، وهو من بيت مشهور في إشبيلية نبغ منه قضاة أجلاء أشهرهم  أبو بكر محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور القيسي الإشبيلي  (ت 464هـ)  قاضي قرطبة،
وأبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور القيسي: قاضي إشبيلية، قال ابن بشكوال:
(يكنى: أبا القاسم. روى عن أبيه: وسمع من ابن عم أبيه أبي عبد الله محمد بن أحمد بن منظور، واستقضى ببلده مدة، ثم صرف عن القضاء، لقيته بإشبيلية وأخذت عنه وجالسته. وتوفي سنة عشرين وخمس مائة. ومولده سنة ستٍ وثلاثين وأربع مائة. شهدت جنازته وصلى عليه أبو القاسم بن بقي.)
  ومن متأخريهم أبو بكر محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف بن يحيي بن عبيد الله بن منظور القيسي المالقي الإشبيلي الأصل (ت 750هـ) وهو من شيوخ لسان الدين ابن الخطيب، ترجم له في الإحاطة فقال: (وأصله من إشبيلية، من البيت الأثيل المشهور؛ ويكفي من التعريف بقدم إصالته الكتاب المسمى بالروض المنظور*، في وصاف بني منظور.) ومن شيوخه (أبو الحكم ابن منظور: ابن عم أبيه) ومن كتبه

). و(كتاب الفعل المبرور. والسعي المشكور، فيما وصل إليه، أو تحصل لديه من نوازل القاضي أبي عمرو بن منظور) وأبو عمرو هذا هو: عثمان بن يحيى بن محمد بن منظور القيسي قال لسان الدين في ترجمته: (من أهل مالقة، يكنى أبا عمرو، ويعرف بابن منظور، الأستاذ القاضي من بيت بني منظور الإشبيليين أحد بيوت الأندلس المعمورة بالنباهة...ولي القضاء ببلش وقمارش، وملتماس، ثم ببلده مالقة، وتوفي قاضياً بها. لقيته، وانتفعت بلقايه، وبلوت منه أحسن الناس خلقاً، وأعذبهم فكاهة.  ألف كتاب (اللمع الجدلية في كيفية التحدث في علم العربية). وله تقييد في الفرايض حسن، سماه، بغية المباحث في معرفة مقدمات الموارث، وآخر في المسح على الأنماق الأندلسي. وفاته توفي يوم الثلاثاء الخامس والعشرين لذي حجة من عام خمسة وثلاثين وسبعماية، ولم يخلف بعده مثله.

وهكذا فالحديث شجون ويبدو واضحا أنه لا علاقة لهذه الأسرة القيسية ببني المكرم اليمانية وقد عثرت في نص نادر على ولد من أولاد صاحب (لسان العرب) كان يلقب بنور الدين ابن المكرم وهو ما حكاه أبو البقاء البلوي (ت 767هـ) في رحلته (تاج المفرق) قال: ( وحدثني الشيخ الإمام عز الدين =ابن حباسة= المذكور قال أخبرني أخي وصديقي الشيخ الإمام القدوة رئيس الكتاب نور الدين أبو الحسن علي بن الشيخ الإمام الكبير، رئيس الكتاب جمال الدين بن المكرم قال: سافرت مع السلطان الملك الأشرف ابن السلطان قلاوون الصالحي إلى مدينة عكة في غزوته إياها، فأقمنا عليها، إلى أن يسر الله تعالى في فتحها بعد مدة طويلة قال: فلما دخلناها دخلت الكنيسة التي كانت بها فإذا هي ذهب ساطع وإذا أنا بكتب على حائط منها قريب العهد لم يجف مداده فيه ما نصه:
أدُمَى الكنائسِ إن تكن عبثت بكم أيـدي الـحوادث أو تغير iiحالُ
غـلطا  لما سجدت لكن شمامس شم الأنـوف جـحاجح أبطالُ
لـيـكـن  عزاكن الجميل iiفإنه يـوم بـيـوم والحروب iiسجالُ
قال فعلمت قطعا أن كاتبه نصراني وعجبت في ذلك غاية العجب )
 

________
* كذا في نشرة الوراق ولعلها (الممطور)
*زهير
26 - أبريل - 2010
ابن منظور الصوفي صاحب الزاوية    كن أول من يقيّم
 
ويستوقفنا في خطط المقريزي ما حكاه في التعريف بزاوية ابن منظور قال:
هذه الزاوية خارج القاهرة بخط الدكة بجوار المقس، عُرفت بالشيخ جمال الدين محمد بن أحمد بن منظور بن يس بن خليفة بن عبد الرحمن أبو عبد الله الكتانيّ العسقلانيّ الشافعيّ الصوفيّ، الإمام الزاهد، كانت له معارف واتباع ومريدون ومعرفة بالحديث، حدّث عن أبي الفتوح الجلالئ وروي عنه الدمياطيّ وا!دواداريّ وعحّة من الناس، ونظر في الفقه واشتهر بالفضيلة، وكانت له ثروة وصدقات. ومولده في ذي القعدة سنة سبع وتسعين
وخمسمائة، ووفاته بزاويته في ليلة الثاني والعشرين من شهر رجب الفرد، سنة ست وتسعين وستمائة *، وكانت هذه الزاوية أوّلاَ تُعرف بزاوية شمس الدين بن كرا البغداديّ.
انتهى ما حكاه المقريزي  وقد ترجم الصفدي له في الوافي فقال:
محمد بن أحمد بن منظور الأمام الزاهد أبو عبد الله الكناني المصري العسقلاني. شيخ صالح عارف له مريدون وأتباع وزاوية بالمقس، حدث عن أبي الفتوح الجلاجلي وروى عنه الدمياطي والدواداري وكان فقيها فاضلا وله جدة وصدقة، توفي سنة ست وسبعين وست ماية)
وترجم له اليونيني في (ذيل مرآة الزمان) فقال:
محمد بن أحمد بن منظور بن عبد الله. مولده في ذي القعدة سنة سبع وتسعين وخمس مائة، كان له زاوية بظاهر المقس بالديار المصرية، وبها جماعة من الفقراء مقيمون على الدوام وهو متكفل بأمرهم وخدمتهم والإقامة
بهم، وكذلك يخدم من يرد عليه من المسافرين والزوار. ويعمل في كل سنة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ويغرم عليها جملة كثيرة ويجتمع فيه خلق كثير عظيم، وكان يكتسب بعمل الحرير وغيره، ولا يقبل بر أحد إلا أن يكون صاحبه، فيقبله على سبيل الهدية. وكان له جدة كبيرة وصدقة وبر، ويتكلم في زاويته على طريق الوعاظ، وعنده فضيلة، وتعبد كبير، ولكثير من الناس به عقيدة حسنة، وكان موضعاً لذلك. و توفي إلى رحمة الله تعالى بزاويته
ليلة الاثنين ثاني وعشرين شهر رجب، ودفن من الغد بالقرافة الصغرى رحمه الله تعالى.
ومن العجب أنني كنت أجتمع به في السنة الخالية، وتحادثنا فشرع يتبرم بسكنى الديار المصرية، ويقول: وددت لو كنت بالشام - مقر الأنبياء - لأموت به. فقلت له: ما يمنعك من النقل إلى الشام؟ فقال لي: هنا معشوق لا أقدر على مفارقته ولا البعد عنه. فقلت: من هو؟ قال: الشيخ شمس الدين بن الشيخ العماد. فاتفق موت الشيخ شمس الدين رحمه الله في أوائل هذه السنة. وموت الفقيه ابن منظور رحمه الله في هذا التاريخ بينهما ستة أشهر جمع الله بينهما في دار كرامته
ــــــــــــــ
* كذا في نشرة الوراق وهذ التاريخ خطأ والصواب ان وفاته سنة (676)
*زهير
26 - أبريل - 2010
بخ بخ    كن أول من يقيّم
 
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
أثلجت الصدر وجئت بالنبأ الجليّ يا أستاذ زهير
لا حرمنا الله فضلك
قلت : ربما كانت شهرة بعض الصوفية بـ (ابن منظور )  -  كما حقق الأستاذ زهير -  صرفت الناس إلى نسبة صاحب اللسان إلى (ابن المكرم)
أو لمَّا وجده المترجمون يسمي نفسه بذلك لم ينشئوا له نسبة لم يحْكِها في كتابٍ من كتبه الكثيرة .
ولو كان أحدٌ مِن أجداده يفخر بالانتساب إليه وحده لكان الصحابي رويفع بن ثابت - وهو الجد الأعلى - هو الأوْلَى  ، لكن الرجل انتسب إلى أبيه مكرم واحتفظ بسائر نسبه  على ترتيبه فلم يتخطَّ أحدا منهم إلى الأعلى اعتزازا منه بهم جميعا .
وما كان من السيوطي إلا أن اختصر عمود النسب فرفعه إلى (منظور) ، وكان عليه أن يورد نسب ابن المكرم على حاله  - كما ورد - ولكنه أراد أن يحيِّر رجلا ( وهو أخونا زهير ) يأتي بعد زمانه بخمسمائة سنة كي يكتب في الوراق عن هذه اللفتة التاريخية البديعة . 
*منصور مهران
27 - أبريل - 2010
تعليق شيخي ياسين على نص السواك    كن أول من يقيّم
 
بالله إن جُزت بوادي الأراكْ         وقبّلَتْ عيدانُه الخضرُ فاكْ
ابعثْ إلى المملوك من بعضها         فإنني والله ما لي سواكْ
[أنشده أثير الدين عن فتح الدين أبو عبدالله البكري في أعيان العصر، والوافي بالوفيات، وفي نكت الهميان، وفي فوات الوفيات، والدرر الكامنة، ووردا مجهولي القائل في نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري(ت733هـ)، ونسبا إلى ابن تمرداش في فوات الوفيات برواية:
يا قمري إن جزت وادي الأراك         وقبلت أغصانه الخضر فاك
أرسل إلى عبدك من بعضها         فإنني والله ما لي سواك
ويروى(عبدك)، و ( من فضله، أو بعضه)]
وأضيف ما عثرت عليه في ( الحلل السندسية في الأخبار التونسية) من كتب موسوعة الشعر العربي في إصدارها الأول، من نسبة البيتين المذكورين إلى فتح الدين بن سيد الناس (ت734 كما في البداية والنهاية)، وذلك بعد أن جُعل البيتان من المتقارب:
" قال: وأنشدني للشيخ الفاضل فتح الدين أبي عمر بن سيد الناس - رحمه الله تعالى -: (متقارب)
فبالله إن جُزْتَ وادي الأراك         وقَبَّلَتْ عِيدَانُه الخضر فاك
فأرسل لعبدك من بعضها         فإنَّيَ والله مَالِي سِواك "
والبلوي في كتابه: (تاج المفرق في تحلية علماء المشرق) ذكر البيتين من إنشاد فتح الدين بن سيد الناس أيضا .
وفي يتيمة الدهر للثعالبي طالعت بيتين في السواك منسوبين لأبي سعد، عبد الرحمن بن دوست، وهو من أفراد علماء نيسابور في عصر الثعالبي كما قال الثعالبي نفسه:
جعلت هديتي لكم سواكاً         ولم أقصد به أحداً سواكا
بعثت إليك عوداً من أراكٍ         رجاءٍ أن أعود وأن أراكا
يخاطب المُهدى إليه بصيغة الجمع في صدر البيت تعظيما لشأنه ، ثم يعود فيخاطبه بصيغة المفرد في باقي البيتين! ولا أظن ذلك مستحسنا ؛ ولكن الاضطرار لصحة الوزن أدى إلى ذلك على ما يبدو . ويبدو الشاعر وقد اهتم بالتجنيس الخالي من جمال المعنى وجمال الصورة . فقد خلا البيتان من الجمالين .
*صبري أبوحسين
27 - أبريل - 2010
تذكرة اللبيب ونزهة الأديب    كن أول من يقيّم
 
تذكرة اللبيب ونزهة الأديب: كتاب يبدو أنه على غرار صبح الأعشى، وهو من تأليف جمال الدين ابن المكرم صاحب (لسان العرب) لم أر أحدا ممن ترجم له ذكره في مؤلفاته، وقد رأيت القلقشندي ينقل عنه في أماكن متفرقة من كتبه، فمن ذلك نسخة الهدنة التي عقدت بين السلطان الملك المنصور "قلاوون" الصالحي صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية وولده الملك الصالح "علي" ولي عهده، وبين حكام الفرنج بعكا وما معها من بلاد سواحل الشام، في شهور سنة اثنتين وثمانين وستمائة،
ونسخة الهدنة التي عقدت بين الملك الأشرف، صلاح الدين "خليل" ابن الملك المنصور سيف الدين "قلاوون" صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية، وبين دون حاكم الريد أرغون، صاحب برشلونة من بلاد الأندلس، على يد رسله: أخويه وصهريه في صفر سنة اثنتين وتسعين وستمائة؛ وغير ذلك من المهادنات والعهود والأيمان، وعلق القلقشندي على ذلك بقوله:
(وهذه النسخ الخمس المتقدمة الذكر نقلتها من تذكرة محمد بن المكرم، أحد كتاب الإنشاء بالدولة المنصورية "قلاوون" المسماة: "تذكرة اللبيب و نزهة الأديب" من نسخة بخطه، ذكر فيها أن النسخة الأولى منها كتبها بخطه على مدينة صفد. و ليس منها ما هو حسن الترتيب، رائق الألفاظ، بهج المعاني، بليغ المقاصد، غير النسخة الأخيرة المعقودة بين الملك الأشرف وبين الملك دون حاكم. أما سائر النسخ المتقدمة فإنها مبذلة الألفاظ، غيررائقة الترتيب، لا يصدر مثلها من كاتب عنده أدنى ممارسة لصناعة الكلام. و العجب من صدور ذلك في زمن"الظاهر بيبرس" و "المنصور قلاوون" و هما من عظماء الملوك و كتابة الإنشاء يومئذ بيد بني عبد الظاهر الذين هم بيت الفصاحة ورؤوس أرباب البلاغة!!! ولعل ذلك إنما وقع، لأن الفرنج كانوا مجاورين للمسلمين يومئذ ببلاد الشام، فيقع الاتفاق والتراضي بين الجهتين على فصل فصل، فيكتبه كاتب من كل جهة من جهتي المسلمين والفرنج بألفاظ مبتذلة غير رائقة، طلباً للسرعة، إلى أن ينتهي بهم الحال في الاتفاق التراضي إلى آخر فصول الهدنة، فيكتبها كاتب الملك المسلم على صورة ما جرى في المسودة، ليطابق ما كتب به كاتب الفرنج؛ إذ لو عدل فيها كاتب السلطان إلى الترتيب، وتحسين الألفاظ وبلاغة التركيب، لاختل الحال فيها عما وافق عليه كاتب الفرنج أولاً، فينكرونه حينئذ، ويرون أنه غير ما وقع عليه الاتفاق لقصورهم في اللغة العربية، فيحتاج الكاتب إلى ابقاء الحال على ما توافق عليه الكاتبان في المسودة. وبالجملة فإنما ذكرت النسخ المذكورة - على سخافة لفظها، وعدم انسجام ترتيبها - لاشتمالها على الفصول التي جرى فيها الاتفاق فيما تقدم من الزمان، ليستمد منها الكاتب ما لعله لا يحضر بباله من مقاصد المهادنات، أغنانا الله تعالى عن الحاجة إليها)
ومن نقولات القلقشندي من (تذكرة اللبيب) أذكر هذه المقتطفات:
وهذه نسخة أمان على هذا النمط، أوردها ممد بن المكرم أحد كتاب ديوان الإنشاء في
الدولة المنصورية "قلاوون" في تذكرته التي سماها: "تذكرة اللبيب" كتب بها عن المنصور
قلاوون المقدم ذكره، للتجار الذي يصلون إلى مصر من الصين والهند والسند واليمن
والعراق وبلاد الروم، من إنشاء المولى فتح الدين بن عبد الظاهر صاحب ديوان الإنشاء
بالأبواب السلطانية بالديار المصرية؛ وهي ......
وهذه نسخة يمين حلف عليها العساكر للسلطان الملك المنصور "قلاوون" في سنة ثمان
وسبعين وستمائة له ولولده ولي عهد الملك الصالح علاء الدين "علي"أوردها ابن المكرم في
تذكرته؛ وهي.....
وهذه نسخة يمين حلف بها الأمير نجم الدين أبو نمي أمير مكة المشرفة، في الدولة
المنصورية قلاوون الصالحي، في شعبان سنة إحدى وثمانين وستمائة.
ونسختها على ما ذكره ابن المكرم في تذكرته بعد استيفاء الأقسام .....
وقال في موضع آخر:
من غرائب الأمانات ما حكاه محمد بن المكرم في كتابه: "تذكرة اللبيب" أن رسل
صاحب اليمن وفدت على الأبواب السلطانية، في الدولة المنصورية "قلاوون" في شهر
رمضان، سنة ثمانين وستمائة، وسألوا السلطان في كتب أمان لصاحب اليمن، وأن يكتب على
صدره صورة أمان له ولأولاده، فكتب له ذلك وشملته علامة السلطان، وعلامة ولده ولي
عهده "الملك الصالح علي" وأعلمهم أن هذا مما لم تجر به عادة، وإنما أجابهم إلى ذلك إكراماً
لمخدومهم، وموافقة لغرضه واقتراحه.
تراجع نصوص هذه المعاهدات والأيمان في مواضعها من (صبح الأعشى) وسأنشر لاحقا بعضا منها
 
 
*زهير
30 - أبريل - 2010
وثيقة أحكام عرفية كتبها ابن المكرم     كن أول من يقيّم
 

ومما نقله القلقشندي من إنشاءات ابن المكرم صاحب (لسان العرب) هذه التذكرة السلطانية والتي كانت بمثابة إعلان الأحكام العرفية عند مفارقة السلطان لمملكته لحرب أو سفر بعيد. ويستوقفنا قول القلقشندي في التعريف بابن المكرم أنه (أخد كتاب الدرج يومئذ) قال:

(وهذه نسخة تذكرة سلطانية كتب بها عن السلطان الملك الصالح علي، ابن الملك المنصور قلاوون الصالحي، لكافل السلطنة بالديار المصرية، الأمير زين الدين كتبغا، عند سفر
السلطان الملك المنصور إلى الشام، واستقرار كتبغا المذكور نائباً عنه في سنة تسع وسبعين وستمائة، من إنشاء محمد بن المكرم بن أبي الحسن الأنصاري، أحد كتاب الدرج يومئذ
ومن خطه نقلت؛ وهي:
تذكرة نافعة، للخيرات جامعة، يعتمد عليها المجلس العالي، الأميري، الزيني، كتبغا المنصوري، نائب السلطنة الشريفة - أدام الله عزه - في مهمات الديار المصرية وأحوالها
ومصالحها، وما يترتب بها، وما يبت ويفصل في القاهرة ومصر المحروستين وسائر أعمال الديار المصرية، صانها الله تعالى، وما تستخرج به المراسيم الشريفة، المولوية، السلطانية،
الملكية، الصالحية الفلانية، - أنفذها الله تعالى - في أمورها وقضاياها، وولاياتها وولاتها، وحمولها وحفيرها وحفظها ومجدداتها على ما شرح فيه.
فصل الشرع الشريف:
يشد من حكامه وقضاته في تنفيذ قضاياه وتصريف أحكامه، والشد منه في نقضه وإبرامه.
فصل العدل والانصاف والحق
يعتمد ذلك في جميع المملكة الشريفة: مدنها وقراها وأعمالها وولاياتها: بحيث يشمل الرعايا من خاص وعام، وبعيد وقريب، وغائب وحاضر، ووارد وصادر، ويستجلب الأدعية الصالحة من جميع الناس لهذه الأيام الزاهرة، ويستنطق الألسنة بذلك؛ فإن العدل حجة الله ومحجة الخير، فيدفع كل ضرر ويرفع كل ضير.
فصل الدماء
يعتمد فيها حكم الشرع الشريف. ومن وجب عليه قصاص يسلم لغريمه ليقتص منه بالشرع الشريف،ومن وجب عليه القطع يقطع بالشرع الشريف.
فصل الأمور المختصة بالقاهرة ومصر المحروستين، حرسهما الله تعالى:
لا يتجوه فيها أحد، ولا يقوى قوي على ضعيف، ولا يتعدى أحد على أحد جملة كافية.
فصل
يتقدم بأن لا يمشي أحد في المدينة ولا ضواحيها في الحسينية والأحكار في الليل إلا لضرورة، ولا يخرج أحد من بيته لغير ضرورة ماسة، والنساء لا ينصرفن في الليل ولا يخرجن ولا يمشين جملة كافية.
فصل الحبوس
تحرس وتحفظ بالليل والنهار؛ وتحلق لحى الأسارى كلهم: من فرنج وأنطاكيين وغيرهم، ويتعهد ذلك فيهم كلما تنبت، ويحترز في أمر الداخل إلى الحبوس، ويحترز على الأسارى
الذين يستعملون، والرجال الذي يخرجون معهم، وتقام الضمان الثقات على الجاندارية الذين معهم، ولا يستخدم في ذلك غريب، ولا من فيه ريبة، ولا تبيت الأسارى الذين يستعملون
إلا في الحبوس، ولا يخرج أحد منهم لحاجة تختص به ولا لحمام ولا كنيسة ولا فرجة، وتتفقد قيودهم وتوثق في كل وقت.
ويضاعف الحرس في الليل على خزانة البنود بإظهار ظاهرها وعلوها وحولها وكذلك خزانة الشمائل وغيرها من الجيوش.
فصل
يرتب جماعة من الجند مع الطواف في المدينة لكشف الأزقة وغلق الدروب وتفقد أصحاب الأرباع، وتأديب من يخل بمركزه من أصحاب الأرباع، وتكون الدروب مغلقة. وكذلك تجرد جماعة الحسينية والأحكار وجميع المراكز، ويعتمد فيها هذا الاعتماد؛ ومن وجد في الليل قد خالف المرسوم ويمشي لغير عذر يمسك ويؤدب.
فصل الأبواب
يحترز على الأبواب غاية الاحتراز، ويتفقد في الليل خارجها وباطنها وعند فتحها وغلقها.
فصل
الأماكن التي يجتمع فيها الشباب وأولو الدعارة ومن يتعانى العيث والزنطرة، لا يفسح لأحد في الاجتماع بها في ليل ولا نهار، ويكفون الأكف اللئام بحيث تقوم المهابة وتعظم الحرمة،
وينزجر أهل الغي والعيث والعبث.
فصل
يرتب المجردون حول المدينتين بالقاهرة ومصر المحروستين على العادة، وكذلك جهة القرافة وخلف القلعة وجهة البحر، وخارج الحسينية، ولا يهمل ذلك ليلة واحدة، ولا يفارق المجردون مراكزهم إلا عند السفور وتكامل الضوء.
فصل
يتقدم بأن لا تجتمع الرجال والنساء في ليالي الجمع بالقرافتين، ويمنع النساء من ذلك.
فصل
مهمات الغائبين في البيكار المنصور تلحظ ويشد من نوابهم في أمورهم ومصالحهم، ويستخلص حقوقهم لنوابهم وغلمانهم ووكلائهم؛ ومن كانت له جهة يستخلص حقه منها ولا
يتعرض إلى جهاتهم المستقرة فيما يستحقونه؛ ويقوي أيديهم، وتؤخذ الحجج على وكلائهم بما يقبضونه حتى لا يقول موكلوهم في البيكار: إن كتب وكلائنا وردت بأنهم لم يقبضوا لنا
شيئاً، فيكون ذلك سبباً لرد شكاويهم.
فصل
خليج القاهرة ومصر المحروستين يرسم بعمله وحفره وإتقانه في وقته: بحيث يكون عملاً
جيداً متقناً من غير حيف على أحد، بل كل أحد يعمل ما يلزمه عملاً جيداً.
فصل
جسور ضواحي القاهرة يسرع في إتقانها وتعريضها، ويجتهد في حسن رصفها وفتح مشاربها، وحفظها من الطارق عليها، تبقى متقنة مكملة إلى وقت النيل المبارك؛ ولا يخرج في أمرها عن العادة، ولا يحتمي أحد عن العمل فيها بما يلزمه؛ ويحمل الأمر في جراريفها ومقلقلاتها على ما تقدمت به المراسيم الشريفة في أمر الجسور القريبة والبعيدة.
فصل في الأعمال والولايات
تتنجز الأمثلة الشريفة السلطانية، المولوية، الملكية، الصالحية، الفلانية، شرفها الله تعالى، بإتقان عمل الجسور وتجويدها وتعريضها وتفقد القناطر والتراع، وعمل ما تهدم منها وترميم
ما وهى، وإصلاح ما تشعث من أبوابها، وتحصيل أصنافها التي تدعو الحاجة إليها في وقت النيل، وتعتمد المراسيم الشريفة من أن أحداً لا يعمل بالجاه، ومن وجب عليه فيها العمل
يعمل على العادة في الأيام الصالحية؛ ويؤكد على الولاة في مباشرتها بنفوسهم، وأن لا يتكلموا على المشدين؛ وأي جهة حصل منها نقص أو خلل كان قبالة ذلك روح والي ذلك العمل
وماله؛ ويشدد على الولاة في ذلك غاية التشديد، ويحذر أتم التحذير، وتؤخذ خطوط الولاة بأن الجسور قد أتقن عملها على الوضع المرسوم به، وأنها أتقنت ولم يبق فيها خلل، ولا ما
يخشون عاقبته، ولا ما يخافون دركه، وأنها عملت على ما رسم.
فصل
يتقدم إلى الولاة ويستخرج الأمثلة الشريفة السلطانية بترتيب الخفراء على ما كان الحال رتب عليه في الأيام الظاهرية: أن يرتب من البلد إلى البلد خفراء ينزلون ببيوت شعر على الطرقات على البلدين، يخفرون الرائح والغادي؛ وأي من عدم له شيء يلزمه دركه، وينادى في البلاد أن لا يسافر أحد في الليل ولا يغرر، ولا يسافر الناس إلا من طلوع الشمس إلى غروبها، ويؤكد في ذلك التأكيد التام.
فصل الثغور المحروسة
يلاحظ أمورها ومهماتها، ويستخرج الأمثلة الشريفة السلطانية في مهماتها وأوالها وحفظها، والاحتراز على المعتقلين بها، والاستظهار في حفظهم، والتيقظ لمهمات الثغر، واستجلاب
قلوب التجار، واستمالة خواطرهم، ومعاملتهم بالرفق والعدل حتى تتواصل التجار وتعمر الثغور، ويؤكد عليها في المستخرج وتحصيل الأموال، وأصناف الذخائر، وأصناف الخزائن المعمورة والحوائج خاناه، ويوعز إليهم بأن هذا وقت انفتاح البحر وحضور التجار وتزجية الأموال، وصلاح الأحوال، والنهضة في تكثير الحمول، ويؤكد عليهم في المواصلة بها، وأن تكون حمولاً متوفرة، وأنه لا يفرط في مستخرج حقوق المراكب الواصلة، ولا يقلل متحصلها،
ولا ينقص حملها، ويسير بحملها حملاً إلى بيت المال المعمور على العادة، ويؤكد عليهم في الاستعمالات ولا يؤخر مهمها عن وقته؛ ومهما وصل من المماليك والجواري والحرير والوبر
والأطلس والفضة الحجر، وأقصاب الذهب المغزول يعتمد في تحصيله العادة.
فصل
يؤكد على ولاة الأعمال في استخلاص الحقوق الديوانية من جهاتها، والمواصلة بالحمول في أوقاتها، ومباشرة أحوال الأقصاب ومعاصرها في أوقاتها، واعتماد مصلحة كل عمل على
ما يناسبه وتقتضيه مصلحته: من مستخرج ومستغل، ومحمول ومزدرع، ومستعمل ومنفق، ويحذرهم عن حصول خلل، أو ظهور عجز، أو فتور عزم، أو تقصير رأي، أو ما يقتضي
الإنكار ويوجب المؤاخذة، ويشدد في ذلك ما تقتضيه فرص الأوقات التي ينبغي انتهازها على ما يطالعون به.
فصل أموال الخراج الديوانية
يحترز عليها وتربى وتنمى، ولا يطلق منها شيء إلا بمرسوم شريف منا، ويطالع بأن المرسوم ورد بكذا وكذا ويعود الجواب بما يعتمد في ذلك.
فصل

حقوق الأمراء والبحرية والحلقة المنصورة والجند وجهاتهم
يستخلص أموالهم ووكلاءهم، ويوجد الشهادات بما عليهم من غلة ودراهم، وغير ذلك،
ولا يحوج الوكلاء إلى شكوى منهم تتصل بمن هو في البيكار، ويحسم هذه المادة، ويسد
أبواب المماطلة عنهم.
فصل
يتقدم إلى الولاة والنظار والمستخدمين بعمل أوراق بما يتحصل للمقطعين الأصلية في كل بلد، ولمقطع الجهة، ولمن أفرد له طين بجهة، ولمن جهته على الرسوم: ليعلم حال المقطعين في
هذه السنة الجيشية الجهاتية وما تحصل لكل منهم، ولا يحصل من أحد من الولاة مكاشرة ولا إهمال، ولا يطمع في الوكلاء لأجل غيبة الأمراء والمقطعين في البيكار، ولا يحوج أحد من المقطعين إلى شكوى بسبب متأخر ولا ظليمة ولا إجحاف.
فصل
إذا خرج جاندار من مصر إلى الأعمال لا يعطى في العمل أكثر من درهمين نقرة، ويوصل الحق الذي جاء فيه لمستحقه؛ فإن حصل منه قال وقيل أو حيف أو تعنت يرسم عليه، ويسير الحق مع صاحبه معه، ويطالع بأن فلاناً الجاندار حضر وجرى منه كذا وكذا،
ويشرح الصورة ليحسم المواد بذلك.
فصل
إذا سير أحد من الولاة رسولاً بسبب خلاص حق من بعض قرى أعماله فيكون ما يعطى الجاندار عن مسافة سفر يوم نصف نقرة، وعن يومين درهم واحد لا غير؛ وأي جاندار تعدى وأخذ غير ذلك يؤدب ويصرف من تلك الولاية.
فصل
تكتب الحجج على كل وكيل يقبض لمخدومه شيئاً من مغله أو جهته: من الديوان أو الفلاحين، ولا يسلم له شيء إلا بشهادة بحجج مكتتبة عليه، تخلد منها حجة الديوان المعمور بما قبضه من جهته أو إقطاعه، وتبقى الحجج حاصلة حتى إذا شكا أحد إلينا وسيرنا عرفناهم بمن يشكو من تأخر حقه، يطالعوننا بأمر وكيله وما قبض من حقه، وتسير الشهادة عليه طي مطالعته، "ويحترز من الشهادات" بما وصل لكل مقطع، حتى إنا نعلم من
مضمون الحجج والشهادات متحصل المقطعين من البلاد والجهات مفصلاً وجملة ما حصل لكل منهم: من عين وغلة وما تأخر لكل منهم، ويعمل بذلك صورة أمور البلاد والمقطعين وأحوالهم، ويزيل شكوى من تجب إزالة شكواه، وتعلم أحوالهم على الجلية.
فصل
تقرأ هذه التذاكر على المنابر فصلاً فصلاً، ليسمعها القريب والبعيد، ويبلغها الحاضر والغائب، ويعمل بمضمونها كل أحد؛ ومن خرج عنها أو عمل بخلافها فهو أخبر بما يلقاه من سطوتنا وشدة بأسنا؛ والسلام.

*زهير
30 - أبريل - 2010
عمرة قطب الدين ابن المكرم عن الناصر ابن قلاوون    كن أول من يقيّم
 
يلاحظ في هذه الوثيقة أن أبا بكر ابن محمد الأنصاري الخزرجي هو قطب الدين ابن المكرم (نجل صاحب لسان العرب) وقد أورد القلقشندي هذه العمرة تحت عنونا (في العمرات التي تكتب للحاج) قال:
وهذه نسخة عمرة اعتمرها أبو بكر بن محمد الأنصاري الخزرجي ، عند مجاورته بمكة
المشرفة في ستة سبع، وسنة ثمان، وسنة تسع، وسنة عشر وسبعمائة، للسلطان الملك
الناصر "محمد بن قلاوون"؛ وهي:
الحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا، وأمن من فيه بالقائم بأمر الله ومن هو
للإسلام والمسلمين خير ناصر، وجعله ببكة مباركاً، ووضع الإصر بمن كثرت منه ومن سلفه الكريم على الطائفين والعاكفين الأواصر، وعقد لواء الملك بخير ملك وهو واحد في الجود ألف في الوغى: ففي حالتيه تعقد عليه الخناصر، وأطاب المقام في حرم الله تعالى وحرم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن يستحق السلطنة بذاته الشريفة وشرف العناصر، وسهل الطريق، إلى حج بيته العتيق، من المشارق والمغارب في دولة من أجمعت على محبته وورث الملك كابراً عن كابر، وأنطق الألسنة بالدعاء له من كل وافد إلى بيته الحرام على اختلاف لغاتهم واهتزت لوصف مناقبه المنابر.
أحمده على ما بلغ من جزيل إنعامه، وأشكره شكراً استزيد به من فضله ونواله وإكرامه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد ه لا شريك له نعم الذخيرة لصاحبها يوم لقائه وعند قيامه، وأقولها خالصاً مخلصاً ويا فوز من كانت آخر كلامه، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله أشرف مبعوث إلى الحق دعي فجاء بأشرف ملة، فقال صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان تعدل حجة"
صلى الله عليه وعلى جميع آله وأصحابه خصوصاً على خليفته في أمته
المخصوص بالسبق والمؤازرة والتصديق، مولانا أبي بكر الصديق، وعلى مظهر الأذان ومصدق الخطاب، مولانا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلى من جمع على الأمة آيات القرآن، مولانا أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعلي ابن عمه، وارث علمه، الجامع لجميع المآثر والمناقب، مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلى بقية الأنصار والمهاجرة، سادت الدنيا وملوك الآخرة، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد، فإن الله تعالى مالك الملك يؤتيه من يشاء من عباده، والخير بيده يفيضه على خلقه في أرضه وبلاده؛ فإذا أراد الله تعالى بعباده خيراً نصر ناصرهم ورفع عنهم الغلا، ودفع عنهم العدا، وولى عليهم خيارهم، فيقيمه من خير أمة أخرجت للناس، ليذهب عنهم الضرر ويزيل عنهم الباس، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينصف المظلوم من الظالم ويقيم منار الشرع المطهر.
ولما كان مولانا السلطان الأعظم، والشاهنشاه المعظم، الملك الناصر - خلد الله سلطانه
- قد جمع في المحتد بين طارف وتالد، وورث الملك عن أشرف أخ وأعظم والد، وقامت على استحقاقه للسلطنة الدلائل، وألفه سرير الملك وعرف فيه من والده ومن أخيه - رحمهما الله تعالى - الشمائل؛ فهو المالك الذي لم يزل الملك به آهلاً ولم يزل له أهلاً، والسيد الذي لبس حلة الفخار فلم نجد له في السؤدد والفخار مثلاً، والملك الذي ما بدا لرائية إلا قيل: بحر طمى أو بدر تجلى، والمؤيد الذي خصه الله تعالى بعلو شأنه وارتقائه، ولم يرض مراقد الفراقد لعليائه، والكريم الذي ساد الأوائل والأواخر، وأضفيت عليه حلل المفاخر، والمنصور الذي أعطي على الأعداء قوة ونصراً، والناصر الذي اتسع مجال نصره فأخذ الكفار حصراً، وحكمت السيوف والقواضب فوضعت عن الأولياء إصراً، قد خصه الله تعالى بالعز والنصر كرة بعد كرة، وفضله على سائر ملوك الإسلام بالحج وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم مرة بعد مرة، ومرة أخرى إن شاء الله تعالى ومرة ومرة!!! كم سلك سنن والده وأخيه - رحمهما الله تعالى - بالغزاة فكان له كل مشهد مذكور، وعرف تقدمه وإقدامه فكان أعظم ناصر وأشرف منصور؛ يحمده الله تعالى والناس عن جميل ذبه عن الإسلام وحميد فعله، واستقل الجزيل فينيل الجميل لمن أم أبوابه الشريفة فلا يستكثرهذا من مثله؛ ما حملت راياته الشريفة كتيبة إلا نصرت، ولا وقف بوجهه الكريم في دفع طائفة الكفر إلا كسرت، ولا جهز عساكره المنصورة إلى قلعة إلا نزل أهلها من صياصيهم، ولا حاصروا ثغراً للكفار إلا أخذوا بنواصيهم،، ولا سير سرية لمواجهة محارب إلا ذل
على رغمه، ولا نطق لسان الحمد للمجاهد أو سار الشاهد إلا وقف الحمد على قوله
واسمه، فاختاره الله تعالى على علم على العالمين، واجتباه للذب عن الإسلام والمسلمين، وجعله لسلطانه وارثاً، وفي الملك ماكثاً، وللقمرين ثالثاً، و لأموره سداداً، ولثغور بلاد الإسلام سداداً، وفوض إليه القيام بمصالح الإسلام، والنظر في مصالح الخاص والعام، وعدق به أمور الممالك والأملاك، وأطلع بسعادته أيمن البروج في أثبت الأفلاك وحمى الإسلام والمسلمين من كل جانب شرقاً وغرباً، وملأ بمهابته البلاد والعباد رعباً وحباً، وبسط في البسيطة حكمه وعدله، ونشر على الخلائق حلمه وفضله، وفرض طاعته على جميع الأمم، وجعله سيداً لملوك العرب والعجم، وأمن بمهابته كل حاضر وباد، ونوم سكان الحرمين الشريفين من كنفه في أوطإ مهاد ، وسكن خواطر المجاورين من جميع المخاوف، وصان بالمقام في مكة الطائف والعاكف؛ قد حسن مع الله تعالى سيرة وسيراً، ودلت أيامه الشريفة أنه خير ملك أراد الله تعالى برعيته خيراً، وراعى الله فيما رعى، وسعى في مصالح الإسلام عالماً أن ليس للإنسان إلا ما سعى.
قد ملأ أعين الرعايا بالطمأنينة والهجوع، وأمنهم في أيامه الشريفة بالرخاء من الخوف والجوع، وجمع لهم بين سعادة الدنيا والأخرى، وسهل لهم الدخول إلى بيته الحرام براً وبحراً، وفتح الله تعالى على يديه - خلد الله تعالى سلطانه - جميع الأمصار، وملأ من مهابته جميع الأقطار:
فسارت مسير الشمس في كل بلدة         وهبت هبوب الريح في القرب والبعد
فوجب على العالمين أن يدعوا لدولته الشريفة المباركة بطول البقاء، و"دوام" العلو
والارتقاء، ووجب على كل من الواصلين إلى بيته الحرام وحضرة قدسه، أن يبتهل بالدعاء له قبل أن يدعو لنفسه، فكيف من هو مملوكه وابن مملوكه ووارث عبوديته، ومن لم يزل هو ووالده وإخوته في صدقات والده الشهيد - رحمه الله تعالى - وعميم نعمته، العبد الفقيرإلى الله تعالى أبو بكر بن محمد بن المكرم الأنصاري الخزرجي، فإنه لم يزل مدة أيامه مبتهلاً بصالح دعواته، متوسلاً إلى الله تعالى بدوام نصره وطول حياته، طائفاً عند مقامه الشريف حول بيته الحرام، والمشاعر العظام.
وأحب أن يتحفه بأشرف العبادة فلم يجد أجل مقداراً ولا أعظم أجراً، من عمرة يعتمرها عنه ويهدي ثوابها لصحائفه الشريفة ويزيد بذلك فخراً، فقام عنه بعمرتين شريفتين اعتمرهما عنه في رمضان، مكملتين بإحرامهما وتلبيتهما، وطوافهما وسعيهما، يتقرب بذلك إلى أبوابه الشريفة، ويسأل الله تعالى ويسأل صدقاته الشريفة أن ينعم عليه بنصف معلوم صدقة عليه، وبنصفه لأولاده: ليقضي بقية عمره في الثلاثة المساجد، ويخصه بجزيل الدعاء من كل راكع وساجد، وأن يكون ذلك مستمراً عليه مدة حياته، وعلى ذريته ونسله وعقبه بعد وفاته، لتشمل صدقات مولانا السلطان - خلد الله تعالى ملكه - الأحياء والأموات، ويطيب لغلمانه في أيامه الشريفة الممات؛ جعل الله تعالى مولانا السلطان وارث الأعمار، وأجرى بدوام أيامه الشريفة المقدار وجعل كلمة الملك باقية في عقبه، وبلغه من النصروالظفر والأجر غاية أربه، وجعل أيامه كلها مسار وبشائر، ودولته تسر النواظر، وسعادته ليس لها آخر، ويهنئه بما قد أتمه الله له من ملك والده الشهيد رحمه الله تعالى:
أهـنـيك بالملك يا خير iiمن أجـار  الـبرايا ومن iiمارها
ومن ليس للأرض ملك iiسواه تـميل  له الخلق iiأبصارها!
وأنـت  الذي تملك iiالخافقين وإعــصـارهـا
وتـمـلـك  سيب iiتكفورها وتـركب  بالجيش iiأوعارها
وتحكم في المرء حكم الملوك وتـنشد في التخت iiأشعارها
وتـفـتـح بغداد دار السلام وتـنـفـي  بملكك iiأكدارها
وتـأخـذ بالعسكر الناصري قـصـور  الخلافة iiأوتارها
ويـأمـن  في ذلك iiالعالمون وتـحـمي الأسود iiوأوكارها
وتـبـقى  إلى أن تعم البلاد بـنـعـمـى تتابع iiإدرارها
ويـبـلغ ملكك أقصى iiالبلاد وتـجـري العباد iiوأوطارها
ويـنـظم سيرتك iiالناظمون وتـعـيي  مغازيك iiسمارها
"والله يبقيه" بعدها دائماً ناصر الدنيا والإسلام والمسلمين، كما سماه والده ناصر الدنيا
والدين، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
*زهير
30 - أبريل - 2010
شيخي    كن أول من يقيّم
 
شيخي زهير، لا فض فوك في مداخلاتك بهذا الملف، فقد زاد نضجًا، وسمق علمًا.
فقد أحييت الملف، بعد أن تعرض للمداخلات الخارجة عن مضمونه! وأحييتني لنشر بقية تعاليقي فيه!
  وأخبرك بأنني أثناء بحثي عن ابن المكرم في الموسوعة الشاملة قد وقفت على تذكرة اللبيب ونزهة الأديب هذه في صبح الأعشى في أكثر من مكان، ووقفت مندهشًا مثلك من عدم إشارة المترجمين والمؤرخين إليها في آثار ابن منظور، وذلك لعله راجع إلى كون هذه التذكرة خاصة بديوان الإنشاء، لم يطلع عليها غير العاملين به! ويبدو من اسمها أنها رسالة أو كتيب .
ولي عدة أسئلة أوجهها إلي شخصكم الباحث:
هل يمكن أن توثق أشعار والد ابن منظور المقتبسة من كتاب سرور النفس؛ لأنه ليس أمامي هذا الكتاب الآن للأسف!
أشار القدماء إلى شاعرية أخيه الحسن! فأين شعره؟ قرأت أنه بكتاب سرور النفس أيضًا!  
ألا تعد مقدمة ابن منظور للسانه أجمل نص نثري له؟!
مع الشكر والتقدير
*صبري أبوحسين
2 - مايو - 2010
 4  5  6  7