منصور
يا جلجامش الفن
منذ أربعينات القرن الفائت.. ونحن في العالم العربي نمتلئ بسحر الرحابنة. موسيقى وشعراً وجمالاً واشراقات ملتهبة. فبهم ازدادت الحواس تألقاً بالألحان ومعهم طارت الأرواح الى الفضاءات البعيدة مع خيوط الحرير الهاربة من حنجرة فيروز الاستثنائية.
هل أسس عاصي ومنصور وفيروز مدرسة تختص بفتنة الصوت؟
هل استخلصوا آلام الكائنات وأفراحهم وآمالهم وغرامهم فكانوا نقطة أولى على سطر الموسيقى الحديثة؟
هل كان نجاحهم، بأنهم قد أسسوا للغناء العربي قواعد في الداخل الإنساني. أشبعوا التربة بثمر الفن، ليكونوا غابة رومانسية تحط فيها ركاب كل الطيور الهاربة من المواجع.وكل الحواس الملتهبة بالعاشقين وأسرارهم.
كان عاصي الفذ.
وكان منصور المختبر.
وكانت فيروز النبع.
نكتب ذلك اليوم ونحن نودع النصف الثاني من الأخوين. كان عاصي قد مضي قبل سنوات،تاركاً نصفه على الأرض.
واليوم يلتحق منصور ليكتمل مع نصفه المُغيب، ليعود الاثنان أخوين مرة أخرى في برزخ الخلود.
كان منصور شاعراً ورائداً للأغنية العربية وللمسرح الغنائي
تاريخه تاريخ لا يمكن اختزاله في كتاب.
فمنصور الذي أفعم الناس بمختلف مجتمعاتها بنتاجه ثم مضى كنسمة رقيقة
كان يستنهض فينا النائم الغافي متنزها في ممرات أرواحنا نجمع من تغاريده ألوان القزح
كان يمدنا بحواس مشحوذة نصغي بها إلى ما يسكننا من طوفان
مخترعا لنا ممالك خارج هذه الأرض لا تزول. تاركا لنا أرق ما في الفن والحب والجمال
لقد سعى الأخوين رحباني - في الواقع - على أن لا تبقى الأغنية العربية هدفاً سهلاً لسهام طائشة لا وراء ولا أمام. أو كطيور غريبة قادمة من أرض منعزلة. فكانت الأغنية الهاربة من السجن إلى عالم لا يعرف الطمأنينة ولا الحياد الثلجي، عالم يستوعب قلق الشعراء وحلم الفقراء عالم يؤسس لحب الإنسان للإنسان.
لقد أغرقنا اللحن الرحباني في الواقع بنشوات حميمية عارمة، حتى أننا كنا نمتصه صباحا كما الرحيق.
لحن ملائكي يشفعنا بفائض من سحر عوالمهم فإذا بالعالم ضيعة لأغانيهم وإذا بالأغاني ورودا يحملها المتلقون في صدورهم.
اليوم منصور الفنان الإنسان الرائد...
ومع استمرار الدمار في غزة فلسطين التي بكاها منصور مراراً، مغنياً لأجراس القدس زهرة المدائن،معلناً عدم موت صوت أجراس العودة.. يرحل هذا العملاقُ من شدة الألم وكأنه لم يحتمل فصول هذه المحرقة، لأن جسده فائض بالجماليات والسحر والفتنة الذي يرفض هذا الموت وهذا الدمار المرعب.فهو لا يريد أن يرى الذبائح تنتشرُ تحت ضباب قنابل الفسفور الأبيض في أشرس مجزرة أو محرقة هذا العصر.
منصور الرحباني الفنان الكثير. الموسوعي. المتميز. الطافح برؤى موسيقية فنية عصرية بصياغة فكرية نبيلة مستمد من الواقع الاجتماعي تارة والواقع التاريخي تارة أخرى، قدم لنا عبر مسيرته الفنية الطويلة ألحانا خفيفة الظل ترقى إلى مستوى دوره الريادي وملكته التأليفية وقدرته على خلق المتعة الموسيقة الخالصة التي تنهض بذائقة السامع وتحفز أحاسيسه، مثيرة أشجانه وشجونه مرممة هزائمه مستحضرة انتصاراته عبر أساليب لحنية عصرية متعددة، حيث كل أغنية أو مسرحيه غنائية أنجزها، كانت تفتح مدار توقها لخطف المتلقي من وثنية أيامه ووظيفية لحظاته محفزة بسحرها الغافل من المشاعر مبشرة بشروق الشمس.
فمنصور الرحباني الذي أفرد لفنه مكانا داخل اللحن وداخل الكلمة والمسرح الغنائي على حد سواء بالتضافر مع أخيه الفنان عاصي الرحباني هذا الثنائي الخلاق المكتمل برافد عظيم هو صوت السيدة فيروز
فيروز التي لم تكن ذلك البرج الذي يغص بالتناغم الصوتي واللحني فحسب وإنما كانت قاموسا من حرير أبيض وأحمر وأزرق يعيد للروح هيبتها وينفض عن النفس تعب الأيام ويوقد للإنسان شموع البهجة سواء من خلال الانتظار في المفارق والمحطات أو عبر ترك القلب طفلا لاهيا على دروب الثلج او دروب النحل أو درب القمر.
فمع هذا الثالوث الخلاق أنجز أعمالاً غنائية ومسرحية وموسيقية غاية بالرقة والتكامل والبساطة من خلال المختبر الرحابني المميز خصائص وأساليب.
حشد من الذكريات يتدفق في ذاكرتي الآن وأنا استرجع كيفيه تشرفي بمعرفة الأخوين رحباني وكيف تسنى لي الالتقاء بهما وللمرة الأولى وعن كثب هنا..
استعيد أول لقاء لي بهذا الفنان العملاق في منزل الأديب المحامي الشهير الشاعر نجاة قصاب حسن الذي كان صديق عائلة الرحابنة الواقع في دمشق الصالحية فوق مطعم القنديل الشهير باللاتيرنا مطعم ومقهى الكتاب والمثقفين العرب في دمشق.
سأدرج للقاريء بعض ما دار في حوارين اثنين كنت قد أجريتهما مع الفنان منصور الرحباني.
هنا مختارات من الحوار مع الفنان الكبير منصور حينما كنت أعمل في الصحافة السورية. نشر الأول في جريدة تشرين.ونشر الآخر في مجلة هنا دمشق مجلة الإذاعة والتلفزيون:
س - ما أن يحظى مطرب بشهرة ما حتى يباشر التلحين فمتى يستطيع الفنان أن يلحن؟
وهل من المحتم على الملحن أن يجيد العزف على آلة موسيقية.؟
أم باستطاعته أن يستعيض عنها بالممارسة النظرية العميقة؟
ج - إن التلحين بالواقع لا قاعدة له ليس بالتلحين مدرسة عمارة موسيقية
ففي اللحظة التي يحس الفنان انه قادر على الخلق والإبداع فليحاول
فالمحاولة دائما هي البداية فالميلو ديت لا قاعدة له.
س - هل يوحي لك الحزن بلحن حزين؟
ج - العطاء عندي هو ابن الهدوء الداخلي الذي يكفل للمؤلف وضوح الصورة فالانفعال يشوه صفاء الرؤية ومع هذا فالتلحين والخلق لا قياس لهما.
لحظة الخلق هي أجمل اللحظات تبث السعادة في النفس فالسعادة تنتابنا ونحن نبدع العمل وحين ينتهي ويأخذ طريقه لمواجهة الناس يبهت الفرح الذي أحاطه
س - لمن تكتب أستاذ منصور. وأي القصائد هي الأجمل؟
ج - الفنان بالواقع يعيش غبطة الأشياء إلى أن يجسدها على الورق فالقصيدة التي تكذب هي الأجمل وأجمل الشعر. الشعر الذي لا يثبت فما يثبت منه هو الأضعف وإن هذا ليذكرنا بقول نزار قباني
كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال
س - يقولون ليست السعادة أن نتوهمها فهل أنت سعيد في حياتك؟
ج - لم أرفع رأسي لأفكر حتى الآن بهذا
س - هناك قصة تقول: إن مواطناً منغولياً كان يطرب لسماع صوت الانفجارات المتقطعة المنبعثة من المحركات فلربما لأن أذنه قد تكيفت تكيفا ممتازا فما رأي منصور الرحباني بعملية التكيف وما تأثيرها على الحس الموسيقي المرهف؟
ج - هذا صحيح يمكن أن يطرب ذواق موسيقي لسماع انفجارات وغيره
لقد كنت في طفولتي أطرب وأنام لدى سماع هدير البحر
واستفيق بسعادة على صوت بابور الكاز لان أمي كانت تستيقظ لتصنع القهوة لوالدي
كنت اطرب لصوت هدير البابور وما زال يسعدني ان أستفيق على صوت قطرات المطر الساقطة على سقف التوتياء في الشتاء هذه الأمور التي ترافق الإنسان الى أن تدخل معه في عالم الألفة وترتبط بذكرياته وتنخرط ضمن حالاته النفسية فإن الاستمرار يجعلها محببة وربما بدت لسواه مزعجة
س - قال الموسيقار عبد الوهاب (تبلغ موسيقانا الدرجة التي نطمح لها عندما نستطيع ان نعزف الأغنية دون كلمات دون ان تفقد شيئا من قيمتها الجمالية)
هذا يذكرنا يمقولة صاحب نظرية الأدب إن أرفع الشعر لا يميل إلى التلحين وان الموسيقا العظيمة لا تحتاج إلى الكلمات فما رايك؟
ج - إن الموسيقا التي يقال بانها ليست بحاجة الى كلمات هي الموسيقى السيميائية وهي ذروة الموسيقا ولكن باستطاعة اللحن ان يتضافر مع الكلمة ويبلغ القمة مثل الأوبرا مثلا
بالواقع أنا ضد التحديدات فالتحديد يقيد الجمال لان الجمال هو الهارب الأبدي.
س - هناك من قال بأننا نفتقد إلى الحدوثة في الأغنية مار أيك؟
ج - مبارح التقينا وقعدنا على حجر
وبرد وحوالينا عريانة الشجر
مزقنا الصور و امحينا القمر
ورديت له مكاتيبه
وردلي مكاتيبي
س - قال بيتهوفن بإحدى رسائله (لو تمكنت من أن اعبّر للطبيب عن ألمي كما اعبر عنه بالموسيقا لشفيت من جميع الأمراض).
فما رأيك بالتعبير بالموسيقا.؟
ج - نحاول بالواقع أن نعبر بالموسيقا واللحن عن شيء ما ونجهد بان يصل للآخرين.
وبتهوفن ربما استطاع ان يجسد ألمه بهذه الدقة فالموسيقا عالم تجريدي وعندما ينحدر يصبح وصفيا ولا سيما أن أنقى الموسيقا هي الموسيقا الكلاسيكية ثم الموسيقا الرومانتيكية من ثم الوصفية
س - أستاذ منصور بم تفكر الآن
ج - أفكر....! بالكسل الكسل
قالها بصوت هاديء وبنبرته المتميزة الخاصة وقد انبرى يفسر لي ذلك استجابة لسؤال ارتسم بعيني نعم الكسل هو الأهم انه حالة الدخول بالذات. والاستغراق في عوالمها الخاصة والشاسعة حيث التأمل. التأمل يخلق الإبداع.
س - يقال إنكم تحجمّون أدوار البطولة عن المطربين. قال المطرب وديع صافي لجريدة تشرين الأخوة رحباني يحترماني ولكنهما يخافا مني.
فما رأيك بقوله هذا؟؟
ج - وديع الصافي أخونا وهو دائما محل احترام وشهرته ليست ملك أيدينا إنها عطاء الجمهور وحده نحن لا نقف في وجه من يود الانفصال عنا
لتحقيق ذاته الفنية ووديع لم نغمطه حقه أبدا لقد كانت ادوار البطولة الرجالية دائما من نصيبه
س - هل وصلتم الى ما تصبو إليه أنفسكم؟
هل حققتم مطامحكم الفنية؟
ج - الكمال لا يصل إليه إنسان
لكن يمكن لي من متابعة مسيرة الأخوين رحباني الطويلة والشاقة ان أقول نعم نعم نحن في عصر الموسيقا العربية الراقية.
2
أما الحوار الثاني الذي كنت قد أجريته مع الفنان منصور الرحباني.. فقد نشر في مجلة الإذاعة والتلفزيون في دمشق.
ومنه نختار الأسئلة والإجابات التالية:
س - في الزمن الرحباني هناك تحولات وانعطافات تركت بصماتها على صعيدي الكلمة واللحن فما هذه التطورات الجديدة الطارئة على مدرستكم
ج - نحن لا نسمي النوع الرحباني مدرسة نحن نعتبره أسلوبنا الشخصي
ثم أن التطور الجديد الذي تتكلمين عنه لا يأتي قصدا نحن لانضع له خطة يجري تنفيذها على مراحل هذا الجديد إنما يتبع تحولات الإنسان المتطور دائما والمسافر في هذا الوجود.
س - أخذ الرحابنة من الموروث روعته البسيطة وأخذوا من الطبيعة لب جمالها وكان النتاج أغنيات على مد المخيلة وهنا نريد إيضاحا حول علاقة الأخوين رحباني بالموسيقا الغربية مالها وماعليها؟
ج - لو استطاعت فاديا أن تجيبيني على سؤالي ما هي علاقة المثقف العربي بالثقافة الغربية أجيبك أنا واستطرد قائلا إن كل ما في الأمر أن عصرنا الحاضر هو عصر ينفتح على ثقافات الدنيا فالطالب لا يصل إلى الثانوية إلا بعد أن يصل إلى الفلسفة اليونانية والثقافة الرومانية ويقرأ وشوبنهور وشكسبير و شعر رامبو وبودلير وفلسفة كانت ووو... حتى يصل إلى مرتبة عالية من الثقافة بعد أن يختصر في مخزونه حضارات عدة بعدها يأتي عطاؤه الشخصي لذلك لا يمكننا القول أن مثقفي العالم العربي هم غربيون لقد أصبح الآن في العالم ثقافة يضطلع عليها الجميع ومن هذا القبيل كانت دراستنا للموسيقا الغربية.
لقد أخذنا عنهم علم الهرموني والكونتربوار والفيج وزاوجنا ذلك مع موسيقانا الشرقية فنتج ما يجب ان يكون وهو موسيقا شرقية تتمتع بخصائص عالمية والمهم عندي أن ينتدب الفنان نفسه لعطاء فني متميز وأن يزيد على حضارته مدماكا فالحضارة يبنيها الجميع.
س - الرحابنة وفيروز طرفا معادلة هكذا يردد الناس لا يمكن لأي طرف منهما أن يعيش بمعزل عن الآخر فإلى أي مدى أصبحت علاقة فيروز بالعائلة كثراث موسيقي وكقيمة جمالية للغناء؟
ج - هذه المعادلة في نظر المحبين لنا صحيحة نوعا ما إنما في حقيقة الأمر يستطيع كل إنسان أن يقوم بأعمال منفردة ناجحة فالسيدة فيروز قامت برحلات منفردة موفقة إلى امريكا وأوستراليا والهند كذلك نحن قمنا برحلات وأعمال منفردة ناجحة فلكل منا حضوره وخصائصه ثم أن التأليف لاعلاقة له بتادية اللحن غنائيا إنما يبقى حضور الشخص المؤدي وملكته والكاريزما الخاصة به. ترى هل تستطيع أن توصل الفنان إلى المسافة الثالثة التي هي المستمع؟ وهنا تكمن قوة وعظمة السيدة فيروز حيث لا ينبغي أن ننسى حضورها البهي وفرادة صوتها.
س - ألا توجد فيروز جديدة في عالم الرحابنة الحالي؟؟
ج - لا يوجد إلا فيروز واحدة ولا ينبغي أن يكون وهذا لا يعني أن نقطع الطريق على الآخرين فالمواهب تتوالد... والحياة تفاجئ الناس والمثل الصيني يقول دعوا كل الأزاهير تتفتح.
س - حول الرحابنة الموسيقى إلى روح تتحدث في جسد الأغنية العربية فإلى أي مدى استطاعت هذه المسألة أن تكون حقيقية..؟
ج - نحن كتبنا ما نشعر به استمدينا موسيقانا وصورنا من آلام الناس وأفراحهم بوعي ودون وعي بقصد أو دون قصد هذا ما حدث فإن تجاوب شعبنا مع موسيقانا نكون قد نجحنا وإلا كنا غرباء في محيطنا.
س - ثمة اعتقاد يقول أن مسرح الرحابنة قد واجه في السنوات الأخيرة اختناقات صعبة ما مرد ذلك؟
ج - كل مسرح بل كل ما في لبنان قد واجه اختناقات قاتلة بسبب الحالة الأمنية المتردية والتي لا تسمح بالواقع بقيام عمل فني
واسمحي لي أن أتحدث بقضية خضوع العمل الفني لرأس المال. فالمسرحية حتى تقف على الخشبة وتصل إلى ليلة الافتتاح يلزمها موسيقا ملابس تسجيل وتمارين ومعدات قد تصل مصاريفها مئات الألوف من الليرات وهذا بالطبع يضعه المنتج فالفن المسرحي والمسرح الغنائي مرتبطان إلى حد كبير بالإنتاج وهذا ما يواجهه كل المسرح اللبناني في الفترة الأخيرة.
س - ما دورا لكلمة بل ما دور الشعر في نجاح الأغنية؟
ج - تبقى الكلمة العنصر الأهم حتى في الغناء الغربي لهذا وجب علينا ان نعرف كيف نختار شعر الأغنية ثم أنني لا افرق بين الزجل والشعر فانا لا أسمي على سبيل المثال شعر ميشيل طراد وطلال حيدر وغيرهما زجلا إنه شعر حقيقي باللغة المحكية وهنا لا فرق لدي بين الشعر الفصيح وغيره المهم وجود الكهربة الشعرية المهم الحضور الشعري
س - ما الذي يؤرق منصور الرحباني؟
ج - أعتقد ان القلق هو سمة هذا العصر فالسعادة قلقة اما الحزن فساكن ووجودنا الهارب تأملنا في التحولات في الليل والنهار بين الظل والشمس جميعها تودي بنا إلى سؤال واحد هو إلى اين؟ وهذا هو القلق الأقوى.
س - ماهو دور الحب في نتاج منصور رحباني؟
ج - أنا أحب الحب ولكن المحبة أمدى... وأبقى فهي لا تحدد بحب رجل لامرأة بل هي محبة لكل الإنسانية.
نعم نعم لقد أخذنا الفن الرحباني شعرا وتلحينا عكس الزوال عكس المعادن والخراب إلى جبل صنين تارة والى درب القمر تارة أخرى إلى بساتين السعادة إلى زهرة المدائن القدس شاحذا سمعنا إلى سحر هذا الفن الذي يجوهر الدم بالعشق والصبا والجمال موقفنا على درجاته تدفقا دائما وولها وحيرة و عشقا في رحلة عذبة تاركا شغفنا ينمو على طريق الحياة.
إنه الفن الذي مضى بنا على جسر اللوزية تارة وعلى طريق البوسطة تارة أخرى
حيث أضاف الأخوين رحباني من كنوز فنهما للصوت الفيروزي الدربة الواعية ومنحاه عبر اللحن العذب والكلمة الساحرة التدفق والحيوية والانتعاش مكتشفين تلك القوة القادرة فيه على اللعب بأمزجتنا محدثة انقلابات عاطفية تمضي بنا عبر لذائد الحب الأول وعذاباته ونشوته المطرزة على قماش الحلم الذي يمطرنا حبا وشغفا أمام المرايا التي يملؤها النبع والطاحون والقمر وذهب تشرين.
اليوم..
يرحل منصور صوب ضفاف الغيم ليستريح،بعدما ترك في عهد الأحفاد من سلالة الرحابنة صولجان هذا الفن السحري الخلاق.
كم كنت مدهشاً ورائعاً يا سيد الكلمات والألحان. ووداعاً حيث لن تنقطع الطبيعة والبشر عن إنشاد ما أسست في الأرواح من فتنة وما أعطيت لتربة الأرض من عطر الفن الصافي.
فاديا الخشن / شاعرة من لبنان تقيم في الدنمرك -