يوميات تستحق منا الاهتمام كن أول من يقيّم
التحيات الطيبات للأخت الفاضلة ، أستاذتنا ضياء خانم ، وإلى أساتذتنا وشيوخنا : زهير ظاظا، أحمد عزو، د.يحيى مصري الحلبي ، وإلى جميع سراة الوراق ومرتاديه؛ معتذرا للجميع عن تقصيري غير المتعمد في زيارة الوراق وسراته، الذين أكن لهم كل محبة وتقدير وعرفان بجميل ما يتفضلون به علينا من فوائد جليلة؛ وآملا عودا قريبا بإذن الله. وأشكر أستاذنا الجليل الغالي، زهير ظاظا، على نشره هذه اليوميات النادرة مع تعليقه على بعضها بالألوان أو بالكتابة، والتي تطلع السيدات والسادة،الذين يرتادون موقع الوراق، على نواح عدة لهذه الشخصية المقدسية الفذة، التي اشتهرت أكثر ما اشتهرت ، حتى بين غالب الفلسطينيين الذين يعرفونها، بأنها شخصية تربوية تعليمية وحسب، من خلال كتابها " الجديد في اللغة العربية " ، وبأنها ذات فضل كبير على أجيال عدة من طلاب المدارس في فلسطبين وفي غيرها . هذا ، ولما كانت أستاذتنا الكبيرة ضياء خانم قد لخصت بكلماتها المضيئة النيرة حياة المرحوم خليل السكاكيني الفكرية، ووضحت ما تنم عنه مذكراته اليومية من نواحي شخصيته ؛ فإنها لم تدع لنا ما نقوله سوى كلمات لا تخرج عن نطاق ما تفضلت به على أية حال .فرحم الله والدها ورحم كل غيور على دين الله، وعلى وطنه وأمته وإنسانيته. إن كل يومية من هذه اليوميات تقريبا يمكن أن تدفع مطالعها للتعليق عليها واستجلاء شخصية كاتبها ومسيرة حياته ، التي يمكن أن نفيد منها الكثير. ويتبين لي من بعض اليوميات المذكورة أن السكاكيني كان يكره الحروب إلا إذا كانت لضرورة قصوى ، وحق له ذلك. وكان يحترم المرأة احتراما فائقا في زمن كانت المرأة فيه إذا ذكرت في محضر من الرجال قال ذاكرها للحضور : " أجلــّكم الله".. وما أجمل قوله مثلا: حضر فلان وسيدته... وذهبت أنا وسيدتي... وكان السكاكيني كما بدا من يومياته رجلا وطنيا حرا ، وذا وعي على سياسات الدول، وناقدا اجتماعيا متمكنا تعينه على ذلك نفس لا تطيق اعوجاجا، ولا ترى سبيلا أهدى من الصدق.. الصدق مع النفس ، والصدق مع المجتمع ، والصدق بالتالي مع الله عز وجل . ترى لو يبعث السكاكيني ليعش هذه الأيام العصيبة، وير ما يحل ببيت المقدس خاصة ، وبفلسطين والوطن العربي والإسلامي عامة، فماذا عساه يفعل؟! هل تكفيه دعوته للانقراض أم تكون له دعوة أخرى؟!لقد ذكرتني الدعوة للانقراض بصديق لي قديم (معلم في مدرسة ثانوية) قال لي مرة وقد أخذ منه التشاؤم واليأس كل مأخذ : "سوف يأتي يوم لا يبقى فيه من العروبة والعرب سوى بضعة أشخاص يضعهم الأجانب في قفص للفرجة عليهم ، ولمحاولة الحفاظ على هذا الجنس من الانقراض كما يحافظ على أجناس من المخلوقات توشك أن تنقرض.". تشاؤم مرعب ، ويأس قتال .. وما دفع ذلك المعلم إلى قوله الذي قال إلا ما يراه ويلمسه من سوء حال أمة كان الأحرى بها ، لو صدقت مع الله كالذين صدقوا معه، أن تظل على رأس الأمم جميعا في العزة والمجد والكرامة. إن ما يحل ببيت المقدس وفلسطين الآن من تهويد، وما حل ويحل بمقدساتها من تدمير على مر الاحتلال شديد، وهي التي بارك الله حولها بأن جعلها مثوى الأنبياء وأصحابهم، ومهوى الأصفياء وأتباعهم ، ثم جعلها مسرى عبده الأكرم، محمد صلى الله عليه وسلم، لحقيق بنا أن نأخذه بعين العبرة والاعتبار، فنعيد النظر في حالنا التي نحن فيها كيف كانت وكيف آلت إلى ما آلت إليه من ذلة وهوان! لقد كان خليل السكاكيني خادما مخلصا للغة العربية ، خدمها بعقله وبعاطفته وبسعة اطلاعه، وكان يرى في استعمال اللغة للتعبير عن الفكر والعاطفة سبيلا للحفاظ عليها ودافعا لتطورها ، ولا يرى في معرفة ألفاظها وقواعدها وحدهما سبيلا إلى ذلك ، وقد أصاب في رؤيته تلك دون شك . وإلى حضراتكم الرابط التالي، الذي يلقي ضوءا على ثقافة السكاكيني التربوية التعليمية: وأخيرا ، أكرر شكري لأستاذنا زهير على جهوده المباركة وعطائه الثر ، وأهنيء شيخي يحيى بذكرى يوم مولده ، وآمل أن تكون عقباه وعقبانا جميعنا عند الله حسنة إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |