البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : يوميات المرحوم خليل السكاكيني    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )
 زهير 
4 - مارس - 2010
تحية طيبة أصدقائي الأعزة.
قرأت في الأيام الماضية الكتاب السابع من يوميات المرحوم خليل السكاكيني، منشورات مؤسسة الدراسات المقدسية ويقع في (500) صفحة، وهو يغطي الأيام من 27/11/ 1939- وحتى 31/12/1941).
وموضوعه العام مناجاته زوجته (سلطانة) بعد وفاتها إثر مرض عضال يوم 3/10/ 1939م وقد خصها أيضا بكتاب مفرد نشره في ربيع عام (1940) وسماه (لذكراك) وسيتكرر ذكره في كثير من هذه اليوميات.
وكان قد اقترن بها يوم 13/1/ 1912م وأنجبت له ثلاثة اولاد، هم : (سرّي ودمية وهالة) واحترق قلبه على وفاة ولده "سري" فتوفي بعده بثلاثة أشهر يوم 13/ آب/ 1953 ومولده: ليلة الثلاثاء 10/1/ 1878م
 والكتاب جزء من موسوعة ضخمة صدر منها حتى الان سبعة مجلدات، يمكن التعرف على بعضها عن طريق هذا الرابط:http://www.jerusalemquarterly.org/publicationDetails.aspx?id=14
ولكني لا اجد الفرصة سانحة لقراءة وتلخيص كل هذه المجلدات حاليا، وربما أتفرغ لذلك في وقت لاحق، وأما خليل السكاكيني فواحد من اعلام العرب في العصر الحديث، وهو في المسيحية بمنزلة محمد رشيد رضا في الإسلام، وقد بدرت منه كلمات في ساعات هزله، تؤخذ عليه (بلا شك) ولكن من تصفح مجموع هذه اليوميات يرى أن الأجواء التي ندت فيها تلك الكلمات كانت أشباهها تتعالى كالأعاصير في كل صحيفة ومجلة ، أقول هذا كيلا يأتي من ينكر علي إكباري لهذه الشخصية الفذة، وينقل إلى هنا تجديفات السكاكيني ولعناته التي تنبأ بها في هذا الكتاب وفي كتابه " "ستلحقني اللعنات إلى القبر"
سنرى في هذه اليوميات مفكرا استثنائيا، واديبا نخبويا، وفيلسوفا حداثيا، وعاشقا مجنونا، وأبا حنونا، وإنسانا عصاميا، ومربيا مستقلا، ووطنيا من الطراز الرفيع، ومؤمنا بالله، يشكره عند كل نعمة، ويستعيذ به من الشر وأهله.
قد يقوم من يسخر مني فيقول: وهل في إيمان خليل السكاكيني من شك، وهو الذي أنفق شبابه في محاولة إقناع الكنيسة الأرثوذكسية بضرورة تعريب الصلاة في الكنيسة، فكان ذلك سبب ما وقع بينهما من العداء، وسوف نرى ذلك بكل تفاصيله في ثنايا هذه المختارات التي اخترتها من كتابه (موت سلطانة)
وقد تعرض في هذه اليوميات لمعظم الحوادث العالمية والوطنية، وتخللتها تراجم نادرة وأخبار طريفة، ونكات ومنتخبات، وكتب ومنشورات، ومراسلات اصدقاء من كبار رجالات العرب، منهم محمد علي الطاهر، وأكرم زعيتر وعجاج نويهض، ومنصور فهمي، وبندلي جوزي، ومعروف الرصافي ورستم حيدر، وحسن الكرمي وآخرين من يهود وإنكليز وفرنسيين وأتراك وصداقات طويلة ومتشعبة كانت حصيلة تنقلاته بين مسقط رأسه في القدس، وسجنه في دمشق وعمله في مصر وأمريكا وإنكلترا، وكان لما عاد من أمريكا عام 1919 قد عين مديرا لدار المعلمين في القدس لكنه استقال احتجاجا على تعيين "هربرت صموئيل" اليهودي الأصل ليشغل منصب المندوب السامي لبريطانيا في فلسطين. وانقطع للكتابة في الصحف ورعاية مدرسته التي افتتحها عام 1909م وجددها وطورها لاحقا عام 1925 ليصبح اسمها المدرسة الوطنية، ثم عام 1935 لتتحول إلى (كلية النهضة) وغني عن القول كتابه "الجديد" والذي كان مقررا في مدارس فلسطين والأردن حتى عام 1976 وكان أكبر مصدر رزق له حسب ما تقوله لنا هذه اليوميات.
وقد لحقه شؤم دعوته (تعالوا ننقرض) فانقرض نسله، بل الله ثراه وغفر لنا وله.
وأنوه أخيرا بأن كل ما يتعلق بالقدس في يوميات السكاكيني قد جمعت في كتاب مستقل من إعداد الدكتور أحمد حامد، في سياق فعاليات مؤتمر "حضور القدس في المشهد الأدبي الفلسطيني المعاصر"
 2  3  4  5  6 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الخلاف مع الكنيسة    كن أول من يقيّم
 
الأربعاء 1/1/ 1941
عندي مذكرت صغيرة لسنوات عديدة من سنة 1905 فصاعدا، وقد رأيت أن أعيد نسخها في يومياتي هذه، وسأبتدئ اليوم بنسخ مذكرات (1910/1911/1912)
السبت 1/1/ 1910
إني وإن كنت مثقلا بالدين، صفر اليدين لا أكاد أملك ما يسد رمقي، أشعر بقوة حيوية أستطيع معها أن اهزأ بالدنيا: صحتي جيدة، همتي عالية، أتلهب نشاطا، إن سفري إلى أمريكا وتشربي مذهب نيتشة الفيلسوف الألماني وغيره من الفلاسفة والصعوبات التي لقيتها، كل ذلك أحدث في انقلابا لم أعهده قبل سنة.
 
الجمعة 12/1/1912
انتظرنا الكهنة فلم يحضر أحد، وأخيرا فهمنا أنهم لا يريدون ان يحضروا لأن سلطانة لا تحل لي، لأن بيننا خمسة وجوه (قرابة) كما يقولون، ولأنه لا يجوز الزواج في هذه الأيام أيام الصيام، فذهب يعقوب ابن خالتي وعيسى العيسى إلى بيت صهري الخوري جريس دبيكه ليقنعاه بالمجيء فلم يجئ،
السبت 13/1/ 1912
ثم أرسلنا ندعو الخوري سويتري ابن عمة سلطانة فلم يحضر، فلم أشك أنهم معتصبون علي لغرض وهو: أن يأخذوني إلى البطريرك لأقبل يده واعده بفتح الكنائس وأطلب منه مطرانا ليكللني في كنيسة ماريعقوب، فثار ثائري وأورت عيوني شررا، ثم انصرفنا خائبين، وأرسلنا برقية إلى يوسف العيسى ليسأل الكهنة عندهم هل يكللوني، فأجاب نعم فركبنا سلطانة وميليا وأديب وكاتينكو وعيسى العيسى وأنا إلى يافا فكللني الكهنة في مساء هذا النهار في بيت عيسى، وكان عيسى إشبيني ..إلخ (لا أزال إلى اليوم أستغرب كيف أضرب الخوريان: الدبيكة وهو زوج أختي، وسوتيري وهو ابن عمة سلطانة عن القيام بحفلة الإكليل، أسجل غضبي عليهما واحتقاري لهما)
الاثنين 15/1/ 1912
حدثت نفسي أن أنفصل عن الكنيسة الأرثوذكسية لأسباب:
 
1-   لانحطاطها وفساد رؤاسها وأبنائها بحيث صرت أخجل أن أنتمي إليها
2-    لأني أصبحت أعتقد أن التعب في سبيل إصلاحها لا يجدي فتيلا
ولكن قسرت نفسي على البقاء فيها لأسباب:
 
1-   لأن الدين أصبح في نظري خرافة توارثناها خلفا عن سلف، كل الكنائس عندي سواء
2-   لأئلا أحقق ظن الرهبان: لأنهم لم يزالوا منذ قمنا بنهضتنا يشيعون أني لست أرثوذكسيا تنفيرا للقلوب عني، وليحرجوني فيخرجوني فيرتاحوا مني
3-   لأنه كان يجب ان أنفصل قبل اليوم أو بعده، لئلا يقال إني لم أخرج من الكنيسة إلا مكرها
لهذه الأسباب وغيرها آثرت البقاء ولو إلى وقت قصير، لأعالج هذه النهضة للمرة الأخيرة، فإن نجحت فذلك ما كنت أرمي إليه، وإلا فإني في سعة من العذر، ولم تكن حادثة زواجي إلا لتزيدني تمسكا بمبادئي وكرهاً للإكليروس فلينتظروا
*زهير
4 - مارس - 2010
أبو العلاء وابنه: شعر العقاد    كن أول من يقيّم
 
الجمعة 1/ 1/1941
أرسل إلي الأستاذ يعقوب عودات المعروف بالبدوي الملثم نسخة من قصيدة العقاد وموضوعها حديث بين المعري وولده، ختمها بقوله:
قـف  بـباب الحياة لا iiتدخلنها واعتصم يا بني ما اسطعت منها
سوف ألقاك فانتظر بالوصيد ..
هكذا أقنع المعري الوليدا فـتحى عن الحياة iiبعيدا
والتقى الشيخ وابنه في اللحود ،،
كان الأحرى بالعقاد أن يضع كتابا في هذا الموضوع ينتهي فيه إلى قوله:
(أيها الناس الحياة عبث تعالوا ننقرض) *
__________
* وكان السكاكيني أثناء كتابته لهذه اليوميات يدعو في أدبه الهزلي إلى الانقراض، ولا يدع فرصة للترويج إلى دعوته إلا اغتنمها (زهير)
 
*زهير
4 - مارس - 2010
أصدقاء في مصر    كن أول من يقيّم
 
الثلاثاء 21/1/ 1941
زارنا بعد الظهر الأستاذ عادل جبر وقد رجع من مصر بالأمس، فحدثنا عن رحلته وعن أصحابنا الدكتور منصور فهمي ومصطفى عبد الرازق وخليل مطران وغيرهم وأنهم يذكروونني ويلحون علي أن أزور مصر
 
 
*زهير
4 - مارس - 2010
إسحق الحسيني وكتابه (حديث دجاجة)    كن أول من يقيّم
 
الجمعة 14/12/ 1941
زارنا عند المساء الدكتور إسحق الحسيني مع سيدته حدثني عن كتاب ألفه بعنوان "حديث دجاجة" انتقد فيه المجتمع، أجّل طبعه إلى أن تضع الحرب أوزارها، ثم خضنا في ابحاث لغوية وصرفية ونحوية
*زهير
4 - مارس - 2010
وصية السكاكيني    كن أول من يقيّم
 
الخميس 10/4/ 1941
خطر لي أن أكتب وصيتي وأن أكتب بيدي صورة النعي وكتاب الشكر، من ذلك ما يأتي
 
1-   إذا مرضت مرضتي الأخيرة فليزرني الطبيب كل يوم، ولتلازمني ممرضتان، الواحدة للنهار والثانية لليل
 
2-   لا يزرني أحد من قريب أو بعيد، فليس أصعب على المريض المشرف على الموت من أن يرى الناس يعودونه وعلى وجوههم علائم القلق
 
3-   يمسح جسمي كل يوم بالماء، ولتغير ثيابي وفراشي، وإذا أمكن أن يزورني الحلاق كل يوم فليفعل
 
4-   إذا هلكت وكل حي لا محالة هالك، فلأوضع في تابوتي بثيابي التي علي، وليغط جسدي بمنشفتي البيضاء منشة الحمام
 
5-   ليؤخر دفني إلى أربعة أيام على الأكثر، وإلى يومين على الأقل
 
6-   قد عولت من اليوم أن أستقبل الموت باسما، وأني أحب أن يتلقى أحبائي موتي باسمين، لنكن أول من يسير على هذه السنة، لنكن قدوة حسنة لغيرنا، ليعرف الناس أن أسرة السكاكيني لا تخاف من الموت ولا تبالي به، ولا تأسف على الدنيا، ولا تقيم لها وزنا، وليجزع من شاء، وليتعلق بالدنيا من شاء وأما نحن فلا ، إذا كتبت لنا الحياة فلنعش كأننا نعيش أبدا، لنتمتع ما وسعنا أن نتمع بها، وإذا كتب لنا الموت فلنمت باسمين، ولنحسب أننا في حلم، ليعلم أحبائي أني معهم أبادلهم الابتسامات، لنكن أول من يحسب الموت والحياة شيئا واحدا، لنكن أول من يهزأ بالموت، لنقل للحياة أنت أكذوبة ولنقل للموت أنت لا تستطيع أن تفرق بيننا، لنقل بلسان البكتيتوس: لابد أن اموت ولكن أأموت محزونا.
وهنا أذكر أني مرة وقفت إلى المرحون سليم السلفيتي بعد وفاة أخيه المرحوم ميخائيل أسأل خاطره، وبيت السلفيتي هؤلاء معروفون بخف الروح فقال لي وعلى وجه علائم الجد: أتعرف إن أخي الآن قد وصل إلى أفغانستان !
لنتشبه بسليم هذا، فإذا وقف إليكم أحد يسأل خاطركم بعد موتي قولوا له: لقد وصل الآن إلى أفغانستان، أو القطب الشمالي، وهو يسلم عليكم
 
7-    لا يصل علي أحد ولا يُدعَ إلى جنازتي احد رجال الدين
 
8-   قد يقبل الناس عليكم يعزونكم استقبلوهم هاشين باشين، كأن ليس في البيت جنازة
 
9-   لا يخرج في جنازتي أحد وهنا أستعير ما قاله عمرو بن العاص عند موته لبنيه: "إن أنا مت فلا تبكوا علي، ولا يتبعني مادح ولا نائح" ضعوني على عربة الموتى، ولا يتبعني إلا سيارة أو سيارتان تحملان أقرب الناس إلي: أولادي وأختي ميليا،، وبعد أن تواروني في التراب تحت أقدام سيدتي "أم سري" هنئوني أني لحقت بها وخلصت من هذه الدنيا، ثم هنئوا بعضكم بعضا بأني رحلت عن هذه الدنيا وقد استوفيت حظي من كل شيء،، الخلاصة أحب أن أضع سنة جديدة وهي أن نضحك بدلا من أن نبكي،،
اضحك يا سري، اضحكي يا دمية ويا هالة، واضحكي يا أختي، واضحكوا يا أهلي ويا أصدقائي فإن الدنيا لا تعادل دمعة،، كان الأولى ألا نعيش أما وقد قدر لنا أن نجيء إلى هذه الدنيا فاغتنموا فرصة وجوجدكم وانعموا ولذوا واضحكوا إلى أن يحين الأجل فيرجع كل منكم إلى العدم، وقد قضيتم شهوتكم من هذا الوجود
 
10-                      لا أحب أن يزورني أحد بعد دفني، ولا تحسبوا أن القبر يضمني، ولكن أينما التفتم وجدتموني: في البيت، في الطريق، في المدرسة في غرفتي، في القدس، في فلسطين، في العالم كله، سأكون مثل الله موجودا في كل مكان، ولكن إلى حين.
 
11-                      (تتمة الوصية ص360) أكرر وصيتي هنا أن يؤخر دفني إلى أن يدب الفساد في جسدي
 
12-                      بعد دفني ليرسل هذا النعي إلى الجرائد:
 
(أيها الناس إن خليل السكاكيني من يعرفكم وتعرفونه، من جال بينكم السنين الطوال يعالج حظه كما تعالجون حظوظكم، ويحاول أن يختبر الدنيا كما تحاولون أن تختبروها وقد كان في كل حياته راضيا مسرورا إلى أن انقض الموت على سيدته "أم سري" وهي في قمة الحياة فصحب الدنيا بعدها بلا سرور ولا امل، يزورها في كل يوم ويبلل مثواها بدموعه،، إن خليل السكاكيني هذا قد فارق الحياة يوم كذا الساعة كذا، الشهر كذا، السنة كذا متمما واجباته الدينية، لا عليه ولا له،، فارق الحياة وهو يشكر ما لقيه منكم من الود واللطف والإحسان ويرجوكم أن ترفقوا بأنفسكم وأن تنسوه (ستأتي البقية)
 
13-                      (ص365) لا يصل علي أحد
 
14-                      لا يشيعني إلى القبر أحد إلا أسرتي
 
15-                      لا يعز أهلي بي أحد
 
16-                      لا حداد
 
17-                      لا دفن إلا بعد أن يدب الفساد
 
18-                      ليكن دفني تحت قدمي سيدتي أم سري
 
19-                      لا يهون عليكم الخطب إلا احد أمرين: إما أن تحسبوا أني لم أكن، وإما أن تحسبوا أني لم أمت: فعلى الاعتبار الأول لم تكن حياتي إلا حلما، وعلى الاعتبار الثاني أحيا بينكم بالروح.
 
20-                      (ص366) تحدثني نفسي أن ألغي وصيتي واكتفي بوصية واحدة وهي ألا أدفن إلا بعد أن يدب الفساد فيّ
 
21-                      إذا سئلتم عني بعد موتي فقولوا: تقمص إلى جسد آخر
 
22-                      احتفظوا بمكتبتي بكتبي، ودفاتري ويومياتي ورسائلي وأقلامي ونارجيلتي وأدوات حمامي، فقد أعود من وقت إلى آخر فأجلس وراء طاولتي وأكتب رسائل إليكم
 
23-                      (تتمة: ص 370) لنرجع إلى الوصية: ليكن شعاركم بعد الآن: "الخطب هين"  إذا لم يكن بد من الموت إن متنا كبارا أو صغارا قبل الأجل أو بعده فإن الأيام القليلة التي نحرم منها لا تستحق أن يؤسف عليها،
 أحبوا الحياة واستمتعوا بها ولكن لا تخافوا من الموت
*زهير
4 - مارس - 2010
وساوس وهواجس    كن أول من يقيّم
 
الثلاثاء 15/4/1941
إذا انتصر الموت علينا بأن انتزعك من بين أيدينا برغم أنوفنا فقد انتصرنا عليه بأن وصلنا حياتك بحياتنا فما دمنا أحياء فأنت معنا، لئن انتزعك من بين أيدينا برغم أنوفنا لقد عجز أن ينتزعك من نفوسنا فأين شوكتك ا موت.
خيالك يا أم سري في العيون وذكرك  الأفواه ومثواك في القلوب، أين تغيبين.
لا تزال الوساوس والهواجس تقلقني في ليلي ونهاري، من ذلك أني أتصور اننا تعجلنا في دفنك وأنه كان يجب أن نبقيك أربعة أو خمسة أيام، ولا ندفنك إلا بعد كشف طبي دقيق، الويل لي: من أين جاءني هذا الوسواس.
أحاول أن أستهزئ بالموت، أحاول أن أتجلد، أحاول أن أتشجع، أحاول أن ألهو، أحاول أن أتفلسف ولكن على غير جدوى فموتك غصة لا تساغ، وجرح لا يلتئم وغليل لا يخف، وحرقة لا تنطفي: أم سري، أم سري:
ما انصفتك دموعي وهي جارية ولا  وفى لك قلبي وهو iiيحترق
 
زارني بعد الظهر الشيخ توفيق الطيبي والشيخ كمال إسماعيل =عضو المجلس الإسلامي الأعلى= وأحمد خليفة وعادل جبر وصليبا الجوزي وفخري جوهرية.
..... ثلاثة أيام يا أم سري انقطعت عن زيارتك أرجو عفوك.
 
*زهير
4 - مارس - 2010
جنازة المرحوم إبراهيم طوقان    كن أول من يقيّم
 
السبت 3/5/1941
كانت اليوم جنازة المرحوم إبراهيم طوقان، فمررت على يعقوب ابن خالتي، وذهبت معنا الآنسة أولغا تماري فتركناها في بيت أخيها في رام الله، وذهبنا كلانا إلى نابلس للتعزية، وفي رجوعنا عرجنا على القهوة في البيرة ودخنا.
....صرت أغبط أولئك المؤمنين الذين يعتقدون بالقيامة، بل صرت أغبط البله والمجانين الذين تمر بهم الحوادث فلا يحسون ولا يعون
 
*زهير
4 - مارس - 2010
قبلة الصباح    كن أول من يقيّم
 
.... كنت أقبّلك في الصباح وأخرج إلى الحياة هاشا باشا قويا نشيطا كأني أهم أن ألتهم الحياة التهاما، وأما اليوم إني أزور قبرك في الصباح فأجدد حزني وألمي، وأسكب نفسي على ثراك سكبا وأرجع منقبض الصدر منسحق النفس أمشي وئيدا.
ما كان أشوقنا أن نعيش إلى أن ندرك الشيخوخة فنتمتع بها، نقوم في الصباح، فنغلي القهوة ونشربها على شرفة المنزل، وأمامنا الحديقة الصغيرة، فنتحدث عن ماضينا، أقول لك: أتذكرين وتقولين لي: أتذكر، ونتمتع باولادنا، بشبابهم النضر، أقول لك يعجبني من سري كذا، ومن دمية كذا ومن هالة كذا، وتقولين لي مثل ذلك، نقيم الحفلات والأعياد ونملأ جونا بالغناء والضحك.... إذا كان للطفولة والشباب جمال فإن للشيخوخة جمالا ولكن وا أسفا، لقد رحلت عن هذا العالم وأنت لا تزالين في أول الطريق ....اشتد الحر في هذه الأيام فبدأت من اليوم آخذ حماما باردا ثانيا بعد الظهر.
*زهير
4 - مارس - 2010
كنت لي    كن أول من يقيّم
 
الاثنين 19/5/ 1941
قرأت اليوم قصيدة للأديب محمود السيد شعبان في رثاء المرحوم فؤاد بليبل ومنها هذا البيت:
فيا  لك من حلم جميل قد iiانتهى ويا لك من حزن طويل قد ابتدا
 
الأربعاء 21/5/1941
انتهيت اليوم من قراءة كتاب الديمقراطة لمؤلفه BURUS  ومترجمه محمد بدران ولابد أن أعود إلى قراءته والتعليق عليه.
 
الخميس 22/5/1941
خرجنا أختي ميليا وأنا إلى المقبرة فنثرنا الزهور وحرقنا البخور وذرفنا الدوع وأنا أنشد هذين البيتين من قصيدة أحاول نظمها:
كنت  لي يا أم iiسري في  فم الدهر iiابتساما
ذلك الدهر الجميل انـْ ــقـلـب  اليوم ظلاما
*زهير
4 - مارس - 2010
الهدنة بين الإنكليز والعراقيين    كن أول من يقيّم
 
الأحد 1/6/ 1941
أهم الأخبار اليوم انسحاب الإنكليز من جزيرة كريت وعقد الهدنة بين الإنكليز والعراقيين.
 
الأربعاء 4/6/ 1941
في المساء زارنا الأستاذ أحمد طوقان يحمل شيئا من شعر أخيه المرحوم إبراهيم لأني كلفت أن أقول كلمة فيه في الحفلة التي ستقام في نابلس إحياء لذكراه.
 
السبت 7/6/1941
خرجت أختي ميليا وأنا إلى المقبرة وكان اليوم سبت الأموات فما من قبر إلا كانت عليه امرأة تبكي
*زهير
4 - مارس - 2010
 2  3  4  5  6