البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : مفهوم دمعة غربة    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 ابو هشام 
7 - يونيو - 2009
دمعة الغربة هي الوحيدة التي تقف بجانب الإنسان وتحنو عليه في وحشته ، وتواسيه وتخفف عنه أحزانه في غربته في عزلته ..
 ـ غُرْبةٌ عَنِ الدِّيْنِ : أن يكون الإنسان غريبا عن دينه هاجرا لأوامر ربه ، متقربا من معاصيه ، ونقول في المثل العامي " ما الغريب إلاَّ الشيطان " أي كل من يبتعد عن الله سبحانه وتعالى ويتقرب من الشيطان وأعماله هو الغريب حقيقة ، ومن المبعدات كما قيل :
 إن الفراغ و الشباب و الجدة .. مفسدة للمرء ايّ مفسدة[1]
قال عليه الصلاة والسلام -  ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ [2]).
...وأكثر هؤلاء غربة العلماء الذين يوكل إليهم هداية الناس وينحرفون عن جادة الصواب لغرض دنيوي  فغربتهم  مريرة  لأنهم ملح الأرض فيا ملح الأرض من يصلح الأرض إذا الملح فسد !!..
قال العلامة سليمان بن سمحان [3]:
إلى الله نشكو غربة الدين والهدى*وفقدانه من بين من راح أو غدا
فعاد غريبا مثل ما كان قد بدا*على الدين فليبكي ذوو العلم والهدى
فقد طمست أعلامه في العوالم.
ـ غربةٌ عَنْ الوَطَن : هو الابتعاد عن الأرض التي ولدنا فيها ، سماؤها أظلنا ، عليها حبونا ولعبنا وكبرنا ، ولنا فيها أجمل ذكريات ، فيها الأهل والعشيرة والخلان والأقارب والجيران ، أجبرتنا الظروف لترك أجمل واحب بقعة على وجه الثرى .. وتعريف المغترب : هوكائن محسود مادياً , مجهول عائلياً , مقهور إعلامياً , مرهق جسدياً , مدمر نفسياً , يتصل إسبوعياً , مشتت فكرياَ...لا يُسْأَلُ عن همومه ، فهي كثرة ..
ـ دواعي الغربة
يُهاجرُ المرءُ إلى بَلدٍ آخر . إما للدراسة أو مرغما مطرودا ، وغالباً ما يكونُ مجبراً ، سعياً عَنْ رزقٍ أَوْ لقمةِ عَيْشٍ  ..أَوْ هَارِبَا  مِنْ مَاضٍ يُقْلِقُهُ .. أَوْ لفظتْهُ بَعيداً بَلْدَتهُ..أَوْ يَبْحَثُ عنْ كَرَامةٍ فُقِدَتْ فِي وطنِهِ..فيبتعد جسده عن أهله ؛ أمه و أبيه وأخوه وأخته ،
قبل الغربة:
قَدْ فَكَّرَ مَرْءٌ بِالْهِجْرَةْ      فَتَصَوَّرَ عَيْشَاً مَا يَهْوَى
لُقْمَةُ عَيْشٍ غَيْرُ الْمُرَّةْ      وَيَنَالُ عَلَى مَا يَتَمَنَّى
وَبِلا جُهْدٍ دُونَ مَشَقَّةْ
تَحْسينُ الوَضْعِ وَقَدْ يَسْعَى    سَيَّارَةُ فَخْمَةُ قَدْ تُقْنَى
بَيْتٌ لِلْحُلْمِ عَلا فِكْرهْ     قَدْ يَعْلُو الْبَيْتُ وَقَدْ يُبْنَى
قَدْ يَطْرُدُ فَقْرَاً فِي بَلَدٍ    يَشْقَى يَعْمَلُ حَتَّى يَغْنَى
للغربة باب قد طرقةْ 
أول الغربة :
سَكَنَ المرْءُ بِلادَ الغُرْبَة..لاقتْهُ الشِّدَّةُ والكُرْبَة ، اصْطَدَمَ بجدارِ العُزْلَة ،لا أُخْتٌ عِنْدَهُ وَلا عَمَّة ، شَيْءٌ لمْ يخْطُرْ فِي بالٍ ، وَجَدَ نَفْسَهُ دُونَ صَدِيقٍ أَوْ خَالٍ  ..  دُونَ أَخٍ ..دُونَ قَريبٍ..دُونَ سَميعٍ ..دُونَ مُجيبٍ ، لا مُعِين يَقْتَربُ مِنْهُ ، يُقَاسِمَهُ فَرَحَهُ أوْ حُزْنَهُ .. نجاحه أو فشله ، معاناته ومكابدته ، في الغربة يُظلمُ ويُهانُ ، يُسْتَرَقُّ بِكَفَالَةٍ أوْ إقَامَة ،وفِي الغُرْبَةِ ضُرِبَ المثَل:(الغُرْبَةُ مُضَيِّعَةُ الأَصْل )..
أثناء الغربة :
 يَتألَّمُ المرءُ من الغربةِ ،تأتيه الطَّعْنَةُ تِلْوَ الطَّعْنَة ، لا يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي ، لا يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ يُطْعَن .. فيكظمُ غيظَهُ في صدرِهِ ، لَمْ يستطعْ البَوحَ بِكَلِمَة ، إنْ حَاوَلَ مَرَّةً أوْ جَرَّبَ ، معناهُ عَلَى نَفْسِهِ خَرَّبَ ، قَدْ قَطَعَ رِزْقَهُ بِيَدِيهِ ، وَهوَ مَا يُعْرَفُ بـ ( قَطْعِ الأَرْزَاقِ مِنْ قَطْعِ الأَعْنَاقِ ) وَخَافَ مِنْ مَجْهُولٍ قَادِم  .. والنَّاسُ يَقُولُون ، وَلا يَصْمُتُونَ : ألمْ يَعْرفْ يَصْمُتُ أوْ يَسْكُتُ ، لِيُحَافِظَ عَلَى لُقْمَةِ عَيْشِهِ !!!.، مَنْ مَكَثَ طَويلاً مُغْتَرِبَاً !!! ، يُلاقِي ، يُعَانِي ، يَتَحَمَّلُ  ،وَيُعَوِّدُ نَفْسَهُ لِيَشْرَبَ مِنْ كَأْسِ الحَنْظَلِ : وَقَدْ قِيْلَ قَدِيماً : ( الغُرْبَة مرَّة ) .. أَكْثَرُ شَيْءٍ يحزُّ في نفسٍ ، عندما يتقنُ عملَهَ ويتفانى ، والكلُّ يشيد في ذلك ، يُعْتَزُّ   بإنجازاته ويُعْتَرَفُ بإتقانِهِ ، لا شيءَ مقابلَ ذلك ، أو يعطى أدنى شيءٍ مقابلَ  مَنْ لا يستحقُّ .. والسببُ إنَّهُ غريبٌ ولا منَّه ، إنَّهُ مأْجُورٌ، مأْجُور ، الغربة فيها استغلال للإنْسان .. والأَمْنُ الوَظِيفيُّ مَفْقُودٌ ، مَفْقُود ، لا تَقُلْ في عُهُودٍ أوْ عُقُود ، فالْفَزَعُ والرُّعْبُ مَوْجُودٌ ، فالرُّعْبُ الوظيفيُّ شبكةُ صيادٍ ؛ إنْ هربَتْ مِنْها السَّمكةُ ، سوفَ تَمْسِكُ بها في المراتِ القادمةِ ..
طول الغربة
 أَقْسَى وَأَصْعَبُ مَا يُعَانِي ، مَنْ مَكَثَ طَويلاً فِي الغُرْبَةِ ، يموت فيها المَرْءُ ألفَ مَرَّةٍ ، أَلمٌ وَحُرْقَةٌ وَمَرَارَةٌ ثمَّ حَسْرَةٌ ، بِوُصُولِ الخَبَرِ المَشْؤُومِ بـ (مَوْتِ الأبِ أوْ الأمِّ أوْ الأخِ ) ولا يَقْدِرُ أَنْ يُودِّعَهُم (آخِرَ وَدَاعٍ ) أَوْ حَتَّى يَمْشِي بِجَنَازَتهم أَوْ فِي الدَّفْنِ يُشَارِكَهم.. فدموعُهُ تَنْزلُ بِغَزَارَةٍ ، بحَرارَةٍ ، وأَحْزَانَهُ وآلامَهُ وَحَسرات تُدْفَنُ فِي صَدْرِه .. فِي لحْظَةٍ يَحْتَاجُ الأَهْلُ (مِنْ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ عَمَّةٍ أَوْ خَالَةٍ ) ، أَنْ يَقِفَ المرْءُ بجانِبِهِم ، أَوْ حَتَّى وَقْفَةَ صَاحِبٍ ،أَيْنَ المثل : ( الصَّديقُ عِنْدَ الضِّيقِ ) ؟!!. والمغْتَرِبُ لا يمْلِكُ مَا يُقَدِّمُ لهُمُ إلاَّ النُّقُودَ إنْ قَدِرَ ، وَهُمْ فِي تِلْكَ اللَّحَظَةِ لا يحتاجونَ إلى ذَلِك ..لا يِسْتَطيعُ أنْ يواسيَهُم ، يَتَلَقَّى صَدْمَةً تلو صَدْمَة ، وَحَزْنَا فَوْقَ حزنٍ ، يَتَرَاكَمُ ألمٌ فَوْقَ ألمٍ فَيَعْمُرُ القلبُ بِطَبَقَاتِ جُرُوحٍ نَازِفَةٍ ، لايمْحِيهَا الزَّمَنُ  ، فَتَكْمُدُ فِي صَدْرِهِ ، وتُلْحَدُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ .. وَعِنْدَمَا تمسكهُ الشَّبكةُ أو يَسْتَغْنُونَ عَنْ خَدَمَاتِهِ ، يُرْمَى ، ولا أَحَدٌ يَسْألُ .. و"بِغَالُ الإنْجِلِيزِ أَوْفَرُ حَظَّاً ، لأَنَّهُ لا يَنَالُ حَتَّى رَصَاصَةَ الرَّحْمَةِ" ..


 - أرجوزة لأبي العتاهية[1]
 - الراوي: عبدالله بن عباس  - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6412 [2]
 [
صحيح] : خلاصة الدرجة
[3] - القصيدة في غربة الدين والولاء والبراء للعلامة سليمان بن سمحان نقلتها من كتاب موارد الظمآن للشيخ عبد العزيز السلمان رحمه الله
(المنظومة )طُبِعَت بِتَحقيقِ الشَّيخِ : محمد بن عمر العقيل أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وشارك في التصحيح والتعليق محمد خير رمضان يوسف و عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر(ط :مكتبة الرشد) [ 1427 ﻫ ] في السّفْر الرابع ص327 .
وَقَالَ أَيْضًا عَفَا اللهُ عَنْهُ :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَحْمَانَ إلى الأَخِ الْمُكَرَّمِ وَالْمُحِبِّ الْمُقَدَّمِ (إبْرَاهِيمَ بْنِ رَاشِدٍ آل حَمَدْ)حَلاَّهُ اللهُ بِحِلْيَةِ أَوْلِيَائِهِ، وَعَمَّرَهُ بِآلائِهِ وَنَعْمَائِهِ،وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ بَيْنَ أَهْلِ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ آمِينَ.
سَلامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعْدُ:
فَأَحْمَدُ إلَيْكُمْ اللهَ الَّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ، وَهُوَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالْخَطُّ وَصَلَ بِمَا تَضَمَّنَ مِنَ الْوَصِيَّةِ، وَفَقَّنَا اللهُ وَإيَّاكَ لِقَبُولِ الْوَصَايَا الشَّرْعِيَّةِ، وَأَعَاذَنَا مِنْ سَيِّئَاتِ الأَعْمَالِ الكَسْبِيَّةِ،وَأُوصِيكَ بِمَا أَوْصَيْتَنِي بِهِ وَبِلُزُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّغْبَةِ فِيهِمَا، فَإنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ نَبَذُوهُمَا( ظِهْرِيًّا )وَزَهِدُوا فِيمَا تَضَمَّنَاهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ،  لِحُذَيْفَةَ
e
اللَّهُمَّ إلاَّ أَنْ يُوَافِقَ الْهَوَى، وَاذْكُرْ قَوْلَهُ  لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ الْفِتَنِ قَالَ : "اقْرَأْ كِتَابَ اللَّهِ وَاعْمَلْ بِمَا فِيهِ " (كَرَّرَهَا ثَلاثًا ) .
قَالَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّطِيفِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ: " وَالْحِكْمَةُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - شِدَّةُ الْحَاجَةِ وَقْتَ الْفِتَنِ وَخَوْفُ الْفِتْنَةِ وَالتَّقَلُّبِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَغَيْرِهِمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنِ اشْتَرَى نَفْسَهُ وَرَغِبَ فِيمَا رَغِبَ عَنْهُ الْجُهَّالُ وَالْمُتْرَفُونَ " (انتهى) .
وَتَذَكَّرْ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ غُرْبَةِ الدِّينِ وَانْدِرَاسِ (مَعَالِمِ الإسْلامِ)، إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْتَ, فَالأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتَ وَأَعْظَمُ مِمَّا إلَيْهِ أَشَرْتَ، فَإنَّا للهِ  مِنْ قَوْلِهِ
e
وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَهَذَا مِصْدَاقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ  : "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ " (... الْحَدِيثَ).
وَقَدْ صَارَ إقْبَالُ النَّاسِ وَإكْبَابُهُمُ الْيَوْمَ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا وَإصْلاحِهَا وَلَوْ بِفَسَادِ دِينِهِمْ.
قَالَ( ابْنُ عَقِيلٍ  )رَحِمَهُ اللهُ : " مِنْ عَجِيبِ ما قدمت فِي أَحْوَالِ النَّاسِ كَثْرَةُ مَا نَاحُوا عَلَى خَرَابِ الدِّيَارِ وَمَوْتِ الْأَقَارِبِ وَالْأَسْلافِ، وَالتَّحَسُّرِ عَلَى الأَرْزَاقِ وَذَمِّ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ، وَذِكْرِ نَكَدِ الْعَيْشِ فِيهِ وَقَدْ رَأَوْا مِنِ انْهِدَامِ الإسْلامِ وَشَعَثِ الأَدْيَانِ وَمَوْتِ السُّنَنِ وَظُهُورِ الْبِدَعِ وَارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَتَقَضِّي الْعُمُرِ فِي الْفَارِغِ الَّذِي لا يُجْدِي، فَلا أَحَدَ مِنْهُمْ نَاحَ عَلَى دِينِهِ وَلا بَكَى عَلَى فَارِطِ عُمُرِهِ وَلا تَأَسَّى عَلَى فَائِتِ دَهْرِهِ، وَلا أَرَى ذَلِكَ إلاَّ لِقِلَّةِ مُبَالاتِهِمْ بِالأَدْيَانِ وَعِظَمِ الدُّنْيَا فِي عُيُونِهِمْ ضِدَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَرْضَوْنَ بِالْبَلاغِ وَيَنُوحُونَ عَلَى الدِّينِ... "انْتَهَى .
فَلأَجْلِ غُرْبَةِ الإسْلامِ وَانْطِمَاسِ مَعَالِمِهِ الْعِظَامِ وَإكْبَابِ النَّاسِ عَلَى جَمْعِ الحُطَامِ أَقُولُ
إلى الله نشكو غربة الدين والهدى**وفقدانه من بين من راح أو غدا
فعاد غريبا مثل ما كان قد بدا**على الدين فليبكي ذوو العلم والهدى
فقد طمست أعلامه في العوالم:


 
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ونّه     ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
هذه القصيدة للشاعر أبي فراس الحارث بن أبي العلاء
سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني
مــصـــــابي جليلٌ ، والعـــزاءُ جميلُ ،
وظــــــــني بأن الله ســـــــــوفَ يُديلُ
جراحٌ ، تحاماها الأســـــــــــاةُ مخوفةٌ
وسُـــقـــــمان : بادٍ ، منهما ، ودخيلُ
وأسرٌ أقاســــــــــيه ، وليلٌ نجــــومهُ،
أرى كلَّ شــــيءٍ ، غيرهــــــن ، يزولُ
تطولُ بي الساعاتُ ، وهي قصــــــيرةٌ
وفي كلِّ دهرٍ لا يســــــــــــرك طولُ !
تناســــــــــاني الأصحاب ، إلا عُصيبةً
ستلحق بالأخرى ، غـــــدا وتحـــــولُ!
ومن ذا الذي يبقى على العهد ؟ إنهم
وإن كثُرتْ دعـــــــــــــــــواهُمُ ، لقليلُ
أقلبُ طرفي لا أرى غير صــــــــــاحبٍ
يميلُ مع النعـــمـــاء حـــيثُ تمـــــيلُ
وصِرنا نرى أن المتارك محســـــــــــنٌ
وأن صــــــــــــــديقاً لا يضـــــــرُّ خليلُ
أكلُّ خليلٍ ، هكذا ، غيرُ منصــــــــــفٍ
وكلُّ زمانٍ بالكـــــــــــرام بخـــــــــيلُ!
فيا حســـرتا ، من لي بخـــــلٍّ موافقٍ
أقولُ بشــجــــوي مــــــرةً ويقـــــــولُ
وإن وراء السترِ ، أماً بكــــــــــــــــاؤها
عليّ ، وإن طـــال الزمـــــــانُ ، طويلُ
فيا أمتاً ، لا تعدمي الصــــــــــبرَ ، إنه
إلى الخير والنجح القريب رســــــــولُ
فيا أمتا ، لا تخطئي الأجــــــــــرَ ! إنهُ
على قدَرِ الصبر الجميلِ جــــــــــــزيلُ
أما لك في ذات النطاقين أســــــــوةٌ ،
بمكة والحــــــربُ العـــــوانُ تجـــــــولُ
أراد ابنها أخـــذ الأمـــان فلم تجـــــب
وتعــــــلمُ ، عـــلماً ، إنه لقــتــيــــــلُ
تاســـي ! كـــفـــاك الله ما تحـــذرينهُ
فقد غــــــــــال هذا الناس قبلكِ غولُ
وكوني كما كانت بأحــــــــدٍ صـــفيةٌ ،
ولم يُشــــــــفَ منها بالبـكـــــاء غليلُ
ولو ردّ يوماً ، حــمـــزةَ الخــيرِ حـــزنها
إذاً ما عـــــلـــتــها رنــــةٌ وعــــــــويلُ
لقيتُ نجوم الأفق وهي صـــــــــــوارمٌ
وخضتُ ســـــــــــواد الليل وهو خيولُ
ولم أرعَ للنــفــس الكـــريـمــةِ خِــلةً،
عشــــــيةَ لم يعطِفْ عليّ خـــــــليلُ
ولكنْ لقيتُ المــوتَ حـــــتى تركــــتها
وفيها وفي حد الحُســـــــــــــام فلولُ
ومنْ لم يــوقِّ الله فــهـــو مــــمــــزَّقٌ
ومـــن لم يُــعــــزَّ اللهُ فــهـــــو ذليـــلُ
وما لم يُرِدْهُ اللهُ ، في الأمـــــــــرِ كُلِّهِ،
فليس لمــخــلــــــوقٍ إليه ســــــبيلُ
 
*د يحيى
9 - يونيو - 2009
الغربة مابين الحاضر والماضي     ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
الغربة مابين الحاضر والماضي
غربة عن الدين : هذه الغربة في عصور خلت وخاصة في العصر الجاهلي ( دين آبائنا وأجدادنا ) كما كانوا يزعمون لم تظهر ، وفي عصر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصحبابة والتابعين ومن جاء بعدهم من العصر الآموي والعباسي ، لم تكن ظاهرة هذه الغربة أيضا ، وكان كل من يخرج عن منهجها يتهم بالزندقة ومصيره التعذيب أو حتى القتل .. إنما في عصرنا الحاضر ظهرت واضحة جلية ، بسب الظروف المهينة التي مرت بها أمتنا العربية ، من استعمار وتجزئة ، والحملات الإعلامية المعاصرة  المركزة  الممنهجة على محاربة الدين ، ومحاولة محوه من قلوب الشباب ، والقنوات الفضائية و السينما والمسرح وغيرها الكثير ،شواهد على ذلك.. وأصبح كثير من الناس يقضون حياتهم ويجتهدون من أجل محاربة هذا الدين الطاهر .. فالعلمانيون مثلا مازالوا يمارسون ويلعبون لعبتهم ومخططاتهم القذره وأفكارهم وآراءهم السامة ولا رادع لهم بل وجد لهم من يؤيدهم .. وقضايا هذه الأيام والمواقف التي نراها .. تؤكد قول المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة حين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثم بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء" وقال الشاعر الغيور على دينه :
إذا كان ترك الدين يعني تقدماً * * فيا نفس موتي قبل أن تتقدمي
والغربة عن الوطن كانت نادرة فيما خلت من عصور إلا إذا أهدرت القبيلة دمه وطردته ، أو إذا وقع في الأسر  ، إو إذا اختطف وبيع مع الرقيق في أسواق الجزيرة العربية هذا في العصر الجاهلي .. أما هذه الغربة في العصور الإسلامية كانت إما لقتال والذهاب مع جيش الفتوحات الإسلامية أو لتادية مناسك الحج .. أما في زماننا هذا حدث ولا حرج بسبب تقدم وسائل التنقل من طائرات وسفن عصرية أو سيارات وقاطرات ظهرت هذه الغربة تضم شريحة واسعة من الناس ..
والغربة بين الأهل كانت قدميا منتشرة بشكل ضيق تجمعهم فيها العصبية القبلية ،ثم جاء الأسلام وقضى على ما تبقى من هذه الغربة وصار الإخاء في الإسلام أقوى عرى من إي أخوة ، وإن رابطة الدين فوق رابطة الأخوّة والنسب ، ويتجلّى ذلك في موقف أبي بكر الصديق رضي الله الذي أظهر استعداده لقتل ولده المشرك في ساحة المعركة ، وموقف مصعب بن عمير رضي الله عنه عندما قال لآسر أخيه " شدّ يديك به ؛ فان أمه ذات متاع لعلها تفديه منك " ، فقال أخوه : " يا أخي هذه وصاتك بي ؟ " ، فردّ عليه : " إنه – أي الذي أسرك - أخي دونك " رواه ابن إسحاق وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قضيّة الأسرى : " ولكني أرى أن تمكنني من فلان - قريباً لعمر - فأضرب عنقه ، وتمكن علياً رضي الله عنه من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة من فلان – أخيه - فيضرب عنقه ؛ حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين"..
وفي إصرار النبي – صلى الله عليه وسلم – على أخذ الفدية كاملة من عمّه العباس درسٌ آخر في عدم المحاباة أو المجاملة لأحدٍ كائناً ما كان ، إذا تعلّقت القضيّة بالدين.
أما في عصرنا هذا بسبب التفكك الأسري الذي حدث والبعد عن الدين ، وتشتت الآراء والمذاهب صارت العدوات داخل الأسرة الواحدة ، والمشاحنات والبغضاء وصارت غربة ما بين الأهل مستفحشة ..  
والغربة النفسية كانت قديما عند العرب في الجاهلية  تطلق على كبار السن والمعمرين لأنهم أصبحوا يعيشون في أزمان أجيال غير زمنهم وخاصة عندما يموت معظم أصحابه وخلانه وأقرانه ، أما في عصرنا الحاضر ظلت تعرف على ما تعرف عليه الجاهلي من كبر في السن ، ودور العجزة المعاصرة زادتها مرارة ، كما أخذت تظهر هذه الغربة بين الصغار أو حتى الشباب قبل الكهول ، حتى أصبحت تعد مرضا وهو ما يسميه الطب النفسي بالتوحد وهذا بسبب تعقيدات المدنية المعاصرة ، من انشغال الآبوين عن رهاية الصغير أو او يقع في حوادث عصرية توصله إلى هذا المرض ..
وغربة اللغة قديما لم تكن ظاهرة إنما كان العربي يعتز بلغته سواء في العصر الجاهلي أو الإسلامي فكان الشعر عندهم مقدس وهو ديوان العرب ، وبما امتازوا من فصاحة وبيان ، أما في عصرنا حوربت اللغة مع محاربة الدين وأحيانا بنفس الأدوات وصرنا نرى هذه الغربة متفشية بين الشباب المعاصر الذين رحبوا بلغات الغير على أصالتهم ، اللغة التي أُنزل بها القرآن الكريم ، واعتز بها أسلافنا الأقدمون .
*ابو هشام
9 - يونيو - 2009
ألأم بيت قالته العرب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أقول بصدق: إن موضوع الغربة والاغتراب الذي أجاد فيه كثيرا أخي الأستاذ أبو هشام ، وأسهم في جودته شيخي أبو بشار بجهد طيب ، وكذلك التعليق الشائق ، الذي تقدم به أخي الأستاذ سعيد  ، جعلني أقضي فيه وقتا مفيدا وممتعا ، ومؤثرا في نفسي كثيرا ؛ فالشكر لحضراتكم على ما أفدتمونا به . أما وصف هجر الدين بالاغتراب عنه،  فلست من المقتنعين بصحتة  ، فالمغترب عن الشيء أو المكان أو الأهل يكون مجبرا على الاغتراب لسبب أو لآخر ، ويظل في حنين دائم إلى ما اغترب عنه ؛ ولكن من يهجر الدين ، لن يكون مجبرا على هذا الهجر أبدا ، فهو إن أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان فلا جناح عليه ، فهو يتظاهر بالكفر تظاهرا ، ولن يكون قد هجر دينه كالذين اتخذوا كتاب الله مهجورا .
في مشاركتي هذه لم أتمكن من قول شيء جديد في أمر معنى الغربة وأنواعها لم يرد ذكره في الموضوع ؛ ولكنني فطنت إلى ما كنت أطالعه من أشعار وقصص قيلت في الحنين إلى الأوطان ، فرغبت في ذكرها :
في " ديوان المعاني " ، لأبي هلال العسكري ، أشعار في الحنين إلى الأوطان :
" أخبرنا أبو أحمد عن أبيه عن عسل بن ذكوان قال: قال أبو سرح: سمعني أبو دلف أنشد:
لا يمنعنك خفض العيش في دعةٍ نـزوع  نفس إلى أهلٍ iiوأوطانِ
تـلـقـى بكلِّ بلادٍ أنتَ iiساكنها أهـلاً  بـأهل وجيراناً iiبجيرانِ
فقال: هذا ألأم بيت قالته العرب. قال أبو هلال رحمه الله: النزوع ههنا رديء والجيد النزاع ، وإنما جعل أبو دلف هذا البيت الأم بيت لأنه يدل على قلة رعاية ، وشدة قساوة، وحنين الرجل إلى أوطانه منقبة من علامات الرشد ، لما فيه من الدلائل على كرم الطينة وتمام العقل" أ.هـ.
من لا يحن إلى الوطن إذن ، يكون من اللؤم بمكان ظاهر ، على حد قول العسكري أو من شرح معنى قوله .
ومن الشعر الجميل في الحنين إلى الأوطان ، والذي يفعل في النفوس الحانية ما يفعل ، ما ذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان ؛ نقلا عن مروج الذهب للمسعودي قال :
" وحكى المسعودي في كتاب " مروج الذهب " عن جماعة من أهل البصرة قالوا: خرجنا نريد الحج، فلما كنا ببعض الطريق إذا غلام واقف على المحجة وهو ينادي : أيها الناس ، هل فيكم أحد من أهل البصرة؟ قال: فعدلنا إليه وقلنا له: ما تريد؟ قال: إن مولاي لما به يريد أن يوصيكم، فملنا معه، فإذا بشخصٍ ملقى على بعد من الطريق تحت شجرة لا يحير جواباً، فجلسنا حوله، فأحس بنا فرفع طرفه وهو لا يكاد يرفعه ضعفاً، وأنشأ يقول :
يا غريب الدار عن وطنه مـفرداُ يبكي على iiشجنه
كـلـمـا  جد  البكاء iiبه دبـت الأسـقام في iiبدنه
ثم أغمي عليه طويلاً ونحن جلوس حوله، إذ أقبل طائر فوقع على أعلى الشجرة وجعل يغرد ففتح عينيه وجعل يسمع تغريد الطائر، ثم أنشأ الفتى يقول:
ولقد زاد الفؤاد شجًى طائر يبكي على فننه
شفه  ما شفني iiفبكى كلنا يبكي على iiسكنه
قال: ثم تنفس تنفساً فاضت نفسه منه، فلم نبرح من عنده حتى غسلناه وكفناه وتولينا الصلاة عليه، فلما فرغنا من دفنه سألنا الغلام عنه، فقال: هذا العباس بن الأحنف، رحمه الله تعالى؛ والله أعلم أي ذلك كان." أ.هـ.
أعاد الله كل نازح عن وطنه جبرا وقسرا إلى أهله وأحبابه .
وعن حنين أبي العلاء المعري إلى المعرة وهو في بغداد ، تحدثنا الموسوعة الشعرية عنه وهو يتحدث عن حال الإبل وحنينها الذي هو حنينه ، بشعر رائع المعنى والمبنى :
طَـرِبْنَ  لضَوْءِ البَارِقِ iiالمُتَعالي بـبَـغـدادَ وهْناً ما لَهُنّ وما iiلي
تـمـنّتْ  قُوَيْقاً والصَّراةُ iiحِيالَها تُـرابٌ  لـهـا من أيْنُقٍ وجِمال
إذا  لاحَ إيماضٌ سَتْرُت iiوُجوهَهَا كـأنّـيَ عَمْروٌ والمَطِيُّ iiسَعالي*
وكم هَمّ نِضْوٌ أن يَطيرَ مع الصَّبا إلـى الـشـأمِ لولا حَبْسُهُ iiبعِقال
لقد  زارني طَيْفُ الخَيالِ iiفَهاجَني فهل زارَ هذي الإبلَ طَيْفُ iiخَيال
فيا  بَرْق ليس الكَرْخُ داري وإنما رَمـانـي إلـيه الدهرُ مُنْذُ iiلَيال
فـهل  فيكَ من ماء المَعَرّةِ iiقَطْرَة ٌتُـغـيثُ  بها  ظَمآنَ ليسَ iiبسال
 ولم أعد أذكر في أي كتاب طالعت عن المعري وهو في بغداد ، وقد اشتاق إلى ماء المعرة شوقا حارا ؛ فأرسل الخليفة إلى المعرة من جلب من مائها ، ولما شرب منه المعري دون أن يقال له من أين جلب الماء ؛ عرف أن الماء ماء المعرة.
الغول تحن إلى موطنها :
من الأساطير التي كانت العرب تؤمن بها أن من الناس من تزوج السعلاة ( الغول ) ؛ فقالوا : إن عمرو بن يربوع تزوج الغول وأولدها بنين ، ومكثت عنده دهرا ، وكانت تقول له : إذا لاح البرق من جهة بلادي ـ وهي جهة كذا ـ فاستره عني ، فإني إن لم تستره عني ؛ تركت ولدك عليك ، وطرت إلى بلاد قومي ؛ فكان عمرو بن يربوع كلما برق البرق غطى وجهها بردائه فلا تبصره . وإلى هذا المعنى أشار المعري بقوله : كأني عمرو والمطي سعالي . ( مقتبس من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، نشرة الوراق) .
بارك الله فيكم .
   
 
   
 
*ياسين الشيخ سليمان
10 - يونيو - 2009
دمعة الغربة عن الوطن قديمة     كن أول من يقيّم
 
سلمت يمينك أخي الأستاذ ياسين على المداخلة الممتعة بما فيه من أبيات شعرية معبرة عن الحنين للأهل والمحبين ، أما أخي الأستاذ ياسين بالنسبة للدمعة التي تذرف من عيون الغيورين على شباب مسلم قد فرط وابتعد عن دينه  .. والموضوع  عن مفهوم دمعة الغرببة بأنواعها الخمسة وسادستها دمعة غربة الموت وهنا أهل الميت لأن الميت لا يبكي ..
 دمعة الغربة عن الوطن قديمة : قدم خلق سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام ، حيث قال الله تعالى { قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } سورة البقرة : الآية : 38 ، كما جاء في تفسير الطبري يعني هؤلاء الأربعة . وقيل : الهبوط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والهبوط ( الآخر ) من (السماء الدنيا إلى الأرض (.. وقد حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن سالم ، عن أبي صالح ، في قوله" : اهبطوا منها جميعا" ، قال" : آدم وحواء والحية وإبليس" فهذا كان أول اغتراب نزل فيها سيدنا آدم علية الصلاة والسلام من الجنة واغترب في الأرض ، وبعدماكبر وصار على فراش موته، يروي أبي بن كعب، فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل. فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم ..
 ومنذ ذلك الحين بدأ الاغتراب في كل الأزمنة ، وفي كل الأماكن ، والذي زاد حدة هذه الغربة التسلط السياسي وكثرة الحروب التي حدثت عبر التاريخ أو الهجرات من الجدب والجفاف عبر الزمن ، أو عندما تهدم سد مأرب ، وظلَّ الاغتراب .....
من مضار الغربة على جسد المغترب : إحساس الغربة أو الوحدة إحساس مؤلم, و قد يؤدي بالفرد إلى عدة صراعات وحالات مرضية كالاكتئاب أو العصاب أو العنف أحيانا ..الحزن وتلقي الصدمات ، وأبواب المعاناة كثيرة ...
للغربة بعض المحاسن بغض الطرف عن مآسيها :  يتعرف المغترب على بلاد جديدة بعادات وتقاليد ومفاهيم وحتى لغة جديدة ، وتساعد على تحسين نمط حياة المغترب معيشية ومادية ، ويساعد الشعور بالاغتراب الفرد على الابداع كطريقة للتعبير عما يعانيه, بكيفية مباشرة أو غير مباشرة, كالرسم و الشعر والكتابة... وهذا ما يككف قليلا من دمعة الغربة ويخفف ما على القلب من مآس وآلام . فالمغترب جسده في بلد الغربة وروحه تسكن مع أهله وخلانه على ثرى أوطانه ، ومن أمثلة ذلك أدباء المهجر منهم إليا أبو ماضي والحنين إلى العائلة والأرض شعراً:
 
(يا جارتي كان لي أهلٌ وإخوان،
فبتت الحرب ما بيني وبينهم،
كما تقطع أمراس وخيطان،
فاليوم كل الذي فيه مهجتي ألم،
وكل ما حولهم بؤس وأحزان،
وكان لي أمل إذا كان لي وطن)
ومن نسيب عريضة إلى فلسطين : من وراء البحار ألقاها في حفلة الجامعة العربية في بروكلن سنة 1938 لمناسبة وعد بلفور :

فلسطين من غربةٍ موثقةْ ُنراعيك في الكُربةِ المُطبِقةْ
فتعلو وتهبُطُ منّا الصّدورُ ونهفُو وأبصارُنا مُطرِقـــةْ
ومن خلفِ هذاالخضمِّّ البعيدِ نُحييّكِ بالدَّمعةِ المُحــرقةْ
جهادُكِ أورى زِنادَ النفــوسِ فطارت شرارتُها مُبرقـةْ
جهادٌ ملأتِ به الخافِقَيـــــنِ فضاقت به القوّةُ المُرهِقــةْ
وسَطّرتِ آياته في الخلـــــودِ بأرواحِ أبنائكِ المُزهََقَـــةََ
*ابو هشام
11 - يونيو - 2009
النهاية ودون تعليق :    كن أول من يقيّم
 
النهاية ودون تعليق :
المغترب إن طالت به الغربة تصبح له أسرة وهذه الآسرة تمد جذور لها في ديار غربة الأب أما بالنسبة لهم لم تعد هذه البلاد بلاد غربة لأنهم نشأوا على ثراها ودرسوا في مدارسها وتخرجوا من جامعاتها ، وتزوجوا .. وانجبوا .. فأصبح الجدّ المغترب معلقا بين أهله وذوية في بلاده الأصلية وبين أهله الجدد الذين صاروا ينظرون إلى بلد أبيهم بلدة اغتراب ، وغالبا ( مغلوب على أمره ) أن يرضخ للواقع ويبقى عند أولاده حتى يأتي قضاء الله سبحانه وتعالى .. وهذه النهاية !!!... بسام دعيس أبو شرخ ، مقيم في الأردن ومغترب يعمل في منطقة الإحساء  وقد لمس مرارة الغربة ، الوحدة وهو بعيد عن ذويه ، حيث انه تجرع كاس الوحدة والبعد صار مثل الدم يجري في شراينه ، والذي يخفف عنه قليلا كتابة المقفى (الشعر) ويرى أن حياته اصبحت لا معنى لها حيث يقول في قصيدة " وَاحِدًا عِشْتُ ":

أشرب الوحدة بالكأس  صرْفَا   والجوى عبر الشّرايين  أغفـى
لم يفِ الأمس بوعـد  هنـاءٍ   لا ، ولا الحاضر من أمسِ أوفى
ونذير الغـدِ مـا  جـاء  إلاّ           بوعيدٍ يشعل النّفـس خوفـا
 
 
واحداً عِشْتُ وما زلتُ أحيا          أكتب الحرّ وأشدو المقفَّـى
 
كلّ ما عشتُ سرابُ  حياةٍ       دون معنى  فالمضامين  جوفا
أي عمرٍ مثقـلٍ  بالتمنِّـي                لعب الصدُّ بـه واستخفّـا
قدري أن أتبع العشق  وهماً        وأظلّ الدّهر أصحبُ  طيفا
أعصر الحرفَ  عُقَارَ  ضياعٍ    وسرابُ الوصل يبدو ويخفى
ثم أستدعي الخيـال نديمـاً          نتساقى الشّعر شهداً مصفّى
ثم أصحو فأرانـي وحيـدا        وسوافي البين تعصف عصفا
قَدَرِي أن أتْبَعَ العشقَ وَهْمًا         وأظلّ الدَّهْرَ أصحبُ  طَيْفَا
ثم أصحو  فأراني  وحيـدا       وسوافي البين تعصف عصفا
حلُماً غذّيتُه من  دمائـي              فتنامَى وأنا ازددتُ ضعفا
أيّها القلب كفانا ..  كفانـا         فمتى من علّة الوهم نشفى ؟؟
*ابو هشام
13 - يونيو - 2009
اسأل بها خبيرا    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
 
 ومن يغتربْ عن قومه لا يَزَلْ يرى * مَصارعَ مظلومٍ مَجَرّاً ومَسحبا
ومن يغتربْ عن قومه لا يَجدْ له      * على مَن له رهطٌ حوالَيْهِ مَغضَبا
وتُدفَنُ منه المُحسِناتُ وإنْ يُسِىء       * يكنْ ما أساء النارَ في رأس كَبكَبا
نعم ، فإنّ من يغترب عن قومه يُظلم ، ويحتمل الظلمَ ؛ لعدم الناصر ، وتخفى حسناته وتظهر سيئاته كأنها نار في رأس جبل ( كَبكَب).
 
يا أبا هشام الحبيب: ينسحب كلامك على الأجيال المتعاقبة ! أمّا الأصول فلا ، وسَلْني ، فأبيات الأعشى كأنها تنطِق عن نفسي وأنا هنا في أمريكا منذ تسعَ عشْرةَ سنةً . ولكنْ مِن قَبيل التحدث بنعمة الله ، فإنّ هداية الواحد منهم ودخولَه في دين الله على يديَّ( بفضل الله وتوفيقه) يُلغي كل آلام الغربة الدنيوية الزائلة .....إنني أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن أعيش غريباً ، وأموت غريباً ، وأن أكون داخلاً تحت قول المصطفى ، صلى الله عليه وسلم ، :" طُوبى للغرباء"، مع عِلْمي بأنّ الغريب ليس شرطاً أن يكون بعيداً من الوطن.....
*د يحيى
14 - يونيو - 2009
التخدير الإلاهي     كن أول من يقيّم
 
أحييك أخي د. يحيى  من كل قلبي ، وأنا معك فيما قلت ، فإن المؤمن الحق أينما حلَّ أو ظعن لا يشعر بوحشة من يشعر بها غيره ، لكنَّ لفيح الغربة ولهيبها لا بدَّ وأن يهبَّ على المؤمن من آونة لأخرى ، ربما يكون من باب الذكرى ، أو الشوق أو بالأحرى لمن ارتبط معهم وجدانيا   .. لكنَّ استحضاره وتعلقه بالخالق (عزَّ وجلَّ) ، ونظرته الدؤوب نحو الآخرة ، تمنحه تخديرا إلاهيا  فلا يشعر بالألم العميق للغربة  ، فتصبح عليه الغربة يسيرة ، هينة ؛ فذكرتني أخي بحادثة حدثت أيام الخليفة هشام بن عبد الملك ، حيث دعا من المدينة صديقا له ( لم تسعفني الذاكرة بذكر اسمه ، وأنت أعلم مني )  فجاء بصحبة ابنه الصغير ماشيا وفي الطريق أصيب الرجل بقدمه فتورَّم القدم  ، وواصل الطريق .. فلما وصل دمشق وإلاَّ بحرارته مرتفعة والألم  زاد ، والوضع سيء ، فأحضر له الخليفة أمهر الأطباء ، فقرروا بتر القدم ، لأنه مع المدة تعفن وتسمم ، وبأمر من الخليفة أحضروا له أفضل مخدر ، فرفض الرجل وقال : لا أريد أن  أُغيِّبَ عن ذكر الله تعالى  ، وطلب منهم أن ينشروا القدم وعينه تنظر إليهم دون خوف أو ندم  ،  وفمه عن ذكر الله لا يتوقف ، فكان التخدير الإلاهي عنده أقوى من أي مخدر ، وبعد أن أنهى الأطباء عملهم غسلوا الرجل وكفنوها وقدموها ، فتناولها ليودعها فقال : الحمد لله الذي أصابني في قدمي وعافاني في سائر أعضائي .. ابنه الصغير كان في شرفة قصر الخليفة  واقفا ينظر إلى الاسطبل والخيول ، فغلب عليه رأسه ، فسقط ، ومات .. فعلم أبوه بالخبر فقال آتوني به لأودعه ، فنظر إليه والدمعة تقفز من عينه ، فقال : الحمد لله الذي أصابني بإبني وعافاني في باقي أولادي .. فنحن يا أخي د. يحيى نتكلم عن الغربة الدنوية التي تذرف فيها الدموع سواقي وجداول ، إلاَّ غربة الموت ، لأن الميت لا يبكي .. إنما يبكي من ودَّعه ..   
*ابو هشام
15 - يونيو - 2009
تصويب    كن أول من يقيّم
 
فنحن يا أخي د. يحيى نتكلم عن الغربة الدنوية .. الغربة الدنيوية
*ابو هشام
15 - يونيو - 2009
صورة لذرف الدموع    كن أول من يقيّم
 
نزول الدمعة من عينيِّ رسولنا كانت من جنس ضحكته ؛ لم تكن بشهيق ورفع صوت ، كما لم يكن ضحكه بقهقهة ، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ، ويسمع لصدره أزيز .
وعَن عبد اللَّه بنِ الشِّخِّير - رضي اللَّه عنه – قال[1] :" أَتَيْتُ رسُولَ اللَّه وَهُو يُصلِّي ولجوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ ".


-  رواه أحمد [1]
*ابو هشام
20 - يونيو - 2009
سؤال    كن أول من يقيّم
 
لماذا لم تظهر الكلمات "صلى الله عليه وسلم "بعد كلمة الرسول في نص صفة البكاء عند الرسول صلى الله عليه وسلم ؟..وهي صورة كلمات متداخلة مع بعضها البعض، كما في كتب الحيث ...
*ابو هشام
20 - يونيو - 2009
 1  2  3