البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : الأدب النّسويّ    كن أول من يقيّم
 فاطمة  
19 - مارس - 2009
في الأدب النّسويّ: من الملاحَظ في العِقديْن الأخيريْن التّحولات في الأدب النّسويّ أو كما يُدعى بالأنثويّ أو أدب المرأة: فهي الآن تخلّت عن منطق الدّفاع، واتّخذت الهجوم أفضل "سلاح" لها، وأعلنت الحرب على الرّجل!
 كأنّ هناك اعترافًا بأدب مناقض هو الأدب الرّجوليّ.
أصبحت الكاتبة تعتبرُ الزّواج فكرة هدّامة، يحاول فيها الرّجل أن يسيطر عليها ويخضعها لسُلطته.
هل هناك أدب نسويّ وآخررجوليّ فعلاً؟ أوليست هذه التّقسيمات تضيّق على الأدب وتخنقه وتحدّ من جماليّته ومتعته؟
أدعوكم للمشاركة والإدلاء بآرائكم...
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ياسمينة خضراء ...    كن أول من يقيّم
 
الأخت فاطمة ،
تحية طيّبة ،
موضوع الأدب النسوي من الموضوعات التي سال من حولها الكثير من الحبر ودار بشأنها الكثير من الجدل ، 
ويمكن اختصار هذا النقاش بالسؤال " هل للمرأة رؤية للعالم ، مختلفة عن نظيرها الرجل ، وهل يؤثر هذا الاختلاف في أشكال الإبداع ، كتابيا كان أو شفهيا ؟ "
يحكي أحد النقاد عن محاضرة ألقتها إحدى الأستاذات الجامعيات بكندا حول كتابات ياسمينة خضراء (*) ، وكيف حاولت البرهنة على الرؤية النسوية داخل الأدب الجزائري وعن تميّزها ، على الرغم من مظاهر العنف (البدني والمعنوي والرمزي)
الذي تتعرّض له ...
الطريف في الأمر أنّــه اتضح فيما بعد أنّ ياسمينة خضراء " هذه " في الحقيقة اسم مستعار لكاتب جزائري يدعى " محمد مولسهول " ، الذي استعاض عن إسمه الحقيقي باسم زوجته (ياسمينة) واسم أمّه  (خضراء) ، وسقطت بالتالي تلك التنظيرات عن الأدب النسوي وتميّزه المزعوم ...
لا شكّ ، أنّ للمرأة ، رؤية مختلفة للعالم ، عن تلك التي يكوّنها الرجل ... تكون هذه الرؤية عادة نتيجة تكوينها وخلقتها ، ونتيجة الفضاءات التي تعيش فيها ، ولطبيعة الخبرات التي تكتسبها ، وللعلاقات التي تؤلّفها وتأتلف معها ...
إنّ هذا التميّز الوجودي ، قد يكون له أثر على الكتابة ، ولا شكّ عندي أني حين أقرأ فدوى طوقان أو غادة السمان أو أحلام مستغانمي ، فإنني أشعر باختلاف وتميّز هذه الكتابة عن نظيرتها التي أنتجتها الذائقة الرجولية ...
ولا ريب ، أنّ الكتابة في ذاتها ، هي تحوّل داخل التحول ، كما تقول إحدى الناقدات ، فالمرء حين يكتب ، إنّما هو يخالف ذاته من حيث يريد تمثيلها ، ألا ترى كيف تخرج الكتابة أحيانا مخالفة لما نريد قوله ، لذا فمن طريف ما يحكى عن توفيق الحكيم ، أنّه كثيرا ما كان ينتشي بكتابات من بنات أفكاره ، لا يعلم بذلك حتى يخبره الآخرون ...
إذا كان الأمر على هذا الحال مع الكاتب ذاته ، فما بالك بالكتابات الأخرى ...
التميّز إذا سنّة كونية ، غير أنّ التميّز لا يعني بالضرورة المناقضة ... فالأدب في الأخير ، وإن كان فضاء جماليا للإبداع والتخييل ، قد يتحوّل إلى مكان لتصفية حسابات إيديولوجية ، ولا يرتبط الأمر بجنس المبدع ، بل لتصوره للعالم ولرؤيته للأفكار والأشخاص والأشياء ، تلك الرؤية التي تتأسس في مرجعية معينة ، وتتطور في محاضن خاصة لها ... لذا فكثيرا ما يقرأ المرء كتابات "رجالية " تدافع عن المرأة وعن قضاياها ، وبالعكس يقرأ أحيانا لكتابة نسوية تضطهد المرأة من حيث تدري أو من حيث لا تدري ....


(*) ياسمينة خضراء : من أشهر الكتاب الجزائريين الذين يؤلفون بالفرنسية ، كتب باسم مستعار ، حين كان ضابطا في الجيش الجزائري ، تحت طائلة الكتمان ، ثمّ خرج إلى العلن ، وأصبحت روايته من أكثر الكتابات مبيعا في فرنسا وفي الغرب ...
له : " صمت الحملان " ، " بماذا تحلم الذئاب " ، " الكاتب " ، " الاعتداء " ، " سنونوات كابول " ، " أجراس بغداد " وغيرها ... ترجم بعضها إلى العربية ...
*زين الدين
20 - مارس - 2009
أهلاً بالأستاذة فاطمة ، وكل عام وأنت بخير.    كن أول من يقيّم
 
الخطاب النّسوي واللغة
بقلم الكاتبة: رباب هلال
 
لم تختلف النّسوية بكل اتجاهاتها ونظرياتها المختلفة، حتى الراديكالية المتحررة، التي بدت متطرفة في طروحاتها، حول ضرورة مشاركة الرجل في شتى ميادين الحياة، السياسية، الاقتصادية، الفكرية، الثقافية، والاجتماعية، الخ... وأن الكثير بين تلك النظريات أعلنت أنها لا تهدف إلى استبدال مركزية ذكورية بأخرى نسوية.‏
 
تُجمع النظريات النّسوية على مناهضة هيمنة القطب الواحد على العالم. وذلك لخلق التوازن، وتحقيق العدالة، وإصلاح ما أفسدته البطريركية الذكورية عبر قرون طويلة بمركزيتها الاستبدادية، وقطبها الواحد الذي هيمن على الحياة، وأودى بالبشرية إلى ما وصلت إليه من كوارث سياسية، اقتصادية، اجتماعية، وبيئية الخ... تلك البطريركية التي بدت الحياة معها كأنها حق للرجل وواجب على المرأة. وإمعاناً في استبداديتها فقد عملت على تشويه البشرية، نساءً ورجالاً، على حدٍّ سواء.‏
 
لابد للاستبداد، مهما طال الزمان به، أن ينشئ، من حيث لا يدري ولا يقصد ولا يريد، مقاومة تتعادل معها كفتا الميزان، فكانت النّسوية.‏
 
يشير مصطلح النسوية إلى كل من يعتقد بأن المرأة تأخذ مكانة أدنى من الرجل في المجتمعات التي تضع الرجال والنساء في تصانيف اقتصادية أو ثقافية مختلفة. وتصرّ النسوية على أن هذا الظلم ليس ثابتاً أو محتوماً، وأن المرأة تستطيع أن تغيّر النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي عن طريق العمل الجماعي. ومن هنا فإن المسعى النسوي هو تغيير وضع المرأة في المجتمع.‏
 
لقد حاولت فلسفة العلم النّسوية ، الرافضة للتفسير الذكوري الوحيد المطروح للعلم بنواتجه السلبية، إبراز وتفعيل جوانب ومجالات وقيم مختلفة خاصة بالأنثى، جرى تهميشها وإنكارها والحطّ من شأنها بحكم السيطرة الذكورية، في حين يجب أن يفسح لها المجال وتقوم بدور أكبر لإحداث توازن منشود في مسار الحضارة والفكر.‏
 
نشأت النسوية في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، وهي في أصولها حركة سياسية تهدف إلى غايات اجتماعية تتمثل في حقوق المرأة وإثبات ذاتها ودورها.و قد توالد عنها فيما بعد فكر نسوي، وفي سبعينيات القرن العشرين نجم عنها فلسفة نسوية.‏
 
وانطلاقاً من مبدأ المشاركة، فإن النّسوية موقف، بإمكان كل من المرأة والرجل تبني مواقفها والسعي إلى تحقيق أهدافها.‏
 
يعتبر كتاب "استعباد النساء" 1968، للفيلسوف "جون مل ستيوارت"، إعلاناً للحركة النسوية والنص النسوي بكل المعايير وقبل ظهور مصطلح النّسوية ذاته. وقد استهل "مل" كتابه هذا بقناعاته الراسخة التي تؤمن بأن: "المبدأ الذي ينظّم العلاقات الاجتماعية الكائنة بين الجنسين، أي تبعية أحدهما القانونية للآخر، إنما هو مبدأ خاطئ في ذاته، وينبغي أن يحل محله مبدأ المساواة الكاملة التي لا تسمح بسلطة أو سيادة أحد الجانبين على الآخر...".‏
 
ظلت البطريركية الذكورية تعمل طوال عقود على حماية السلطة والسيادة أحادية القطب والمركزية، ولم يتوقف الأمر معها عند عدم إشراك المرأة والاعتراف بجدارتها وإمكانية اكتشاف قدراتها وممارسة خبراتها، وإنما على تهميشها وقمعها والنظر إليها على أنها آخر دوني، ولطالما نظر إليها على أنها شرٌّ. إلى أن رسخوا لديها تلك القناعة في أغلب الأحيان.‏
 
لم يقتصر بطاركة الاستبداد الذكوري على سلب المرأة حقها الطبيعي في تنمية وتطوير مجالات الحياة، أو على حرمانها من حقوقها القانونية والشخصية، وطمس أسماء كثيرات أسهمن وأبدعن في شتى مجالات العلم والفكر والأدب والبيئة الخ... أو على سلبها اسم عائلتها حين تصبح زوجة، لتنتمي بتبعية مطلقة إلى زوجها، ثم لتأتي الأمومة وتطمس أي اسم لها لتصبح أم فلان أو علان دون أية علامة فارقة. وإنما زادت البطريركية على ذلك بأن نبذتها من الخطاب اللغوي السائد.‏
 
ولا يغرّنا أو يفرحنا ما يتوجه به خطباء المنابر الرسمية والإعلامية بادئين الخطاب بتحية إلى السيدات أولاً ثم إلى السادة.. إلى الأخوات ثم الأخوة. ولن يتعدى ذلك تلك المقولة التي أفرزتها الإتيكيت الذكورية Ladys First، لماذا السيدات أولاً وكيف؟... من نافل القول إن لغة الاستبداد لغة منافقة.‏
 
جاء في تعريف اللغة أنها نسق من الإشارات والرموز يشكل أداة المعرفة، ويعمل على حفظ واستعادة منتجات الثقافة الروحية والعشرة البشرية. ومن دون اللغة يتعذر نشاط الإنسان المعرفي. فأفكار الإنسان تصاغ دوماً في قالب لغوي، حتى في حال تفكيره الباطني. واللغة ترمز إلى الأشياء المنعكسة فيها، فرموزها تبدو وكأنها تحل محل الأشياء المنعكسة فيها.‏
 
تبعاً لهذا التعريف فإن ما ينعكس في اللغة خطاب ذكوري مستبد، وعلى اعتبار أن هذا الخطاب قد همّش المرأة وجردها من الحضور الفعال، فإن المرأة غائبة. وبالتالي فإن اللغة لن تعكس ماهو غائب، وإن كانت اللغة تعكس الأشياء المنعكسة فيها، فهي مثل المرآة لا تعرف الكذب، ولن يكون بمقدورها أن تحجب أو تضيف أو تعكس تبعاً لمزاجيتها. ومن نافل القول إن اللغة مُختلقة وغير خالقة، مصنوعة وغير صانعة، فإن واقع حالها يدل على عدم الانحياد وعدم الموضوعية، وأن الصانع قد خلقها تبعاً لمزاجيته ومصالحه، حتى أنه بدا متناقضاً، وإلاَّ لكانت اللغة، بحسب التعريف المتفق عليه والموافق عليه من قبل البطاركة الذكوريين أنفسهم، قد عكست ماهو موجود فعلاً، لكانت عكست مفردات مثل: الأستاذة والدكتورة والمهندسة والنائبة والقاضية والتاجرة....، أم أن أولاء غير موجودات بالفعل، وأنهن مجرد أوهام وخيال وظلال؟!...‏
 
في اللغة العربية، اخترعت كلمة: أمَة، فلماذا لم تُكرّس مفردة عبدة مثلاً، مؤنث عبد، أم أنه وحده عبد الله مفرد لجمع عباد الله؟ وإن سميت إحداهن فإنه يطلق عليها الاسم المذكر والمصغّر (عبيدة)!! ألم يتوجه الخطاب القرآني، بوعده ووعيده إلى الذكور والإناث كل على حدة، وقد ذكر المؤمنين والمؤمنات، الصالحين والصالحات، القانتين والقانتات، الزانين والزانيات،....؟!..‏
 
في اللغة الفرنسية نجد أن كلمة Homme، وفي الإنجليزية كلمة men تعنيان الإنسان والرجل. أليس في ذلك تحيزاً يومياً للرجل في اللغة الاجتماعية؟ كما ما قالت به المنظرة النسوية "ديل سبيندر" 1980.‏
 
أما المنظرة النسوية "كيت ميليت" فقد قامت بتحليل للقوالب النمطية الأدبية في كتابها "السياسات المنحازة للرجل" 1970، والذي تستند عليه الدراسات النسوية الحالية للاستخدامات اللغوية.‏
 
كانت اللغويات (علم اللغة) من أبرز المجالات التي شهدت مدّاً لافتاً، ينطلق من مسلّمة معاصرة تقول: "إن اللغة ليست مجرد وسيط شفاف يحمل المعنى. بل هي مؤسسة اجتماعية محمّلة بأهداف ومعايير وقيم المجتمع المعني. وبالتالي قامت اللغة بدورها في تجسيد الذكورية المهيمنة، وهذا ما ينبغي كشفه توطيداً للتحرر منه". وتبعاً لهذه المسلّمة فإن اللغة صنيعة الرجل، أي الإنسان، وعليه فإن التشكيك وإعادة النظر فيها لن يكون كفراً أو جريمة، وخاصة أن هذه الصنيعة لم تكن منصفة حين ألغت من خطابها التعبيرات والمفردات الخاصة بالأنثى.‏
 
لقد عمل المنظّرون والمنظّرات، المفكرون والمفكرات، اللغويون واللغويات لإعادة التوازن والسلامة إلى عالم أعور وأعرج وأصم بالتأكيد، وإلاَّ لكان رأى وسمع وهرع بقدميه لوقف كوارث نتاج البطريركية الذكورية.‏
 
ألا يستدعي العجب وربما السخرية أن تكون عبارة بطريركية ذكورية مؤنثة؟!.. لا ضير عليهم إذن وهم يستدفئون في دورانية تاءات التأنيث، وحنان صدرها، حكمتها، حدسها الراداري، وعقلها الذي أهلّها لتكون على منزلة هامة من العلم والفلسفة والتصوف والأدب والإبداع بشتى مجالاته.‏
 
يجب على الأجيال اللاحقة تطوير ما أنتجه السابقون، والعمل على تحوير التنظير إلى واقع. لاشك أن الجهد كبير ويحتاج مؤسسات لتنفيذه. وإن كانت الألف ميل تبدأ بخطوة، فلماذا لا نبدأها في المناهج التربوية في مدارسنا التي تعتبر أول الخطو في التعلم والمعرفة، وندرج في الكتب إلى جانب ما له: ما لها، وما عليه: ما عليها. لم لا وقد باتت الأخت والأم والجدة والخالة والعمة والجارة مدرّسات وطبيبات، عالمات وتاجرات، سائقات وشرطيات، ومناضلات شهيدات الخ....‏
 
ربما ينفر مهتم جاد، من سخرية الحاضرين، ويسأل عن حجم البلبلة وحجم الأزمة التي ستنجم عن استهلاك مزيد من الحبر والورق والجهد والوقت الذي قد يطول لاستيعاب الأمر وتمثله!‏
 
أما بالنسبة للزمن الذي يقتضي فيه تمثل لغة الأنوثة وحضورها في اللغة، فإنه باعتقادي يوازي ما احتاجه البطاركة الذكور سابقاً للتصديق بكروية الأرض.‏
 
أي اختصار مرير يربك ويفقد التوازن؟.. اختصار الكلمات والمفردات الموجهة للمرأة، أم اختصار حضور المرأة الفعال والحقيقي؟ هذا الحضور الذي دفعت النساء ثمنه غالياً خلال ألفي سنة مضت.‏
 
إن الصراع والنضال من أجل قضية المرأة وتحررها، الذي بدأ مع "ماري ولستو نكرفت"، مروراً بقاسم أمين، نظيرة زين الدين، هدى شعراوي، ومن لويس آلتوسير إلى كيت ميليت، وجولييت ميتشل، وغاياتري سبيفاك... لن ينتهي بالتأكيد والحال على ما هي عليه!!!..‏
 
المراجع:‏
1-النّسوية وفلسفة العلم-د.يمنى لطيف الخولي، عالم الفكر، المجلد 34.‏
2-النّسوية وما بعد النّسوية ، سارة جامبل، ترجمة: أحمد الشامي، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة
*د يحيى
21 - مارس - 2009
المرأة أمي وززجتي و......    كن أول من يقيّم
 
أدب المرأة في العالم العربي
دراسة وبحث وتقديم: يحيى الصوفي
 
الأدب النسائي في الوطن العربي.؟.... أدب المرأة.؟....المرأة والأدب.؟.... الأدب النسوي.؟... المرأة في الأدب والقصة العربية.؟
عناوين كثيرة وكبيرة قد تثير انتباه القارئ أكثر مما تحتويه من فكر وفائدة.!؟....
ولهذا أوقعتني هذه المهمة في الكتابة عن أدب المرأة أو الأدب النسائي في الوطن العربي في حيرة كبيرة والتباس في المدلولات والرموز حتى أنني وقفت عاجزا عن اختيار العنوان المناسب لها.!
خاصة بعد أن اطلعت على أكثر من مقالة ودراسة ورأي حولها. وكدت أن استسلم واترك الموضوع وشأنه، لأنني لم اعتد على الكتابة إلا بدافع الحاجة... وحاجتي كانت دائما وقبل كل شيء تتصل في العثور على الحقيقة، وتفسير الغامض منها، والفهم عبر الكتابة عنها.؟.... ولهذا  تأتي كتاباتي مختلفة في صيغتها عما يطرحه الآخرون، لأنها لم تكن في أي حال من الأحوال إلا محاولة بريئة وصادقة في البحث عن جواب شفاف وصادق.!...
1- والسؤال الأساسي والأول المطروح هو: هل يوجد حقا أدب نسائي.؟... وبالتالي يفترض أن يكون هناك أدبا رجاليا بالمقابل.؟ وما هي خصائصه وصفاته ومميزاته التي تدل عليه.؟ أي بمعنى هل يكفي أن تكتب المرأة موضوعا أدبيا حتى نصنفه بأنه أدب نسائي.؟...  أو تصنيفها ككاتبة أو أديبة نسوية.؟... وهل يصح ويكفي الكتابة في شؤون المرأة ( على تنوعه ) حتى نصفه بأنه عمل يتعلق بالأدب النسوي.!؟...
أرجو ألا يكون كذلك. وإلا تحتم علينا إنشاء نقابات وأندية خاصة بالأدب النسوي مع ما سيفضي إليه هذا التصنيف من ملحقات وتشعيبات وقوانين تميزه عن غيره وتضع له شروطه.؟ وقد يؤدي في النهاية إلى ضم كل من كتب عن المرأة تحت لواءه حتى وان كان رجلا.!؟؟؟
بحيث يعيدنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر. والبحث عن مسميات جديدة له تحفظ خصوصية ( أدب وكتابة وربما ثقافة المرأة كوحدة خاصة مميزة بمفردها ).!؟؟؟
 
ومن ثم ماذا سيكون موقفنا من الدراسات الاجتماعية والتاريخية والطبية والفلسفية والفنية وكل ما يمت للعلوم الأخرى -والتي لا تتصل بالأدب- بصلة.!؟ وتكتب فيها المرأة بحكم اختصاصها وموهبتها ومهنتها.؟... وهل نصنفها تحت الكتابات العلمية التاريخية الفلسفية الفنية النسائية... أيضا.!؟؟؟... أم أن لها تصنيفات أخرى لا نعرفها.!؟
وهل إذا بدأنا على هذا المنوال ستصل الحال بنا إلى طب وسياسة وفلاحة وهندسة وفنون نسائية..الخ..الخ..الخ.!؟
 
2- أنا أتصور وبكل بساطة بان هناك علم وأدب إنساني فقط، يشارك في بناءه وتطوره ونجاحه ذلك المخلوق الرائع الذكي الوحيد الذي استطاع أن ينتصر على كافة المخلوقات ألا وهو الإنسان.... وبان الإنسان بتناوبه في ثوب الذكر أو الأنثى -(( أنا استعضت بالذكر والأنثى عن الرجل والمرأة حتى لا احرم ما دونهما من حقوق (كالأطفال والفتيان) ولما لا الملتبسين في الخلقة والتكوين والجنس ( كالمخنثين) ))- لا يعكس بأي حال من الأحوال إلا هموم جنسه وقد يتجاوزه بدافع روحي وأخلاقي وديني بحت إلى الاهتمام والحماية والدفاع عما يحيط به من خلائق سواء بيئية أو حيوانية لأنه يدرك بحسه الفطري بأنه ينتمي إليها بطريقة أو بأخرى.!
وتصوري ذاك يقودني إلى الاعتقاد بعدم وجود جنسين من الأدب ( أدب ذكوري أو أنثوي) (أنا لا اتفق على ما جاء به البعض من تشبيه الأدب النسائي بالأدب الخليجي أو أدب المهجر.؟؟؟... تمهيدا لتكريسه والاعتراف به .؟؟؟ لان الموضوع يتعلق بجنس الكاتب وليس موطنه إلا إذا اعتبرنا بان المهاجرين والخليجيين من جنس واحد.!!!؟؟؟....) وبان الفارق الوحيد الذي يثير اللبس في وصف وتحليل وكتابة كل منهما تعود في الدرجة الأولى إلى الطريقة التي يعالجا فيها المشكلة التي يتحدثان عنها ونظرتهما الخاصة إليها. والتي تشبه في بعض أوجهها الفرق بين نظرة كاتب صحفي وطبيب كاتب.الخ... وهي تعتمد بدرجة كبيرة على الثقافة والتربية والبيئة الاجتماعية.
وأنا اعتقد بأن التسميات الحديثة التي التصقت بكتابات الأديبات العربيات ( أدب المرأة، أدب نسوي، أو أدب نسائي.!؟..الخ.) لم تكن أكثر من صفات أطلقت على أعمالهن لمحاولة إظهاره والدلالة على وجود أديبات عربيات وأدب يكتبه ويبدع به مثقفات ومتعلمات وكاتبات من الوطن العربي لا أكثر.!؟
خاصة بعد الاستقلال وحملات محو الأمية، والاعتماد على المرأة ومشاركتها في كافة المجالات التنموية، بعد إن كانت مهمشة وأمية وبعيدة عن الأضواء.
وتلك الحالة لم تكن بعيدة عن وضع الرجل سوى انه كان سباقا إلى الانخراط في البيئة الثقافية بصورة نسبية تتناسب مع حجم تفاعله ومساهمته في الميادين الأخرى.
وهذه الصورة بالتالي تختلف من بلد عربي إلى آخر كل حسب تاريخ انعتاقه من الاحتلال ووضع محو الأمية وتحرر المرأة فيه.
ولهذا لا يصح اعتماد تلك الصفات للدلالة على أدب مميز وخاص بعينه لأنها تفرغه من مضمونه وتجرد المرأة الكاتبة الخلاقة من حقوق تداولها للشأن العام ( الغير نسوي ) خاصة إذا ما وضعت في حالة الند والمنافسة مع الرجل في مواضيع ( نسوية ) قد يكون الرجل فيها أكثر إبداعا وقربا في تصويره للحقيقة منها.!؟
 
فقد يقترب الذكر في وصف حالة ما من مشاعر الأنثى لدرجة أكثر جراءة وصدقا مما يمكن أن تفعله هي ولأسباب تتعلق في الحفاظ على الحد الأدنى من أسرارها الأنثوية.!
وفي المقابل قد تقترب هي في طرحها وتناولها لموضوع اجتماعي أو سياسي أو عاطفي من عقل وخيال وحقيقة الذكر أكثر منه وذلك لأسباب تتعلق إلى إحجام هذا الأخير عن الإفصاح عنها لأسباب تتعلق بالعيب والسمعة والخوف من ربط الحدث بكاتبه.!؟     
وقد لا يصيب التوفيق أي منهما في الوصول إلى تمثيل ووصف مشاعر الطرف الآخر بحيث يقف كل منهما مذهولا أمام الحقيقة إذا ما أنيط اللثام عنها.؟
إذا يقترب كل منهما من الصدق في وصف مشاعر وهموم الآخر بدرجة اقتراب أي منهما من صفاة الآخر.!...
فنجد عند الذكور من يتصف بدفء ورقة المشاعر ورهافة الإحساس وشدة التأثر والتعلق والإخلاص للعائلة والأطفال. كما نجد عند الإناث من يتصف بالخشونة في المعاشرة وحب المغامرة والخروج عما هو مألوف في طبيعتها ومعاملتها للغير.  
ويقتربا كثيرا من طرحهما ووصفهما للحدث إذا ما تناولاه بصيغته الأكاديمية والبحثية المجردة.
 
3- أن يتم طرح الموضوع بعيدا عن الجنس والاستعاضة عنه بمراحل العمر المختلفة وتقسيمها إلى ثلاث مراحل بارزة ومتفق عليها ألا وهي:
 
ا- الفتوة: وفيها يبدأ الإنسان باكتشاف ذاته ومحيطه وموهبته. ولا يختلف الكاتب عند أي من الجنسين في نظرته الحالمة البريئة والمثالية للعالم الذي يعيش فيه.! بحيث تبدو الكتابة عنه لا تعدو أكثر من نزهة للمشاعر في حديقة الحياة الغناءة. وهو يمارسها دون أي تحمل للمسؤولية أو أي شعور بوزر وثقل الضوابط الاجتماعية، فأي مشكلة قد تعترضه لا تحتاج أكثر من بضع كلمات أو سطور في قصيدة... بحيث تعود الأمور بعدها إلى نصابها وكما كانت من قبل.؟... فالحياة لديه لا تتجاوز حدود غيمة عابرة تتمدد وتتشكل لترسم الصورة الجميلة التي يحلم بها.!؟
 
ب- الشباب: وفيها يبدأ الإنسان (من الجنسين) بالكتابة ورسم العالم الذي يحيط به بشيء من الشاعرية والخيال ولا يخلى في بعض الأحيان من الثورة.؟...
لقد بدأ يكتشف العوائق التي تحيط به والمتمثلة بالقوانين والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية...هذا بالإضافة إلى سلسلة طويلة من الإشارات والرموز القابعة هاهنا في عقله ووجدانه تتربص به وتحد من طموحه.!؟... وفي بعض منها انعكاس لأمر صارم من أب يهابه.؟ أو دمعة دافئة سخية كانت قد سرت على وجنيني أمه الناعمتين تهزه.؟ وبينهما تتجسد تلك التعاليم الدينية التي تربطه بالخالق وتجمع بينه وبين ملائكته ورسله المبجلين والمفضلين لديه....ولا يستطيع مواجهة أي منهم وتحت أي عذر. فهم يسكنون كيانه ويشكلون جزءا لا يتجزأ من شخصيته واسمه وضميره ولا بد من التعايش معهم ولو كان ذلك على حساب حريته الذي تمناها واشتهاها.؟... ولهذا لا يتأخر من بث لواعجه ومشاعره ومآسيه على الورق دون أن يقترح حلولا لها.؟... فهو مستسلما في كل الأحوال لقدره لا حول له ولا قوة.!؟
وبعض كتاباته الحالمة الخجولة قد تطفق بالمعاني النبيلة والحب المفعم بالصدق.... والأمل بمستقبل طيب ومشرق حر.... جاهز لكي يغدق بكل ما لديه من عطاء لمجرد أن ينتهي من العبودية التي يعيش فيها،... متوجها لبناء حياة مشتركة مع الطرف الآخر.!؟ فهم يتشابهون بقدر ما في الصيغة والطرح.!
  
ج-سن الحكمة أو الرشد: حيث يبدأ كل من الجنسين باختبار معرفته لذاته وكشف مشاعر الطرف الآخر بحكم المعاشرة والخلطة ويبدأ بنقل خبرته ومهاراته إلى الغير.؟
فقد آن الأوان لكل من الجنسين الاقتراب -في تطرقهما للمواضيع المطروحة- من الحقيقة بشيء من التجرد والصدق والشجاعة.!... فلقد انتهت فترة المناورة والاختبار وبات كل طرف على دراية كافية بالآخر لدرجة يستطيع بها الحلول مكانه والتحدث بلسانه بشيء من الثقة والإصرار على لعب دوره كاملا. لقد اكتملت معارفه، ونضجت خبراته، وبدأت فترة العطاء الحقيقي في تدريب وتعليم ونقل النصيحة والمعرفة للغير.! وربما تخطي حاجز المؤازرة والدفاع ورد الظلم عنهم إلى المواجهة، مع كل ما يحمله ذلك من عواقب.؟... فهو الصادق مع نفسه المخلص لمبادئه.
 
4- إن سبب ازدهار فكرة الأدب النسائي يعود بالدرجة الأولى إلى عمل البعض على تحجيم دور الكاتبات العربيات وإبعادهم عن أخذهم الدور والمكانة الطبيعية التي يستحقونها. واعتباره أدبا خاصا يراعي نموذجا واحدا وهو النظرة الأنثوية وطريقة معالجتها للأشياء من ناحية وإلباسها صورة المدافعة عن حقوق المرأة -مع ازدهار حركات تحرر المرأة في العالم بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص- من ناحية ثانية.
ومما أعطى للمدافعين عن هذه الفكرة المصداقية هو اندماج بعض الباحثات عن الشهرة من كاتبات وأديبات الوطن العربي إلى تبني أفكار تلك الحركات بدلا من البحث عن أسباب تخلف وجهل وأمية المرأة في الوطن العربي والتي تعود إلى نفس الأسباب التي يعاني منها الرجل وهم في هذا سواء.!
وكان من نتيجته ازدهار ما يسمى بالأدب النسائي لما كان يتمتع به من حماية ودعم من السلطات الرسمية وفسح المجال واسعا أمام أعمالهن وكتاباتهن لإعطاء المصداقية لبعض الحكومات في الوطن العربي أمام العالم حول إعطاء المرأة حقوقها واندماجها بالحركة الثقافية العالمية.!؟
 
ولهذا بدأنا نشهد نشاطا متزايدا لترجمة كتاباتهن -عن غير وجه حق- إلى اللغات الأجنبية لأنهن يشتكين فيها من ظلم الرجل والزواج بالإكراه وحرمانهن من العمل...الخ الخ الخ ( وهو ما يثلج قلب الغرب ويفرحه لأسباب معروفة ) وكلها مشاكل اجتماعية عامة للرجل فيها ما للمرأة من نصيب في القهر.
هذا بالإضافة إلى إنهن لا يضفن إلى الأدب العالمي أي جديد سوى قراءة أعمالهن وكأنه خبر في جريدة ووصف لحالة إنسانية متخلفة ومزرية دون إظهار أي بعد عاطفي أو إنساني أو أدبي لأعمالهن.؟
وهذا ما شجع المصنفين لهن ولإعمالهن على الإصرار بوجود أدب خاص بالمرأة حتى يحافظون على احتكارهم للأدب وملحقاته( الصحافة والإعلام ودور النشر ) بصيغته الذكورية المعروفة.
 
5- وأخيرا أنا أعلق الآمال على جيل جديد من الكتاب من الجنسين تجاوزوا مرحلة الخوف أو الحرج أو الخجل من تناول أي موضوع ومن أي نوع ومن أي مستوى كان لما تمنحه وسائل  التعلم والاتصال مع الغير من حرية في التعبير وبلاغة وجراءة في الوصف تجعل من كتاباتهم وأدبهم عملا واحدا موحدا بذائقة فنية متنوعة وملونة بألوان ثقافية وموهبية جديرة بالاحترام. وتؤهلهم للحاق بالآخرين دون تردد وهذا ما أتوقعه وأتمناه.
*د يحيى
21 - مارس - 2009
Ladys First ...... والأدب النسوي    كن أول من يقيّم
 
 
     Ladys Firstوالأدب النسوي
استاذي وأخي د. يحيى كل تحياتي لشخصكم الكريم وصاحب العلم الغزير.. استوقفتني عبارة Ladys Firstوأنا أقرأ ما كتبت فتذكرت
قصة العبارة الشهيرة ليديس فيرست:
       هذه العبارة لها قصة عجيبة حدثت في إيطاليا في القرن الثامن عشر الميلادي ومفادها إنه كان هناك شاب من إحدى الأسر الغنية في إحدى مقاطعات إيطاليا وقع في حب فتاه من أسرة أقل منه في المستوى المعيشي والطّبقي التي ينتمون إليها ، اتفق الاثنان على الزواج ، لكن الشاب لاقى معارضة شديدة من أسرته والتي اضطرت لتهديده بعدم مباركة هذا الزواج...
        كبرت الضغوط وزادت على الشاب وعلى الفتاة ، فقررا الآّ يفرقهما إلاّ الموت ، وبالفعل خافا أن يفترقا من كثرت الضغوط فقررا الانتحار...
      توجها إلى صخرة عالية جداً ومطلة على البحر، عندها قررت الفتاة القفز أولاً ، لكن الشاب منعها من القفز بحجة أنه لا يستطيع أن يراها أن تموت أمامه .... فاتفقا على أن يقفز الشاب أولاً ، وبالفعل قفز وسقط ومات .....
     عندما رأت الفتاه هذا المنظر الفظيع غيرت رأيها ، وغدرت بالشاب وعدلت عن مرافقته في الموت ، ورجعت إلى البلدة وتزوجت شخصا آخر من طبقتها خائنة لحبيبها الذي ضحى بنفسه من أجلها..
     عندما علم أهل القرية بذلك قرروا أن يكنّ النساء أول من يقومن بالعمل قبل الرجل. وظهرت مقولة النساء أولاLadys First
ولكم منّي ألف تحية 
 
بحث الكاتب: يحيى الصوفي (بتصرف)
السؤال المطروح: هل يوجد حقا أدب نَسَويّ وآخر رجالي كما جاء على لسان الأخت فاطمة.؟... ما هي خصائص هذا الأدب وما صفاته وما مميزاته التي تدل عليه حتى نقول هذا أدب نسوي أو أدب رجالي.؟ هل عندما تكتب المرأة موضوعا أدبيا نصنفه بأنه أدب نَسَويّ.؟...  أو يكون تصنيفها ككاتبة أو أديبة نسوية.؟... وهل يصح ويكفي الكتابة في شؤون المرأة ( على تنوعه ) حتى نصفه بأنه عمل يتعلق بالأدب النسوي.!؟...لذلك علينا إنشاء نقابات وأندية خاصة بالأدب النسوي مع ما سيفضي إليه هذا التصنيف من ملحقات وتشعيبات وقوانين تميزه عن غيره وتضع له شروطه.؟ وقد يؤدي في النهاية إلى ضم كل من كتب عن المرأة تحت لواءه حتى وإن كان رجلا.!؟؟؟
بحيث يعيدنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر. والبحث عن مسميات جديدة له تحفظ وخصوصية ( أدب وكتابة وربما ثقافة المرأة كوحدة خاصة مميزة بمفردها ).!؟؟؟
 
ومن ثم ماذا سيكون موقفنا من الدراسات الاجتماعية والتاريخية والطبية والفلسفية والفنية وكل ما يمت للعلوم الأخرى ـ والتي لا تتصل بالأدب- بصلة.!؟ وتكتب فيها المرأة بحكم اختصاصها وموهبتها ومهنتها.؟... وهل نصنفها تحت الكتابات العلمية التاريخية الفلسفية الفنية النسائية... أيضا.!؟؟؟... أم أن لها تصنيفات أخرى لا نعرفها.!؟
وهل إذا بدأنا على هذا المنوال ستصل الحال بنا إلى طب وسياسة وفلاحة وهندسة وفنون نسائية..الخ..الخ..الخ.!؟
أنا أتصور وبكل بساطة بان هناك علم وأدب إنساني فقط، يشارك في بناءه وتطوره ونجاحه ذلك المخلوق الرائع الذكي الوحيد الذي استطاع أن ينتصر على كافة المخلوقات ألا وهو الإنسان.... وبان الإنسان بتناوبه في ثوب الذكر أو الأنثى -(( أنا استعضت بالذكر والأنثى عن الرجل والمرأة حتى لا احرم ما دونهما من حقوق (كالأطفال والفتيان) لا يعكس بأي حال من الأحوال إلا هموم جنسه وقد يتجاوزه بدافع روحي وأخلاقي وديني بحت إلى الاهتمام والحماية والدفاع عما يحيط به من خلائق سواء بيئية أو حيوانية لأنه يدرك بحسه الفطري بأنه ينتمي إليها بطريقة أو بأخرى.!
وتصوري ذاك يقودني إلى الاعتقاد بعدم وجود جنسين من الأدب ( أدب ذكوري أو أنثوي) وبان الفارق الوحيد الذي يثير اللبس في وصف وتحليل وكتابة كل منهما تعود في الدرجة الأولى إلى الطريقة التي يعالجا فيها المشكلة التي يتحدثان عنها ونظرتهما الخاصة إليها. والتي تشبه في بعض أوجهها الفرق بين نظرة كاتب صحفي وطبيب كاتب.الخ... وهي تعتمد بدرجة كبيرة على الثقافة والتربية والبيئة الاجتماعية.
وأنا اعتقد بأن التسمية الحديثة التي التصقت بالكتابات والأديبات العربيات (أدب نسوي) لم تكن أكثر من صفة أطلقت على أعمالهن لمحاولة إظهاره والدلالة على وجود أديبات عربيات وأدب يكتبه ويبدع به مثقفات ومتعلمات وكاتبات من الوطن العربي لا أكثر.!؟
خاصة بعد الاستقلال وحملات محو الأمية، والاعتماد على المرأة ومشاركتها في كافة المجالات التنموية، بعد إن كانت مهمشة وأمية وبعيدة عن الأضواء.
وتلك الحالة لم تكن بعيدة عن وضع الرجل سوى انه كان سباقا إلى الانخراط في البيئة الثقافية بصورة نسبية تتناسب مع حجم تفاعله ومساهمته في الميادين الأخرى.
وهذه الصورة بالتالي تختلف من بلد عربي إلى آخر كل حسب تاريخ انعتاقه من الاحتلال ووضع محو الأمية وتحرر المرأة فيه.
ولهذا لا يصح اعتماد تلك الصفات للدلالة على أدب مميز وخاص بعينه لأنها تفرغه من مضمونه وتجرد المرأة الكاتبة الخلاقة من حقوق تداولها للشأن العام ( الغير نسوي ) خاصة إذا ما وضعت في حالة الند والمنافسة مع الرجل في مواضيع ( نسوية ) قد يكون الرجل فيها أكثر إبداعا وقربا في تصويره للحقيقة منها.!؟
 
فقد يقترب الذكر في وصف حالة ما من مشاعر الأنثى لدرجة أكثر جراءة وصدقا مما يمكن أن تفعله هي ولأسباب تتعلق في الحفاظ على الحد الأدنى من أسرارها الأنثوية.!
وفي المقابل قد تقترب هي في طرحها وتناولها لموضوع اجتماعي أو سياسي أو عاطفي من عقل وخيال وحقيقة الذكر أكثر منه وذلك لأسباب تتعلق إلى إحجام هذا الأخير عن الإفصاح عنها لأسباب تتعلق بالعيب والسمعة والخوف من ربط الحدث بكاتبه.!؟     
وقد لا يصيب التوفيق أي منهما في الوصول إلى تمثيل ووصف مشاعر الطرف الآخر بحيث يقف كل منهما مذهولا أمام الحقيقة إذا ما أنيط اللثام عنها.؟
إذا يقترب كل منهما من الصدق في وصف مشاعر وهموم الآخر بدرجة اقتراب أي منهما من صفاة الآخر.!...
فنجد عند الذكور من يتصف بدفء ورقة المشاعر ورهافة الإحساس وشدة التأثر والتعلق والإخلاص للعائلة والأطفال. كما نجد عند الإناث من يتصف بالخشونة في المعاشرة وحب المغامرة والخروج عما هو مألوف في طبيعتها ومعاملتها للغير.  
ويقتربا كثيرا من طرحهما ووصفهما للحدث إذا ما تناولاه بصيغته الأكاديمية والبحثية المجردة.
*ابو هشام
22 - مارس - 2009
عذرا أخي د . يحيى    كن أول من يقيّم
 
 عذرا أخي د . يحيى
عذرا أخي وأستاذي د . يحيى كنت أريد أن أنزل موضوعا لفينوس فائق ولكن نزل معي هذا الموضوع بالخطأ..لأنك تحدثت عن هذا الكاتب يحيى صوفي وأقدم لكم إعتذاري.
*ابو هشام
22 - مارس - 2009
حوار ، ومحاور    كن أول من يقيّم
 
حوار مع د. رجاء عودة
شمس الدين درمش
 
الدكتورة "رجاء محمد عودة" مثال رائع للمرأة المسلمة الواعية، المجاهدة، التي تحرص على الإسهام في نهوض مجتمعها، ورفعة بنات جنسها.
تزوَّجت الدكتورة رجاء قبل حصولها على الشهادة المتوسطة، ورُزقت خمسة أولاد، ورغم ثقل مسؤولية الحياة العائلية، ومتطلباتها، وتربية الأولاد، إلاَّ أنَّها لم تتردد عندما سنحت لها الفرصة في مواصلة الدراسة التي أقبلت عليها تنهل من العلم وتتزوَّد بالمعرفة.
وحينما  طرحت الرئاسة العامة لتعليم البنات نظاماً جديداً لاختبار الشهادة المتوسطة، وهو نظام (السنة الواحدة) حيث يُتاح للطالبة امتحان الثلاث سنوات بامتحان واحد، كانت من أُولى المتقدِّمات للاختبار. وممَّا بعث الطمأنينة في نفسها واستئناسها بالدراسة، وجود ابنتها الكبرى "جمانة" معها في المرحلة نفسها ضمن النظام العادي، فكانت رفيقة دربها العلمي لعدَّة سنوات، حيث حصلتا على الشهادة المتوسطة معاً، ثمّ الثانوية، إلى أن حصلتا على درجة الدكتوراه، مع اختلاف التخصص، فحصلت جمانة على الدكتوراه في أمراض النساء والولادة، وحصلت الدكتورة عودة على الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها.
موقعنا "لها أون لاين" التقى الدكتورة رجاء محمد عودة، فكان هذا الحوار الثري:
* لم يكن الزواج عقبة في سبيل التحصيل العلمي، إذا توفَّرت العزيمة الصادقة، ومساعدة الزوج وتشجيعه، ثمَّ تنظيم الوقت واستغلاله في حقل الدراسة، ومن واقع تجربتي الذاتية لم يكن الزواج عائقاً لي؛ لأنَّ الدراسة كانت أمنية غالية في حياتي، فحرصت على اغتنامها عندما سنحت لي الفرصة، وكان زوجي ـ جزاه الله خير الجزاء ـ خير مشجِّع لي ومسانداً على تجاوز العقبات التي صادفتني. وكنتُ أستغل كلّ دقيقة من وقتي للدراسة والتحصيل، حتى عندما أقوم بأعمالي المنزلية كانت كراسة المحاضرات والكتاب الجامعي يرافقاني إلى المطبخ، حيث لم يكن لديَّ وقت كاف للدراسة دون إنجاز الأعمال المنزلية، ولم تكن لدي حينئذٍ مُساعِدة في المنزل تتحمَّل عبئاً من هذه الالتزامات، هذا فضلاً عن العناية بأولادي الستّة تربوياً ودراسياً، وكانوا (بحمد الله) متفوقين دراسياً.
وإلى جانب ذلك كنت بعيدة عمَّا يشغلني عن جوّ الدراسة، فمثلاً كنت لا أزور ولا أُزار إلاَّ للضرورة القصوى، حيث كنت أعتبر ذهابي للجامعة منطلقاً ترويحياً يغنيني عن النزهات الأخرى، وكنتُ أستمتع حقَّاً في أجواء الجامعة، وأشارك في معظم الأنشطة الثقافية، ونلت بعض جوائزها في مسابقة القرآن الكريم، والقصّة القصيرة.
وكان حبُّ المنافسة العلمية ميداناً ممتعاً لإثبات الذات، واستثمار الوقت، وعدم الإحساس بالفارق العمري مع الزميلات.
* كان اختياري لموضوع الماجستير ثمرة بحث دائب حول نوع من الشعر يتجاوز المواقف الرسمية، وشعر المناسبات، إلى شعر يتغلغل في أعماق الحياة، ويؤدِّي وظيفته فيها، بعد أن كانت غالبية الدراسات تتناول موضوعات تقليدية عامة، كالمديح، والهجاء، والرثاء، والغزل، وغير ذلك، أو بعض القضايا التي لا تمتُّ بكبير صلة إلى داخليات الشاعر الخاصة، التي تتطلَّب معاناة من نوع خاص، تقتضي التعبير عنها بصورة ملحّة.
ومن هنا وضعتُ يدي على نوعٍ من الشعر له صلة بالحياة، ويتفاعل معها، وهو: "شعر الأسرة في العصر الأموي". وقد اخترت العصر الأموي لسببين رئيسيين، الأول: أنَّ هذا العصر قريب العهد من عصر التدوين، فهو يقوم على دعائم أكثر اطمئناناً من سابقه، والسبب الآخر: هو الكشف عن وجه آخر للعصر الأموي في شعر وجداني مداره الصدق، لم تطمس معالمه الأحداث التاريخية، والصراعات السياسية.
وقد أفضت هذه الدراسة إلى نتائج مهمة، كان منها: أنَّ العصر الأموي ساده الوئام الأسري، بخلاف ما عُرف عنه من الصراعات السياسية، والثورات المتعددة. وهذا يعكس مدى دور الأسرة في ضبط موازين الحياة والمجتمع. كما يدلّ على أنّ شعر الأسرة كان متطلباً وجدانياً من متطلبات الحياة، حيث وجد فيه الشعراء السكن النفسي، والدفء العاطفي الذي يتفيؤون ظلاله كلّما أعيتهم متاعب الحياة وهمومها.
وقد سعدتُ جداً بهذه الدراسة؛ حيث قادتني ـ عن طريق الصدفة ـ إلى اكتشاف معلم أدبي جديد، وهو "غزل الحليلة"، وهو غزل لم يُسلِّط أحد الضوء عليه، وهو غزل واضح المعالم، يُعدُّ بحق: البُعد الثالث للغزل في الأدب العربي، إزاء اللونين الآخرين: العذري والصريح، لا سيما وهو معاصر لهما زمانياً ومكانياً، وقد أطلقتُ عليه "غزل الحليلة" مقابل "غزل الخليلة" الذي يمثّله الغزلان الآخران، سواء كان عذرياً أم صريحاً، فهما غير جائزين شرعاً، ولهذا يندرج هذا الغزل بقوّة في ثنايا الأدب الإسلامي شكلاً ومضموناً. وهو قد شكَّل متطلباً حيوياً، ومنطلقاً مشروعاً للتعبير عن مشاعر الحب والود؛ ولا غرابة أن تحتل الزوجة هذه المكان من قلب زوجها وعطفه، فهي النصف الجميل المكمل للرجل، فبها تكتمل سعادته، ومعها ينشأ مجتمعه الصغير، وبمساندتها يتغلَّب على صعاب الحياة، وإليها يُفضي عندما تثقل كاهله هموم الحياة، وهي عونه في السرَّاء والضرَّاء، وهي فوق هذا وذاك سكن نفسه، يتفيأ معها ظلال المودَّة والرَّحمة، قال تعالي: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودَّة ورحمة...}.
غزل الحليلة
* قد يستغرب بعضهم تغزُّل الزوج بزوجته، إذ من المعروف أنَّ الغزل يحتاج إلى معاناة وجدانية تلهب خيال الشاعر وأحاسيسه؟
* هؤلاء أردّ عليهم من واقع النصوص التي تقول إنَّ أوضح ظاهرة في شعر الأسرة، سواء على صعيد النصوص الشعرية أم على صعيد الشعراء، كانت ظاهرة "غزل الحليلة"، إذ بلغ عدد الشعراء القائلين فيها ثلاثة عشر شاعراً كان منهم ستّة من المشهورين.. حتى إنَّ أحدهم وهو "هدبة بن الخشرم العذري" قد صدّر أكثر شعره رسائل ودِّية مع زوجته، حيث قضى في السجن عدة سنين، كانت مصدر بثّه وسلواه. هذا إضافة إلى أنَّ كثيرين منهم كان يستشعر الحنين والشوق لزوجته وصغاره، وهو بعيد عنهم، إمَّا في ميادين الجهاد، أو لطلب الرزق، أو السعي لنيل العلم، وسوى ذلك.
وممَّا لفت نظري أنَّ هذا الشعر تميَّز بخصائص فنية عن الغزلين الآخرين، فمثلاً كان شاعر غزل الحليلة يعتدُّ بنسب زوجته وأصالتها، وحبِّها له، وحنانها عليه، بحيث لا يطول غيابها عنه، في حين كانت توصف الأخرى بهجرانها وإخلافها وعدها، فضلاً عن أنَّه لا يعتدُّ بنفسها وكرم منبتها!!
* من النتائج التي أبرزتها الدراسة: شخصية المرأة في العصر الأموي، وهي: شخصية المرأة الفصيحة البليغة، ذات الشخصية القوية التي حدَّدت مسار حياتها وفق إرادتها، وتحقيق إنسانيتها، ممَّا جعلها معلماً بارزاً لمرحلة حضارية متطوِّرة، سبق فيها كلّ المؤتمرات الدولية للمرأة بعدَّة قرون.
ولعلِّي قد أطلتُ في الحديث عن مضمون رسالة الماجستير، لكنِّي أجد أنَّ بيان هذه السمات ضرورية لإبراز مكانة تراثنا الأدبي الإسلامي ومعالمه الحضارية في عصر العولمة!!
ملامح من أدب البنوة
* رسالة الدكتوراه التي وسمت بعنوان "أدب البنوّة في نثر العصرين الأموي والعبّاسي الأول" معلم آخر من معالم تراثنا الحضاري الإسلامي، ولن أطيل في بيان ما أفضتْ إليه من نتائج، لكنِّي سأشير إلى ملمحين بارزين؛ الأول: أنَّ هذا الأدب الذي مرَّت عليه مئات السنين من (41ـ232هـ) ما زال أخضر ندياً يعايش حياتنا، ويخالج وجداننا، ويمسّ قضايانا، ففي الوقت الذي عنى فيه بعلاقات الآباء بأبنائهم، وحكى حكمتهم وتجاربهم من خلال: الوصايا، والرسائل، والخطب، والأمثال، والحوارات، عُني أيضاً بتكوين الناشئة الذين هم حجر الزاوية في بناء الحضارة، وأجال نظره في ميادين نشاطهم كافّة ، فعبَّر بذلك عن مرحلة ناضجة للفكر الإنساني في تشكيل الشخصية السويّة المتوازنة.
وإذا كانت قيمة التراث تُقاس بمدى ما يستطيع رفد الحياة المعاصرة بمقوِّمات بناء حاضرها ومستقبلها، فأحسب أنَّ هذا الأدب قادر على الإسهام في ذلك؛ لأنَّ له سابقة ومثالاً، فقد عُني بتكوين أولئك الروّاد الأوائل للحضارة الإسلامية، أمثال:عبدالملك بن مروان، وابنه الوليد، وعمر بن عبدالعزيز، وهارون الرشيد، وابنه المأمون، وسواهم؛ لأنَّ هذا الأدب دار حول هذه الشخصيات وصدر عنها، فكان كثير من الخلفاء والولاة والقوّاد مستقبلاً ومرسلاً للرسالة النبوية. إلى جانب أنَّ هذا الأدب قد شكَّل ركيزة من ركائز التراث الأدبي؛ لاحتوائه على غالبية الألوان النثرية التي شكَّلت النثر العربي في حقبة نضج النثر العربي وازدهاره.
أمَّا الملمح الثاني لأهمية أدب البنوة، فهو: القيمة المرجعية للنصوص البنوية على صعيد الدراسات الإنسانية الأخرى: التاريخية والاجتماعية والتربوية، فعلى صعيد الدراسات التاريخية تُعدُّ النصوص البنوية وثائق تاريخية سياسية مهمّة، شكّلت أحداث العصر، وأنظمة الحكم فيه، وقدَّمت الأطروحة المنهجية للسلطة النموذجية لقيادة الأمّة، على مستوى صلاح الراعي والرعيَّة.
وعلى صعيد الدراسات الاجتماعية عُنيتْ النصوص بالتنشئة الفردية والاجتماعية، كما طرحت قانون التكافل الاجتماعي، يعزّزه قانون العقوبات لصيانة هذا القانون من التهاون والإهمال، فضلاً عن كشفها عن التغيّر الاجتماعي الذي واكب مسيرة المجتمع العربي من العصر الأموي إلى العباسي.
وعلى نطاق الدراسات التربوية، استطاعت النصوص البنوية التأصيل لمنهج تربوي متكامل على مستوى النظرية والتطبيق؛ إذ حققت المفهوم الشامل للتربية باعتبارها عملية تنمية للشخصية المتكاملة المتوازنة. وهذا المنهج التربوي سوف يحقق تطلعات خبراء التربية الإسلامية وآمالهم في إيجاد مناهج تربوية إسلامية، دون اللجوء إلى النظريات الغربية التي تتنافى مع قيمنا الإسلامية، وهو على هذا يُعدُّ موضوعاً خصباً لدراسة تربوية مقارنة.
* نعم، هناك ارتباط وثيق بين موضوعي شعر الأسرة وأدب البنوة، والحياة، فالأسرة نواة المجتمع، والبنوة أساس الأسرة، وهي علاقة وطيدة مثّلت العلاقة بين الخاص والعام، وقد اتضح هذا التواصل جليّاً من خلال حديثي عن موضوع الرسالتين.
هوية المسلم
* هل تقول د.رجاء إنَّ الأدب الإسلامي له وجوده القوي في أغراض أخرى غير أدب الدعوة الإسلامية المباشر؟ ومن ثم: هل يمكن أن نقول: إنَّ الدعوة إلى الأدب الإسلامي اليوم ليست دعوة إلى شيء جديد، بل هي إبراز لما هو موجود؟
 أولاً: إنَّ الأدب الإسلامي هو أدب الحياة؛ لأنَّ الأدب لا ينفصل عن الحياة، بل هو مرآتها، وصورتها التقويمية بصورة فنية موحية. وليس هناك أفضل من معيار تقويمي للحياة سوى الإسلام؛ لأنَّه منهج الله الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}، وهو منهج الخالق لخلقه الذي هو وحده ـ سبحانه ـ يعلم ما ينفعهم وما يصلحهم، وهل هناك أحد يستطيع أن يضع منهجاً لصنعة أفضل من صانعها؟
فالأدب الإسلامي هو هويّة الأديب المسلم، وعندما ينطلق هذا الأديب في تعبيره ـ أيّاً كان موضوعه ـ من رؤية إسلامية، وبصورة تعبيرية موحية، يُعدُّ هذا الأدب أدباً إسلامياً بكلّ أبعاده الجمالية، حتى وإن لم يستخدم فيه أيّة عبارات أو مفردات إسلامية، طالما أنَّه لم يخالف التصوُّر الإسلامي فيما يعبِّر عنه، وهذا يوضِّح لنا أنَّ الأدب الإسلامي لا ينحصر في إطار الدعوة الإسلامية، شعراً كان أم نثراً.
ثانياً: إنَّ الدعوة للأدب الإسلامي ليست بدعاً من القول، أو بعبارة أخرى: ليست دعوة إلى شيء جديد، بل هي إبراز ومعايشة وتفاعل لما نؤمن به من عقيدة، وسلوك، ونظام حياة. فكما قلت إنَّ الأدب الإسلامي هو هوية المسلم، أيَّاً كان موقعه، ودرجة استقامته، فيكون معبِّراً عن ذاته وانتمائه ورؤيته ونظرته للحياة، وإن لم يكن الأدب كذلك فيكون شيئاً مستغرباً، حيث يفقد الأدب هويّته، وأصالة منشئه، وصدق انتمائه لعقيدته.
ـ يُعدُّ هذا المؤتمر معلماً بارزاً من معالم الأدب الإسلامي، ورسوخ قدمه على الساحة الإسلامية والعالمية، فهذا المؤتمر الدولي (الذي عُقد لأوَّل مرَّة على مستوى العالم الإسلامي) قد حقّق ثماره الطيبة بتفعيل دور المرأة المسلمة على مستوى التنظير والتطبيق.
ومن الناحية الأدبية فقد حقّق هذا المؤتمر لأوَّل مرّة الفرصة لتقويم أدب المرأة المسلمة سلباً أو إيجاباً، أو بعبارة أخرى: تقويم هذا الأدب: ما له وما عليه. وقد تمَّ ذلك من خلال ثلاثة محاور:
المحور الأوّل: بيان أنَّ الحركة الأدبية النسائية ـ بوجه عام ـ لم تنهض على أسس إسلامية، فبدأت هذه الحركة تتجاذبها التيّارات الفكرية الغربية بشتّى توجهاتها تلك، التي كان منها الدعوة لتحرير المرأة، ومساواتها بالرجل، ونبذ الحجاب، والدعوة للاختلاط، وما إلى ذلك. فكان هذا المؤتمر وسيلة لتسليط الضوء على هذه التوجهات الأدبية وتيّاراتها الفكرية، وما آل إليه حال المرأة نتيجة لذلك..!
والمحور الثاني: تمثَّل في تقديم نماذج أدبية لبعض الأديبات الإسلاميات اللواتي كان أدبهن منبثقاً عن المنطلق الإسلامي، فكان لأدبهن تأثير بالغ على تنشئة الأجيال.
أمَّا المحور الثالث: فطرح من خلاله تحديد الأدوار الأدبية الإسلامية، وتذليل ما قد يعترض طريقها من صعوبات.
وقد طرح في هذا المؤتمر أكثر من ثلاثين بحثاً ـ إلى جانب تقويم أدب المرأة: ما له وما عليه ـ موضوع "الأديبة الإسلامية وأدب الطفل"، طُرحتْ من خلاله عدّة بحوث تبرز ضرورة اقتحام ميدان الكتابة للأطفال بصياغات جديدة تخاطب الأطفال برؤية معاصرة مواكبة لمتغيرات الحياة، بحيث تكون مبشِّرة بالإسلام، ومحافظة على ثوابته وقيمه.
وقد سعدتُ بالمشاركة في هذا الملتقى ببحث عنوانه: "الأديبة الإسلامية وقضايا الأمَّة، سهيلة زين العابدين ـ نموذجاً ـ
وقد حقَّق هذا الملتقى (بفضل الله، ثمَّ بجهود القائمين عليه) أهدافه التي فاقتْ كلّ التوقعات، وأخصُّ بالذكر جهود الأستاذ الدكتور "عبدالقدوس أبوصالح" الذي بذل جهداً جبَّاراً لعقده، وترتيبات نجاحه، وكذلك الأخت سهيلة زين العابدين حمّاد، رئيس لجنة الإديبات الإسلاميات، ورئيس اللجنة التحضيرية للملتقى.
*د يحيى
22 - مارس - 2009
تحليل !!!!    كن أول من يقيّم
 
 
 
النقد النسائي
بين فيرجينيا وولف وجوليا كريستيفا
 
في إحدى محاضراتها حول " مهنة النساء" تطرقت فرجينيا وولف إلى الصعوبات التي تعترض المرأة عندما تريد أن تكون كاتبة، فعند كتابتها هذه المقالة لاحظت أنه عند الشروع في النقد الأدبي كان عليها مواجهة المقدّس...مواجهة الأشباح...مواجهة الجنس الجميل، ولما تمكنت من معرفته جيّداً ، حدّدت تسميته في " ملاك البيت" تيمُّنا بأشهر الأشعار التي تقف حائلاً بينها وبين الورقة، تقول" إنكم لا تعرفون "ملاك البيت" أنتم الذين تنتمون للأجيال الصغيرة والسعيدة ، لذلك سأصفه لكم".مهنة النساء.
فالمرأة عندها وبتلك التحديدات الربانية التي وُصفت بها جعلتها داخل المقدس كملاك وديع ـ جميلة إيجابياًـ كاملة معطاءة ، تضحي وتتقدّم داخل الفن الصعب، فن الحياة، فن العيش داخل العائلة،.. فوق المائدة إذا كانت الأكلة دجاجة فهي تكتفي بقطعتها المهمّشة، إذا كان هناك تيار هواء فهو مكانها الذي تجلس فيه ، وفي النهاية تُحرم من التفكير ومن اللذة الخالصة، فهي تفضل مشاركة الآخرين فِكَرَهم ومشاعرهم.
فملاك البيت عند (وولف) هو الصفاء الخالص، فصفاء المرأة واحمرار وجهها يلخصان جمالها وكل جمالياتها.
وتتابع الكاتبة وصفها لملاك البيت بأواخر العصر الفيكتوري لتقول إن هذه الصورة هي التي كانت من وراء خوض غمار الكتابة ،تقول " لقد رأيت ظل جناحيها يغطّي صفحاتي، وأستمع إلى حفيف ملابسها بغرفتي".
لقد قتلت (فرجينيا وولف) المرأة داخلها كي تتحرر كتابتها وتُناقض التصوُّرات الكتابية لعصرها والتي كانت  تطبع عصرها و تجعل الكاتبة هي : المتفهمة، المرتخية، المستخدمة أنوثتها، المستخدمة خصائصَها الجنسية في التعبير، والمبتعدة عن رأيها الخاص.
وقد اعتبر خروج (فرجينيا وولف) عن النسق الكتابي لعصرها؛ دفاعاً عن النفس قافزة على كل الخصائص الكتابية السابقة من حيث أنها اعتبرت تلك المميزات قد تُفرغ كتابتها من كل خاصية وخصوصية وتجذر. وقد تحدثت الناقدة  Showalter Elaine عن خصائص الكتابة النقدية لفيرجينيا وولف حيث تقول:  "الكتابة عند وولف تهرب باستمرار من النقد الوصفي و دائماً ترفض الخضوع له وتوحيد وجهات النظر حوله " (1).
فالكتابة لدى وولف حدث ثوري تقيم بها علاقة مملوءة بالرعب مع الأشياء المحيطة بها والتي تحدد وجودها المادي وتضغط عليه عبرعلاقة تجاذب تحيل
هامِشيَّتَها إلى مركز داخل المركزي والفاعل وبذلك يصبح همّ المجتمع من خصوصيات همّها كامرأة.
أمّا المحللة النفسانية والروائية جوليا كريستيفا(2)، فعند استقرارها بفرنسا سنة 1966 شاركت في تنشيط التنظير الأدبي واللساني مع مجموعة تيل كيل ومشاهير النقد الحديث كرولان بارت وزوجها فيليب سوليرس، من كتبها "أبحاث سيميولوجية  " 1969  " النص الروائي"1970، " ثورة اللغة الشعرية" 1974و "معبر العلامات" 1975.
إن النص الأدبي عند كريستيفا يعد كنسيج لإنتاج مادة اللاشعور التي تعكس شبكة للدلالات المبنية على إرثها الأيديولوجي المشبع بالتقاليد والعادات ل "أنا" الكاتبة التي تعكسها الحقول الدلالية للنص، فهي كما قال عنها بارت " تغير أماكن الأفكار" (3)
إن فيلسوفة النساء الفرنسيات قد تعرضت بالنقد للشعرية الحديثة لملارميه ولوتريامون من تحقيقها للثورة على صعيد الكتابة وهي تعد أن قطيعة هذه الكتابة مع المنطق تحقق نوعية الكتابة المعتمدة على إيقاع الجسد.
أمّا مناقشاتها " الجندرية" فقد ناقشت فيها البديهيات التي لا تجعل أي أحد يملك جنسه البيولوجي، من ثم كانت وجهة نظرها حول الأدب النسائي ترتكز على.
أولاً :  رفضها للتحديدات البيولوجية التي تعتبر أساسية في التمايز الجنسي، فالمرأة تطلب الانخراط المتساوي واقعياً ورمزياً للتعبير عن التحرر الحقيقي للنساء.
ثانياً: النساء من وجهة نظرها يرفضن التراتب الرمزي الذكوري باسم التمايز.
أما الوضعية الخاصة التي تحدد معالم النقد الأدبي النسائي لجوليا كريستيفا، فهو رفضها للتقسيم الحاصل بين الذكورة والأنوثة على المستوى البيولوجي.
وقد أصبحت هذه الخاصية هي المسيطرة على كتابات كريستيفا وتحدد هويتها كناقدة وهي بذلك تفهم الثنائية رجل/ امرأة  انطلاقاً من رصدها للمنظار الميتافيزيقي عليها.
الهوامش
1 -TORIL MOI, sexual /textual politics : Feminist Literary Theory,Methuen and Co.Ltd in ,1985 , introduction الترجمة منّي.
2 - من أصل بلغاري (صوفيا) متخصصة في نقد الأدب النسائي، محركة التحول بالسيميائيات الفرنسية، عضوة مجموعة (تيل كبل) تدرس منذ 1972 بالجامعة الفرنسية باريز 7.
-3 -TORIL MOI, Ibid, p: 150.
*د يحيى
22 - مارس - 2009
حبيبة القباني في حوار1     كن أول من يقيّم
 
طموح نزار قباني منعنا من الزواج
 
 
 
أجرى الحديث: سامي كمال الدين
 
كوليت خوري كاتبة سورية كبيرة‏، أقامت الدنيا ولم تقعدها حين فجرت براكين استعباد الأنثى العربية على صفحات روايتها الأولي (أيام معه) والتي لاتزال تجد قارئاً يبحث عنها كلما أعيد طباعتها‏،‏ وواصلت خوري في أعمالها المختلفة التغني بمعاني الحرية من خلال‏:‏ رعشة‏،‏ ليلة واحدة‏،‏ أنا والمدى‏،‏ كيان‏، دمشق بيتي الكبير‏، ومرصيف‏، ومعك على هامش روايتي‏.‏ وقصة كوليت خوري مع الشاعر العربي الكبير نزار قباني تشبه رعشة اليد في لحظات الحب ولحظات الفراق‏، فهي تختصر حال الأنثى العربية حين تحب وحين يتخلي عنها الجميع ليتركوها وحيدة في مواجهة الطوفان‏.‏ ومع ذلك ظلت خوري التي تنتمي إلي إحدى الأسر السورية العريقة مقيمة في دواوين نزار قباني لا تبرحها حتى الآن‏، ‏ وهاهي ذي ذكرى رحيله الثامنة تمر في صمت يشبه اللحظة العربية الراهنة‏.‏ الأهرام العربي تجدد الذكرى بالحوار مع كوليت خوري التي ارتبطت بعلاقة حب شهيرة مع نزار قباني‏..‏ فإلي تفاصيل الحوار‏.‏
 
‏*‏ ريم بطلة أولى رواياتك أيام معه‏..‏ هل كانت قيودها التي تمردت عليها من صنع وهمها كفتاة شرقية؟
 
هي قيود فرضها مجتمعنا علي المرأة‏، ولاتزال قائمة حتى الآن‏، فصحيح أن المرأة صارت تعمل من دون أن ينتقدها المجتمع‏،‏ لكن حتى الآن هناك قيود اجتماعية وأسرية‏،‏ ودوماً هناك نقد من داخل البيئة التي تعيش فيها الفتاة‏.‏
هناك فتيات يأتين إليّ ويقلن لي إن (أيام معه) كتبت لهن‏،‏ رغم أن الفارق بينهن وبين الرواية‏40‏ سنة‏،‏ هي عمر صدور الطبعة الأولي‏.‏
 
‏*‏ هل أجهدتك المغامرة العنيفة ذات يوم مثل ريم‏..‏ هل كسر قلبك مثل قلبها؟
 
كل يوم يكسر قلبي‏،‏ وذلك منذ ولدت حتى الآن‏؛ لأني دائماً أبحث عن الأفضل‏،‏ وفي كل يوم يخيب أملي بطريقة ما‏،‏ لكنني طموحة في البحث عن الأفضل وأسعى لتحقيقه لي ولمن حولي‏.‏
 
*‏ في نهاية( أيام معه) تقولين إن النار الآكلة خمدت والرجل الذي طالما ودت أن تتلاشي في ظله و تضمحل بين ذراعيه أمسى غريباً عليها وكأنها تراه لأول مرة‏..‏ لماذا تبدو الغربة وكأنها مستوطنة في أدب كوليت خوري؟
 
لأنني صديقة دائمة للغربة‏،‏ إن لم تبحث عني بحثت عنها؛ لأني أعرف أنها سوف تجيء‏،‏ عايشتها كفتاة تريد أن تعيش حياتها‏، وأن تعمل وأن تحقق ذاتها‏، كانت هناك غربة ؛لأن الأجواء التي عشت فيها في البداية لم تكن تسمح لي بالعمل‏، كما أنني ولدت وصوتي جميل‏، ولكم تمنيت أن أصير مطربة‏، لكن المجتمع لم يسمح لي بأن أغني‏،‏ وهذه إحدى خيباتي وجزء من دلائل غربتي‏.‏ إنني أسمح الآن لبنات ابنتي بأن يغنين ؛لأنني كنت في زمن لم يسمح لي بالغناء‏، منذ ولدت وأنا أعيش في غربة‏،‏ أحسستها أكثر حين منعت من السفر والدراسة في الخارج‏،‏ إن وصفي لريم في رواية (أيام معه) ليس إلا وصفاً لكل فتيات مجتمعنا‏، فحين حاولت أن أعمل اجتمعت الأسرة لإقصائي عن ذلك الأمر‏.‏ ومن دلائل هذه الغربة أنني كنت مع التقدميين واعتبرت نفسي ضمن الطليعة‏،‏ فجاءت أحزاب اليسار لتصنفني رجعية‏،‏ فأصبحت أعيش الغربة غربتين‏.‏
 
*‏ كانت ريم تمثل حواء الشرق‏، ‏ وتحتمل الإذلال مغمضة العينين‏، ثم إذا بكلمة بسيطة تصدمها فجأة فتتمرد‏،‏ وربما يكون هذا ما أعجب بنت الشاطئ التي كانت متحمسة لإبداعاتك‏..‏ فماذا عن علاقتك بها؟
 
التقيت بنتَ الشاطئ في سوريَة‏، وذهبت إليها فعانقتني‏، وقالت لي‏:‏ أنت موهوبة‏،‏ وقد انتقدتك حقيقة‏،‏ وأتمنى أن يفيدك هذا النقد‏،‏ أحبت بنت الشاطئ رواية (أيام معه) وأحبتني كثيراً وزرتها في مصر‏،‏ وأعجبتها بعد ذلك ليلة واحدة‏،‏ وقالت‏:‏ يخطئ من يظن أن كوليت لن تستمر في الكتابة‏،‏ فكوليت خوري طفلة كبيرة لُعبتها الحرف‏، وهي تجيد هذه اللعبة‏، وبنت الشاطئ أديبة كبيرة وسيدة محترمة‏،‏ وكان مديحها لي عظيماً‏؛‏ لأن الذين مدحوني كانوا قلائل في ذاك الزمان‏.‏
 
‏*‏ روايتك( أيام معه) صدرت في الخمسينيات‏، وحققت لك شهرة كبيرة‏، وكنت في بداية العشرينيات من عمرك‏..‏ ما السِّر في تحقيق هذه الرواية لكل هذه الشهرة؟
 
المجد لا يأتي من عمل واحد‏،‏ فلو لم أقدم أعمالاً أخرى لكان انطفأ مجدي إذا لم أمده بالنار دائماً‏، فقد قالوا وقتها إن كوليت خوري كتبت (أيام معه) وهي مذكرات خاصة وانتهى الأمر‏،‏ ولن تستطيع أن تكتب شيئاً آخر فجاءت ليلة واحدة وظللت أغذي هذه الشعلة حتى الآن‏، وقد أحب الناس أيام معه واشتهرت؛ لأن لغتي كانت صافية‏، فأنا من عشاق اللغة العربية‏,‏ والأديب الذي لا يتقن العربية ليس أديباً، كما أنني أصوغ لغتي علي طريقتي‏،‏ فلا أحب الجمل الطويلة‏،‏ ولا أريد إجهاد القارئ معي‏، أحب أن يتنفس وهو يقرأني‏ ، ولابد أن يكون لدى قارئي وقتٌ لكي يتمتع‏.
 
*‏ روايتك الثانية (ليلة واحدة) عبارة عن خطاب تكتبه زوجة إلى زوجها بعد أن تخونه‏..‏ ثم تصدمها سيارة وتموت‏..‏ كيف استطعت تجسيد حياة كاملة في ليلة واحدة‏..‏ ولماذا قتلت البطلة؟
 
نستطيع أن نكثف عملاً كبيراً في ساعة‏,‏ يقولون إن المرء في لحظات الموت تمر حياته مثل شريط كامل أمامه‏,‏ فتكثيف القصة في ليلة و احدة شيء بسيط وعادي‏،‏ لكن سؤالك لماذا جعلتيها تموت يحيرني كثيراً‏، لكني أقول لك إنني بطبعي أكره الخيانة ولا أرضى بأن تخون امرأة زوجها‏،‏ ولا أن يخون صديق صديقه‏،‏ أرفض الخيانة تماماً‏،‏ لذا كنت أشفق على هذه المرأة‏،‏ وقلت يجب أن تعود إلى زوجها‏،لكن لا أريد أن أجعل منها خائنة مستمرة في الحياة مع زوجها‏،‏ كما أنني أرى أن المرأة إذا أرادت أن تخون زوجها‏، فالأفضل لها أن تتركه‏،‏ لكنها ليست من النوع الذي يستطيع أن يترك الزوج‏،‏ فهي تعيش في بيت أهلها جبانة ومجبرة على الزواج‏،‏ ومِن ثَم فإنها لا تستطيع أن تبني حياتها من جديد‏، لذا كان من المستحيل أن تترك زوجها‏.‏
 
*‏ لقد خنتك ياسليم‏!‏ إن الكلمة قذرة‏،‏ لكنها تهون أمام خيانتي لنفسي إحدى عشْرةَ سنةً قضيتها في بيت رجل لا أحبه‏،‏ هل تريدين أن تذهب كل امرأة شرقية لتقضي ليلة واحدة مع رجل آخر إذا كانت لا تحبه أو حسب تبرير( رشا ) بطلة الرواية للخيانة؟
 
كتبت هذه الرواية لأقول إن المرأة التي لا تملك حريتها تقع في أول إغراء تصادفه في حياتها‏.‏ حين كتبت (أيام معه) كان الجميع يقولون: هذه الفتاة لا تعبر عن المرأة الشرقية‏،‏ هي فتاة متمردة‏،‏ لكنني أردت أن أوصل إليهم رسالة وهي أن المرأة المتحررة لا تخون زوجها‏، لكن المرأة غير المتحررة تقع من أول إغراء في المصيدة‏،‏ وتخون زوجها‏،‏ المرأة التي يحرمونها من الخروج والاحتكاك بالآخرين ستقع رأساً‏.‏ المرأة المتحررة لا تخون‏،‏ في حين أن الأخرى تخون من دون أن تدري أنها تخون‏،‏ فهي تخون نفسها‏، لذا جاءت (ليلة واحدة)‏.‏
 
‏*‏ هل المرأة المتحررة الآن لا تخون زوجها؟
 
لقد مر على هذه القصة زمان طويل‏،‏ لكنني أريد أن أوضح مَن هي المرأة المتحررة. المرأة المتحررة هي المسؤولة عن نفسها والتي تربح معيشتها‏، فلا أستطيع أن أفهم أن هناك امرأة متحررة وزوجها أو أبوها أو أخوها ينفق عليها‏، المتحررة أولاً هي المتحررة مادياً‏،‏ التي تملك المال‏،‏ وثانياً المثقفة‏،‏ وثالثاً أن تكون مسؤولة عن نفسها‏،‏ فالتحرر مسؤولية‏. وحتى هذه اللحظة هناك نساء يعتبرن أنفسهن متحررات‏. التحرر شئ والانحلال شيء آخر ‏،‏ المتحررة تقول لا أريد‏، غير المتحررة تقول نعم لكل شئ‏,‏ فمثلاً يأتي رجل ويدعوها إلى العشاء فتقول نعم‏، لكن المتحررة تقول لا أريدك‏،‏ لا أريد أن أخرج معك‏.‏
 
‏*‏ في روايتيك الأوليين تصفين قسوة والد البطلة بشكل تقريري‏، فوالدها حنون وقاس ‏، لكن دون موقف واحد لها معه يكشف عن هذه القسوة أو هذا الحنان؟
 
الأب الشرقي دائماً يحب بناته‏،‏ وقاس لا يهتم بأي شيء حتى دراسة البنات‏، كما كان يحدث وقتها‏.‏
 
‏*‏ هل كانت هناك استجابات نقدية تواكب أعمالك الإبداعية؟
 
لم آخذ حقي من النقد‏،‏ لكن القراء كرموني‏، فكتبي مقروءة بشكل كبير وتطبع عدة طبعات‏، والأجيال الجديدة تقرأني كثيراً‏، لذا لا يعنيني النقد‏، فالناقد هو السباح الماهر الذي يدور حول اللآلئ‏،‏ ويحاول أن يستمد من الإبداع ما يكتبه‏،‏ ويبقي الإبداع إبداعاً رغم أن النقد يفيد في أحيان كثيرة‏.‏
 
‏*‏ لماذا كلما كتبت قصة ثارت ضجة كبيرة حولها وهوجمت؟
 
لا أعرف لكنني أعتقد أن هناك شيئاً في شخصي وفي كتاباتي يثير الآخرين‏، يثيرهم حباً أو نقمة‏،‏ هناك شيء لا أعرفه‏،‏ فحتى مقالاتي في الصحف تحدث نقاشات ومشاكل‏، والحمد لله علي كل شيء‏.‏
 
*‏ وصَفك النقاد بأنك تمزقين في رواياتك أستار الحياء وتخرجين عن التقاليد؟
 
من قال هذا الكلام لم يقرأني‏،‏ فأنا أؤمن بالروحانيات‏،‏ والحب عندي روحاني قبل أن يكون جسدياً‏،‏ ورواياتي تحمل تحليلاً نفسياً وروحياً‏، ولا توجد جملة في رواياتي تعبر عن وصف جسدي سيىء أبداً‏.‏ أحياناً أقرأ قصصاً لنساء يصفن فيها الجسد العاري فأحس بالخجل‏، حتى في حياتي العادية‏، أنا امرأة خجول‏،‏ وكنت دوماً أدخل في نقاشات وجدل‏، وكان زكريا تامر يتناقش مع المتناقشين ثم يقول لهم‏:‏ هل تريدون أن نسكتها؟ إذن قولوا لها‏:‏ ساقاك جميلتان‏، فستَحمَرّ خجلاً وتصمت‏، وبالفعل كان هذا يحدث معي‏، لست إباحية‏،‏ ولا أحب الكتابة الإباحية‏،‏ كتاباتي تحمل السياسة بين اليمين واليسار‏، والتقدمي والرجعي‏، وبها الروحانيات والحب والسعي نحو مجتمع أفضل‏.‏
 
*د يحيى
22 - مارس - 2009
أدب المرأة    كن أول من يقيّم
 
شكري وتقديري لكل مِن الأساتذة:د.يحيى،زين الدّين وأبو هشام على مداخلاتكم القيّمة في موضوع الأدب النّسويّ.
أرى أنّ الأدب، وبحقّ، لا يرتبط بجنس المبدِع ولا أعتقد بوجوب تصنيفه على أساس الجنس.وأنا في هذا أوافق د.يحيى، في وجود أدب  إنسانيّ مبدعُه قد يكون ذكرًا أو أنثى.
لكنّني، في الوقت ذاته، أدرك أنّ المصطلح: أدب نسويّ / أدب المرأة... متواجد على السّاحة الأدبيّة، وقد تطوّر عبر الفترات المنصرمة لأسباب عديدة؛ قد يكون بعضها سياسيًا، كما أشار البعض، وقد يكون غير ذلك.
 وعلى الرّغم من كوني امرأة، أكتب بعضًا من الشّعر والخواطر إلاّ أنّني أرفض أن أندرج تحت هذا المصطلح وأن أحدّ الأدب بهذه الأطر الضّيّقة، فالأدب يبقى أدبًا، والذي يختلف هو زاوية النّظر ورؤيتنا للأدب.
شكري الجزيل للأساتذة الذين أتحفوني في مشاركاتهم بالفوائد وبمتعة النّقاش ذات الرؤية المتعمّقة للموضوع.
 
فاطمة
22 - مارس - 2009