الشعراء المشاركون في مهرجان دبي الدولي للشعر قضية محورية في حياة الشعر العربي الآن ، ألا وهي عزله عربيا ودوليا بانفضاض الجمهور والقراء عنه ، وحاجته إلي الخروج علي النطاق الجغرافي عبر الترجمة واللقاء المباشر مع الشاعر الآخر ، وتمنوا لو أن مهرجانا كهذا يحقق بعض مما يطمحون إليه من حضور قوي للقصيدة العربية .
والملفت للنظر في قوائم الشعراء المشاركون في المهرجان كونها تضم الجيل الأحدث من الشعراء العرب جنبا إلي جنب مع شعراء كبار راسخين ، وهذا بحد ذاته دعوة للحوار بين الأجيال العربية الشعرية التي تتناحر وتختلف في ظل الرفض المتبادل كل لقصيدة الآخر . كذلك جاء الشعراء الأجانب المشاركون من أعمار وتيارات شعرية مختلفة . لقد بدأ التحقيق هذا بسؤال حول دور وأهمية المهرجان ، وحوله الشعراء المشاركون والذين يمثلون مختلف البلدان العربية إلي جانب شاعرين أحدهما أفرقي والآخر ألماني ، حوله للحديث عن دور الشعر في التواصل الإنساني بغض النظر عن لغته وجغرافيته . الشاعر الألماني وولفغانغ كوبين ( مترجم وأستاذ للحضارة الصينية في بون في ألمانيا ) :
بداية شكرا علي هذا المهرجان الذي يجمع لغات عدة وخاصة العربية ، هذه هي المرة الأولي التي يتاح لي فيها الاستماع إلي الشعراء العرب ، والحقيقة أنني مبهور بجماليات اللغة العربية وطريقة الإلقاء التي ينتهجها الشعراء العرب ، كما أنني لم أكن أتوقع هذا العدد الكبير من الشعراء ، كذلك لم أتوقع أن يكون هناك حضور كبير للشاعرات وكذلك نساء بين الجمهور المتلقي .
والملفت للانتباه أن هو القدرة علي التعبير بالصوت وأن يصلك مضمون ما يقال بالمتابعة مع الترجمة ، فبالتنسيق بين الترجمة والأداء والإلقاء الشعري بالفعل تشعر بجمال هذه اللغة العربية ، هذا علي العكس تماما من شعراء كبار في الصينية والألمانية حيث قد يؤدي الإلقاء إلي تدمير الشعر ، بالفعل الشعر العربي لديه القدرة علي التواصل الوجداني مع المتلقي حتى لو كان من لغة أخرى .
االشاعر والفنان تشيريكوري تشيريكوري(زمبابوي)
أكد أن ما قرأه من ترجمات سواء من اللغة العربية أو من لغات أخرى في الشرق الأوسط رسخ لديه فعلا أن الشعر لغة حقيقة للتواصل الإنساني ، وأشار إلي أن القصيدة العربية لا تختلف كثيرا في الهموم التي تطرحها عن أي قصيدة في أوروبا أو أمريكا .
ودعا تشيريكوري إلي دعم ترجمة القصيدة من وإلي ، ووجه الشكر للمهرجان أن قام علي هذه الترجمة لقصائد شعرائه ، فنحن نسمع الشاعر في حين نقرأ علي الشاشتين اللتين علي جانب المسرح الترجمة ، هذا علي الرغم من صعوبة ترجمة بعض الأشعار المكتوبة باللهجات المحلية . وهذا جهد مشكور .
االشاعر اللبناني عبده وازن :إنني أرحب بأي مهرجان شعري من حيثها أتى ، عربيا أو عالميا ، فالشعراء يحتاجون فعلا إلي أن يلتقوا ويتبادلوا خبراتهم ويستمعوا بعضهم إلي بعض . الشعر العربي يحتاج إلي أن يعيد النظر في واقعه ، وقد تساعد اللقاءات الشعرية علي بلورة هذا الواقع عبر إلقاء الضوء علي المشهد الشعري العام .
وأعتقد أيضا أن المهرجانات ضرورية للسعي إلي مصالحة الشعر مع القراء لئلا أقول الجمهور ، وهي تساهم في إخراج الشعر والشعراء من حال العزلة التي يعيشها الشعر والشعراء .
وأيا تكن المهرجانات فإنها تخدم الشعر ، هذا الكائن المرهف والضيف والذي يعاني أزمة هي أولا وأخيرا أزمة القراء الذين لم يعد يغريهم الشعر في هذا العالم الذي تطغى عليه المادية والتكنولوجيا وثقافة الاستهلاك .
الشاعر البحريني علي الشرقاوي :
أن يلتقي شعراء من العالم في دبي ، أعتبره إنجازا حضاريا متقدما ، يساهم في رفد العلاقات الإنسانية التي أبعدتها ، ولفترات طويلة النازعات القومية والفكرية والأيديولوجية والدينية .
الشعر كما نردد دائما هو المحطة الوحيدة التي من خلالها نستطيع الانطلاق إلي فضاءات أرحب وخاصة أن الشعراء المشاركين يدفعهم الحب والرغبة في أن يتعرف كل منهم علي تجربة الآخر .
هل تعرف أي فرح يغمر الإنسان حين يقرأ قصائد الآخرين الذين لا يعرف لغتهم ويستمع لهم في آن واحد ، هل تعرف أي فرح يرفع معنويات الشاعر وهو يرى قصائده تترجم إلي لغات أخرى .
مهرجان دبي للشعر العالمي في تصوري بؤرة علينا أن ننطلق منها لمراحل جديدة ، مراحل تنقل تجاربنا إلي المزيد من التوغل في التجريب . لنحاول أن نساهم في دعم مثل هذه المهرجانات التي تدعم التوجه الإنساني والأخوة البشرية من خلال مثل هذه المهرجانات سنكون قادرين علي فتح المزيد من مجالات التسامح ، ونغتسل من أدران الماضي وما يؤجل كل تقدم .
االشاعر اللبناني يحيي جابر :
يؤكد هذا المهرجان أن الشعر مازال أولا هو مخرج الطوارئ الحقيقي لكل الأزمات ، والمفارقة أن هذا المهرجان يعيد طرح السؤال الأساسي : هل هناك أزمة شعرية مازالت تعاني من البدايات حيث يسيطر علي هذا المهرجان فكرة البدايات / التأسيس علي جدل حقيقي بين مختلف التيارات الشعرية العربية وحتى العالمية ، نتمني أن يكون هذا المهرجان لجامعة عربية من نوع آخر / جامعة شعرية للتواصل مع العالم .
الشاعر المصري جمال الشاعر :
مهرجان دبي الشعري هو الماء والنخلة والقهوة العربية التي تطاول أبراج الاسمنت ، إنه سؤال الهوية وسؤال الروح الذي تحاول دبي الإجابة عليه في زمن العولمة والكيانات والنمور الاقتصادية ، الآن لدينا صقور إسلامية عربية نفخر بها في بنايات التجارة والاقتصاد إلا أن التحدي دائما هو تأكيد أن القهوة العربية تكسب دائما وأن الصقور لا تشرب النسكافيه .
الشاعرة السودانية روضة الحاج :
اإنني سعيدة كون هذه المبادرة تأتي من دبي ، التي يقال أنها بلد إقتصادي بامتياز ، لأن ذلك يؤكد أن المال والاقتصاد والبيزنيس لا يمكن أن ينسينا الشعر ، الشعر روح العربية ومجدها الجمالي الأكبر ، إنه ديوانها ، وأعتقد أن القصيدة العربية التي يحتضنها المهرجان تضم كافة تيارات التجربة العربية ، كل التيارات ممثلة ، لا نفي ولا طرد لقصيدة لحساب أخرى ، حتى الشعر النبطي والعامي مدرج ويقف شعراؤه علي قدم المساواة مع شعراء الفصحي علي اختلاف قصيدتهم .
القصيدة العربية بخير وحاملة للهم الإنساني العربي بامتياز ، ولا يمكن لأحد أن ينكر أنها تتطور وتتجدد ، وأن شعراءها حريصون علي تجديد وتطوير رؤاهم .
الشاعر التونسي منصف المزغني :
هذا المهرجان هو مهرجان الحوار العربي العربي فصحي وعامية ، والحوار العربي الأجنبي ، والشعراء الذين جاءوا إلي دبي من القارات الخمس شعراء معروفون في بلدانهم ولهم قيمة كبيرة ، إذن هم يمثلون سلطات شعرية ، وعندما يأتون إلي دبي تصبح مركزا قادرا علي امتصاص هذه الخبرات الجمالية والفنية الشعرية ، ويخرج بها من دائرة المهرجان الروتيني الرتيب ، هناك أكثر من مكان يقرأ فيه الشعر ، يكاد الشعر يسمع في كل أرجاء المدينة الاقتصادية الكبري ، وتلاحظ أن هناك أكثر من جهة وجالية تعيش في دبي يستفيد منها المهرجان وتستفيد منه ، وهذا يجعل الحضور الإنساني في دبي ليس مجرد حضور استهلاكي بقدر ما هو حضور إنساني ، وقد شاهدت بنفس أن هناك إقبالا .
الشاعرة الإمارتية هدى السعدي :
أهدى تحياتي وشكري للقائمين علي المهرجان وأنا أناصر كل فعل ثقافي ينتصر للشعر ، والشعرية ، ففي هذا العالم الذي أصبح غاصا بالحروب والآلام أصبح للشعرية هذا الكائن الجميل حاجة ودور حيوي / جمالي بالدرجة الأولى ، إن العودة لذواتنا الإنسانية الجميلة ، أصبحت حاجة ملحة تأخذنا من عالم المادة والاسمنت ، لعوالمنا الإنسانية الدفينة / الشعر كائن أسطوري خالد لا يموت أبدا ويتشكل مبتحثا جوهرة في أشكال وأنماط لو نظرنا لها وعشناها سنجدها تحقق لنا التوازن الضروري للبقاء ، كجوهر إنساني راق وليس كهيل أسمنتي مادي / ومنه فإن مثل هذه الفعالية تعي جوهر الحياة في ذوات البشر وليست مجرد انتصار للثقافة والشعر كونه مفردة وموسيقي ورسم (صورة) ، وروح حية ، لا ترتبط بلون أو شكل أو جنس أو توجه ، فإنه ببساطة الكائن الخرافي الذي يجمع الناس علي المحبة والسلام .
الشاعر العماني عبد الله العريمي :
ما أحوج الشعراء لبيت صغير يجمعهم ورئة يتنفسون من خلالها بشكل صحي ، وهذا ما يقوم به مهرجان دبي الدولي وإن كان بشكل مؤقت ، دور فعال يمنح حدية الغناء بدون أية جغرافيا تحده أو جوازات سفر تؤطره ، في هذا المهرجان تنمحي الخطوط الفاصلة بين الإنسان والإنسان لتبقي مرآة واحدة فقط للإنسان / الكون ، وهو فرصة لتنفتحأصواتنا طرقا للرحيق فنتأكد بأننا مازلنا نعيش داخل اللغة ، أي مازلنا أحياء .
ففي وقت تردت فيه الذائقة العربية صار علينا أن نعيد تأثيثها ليس بكسر كل أعمدتها بأدوات جمالها ، ومبادرة الشيخ محمد بن راشد دليل علي أن المال العربي ليس جاهلا ، بل هو أكثر فصاحة .
وإن كانت الحضارات تقاس بشعرائها ومثقفيها فهاهو مهرجان دبي صوت منتج لأقواس قزح وإثبات بأننا أمة تنتج الشعر أي أمة حية ، فالشعر هو جبهة قتالنا الوحيدة التي نحارب من خلالها وعليها كل القبح وكتاب ياسمين نشهره في وجه الزمان .
الشاعر العماني خميس محمد المقيمي :
المهرجان بهذا الحجم مفصل مهم في مسيرة الشعر في العالم والمزاوجة بين كل لغات العالم في دبي تجربة غير مسبوقة إلا في نهضة دبي التي يقودها شاعر وحكيم هو الشيح محمد بن راشد ولم يأت المهرجان إلا تتويجا لفرادة في كل شيء تقودها دبي بفضله ، أيضا المهرجان ضرورة ماسة لكسر عزلة الشاعر العربي وتأكيد أن القصيدة العربية بخير ولا تزال قادرة علي الحضور بقوة عربيا وعالميا .
االشاعر الإماراتي إبراهيم محمد إبراهيم :المهرجان بفضل كونه دوليا سوف يمد التجارب الشعرية لدينا إلي خارج نطاقها ، وأعتبر ذلك مقدمة لتفاعل أكبر وحيوية في الحراك الشعري العربي / العربي ، والعربي / العالمي ، لعلنا أن نصل يوما إلي حجم من التفاعل الثقافي يوازي ما يحدث علي الصعد الأخرى السياسية والأمنية والفكرية علي مستوى العالم .
هذه البادرة الكبيرة بحجمها ونوعها وتنظيمها لكي تجعل الجميع أمام سؤال كبير : ماذا بعد هذا المهرجان الشعري يا دبي ؟ إنني أتمني مهما بلغ نجاح المهرجان الأول أن نعتبره الخطوة الأولي في رحلة ملايين الكيلو مترات بمعنى أنني أتمني أن أري هذا المهرجان في السنة القادمة أفضل منه في هذه السنة علي جميع الأصعدة .
االشاعر المصري سيد حجاب : من أجمل الظواهر في منطقة الخليج اهتمام رجال الأعمال والمال بتنشيط الحركة الثقافية من خلال الجوائز والمهرجانات ولا شك مهرجان دبي الدولي للشعر هو واحد من هذه التجليات المهمة وهو الآن يخطو خطواته الأولي بشكل يبعث علي الأمل ، برغم تعثرات البدايات التي لا شك سوف يتجاوزها في المرات القادمة بالمزيد من التدقيق في اختيار الشعراء علي أساس القيمة الشعرية لا الإعلامية .
إن الشعر العربي الآن بحاجة ماسة إلي أن يعيد تموضعه في حياتنا العربي ، نحن في أقطارنا العربية المختلفة بحاجة إلي نهضة عصرية حقيقية تكون الثقافة أساسا متينا لها ، وتكون الفنون والشعر خاصة علي رأسها من تجلياتها الهامة .
لدينا في الواقع الثقافي العربي المعاصر تياران هامان في شعرنا تيار يتكئ علي الثقافة الشعبية ليبدع شعرا نبطيا وعاميا علي قدر كبير من الجمال وتيار يتكئ علي الموروث العربي التراثي ويحاول أن يتواصل مع العصر ، يحقق التيار الأول تواصلا بين الشعر وجمهوره ويحقق التيار الثاني انطلاقا إلي الآفاق الإنسانية المعاصرة لكنه يظل نخبويا وأظن أنه من خلال الجدل بين هذين التيارين يمكن لشعرنا العربي المعاصر أن يستعيد موقعه في قلوب جماهيرنا التي تطمح إلي الدخول في العصر .