البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : دير الجماجم (شعر الفرزدق)    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
3 - مارس - 2009
هذه قصيدة من روائع الفرزدق يذكر فيها مناقب تميم في وقائع دير الجماجم: وهي حرب شهيرة استقر بها الأمر للحجاج بعد انتصاره الساحق على ابن الأشعث، في شعبان من عام 82هـ وكان الفرزدق في الرابعة والأربعين من العمر، وصلنا من القصيدة (71) بيتا، بلا مقدمة ولا خاتمة ؟  ما يدل ان القصيدة أطول مما هي عليه ؟ وسوف آتي على نشر ما يلقي الضوء على هذه القصيدة ومناسبتها والرجالات المذكورين فيها،وقد اضطررت لنشر القصيدة على قسمين بسبب طولها:
لَـبِـئـسَـت  هَـدايا القافِلينَ أَتَيتُمُ بِـهـا أَهلَكُم يا شَرَّ جَيشَينِ iiعُنصُرا
رَجَـعـتُم  عَلَيهِم بِالهَوانِ iiفَأَصبَحوا عَـلـى ظَهرِ عُريانِ السَلائِقِ رَدبَرا
وَقَـد كـانَ شيمَ السَيفُ بَعدَ iiاِستِلالِهِ عَـلَـيـهِم وَناءَ الغَيثُ فيهِم iiفَأَمطَرا
رَدَدتُـم عَـلَينا الخَيلَ وَالتُركَ عِندَكُم تَـحَـدّى  طِـعـاناً بِالأَسِنَّةِ iiأَحمَرا
إِلى مَحِكٍ في الحَربِ يَأبى إِذا iiاِلتَقَت أَسِـنَّـتُـهـا بِـالمَوتِ حَتّى iiيُخَيَّرا
إِذا عَـجَـمَـتهُ الحَربُ يَوماً iiأَمَرَّها عَـلـى  قُتُرٍ مِنها عَنِ اللينِ iiأَعسَرا
وَلَـمّـا  رَأى الـلَهُ الَّذي قَد iiصَنَعتُمُ وَأَنَّ اِبـنَ سَـيبُختَ اِعتَدى iiوَتَجَبَّرا
وَقـارَعـتُمُ  في الحَقِّ مَن كانَ iiأَهلُهُ بِـبـاطِـلِ سَيبُختَ الضَلالِ iiوَذَكَّرا
رَمـاكُـم  بِـمَـيمونِ النَقيبَةِ iiحازِمٍ إِذا لَـم يُـقَـم بِـالـحَـقِّ لِلَّهِ نَكَّرا
أَبِـيَّ الـمُـنـى لَم تَنتَقِض مُرَّةٌ iiبِهِ وَلَـكِـن إِذا مـا أَورَدَ الأَمرَ أَصدَرا
أَخـا غَـمَـراتٍ يَـجعَلَ اللَهُ iiكَعبَهُ هُوَ  الظَفِرُ الأَعلى إِذا البَأسُ iiأَصحَرا
مُـعـانٌ عَـلـى حَقٍّ وَطالِبُ iiبَيعَةٍ لِأَفـضَـلِ  أَحـياءَ العَشيرَةِ iiمَعشَرا
لِآلِ أَبـي الـعـاصي تُراثُ iiمَشورَةٍ لِـسُـلـطـانِهِم  في الحَقِّ أَلّا يُغَيَّرا
عَـجِـبتُ  لِنَوكى مِن نِزارٍ iiوَحينِهِم رَبـيـعَـةَ وَالأَحزابِ مِمَّن iiتَمَضَّرا
وَمِن حَينِ قَحطاني سَجَستانِ أَصبَحوا عَـلـى سَـيِّـئٍ مِن دينِهِم قَد تَغَيَّرا
وَهُـم مـائَـتـا أَلفٍ وَلا عَقلَ iiفيهِمِ وَلا  رَأيَ مِـن ذي حـيلَةٍ لَو iiتَفَكَّرا
يَـسـوقـونَ حَـوّاكاً لِيَستَفتِحوا iiبِهِ عَـلـى  أَولِـيـاءِ اللَهِ مِمَّن iiتَخَيَّرا
عَـلـى  عُصبَةٍ عُثمانُ مِنهُم iiوَمِنهُمُ إِمـامٌ  جَـلا عَـنّـا الظَلامَ iiفَأَسفَرا
خَـلـيـقَةُ  مَروانَ الَّذي اِختارَهُ iiلَنا بِـعِـلـمٍ  عَـلَينا مَن أَماتَ iiوَأَنشَرا
بِـهِ عَـمَـرَ الـلَهُ المَساجِدَ iiوَاِنتَهى عَـنِ  الناسِ شَيطانُ النِفاقِ iiفَأَقصَرا
وَلَـو  زَحَـفـوا بِاِبنَي شَمامٍ iiكِلَيهِما وَبِـالشُمِّ  مِن سَلمى إِلى سَروِ iiحِميَرا
عَـلـى  دينِهِم وَالهِندُ تُزجى iiفُيولُهُم وَبِـالـرومِ  في أَفدانِها رومِ iiقَيصَرا
إِلـى بَـيـعَةِ اللَهِ الَّذي اِختارَ iiعَبدَهُ لَـها اِبنَ أَبي العاصي الإِمامَ المُؤَمَّرا
لَـفَـضَّ الَّـذي أَعطى النُبُوَّةَ كَيدَهُم بِـأَكـيَـدَ مِـمّـا كـايَدوهُ iiوَأَقدَروا
أَتـانـي  بِذي بَهدى أَحاديثُ iiراكِبٍ بِـهـا ضاقَ مِنها صَدرُهُ حينَ iiخَبَّرا
وَقـائِـعُ لِـلـحَجّاجِ تَرمي iiنِساؤُها بِـأَولادِ مـا قَـد كانَ مِنهُنَّ iiمُضمَرا
فَـقُـلتُ  فِدىً أُمّي لَهُ حينَ iiصاوَلَت بِـهِ  الحَربُ نابَي رَأسِها حينَ iiشَمَّرا

يتبع:
 2  3  4  5  6 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
محاكمة عمرو بن موسى التمميمي (عاتق قريش)    كن أول من يقيّم
 
قال أبو معشر: حدثني عون قال: كتب إلينا يزيد بن المهلب، أن أخبروني بآية بيني وبينكم حتى أخرجكم. قال: فكتب إليه عبد الله بن الحارث: كنت يوم كذا وكذا في دارنا.قال: فأخرجه وبنيه، فسكنا عمان. وأسر من بقي، وأسروا اثني عشر رجلاً من وجوه الناس عامتهم من قريش، منهم عمرو بن موسى التميمي ومحمد بن سعد بن أبي وقاص.
فبعث بهم إلى الحجاج فحبسهم عنده، وكتب إلى عبد الملك يخبره بأمرهم، وجعل يذكر في كتابه أن سعيداً قد أنكر الخروج مع هؤلاء القوم، فكتب إليه عبد الملك يأمره بضرب أعناقهم ويقول في كتابه: لم أبعثك مُشفّعاً وإنما بعثتك منفذاً مناجزاً لأهل الخلاف والمعصية. فأبرزهم الحجاج، فقال لعمرو بن موسى: يا عاتق قريش = وكان شاباً جميلاً = مالك أنت وللخروج، إنما أنت عاتق صاحب ثياب ولعب ؟
فقال له عمرو: أيها الرجل، امض لما تريد، فإنما نزلت بعهد الله وميثاقه، فإن شئت فأرسل يدي، وبرئت مني الذمة. فقال له الحجاج: كلا، حتى أقدّمك إلى النار، فضربت رقبته.
*زهير
4 - مارس - 2009
محاكمة محمد بن سعد بن ابي وقاص (ظل الشيطان)    كن أول من يقيّم
 
ثم جيء بمحمد بن سعد، فقال له:
يا ظل الشيطان، وكان رجلاً طويلاً، ألست بصاحب كل موطن؟ أنت صاحب الحرة، وصاحب يوم الزاوية، وصاحب الجماجم. فقال له: إنما نزلت بعهد الله وميثاقه، أرسل يدي وبرئت مني الذمة، قال: لا، حتى أقدمك إلى النار، ثم قال لرجل من أهل الشام. اضرب لي مفرق رأسه، فضرب، فمال نصفه هاهنا، ونصفه هاهنا، ثم قتل الباقين.

*زهير
4 - مارس - 2009
القبض على سعيد بن جبير وإعدامه    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ذكر قتل سعيد بن جبير
قال: وذكروا أن مسلمة بن عبد الملك، كان والياً على أهل مكة، فبينما هو يخطب على المنبر، إذ أقبل خالد بن عبد الله القسري من الشام والياً عليها، فدخل المسجد؛ فلما قضى مسلمة خطبته، صعد خالد المنبر، فلما ارتقى في الدرجة الثالثة، تحت مسلمة، أخرج طوماراً مختوماً، ففضه، ثم قرأه على الناس، فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أهل مكة، أما بعد: فإني وليت عليكم خالد بن عبد الله القسري، فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلاً، فإنما هو القتل لا غير، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير، والسلام.
ثم التفت إليهم خالد وقال: والذي نحلف به، ونحج إليه، لا أجده في دار أحد إلا قتلته، وهدمت داره، ودار كل من جاوره، واستبحت حرمته. وقد أجلت لكم فيه ثلاثة أيام، ثم نزل، ودعا مسلمة برواحله ولحق بالشام، فأتى رجل إلى خالد فقال له: إن سعيد بن جبير بواد من أودية مكة، مختفياً بمكان كذا، فأرسل خالد في طلبه، فأتاه الرسول، فلما نظر إليه الرسول قال: إنما أمرت بأخذك، وأتيت لأذهب بك إليه، وأعوذ بالله من ذلك، فالحق بأي بلد شئت، وأنا معك. قال له سعيد بن جبير: ألك هاهنا أهل وولد؟ قال: نعم. قال: إنهم يؤخذون وينالهم من المكروه مثل الذي كان ينالني. قال الرسول: فإني أكلهم إلى الله. فقال سعيد: لا يكون هذا. فأتى به إلى خالد فشدّه وثاقاً، وبعث به إلى الحجاج. فقال له رجل من أهل الشام: إن الحجاج قد أنذر بك وأشعر قبلك، فما عرض له، فلو جعلته فيما بينك وبين الله لكان أزكى من كل عمل يتقرب به إلى الله. فقال خالد، وقد كان ظهره إلى الكعبة قد استند إليها: والله لو علمت أن عبد الملك لا يرضى عني إلا بنقض هذا البيت حجراً حجراً لنقضته في مرضاته.
فلما قدم سعيد على الحجاج، قال له:
ما اسمك؟
قال: سعيد.
قال: ابن من؟
قال: بن جبير.
قال: بل أنت شقي بن كسير؟
قال سعيد: أمي أعلم باسمي واسم أبي.
قال الحجاج: شقيتَ وشقيَتْ أمك.
قال سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
قال الحجاج: لأوردنك حياض الموت
قال سعيد: أصابت إذاً أمي اسمي.
فقال الحجاج: لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى.
قال سعيد: لو أني أعلم أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهاً.
قال الحجاج: فما قولك في محمد؟
قال سعيد: نبي الرحمة، ورسول رب العالمين إلى الناس كافة بالموعظة الحسنة.
فقال الحجاج: فما قولك في. الخلفاء
قال سعيد: لست عليهم بوكيل، كل امرئ بما كسب رهين.
قال الحجاج: أشتمهم أم أمدحهم؟
قال سعيد: لا أقول ما لا أعلم، إنما استحفظت أمر نفسي.
وقال الحجاج: أيهم أعجب إليك؟
قال: حالاتهم يفضل بعضهم على بعض.
قال الحجاج: صف لي قولك في علي. أفي الجنة هو، أم في النار؟
قال سعيد: لو دخلت الجنة فرأيت أهلها علمت، ولو رأيت من في النار علمت، فما سؤالك عن غيب قد حفظ بالحجاب؟
قال الحجاج: فأي رجل أنا يوم القيامة؟
فقال سعيد: أنا أهون على الله من أن يطلعني على الغيب.
قال الحجاج: أبيت أن تصدقني؟
قال سعيد: بل لم أرد أن أكذبك.
فقال الحجاج فدع عنك هذا كله، أخبرني ما لك لم تضحك قط؟
قال: لم أر شيئاً يضحكني، وكيف يضحك مخلوق من طين، والطين تأكله النار، ومنقلبه إلى الجزاء، واليوم يصبح ويمسي في الابتلاء.
قال الحجاج: فأنا أضحك.
فقال سعيد: كذلك خلقنا الله أطواراً.
قال الحجاج: هل رأيت شيئاً من اللهو؟
قال: لا أعلمه.
فدعا الحجاج بالعود والناي. قال: فلما ضرب العود، ونفخ في الناي بكى سعيد.
قال الحجاج: ما يبكيك؟
قال: يا حجاج ذكرتني أمراً عظيماً، والله لا شبعت ولا رويت ولا اكتسيت، ولا زلت حزيناً لما رأيت.
قال الحجاج: وما كنت رأيت هذا اللهو؟
فقال سعيد: بل هذا والله الحزن يا حجاج، أما هذه النفخة، فذكرتني يوم النفخ في الصور، وأما هذا المصران فمن نفس ستحشر معك إلى الحساب، وأما هذا العود فنبت بحق، وقطع لغير حقّ.
فقال الحجاج: أنا قاتلك.
قال سعيد: قد فرغ من تسبب في موتي.
قال الحجاج: أنا أحب إلى الله منك.
قال سعيد: لا يقدم أحد على ربه حتى يعرف منزلته منه، والله بالغيب أعلم.
قال الحجاج: كيف لا أقدم على ربي في مقامي هذا، وأنا مع إمام الجماعة، وأنت مع إمام الفرقة والفتنة؟
قال سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة، ولا أنا براض عن الفتنة، ولكن قضاء الرب نافذ لا مرد له.
قال الحجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟
قال سعيد: لم أر،
فدعا الحجاج بالذهب والفضة، والكسوة والجوهر، فوضع بين يديه.
قال سعيد: هذا حسن إن قمت بشرطه
قال الحجاج: وما شرطه؟
قال: أن تشتري له بما تجمع الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، وإلا فإن كل مرضعة تذهل عما أرضعت، ويضع كل ذي حمل حمله، ولا ينفعه إلا ما طاب منه. قال الحجاج: فترى طيباً؟
قال: برأيك جمعته، وأنت أعلم بطيبه.
قال الحجاج: أتحب أن لك شيئاً منه؟
قال: لا أحب ما لا يحب الله.
قال الحجاج: ويلك.
قال سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة فأدخل النار.
قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه.
قال: إني أشهدك يا حجاج أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أستحفظكهن يا حجاج حتى ألقاك.
فلما أدبر ضحك.
قال الحجاج: ما يضحكك يا سعيد؟
قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلم الله عليك
قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها،
اضربوا عنقه.
قال سعيد: حتى أصلي ركعتين، فاستقبل القبلة وهو يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين.
قال الحجاج: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى، الذين تفرقوا واختلفوا بغياً بينهم، فإنه من حزبهم،
فصرف عن القبلة. فقال سعيد: "فأينما تولوا فثم وجه الله" الكافي بالسرائر..
قال الحجاج: لم نوكل بالسرائر، وإنما وكلنا بالظواهر.
قال سعيد: اللهم لا تترك له ظلمي، واطلبه بدمي، واجعلني آخر قتيل يقتل من أمة محمد.
فضربت عنقه، ثم قال الحجاج: هاتوا من بقي من الخوارج، فقرب إليه جماعة فأمر بضرب أعناقهم، وقال: ما أخاف إلا دعاء من هو في ذمة الجماعة من المظلومين، فأما أمثال هؤلاء فإنهم ظالمون حين خرجوا عن جمهور المسلمين، وقائد سبيل المتوسمين.
وقال قائل: إن الحجاج لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله، وجعل يصيح قيودنا، يعني القيود التي كانت في رجل سعيد بن جبير، ويقول: متى كان الحجاج يسأل عن القيود أو يعبأ بها؟ وهذا يمكن القول فيه لأهل الأهواء في الفتح والإغلاق.  (تم النقل من كتاب الإمامة والسياسة)
*زهير
4 - مارس - 2009
رواية البلاذري لأخبار دير الجماجم    كن أول من يقيّم
 
رواية البلاذري لأخبار دير الجماجم هي اطول الروايات، وذلك في كتابه (انساب الأشراف)  ولا أرى مفرا هنا من  نقلها على طولها وتقع في (انساب الأشراف) من صفحة (973 حتى 1005) قال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أمر عبد الرحمن بن محمد
ابن الأشعث بن قيس الكندي
حدثني روح بن عبد المؤمن المقرىء، مولى باهلة قال: حدثني عمي عن سحيم بن حفص عن شيخ من كندة قال: كان عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس معجباً عظيم الكبر وكان شخص إلى سجستان مع خال له في طلب ميراث، فجعل يختلف إلى بغيّ يقال لها ماهنوس فأخذ معها، فشهد عليه كردم الفزاري الذي يقول الناس فيه: كل الناس بارك فيه، وكردم لا يبارك فيه، وكان أبو كردم مرثد بن نجبة مع خالد بن الوليد فقتل على سور دمشق، وشهد عليه معه زفر بن عمرو الفزاري، ومحمد بن قرظة، ويزيد بن زهير، فضرب حداً، ولم تذهب الأيام حتى صار هؤلاء النفر في جنده، وقد ولي سجستان فأساء بهم ودس إليهم قوماً شهدوا عليهم بالزنا، فحدهم فقال قائلهم:
شـهدنا  بحق وانتقمت iiبباطل فأبنا بأجر واشتملت على وزر
فلما كانوا بدير الجماجم خرج عيينة بن أسماء الفزاري إلى الحجاج وفارق ابن الأشعث، ثم إنه رفع على هؤلاء النفر أنهم كانوا موافقين لابن الأشعث، وعلى رأيه، فحبسهم الحجاج وقال: لا تقتلوهم فيقول عدونا أنا نقتل أصحابنا، فأتاهم بعض أصحابه ليلاً فقتلهم. (... يتبع)

 
*زهير
5 - مارس - 2009
عبد الرحمن بن ابي بكرة و(ليالي كابل)    كن أول من يقيّم
 
قال البلاذري:
حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن عمه، أن المهلب بن أبي صفرة لما فرغ من قتال الأزارقة قدم على الحجاج فأكرمه وأجلسه على سريره ووصله وأهل الغناء ممن كان في جيشه، وقال: هؤلاء أهل الفعال والاستحقاق للأموال، هؤلاء غياظ الأعداء وحماة الثغور وولاه خراسان وسجستان، فقال: ألا أدلك على من هو أعلم بسجستان مني ? قال: بلى قال: عبيد الله بن أبي بكرة، فقد كان وطىء هذا الثغر وعرف أموره، فولى ابن أبي بكرة سجستان.

وحدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه، وحفص بن عمر عن الهيثم بن عدي عن المجالد بن سعيد قال: بعث الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة إلى عبد الملك، ليطلب له ولاية خراسان وسجستان، وكان على الثغرين أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فقال عبد الملك: لست بنازع أمية عن الثغرين للحجاج، وكان له محباً، ولكن إن شئت وليتك إياهما، فقال: ما كنت لأخون الحجاج وقد أرسلني ووثق بي، ثم إن عبد الملك استقصر أمية بن خالد وأمره، واستبطأه في جباية الأموال وأتته جبايات الحجاج كثيرة موفرة، فكتب إلى الحجاج بولاية الثغرين، وبعث إليه بعهده عليهما في سنة ثمان وسبعين، فولى الحجاج المهلب خراسان، وعبيد الله بن أبي بكرة سجستان.
 
وقال المدائني وغيره لما قدم عبيد الله بن أبي بكرة سجستان منعه رتبيل الإتاوة التي كان يؤتيها، فكتب عبيد الله بذلك إلى الحجاج فكتب الحجاج إليه يأمره بغزوه وأن لا يبرح حتي يستبيح أرضه، ويهدم قلاعه، ويقتل مقاتلته، ويسبي حريمه، فغزاه بمن معه من أهل الكوفة والبصرة، وكان على أهل الكوفة شريح بن هانىء الحارثي، فسار ابن أبي بكرة متوغلاً في بلاد العدو، فأصاب من الغنيمة ما شاء الله عز وجل، فقال له شريح: إن الله عز وجل قد غنمنا وسلمنا وأذل عدونا، فارجع بنا من مكاننا ونحن وافرون معافون، فإني أتخوف إن كاثرت رتبيل وأهل بلده، والتمست فتح مدائنهم وقلاعهم في غزوة واحدة أن لا تطيق ذلك فقال له: اصبر أيها الرجل ودع هذا، فقال ابن هانىء: إنه ليس لقصير أمر، والله إنك لتعمل في هلاك نفسك وجندك، وسار حتى قرب من كابل، وجعل لا يظهر له أحد، وتفرق أصحابه يطلبون العلف وانتهى بهم إلى شعب فأخده عليهم الترك ولحقه رتبيل، وليس بالقوم قتال، فبعث ابن أبي بكرة إلى شريح إني مرسل إلى هؤلاء فمصالحهم ومعطيهم مالاً على أن يخلوا بيننا وبين الخروج، فقال شريح: إنك لا تصالحهم على شيء إلا حسبه الحجاج عليكم من أعطياتكم فقال ابن أبي بكرة: حرمان العطاء أيسر علينا من الهلاك، وبعث إلي رتبيل يطلب منه الصلح على أن يعطيه خمسمائة ألف درهم، ويقال سبعمائة ألف درهم، وعدة من وجوه من معه وثلاثة من ولده يكونون عنده، وأن لا يغزوهم ما كان والياً، وكان الثلاثة من ولده: نهار، والحجاج، وأبو بكرة، ومعهم العاقب بن سعيد فقال له شريح: اتق الله عز وجل وقاتل هؤلاء القوم، ولا تشتر الكفر بالإيمان، وزيادة خمسمائة ألف درهم، ويقال سبعمائة ألف، وتدفع قوماً من المسلمين إلى المشركين، ثم تشترط لهم أن لا تقاتلهم ولا تجبيهم خراجاً هرباً من الموت الذي أنت إليه صائر، هذا وأنت لا تدري ما يكون من سخط الحجاج، ثم قال شريح: والله لقد فني عمري وذهب، ولقد تعرضت للشهادة في غير موطن، فأبى الله عز وجل أن يبلغني إرادتي منها ثم قاتل وقاتلت معه جماعة مطوعة من مذحج وهمدان فقتل، وقتل معه من أهل المصرين ومن أهل الشام جماعة، وبعث ابن أبي بكرة إلى رتبيل حين استعد شريح لقتال العدو وزحف لذلك: إني على صلحك وما فارقتك عليه، وهذا رجل واحد من أصحابي عصاني ولست أنصره عليك، فخذله وجرأ رتبيل عليه، وقال شريح وهو يمشي إلى الكفار:
 
أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا
قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمت أدركت النبي المنذرا
وبعده صدّيقه وعمرا
ويوم مهران ويوم تسترا
والجمع في صفينهم والنهرا
هيهات ما أطول هذا عمرا
 
وكان شريح من شيعة علي. قالوا: واجتنب بنو عبيد الله بن أبي بكرة ما كان رتبيل يعرضه عليهم من النساء والخمر، فعظموا في عينه وأعين أصحابه.
وخرج ابن أبي بكرة من بلاد العدو، وجعل جنده يؤتون بالطعام فإذا أكلوه ماتوا، ثم إنهم أطعموا السمن فلانت أمعاؤهم، فلم يصلوا إلى بست إلا وهم خمسة آلاف. وكان ابن أبي بكرة حين رأى ما الناس فيه من القحط وهم يأكلون دوابهم في بلاد العدو يشتري الطعام ثم يبيعه جيشه حساب القفيز بدرهم، حتى أصاب الناس ضر شديد ومرض، وكان يبعث إلى الحصرم فيضعه في أسواقهم ويبيعهم إياه يقول: هذا صالح لمرضاكم، وباعهم التبن غربالاً بدرهم
*زهير
5 - مارس - 2009
قصيدة اعشى همدان التي قتلت ابن أبي بكرة    كن أول من يقيّم
 
قال البلاذري:  ففي ذلك يقول عبد الرحمن بن الحارث، وهو أعشى همدان في قصيدة له أولها:
مـا بـال حزن في الفؤاد iiمولج ولـدمـعـك الـمتحدر iiالمتهيج
أسـمعت  بالجيش الذين iiتمزقوا وأصـابهم ريب الزمان iiالأعوج
حـبـسوا بكابل يأكلون iiجيادهم بـأضـر مـنـزلة وشر معوج
لم  يلق جيش في البلاد كما iiلقوا فـلـمـثـلهم قل للنوائح iiتنشج
واسـأل عـبيد اللّه كيف رأيتهم عـشـرين ألف مجفف iiومدجج
بـعـثـا تـخيره الأمير iiجلادة بـعثاً  من المصرين غير iiمزلج
ولـيـت شـأنهم وكنت iiأميرهم فـأضعتهم  والحرب ذات iiتوهج
مـا  زلت نازلهم كما زعموا iiلنا وتـفـلـهم وتسير سير الأهوج
وتـبـيـعهم  فيها القفيز iiبدرهم فـيـظل جيشك بالملامة iiينتجي
ومـنـعـتهم  أتبانهم iiوشعيرهم وتجرت  بالعنب الذي لم iiينضج
ونـهكت ضربا بالسياط iiجلودهم ظـلـمـاً  وعدواناً ولم iiتتحرج
والأرض  كـافرة تضرم iiحولكم حـربـاً  بـها لقحت ولما iiتنتج
فـتساقطوا  جوعاً وأنت iiصفندد شـبـعان  تصبح كالايد iiالأفحج
رخـو الـنّـسا والحالبين iiملثما فـي مثل جحفلة الحمار iiالديزج
وظـنـنـت أنك لم تعاقب iiفيهم والـلّـه  يصبح من أمام iiالمدلج
حـتـى  إذا هلكوا وباد كراعهم رمت الخروج وأي ساعة مخرج
وأبـى  شـريـح أن يسام iiدنيةً حرجاً  وصحف كتابهم لم iiتدرج
وبـقـيت  في عدد يسير iiبعدهم لـو  سار وسط مراغةٍ لم يرهج
لا  تـخـبـر الأقوام شأنك iiكله وإذا سـئلت عن الحديث iiفلجلج
في أبيات.
قالوا: فمات ابن أبي بكرة كمداً، ويقال اشتكى أذنيه فمات
*زهير
5 - مارس - 2009
ترشيح ابن الأشعث لخلافة ابن أبي بكرة    كن أول من يقيّم
 
قال البلاذري:
وبلغ الحجاج خبر ابن أبي بكرة وأنه قد استخلف ابنه أبا برذعة، فكتب إلى المهلب أن يوجه إلى سجستان من قبله رجلاً فوجه وكيع بن بكر، فقال كعب الأشعري:
ما زال أمرك يا مهلب صالحاً حـتى ضربت سرادقاً iiلوكيع
وجـعـلـته ربّاً على iiأربابه ورفـعت  منه غير جدّ iiرفيع
فلما قدم على أبي برذعة أهدى إليه أبو برذعة ثلاثمائة ألف درهم، وهدايا سوى ذلك، وأقام أبو برذعة بسجستان حتى قدم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث من وجه الخوارج فولاه الحجاج كرمان. وقال أبو مخنف وعوانه: لما هلك عبيد الله بن أبي بكرة بسجستان، غم الحجاج مهلكه غماً شديداً، وكتب إلى عبد الملك يعلمه ذلك ويستطلع رأيه في تولية هذا الفرج رجلاً فكتب إليه: بلغني كتابك بما ذكرت من مصاب المسلمين بسجستان حتى لم ينج منهم إلا الشريد، وجرأة العدو لذلك وقوتهم على أهل الإسلام، فأولئك قوم كتب القتل عليهم فبرزوا إلى مضاجعهم وعلى الله عز وجل ثوابهم، فأما ما استطلعت فيه الرأي، فإن رأيي أن تمضي ولاية من رأيت توليته موفقاً رشيداً.
قالوا: وكان الحجاج مبغضاً لعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وكان عبد الرحمن رجلاً معجباً، ذا نخوة وأبهة، وكان الحجاج يقول: ما بالعراق رجل أبغض إلي منه وما رأيته قط ماشياً أو راكباً إلا أحببت قتله، وكان عبد الرحمن يقول: ما رأيت قط أميراً فوقي إلا ظننت أني أحق بإمرته منه، وكان أيضاً يقول: لو قد رأيت البياض، وقرأت القرآن، وماتت أم عمران- يعني أمه- لطلبت الغاية التي لا مذهب بعدها.
حدثني حفص بن عمر عن الهيثم عن مجالد عن الشعبي قال: إني لعند الحجاج إذ دخل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث يتمشى فقال: انظروا إلى مشية المقيت والله لهممت أن أضرب عنقه، فلما سلم عليه قال: إنك لمنظراني، قال: ومخبراني أصلح الله الأمير، ثم جعل يقول: أنا منظراني أنا منظراني.
قال الشعبي: فحدثت عبد الرحمن بما قال الحجاج حين رآه يتمشى، فقال: اكتم علي والله لأحاولن إزالة سلطانه إن طال بي وبه عمر.
قالوا: ثم إن الحجاج انتخب اثني عشر ألفاً ويقال عشرة آلاف من أهل الجلد والقوة والهيئة، فأعطاهم وجهزهم وقواهم واستعمل عليهم عطارد بن عمير بن عطارد بن حاجب، ويقال بعض ولد ذي الجوشن الضبابي، وسار بهم إلى البصرة وانتخب من أهل البصرة مثلهم، وجعل عليهم عطية بن عمرو العنبري الذي يقول فيه أعشى همدان:
فابعث عطية في الخيول تـكـبّـهـنّ  عليه iiكباً
فـإذا جـعلت دروب iiفا رس  خـلفنا درباً iiفدربا
فلما تتاموا واجتمعوا سمي ذلك الجيش جيش الطواويس، ويقال ان الناس سموهم بذلك لتكامل أهبتهم وعدتهم ونبلهم وشجاعتهم، وأمر فأمضى ذلك الحيش إلى الأهواز وكتب إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بولاية سجستان وضم إليه ذلك الجيش، وكان الحجاج قد وجه عبد الرحمن لقتال الخوارج، فشخص بهم عبد الرحمن حتى قدم سجستان ثم نزل بست، فأتته رسل رتبيل، وأتى اسماعيل بن الأشعث الحجاج فأشار عليه أن لا يولي عبد الرحمن وقال: إني والله أخاف خلافه، والله ما جاز جسر الفرات قط فرأى أن لأحد عليه سلطاناً، فقال: ليس هناك إني لست كأولئك هو لي أهيب، وفيما لدي أرغب من أن يخالفني أو يخرج يداً من طاعتي فقدم سجستان في آخر سنة تسع وسبعين
*زهير
5 - مارس - 2009
رسالة رتبيل إلى ابن الأشعث في نقد ابن أبي بكرة    كن أول من يقيّم
 
.
وقال أبو عبيدة: كان الحجاج وجه هميان بن عدي السدوسي إلى كرمان، وجعله مسلحةً بها ليمد عامل سجستان إن احتاج إلى ذلك، فعصى بمن معه، فوجه عبد الرحمن بن الأشعث لمحاربته فحاربه فهزمه، وأقام بموضعه، فلما مات ابن أبي بكرة ضم إليه جيشاً أنفق عليه ألفي ألف درهم، وكتب إليه في محاربة رتبيل بمن معه وبذلك الجيش.
وقال أبو مخنف: خطب ابن الأشعث الناس حين دخل سجستان فقال:
إن الأمير الحجاج ولاني ثغركم، وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم، وأباد خياركم، ثم عسكروا وأخرجت له الأسواق، وبلغ ذلك رتبيل فكتب إليه:
(إنه ليست أمة من الأمم أعظم في أنفسنا، ولا أحق بالإجلال والإكرام والتبجيل عندنا منكم، وقد كان من مصاب إخوانكم ما علمتم وما كان ذلك عن هوى مني، ولا إرادة وقد كنا صالحناكم على صلح فيما مضى، ولولا أن ابن أبي بكرة نقض وبدل لجرينا في أمره مجرانا في أمر غيره، ونحن نسألك أن تصالحنا وتقبل منا ما كان غيرك ممن قبلك يقبله)
وأهدى إليه خاله العاقب بن سعيد، وكان ابن أبي بكرة رهنه مع ولده، ثم اتبعه جميع الرهن الذين كانوا قبله، فلم يجبه حتى أعد له القاسم بن محمد بن الأشعث أخاه، وكان ورد عليه من طبرستان في خيل عظيمة، وأمره أن يغير عليه بمكانه الذي هو به، وكان مع رتبيل رجل من بني تميم يقال له عبيد بن سبع بن أبي سبع، ويقال عبيد الله بن سبع، وكان يرى رأي الخوارج فيما يقال، وكان مقيماً بسجستان في ولاية زياد بن أبي سفيان وبعد ذلك، فقال له: قد جاءك أغدر العرب وأشهدهم أبهةً وكبراً، فتحول من مكانك فإني لا آمن عليك أن يأتيك وأنت غار، فخرج من مكانه مسرعاً، وورد القاسم فلم يجد إلا عجائز وشيوخاً وقتلى من المسلمين فكفنهم وصلى عليهم ودفنهم ثم لم ينشب أن سار إليه في الجنود.
*زهير
5 - مارس - 2009
الحجاج يامر بتدمير أفغانستان    كن أول من يقيّم
 
قال البلاذري
أبو الحسن المدائني عن أشياخه قالوا: قدم عبد الرحمن سجستان، فأقام حتى استمر الناس وأراحوا، وحضر الغزو فخرج من بابشير، فعرض الناس وخطبهم، وحرضهم، ثم لما كان في أول المفازة عرضهم فلم يتخلف عنه أحد منهم، وقطع المفازة ونزل بست، فتلقاه رتبيل واعتذر إليه من مصاب المسلمين وقال كان ذلك على كره مني، وعرض عليه الفدية وسأله أن يقبل منه ما كان يقبله من قبله، وبعث بالرهن وفيهم خاله العاقب بن سعيد، فأخذ الرهن ولم يجبه إلى شيء مما يريد، وقدم القاسم أخاه أمامه ثم سار، وجعل رتبيل يدع البلاد حصناً حصناً طمعاً في أن ينال منه ما نال من غيره، وحذر ابن الأشعث فكان لا يأتي حصناً ولا يجاوز عمراناً إلا خلف فيه قائداً في كثف المسلمين، ورتب الرجال فأنزل القاسم أخاه الرخج ونزل هو بست وكره التوغل في البلاد وكتب إلى الحجاج بذلك، فكتب إليه:
(يا بن الحائك الغادر، كتابك إلي كتاب رجل يحب الهدنة والموادعة لعدو قليل ذليل، ولعمري يا بن أم عبد الرحمن إنك حين تكف عن ذلك العدو ومعك جندي وحدي لسخي النفس عمن أصيب من المسلمين، إني لم أعدد رأيك مكيدةً، ولكني عددته ضعفاً وجبناً، والتياث رأي، فأمض لما أمرتك به من الوغول في أرضهم والهدم لحصونهم، فإنها داركم حتى يفتحها الله عز وجل عليكم.)

 
*زهير
5 - مارس - 2009
خلع الحجاج    كن أول من يقيّم
 
قال البلاذري:
فأغضب عبد الرحمن بن محمد ذلك، وقال: يكتب إلي ابن أبي رغال بمثل هذا الكتاب، وهو والله الجبان، وأبوه من قبله، وعزم على خلع الحجاج، وكان معه سوى جند الكوفة والبصرة الذين جعله الحجاج عليهم بالأهواز، جند قدموا مع الصباح بن محمد، والقاسم بن محمد أخويه، كانوا بطبرستان، فكتب الحجاج في إشخاصهم إليه معهما، وبعث الحجاج أيضاً إلى عبد الرحمن: اسحق بن محمد بن الأشعث، في جند آخر، وكتب إليه:
(إن توقفت عن المسير في بلاد العدو، وليت إسحق بن محمد بن الأشعث جندك، وصيرتك من تحت يده كبعض أهل المصر).
 
 فأظهر خلع الحجاج وقال أيها الناس إني والله لكم ناصح، ولصلاحكم محب، وفيما يعمكم نفعه ناظر، وقد استشرت ذوي أحلامكم والتجربة منكم، فأشاروا علي بما علمتم من ترك التوغل في بلاد العدو، وإن الحجاج كتب إلي بإنكار ذلك وكراهته إياه، وأمرني أن أتوغل بكم تغريراً لجماعتكم، كما غرر بإخوانكم بالأمس، فقالوا: لا بل نأبى على عدو الله عز وجل أمره ولا نسمع له ولا نطيع، فإن ابن أبي رغال لا يريد بنا خيراً، وعقد لمن وثق به، وحل ألوية من أبى منهم، وافتعل كتاباً من الحجاج في تولية قوم، وعزل آخرين، ليفسد قلوبهم، وكانوا وجوهاً أشرافاً.

قالوا: وكان أول من تكلم عامر بن واثلة الكناني، وكان خطيباً شاعراً: فقال
بعد أن حمد الله وأثنى عليه: أما بعد، فإن الحجاج والله ما يرى لكم إلا ما يرى القائل الأول: احمل عبدك على الفرس فإن هلك هلك، وإن نجا فهو لك، والله ما يبالي أن يخاطر بكم فيقحمكم بلاداً كثيرة اللهوب والعقارب والأشب، فإن ظفرتم وغنمتم جبى وحاز الأموال، وإن ظفر بكم كنتم الأعداء البغضاء، فاخلعوه وبايعوا أميركم فأني والله أول خالع للحجاج عدو الله.

ثم قال عبد المؤمن بن شبث بن ربعي: إنكم إن أطعتم الحجاج جعلها بلادكم ما بقيتم وجمركم تجمير فرعون لجنده، والله ما يبالي أن تهلكوا أو تقتلوا.
فنادى الناس من كل جانب: خلعنا الحجاج عدو الله ووثبوا إلى عبد الرحمن يبايعونه فيقول لهم: تبايعون على خلع عدو الله الحجاج، وعلى نصرتي، وعلى جهاد عدو الله وعدوي معي حتى ينفيه الله عز وجل من أرض العراق، فبايعه الناس، ولم يذكروا خلع عبد الملك.
وقال أبو مخنف: كانت بيعته على كتاب الله، وخلع أئمة الضلال، وجهاد المحلين. قال: فلما بايعوا ابن الأشعث قالوا: ننصرف إلى العراق فنخرج الحجاج عدو الله من العراق فإن جهاده أولى.

وقال الهيثم بن عدي: أخبرني عمر بن ذر الهمداني أن أباه ذر بن عبد الله بن زرارة كان مع ابن الأشعث، وأنه ضربه وحبسه لانقطاعه إلى أخويه القاسم وإسحق ابني محمد، وضرب، وحبس معه عدة منهم: عمران بن عبد الرحمن، وقتادة بن قيس، فلما خلع دعا بهم فحملهم وكساهم وأعطاهم، وأقبلوا معه فيمن أقبل، فأما ذر بن عبد الله فكان قاصاً خطيباً، فثبت معه وناصحه وأما عمران بن عبد الرحمن فناصحه وثبت معه وأما قتادة ففارقه ولحق بالحجاج.

قالوا: ولما خلع الحجاج عبد الرحمن وأصحابه، وادع رتبيل وكتب بينه وبينه كتاباً وعاهده أن لا يرزأ منه شيئاً، فإن ظفر بالحجاج لم يسأله خراجاً أبداً ما بقي، وإن قوي عليه الحجاج لجأ ومن معه إليه فمنعهم،
 
ثم انصرف ابن الأشعث إلى بست فاستعمل عليها عياض بن عمرو السدوسي، وهو الثبت، ويقال عياض بن همام، وكان عياض قاتل عبد الرحمن حين قدم سجستان فقتل من أصحابه مقتلة عظيمة. وبعث إلى الحجاج برؤوس من قتل وهرب حتى لحق برتبيل فلما بلغه خلعه الحجاج أتاه فبايعه، وولى عبد الله بن عامر التميمي ثم المجاشعي ولقبه البعارزرنج، وقال ابن الكلبي البعار علقمة بن حوي بن سفيانبن مجاشع.

وأقبل عبد الرحمن بن محمد يريد العراق، فهرب منه إسحق بن محمد، والقاسم، والصباح، والمنذر إخوته، فأما القاسم فانه رأى إسحق يناجي الصباح دونه، فغضب فعاد إلى أخيه، وأما الآخرون فلحقوا بالحجاج، وجعل أعشى همدان يجري على فرس له، وقد خرج عبد الرحمن عن سجستان مقبلاً إلى الحجاج وهو يقول:
شـطـت نوى من داره iiبالإيوان إيوان كسرى ذي القرى والريحان
فـالـبـندنيجين إلى iiطرازاستان فـالـجـسـر  فالكوفة iiفالغريان
مـن عـاشـق أمسي iiبزابلستان إن ثـقـيـفـاً مـنـهم iiالكذابان
كـذابـهـا  الماضي وكذاب iiثان إنـا  سـمـونـا للكفور iiالخوان
حـين طغى في الكفر بعد الإيمان بـالـسيد الغطريف عبد iiالرحمن
سـار  بـجمع كالدبا من iiقحطان ومـن مـعـد قد أتى ابن iiعدنان
بـجـحـفـل  جم كثير iiالأركان فـقـل لـحـجاج ولي iiالشيطان
أثـبـت  لـجمع مذحج iiوهمدان والـحـي  من بكر وقيس عيلان
فـإنـهـم  سـاقوك كاس iiذيفان أو  مـلـحقوك بقرى ابن مروان
وقال أبو جلدة اليشكري وكان مع ابن الأشعث:
نحن جلبنا الخيل من زرنجا مـا لك يا حجاج منا iiمنجى
لـتـبـعجن بالرّماح iiبعجا أو  لـتـفـرن وذاك أنجى

*زهير
5 - مارس - 2009
 2  3  4  5  6