البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : دير الجماجم (شعر الفرزدق)    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
3 - مارس - 2009
هذه قصيدة من روائع الفرزدق يذكر فيها مناقب تميم في وقائع دير الجماجم: وهي حرب شهيرة استقر بها الأمر للحجاج بعد انتصاره الساحق على ابن الأشعث، في شعبان من عام 82هـ وكان الفرزدق في الرابعة والأربعين من العمر، وصلنا من القصيدة (71) بيتا، بلا مقدمة ولا خاتمة ؟  ما يدل ان القصيدة أطول مما هي عليه ؟ وسوف آتي على نشر ما يلقي الضوء على هذه القصيدة ومناسبتها والرجالات المذكورين فيها،وقد اضطررت لنشر القصيدة على قسمين بسبب طولها:
لَـبِـئـسَـت  هَـدايا القافِلينَ أَتَيتُمُ بِـهـا أَهلَكُم يا شَرَّ جَيشَينِ iiعُنصُرا
رَجَـعـتُم  عَلَيهِم بِالهَوانِ iiفَأَصبَحوا عَـلـى ظَهرِ عُريانِ السَلائِقِ رَدبَرا
وَقَـد كـانَ شيمَ السَيفُ بَعدَ iiاِستِلالِهِ عَـلَـيـهِم وَناءَ الغَيثُ فيهِم iiفَأَمطَرا
رَدَدتُـم عَـلَينا الخَيلَ وَالتُركَ عِندَكُم تَـحَـدّى  طِـعـاناً بِالأَسِنَّةِ iiأَحمَرا
إِلى مَحِكٍ في الحَربِ يَأبى إِذا iiاِلتَقَت أَسِـنَّـتُـهـا بِـالمَوتِ حَتّى iiيُخَيَّرا
إِذا عَـجَـمَـتهُ الحَربُ يَوماً iiأَمَرَّها عَـلـى  قُتُرٍ مِنها عَنِ اللينِ iiأَعسَرا
وَلَـمّـا  رَأى الـلَهُ الَّذي قَد iiصَنَعتُمُ وَأَنَّ اِبـنَ سَـيبُختَ اِعتَدى iiوَتَجَبَّرا
وَقـارَعـتُمُ  في الحَقِّ مَن كانَ iiأَهلُهُ بِـبـاطِـلِ سَيبُختَ الضَلالِ iiوَذَكَّرا
رَمـاكُـم  بِـمَـيمونِ النَقيبَةِ iiحازِمٍ إِذا لَـم يُـقَـم بِـالـحَـقِّ لِلَّهِ نَكَّرا
أَبِـيَّ الـمُـنـى لَم تَنتَقِض مُرَّةٌ iiبِهِ وَلَـكِـن إِذا مـا أَورَدَ الأَمرَ أَصدَرا
أَخـا غَـمَـراتٍ يَـجعَلَ اللَهُ iiكَعبَهُ هُوَ  الظَفِرُ الأَعلى إِذا البَأسُ iiأَصحَرا
مُـعـانٌ عَـلـى حَقٍّ وَطالِبُ iiبَيعَةٍ لِأَفـضَـلِ  أَحـياءَ العَشيرَةِ iiمَعشَرا
لِآلِ أَبـي الـعـاصي تُراثُ iiمَشورَةٍ لِـسُـلـطـانِهِم  في الحَقِّ أَلّا يُغَيَّرا
عَـجِـبتُ  لِنَوكى مِن نِزارٍ iiوَحينِهِم رَبـيـعَـةَ وَالأَحزابِ مِمَّن iiتَمَضَّرا
وَمِن حَينِ قَحطاني سَجَستانِ أَصبَحوا عَـلـى سَـيِّـئٍ مِن دينِهِم قَد تَغَيَّرا
وَهُـم مـائَـتـا أَلفٍ وَلا عَقلَ iiفيهِمِ وَلا  رَأيَ مِـن ذي حـيلَةٍ لَو iiتَفَكَّرا
يَـسـوقـونَ حَـوّاكاً لِيَستَفتِحوا iiبِهِ عَـلـى  أَولِـيـاءِ اللَهِ مِمَّن iiتَخَيَّرا
عَـلـى  عُصبَةٍ عُثمانُ مِنهُم iiوَمِنهُمُ إِمـامٌ  جَـلا عَـنّـا الظَلامَ iiفَأَسفَرا
خَـلـيـقَةُ  مَروانَ الَّذي اِختارَهُ iiلَنا بِـعِـلـمٍ  عَـلَينا مَن أَماتَ iiوَأَنشَرا
بِـهِ عَـمَـرَ الـلَهُ المَساجِدَ iiوَاِنتَهى عَـنِ  الناسِ شَيطانُ النِفاقِ iiفَأَقصَرا
وَلَـو  زَحَـفـوا بِاِبنَي شَمامٍ iiكِلَيهِما وَبِـالشُمِّ  مِن سَلمى إِلى سَروِ iiحِميَرا
عَـلـى  دينِهِم وَالهِندُ تُزجى iiفُيولُهُم وَبِـالـرومِ  في أَفدانِها رومِ iiقَيصَرا
إِلـى بَـيـعَةِ اللَهِ الَّذي اِختارَ iiعَبدَهُ لَـها اِبنَ أَبي العاصي الإِمامَ المُؤَمَّرا
لَـفَـضَّ الَّـذي أَعطى النُبُوَّةَ كَيدَهُم بِـأَكـيَـدَ مِـمّـا كـايَدوهُ iiوَأَقدَروا
أَتـانـي  بِذي بَهدى أَحاديثُ iiراكِبٍ بِـهـا ضاقَ مِنها صَدرُهُ حينَ iiخَبَّرا
وَقـائِـعُ لِـلـحَجّاجِ تَرمي iiنِساؤُها بِـأَولادِ مـا قَـد كانَ مِنهُنَّ iiمُضمَرا
فَـقُـلتُ  فِدىً أُمّي لَهُ حينَ iiصاوَلَت بِـهِ  الحَربُ نابَي رَأسِها حينَ iiشَمَّرا

يتبع:
 1  2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الوسيط الخزاعي    كن أول من يقيّم
 
قال: وسار بن الأشعث بعدما هزم الحجاج مراراً إلى الكوفة حتى نزل دير الجماجم، فقتل للحجاج فيه خلق كثير، وكتب إلى عبد الملك بن مروان أن أمدني بالرجال، قال: فأمده بمحمد بن مروان في أناس من بني أمية كثير، وجعل الحجاج أميراً عليهم، فسار الحجاج إلى ابن الأشعث، فاقتتلوا أياماً بدير الجماجم، حتى كثر القتل في الفريقين جميعاً.
ثم إن ابن الأشعث لما حشد العسكر والحجاج بالبصرة. عسكر على مسير ثلاثة أميال من البصرة على نهر يقال له نهر ابن عمر، فكتب ابن الأشعث يسأله أن يتنحى عنهم لما كرهوا ولايته، حتى يستعمل عليهم أمير المؤمنين غيره، من هو أحبّ إليهم منه. فلما انتهى إليه رسوله قال الحجاج: أدخلوه، فلما دخل سلم عليه بالإمارة، قال: من أنت؟
قال: رجل من خزاعة.
قال: من أهل البصرة أنت، أم من أهل الكوفة؟
قال: لا، بل من أهل سجستان.
قال: هل تأخذ لأمير المؤمنين ديواناً؟
قال: لا،
قال: أفمن وزراء ابن الأشعث أنت علينا في هذه الفتنة يا أخا خزاعة؟
قال: والله ما هويتها، ولقد جلبني إليك مكرهاً.
قال: فكيف تسليمك على صاحبك إذاانصرفت إليه؟
قال: بالإمرة.
قال: فهل ترى في ذلك أنك صادق؟
قال: الله أعلم بأي الأمرين هو في نفسك أعلى الصواب أم على الخطأ؟
قال: الله أعلم أي الأمرين في نفسي.
قال: أما إنك يا أخا خزاعة قد رددت الأمر إليه وهو تعالى أعلم، انطلق إلى صاحبك بكتابك كما جئت به، وأعلمه بالذي كان من ردنا عليك، فإنه جوابه عندنا، ونحن مناجزوه القتال، ومحاكموه إلى الله من يوم الأربعاء إن شاء الله، فليعد وليستعد لذلك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وذلك يوم الأحد.
قال: فلما انصرف رسوله إليه ناوله الكتاب، فلما رآه بخاتمه، أي مثل ما بعثه كفّ، فلم يسأله أمام من حضر، حتى ارتفع الناس، ثم دعاه فأخبره الخبر. قال: وما وراء ظهرك إلا هذا؟
قال له: في دون ما جئتك به ما يكفيك، فقد رأيت أمراً صعباً ليس وراءه إلا المناجزة. (... يتبع)
*زهير
4 - مارس - 2009
شؤم يوم الأربعاء    كن أول من يقيّم
 
ثم إن الحجاج هتف هتفة أن اجتمعوا للعطية، ففرق العطية في ثلاثة مواضع، وكان قواده يومئذ ثلاثة: سفيان بن الأبرد الكلبي على ميمنته، وسعيد بن عمرو الجرشي على القلب، وعبد الرحمن بن عبد الله العكي على ميسرته، فأعطى الناس على هذا وأقام في معسكره متربصاً ومنتظراً ليوم الأربعاء.
فلما رأى ابن الأشعث أنه لا يتقدم لقتاله، وأنه متربص ليوم الأربعاء، بعث رجلاً من معسكره، حتى دنا من معسكر الحجاج، فنزل قريباً منه، على مقدار حُضر الفرس، رجاء أن يتحرش له أحد من معسكر الحجاج، فينشب القتال قبل يوم الأربعاء، فراراً منه، وتطيراً به.
فلما رأى الحجاج ذلك علم ما أراده والذي توقع، فتقدّم إلى أمراء أجناده وقوّاده، وإلى أهل عسكره عامة، ألا يكلم أحد منهم أحداً من معسكر ابن الأشعث، ولا يعرضه على نفسه، وإن أمكنته الفرصة منه إلا يوم الأربعاء، فلما كانت صبيحة يوم الأربعاء، وهو يوم يتطير به أهل العراق، فلا يتناكحون، ولا يسافرون فيه، ولا يدخلون من سفر، ولا يبايعون فيه بشيء، ولا بالبغل الأغرّ الأشقر.
قال: فدعا الحجاج ببغلة شقراء محجلة، فركبها خلافاً لرأيهم، واستشعاراً بطيرتهم، وتوكلاً على الله، ونادى مناديه في معسكره: أن انهضوا إلى قتال بن الأشعث، وأمر خاصته فركبوا معه، وقدم رجّالته، وأخر خلفه مقاتلته، حتى إذا كانوا من عسكر بن الأشعث على مثال الأسهم وقف فصف أصحابه وعبأهم للقتال، وفعل مثل
ذلك بن الأشعث، وترجل الحجاج وخاصته، ووضع له منبراً من حديد، فجلس عليه
وترامى الناس ... (يتبع) 
*زهير
4 - مارس - 2009
مبارزة عنبسة بن سعيد وفارس من بني دارم    كن أول من يقيّم
 
حتى إذا كاد القتال ينشب، خرج رجل من أصحاب بن الأشعث وهو ينادي.: ألا هل من مبارز؟ فقام إليه عنبسة بن سعيد القرشي وهو يمشي مشية قد لامه الحجاج عليها، وكرهها له. فلما رآه الحجاج وهو يمشي تلك المشية، قال الحجاج:
ظلمتك يا عنبسة، لو كنت تاركها يوماً من دهرك لتركتها يومك هذا.
فلما دنا من الرجل، قال له عنبسة: فمن أنت يا منتخي؟
فقال: رجل من بني تميم، ثم من بني دارم (1) 
فحمل عليه عنبسة، فبدره بالضربة فقتله، تم انصرف إلى مجلسه فجلس، وقد تبين للناس حسن صنعه (... يتبع)
_____
(1) ودارم هي قبيلة الفرزدق !! صاحب القصيدة التي هي موضوع هذا الملف
*زهير
4 - مارس - 2009
خطبة النصر وصلاة الشكر    كن أول من يقيّم
 
ثم زحف الفريقان بعضهم إلى بعض، واشتد قتالهم، وانتحى سفيان على مركزه لم يرم والجرشي على مركزه لم يرم، وكانت ميلتهم على الميسرة، فنحوا عبدالرحمن العكي.
فلما رآه الحجاج قد انكسرت ناحيته، وزال عنها، بعث إليه بن عمه الحكم بن أيوب في خيل. فقال: انطلق إلى عدو الله فاضرب وجهه بالسيف حتى ترده إلى مقامه، ففعل، وبعث إلى سفيان بن الأبرد يأمره بقتال القوم ومحاربتهم، فحمل عليهم سفيان وهم مشغولون بالميسرة قد طمعوا فيها، وكان بإذن الله الفتح والغلبة من ناحية سفيان، وقد بعث إليه الجرشي يستأذنه للقتال، فمنعه الحجاج وقال له: لا، إلا أن ترى أمراً مقبلاً، وتمكنا من فرصة، فاجتمع الأمر، وثاب العكي، وانهزم بن الأشعث، واستحقت هزيمته، فدعا الحجاج بدابته فركبها، وركب من كان مترجلاً معه، بعد سجود ودعاء، وشكر كان منه، على ما صنع الله به ومن كان معه، وحمدوا الله تعالى كثيراً، وكبروا تكبيراً عالياً، ثم انتهى إلى ربوة فأومأ إليها، ثم استقبل ناحيتهم والسيوف تأخذهم، وحسر بيضته عن رأسه، فجعل يقرع رأسه بخيزران في يده، وهو يتمثل بهذه الأبيات، وهي من قول عبيد بن الأبرص، أو من قول اليشكري (1):
كيف يرجون سقاطي بعد iiما جـلل الرأسَ بياضٌ iiوصلعْ
سـاء ما ظنوا وقد iiأوريتهم عند غايات الوغى كيف أقعْ
رب من انضجت غيظاً قلبه قـد  تمنى لي موتاً لم iiيطعْ
ويـراني كالشجى في iiحلقه عـسـراً مخرجه ما iiينتزعْ
مـربـد  يهدر ما لم iiيرني فـإذا أسمعته صوتي iiانقمعْ
ويـحـيـيـني  إذا iiلاقيته وإذا  يـخلو له الحمى (2) iiرتعْ
ورث  الـبغضاء عن iiوالده حافظاً منه الذي كان iiاستمعْ
ولـسـاني صيرفي iiصارم كذباب  السيف ما مسّ iiقطع
________
(1) المراد باليشكري هنا سويد بن أبي كاهل، وهذه القصيدة هي أشهر شعره على الإطلاق، وصلنا منها (108) أبيات، ولم يصلنا من شعره غيرها سوى نتف ومقطعات، وديوانه منشور في الموسوعة وعدد أبياته 172 بيتا. وهو من مخضرمي الجاهلية والإسلام، عده ابن سلام في طبقة عنترة
(2) كذا هي في نشرة الوراق لكتاب (الإمامة والسياسة) والبيت على هذه الصورة مختل، وهو في ديوانه (وإذا يخلو له لحمي رتع)
*زهير
4 - مارس - 2009
هروب ابن الأشعث وإعدام الأسرى    كن أول من يقيّم
 
قال: فلما فرغ الحجاج من هذه الأبيات كبر، ثم حمد الله بما هو أهله، للذي كان من صنعه به وبجماعته.
فبينا هو كذلك، إذ أتاه من يخبره أن بن الأشعث قد انخزل من أصحابه في نفر يسير، متوجهاً إلى ناحية خراسان، فدعا الحجاج ابن عم له، كان يعرفه بالنصيحة والهوى، فقطع معه ليلاً، وأرسله في طلب ابن الأشعث إلى مواضع شتى، وعهد إليهم أن لا يدركوا أحداً إلا أتوا به أو برأسه أو يموت؛ فوقف الحجاج طويلاً في مكانه ذلك المرتفع ينظر إلى معسكر بن الأشعث، وأصحابه ينتهبونه، ثم رجع إلى معسكره فنزل، ودخل فسطاطه فجلس، وأذن لأصحابه فدخلوا عليه، فقام كل واحد منهم يهنئه بالفتح، وجعل ابن جبلة يأتيه بالأسرى، فكلما أتي بأسير أمر به فضربت عنقه، فكان ذلك فعله يومه ذلك إلى الليل. (... يتبع)
*زهير
4 - مارس - 2009
القبض على ابن الأشعث    كن أول من يقيّم
 
فلما أصبح وتراجع إليه أكثر خيله، أمر مناديه ينادي بالقفل، فقفل وقفلت معه أجناده، وجميع أصحابه إلى مدينة واسط، فكان فيها وهو الذي كان بناها، قال: وضرب بن الأشعث ظهراً لبطن، ليلاً ونهاراً حتى لحق بخراسان، ورجا في لحوقه بها النجاة من الحجاج، والحذر لنفسه، ولم يشعر بالخيل التي بعثت في طلبه حتى غشيته، فلم تزل تطلبه من موضع إلى موضع، حتى استغاث بقصر منيف، فحصره ابن عم الحجاج فيه، وأحاطت به الخيل من كل جانب، حتى ضيق عليه، ودعا بالنار ليحرقه في القصر. فلما رأى بن الأشعث أنه لا محيص له ولا ملجأ، وخاف النار، رمى بنفسه من بعض علالي القصر، وطمع أن يسلم ولا يشعر به فيدخل في غمار النار، فيخفى أمره، ويكتم خبره، فسقط فانكسرت ساقه، وانخذل ظهره ووقع مغشياً عليه.
قال: فشعر به أصحاب الحجاج فأخذوه، وقد أفاق بعض الإفاقة، ولا يقدر على النهوض فأتوا به إلى بن عم الحجاج، فلما رآه بتلك الحال أيقن أنه لا يقدر على أن يبلغ الحجاج حتى يموت، فأمر به فضربت رقبته، وانطلق برأسه إلى الحجاج، فلما قدم عليه أحدث لله شكراً وحمداً فيما كان من تمام الصنع، وما هيأ له من التأييد والظفر. (يتبع)
 
*زهير
4 - مارس - 2009
كثرة أتباع ابن الأشعث    كن أول من يقيّم
 
وأقام كذلك لا يمرّ عليه يوم إلا وهو يؤتى فيه بأسرى، فلما رأى كثرتهم ازداد حنقاً وغيظاً لمسارعتهم في اتباع بن الأشعث، ومخالفتهم عن الحجاج، فيأمر بقتلهم حرداً على الخوارج، ورجاء أن يستأصلهم، فلا يخرج عليه خارجيّ بعدها، فلما رأى كثرة من يؤتى به من الأسرى تحرى، فجعل إذا أتي بأسير يقول له: أمؤمن أنت أم كافر؟ ليعرف بذلك الخوارج من غيرهم، فمن بدأ على نفسه بالكفر والنفاق عفا عنه ومن قال أنا مؤمن ضرب عنقه.
*زهير
4 - مارس - 2009
العفو عن الإمام الشعبي    كن أول من يقيّم
 
وأسر عامر بن سعيد الشعبي فيمن أسر، وكان مع بن الأشعث في جميع حروبه، وكان خاص المنزلة منه، ليس لأحد منه مثلها للذي كان عليه من حاله، إلا سعيد بن جبير، وأفلت سعيد بن جبير فلحق بمكة، وأتى الشعبيّ إلى الحجاج في سورة غضبه، وهو يقتل الأسرى الأوّل فالأوّل، إلا من باء على نفسه بالكفر والنفاق؛ فلما سار عامر بن سعيد الشعبي إلى الدخول عليه لقيه رجل من صحابة الحجاج يقال له يزيد بن أبي مسلم وكان مولاه وحاجبه، فقال: يا شعبي، لهفي بالعلم الذي بين دفتيك، وليس هذا بيوم شفاعة إذا دخلت على الأمير، فبؤ له بالكفر والنفاق عسى أن تنجو؛ فلما دخل الشعبي على الحجاج صادفه واضعاً رأسه لم يشعر، فلما رفع رأسه رآه قال له: وأنت أيضاً يا شعبي فيمن أعان علينا وألب!
قال: أصلح الله الأمير إني أمرت بأشياء أقولها لك، أرضيك بها وأسخط الرب، ولست أفعل، ولكني أقول: أصلح الله الأمير وأصدقك القول، فإن كان شيء ينفع لديك فهو في الصدق إن شاء الله: أحزن بنا المنزل، وأجدب الجناب، واكتحلنا السهر، واستحلسنا الخوف، وضاق بنا المجد العريض، فوقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء.
فقال له الحجاج: كذلك.
قال: نعم، أصلح الله الأمير، وأمتع به.
قال: فنظر الحجاج إلى أهل الشام فقال: صدق والله يا أهل الشام ما كانوا بررة أتقياء فيتورعوا عن قتالنا، ولا فجرة أقوياء فيقووا علينا، ثم قال: انطلق يا شعبيّ فقد عفونا عنك، فأنت أحقّ بالعفو ممن يأتينا وقد تلطخ بالدماء ثم يقول: كان وكان
قال: وكان قد أحضر بالباب رجلان، وأحدهما من بكر بن وائل، والآخر من تميم، وكانا قد سمعا ما قيل للشعبي بالباب أن يقوله، فلما أدخلا. قال الحجاج للبكري: أمنافق أنت؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير، لكن أخو بني تميم لا يبوء على نفسه بالنفاق. قال التميمي: أنا على دمي أخدع؟، بل أنا - أصلح الله الأمير - منافق مشرك فتبسم الحجاج وأمر بتخلية سبيلهما.
*زهير
4 - مارس - 2009
من ذكريات الشعبي مع الحجاج    كن أول من يقيّم
 
قال الشعبي: فوالله ما أتى لذلك الأمر إلا نحو من شهرين، حتى رفعت إليه فريضة أشكلت عليه، وهي أم، وجد، وأخت. فقال: مَنْ هاهنا نسأله عنها. قال: فدلّ عليّ، فأرسل إلي، وقال يا شعبي ما عندك في هذه الفريضة: (أم، وأخت وجد؟ )
فقلت: أصلح الله الأمير. قال فيها خمسة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: من قال فيها؟
قلت: قال فيها علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت.
قال: هات ما قال فيها علي. فأخبرته.
قال: فما قال فيها بن مسعود؟ فأخبرته،
قال: فما قال فيها بن عباس؟ فوالله لقد كان متفقهاً فأخبرته.
قال: فما قال فيها أمير المؤمنين عثمان؟ فأخبرته.
قال: فما قال زيد بن ثابت؟
قلت: أخذها من تسعة أسهم، فأعطى الأم ثلاثة أسهم، وأعطى الجد أربعة أسهم،
وأعطى الأخت سهمين. فلما سمع ما كان من قول كل واحد منهم، وعرف رأيهم فيها.
قال يا غلام: قل للقاضي يمضيها على ما قال أمير المؤمنين عثمان.
 
قال الشعبي: ودخلت عليه الترك، قد شدوا أوساطهم بعمائمهم، وانتزعت السيوف من أعناقهم وأخذوا الطوامير بأيمانهم، فدخل عليه رجل من قبل أمير المؤمنين عبد الملك. فقال له الحجاج: كيف تركت أمير المؤمنين وأهله وولده وحشمه؟ فأنباه عنه وعنهم بصلاح. فقال: ما كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير، أصابتني سحابة في موضع كذا، فواد سائل، وواد تارع، فأرض مدبرة، وأرض مقبلة، حتى صدعت عن الكمأة أماكنها، فما أتيتك إلا في مثل مجرى الضب. فقال للحاجب: ائذن للناس فدخل عليه رجل أتاه من قبل نجد. فقال له: ما كان وراءك من غيث؟ فقال: كثير الإعصار، واغبرّ البلاد، وأكل ما أشرف من الحشيشة، فاستيقنا أنه عام سنة. فقال: بئس المخبرأنت.
قال: أخبرتك بالذي كان. فقال للحاجب: ائذن للناس، فدخل عليه رجل أتاه من
قبل اليمامة. فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم. وسمعت الرّوّاد يدعون إلى
ريادها، وسمعت رائداً يقول: هلموا أطعمكم محلة تطفو فيها النيران، وتشتكي فيها
النساء، وتنافس فيها المعز. فقال له: ويحك، إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم. فقال: أصلح الله الأمير، أما تطفوا النيران، فيستكثر فيها الزبد واللبن والتمر، فلا توقد نار - يختبز بها -، وأما أن يشتكي النساء: فإنه من جذبها على إبريق لبنها فتظل تمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها، وأما تنافس المعز: فإنها ترأم من نوار النبات وألوان الثمر ما يشبع بطونها، ولا يشبع عيونها، فتبيت، وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظّة شرّة تنزل به الدرّة. ثم قال للحاجب: ائذن للناس، فدخل عليه رجل من الموالي، كان أشجع الناس في زمانه، يقال له عمرو بن الصلت. فقال له الحجاج: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم. أصلح الله الأمير، أصابتني سحابة بموضع كذا وكذا، فلم أزل أطأ في أثرها، حتى دخلت على الأمير. فقال له الحجاج: أما والله لئن كنت في المطر أقصرهم خطبة، إنك بالسيف لأطولهم باعاً وخطوة. (... يتبع)
*زهير
4 - مارس - 2009
بقايا جيوش ابن الأشعث    كن أول من يقيّم
 
ولما انهزم بن الأشعث، قام بعده عبد الرحمن بن عياش بن ربيعة، فقاتل الحجاج ثلاثة أيام، ثم انهزم، فوقع بأرض فارس، ثم صار إلى السند، فمات هناك. وتحصن ناس من أصحاب بن الأشعث في قلعة بأرض فارس، منهم عبد الرحمن بن الحارث بن نوفل، والفضل بن عياش، وعمرو بن موسى التميمي، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وعبيد الله، ومحمد، وإسحاق، وعون، بنو عبد الله بن الحارث في ناس من قريش، ولحق سعيد بن جبير بمكة، فأشعر به الحجاج، فغفل عنه ولم يهيجه، فبعث الحجاج يزيد بن المهلب، فحاصرهم بفارس. (يتبع)
*زهير
4 - مارس - 2009
 1  2  3  4  5