البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : دير الجماجم (شعر الفرزدق)    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
3 - مارس - 2009
هذه قصيدة من روائع الفرزدق يذكر فيها مناقب تميم في وقائع دير الجماجم: وهي حرب شهيرة استقر بها الأمر للحجاج بعد انتصاره الساحق على ابن الأشعث، في شعبان من عام 82هـ وكان الفرزدق في الرابعة والأربعين من العمر، وصلنا من القصيدة (71) بيتا، بلا مقدمة ولا خاتمة ؟  ما يدل ان القصيدة أطول مما هي عليه ؟ وسوف آتي على نشر ما يلقي الضوء على هذه القصيدة ومناسبتها والرجالات المذكورين فيها،وقد اضطررت لنشر القصيدة على قسمين بسبب طولها:
لَـبِـئـسَـت  هَـدايا القافِلينَ أَتَيتُمُ بِـهـا أَهلَكُم يا شَرَّ جَيشَينِ iiعُنصُرا
رَجَـعـتُم  عَلَيهِم بِالهَوانِ iiفَأَصبَحوا عَـلـى ظَهرِ عُريانِ السَلائِقِ رَدبَرا
وَقَـد كـانَ شيمَ السَيفُ بَعدَ iiاِستِلالِهِ عَـلَـيـهِم وَناءَ الغَيثُ فيهِم iiفَأَمطَرا
رَدَدتُـم عَـلَينا الخَيلَ وَالتُركَ عِندَكُم تَـحَـدّى  طِـعـاناً بِالأَسِنَّةِ iiأَحمَرا
إِلى مَحِكٍ في الحَربِ يَأبى إِذا iiاِلتَقَت أَسِـنَّـتُـهـا بِـالمَوتِ حَتّى iiيُخَيَّرا
إِذا عَـجَـمَـتهُ الحَربُ يَوماً iiأَمَرَّها عَـلـى  قُتُرٍ مِنها عَنِ اللينِ iiأَعسَرا
وَلَـمّـا  رَأى الـلَهُ الَّذي قَد iiصَنَعتُمُ وَأَنَّ اِبـنَ سَـيبُختَ اِعتَدى iiوَتَجَبَّرا
وَقـارَعـتُمُ  في الحَقِّ مَن كانَ iiأَهلُهُ بِـبـاطِـلِ سَيبُختَ الضَلالِ iiوَذَكَّرا
رَمـاكُـم  بِـمَـيمونِ النَقيبَةِ iiحازِمٍ إِذا لَـم يُـقَـم بِـالـحَـقِّ لِلَّهِ نَكَّرا
أَبِـيَّ الـمُـنـى لَم تَنتَقِض مُرَّةٌ iiبِهِ وَلَـكِـن إِذا مـا أَورَدَ الأَمرَ أَصدَرا
أَخـا غَـمَـراتٍ يَـجعَلَ اللَهُ iiكَعبَهُ هُوَ  الظَفِرُ الأَعلى إِذا البَأسُ iiأَصحَرا
مُـعـانٌ عَـلـى حَقٍّ وَطالِبُ iiبَيعَةٍ لِأَفـضَـلِ  أَحـياءَ العَشيرَةِ iiمَعشَرا
لِآلِ أَبـي الـعـاصي تُراثُ iiمَشورَةٍ لِـسُـلـطـانِهِم  في الحَقِّ أَلّا يُغَيَّرا
عَـجِـبتُ  لِنَوكى مِن نِزارٍ iiوَحينِهِم رَبـيـعَـةَ وَالأَحزابِ مِمَّن iiتَمَضَّرا
وَمِن حَينِ قَحطاني سَجَستانِ أَصبَحوا عَـلـى سَـيِّـئٍ مِن دينِهِم قَد تَغَيَّرا
وَهُـم مـائَـتـا أَلفٍ وَلا عَقلَ iiفيهِمِ وَلا  رَأيَ مِـن ذي حـيلَةٍ لَو iiتَفَكَّرا
يَـسـوقـونَ حَـوّاكاً لِيَستَفتِحوا iiبِهِ عَـلـى  أَولِـيـاءِ اللَهِ مِمَّن iiتَخَيَّرا
عَـلـى  عُصبَةٍ عُثمانُ مِنهُم iiوَمِنهُمُ إِمـامٌ  جَـلا عَـنّـا الظَلامَ iiفَأَسفَرا
خَـلـيـقَةُ  مَروانَ الَّذي اِختارَهُ iiلَنا بِـعِـلـمٍ  عَـلَينا مَن أَماتَ iiوَأَنشَرا
بِـهِ عَـمَـرَ الـلَهُ المَساجِدَ iiوَاِنتَهى عَـنِ  الناسِ شَيطانُ النِفاقِ iiفَأَقصَرا
وَلَـو  زَحَـفـوا بِاِبنَي شَمامٍ iiكِلَيهِما وَبِـالشُمِّ  مِن سَلمى إِلى سَروِ iiحِميَرا
عَـلـى  دينِهِم وَالهِندُ تُزجى iiفُيولُهُم وَبِـالـرومِ  في أَفدانِها رومِ iiقَيصَرا
إِلـى بَـيـعَةِ اللَهِ الَّذي اِختارَ iiعَبدَهُ لَـها اِبنَ أَبي العاصي الإِمامَ المُؤَمَّرا
لَـفَـضَّ الَّـذي أَعطى النُبُوَّةَ كَيدَهُم بِـأَكـيَـدَ مِـمّـا كـايَدوهُ iiوَأَقدَروا
أَتـانـي  بِذي بَهدى أَحاديثُ iiراكِبٍ بِـهـا ضاقَ مِنها صَدرُهُ حينَ iiخَبَّرا
وَقـائِـعُ لِـلـحَجّاجِ تَرمي iiنِساؤُها بِـأَولادِ مـا قَـد كانَ مِنهُنَّ iiمُضمَرا
فَـقُـلتُ  فِدىً أُمّي لَهُ حينَ iiصاوَلَت بِـهِ  الحَربُ نابَي رَأسِها حينَ iiشَمَّرا

يتبع:
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تتمة القصيدة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
سَـقـى قـائِدَيها السُمَّ حَتّى iiتَخاذَلوا عَـلَـيـها وَأَروى الزاعِبِيَّ iiالمُؤَمَّرا
سَـقـى  اِبنَ رِزامٍ طَعنَةً فَوَّزَت iiبِهِ وَمَـحـروشَـهُـم مَـأمومَةً فَتَقَطَّرا
وَأَفـلَـتَ  رَوّاضُ الـبِغالِ وَلَم تَدَع لَهُ  الخَيلِ مِن إِخراجِ زَوجَيهِ iiمَعشَرا
وَأَفـلَـتَ  دَجّـالُ الـنِفاقِ وَما iiنَجا عَـطِـيَّـةُ  إِلّا أَنَّـهُ كـانَ iiأَمـهَرا
مِـنَ  الضِفدَعِ الجاري عَلى كُلِّ لُجَّةٍ خَـفـيـفـاً إِذا لاقى الأَواذِيَّ iiأَبتَرا
وَراحَ  الـرِيـاحِـيّانِ إِذ شَرَعَ iiالقَنا مُـطَـيـرٌ  وَبَـرّادٌ فِـراراً عَذَوَّرا
وَلَـو  لَـقِيا الحَجّاجَ في الخَيلِ iiلاقَيا حِـسـابَ  يَهودِيَّينِ مِن أَهلِ iiكَسكَرا
وَلَـو لَـقِـيَ الخَيلَ اِبنُ سَعدٍ iiلَقَنَّعوا عِـمـامَـتَـهُ المَيلاءَ عَضباً iiمُذَكَّرا
وَلَـو  قَـدَّمَ الخَيلَ اِبنُ موسى iiأَمامَهُ لَـمـاتَ  وَلَـكِنَّ اِبنَ موسى iiتَأَخَّرا
رَأى طَـبَـقـاً لا يَنقُضونَ iiعُهودَهُم لَـهُـم قـائِـدٌ قُـدّامَهُم غَيرُ iiأَعوَرا
وَهِـمـيانُ لَو لَم يَقطَعَ البَحرَ iiهارِباً أَثـارَت عُجاجَن حَولَهُ الخَيلَ iiعِثيَرا
وَزَهـرانُ أَلـقـى في دُجَيلٍ iiبِنَفسِهِ مُـنـافِـقُـهـا إِذ لَـم يَجِد iiمُتَعَبَّرا
وَمـا تَـرَكَـت رَأساً لِبَكرِ بنِ iiوائِلٍ وَلا لِـلُـكَـيـزِيَّـيـنَ إِلّا مُـكَوَّرا
وَأَفـلَـتَ  حَـوّاكُ الـيَمانينَ iiبَعدَما رَأى  الخَيلَ تَردي مِن كُميتٍ وَأَشقَرا
وَدِدتُ  بِـحِـنّـاباءَ إِذ أَنتَ iiموكِفٌ حِـمـارَكَ  مَـحلوقٌ تَسوقُ iiبِعَفزَرا
تُـؤامِـرُهـا في الهِندِ أَن تُلحَقا iiبِهِم وَبِالصينِ صينِ اِستانَ أَو تُركَ iiبَغبَرا
رَأَيـتُ اِبـنَ أَيّوبٍ قَدِ اِستَرعَفَت بِهِ لَـكَ الـخَيلُ مِن خَمسينَ أَلفاً iiوَأَكثَرا
عَـلـى صـاعِدٍ أَو مِثلِهِ مِن iiرِباطِهِ إِذا دارَكَ الـرَكضَ المُغيرونَ iiصَدَّرا
يُـبـادِرُكَ الـخَـيلَ الَّتي مِن iiأَمامِهِ لِـيَـشـفِـيَ  مِنكَ المُؤمِنينَ iiوَيَثأَرا
مَـحـارِمَ لِـلإِسـلامِ كُنتَ iiاِنتَهَكتَها وَمَـعـصِـيَةً كانَت مِنَ القَتلِ iiأَكبَرا
دَعَـوا وَدَعـا الحَجّاجُ وَالخَيلُ iiبَينَها مَدى  النيلِ في سامي العُجاجَةِ iiأَكدَرا
إِلـى  بـاعِثِ المَوتى لِيُنزِلَ iiنَصرَهُ فَـأَنـزَلَ لِـلـحَجّاجِ نَصراً iiمُؤَزَّرا
مَـلائِـكَـةً  مَن يَجعَلِ اللَهُ نَصرَهُم لَـهُ يَـكُ أَعـلى في القِتالِ وَأَصبَرا
رَأَوا  جِـبـرِئـيـلَ فيهِمُ إِذ iiلَقوهُمُ وَأَمـثـالَـهُ مِن ذي جَناحَينِ iiأَظهَرا
فَـلَـمّـا  رَأى أَهلُ النِفاقِ iiسِلاحَهُم وَسَـيـمـاهُـمُ كـانوا نَعاماً iiمُنَفَّرا
كَـأَنَّ صَـفـيحَ الهِندِ فَوقَ iiرُؤوسِهِم مَـصـابـيـحُ لَيلٍ لا يُبالينَ iiمِغفَرا
بِـأَيـدي رِجـالٍ يَـمنَعُ اللَهُ iiدينَهُم بِـأَصـدَقِ مِن أَهلِ العِراقِ iiوَأَصبَرا
كَـأَنَّ  عَـلـى دَيـرِ الجَماجِمِ iiمِنهُمُ حَـصـائِـدَ  أَو أَعجازَ نَخلٍ iiتَقَعَّرا
تَـعَـرَّفُ  هَـمـدانِـيَّـةٌ iiسَـبَئيَّةٌ وَتُـكـرِهُ  عَـيـنَيها عَلى ما iiتَنَكَّرا
رَأَتـهُ  مَـعَ الـقَـتلى وَغَيَّرَ iiبَعلَها عَـلَـيـهـا  تُرابٌ في دَمٍ قَد iiتَعَفَّرا
أَراحـوهُ مِـن رَأسٍ وَعَـينَينِ iiكانَتا بَـعـيـدَيـنِ طَرفاً بِالخِيانَةِ iiأَحزَرا
مِـنَ  الـنـاكِـثينَ العَهدَ مِن سَبَئيَّةٍ وَإِمّـا  زُبَـيـرِيٍّ مِنَ الذِئبِ iiأَغدَرا
وَبِـالـخَـندَقِ البَصرِيِّ قَتلى تَخالُها عَـلى  جانِبِ الفَيضِ الهَدِيَّ iiالمُنَحَّرا
لَـقـيـتُـم  مَعَ الحَجّاجِ قَوماً iiأَعِزَّةً غِلاظاً عَلى مَن كانَ في الدينِ iiأَجوَرا
بِـهِـم يَـومَ بَـدرٍ أَيَّـدَ اللَهُ نَصرَهُ وَسَـوّى مِـنَ القَتلى الرَكِيَّ iiالمُعَوَّرا
جُـنـوداً دَعـا الحَجّاجُ حينَ iiأَعانَهُ بِـهِـم  إِذ دَعـا رَبَّ العِبادِ لِيَنصُرا
بِـشَـهـباءَ  لَم تُشرَب نِفاقاً iiقُلوبُهُم شَـآمِـيَّـةٍ تَـتـلو الكِتابَ iiالمُنَشَّرا
بِـسُـفـيـانَ وَالمُستَبصِرينَ iiكَأَنَّهُم جِـمـالٌ  طَـلاهـا بِالكُحَيلِ iiوَقَيَّرا
لَـو أَنَّـهُـم إِذ نـافَـقوا كانَ iiمِنهُمُ يَـهـودِيُّـهُـم  كـانوا بِذَلِكَ iiأَعذَرا
وَلَـكِـنَّـمـا اِقـتادوا بِحَوّاكِ iiقَريَةٍ لَـئـيـمٍ  كَـهـامٍ أَنـفُهُ قَد iiتَقَشَّرا
مُـحَـرَّقَـةٌ لِـلـغَـزلِ أَظفارُ iiكَفِّهِ لِـتَـدقـيـقِـهِ ذا الطُرَّتَينِ المُحَبَّرا
عَـشِـيَّـةَ يُـلـقونَ الدُروعَ iiكَأَنَّهُم جَـرادٌ  أَطـارَتـهُ الـدَبورُ iiفَطَيَّرا
وَهُم قَد يَرَونَ المَوتَ مِن بَينِ مُقعَصٍ وَمِـن وائِبٍ في حَومَةِ المَوتِ iiأَكدَرا
رَأَوا أَنَّـهُ مَـن فَرَّ مِن زَحفِ iiمِثلِهِم يَـكُـن  حَـطَـباً لِلنارِ فيمَن iiتَكَبَّرا
 
*زهير
3 - مارس - 2009
موجز عن دير الجماجم    كن أول من يقيّم
 
قال المرحوم محمد كرد علي في كتابه (الإسلام والحضارة العربية):
وقضى الحجاج في ولايته العراق على ابن الأشعث وكان ادعى الخلافة، وذلك بالقرب من دير الجماجم في ثمانين وقعة تواقعاها، وابن الأشعث في جيش أعظم من جيش الحجاج، ولكن ليس له عقل الحجاج ولا حزمه، وانهزم ابن الأشعث وأنصاره من أهل العراق. ولم يكن بعد وقائع صفين أعظم من هذه الحروب.
*زهير
3 - مارس - 2009
دير الجماجم الأولى    كن أول من يقيّم
 
وفي أيام العرب مع الفرس معكرة تحمل نفس الاسم، أنقل لكم هنا تعريف المسعودي بها في (التنبيه والإشراف) قال:
وبنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن يؤرخون بيوم شعب جبلة، وكان قبل الإسلام بنيف وأربعين سنة بين بني عامر وأحلافها من عبس وبين من سار إليهم من تميم وعليهم حاجب ولقيط ابنا زرارة بن عدس بن زيد ابن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم بن مر ابن أد بن طابخة بن إلياس، وهو خندف بن مضر بن نزار ومن عاضدهما من اليمن مع ابني الجون الكنديين المالكيين وفي ذلك يقول جرير
كـأنـك لـم تـشهد لقيطاً iiوحاجباً وعمرو  بن عمرو إذ دعا بآل iiدارم
ولم تشهد الجونين والشعب ذا الصفا وشـدات قـيـس يوم دير الجماجم
وإياد تؤرخ بخروجها عن تهامة وحروبها مع فارس الحرب المعروفة بوقعة دير الجماجم،وبتلك الوقعة سمي الدير لكثرة الجماجم على السواد، وذلك في ملك سابور بن سابور ذي الأكتاف ملك فارس، وفي ذلك يقول الشاعر، شاعر إياد
على رغم سابور بن سابور أصبحت قـبـاب  إيـاد حولها الخيل iiوالنعم
وقد ذكر ذلك أبو داود الإيادي فقال
ألا أبـلـغ خـزاعة أهل مر وإخـوتـهـم  كنانة عن إياد
تـركـنـا  دارهم لما iiثرونا وكـنـا أهـلها من عهد iiعاد
وأسهلنا وسهل الأرض يخشى بـجـرد  الخيل تعشقه iiالقياد
فـنازعنا  بني الأحرار iiحتى علفنا الخيل من خضر iiالسواد

ثم أرخوا بخروجهم عن العراق إلى الجزيرة حين أوقع بهم سابور
*زهير
3 - مارس - 2009
كلام المسعودي عن دير الجماجم الثانية    كن أول من يقيّم
 
وقال المسعودي أيضا:
ومما كان في أيام عبد الملك بن مروان من الحوادث العظيمة والأنباء الجليلة في الملك خلع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي في سنة 81، وكان الحجاج وجهه في جيش كثيف حسن العدة، وكان يسمى جيش الطواويس إلى سجستان لغزو رتبيل ملك زابلسنان، ففتح كثيراً من بلادهم، وكتب إليه الحجاج يستعجزه ويغلظ له، فدعا من معه من رؤساء أهل العراق إلى خلع الحجاج، فأجابوه إلى ذلك؛ لبغضهم
الحجاج، وخوفهم سطوته، فخلعوه.
وسار عبد الرحمن راجعاً لإخراج الحجاج من العراق، ومسألة عبد الملك إبدالهم به،
فلما عظمت جموعه ولحق به كثير من أهل العراق ورؤسائهم وقرائهم ونساكهم عند قربه منها خلع عبد الملك، وذلك بإصطخر فارس وخلعه الناس جميعاً وسمى نفسه ناصر المؤمنين وذكر أنه القحطاني الذي ينتظره اليمانية وأنه يعيد الملك فيها، فقيل له إن القحطاني على ثلاثة أحرف، فقال اسمي عبد وأما الرحمن فليس من اسمي، وسار الحجاج للقائه حتى لقيه دون تستر من كور الأهواز بسبعة فراسخ، فهزم أصحاب الحجاج، وقتل منهم نحو من ثمانية آلاف. وسار الحجاج إلى البصرة، فنزل الراوية وسار ابن الأشعث حتى نزل الخريبة، وذلك في سنة 83. فأقاموا يقتتلون نحواً من شهرين، ثم خرج ابن الأشعث إلى الكوفة ليلاً ليتغلب عليها في نفر يسير وأصبح أصحابه، فبايعوا عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فلقيهم الحجاج فهزمهم، ولحقوا بابن الأشعث، فخرج ابن الأشعث من الكوفة حتى نزل دير الجماجم، وسار الحجاج حتى نزل دير قرة، وكان كتب إلى عبد الملك يستمده فأمده بابنه عبد الله بن عبد الملك وأخيه محمد بن مروان، فاقتتلوا بدير الجماجم نحواً من أربعة أشهر، فكانت الوقائع بينهم فيما قبل نحواً من ثمانين وقعة، وابن الأشعث في نحو من ثمانين ألفاً، وقيل أكثر من ذلك. والحجاج في دون جمعه ولم يكن بعد وقائع صفين أعظم من هذه الحروب ولا أهول من هذه الزحوف، ثم انهزم ابن الأشعث وأهل العراق، وقتل منهم جمع كثير، وسار ابن الأشعث إلى البصرة، وتبعه الحجاج فخرج عنها، فكان التقاؤهم بمسكن من أرض العراق، فهزم أهل العراق وقتلوا قتلاً ذريعاً، ومضى ابن الأشعث فيمن تبعه حتى صار إلى سجستان، وكاتب رتبيل وصار إليه فوجه الحجاج بجيش كثيف إلى سجستان. وكتب إلى رتبيل بتسليم ابن الأشعث فيمن تبعه، ورغبه إن فعل ذلك في مال جزيل ورفع الأتاوة عنه ويخوفه إن أبى ذلك بقصده وتسرية الجيوش إليه، فغدر به رتبيل وسلمه إلى صاحب الحجاج فسار به يريده فألقى ابن الأشعث نفسه من فوق قصر من قصور الرخّج فمات، فأخذ رأسه وصير به إلى الحجاج، وذلك في سنة 84. فوجه به الحجاج إلى عبد الملك فوجه به عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز بمصر وفي ذلك يقول الشاعر:
يـا بعد مصرع جثة من رأسها رأس بـمـصر وجثة iiبالرخّج
قـتـلـوه  بغياً ثم قالوا iiبايعوا وجرى البريد برأس أروع أبلج
وتوفي عبد الملك بدمشق لعشر خلون من شوال سنة 86،
*زهير
3 - مارس - 2009
خطبة إبليس    كن أول من يقيّم
 
ونقل البلاذري في (أنساب الأشراف) عن المدائني أنه قال :
لما أتي الحجاج برأس ابن الأشعث سجد وقال: كنت أحب أن أوتي به أسيرا فأقيمه فيخطب على حزبه خطبة إبليس على أهل النار: "إن اللّه وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان"
*زهير
3 - مارس - 2009
أباطيل وأسمار    كن أول من يقيّم
 
قال القزويني في (آثار البلاد) أثناء حديثه عمن ينسب إلى الكوفة:
وينسب إليها أبو عبد الله سعيد بن جبير، كان الناس إذا سألوا بالكوفة ابن عباس يقول: أتسألونني وفيكم سعيد بن جبير ؟ وكان سعيد ممن خرج على الحجاج وشهد ديرالجماجم، فلما انهزم ابن الأشعث لحق سعيد بمكة، وبعد مدة بعثه خالد بن عبد الله القسري، وكان والياً على مكة من قبل الوليد ابن عبد الملك، إلى الحجاج تحت
الاستظهار، وكان في طريقه يصوم نهاراً ويقوم ليلاً، فقال له الموكل به: إني لا أحب أن أحملك إلى من يقتلك، فاذهب أي طريق شئت. 
فقال له سعيد: انه يبلغ الحجاج أنك خليتني وأخاف أن يقتلك.
فلما دخل على الحجاج قال له: من أنت ؟
قال: سعيد بن جبير.
قال: بل أنت شقي بن كسير.
قال: سمتني أمي.
قال: شقيت
قال: الغيب يعلمه غيرك
فقال له الحجاج: لأبدلنك من دنياك ناراً تتلظى
فقال سعيد: لو علمت أن ذاك إليك ما اتخذت إلهاً غيرك.
قال: ما تقول في الأمير ؟
قال: إن كان محسناً فعند الله ثواب إحسانه، وإن كان مسيئاً فلن يعجز الله 
قال: فما تقول في ؟
قال: أنت أعلم بنفسك
فقال: في علمك
فقال: اذم أسوءك ولا أسرك. ظهر منك جور في حد الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله
قال: والله لأقطعنك قطعاً قطعاً ولأفرقن أعضاءك عضواً عضواً
قال: فإذن تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك
قال: الويل لك من الله
قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار
فقال: اذهبوا به واضربوا عنقه.
فقال سعيد: اني أشهدك اني أشهد ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لتستحفظه حتى ألقاك بها يوم القيامة
فذهبوا به فتبسم،
فقال الحجاج: لم تبسمت ؟
فقال: لجرأتك على الله تعالى
 فقال الحجاج: اضجعوه للذبح
فأضجع. فقال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض.
فقال الحجاج: اقلبوا ظهره إلى القبلة.
قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله
قال: كبوه على وجهه.
فقال: مها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى
فذبح من قفاه،
فبلغ ذلك الحسن البصري فقال: الله يا قاصم الجبارة اقصم الحجاج.
وعن خالد بن خليفة عن أبيه قال: شهدت مقتل سعيد بن جبير، فلما بان رأسه قال: لا إله إلا الله مرتين والثالثة لم يتمها، وعاش الحجاج بعده خمسة عشر يوماً، وقع الدود في بطنه، وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير ؟ كلما أردت النوم أخذ برجلي ، وتوفي سعيد سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة.
*زهير
3 - مارس - 2009
جبلة بن زحر    كن أول من يقيّم
 
وفي الاشتقاق لابن دريد:
وجبلةُ بن زَحْر، قتل يوم دَير الجماجم وحُمِل رأسُه على رمحين، فقال الحجاج: يا أهلَ الشَّام، ما كانت فتنةٌ قطُّ فَتَجَلت حتَّى يقتلَ عظيمٌ من عظماء اليمن، وهذا من عظمائِهم.
*زهير
3 - مارس - 2009
أنس بن معقل    كن أول من يقيّم
 
وفي (الإكليل) للهمداني قال:
ومن بني معاوية بن سيف بن الحارث بن مرهبة أنس بن معقل، وكان دميماً قصيراً، وكان من فرسان العرب المعدودين، فلما قدم الحجاج وضع الديوان وعرض الناس فمن رأى أن يزيده في عطائه زاده، ومن رأى أن ينقصه نقصه، وبذلك أمره عبد الملك.
فمر به أنس فازدراه، فحطه من عطائه ألفاً  وكان في ألفين  فلما خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ترك أنس ديوانه ولحق بعبد الرحمن فلما كان يوم دير الجماجم جعل أنس يدعو الناس إلى المبارزة فلا يبرز له فارس من أصحاب الحجاج إلا قتله، وجعل يحمل وهو رافع صوته ينتمي ويقول:
 أنا الغلام الهمداني، أنا الغلام المرهبي، ينتمي يرفع صوته ليسمع الحجاج، وكان
الحجاج يسمعه فملأه غيظاً، وجعل لا يقلع من الصياح وقتل الفرسان، فلما بلغ بالحجاج كل مبلغ قال: ويحك يا عياش  يريد عياش بن أبي خيثمة  من ذا الذي قد بلغ منذ اليوم ما أرى؟ قال: هذا الذي نقصته من عطائه ألفاً. قال الحجاج: أمير المؤمنين كان أعلم به منا، فهل فيه مطمع؟ قال عياش: لو طمعت فيه لوجهت إليه وأعلمته رغبتك فيه
*زهير
3 - مارس - 2009
أعشى همدان    كن أول من يقيّم
 
وقال الحميري في (الروض المعطار):
دير الجماجم: بظاهر الكوفة على شاطئ الفرات، قيل سمي دير الجماجم لأنه كان تعمل فيه أقداح من خشب، وقيل سمي دير الجماجم بوقعة كانت فيه دفنت جماجمهم فيه، وهي وقعة إياد على أعاجم كسرى على شاطئ الفرات الغربي بظاهر الكوفة على طريق البر الذي يسلك إلى البصرة  وبهذا الموضع كانت الوقيعة بين عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي وبين الحجاج بن يوسف فإنه قد كان خلع عبد الملك بن مروان سنة اثنتين وثمانين، فبعث إليه عبد الملك ابنه عبد الله في أهل الشام وأخاه محمد بن مروان في أهل الجزيرة، ومع عبد الرحمن خيار أهل الأرض من القراء خرجوا منكرين لأمر الحجاج، فخيراه في عزل الحجاج ومراجعة الطاعة فلم يجب إلى ذلك فولي الحجاج حربه، فكانت وقعة ابن الأشعث مع الحجاج بدير الجماجم في شعبان من سنة ثلاث وثمانين، فهزم عبد الرحمن ولحق ببلاد الترك بعد أن كانت بينهما ثمانون وقعة أكثرها على الحجاج، وصار عبد الرحمن إلى رتبيل ملك الترك فقبله وأكرمه وصار إليه فل أصحابه وهم زهاء عشرين ألفاً، وكان ابن الأشعث لما انهزم توجه إلى نيسابور ثم إلى كرمان فأغلق الباب دونه فسار إلى رتبيل ملك الترك، فوجه إليه الحجاج من ضمن له ألف ألف وأربعمائة ألف درهم على أن
يسلم ابن الأشعث إليه، ففعل فقتل نفسه خشية أن يمثل به، فحمل إليه رأسه. وقال
الأصمعي كانت لابن الأشعث أربع وقعات: وقعة الأهواز ووقعة الزاوية ووقعة دير الجماجم ووقعة بدجيل. وفي كتاب الدولابي ما قدمناه كانت بينهما ثمانون وقعة، وفي ذلك قال أعشى همدان وكان ممن خرج مع ابن الأشعث:
إنـا سـمـونا للكفور iiالفتان بالسيد الغطريف عبد الرحمن
سار بجمع كالقطا من iiقحطان ومـن معد قد أتى ابن عدنان
أمـكن ربي من ثقيف همدان يوماً  إلى الليل يسلي ما iiكان
إن  ثـقـيـفاً منهم iiالكذابان كـذابها الماضي وكذاب iiثان
وشرح القصة على التفصيل يطول ويتلف الغرض من هذا الكتاب.
*زهير
3 - مارس - 2009
الجونان: معاوية وحسان ابنا الجون الكندي    كن أول من يقيّم
 
وقال ياقوت في كتابه (الخزل والدأل):
وفي دير الجماجم كانت وقعة الحجاج بعبد الرحمن بن الأشعث، وكان القتل قد فشا في القراء الذين ناصروه في حربه. قال جرير يذكر هذه الوقعة ويعير الفرزدق:
كـأنـك  لـم تـشـهد لقيطاً iiومالكاً وعمرو بن عمرو، إذ دعوا: يال دارم
ولم  تشهد الجونينِ والشعبَ ذا iiالصفا وشـداتِ  قـيـسٍ يومَ ديرِ iiالجماجمِ
والجونان: معاوية وحسان ابنا الجون الكندي، أسرا يوم دير الجماجم.
وقيل: قتل حسان بن الجون، وفودي أخوه معاوية.
*زهير
3 - مارس - 2009
 1  2  3