البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : الأحنف العكبري يولد من جديد    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )
 زهير 
27 - يناير - 2009
في عام 1999م صدر لأول مرة ديوان الأحنف العكبري (ت 385هـ) بتحقيق الأستاذ سلطان بن سعد السلطان ، ويضم (825) قطعة، في (4998) بيتا مع المكرر،  وكان الظن أن الديوان في عداد الدواوين الضائعة، منذ زمن قديم، وكانت المفاجأة أن نسخته الوحيدة في العالم تحتفظ بها مكتبة الملك فهد الوطنية.
فكيف وصل إليها ؟ وما قصة هذاالاكتشاف المذهل الذي حتم علينا أن نغير من نظرتنا إلى الأحنف، وقدمه لنا بصورة أخرى لم تكن تخطر على بال، وأضاء حقبة مظلمة من تاريخ مدينة عكبرا الراقدة على أطلالها منذ قرون
ويمكن الوصول إلى أطلال مدينة عكبرا وما أبقى منها الدهر على هذا الرابط: 
 
أما الأحنف العكبري فهو أبو الحسن عقيل بن محمد العكبري، النهشلي (1) التميمي  المتوفى عام 385هـ  وقد اشتهر بالأحنف العكبري لحنف قدميه، والحنف  كما قال ابن منظور ( اعوجاج في الرجل وهو ان تقبل إحدى إبهامي رجله على الأخرى) وقال الجوهري في الصحاح: (الأحنف هو الذي يمشي على ظهر قدمه من شقها الذي يلي خنصرها)
قال ابن الجوزي:( روى عنه أبو علي ابن شهاب ديوان شعره). ووصفه الثعالبي بشاعر المكدين وظريفهم. وقال الصاحب ابن عباد: هو فرد (بني ساسان) اليوم بمدينة السلام. وكثير من شعره في وصف القلة والذلة يتفنن في معانيها ويفاخر بهما ذوي المال والجاه).
قرأت في الأسبوع الماضي ديوان الأحنف العكبري وكنت أرى أبا العلاء المعري في كثير من معاني الأحنف ومبتكراته ولا أكون مبالغا لو قلت: (الأحنف العكبري هو المؤسس الحقيقي للمدرسة التي ينتمي إليها أبو العلاء)
وقد رأيت أن في شعره الذي يفيض إنسانية وعذوبة وأدبا رفيعا ما يدعو إلى تحريره من قائمة المكدين (النصابين) وضمه إلى عمالقة الشعر العربي.
ولا نقطع الأمل من العثور على نسخة كاملة لديوانه يوما ما.
وأما هزلياته ومجونه فلا أدري تاريخها، وإلى أي حقبة من حياته تنتمي، لذلك أرى عدم التعرض لها في هذه المختارات. وربما نوهت ببعضها إذا تضمن فائدة تاريخية.
كتبت لأستاذتي ضياء خانم أخبرها عن خيبتي أنني لم أعثر في المجمع عندنا على أي كتاب يتعلق بالأحنف، ثم كتبت لها عن فرحتي أنني عثرت في قوائم الكتب المقتناة حديثا على أول نشرة لديوانه، وهي النشرة التي أصدرها الأستاذ سلطان بن سعد السلطان عام 1420هـ 1999م في (633) صفحة.
يحدثنا الأستاذ سلطان عن مخطوطة الديوان فيقول: وكانت المخطوطة موجودة ضمن مجموعة مكتبة الأستاذ جميل ابو سليمان (رحمه الله تعالى) التي اقتنتها مكتبة الملك فهد الوطنية، وقد جمع الأستاذ جميل مخطوطاته أثناء إقامته في المغرب العربي، ومنها هذا الديوان الذي نجد على ورقته الأولى تعليقا مختصرا باسم صاحب الديوان بخط مغربي، ومع ذلك فنسخة الديوان مشرقية، كتبت في بغداد في 15/ ربيع الأول/ سنة 595هـ بخط النسخ التدويني على ورق مشرقي، لعله من صنع بغداد أيضا ... اما ناسخ الديوان فهو محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الكاتب، ونسخه جيد ومقروء، ويورد بعض اختلافات القراءة في الهامش. وتقع النسخة في (171) ورقة، وقياسها 22 سم × 16 سم، ورقمها (9/ مجموعة أبو سليمان) وجاء في آخرها (قال الحسن بن شهاب بن علي بن شهاب عفا الله عنه: هذا آخر ما وجد من شعر الأحنف العكبري. ووافق فراغ محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الكاتب منه صبيحة الإثنين خامس عشر ربيع الأول من سنة خمس وتسعين وخمسمائة وهو ثالث عشرين من شباط سنة عشر وخمسمائة وألف يونانية ببغداد، والحمد لله دائما وصلى الله على سيدنا محمد والنبي وآله الطاهرين، سهّل الله بعد عسر يسرا
وقد سقطت من أول المخطوطة صفحات ضمت قافية الهمزة ولا نستطيع تحديد عددها، وتلا قافية الباء باقي الحروف خلا حرف الخاء، وفي آخر الديوان اختلطت قافية الميم مع النون. ولا شك ان هناك نصوصا كثيرة ضاعت من شعر الشاعر، ويؤكد هذا وجود بعض القصائد التي حوتها بعض المصادر، ولم ترد في الديوان، ومن ذلك ما ورد في تاريخ بغداد 12/ 301 ويتيمة الدهر (3/ 114) وستأتي في ملحق خاص) وكذلك ورد في الديوان بعض النصوص المتكررة، فيأتي نص من ثلاثة أبيات ثم يأتي النص نفسه وقد زاد على ستة ابيات، فهذا دليل آخر على فقدان جزء من قصائده وأبياته، وربما كان لاعتماد جامع الديوان على الرواية الشفوية دور في ذلك.. وورد في الديوان أن أبا الفرج التميمي كان يدون شعر الأحنف، وكذلك راوي ديوانه الحسن بن شهاب، وكل هذا يوضح لنا مدى اهتمام العلماء والأدباء بشعره وقت حياته
قال: (وظل ديوان الأحنف مجهولا تاريخا طويلا، وجاء المؤلفون والباحثون في العصر الحديث، ودرسوا أدب العصر العباسي دراسات كثيرة، ولم يحظ الأحنف العكبري بنصيبه منها، وهم بمنأى عن اللوم، فسبب ذلك أن ما دون ونشر من شعره قليل جدا، لا يتجاوز الأربعين بيتا .. وقد تصفحت فهارس المكتبات في العالم فلم أجد أي إشارة إلى نسخة أخرى، وبحثت في المجاميع الشعرية فلم أعثر على شيء، وواجهت صعوبات شتى في التحقيق إذ الاعتماد على نسخة واحدة يجعل الأمر شاقا وعسيرا، إضافة إلى ما طرأ على النسخة من آفات الكتب، وأسوأها بلل من سائل، لعله حبر، وقع في آخرها، طمس بعض ابياتها وكلماتها، وجاء احد النساخ وحاول التعديل والإصلاح، فلم يوفق في ذلك، فأحدثت تحريفا في تلك الأبيات، ولم يسلم منها إلا القليل، فأثبت رسمها في مواطنها، وأشرت إلى التحريف، ووضعت في نهاية الكتاب صورا من تلك التعديلات من أصل المخطوط ليكون ذلك في متناول القراء. وفي ظني ان إخراج هذا الديوان سيفيد الباحثين، فسوف يضع بين أيديهم شاعرا كبيرا مبدعا وليس في هذا مبالغة او تجاوز، فقد حظي شعراء أقل منه شانا بدراسات مختلفة وبحوث متعددة، وما تجدر الإشارة إليه أنه قد يرد في الديوان ابيات مخلة بالعقيدة وأصناف المجون والسخف ووصف الخمر وشربها، مما لا يرضاه المسلم ولا يقره، ولم أرتض حذفها وطمسها، إذ الأمانة العلمية تقتضي أن أنشر الديوان كما وصل إلينا وفق ما أراده جامعه الحسن بن شهاب رحمه الله، ولأن ما ورد في هذا الكتاب من نصوص تصور لنا الحياة في عصر الشاعر وأوضاع مجتمعه. يقول الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في مقدمة تحقيقه ليتيمة الدهر: "ولم أشأ أن أحذف شيئا مما في هذا الكتاب من المجون .... لأنا لا نؤلف كتابا نختار فيه ما نشاء وندع ما نشاء، وإنما نحقق نصا قيده صاحبه في زمن كان الناس فيه اشد تحرجا من هذا الزمن الذي نعيش فيه"
ومع ذلك فقد حذفت بعض الكلمات الصريحة في المجون والفسق، وإنا نستغفر الله تعالى من إثبات تلك النصوص وندعو الله تعالى أن يغفر للشاعر ما زل فيه لسانه وما تاه فيه فكره وعقله).
قلت أنا زهير: وقد استوقفني أن ابن النديم (وهو معاصر للأحنف) عد عكبرا في أمصار الخوارج، فقال في (الفن الثامن من المقالة السادسة) تحت عنوان (فقهاء الشراة): (هؤلاء القوم كتبهم مستورة قل ما وقعت لأن العالم تشنأهم وتتبعهم بالمكاره ولهم مصنفون ومؤلفون في الفقه والكلام وهذا المذهب مشهور بمواضع كثيرة منها عمان وسجستان وبلاد أذربيجان ونواحي السن والبوازيج وكرخ جدان وتل عكبراء وحزة وشهرزور فمن فقهائهم المتقدمين. جبير بن غالب .. إلخ)
 
كما استوقفتني في كتاب (طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى قصيدة نادرة، استعار كاتبها أبياتا من قصيدة لابن الرومي، وهو يؤنب فيها عرب طورسينا لمساهمتهم في بناء كنيسة للنصارى في عكبرا، بينما ديوان الأحنف يشهد أن عكبرا كانت في عصره مدينة عامرة باليهود والنصارى، والأديرة والمدارس والحانات ؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 - رجح المحقق أن الأحنف من قبيلة نهشل التميمية، قال: ولم تذكر المصادر ذلك، وإنما ورد في شعره ما يثبت ذلك فهو يقولك
يا ليتني كنت من أنباط دسكرة       بديرقنَّى ولي صفر الدنانير
ولم أكن نهشليا من بني مضر       وكنت أنسب في أبناء سابور
ويقولك
وبيت من المجد الرفيع سمكتهُ       ثفت لي أثافيه تميم وخندف
ونراه يستنجد ويستغيث بعشائر تميم ليخففوا عنه المعاناة والمشقة، فهم أقرب الناس إليه، وأسرعهم إلى نجدته فيقول:
يا للعشائر من تميم iiانجدوا رجلا أضيم ولم يزل نجدا
وهو شديد الاعتزاز بهذا النسب، يفخر به ويشيد ويقول:
أنا ابن الألى شادوا العلى من عشيرة عـديـدهـمُ في الـنـائـبات كثير
ويكرره في قوله:
وإن لي نسبا في العرب فصّحني بين النبيط و (....).
ويرثي لنفسه إذ عاش بين قوم أعاجم، لا ينتسبون إلى ربيعة ولا مضر فيقول:
لقد دُفعت إلى قوم إذا انتسبوا فلا ربـيعة تؤويهم ولا مضر
 38  39  40  41 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
رثاء المشيع الكساح    كن أول من يقيّم
 
قال جامع الديوان (ص 337): وقال يرثي المشيّع الكسّاح
قال المحقق: لم اجد له ترجمة، ومعنى المشيّع الشجاع. والقصيدة في 44 بيتا
دمـوع  الـعـيـن أربعة iiتباع ولـيـس  عزا ولا صبرٌ iiيطاعُ
نـعـى الناعي المشيّعَ فاستهلّت دمـوعـي وهـي أربعةُ iiسراعُ
وكـلّ  مـعـمّـر للموت iiيبقى وكـلّ مـعـيـشة فلها iiانقطاعُ
مـضى شيخُ العشيرة iiوالمرجّى وتـاج الـشحذ والرجلُ iiالمطاعُ
ولـم  يـتـرك لـنا خلفا نجيبا يـكـون  لـقـوله منّا iiاستماعُ
سـتـبكيك  الأقارب iiوالأقاصي وتـنـدبـك الـخياطة iiوالرقاع
وتـعـدمـك  المساجد iiوالقرايا وتـبـكـيـك  الآماكن iiوالبقاع
ويـذكـر  فـضلك القمّينُ iiيوماً إذا  اجـتـمعَ المطاريحُ iiالجياعُ
ونـفـذت  الرجال إلى iiالسرايا وشـاوركَ  الـمـقدّم iiوالشجاعُ
فـعـلـمت المزكّر كيف يمشي وكـان  لـه بـهـا قـدم iiوباع
فـكـم مـن مدلق وجّهتَ iiيوما إلـى  جـهـة لـه فيها iiانتفاع
وكـم  رمّدت من حدث iiطريف لـه فـي حـال مـنطقه اتساع
سـتـبـكيك  المواقف iiوالقرابى وتـفـقـدك الـمساجد iiوالرباع
ويـشـكـو فقدك الغربال iiيوما بـمـسـطـيـة تعلّق او iiتباع
وكم  من موقف لك في iiالمطاني تـوافـي  نحو راحتك iiالقطاع
عـلـيـك الباذَرَكّ بطول iiشهرٍ وقـرّاعُ  الـكـويـذِ له iiاطّلاع
شـحـذت الـناس سبعينا تباعا كـريـمـا لا تـريع ولا iiتراع
إذا  مـا رمـت مـتّـجها iiبعقدٍ مـشـيـت ولم تروعك iiالسباع
ولم تخش اللصوص ولا البوادي ولـم  يـفزعك في الهلكات قاع
سـتـبـكيك  الزوامل والطوايا إذا طـال الـمـجرّ لهم وكاعوا
وتـبـكـيـك الطويلة أيّ شيخ إذا  انـبـسطت يمينك iiوالذراع
ويـبـكـيـك الكليج وطاق بقّ ويـفـقـدك  المصنّع iiوالصناع
وكـم  أبـركت في عمل iiغلاما إلـى  الـقـمّين ليس له iiاندفاع
إذا  سـألـوك عن علق iiغريب تـشاوب فوك فانصرف iiالخداع
وإن  فـهـم النجيب وشكّ iiغفلٌ غـبـيّ فـيـه بـردٌ iiوانقطاع
عـقـدت العشر إيضاحا iiوكشفا ومـعـنى العشر ليس له امتناع
وخـلـفـك  الـمجيج لنا iiنقيبا وهـا قـد مـتّ فانكشف القناع
إلى أن قال
أأنسى يوم قولك iiللشكيكي تطاعمه  وقد كثر الصداع
ولاحقهُ أبو الدرداس جهلاً وبينهما  المودة iiوالرضاع
وداعك كان آخر ما iiالتقينا ويـوم البين أقبحه الوداع
*زهير
5 - فبراير - 2009
القاضي ابن دراج *    كن أول من يقيّم
 
قال جامع الديوان (ص 343) وقال يرثي القاضي ابن دراج* وقيل إنها منحولة إليه.
القصيدة في 31 بيتا وهي من القصائد التي شرح ابن شهاب مفرداتها.
لمن  النوادب ينتدبن iiسراعاً أوجعن صمّ جوانحي إيجاعا
يـبكين سيّد من كرا زوبيلة دك  الشقيف وحزّر iiالقرّاعا
قال ابن شهاب : الزوبيلة: المرأة الفاسدة، والشقيف ورقة يكون فيها صورة، والقراع: الرأس وهي الحجارة التي مسخت، وجعل أهل البلدة حجارة
أو قام أوساطا الدراري يكعب ال مـتـبـنّكات  ويستجيب iiقطاعا
قال: الدراري: الدور، والذي يكعب هو الذي يروي الأخبار، والمتبنكات: النساء في الدور
وأجلّ  كل مبيطل iiومغوّث ومنفّذ في السرمطات رقاعا
قال: المُبَيطل: الذي يدل. والمغوّث: الذي يستغيث في الدروب
منيوزٍ ومميسر وممخطر ومركب ومنصّف iiأنواعا
قال: المنيوز الذي يقول قطع علينا
والمميسر: الميسراني
والممخطر: الذي يتخارس
والمركّب: النعار في الليل في الدروب
ما للشّغاثات الكساح هريبة تبكي المكَسّ الممترَ النفاعا
قال: الشغاثات: المساجد. والكساح: الجياد... والمكس: الوجه ...والممتر: المجامع
 
الـمـاليء  الشلاق من iiقربانه في الشرشرات رواحلا وقصاعا
قال: الشرشرات القمار
اسـلـم أبـا دراج العف iiالذي ترك الشوازر حين مات ضياعا
إلى ان قال:
كـم قـريـة شقشقتها iiونعرتها وجـعـلـتها  لك كلّها iiإقطاعا
تخطو  مواقف أهلها iiمستعرضا أو  مـدلـقـا أو لابسا iiأدراعا
هـذا وكم صوف حللت iiزكامهُ فـرمى  سرابيل الجمال iiوكاعا
وعـلـيك  إبرار الحمال iiوآلةِ ال شاشوه تجلب للرؤوس صداعا
وتـهـاتُرُ  الكار الذي iiأذعرتهُ بـالـنصف  لا ثلثا ولا أرباعا
مـن ينقذ الشبلي إبن مرمّد iiال قـمّـين  بين فسافس iiيتساعي
الشبلي: اللعوق
والقمّين: الذي يبيت في الأتون
والفسافس: الذي يصلح السجادة بين عينيه
من يظهر السالوسَ والتامول وال مـكـلوذ  والتشطيب iiوالأوجاعا
السالوس: الصوقي
والتامول: القميص النظيف
والمكلوذ: الذي يترك الرية على يده (وفي يتيمة الدهر: المكلوذ بمعنى المقطوع اليد)
والتشطيب: الذي يقطع ذراعه بالموسى
أيـن الـمراقين التي iiصمّيتها يـا جاعلا هررَ الرجال iiقلاعا
زعـمـوا  بطارقة بأنّك iiمنهمُ خضبوا البشابش بالكبان مماعا
قال المحقق: البشابش: جمع بشباشة وهي اللحية، والكبان: الغائط
فـأجـبـتهم  أمر ولكنّ iiالفتى قد كان مكوى مسعدا ما اسطاعا
قال المحقق: المَكْوى: الذي يبخر الناس
ما كان خشنيّا ولا متهزّبا طـفسا ولا لقسيمه iiبيّاعا
والخشني كا في يتيمة الدهر: هو الذي لا يسأل ولا يكدي وهو عند المكدين عيب كبير
مستبصرُ الأديان إلا أنّه       لا صائما يوما ولا ركّاعا
___________
* القاضي ابن دراج فيبدو أنه من قضاة المكدين وليس قاضيا حقيقيا، قال المحقق: لم أجد من ترجم له
*زهير
5 - فبراير - 2009
هم الصعاليك    كن أول من يقيّم
 
 
يـا  رب عـفوك عن شيخ وذي iiحنف قـد  أدبـتـهُ صـروف الدهر iiبالتلف
ارحـم فـقـيـراً غـريبا أحنفا iiقعدت بـه  الـزمـانـة عن كسب ومحترف
لـولا الـزمـانة ما استجلبت iiمكتسبي إلا  بـضـرب ذباب السيف iiوالحجف
بـلـغـت  سـبعين عاما ما iiيصادفني يـوم  أهـنّـأ فـي شـطريهِ iiبالتحف
إذا  مـرضـت فـعـوّادي مـيـازقةٌ أولاد سـاسـان أهـل الضر iiوالعجف
إنـي وطـائـفـة مـنـهم على iiخلق مـن  كـل مـمـتحن ينمى إلى iiسلف
قـومـي وابـنـاء جنسي أهل iiمعرفة شـتّـان بـيـن نـقيّ الدرّ iiوالصدف
هـمُ الـصـعـالـيـك إلا أنهم iiعدلوا عـن الـسـلاح إلـى الأخبار iiوالنتف
مـشـرّدون حـيـارى فـي iiمعايشهم لـيـس  الـفـقير من الدنيا iiبمنتصف
الـنـاس  في الحرّ في خيش وفي iiنعم ونـحـن فـي الحرّ في القيعان كالهدف
يسقون في الخيش بالموزون إن عطشوا مـاء  الـثـلوج وماء المزن في iiلطف
ونـحن  نشرب ماء السحل من iiعطش شـرب الـكـلاب بـلا كوز iiلمغترف
فـإن سـكـنـا بـيـوتـا فهيَ iiمقفرةٌ أو فـي المساجد أو في غامض iiالغرف
أشـبّـه الـنـاس فـي الدنيا iiبمجمعة تـظـلّـهـم نـخـلةٌ موفورةُ iiالسعف
تـلـقـي  إلـيـهـم جنيّا من iiمعرّقها ونـحـن  نـقـذفنا بالشيص والحشفِ
إذا أكـلـتُ كـسـيـراتي على iiسغب تـمـرٌ  ومـاءٌ فقد ناهيت في iiالسرفِ
فـالـحـمـدُ لـلـه رزقي في نزارتهِ رزق الـعـصافير ترضى أيسرَ iiالعلَف
دع ذا وخـذ فـي حـديـث فيه معتبرٌ لـكـل  حـرّ دقـيق الفكر ذي iiشرَف
قـد  صـار شعري وإعرابي iiوفلسَفتي بـيـن  الـمياسير منسوبا إلى iiالخرف
*زهير
5 - فبراير - 2009
دعوه يبكي لفقد خلانه    كن أول من يقيّم
 
دعـوهُ  يـبكي لفقد iiخلانه وهـجـر  أحبابه iiوأخدانه
جـيـرانهُ أوحشوا iiمنازله فـظـل يبكي لفقد iiجيرانه
أشـجـانهُ  قيّضت له iiتلفا فصار  يدعى قتيل iiأشجانه
أجـفانه  أبكت العيون iiدما وأنحل الجسم غنج أحضانه
سحر بألحاظه ومقلته وكل عين منه أعنانه
(قال المحقق :هكذا في الأصل والشطر الثاني من تعديل الناسخ لموضع البلل والبيت منكسر)
صفف أصداغه على يقق تحمل وردا (عليه رمّانه)
علق المحقق بان ما بين قوسين من تعديلات الطارئة على الديوان وهو تحريف وفيه إقواء
شـقاوتي لم هويت من iiتلفي خـلـف  مواعيده iiوهجرانه
ألـفـاظـه مازجت iiعبارتهُ فـصار إبليسُ بعض أعوانه
مـضارعٌ  ماجن يهبهب iiمن تـحـت مـراعيشه iiلمجّانه
وزانـه  مـنـه في موانسَةٍ وخـائـفٌ  منه ثقل iiأوزانه
مـن شأنه هجر عاشقيه iiوما بذل وصال المحبّ من iiشانه
إذا  تـمـشّى بحسن iiسمرته وكـسـر  أعـطافه بأردانه
قـالـت  لـبـاقاته iiلعاشقه قـولَ  مـبين بحسن iiتبيانه
عـوّذهُ بالله والـقـران iiوما فـي  طيّ يا سينه iiورحمانه
إذا انـثـنى وانساب iiيجمعه مـا بـيـن مـرويّة وكتّانه
صـاح العزا بالهوى iiفأسلمهُ فـاستكتم  الدمع نفيُ iiكتمانه
سـألـتـهُ قـبلةً فضَنّ iiبها وتـاه فـي كـبرهِ iiوعدوانه
ثـمَ انثنى كالمغيظ من iiحنقٍ يـعـضُّ إبـهـامه iiبأسنانه
وقال لي يا ضعيف ويلك من دسّك  قل لي يا نكس iiإخوانه
قـلت له يا منيتي وجهك iiقد أمـرض  قلبي بحسن ألوانه
وجـهك  كالبدر قد أضاء لنا مـن تحت شعر زها iiبأفنانه
وأنت سؤلي من الزمان iiفجد عـلـيّ  في منّة قبْح خلقانه
لم يعلق المحقق على البيت ص 506
أتـيـتـه ثـمّ قلت ذلك iiمن سـرّ  بـهـذا رمي iiبخذلانه
ثـمّ  تـنصّفت وانتميت iiإلى عـبّـاس في رهطه iiوفتيانه
وقـلـت  في خالد iiوعُصبته قـولا  يوافي بحسن iiإحسانه
خُـرَّ كـذا لي يقال في iiزمن مُدّ مِنْ هجري بطول هجرانه
كذا ضبط المحقق البيت ؟
أنا الفتى الأحنف الذي خضعت لـه  وذلّـت خـدود iiأقـرانه
أقـرّ  أهـل السجون عن iiثقة بـفـضـلـه في جميع iiبلدانه
نـازوك قـد مـل من iiعقوبته فـيـما مضى من قديم iiأزمانه
علق الحقق بأن نازوك: امير تركي كان شجاعا، غلب على الأمر وتصرف في الدولة العباسية تصرفات خطيرة، خاصة في أيام المقتدر، ونسب إلى المعتضد فقيل: نازوك المعتضدي، وقتل سنة 317هـ عن (رسوم دار الخلافة 9 ، 11 ، 14) و(تجارب الأمم 1/ 83)
والبازعجيّ فهو يعرفهُ وذم  شيطانه iiلشيطانه
علق المحقق بأن الشطر مختل ويستقيم لو كانت (البازعيجي) وربما كان المقصود الإبزاعجي صاحب شرطة بغداد في عهد معز الدولة البويهي (تجارب الأمم 2 / 157)
مـقـطب الحاجبين ترعدُ iiمن خـوف  دواهـيه قلب سجّانه
من ألف فلس وألف ألف عصا لـو أحـصيت في أقل ديوانه
وقـفـاتُـهُ والـولاةُ iiتـسألهُ أثـبـت  مـن خالد iiوسيدانه
إذا رأى الـسـبعَ جاءهُ iiعجلا مـن  غير خوف لعرك iiآذانه
قـد  صوّر القرمُطيّ iiصورتهُ مـن  خوفه في جميع iiحيطانه
مـنـجّـم  شـاعـرٌ له iiهممٌ نـيـطـت  ببهرامه iiوكيوانه
تعليم ما في الكتاب فطنته (مـن  شـعره iiوديوانه)
علق المحقق بقوله (ما بين قوسين من تعديلات الطارئة وهو مختل الوزن)
إن أنت واصلته وفيت إلى ( سعادة لا تشوب iiأحزانه)
علق المحقق بقوله (ما بين قوسين من تعديلات الطارئة وهو مرتبك المعنى وفيه إقواء)
 
فـقـال  يا صاحبي iiأصله إذا فرح قلبي (يحل بيرانه)
علق المحقق بقوله (ما بين قوسين من تعديلات الطارئة والبيت مختل وزنه ومعناه)
 
وأنفق البيض في مواضعها صـرت له من اقل غلمانه
أخـصـمني  والذي أؤمّلُه لـعـفوه  في غد iiوغفرانه
لا يعطف الحبّ بعد iiجفوته غـير مداوير كيس iiوزّانه
*زهير
5 - فبراير - 2009
انتهينا بفضل الله    كن أول من يقيّم
 
اعتقد أني انتهيت من اختيار ما يستحق النشر من شعر الأحنف العكبري، وربما فاتني شيء من ذلك، وما هو بكثير إن شاء الله، والحمد لله الذي يسر لي إنجاز هذا العمل، بفضله ومنته، وشكرا لكل من يساهم في تصحيح هذه المختارات من أغلاط الطبع، لأنني كتبتها على عجلة كما ترون، كما أتمنى من الأساتذة الباحثين أن يدلوا بدلوهم في إماطة اللثام عن حياة الأحنف العكبري، وأسباب دمار عكبرا، وكيف كانت الحياة تسير في ذلك الكوكب وهل سيقدر لنا أن نعثر على ديوان آخر ينتمي إلى تلك الحقبة ويضم مثل هذه النفائس التي قدمت لنا الأحنف العكبري في صورة أخرى مختلفة كل الاختلاف عن صورته في التاريخ
*زهير
5 - فبراير - 2009
نعم ، ولد من جديد    كن أول من يقيّم
 
أتقدم بالشكر مرة أخرى لأستاذنا الكبير زهير ظاظا لجهده الكبير الذي بذله ، دون منة ولا تقتير ، في تكريم هذا الشاعر المغمور الذي لم تنصفه الأيام ولم ينل من الشهرة والاهتمام ما يستحقه ، ولإتاحته لنا فرصة التعرف إلى الأحنف العكبري بالمستوى المتاح حالياً ، الذي هو نتيجة للمعلومات التي تمكن من جمعها وهي نادرة كما رأينا ، في محاولة لرؤيته من جديد والتقرب منه بميزان عصرنا وأدواته المعرفية . والشكر موصول دائماً لأستاذنا الكبير يحيى مصري ، راعي حبال المودة ، علماً يرفرف في سماء الوراق ويظلل عليه بالكلمة النافعة الطيبة والموقف النبيل الأصيل . ستجدنا دائماً هنا ، على وفاء إن شاء الله ، لهذا الجمع الكريم ، وهذه الصحبة النادرة .
 
ولي عودة لمناقشة بعض جوانب هذه الشخصية المحيرة والقلقة والتي لا أخفي انزعاجي حيال بعض مواقفها ومشاهدها ، وترددي في قبول الكثير من الأحكام والأفكار التي تثيرها في ضعفها وحيرتها وتمردها ، وإعجابي الشديد بقدرتها على الرصد والتأمل وتصوير المشاعر والأفكار والمشاهدات بطريقة مزلزلة ، لكنها صادقة ، تذكرني بشخصيات أخرى مماثلة تفرَّدت بعبقريتها عبر التاريخ .
 
*ضياء
6 - فبراير - 2009
شكر وامتنان    كن أول من يقيّم
 
أكرر شكري وامتناني لأستاذتنا الغالية ضياء خانم على هذه الشهادة التي تضاف إلى شهاداتها العزيزة والمشرفة التي أعتز بها، وأنتظر أن يحظى هذا الملف بمزيد من ملاحظات الأستاذة على شعر الأحنف وشخصيته وإلى أي مدى كان لحنفه أثر على شعره، هل كان أثرا سلبيا أم إيجابيا، أما أنا فأرى أن حنفه القاسي كان من أكبر العوامل التي بثت في روحه عنفوان التحدي والإصرار على إثبات وجوده ولفت الأنظار إليه وملء الفرغ الهائل الذي سببته له عاهته الجارحة، وخرجت من هذه الرحلة وفي مخيلتي مفرداته الخاصة والتي تتصل أيضا بعاهته، فهو أول من أدخل فعل الاضطاد ومفرداته إلى شعر العرب، إضافة إلى كثير من مفردات علم الفلك والتنجيم، والكدية التي اشتهر بها وصنف في قائمة أعلامها،  طاب نهارك أستاذتي وتصبحين على خير
*زهير
6 - فبراير - 2009
لا شك في هذا    كن أول من يقيّم
 
صباح الخير :
 
لا شك عندي أستاذي بأن ما تقوله صحيح ، وأن تلك العاهة التي ابتلي بها هي مصدر العاطفة المضطربة التي ولدت ذلك البركان وغالباً ما يكون الألم مصاحباً لليقظة الذهنية والتوهج الفني . ولو نظرنا إلى مجمل شعره المتعدد الأغراض لوجدنا بأن هذا الهاجس يخترقه ويستولي عليه ، وأن هذه العاهة وهذا الشقاء الذي كان يعيشه ، وكان قد ربط في مرات عديدة بين فقره واعتزاله العمل الشريف وحنفه ، وإلى حنفه وإعراض النساء عنه ، وإلى حنفه وغربته ، وهذا يعني بأن إعاقته كانت تلح عليه إلحاحاً شديداً في كل ظروف حياته ، بل كانت خيوط العنكبوت التي وقع في شراكها ، وبأنه كان يعاني شعوراً عظيماً بالظلم دفعه في طريق وعرة في محاولة منه لمواجهة غير متكافئة مع الحياة ، ولاقتناص بعض مباهجها ، ودفع بشعره إلى الخروج من مستوى الوصف والتصوير لحياة البائسين من أمثاله ، والنقد بل والسخرية أحياناً من أحوال عصره المضطرب وفساد قيمه وعلاقاته الاجتماعية ، والتأملات التي ترتجي الحمكة والفلسفة وتفسير العالم الخارجي ، إلى نوع جديد من النقد الذاتي تبدو فيه جلية حاجته الملحة لفهم ذاته ومعرفة أبعادها وسبر غورها ، وهذا ما سأحاول تفصيله في التعليق اللاحق .
 
 
*ضياء
7 - فبراير - 2009
شخصية قلقة     كن أول من يقيّم
 
الأحنف العكبري شخصية قلقة ومتمردة وغير مستسلمة لأحول عصرها ومجتمعها والشروط القاسية التي فرضتها ظروف الفقر والحرمان التي عانى منها ، والخلل المدمر على الصعيد النفسي الناتج عن عاهة ظاهرة ومستديمة . لا يمكن النظر بدقة إلى شعر العكبري إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار إذن : الظروف العامة المحيطة بحياته من حالة سياسية مضطربة ( تطرق إليها في شعره ) وظروف بيئته في مدينة عكبرا التي كانت تحوي عدداً لا نعرفه بالتحديد من النصارى ( كما جاء في شعره وفي مقدمة الموضوع ) ، وكان الرحالة اليهودي بنيامين الطليطلي الذي زارها في العام 1168 ميلادي قد ذكر بأن عدد اليهود فيها كان يصل إلى العشرة آلاف ، وكان العكبري قد وصف خصوصية هذه المدينة في شعره بحاناتها وأماكن اللهو والسمر فيها واختلاط مذاهبها وبالتالي قيمها :
ومـسائل  حدب عليّ يقول لي بـتـوَدّد وتـعـطّف iiالإشفاق
مـاذا دعـاك إلا المقام iiبعُكبَرا وعدلت  عن وطنٍ ببابِ iiالطاق
وتركت  باب الكرخ وهو نهايةٌ في  الحسن فيه طرائفُ iiالآفاق
مـن  كل ذي أدب عليم فاضل حسن  الخلائق طاهر iiالأعراق
قلت  اكتسبت بها اعتبارا iiنافعا وعرفت وجه مساوئ الأخلاق
فـعدلت عما قد عرفت iiطريقه مـنـهـم إلى خلق بلا iiأخلاق
 
ودون النظر أيضاً إلى معاناته الشخصية المدمرة وشعوره بالعجز والمرارة الناتجين عن إعاقته البدنية ، وهو الهاجس الذي استولى كل أغراضه الشعريه وتجلى في كل ما أبداه من حزن ومرارة ، انحراف ومجون ، نقد وسخرية ، إيمان وتأملات فلسفية ، بل وحتى في وصفه الدقيق والممتع لحياته اليومية حتى أشد تفاصيلها حميمية .
 
وإذا كنا لا نعرف الكثير عن سيرته الذاتية من خلال الوثائق والمؤرخين ، إلا أن شعره سجل حي وثق من خلاله لحياته وأحوال عصره وحياة الجماعة التي انتمى إليها بدواعي الحاجة وأقصد فرقة الكدية ( بنو ساسان ) الذين ذكرهم في أكثر من موضع :
 
تـقـمّـصت من iiالحرف قـمـيـصـا  باقيا بعدي
طـرازاه  مـن iiالـحرما ن  والـخـيـبة قد iiتعدي
وكّــمـاه  مـن الإفـلا س مـنـسـوجان iiكالبرد
عـلـى  أنـي بحمد iiالل ه فـي بـيـت من iiالمجد
بـفـخـري بـبني iiساسا ن  أهـل الـشكر iiوالحمد
 
فكان ذلك الانتماء القسري مناسبة قيمة للتعرف إلى أحوال تلك الفئة من الناس التي لا يوثق لها أحد ، ولا يكتب عادة عنها أحد . وكان وصفه لحياتهم ومكرهم وألعابهم وطرق التسول المختلفة لديهم وطرق الشعوذة والتنجيم وكتابة العطوف ووصفه لأماكن سكناهم واجتماعهم ولهوهم مع كل ما كان يرافق ذلك أحياناً من انحرافات وبذاءة وطرافة وفكاهة أحياناً ، كان وصفه شهادة صادقة أمينة ووثيقة تاريخية قيمة وحية خرج فيها عن الأغراض الشعرية المعروفة إلى نوع من الواقعية المذهلة بصدقها وعفويتها تتلاطم فيها كل المشاعر الإنسانية بكل تنوعاتها وتناقضاتها :
 
فـلـو أبـصرنا iiالخشني كـالآطـام  فـي iiالـخلد
بـهـالـيل بني iiالغربة فـي الأعـشـاش iiكالأسد
وقـد  عـدنـا من iiالكديـ ة  مـقـتـولـين iiبالبعد
يـحـيّـى  بعضنا iiبعضا إذا مــات مـن iiالـدرد
وقـد  قـمـنـا iiبتصفيق وتـعـديـد إلـى iiالـنهد
وألـقـيـنـا الـشقاعات بـتـجـريـد  على iiوكد
وأظـهـرنـا  الـبتيكات ومـا فـي ذاك مـن بـد
فـهـذا يـطـبـخ iiالقدر وذا  يـحـسـنُ في الوقد
وهـذا  يـصـلح iiالمجلـ س بـالـريـحان iiوالرند
فـقـشّـمـنـا iiوبـادرنا إلـى  الأشـنـان iiوالسعد
ودارت  بـيـنـنا iiالكاس عـلـى  الـخطة iiوالنرد
وأصـمـيـنـا وبـخّرنا بــلا  عــود ولا iiنـد
ولـكـنّـا  iiتـضـارطنا بـإيـقـاع عـلـى iiعمد
عـلـى  بشباشة iiالخشني أبـي مـوسـى بـلا iiرد
وطـنـجـرنا  iiوشرشرنا بــلا حــرّ ولا iiبـرد
وعـنّـانـا  iiفـألـهـانا
فتى ذو شعر جلد
 
هذا العالم الذي كان يعيش فيه هو عالمه البديل ، ونسبه البديل الذي استعاض به عن العالم الحقيقي والنسب الحقيقي الذي فقده بسبب حنفه وسوء طالعه :
 
أيـهـا الـمشتفّ في نسبي مـنك  لا من خسّتي iiعجبي
كـلـمـا فتشت عن iiنسبي لـم  تـجد شيئا من iiالنسب
إن يكن في الناس لي iiحسب فـهـو  معدول عن iiالعرَب
سـؤددي سـخف ومكتسبي بـمـخـاريقي iiومضطربي
أحـنـف الـرجلين iiمحتقر سـاقط  في الناس ذي iiذنبِ
كـل  هـجو قيل في iiرجل فهو في عرضي وفي حسبي
 
كان ينظر إلى ذلك العالم ، وإلى نفسه من خلاله ، بنظرة نقد قاسية تدلل على مستوى مرارته واستيائه من الحال التي وصل إليها ، وتدل أيضاً على أنه كان يرفض تلك الحال جملة وتفصيلاً لكن شعوره بالحاجة بعد محاولات يائسة في فترات من حياته انصرف خلالها لطلب العلم وانقطع للكتابة والأدب ، وحاول الارتزاق منها ، لكن ظروف المجتمع الفاسد الذي كان يعيش فيه سدت في وجهه أبواب الرزق :
حسبي ضجرت من iiالأدب ورأيـتـه سـببَ العطب
وهـجَـرت إعراب iiالكلا م  وما حفظت من الخطب
ونـسـيـت أخبار الزبي ر  ومـا رواه من iiالنسب
وتـركـت تـفسير iiالمعا نـي وهـو ديوان iiالعرب
ورهـنـت  ديـوان iiالنقا ئض واسترحت من التعب
لا تـعـجـبي يا هند iiمن قـولـي  فـما فيه عجب
إن الـزمـان بـمن iiتقدْ دم فـي  الـنـبـاهة منقلب
والـجهل يضطهد iiالحجى والـراس يـعـلوه الذنب
 
( يتبع )
*ضياء
8 - فبراير - 2009
ألحان الغربة والكآبة    كن أول من يقيّم
 
من أهم ما يميز شعر العكبري ، كما أسلفنا ، نقده الشديد لأهل عصره وإلحاحه على الإشارة إلى ضياع القيم وفساد العلاقات الاجتماعية وانعدام الأخلاق وانحطاط منزلة الأدب والأدباء ، وما كتبه بهذا الخصوص هو صورة عن عصره المضطرب الذي عزز عنده الشعور بالظلم والاضطهاد فكان ما قاله في ذم أهل زمانه من أبرع شعره :
 
هـذا  الـزمـان iiوأهله بـيـن  المذلة والخساره
راعـي الـقـطيع iiمسلَّم يـعطي الفتِيّ به iiالخفاره
والديك يصدح في iiالدجى والـفأسُ  تصلحُ iiللنجاره
والـقـيـروانُ  iiمـدينةٌ والتبن يحشى في الغراره
والـدُّبّ  يفزعهُ iiالصيا ح فـيستريح  إلى iiالحجاره
والـمـرء يـهتك iiسترهُ أهلُ  التلصّص iiوالدعاره
والـمـرء يـطلبه iiالعنا بـيـن الإباحة iiوالإجاره
لـم  يـبق من نكد الزما ن وسـخـفه إلا الإشاره
إلا صـعود الكركدَنّ  إلى الأذان عـلـى iiالـمناره
 
ومجمل شعره هو تساؤل كبير عن معنى الحياة لأن نقده لم يكن هدفه التجريح والانتقام بقدر ما كان محاولة منه لفهم الواقع الذي يعيش فيه وتفسيره . فالعكبري ككل إنسان آخر ، يبحث عن السعادة ، لكنه لا يحظى منها إلا على ذلك الشعور بالظلم والغربة والمرارة :
 
ليس  الغبينة فوت كل iiغنيمة في الأرض ممّا فاتت الإنسانا
إن الـغبينة في انقلابك رائداً وطـنـا يسرّ فلا تحِسُّ iiأمانا
 
أو كقوله :
العنكبوت بنت بيتا على iiوهن تـأوي إليه وما لي مثله وطنُ
والخنفساء لها من جنسها سكن وليس لي مثلها إلف ولا iiسكنُ
 
أو كقوله في سوء طالعه :
 
 
طـالـعـت نجمي بالحسا ب  مـدقـقا في كل iiحالِهْ
وضـربـت بالهندي iiضر ب مـكـشّف جهد iiاحتيالِهْ
فـحـسـبـتـه  iiفوجدته الـ دبران في درج iiاعتداله
ورأيـتـه لا كـالـنـجو م الخمس في معنى خصاله
وسـعـوده لا iiكـالـسعو د ونـحـسـه أدنى iiفعاله
قـوّمـتـه  فـي iiسـيره ووقـوفـه  عـقبى iiزياله
فـرأيـتـه عـنـد iiالسعا
دة  مـا خـطرت له iiبباله
 
وكان يرافق ذلك الشعور بالظلم والحرمان وسوء الحظ شعوراً بالذنب والدنس وبأنه لم يحصل سوى على الراحة الحقيرة ورغبة في العفاف لمحناها مراراً في شعره وعلى الأخص في تضرعه إلى بارئه ورجائه في طلب المساعدة وذلك لإحساسه الضمني بأنه عاجز عن الالتزام لوحده بدون هذه المساعدة :
 
إلـهـي  إن تعذبني iiبذني
فذنبي عندك الذنب iiالعظيم
وإن تـغفر فعن حلم iiوعلم تـمُـنّ  ومنّك المنّ القديم
وأنت  بكلّ ما قد كان iiمنّي ومـا  هو كائن منّي iiعليم
وقلبي في يديك وأنت ربّي بـنورك  أهتدي وبه iiتقوم
فـيسّر كلما يرضيك iiعنّي فـإنّـك  مـنعمٌ برٌّ iiرحيم
وقـوّمني  تجدني iiمستقيما بـمـنّك أستجيب iiوأستقيم
 
يمكننا تلخيص موقفه بالنقاط التالية :
 
ــ الشعور بالظلم نتيجة الخلل الحاصل في تكوينه الطبيعي والذي منعه من أن يكون إنساناً كاملاً سوياً .
ــ الشعور بالظلم نتيجة الفقر والحرمان وانعدام فرص الرزق أمامه بسبب عاهته .
ــ عدم الاستقرار في العلاقة القائمة بينه وبين بقية البشر وشعوره بالغربة في عالمه .
ــ شعوره باختلال سلم القيم والمفاهيم وتخبطها في زمانه نتيجة العوامل التاريخية والاجتماعية التي تحدثنا عنها .
 ــ شعوره الضمني بالذنب والضعف ورغبته بالمساعدة .
 
تجدر الإشارة إلى أنني حاولت تلخيص المفاهيم الأساسية التي قام عليها شعر العكبري في محاولة أولية متواضعة جداً وسريعة هدفها التقرب من الموضوع وإثارة النقاش حوله وهي سطحية بالمقارنة لما يمكننا معرفته بالنظر إلى أحوال عصره وبيئته الجغرافية والاجتماعية ، وبالمقارنة بينه وبين غيره من الشعراء سواء في تجربة التشرد والصعلكة أم في مجالات أخرى كالنقد والصور الفنية ، لأننا أمام شاعر كبير وتجربة إنسانية وجودية غنية وعميقة تستحق الدراسة والنظر إليها عن قرب :
 
أقـاسـي  الـبـلا لا أستريح إلى iiغد فـيـأتـي غـدّ إلا بـكيت على iiأمس
سـأبـكـي  بـدمـع أو دم أشتفي iiبه فـهـل لـي عذر إن بكيت على نفسي
وأنـكـرت شـمـسا في دجى iiمدلهمّة لعمري لليلي كان أحسن من شمسي 
كـأن  الـصـبا والشيب يطمس iiنورهُ عـروسُ  أنـاس مات في ليلة iiالعرس
*ضياء
13 - فبراير - 2009
 38  39  40  41