البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : عالم الكتب

 موضوع النقاش : كتاب (العنوان الصحيح للكتاب)    كن أول من يقيّم
 زهير 
5 - نوفمبر - 2008
قرأت اليوم كتابا نفيسا بعنوان (العنوان الصحيح للكتاب) تأليف الشريف حاتم بن عارف العوني، الناشر (دار عالم الفوائد) (الطبعة الأولى 1419هـ) ومؤلف الكتاب معاصر من أهل مكة المكرمة، ويظهر من اسمه أنه من أحفاد الشريف عون (يرحمه الله) وقرأت عرضا مطولا للكتاب بقلم الأستاذ محمود محمد زكي، يمكن الوصول إليه على هذا الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145912  
 
كما يمكن تحميل الكتاب من الموقع نفسه على هذا الرابط:
 
وقد عرف الأستاذ زكي بالشريف حاتم العوني بقوله:
(وقبل أن نبدأ بعرض الكتاب يـَجْمُل أن نُعرِّفَ بمؤلِّفه، فنقول: هو الشيخ الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني، عضو هيئة التدريس بقسم الحديث، بكلية الدعوة وأصول الدين، بجامعة أم القرى. ولد بمدينة الطائف سنة 1385 هـ، واشتغل بالحديث النبوي الشريف وعلومه، حتى تميّز فيه وبرع. وبذل نفسه للتدريس والإفادة فأقام إلى جانب المحاضرات الجامعية: الدروس والدورات العلمية. وقد أثرى المكتبة الحديثيَّة بجملة نافعة من المؤلفات والتحقيقات، فمن مؤلَّفاته أذكر: "المنهج المقترح لفهم المصطلح"، و"المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس: دراسة نظرية وتطبيقية على مرويات الحسن البصري" (وهي رسالته الماجستير)، و"نصائح منهجيّة لطالب علم السنة النبويّة"، و"مصادر السنة ومناهج مصنفيها" (وهو تفريغ لدورة علمية). أمّا تحقيقاته فجاءت جُلَّها لمشيخات وأجزاء حديثيّة، أذكر منها: "مشيخة أبي طاهر ابن أبي السقط"، و"أحاديث الشيوخ الثقات" للأنصاري (وهي رسالته الدكتوراة) قال: (بنى المؤلفُ كتابَه، الذي جاء في مقدمة وخمسة مباحث، مشفوعة بفهرس لأسماء الكتب المـُصوَّبة العناوين على حروف المعجم بأسمائها التي طبعت عليها، ودليل للموضوعات).
قلت أنا زهير: وكان السبب في تعرفي على هذا الكتاب رسالة وصلتني من صديق للوراق من أهل المغرب يسألني فيها عن حقيقة عنوان كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، وهل هو (البيان والتبيُّن) بياء واحدة مضمومة مشددة، وكان هذا هو الصواب كما تجدون ذلك في ردي على هذا السؤال في زاوية التعليق على كتاب (البيان والتبيين) حيث توصلت أثناء البحث إلى ما حكاه الأستاذ الشريف حاتم العوني في كتابه (العنوان الصحيح للكتاب) .
اما الكتب التي تناول المؤلف عناوينها ببيان الصحة فهي (63) كتابا، منها (إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث) لابن قتيبة و(الباعث الحثيث) لأحمد شاكر، و(البحر الزخار) للبزار، و(بغية الراغب المتمني) للنسائي و(بيان الوهم والإيهام) لابن القطان و(البيان والتبيين) للجاحظ، و(تلخيص الحبير) لابن حجر، و(درة الحجال) لابن القاضي و(العبر في خبر من غبر) للذهبي، و(معجم مقاييس اللغة) لابن فارس، و(نسخة أبي مُسهِر) لعبد الأعلى بن مسهر، و(نقعة الصديان فيما جاء على الفعَلان) للصاغاني، و(وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام) للسخاوي 
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
البيان والتـّبيـُّن    كن أول من يقيّم
 
أخي الحبيب اللبيب الأديب والشاعر الحكيم المبدع زهير
 
بداية جزاك الله خيرا على هذه اللفتات المبدعة حول تراثنا الحبيب
ومن ثمة ..
 
فقد كنت أدرّس مادة المكتبة ومصادر البحث والكتاب القديم في قسم اللغة العربية ، في مدينتي الحبيبة دير الزور
وذلك في سنة 1980م ، ولذلك ألفت كتابي الذي كنت أدرسه آنذاك :
( لمحات من تراثنا الحبيب ) ، والذي على حدّ علمي كان يدرس في معهد التراث العلمي بحلب
إلى فترة قريبة ..
 
وكنت قد ذكرت فيه أن صحيح اسم الكتاب ، هو :
 
( البيان والتـّبيـُّن) ؛ وليس التبيين ، اعتمادا على صفحة العنوان في إحدى مخطوطاته الجيدة ، وهي عندي
في مكتبتي ، ومعتمدا على أن أمير البيان العربي الجاحظ ، لايعقل أن يسمي كتابه مرتين بالاسم نفسه ؛ لأن
البيان هو التبيين !!!
 
وقامت الدنيا ولم تقعد عليّ من صغار الجهلة وكبارهم ، ومن غريب المصادفات أنه لم يمرّ على طبع كتابي
أقل من سنة ؛حتى ظهرت مقالة ومقابلة في مجلة الفيصل ، مع الأستاذ العلامة عبد السلام هارون ، واعترف فيها بتسمية الكتاب الصحيحة المثبتة على صفحة إحدى المخطوطات ..
 
ورغم ذلك لم يصدق هؤلاء الخبر ، ولم يتقبلوه بقبول حسن ،وبقوا مصرين على صحة التسمية القديمة المتداولة ..
 
وللآن كثير منهم لايقبلون ذلك ..
 
فلنتركهم في غيّهم يعمهون ..
 
وإنا لله وإنا إليه راجعون
 
والله أعلم
*الدكتور مروان
5 - نوفمبر - 2008
حفل جائزة الملك فيصل...    كن أول من يقيّم
 
أساتذتي العلماء الأجلاء : زهير ، ومروان . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أستاذي العلامة الشيخ محمد عبد الخالق عُضَيمة ، صاحب كتاب ( دراسات لأسلوب القرآن الكريم )...، ومحقق كتاب المقتضب للمبرد...
هذا الحِبر البحر الفهّامة قد دعاني وحدي إلى قاعة المؤتمرات في الرياض ؛ احتفاءً به ، وبالأديب العالم  عبد السلام هارون ، وغيرهما ؛ ليتسلّم كلٌ جائزةَ الملك فيصل العالمية...
بعد أن قبّلت يد كلٍّ منهما ؛ مهنئاً، سألت الأستاذعبدالسلام هارون عن عنوان الكتاب ، فقال : " هو في الأصل:(البيان و التّبيّن)  ، لا( البيان والتبيين ) .وقد ذكرت هذا في ( كناشتي) هنا في الوراق آنفاً ....
 
*د يحيى
5 - نوفمبر - 2008
شكرا لكما : وهلا وغلا    كن أول من يقيّم
 
كل الشكر لأستاذيّ الكريمين الحبيبين الطيبين د. مروان عطية ود. يحيى مصري، والمعذرة منهما أني ترددت في تغيير عنوان (البيان والتبيُّن) في الوراق لأن الناس الذين يبحثون عن الكتاب ربما كتبوا في نافذة البحث (والتبيين) فتكون النتيجة أن الكتاب غير موجود، والعجب أن الكتاب قد اشتهر بهذا الاسم طوال التاريخ، في معظم كتب الأدب والتاريخ، حتى قال ابن نباتة المصري مادحا صديقه الخطيب جلال الدين القزويني صاحب (تلخيص المفتاح):
بحر فقه وإن تشأ فابن بحرٍ       في ضروب البيان والتبيين
ولكن ورد بعنوانه الصحيح في مصادر لا بأس بها أيضا، كما يظهر عند البحث عن ذلك في الوراق.
*زهير
6 - نوفمبر - 2008
بل هناك فارق بين البيان والتبيين    كن أول من يقيّم
 
بل هناك فارق بين البيان والتبيين
أستاذي الدكتور مروان:
قولك:(ومعتمدا على أن أمير البيان العربي الجاحظ ، لايعقل أن يسمي كتابه مرتين بالاسم نفسه ؛ لأن البيان هو التبيين !!!) يحتاج حوارًا فإن بين البيان والتبيين فارقًا لغويًّا يقتضي فارقًا دلاليًّا. فالبيان مصدر سماعي للفعل الثلاثي(بان)، والتبيين مصدر قياسي لمزيد الثلاثي(بيَّن)، والزيادة في المبنى تستدعي زيادة في المعنى، كما لا يخفى على شخصكم العالم.
جاء في لسان العرب:(وقالوا: بانَ الشيءُ واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد؛  ومنه قوله تعالى: آياتٍ مُبَيِّناتٍ، بكسر الياء وتشديدها، بمعنى مُتبيِّنات، ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء فالمعنى أَن الله بَيَّنَها. وفي المثل: قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن؛ وقال ابن ذَريح:
وللحُبِّ آياتٌ تُبَـيَّنُ لـلـفَـتـى
 
شُحوباً، وتَعْرى من يَدَيه الأَشاحم
قال ابن سيده: هكذا أَنشده ثعلب، ويروى: تُبَيِّن بالفتى شُحوب. والتَّبْيينُ: الإيضاح. والتَّبْيين أَيضاً: الوُضوحُ؛ قال النابغة:
إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً مـا أُبَـيِّنُـهـا،
 
والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة الجلَد
يعني أَتَبيَّنُها... والعرب تقول: بَيَّنْت الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً.وفي المصادر حرفان نادران: وهما تِلْقاء الشيء والتِّبْيان، قال: ولا يقاس عليهما. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: أَلا إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر،...وقد بانَه بَيْناً. والبَيانُ: الفصاحة واللَّسَن، وكلامٌ بيِّن فَصيح. والبَيان: الإفصاح مع ذكاء ).
بل ورد في كتاب الجاحظ ما يدل على إدراكه دلالة هذه اللفظة وقصده إليها حيث ورد:(وقال عليُّ بنُ الحسَين بنِ علي رحمه اللَّه: لو كان النّاسُ يعرِفون جُملةَ الحال في فضل الاستبانة، وجملةَ الحال في صواب التَّبِيين، لأَعَربُوا عن كلِّ ما تخَلَّجَ في صدُورِهم، )
وجاء فيه أيضًا:(وأبيَن الكلام كلامُ اللَّه، وهو الذي مدَح التَّبيين وأهل التفصيل).
كما ذكر الكتاب بهذا الاسم في غير مصدر قديم منها الأغاني، وكتاب نصرة الثائر للصفدي، وإعجاز القرآن للباقلاني، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، وفي موسعة صبح الأعشى للقلقشندي...إلخ والبحث في المكتبة التراثية بموقع الوراق عن عنوان الكتاب تدل على ذلك.
*صبري أبوحسين
6 - نوفمبر - 2008
صبرا وتجملا    كن أول من يقيّم
 
هلا وغلا بالحبيب الناقد الباحث صبري
شكرا لك على مداخلتك الكريمة
 
وقد كفاني أخي العالم المدقق الدكتور يحيى
مؤونة الردّ على الشقّ الأول من سؤالك
 
وأما الشقّ الثاني فقد أجاد شاعرنا الحكيم اللوذعي
زهير  في الإلماح إليه
في مداخلته الكريمة الآنفة :
 
(ولكن ورد بعنوانه الصحيح في مصادر لا بأس بها أيضا،
 كما يظهر عند البحث عن ذلك في الوراق)
 
ودمتَ بودّ
 
 
*الدكتور مروان
7 - نوفمبر - 2008
التبيين والبيان    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة أساتذتي الأفاضل ،
هذه مشاركة قصيرة أقدمها بين يدي مشاركة أنوي القيام بها بإذن الله ؛  فموضوعكم هذا أعجبني كثيرا ، وسوف تكون مشاركتي تهدف إلى الاستفهام حول البيان وانه بذاته هو التبيين .
وقد وردت كلمة " التبيين" في كتاب الجاحظ مدار البحث مرة أخرى غير التي ذكرها الدكتور يحيى . ففي صفحة 81 من نشرة الوراق للكتاب نجد ما يلي :
"...وأبيَن الكلام كلامُ اللَّه، وهوالذي مدَح التَّبيين وأهل التفصيل وفي هذا كفايةٌ إن شاء اللَّه،..." .
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ت656) من نشرة الوراق ايضا ، ص 163 ، ورد اسم الكتاب معكوسا : " ...ونقده الناقد البصير، عمرو بن بحر الجاحظ، فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب التبيين والبيان، وذكر من نسبتها إلى معاوية... " .
*ياسين الشيخ سليمان
9 - نوفمبر - 2008
شكرًا ولكن!    كن أول من يقيّم
 
شكرًا ولكن!
أشكر الدكتور يحيى على مداخلته وقد أفدت منها لكن أعترض -بحكم الإخوة العلمية -على عنوان مداخلتك!!! 
أخي:
أعلم أن العنوان الصحيح هو ما قرره أستاذنا المحقق عبدالسلام هارون وشيخنا زهير وآخرون، ولكن أردت بمداخلتي التفريق بين لفظتي البيان والتبيين، وأردت ذكر الرأي الآخر في القضية، مع خالص عتابي!
*صبري أبوحسين
9 - نوفمبر - 2008
معناهما : الوضوح.    كن أول من يقيّم
 
" والبَيانُ: ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها. وبانَ الشيءُ بَياناً: اتَّضَح، فهو بَيِّنٌ..." .
 
هذه العبارة التي أغفلتها من (اللسان) يا أخي الدكتور صبري،أو سهوت عنها، هي ما قصده الدكتور مروان :" ...لأن البيان هو التبيين[ وهو الوضوح].
*د يحيى
9 - نوفمبر - 2008
القضية احتمالية    كن أول من يقيّم
 
إخوتي:
أرى أن الإشكال في عنوان بيان الجاحظ احتمالي، أي ليس فيه دليل قطعي الثبوت، فلعله كما توجد نسخة بها (التبيُّن)، توجد نسخ بها (التبيين)!
وكما ورد عنوان الكتاب بفلظ (التبيُّن) في عدد من المصادر القديمة، كذلك ورد عنوان الكتاب بلفظ(التبيين)في كثير منها، وكما وُجِد من يقرر أنه لا فرق لغوي بين لفظي البيان والتبييين كذلك وُجِد من يفرق بينهما!
 ثم إن الخطأ الشائع خير من الصواب النادر!!!
 ومن ثم أدعو أن نتحاور بأدلة أكثر وأعمق، وبأسلوب هادئ ليس فيه تضعيف ولا تجاهل أو تجهيل للآخر المعارض! فالأحادية في البحث والخطاب مرفوضة دينيًّا وعلميًّا!
ولا يوجد فينا ولا في غيرنا من يملك الحقيقة المطلقة!
 
*صبري أبوحسين
10 - نوفمبر - 2008
التبيين أم التبين!    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
   أيها الأساتذة الكبار الأفاضل ، أحييكم جميعا أطيب تحية ، وأصرح بأنني أفيد من علمكم الشيء الكثير ؛ فشكرا لكم ، وأثابكم الله الخير العميم .
وإن لدي تساؤلات حول معنى التبيين ومعنى والبيان أرجو من حضراتكم أن تبينوا لي حولها ما يريح البال ويهدئ الخواطر ؛ راجيا من حضرة الدكتور مروان العطية ، الذي عودني على أن يخاطبني بالغالي وبالحبيب أن لا يسلكني في عداد من قال عنهم : فلنتركهم في غيهم يعمهون ، ونعتهم بأن بعضهم من صغار الجهلة ، وبعضهم من كبارهم . . فهو أدرى بحالهم ، وما جرى منهم شيء أجهله ، ولا أظن ما جرى سببه مجرد الخلاف في الرأي أو في تعدد المفاهيم . فالذي يقول بأن كتاب الجاحظ هو البيان والتبيّن ، أو يقول بأنه البيان والتبيين ، فلن يرقى قوله إلى أن يكون بديهية من البديهيات أو مسلمة من المسلمات التي لم تسلم هي نفسها من الشكوك ، فقد سبق للإمام أبي حامد الغزالي ، مثلا، أن شك فيها ، وطالب عقله بدليل على صحتها ، وما أراحه مما كان فيه إلا النور الذي قذفه الله في قلبه ، كما قال هو في أحد كتبه ، الذي يمكن أن يكون " المنقذ من الضلال" . وأنا بين أيديكم بحال المتسائل الباحث عن الحقيقة ، ولن أكون مكابرا جاحدا الأدلة القطعية بحال ؛ فكونوا كالنور ينير ظلام العقول ؛ فيجلو عنها ما ران عليها من قلة المعرفة .
   أبدأ بالسؤال : إذا كان البيان هو التبيين بعينه كما ذكرتم عن المرحوم الشيخ العلامة عبد السلام هارون ، فهل يصح لنا أن نقول : إن من التبيين لسحرا بدلا من إن من البيان.. أو إن الله تعالى عليه تبيين القرءان بدلا من بيان القرءان ، أو علم الله الإنسان التبيين بدلا من علمه البيان ، مع بقاء المعنى كما هو؟ وإذا كان ذلك غير جائز ، فما السبب؟
وما دمنا بحاجة إلى تبيّن البيان ، فإن البيان ليس بينا بنفسه في جميع الأحوال بالنسبة لجميع المتبينين ، فهم ليسوا سواء في مقدار التبين وعلو درجته وكيفيته ؛ فيبقون في حاجة لمن يقوم بتبيين ذلك البيان ، ولولا ذلك ما كانت هناك مئات الكتب التراثية والمعاصرة ، التي تقوم بهذه المهمة ، وأول هذه الكتب كتاب الجاحظ الموسوم بالبيان والتبيين ، أو بالبيان والتبيّن ، والذي قام صاحبه بتبيّن البيان لمقدرة اشتهر بها ، وملكة منحها الله إياها ، واطلاع واسع على مختلف العلوم ، ثم قام بتبيينه للناس .
   والتساؤل الأول الذي يتبادر إلى الأذهان عند مطالعة موضوع اسم كتاب الجاحظ هو : كيف غفل عشرات ، بل ربما مئات المشاهير من الأدباء والشعراء والمؤرخين والمحققين عن أن البيان هو التبيين!! علينا إذن أن نجد إجابة معقولة لهذا السؤال ، والتي يمكن أن تكون مخرجا معقولا وسليما في نظر المتسائل لأولئك المئات .
ومن المحتمل أن كلمة البيان في عنوان الكتاب تعني اسم علم على الفصاحة واللسن ، أو الحال التي ينبني عليها النطق والمنطق ، ولم يُقصد إلى معناها اللغوي الذي يعني الإيضاح بعد خفاء كما هو التبيين؟ وعلى هذا ، فإن الجمادات نفسها تشارك الإنسان في هذا المعنى من البيان كما قال الجاحظ نفسه في كتاب " الحيوان " : " ... فالجمادُ الأبكمُ الأخرسُ من هذا الوجه، قد شارَكَ في البيان الإنسانَ الحيَّ الناطق..."
وفي " سر البلاغة وسر البراعة " يقول الثعالبي ؛ متمثلا أنموذجا بليغا يصلح في نعي الكتاب والأدباء : " ... شابت بعده لمم الأقلام، وجفت غرر الكلام. قامت نوادب الأدب، وتعطلت حوالي الكتب. قد نضب ماء الفضل، وركدت ريح العقل، وصدئ رونق التبيين والبيان، وانثلم حد القلم واللسان .." ، فهل يعقل أن الثعالبي لا يفرق بين التبيين والبيان؟! كان يكفيه أن يقول : " وصدئ رونق البيان " ، أم أن تكرار الكلمة بنفس المعنى مع اختلاف الجرس نوع من البلاغة في القول؟
وكذلك أذكر مثالا على المقدرة على البيان بمعنى جودة المنطق الملون بالحجة الباهرة ، وقد طالعته في " أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني ، وهذا المثال يروح بالبيان بعيدا عن معناه اللغوي المباشر حين يبين لنا مقدرة ابن المعتز العجيبة على ذم القمر مثال الروعة والجمال . يقول الجرجاني : "  ومن عجيب ما اتفق في هذا الباب قولُ ابن المعتزّ في ذمّ القمر، واجتراؤُه بقدرة البيان ( لاحظ أن البيان ذو قدرة) على تقبيحه..." ، ثم يورد أبياتا لابن المعتز :
يا سارقَ الأنوار من شَمْس الضُّحَى يـا  مُثْكِلي طيبَ الكَرَى iiومُنَغِّصِي
أمّـا  ضـياء الشمسِ فيك iiفناقصٌ وأرَى حَـرَارةَ نـارِهـا لم iiتَنْقُصِ
لـم  يَـظْـفَرِ التشبيهُ منك iiبطائِل مُـتـسَـلِّـخٌ  بَهَقاً كلَوْنِ iiالأَبْرصِ
إن من الممكن أن الخلاف في اسم كتاب الجاحظ نتج عن الخلاف في معنى البيان ومعنى التبيين لا عن الغفلة عن أن البيان من معانيه التبيين بالمعنى المعجمي ؛ ولكن من الجائز أن الخلاف يعود إلى كون البيان له معنى لغوي وله معنى اصطلاحي . فمن قصد المعنى اللغوي قال بأن البيان عين التبيين ، ومن قصد الاصطلاح فرق بينهما .
ولو رجوت واحدا من حضراتكم أن يبين لي بيان أهل البوادي ، وكيف هم في بيانهم إلى الفطرة أقرب ، وبصدق التعبير عن الطبع ألصق ، لما كان رجائي ينصب على معنى البيان الذي هو الوضوح بعد خفاء أبدا .
بقي أن أسألكم عن المخطوطات المتعددة للكتاب الواحد ؛ آخذا بالاعتبار سهو الناسخ أو غفلته أو عدالته أو طريقة فهمه النصوص ، أو كلها مجموعة ، ولكن بعيدا عن التزييف المتعمد والادعاء بوجود مخطوطات معينة زورا وبهتانا ، هل تعد النسخة الأقدم دليلا قاطعا على أنها هي الأصح مع غياب الأصل الذي هو من إملاء المصنف وتحت رعايته ، أو مما كتبت يده هو نفسه ؟
ومما يقلق بالي ولا أجرؤ على الخوض فيه ، لخفة ميزان بضاعتي في العلم عموما ، وفي علوم اللغة بالذات ، ألا وهو الترادف في المعاني مع اختلاف الألفاظ ، فكل ما أعرفه أن هناك من قال بالترادف ، وهناك من قال: لا ترادف . وأبحث في القرءان الكريم فلا أجد لفظا واحدا له نفس معنى لفظ آخر . ولا أعني بالترادف إطلاق اسم على مسمى عند قوم يختلف عما أطلقه عليه قوم آخرون .
أكتفي بهذا القدر حتى لا أطيل عليكم ؛ شاكرا حضراتكم على ما نستفيده  منكم ، وشاكرا للوراق خاصية البحث في النصوص ؛ فهي نعمة يا لها من نعمة! .
 
 
 
*ياسين الشيخ سليمان
10 - نوفمبر - 2008
 1  2