كركر وحصن كختا كن أول من يقيّم
وضحك ناموس ملكنا على من ادعى بكختا وكركر، ولكن أبكتهم سهامنا دما جرى من محاجر القلعتين ولم يتعثر. وقال حصن كختا إن كانت قلعة نجم عُقاباً في عقاب، فالنسر الطائر يخفق تحت قادمتي بأجنحته، أو كان الهلال قلامة لأنملتها التي علاها من الأصيل خضاب، فكف الخضيب بتيمّم تربي وبمسح بياض جبهته. فأنا الهيكل الذي ذاب قلب الأصيل على تذهيبه، وود دينار الشمس أن يكون من تعاويذه، والشجرة التي لولا سمو فرعها تفكهت به حبات الثريا وانتظمت في سلك عناقيده. وتشامخ هذا الحصن ورفع أنف جبله وتشامم، فأرمدنا عيون مراميه بدم القوم وأميال سهامنا على تكحيلها تتزاحم، ووصل النقب بتنقيبه عن مقاتلهم إلى الصواب، وأيقنوا أن بعده لم يضرب بيننا بسور له باب. وكان منهل مائهم عذبا فأكثرنا على منبعه الزحام، وتطفلوا على رضاع ثدي دلو فلم ترض أم المنع بغير الفطام، وأمسى دلوهم كدلو أبي زيد السروجي لا يرجع ببلَّةٍ ولا يجلب نقع غلّه، وحكم المدفع الكبير على سور القلعة فقال له السور دائم النفوذ والأحكام، وانقلبوا صاغرين إلى الطاعة وقد قابلنا أنف جبلهم بالإرغام. ورجعوا عن خليلهم الكردي لما قام لهم على جهله الدليل، وقالوا طاعة السلطنة الشريفة ما يراعى فيها من العصاة خليل، وسألونا الصفح عن حديث جهلهم القديم، وسلموا القلعة لرضا خواطرنا الشريفة فجمعوا بذلك بين الرضا والتسليم. وتنكرت أكراد كركر بسور القعلة فعرفناهم بلامات القسي وألفات السهام، وعطست أنوف مراميهم بأصوات مادافعنا كأنّ بها زكام. وتبرموا من خليلهم الكردي لما شاهدوا الخطب جليلاً، وقال كل منهم (يا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) وأورت عاديات المدافع بالقلعة قدحا فأمست بالزلزلة مهددة، وفروا من سطواتنا الشريفة إلى البروج فأدركهم الموت في بروجهم المشيدة. وسألنا كرديُّهم في جزيل ماله ليغدو بنفسه الخبيثة ويروح، فلم نرض منه على كفره إلا بالمال والروح. وسجناه في قلعته وقد أيقن بالموت وارتفع النزاع، وجهز المفتاح لتخليص دينه فحصل على سجنه الإجماع. وأمسى بها: كريشةٍ في ممرّ الريح ساقطةٍ | وتمام البيت معروف عند من له عليه اطلاع. |