البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : اللغة العربية

 موضوع النقاش : أبجدية البربر والفرنجة    كن أول من يقيّم
 زهير 
24 - أكتوبر - 2008
هذا نص نادر، عثرت عليه في مقدمة (تاريخ ابن خلدون) نشرة الوراق (ص 19) وهو نفسه (مقدمة ابن خلدون) ولكن إدارة الوراق الأولى كانت ترى (ولا أدري لماذا ؟!) حذف مقدمات الكتب، فحذفوا (مقدمة المقدمة) وبقيت مقدمة التاريخ، لأنهم غيروا رأيهم فيما بعد، وقد حكيت هذه القصة في مكان آخر من هذه المجالس.
 ويصف لنا ابن خلدون في هذا النص الحروف التي استخدمها في كتابة ما لا مقابل له في حروف العربية من حروف البربر والفرنجة، وليت يتمكن الأساتذة من الوصول إلى صفحات مخطوطة المقدمة بخط ابن خلدون أو من احتذى حذوه، وقد نبه ابن خلدون أنه لم يكن هو الذي ابتكر هذه الطريقة، وإنما قد سبقه إلى ذلك علماء القراءات، وأنقل لكم هنا كلامه على طوله، لما فيه من الأهمية، قال:
وقد بقي علينا أن نقدم مقدمة في كيفية وضع الحروف التي ليست من لغات العرب إذا عرضت في كتابنا هذا.
اعلم أن الحروف في النطق كما يأتي شرحه بعد، هي كيفيات الأصوات الخارجة من الحنجرة تعرض من تقطيع الصوت بقرع اللهاة وأطراف اللسان مع الحنك والحلق والأضراس، أو بقرع الشفتين أيضاً، فتتغاير كيفيات الأصوات بتغاير ذلك القرع، وتجيء الحروف متمايزة في السمع، وتتركب منها الكلمات الدالة على ما في الضمائر.
 وليست الأمم كلها متساوية في النطق بتلك الحروف. فقد يكون لأمة من الحروف ما ليس لأمة أخرى.
والحروف التي نطقت بها العرب هي ثمانية وعشرون حرفاً كما عرفت.
ونجد للعبرانيين حروفاً ليست في لغتنا، وفي لغتنا أيضاً حروف ليست في لغتهم، وكذلك الأفرنج والترك والبربر وغير هؤلاء من العجم.
ثم إن أهل الكتاب من العرب اصطلحوا في الدلالة على حروفهم المسموعة بأوضاع حروف مكتوبة متميزة بأشخاصها، كوضع ألف وباء وجيم وراء وطاء إلى آخر الثمانية والعشرين، وإذا عرض لهم الحرف الذي ليس من حروف لغتهم بقي مهملاً عن الدلالة الكتابية مغفلاً عن البيان، وربما يرسمه بعض الكتاب بشكل الحرف الذي يكتنفه من لغتنا قبله أو بعده. وليس ذلك بكاف في الدلالة، بل هو تغيير للحرف من أصله.
ولما كان كتابنا مشتملاً على أخبار البربر وبعض العجم، وكانت تعرض لنا في أسمائهم أو بعض كلماتهم حروف ليست من لغة كتابتنا ولا اصطلاح أوضاعنا، اضطررنا إلى بيانه ولم نكتف برسم الحرف الذي يليه كما قلناه، لأنه عندنا غير واف بالدلالة عليه.
 فاصطلحت في كتابي هذا على أن أضع ذلك الحرف العجمي بما يدل على الحرفين اللذين يكتنفانه، ليتوسط القارىء بالنطق به بين مخرجي ذينك الحرفين، فتحصل تأديته وإنما اقتبست ذلك من رسم أهل المصحف حروف الإشمام، كالصراط في قراءة خلف، فإن النطق بصاده فيها معجم متوسط بين الصاد والزاي، فوضعوا الصاد ورسموا في داخلها شكل الزاي، ودل ذلك عندهم على التوسط بين الحرفين.
فكذلك رسمت أنا كل حرف يتوسط بين حرفين من حروفنا، كالكاف المتوسطة عند البربر بين الكاف الصريحة عندنا والجيم أو القاف، مثل اسم بلكين فأضعها كافاً وأنقطها بنقطة الجيم واحدة من أسفل أو بنقطة القاف واحدة من فوق أو اثنتين، فيدل ذلك على أنه متوسط بين الكاف والجيم أو القاف. وهذا الحرف أكثر ما يجيء في لغة البربر. وما جاء من غيره فعلى هذا القياس أضع الحرف المتوسط بين حرفين من لغتنا بالحرفين معاً، ليعلم القارئ أنه متوسط فينطق به كذلك، فنكون قد دللنا عليه. ولو وضعناه برسم الحرف الواحد عن جانبيه لكنا قد صرفناه من مخرجه إلى مخرج الحرف الذي من لغتنا وغيرنا لغة القوم. فاعلم ذلك، والله الموفق للصواب بمنه وفضله.
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أكـلة البطاطس بصيغة أخرى..     كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة الأستاذ زهير.
                              
  لدينا * كاف خاصة *بالإضـافة إلى الكاف المعروفة في الأبجدية العربية .
هي مزيج بين حرفي الكاف والخاء ، وننطق بها كما القط عندما يكشر عن أنيابه
ويحدث صوتا خاصا : pكخكخكخكخكخكخ.. تقريبا .
 
 
وأخيرا إليك هذه المشاركة ، المقتبسة ، الطريفة :
 
قالت الأمازيغية للاتحاد: اعترف بي
قال الاتحاد: أنا لا أعترف بالأمازيغية
قالت الأمازيغية للاستقلال: تعلمني
قال الاستقلال: أنا لا أتعلم الأمازيغية
قالت الأمازيغية للتجديد: اُدع بي
قال التجديد: حرام علي الدعاء بالأمازيغية
قالت الأمازيغية للإحسان: اقرأ بي
قال الإحسان: أنا لا أقرأ الأمازيغية
قالت الأمازيغية للتلفزة: برمجني
قالت التلفزة: أنا لا أبرمج الأمازيغية
قالت الأمازيغية لاتحاد كتاب المغرب: أكتب بي
قال اتحاد كتاب المغرب: أنا لا أكتب بالأمازيغية
قالت الأمازيغية للتعليم: درسني
قال التعليم: أنا لا أدَرٍس الأمازيغية
قالت الأمازيغية للثقافة: أنشرني
قالت الثقافة: أنا لا أنشر الأمازيغية
قالت الأمازيغية للعدل: أنصفني
قال العدل: أنا لا أنصف الأمازيغية
قالت الأمازيغية للدستور: أحضني
قال الدستور: أنا لا أحضن الأمازيغية
قالت الأمازيغية للملك: أعد لي اعتباري يا ابني
قال الملك: سأعيد لك اعتبارك يا أمي
فقال الاتحاد: سأعترف بك
وقال الاستقلال: سأتعلمك
وقال اللتجديد: سأدعو بك
وقال الإحسان سأقرأ بك
وقالت اللتلفزة: سأبرمجك
وقال اتحاد كتاب المغرب: سأكتب بك
وقال التعليم: سأٌدرِسك
وقالت الثقافة: سأنشرك
وقال العدل: سأنصفك
وقال الدستور: سأحضنك
فقالت الأمازيغية: سنرى...
 
                                                            *(محمد بوزكَو، عن موقع تويزا )
الاتحاد ، الاستقلال ، التجديد ، العدل والإحسان ... أحزاب مغربية .
*abdelhafid
27 - أكتوبر - 2008
احتفاء بالحرف..    كن أول من يقيّم
 
 
img101/3707/kjhg44ap7.gif
 
                         صورة قمت بتركيب عناصرها التي حصلت عليها من مواقع مختلفة من الشبكة .
*abdelhafid
27 - أكتوبر - 2008
تحية طيبة،    كن أول من يقيّم
 
ترى أستاذنا ، هل طبعة المقدمة المضبوطة بالشكل التام وبهوامشها قليل من التحقيقات الوجيزة ، والتي طبعت في بيروت وصدرت عن دار الكتاب هناك دون ذكر لسنة الإصدار ، هي نفس طبعة بولاق؟ أعني هل هي مصورة عنها ؟ لقد وجدت بخط يدي على المقدمة التي لدي كلاما كتبته عام تسعة وسبعين يتضح منه أنني نقلته عن كتاب للأستاذ ساطع الحصري تحدث فيه عن ان الطبعات العربية للمقدمة ، غير طبعة الشيخ نصر الهوريني ، يعتريها النقص ، ولا أدري هل تم تلافي ذلك النقص تماما بعدما ذكر الحصري ما ذكر؟ وشكرا لكم .
*ياسين الشيخ سليمان
28 - أكتوبر - 2008
هدية لعبد الحفيظ : أثر اللغة البربرية (1 )    كن أول من يقيّم
 
ما أنشره في هذا الملف هو خارج عن موضوعه ، لكني آثرت تقديم هذه الهدية للأستاذ عبد الحفيظ في هذاالمكان ولأنه أثار موضوع اللغة البربرية التي هي لغة ملايين العرب أكثر من مرة ، فالمغرب العربي الكبير كله ينطق بها ، وهي موسيقاه التي يعيش على وقعها حتى ولو اختلفت الكلمات أحياناً .
نشر هذا البحث في مجلة المجمع اللغوي بالقاهرة الجزء الثامن (ص 326) وكانت هذه المحاضرة قد ألقيت بتاريخ 10 /01/ 1951
أثر اللغة البربرية في عربية المغرب

للأستاذ شارل كوينتز 
خبير بلجنة اللهجات
 
تمهيد
كان الحديث عن اللغات، وأصولها وفروعها، والصلة بينها، وموروث هذه من تلك، وأثر بعضها في بعض، كان الحديث عن هذا كله وأضرابه في زمن سلف شيئًا مرده إلى الحدس؛ إذ لم تكن أسباب البحث مملوكة ولا وسائله ميسورة. ونحن اليوم  مع عصر تكاد تكون الألسن فيه على تباينها مقروءة، والعيش بين أصحابها والتحدث إليهم هينًا ميسورًا. فأصبح ما كان ظنًّا، اليقين أو شبيهه، وباتت الأقوال عن اللغة كالموزون والمقيس، لا تفوت القصد إلا في القليل .
وهناك نهجان للبحث  في اللغات، أحدهما: النظر للغة كوحدة مستقلة، يبحث عن أصلها وتطورها والأدوار التي مرت بها وأسباب قوتها وضعفها والعوامل التي   أثرت فيها داخليًّا. وثاني النهجين: النظر للغة ما، كجزء من كل، وصلتها بغيرها من أخواتها، وتأثرها بالأمم التي انفصلت عنها وما يتبع ذلك من مؤثرات وعوامل لها   أثرها في تلك اللغة، وكذلك الحال في علمي النفس والاجتماع؛ فبينما عالم النفس  ينظر للإنسان كوحدة منفصلة يدرسه شيئًا مستقلاًّ بذاته، إذ عالم الاجتماع لا يعرف الإنسان إلا واحدًا من مجموع تربطه بذلك المجموع صلات وروابط هي موضع درسه.
1-أثر اللغات بعضها في  بعض:
هناك حقيقة معروفة هي أن اللغة تأخذ وتعطي، لا تخص بذلك بيئة دون بيئة ولا هي مع زمن دون زمن. ونكاد نعرف ذلك في مظهرين اثنين مختلفين. أحدهما: اتصال الشعوب بعضها ببعض في أحوال السلم. والآخر: اندماج شعب في شعب تحت ضغط ما.

فالأول يكون:
(أ) بالجوار بين الأمم المتباينة الألسن وما يتبعه في السلم من صلات تقوى وتضعف، وكلما مكنت الأسباب بين أمتين، رأينا الأخذ والعطاء على سبب موصول وكثرة ملحوظة. وبلون الصلة العاقدة يكون اللون اللغوي السائد، فالصلة التي مادتها التجارة غير الصلة التي رابطتها الثقافة. نلحظ ذلك واضحًا بين الشعوب الأوربية، فلا يولد هناك اسم لحدث في الصناعة أو التجارة، حتى يشيع فيما جاور، ولا يدوي  صوت عالم باسم لمسمى إلا تردد صداه فيما يحيط. فنعرف أن الفرنسية استعارت كلمات كثيرة من الإنكليزية في كل ما يتصل بالألعاب الرياضية مثل: Catch as catch can, football, sport  كما استعارت من الإيطالية ألفاظ الموسيقى منها : Allegro adagio, andante  إلخ . كما أخذت من اللغات الشرقية كثرة من الألفاظ ذات   الصلة بالحضارة الشرقية مادية أو معنوية مثل: Mosquée, imam, minaret  إلخ.
(ب) والثاني: يكون بنـزول الأمم الغالبة على الأمم المغاوية مع الغزو والفتح أو بأي سبب من أسباب التسلط. وللقاهر سلطانه وللمقهور ضعفه، وهنا يكاد   يفرض لسان الغالب على المغلوب فرضًا، يلقنه الشعب المغلوب على أمره ليفهم عن غالبه ويفهم عن نفسه؛ وفي ظل هذه السيطرة اللغوية تشيع في لغة الأمة المغلوبة  كلمات الأمة الغالبة. وكما تعطي لغة الغالب تأخذ، فكثيرًا ما عادت لغة الفاتحين أو القاهرين وفي جعبتها جديد من كلمات المغلوبين تأخذ مكانها على مرّ الزمن إلى  جانب الكلمات الأصلية. وللغويين اليوم رأي جديد، فهم يطلقون اسم سبسترا Substrat  ومعناه الأصيل عند علماء طبقات الأرض: الطبقة السفلي من  الأرض. يريدون بذلك اللغة الأولى قبل أن يختلط بها غيرها فتتشكل أو تزول وتجيء  على أنقاضها لغة أخرى، وقد استطاع اللغويون أن يتبينوا لهذه اللغة الأولى أثرها فيما حل محلها مع أنها اندثرت وزالت من الوجود.
 
*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
أثر اللغة البربرية (2)    كن أول من يقيّم
 
2-أثر اللغات أو اللهجات غير العربية في اللهجات العربية :
وقد غلبت اللغة العربية بغلبة أصحابها عصر الفتوح الإسلامية الواسعة،  وفرضت نفسها لسانًا للمتكلمين في البلاد التي أظلتها راية الفتح، وكادت أن       تمحو   لغة الأوطان محوًا. ولكنها مع ما أعطت أخذت من كل وطن بجديد، ودس  فيها ما لم يكن منها، وتأثرت اللهجات العربية الشائعة على ألسنة العامة هنا وهناك.
ونكاد نعرف هذا التأثر أعني تأثر العربية بغيرها في مناطق خمس :
(أ) ففي جنوب الجزيرة العربية، أثرت اللهجات الحميرية على اللهجات المحدثة عليها: مثال ذلك استعمال الكاف عوضًا عن تاء المتكلم عند بعض القبائل في الماضي نحو: " كتبك" بدل "كتبت"، ومعروف عند علماء النحو المقارن السامي والحامي أن "كتبك" بالكاف المضمومة هي الصيغة الأصلية في الحامية والسامية، وأن كتبت بالتاء المضمومة هي صيغة جديدة، وللاطراد والتوحيد قلبت الكاف تاء في العربية والعبرية حملاً على أختيها المفتوحة والمكسورة مع المخاطب .
(ب) وفي الشمال من المملكة العربية، أعني العراق والشام ولبنان، أثرت اللهجات الآرامية في اللهجات العربية. فنجد فيها كلمة  "شِرْش" بمعنى جذر النبات وهي آرامية الأصل ويقابلها في السريانية " شرشا " ومعناها الجذر أيضًا . وكذلك "قف" بمعنى رقود الدجاجة على البيض، وهي في السريانية " قفّ " أيضًا.
(ج) وفي الوسط من الرقعة الإسلامية، أي مصر، رأينا أثر المصرية القديمة في طورها الأخير أعني القبطية في اللهجات العربية . فشاعت جملة من ألفاظ القبطية في العربية وخلدت مع الزمن، ولا زلنا نسمع للعامة الكلمات التي ليست من أصل عربي والتي تنتهي إلى ذلك الأصل المصري القديم، أعني القبطي، من ذلك كلمة   "ناف" للنير وهي في القبطية " نَهْبَفِ" بمعنى النير أيضًا مأخوذة من الفعل الهيروغليفي "نحب"  إذا زاوج بين شخصين أو حيوانين أو شيئين.
(د) وإلى الجنوب من وادي النيل، أريد السودان، اختلطت لهجات السودان بلهجات العرب، وعلق بالعربية منها الكثير، نذكر من ذلك كلمة "كوشة" وتطلق هناك على القرطم أو العصفر وهي في النوبية بهذا المعنى أيضًا. ثم "عيسنت" بمعنى فرس البحر وهي نوبية الأصل مركبة تركيبًا إضافيًّا من كلمتين أولاهما إسي أي الماء،  والثانية تي بمعنى بقر. والنون التي بينهما للإضافة. ثم كلمة "دت" بمعنى "قط" وهي بجرمية الأصل .
(هـ) وإلى الغـرب، أعني في طرابلس وتونس والجزائر ومراكش حيث موطن اللغة البربرية، شربت العربية من هذا المورد وأثرت اللهجات البربرية في اللهجات العربية أثرًا ملحوظًا. وهذا الأخير موضوع بحثنا الآن.
*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
أثر اللغة البربرية (3)    كن أول من يقيّم
 
3-اللغة البربرية قديمًا وحديثًا:
وقبل أن أمضي أحب أن أذكر أن المراد بالبربرية ليست لغة البرابرة أو النوبيين الذين يسكنون وسط وادي النيل فيما بين جنوبي أسوان ودنقلا، بل هي تلك التي جرت على ألسنة من سكنوا غربي مصر حتى المحيط الأطلسي إلى الشمال من مدار السرطان.
وهذه اللهجات كما نعرف، ترجع إلى أصل واحد، هو البربرية الأولى أخت السامية والمصرية والحامية.
ومنذ أن دخلت العربية مواطن البربرية وزحمتها، تقلصت اللهجات البربرية   أمام هذا الزحف، واحتمت وراء الجبال وفي بطون المغاور، حيث يعز على الغازي المضي. وأصبحت في بقاع محدودة متفرقة، هي إذا أخذنا من الشرق مُغَرِّبين:
(أ) في لبيبا: واحات سيوة وأوجلا وسكنا ونمسا وغدامس وجبل نفوسة ( جنوبي طرابلس ).
(ب) في المغرب الأدنى : بعض جهات من جنوبي تونس ، أي سند وجزيرة جربة وتمزرط.
(ج) في المغرب الأوسط: جبال الأوراس ( حيث قبيلة الشاوية) والمنطقتان المسمتان بالقبائل الكبرى والقبائل الصغرى شرقي مدينة الجزائر ( حيث زواوة )  وبعض النواحي من جنوبي الجزائر، مثل تكرت وواركَلة والمزاب وواحات فيجيج وتافيلالت وكَرارة وتوات .
(د) في كثير من مناحي المغرب الأقصى إما في شماليه، أي الريف، وإما في جنوبية، أي عند الشلوح، وعند الزناكة.
(هـ) بين معظم البـدو الرحل المتنقلين في الصحراء الكبرى ، ومنهم التوارق والأهكَار والأزجر وغيرهم.
4-أسباب تأثر اللغات بعضها ببعض وكيفيته:
(أ) أسباب هذا التأثر:
وقبل أن أسوق ألوانًا من تأثر العربية بالبربرية في تلك الأصقاع، ينبغي أن أعرض للأسباب التي تحمل الناس على الأخذ بالدخيل دون الأصيل، وأعرف تلك الأسباب وأشيعها، ما نعرفه لكل جديد من شيوع. ونرى ذلك مع المكتشفات والمستحدثات في التجارة والصناعة والعلم، فما تكاد تولد في بلد حتى تطير إلى البلد الآخر. والناس عبيد كل جديد ولهم ولع بالتقليد. وهذه المستحدثات تفرض نفسها على الألسن المختلفة بأسمائها دون أن يمسها تبديل، وقد قدمت لذلك بعض الأمثلة . ويعد جديدًا أيضًا ما يلقاه النازح إلى وطن غير وطنه من مسميات لا عهد له بها، فهو آخذها مجربها على لسانه ضامها إلى قاموسه .
(ب) كيفية هذا التأثر :
(1)وشيء آخر مرده إلى البيئة الجغرافية فالمشاهد أنه كلما أوغلت لغة في  مناطق مترامية الأطراف وأبعدت عن مراكزها الرئيسية، فقــدت مع البعد بعض  ما لها من خصائص وصفات، وصيغت على جوهر آخر يكاد يخالف جوهرها الأول.
وشاهدنا على هذا من اللغات قديمها وحديثها في تطورها، اللاتينية حين  جازت موطنها الأول روما ، إلى مهاجر من الأرض وأبعدت في السير حتى البحرين: الأطلسي والأسود، لقد أصابها ما أصاب غيرها، فبدت في مهاجرها غيرها في مهدها، جوهرًا غير الجوهر وخصائص غير الخصائص.
(2) وهناك ظاهرة اجتماعية نعرفها في البدو الرحل، فهم أبعد من غيرهم عن التأثر بلهجات سواهم؛ لما في طبيعة البدوي من الاعتزاز بكل ما يملك، فهو حريص على عاداته متمسك بتقاليده معتز بلسانه، يساعدهم على ذلك مجانبتهم لأهل الحضر، إلا في القليل الذي تقضي به شئون الحياة، ذلك إلى أن نزوحهم إلى تلك المناطق كان متأخرًا ولم يجئ مبكرًا.
وغير البدو سكان الحواضر، فهو مدنيون يأخذون ويعطون، ولذلك كانوا أسرع إلى التأثر من البدو يفيدون من اللغات المحيطة بهم وتؤثر فيهم.
(3) وثمة شيء آخر مرده إلى اللغة. فالأسماء دون الأفعال، والحروف والصيغ، سهلة على الأخذ، هينة في الاستعمال؛ من أجل ذلك كان أول ما يشيع في لغة من اللغات أسماؤها، وأكثر ما نعد من الدخيل يكون من الأسماء. والناس مع الأفعال والحروف والصيغ أقل أخذًا وانتفاعًا.

*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
أثر اللغة البربرية (4)    كن أول من يقيّم
 
-نماذج من الصيغ والكلمات الدخيلة التي ترجع إلى أصل بربري:
ونستطيع بعد تعرف هذه المبادئ، أن نعرض جملة من الصيغ والكلمات البربرية التي دخلت إلى العربية في تلك الأصقاع.
(أ) في الصيغ
  معروف أن في الجزائر ومراكش، يبني العوام أسماء الصناعات والصفات  الخلقية على صيغة " تافعالت " بزيادة تاء في الأول وتاء في الآخر للتأنيث، ونعرف أن هذا من خواص اللغة البربرية.
     مثال ذلك في الصناعات قولهم:
  تابّنايت، أي البناية، وهي صناعة البناء، وتابيّاعت تاشّرايت، للتجارة وهي حرفة التجار.
    ومثال ذلك في الصفات الخلقية: تاشيطانت، ويقابلها بالمصرية الشيطنة، وتاحراميت، وهي صفة اللصوصية أو المكر.
(ب) في الكلمات
(1) مثال ذلك من الأسماء قولهم :
( أ ) في الطبيعيات
تَبْرُورِي أو تَبْرِيرُو
: البَرَد ( الحَبْقُر ).
أميلُوس
: الوحل.
أزَايت أو أزَيَاط
: الريح الشديدة العاصفة.
أكَدَال
: المرج والمرعى غير المباح .
 
 (ب) في المعادن
ألْدُون أو أدَنْدُون
: القصدير.
بُولْدُون
: الرصاص.
 
( ج ) في النبات
أمْدَر
: فرع الشجرة.
تَالَكَة
: القصل.
دَاليس
: الخيزران.
سَاسْنُو
: القَطْلب ( نوع من الشجر ).
سَكُّوم
: الهليون ( كشك ألماز ).
سَمُّوم
: الحصرم.
طاقة
: العرعر.
قَرُّوش أو كَرُّوش
: نوع من البلوط.
وَرْوَار
: السنبوقة.
 
( د ) في الحيوان
بيبط
: نوع من الطيور.
أبْزِيْز
: نوع من الجراد.
تَاتَة
: الحرباء ( أم حبين ).
تَبِّيب
: الهدهد.
جَغْلال
: الحلزون.
ارْزَزَّى أو فَرْزَزُّو
: الزنبور.
زَاوِشْ أو بِزْوِيشْ
: العصفور.
فَكْرُون
: السلحفاة.
قَطُّوسْ
: القط.
قِلْوَاش
: الجُديّ ( تصغير جدي ).
قُلاَف
: حِزْق النحل.
قَمْقُوم
: منقار الطير.
مِسِيسِى أو مَسُوسِي
: نوع من الطير ( أبو فصادة ).
مُولاب أو بُولاَم
: الجرذون.
ودَاد
: الوعل.
ؤُكْرِيف
: العجيل ( تصغير عجل ).

*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
أثر اللغة البربرية (5)    كن أول من يقيّم
 
هـ ) في الإنسان
(1) جسمانيًّا
آليِط أو وِيِلَط أو لَطَّه
: بثرة جافة تكون في جفن العين ( الشعيرة ).
شَنْتُوف
: الشوشة.
مَصَاصَة
: الخاصرة والقَطَن والكفل.
 
(2) اجتماعيًّا
مِزْوار
: نقيب الأشراف.
مَازُوزِي
: الأخير من النتاج زراعيًّا كان أو آدميًّا.
تِويزَة
: التبادل والتعاون بين أهل القرى.
قَنْدُوز
: التلميذ.
لُيوس
: السلْف ( أخو الزوج ).
تِغْراض
: الأجر ( ومعنى الكلمة البربرية الأصلية تدل على الأكتاف ).
 
( و) في المأكولات
أنْكُولْ
: نوع من الرغيف ( يقرب من شكل الشريك المصري ).
بَرْقوقِس أو بَرْكوكِس
:نوع من الكسكسي الخشن .
بُوزَلُّوف
: رأس الخروف المطهي .
قَرْشَالة
: النخالة الناعمة.
 
( ز ) في المصنوعات
أشَاشُو
: مكيال.
أفْرُور
: نوع من الخزف الأحمر.
أقْرَاب
: الخرج أو الجراب المصنوع من ألياف الدوم.
أقْوَال وقَلاَّل
: نوع من الطبل المسمى عند أهل مصر بالدربكة.
أقْرور
: خُم الدجاج .
تَافزَة
: نوع من الحجر الرملي .
تَافْرَة
: إناء من الفخار أو الخشب .
أفْرَاكَ
: جدار من النسيج ( توك ).
زقَاوْ
: مقطف كبير .
قَلُّوش
: إناء صغير من الفخار .
نَمْسير
: الثفال .
هَرْكُوس
: حذاء مستعمل أو من صنع غير دقيق.

*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
أثر اللغة البربرية (6)    كن أول من يقيّم
 
(2) مثال ذلك من الأفعال قولهم :
صَيْفَط. زَيْفَط. صَفَّط

: أرسل.
سَاط أو صاط
: نفخ في النار بالمنفاخ.
فَزَق
: تبلل .
كَفَّس
: لطخ بسواد أو فضح .
 
 (3) مثال ذلك من الحروف قولهم:
نِيتْ
: ذات أو نفس تستعمل في التراكيب مثل هونيت، هو نفسه،   في ديك الساعة نيت، أى في تلك الساعة بالضبط.
ن
: مستعملة كحرف جر عوضًا عن لام الجر في طنجة فيقولون: قال انخاك بدلاً من قال لأخيك .
ن
: أداة الإضافة مثل :
بْوَاين القائد
: أبو القائد.
يْمَايْن القائد
: أم القائد.
خَايْن القائد
: أخو القائد .
4) مثال ذلك من تراكيب الكلمات:

تنكر اللغة البربرية أداة التعريف، شأنها في ذلك شأن التركية والفارسية  واللاتينية والروسية. فمن أجل ذلك نرى أن الألفاظ التي استعارتها العربية من البربرية  لا تزال مستعملة في بعض النواحي المراكشية من غير "الـ" التعريفية تأثرًا بالبربرية . فيقولون مثلا: هات أنقول أي هات الرغيف، وعدم وجود ألف لام التعريف لا يدل على التنكير بل هي معرفة .


 
*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
أثر اللغة البربرية (7)    كن أول من يقيّم
 
الختــــام
ولو قصدت إلى التوسع في التمثيل والاستقصاء في الاستشهاد لسقت كثيرًا مما لا يتسع له حصر ويضيق عنه الوقت. وإنما أردت التدليل والإبانة، فاكتفيت بما أوردت.
ولو كان كلامي في غير أثر البربرية في العربية ، لعقبت على كل كلمة بذكر بيئتها الجغرافية، وعرضت لأصلها والأطوار التي مرت بها وصلتها بغيرها، ولكن لهذا بحثًا مستقلاًّ نتناوله إذا أردنا الكلام على البربرية  وحدها، عندها يتسع المجال للتشعب والإسهاب.
وأعود إلى حديثي عن أثر البربرية في العربية فأذكر أن تلك النتائج التي انتهيت إليها والتي هي ذات التأثير في اللغات، أعني الظروف الجغرافية، والظاهرة الاجتماعية،  ثم خفة الأسماء وسهولة الانتفاع بها دون الأفعال والحروف. فلكل من هذه الثلاثة أثره المحسوس فيما نحن بصدده من تأثير البربرية على العربية ودليل ذلك:
(1) أن أثر اللهجات البربرية في العربية أشد وأقوى في المغرب الأقصى منه في المغرب الأوسط، وهو في الأوسط أكثر منه في المغرب الأدنى. وسنده ما قدمنا من أن اللغة كلما بعدت عن مركزها الأصلي ضعفت غلبتها وقوي عليها غيرها. وأن   البربرية اتخذت من المغرب الأقصى معقلها الأخير في فرارها أمام زحف العربية.
(2) أن الحضر كانوا أكثر أخذاً للكلمات البربرية، وذلك لأن البدو أبعد عن الاختلاط وأحفظ لموروثهم، وعلى العكس من هذا الأمر في الحضر، فهم في اختلاط مستمر ثم هم يتطورون بتطور المدنيات. ومعلوم أن اللغات تساير المدنيات وتأخذ منها.
(3) أن الكثرة من الأصل البربري في العربية من الأسماء والقلة من الأفعال والحروف والصيغ والتراكيب.
ثم نضيف إلى ما سبق ملاحظات شتى:
(1) أن القدر الأوفى مما دخل العربية من البربرية إنما كان لمسميات جديدة من نبات أو حيوان أو غيرها لم يعرفها العرب من قبل، فحملوا على أخذها حملاً ليسدوا فراغًا لم يجدوا في لغتهم ما يسده.
(2) ونجد أن أكثر تلك الأسماء ذات دلالة ذاتية، والقليل النادر منها  ذات دلالة معنوية، والندرة في المعنويات دليل على أن الثقافة العربية أوسع نطاقًا   وأبعد مدى. ولو مكن لي أن أفيض في البحث عن تأثير العربية في اللهجات البربرية، لوصلت إلى ما يأتي: وهو أن هذا التأثير أفسح مدى من تأثير البربرية في العربية،  وسبب هذا  هو ما أشرت إليه وهو سيادة الثقافة والمدنية العربيتين على البربرية.
(3) وقد يسبق إلى الظن أن كل ما أوردت من الكلمات البربرية للتمثيل والاستشهاد ينتهي إلى أصل بربري، بل قد وجدت منه ما إلى اللاتينية أصله أو من العربية مأخذه. مثال ذلك "قطّوس" فإنها من أصل لاتيني، ثم "أقراب" فإنها من الكلمة العربية " قراب " ثم زادت عليها البيئة ما يجعلها منها.
(4) وقد ذكر بعض المستشرقين كلمات رجعوا بها إلى أصل بربري رأيت ألا أجعلها في مساق تمثيلي لأن لي معها رأيًا آخر، مثال ذلك "زبّوج"، التي هي بمعنى الزيتون فقد قيل عنها إنها مأخوذة من البربرية، وأكاد أرى أنها عربية الأصل وأنها  ترجع إلى كلمة زعبج العربية، وعنها تحورت بعد، ففقدت عينها طبقًا لقانون صوتي للغة البربرية، وكذلك الحال في "كركور" التي بمعنى الحجارة المتراكمة فقد قيل عنها هي الأخرى إنها من أصل بربري ونميل إلى أنها من أصل عربي وهو " قهقور" وعنه تشكلت .
وهذا البحث جزء من كل، يمت إلى موضوع واسع شغلت بدراسته ولا زلت مشغولاً به أريد أن أخلص منه إلى نتائج عامة عن تأثر اللغات بعضها ببعض،   فعندي أن اللغات مهما بعد ما بينها في الظاهر، لها صلات بغيرها، وإن قدر للأمم أن تعيش في معزل عن غيرها بعض الوقت فقد قربت الحياة بينها أكثر. وما من شعب   إلا وحمل إليه كما حمل عنه. والأمم والشعوب كالأفراد لا تهدأ لها صلة ولا تسكن   لها ثائرة .
وأملي أن أتبع هذا البحث الجزئي بغيره فأتناول اللهجات العربية في بيئاتها المختلفة وأفرد المصرية الشائعة اليوم ببحث أكشف فيه عن تأثرها بالمصرية القديمة.
وتعرفون أن لعلم اللغة أسلوبين، أحدهما نظري والآخر تطبيقى، فأولهما: ينظر للغة كأداة للنطق والتفاهم من غير خضوع للزمان والمكان ، وموضوع هذا البحث دراسة كل لغة كوحدة مستقلة، وتعرف أسباب تطورها الذاتية من غير نظر إلى مؤثر خارجي .
وثانيهما وهو التطبيقي فإنه يعد كل لغة كجزء من مجموع اللغات، فإذا  تعرض لها ببحث أو دراسة، رجع إلى اللغات من حولها والعلاقات بينها وبين بعضها، والتفت إلى الزمان والمكان ليعرف أثرهما في ذلك اللقاح، ولكل لغة تاريخها الموغل في القدم، وهذا الماضي الحافل بالأحداث التاريخية لا يمكن لدارس أن يستغني عنه، إذا   أراد أن يفهم خصائص هذه اللغة على المنهج السليم. كما أنه لا يمكن أن نفهم خصائص إنسان ما، من غير رجوع إلى ماضيه وأحداثه، وكذلك أثر البيئة في حياته.
*ضياء
28 - أكتوبر - 2008
 1  2