موضوع شائق وجديد كن أول من يقيّم
أخي الحبيب زهير، أديبنا وشاعرنا وباحثنا الكبير: أطيب تحية أوجها إليك على أثير الورّاق.. وأرجو أن تكون بخير وراحة بال. موضوعك هذا جديد وشائق، لم تُسبق إليه، وطرافته أنه يحمل لنا على أثير الخيال صوراً شخصية لأعلام نعرف عنهم الكثير دون أن نتخيّل أشكالهم الفيزيائية. دوماً كانت لي مخيلة مجنونة أن لو أتيحت لي الفرصة بالسفر إلى الماضي وتكون معي آلة تصوير آخذ بها ملامح مشاهير الأعلام. فها أنا ذا أقرأ ما حلمت بفعله. ذكرني ذلك بمحاضرة ألقيتها قبل حوالي 20 عاماً بعنوان: "نافذة على دمشق المملوكية"، إذ كنت اشتريت من سوق المسكية القديم (قبل هدمه 1983) مخطوطاً صغيراً في: "علم التعافين والمراقيد والسّرج والنيرنجيات" منسوباً لأبي بكر بن وحشية النبطي.. رحت في بداية المحاضرة أقرأ ما فيه: "إذا رغبت برؤية الأرواح من الجان، وتحدثهم وتطلب منهم ما تشاء، فاذهب إلى مكان خراب منقطع من العمران، وليكن معك شيء من قصب الذريرة وميعة يابسة و... (لا أذكر البقية).. وبخّر بهم فإن الأرواح تظهر إليك، ولا تخف منهم فإنهم لا يؤذونك بإذن الله".. تابعت القراءة، والحضور مستغربون، ثم قلت إنني بعد استخارة الله تعالى قمت بماجاء في هذا المخطوط، فإذا بنار ودخان وأصوات تقشعر لها الأبدان تملأ المكان، وعصفت بالمكان ريح وخيّمت ظلمة.. ولم أدر بنفسي إلا فاقداً وعيي.. لأستيقظ بعدها بساعات، أمام دير مرّان على طريق عقبة دمّر.. يا للهول.. أين ذهبت السيّارات والأبنية.. وأين اختفى برج الإذاعة عل قمّة قاسيون؟؟! دقائق مرّت كالدهور، إلى أن صادفت شيخاً وقوراً أفادني بأنني بدمشق في أيام نائبها الأمير الكبير تنكز الناصري ملك الأمراء!! قلت له: أفي أيام مولانا الملك الناصر محمد بن قلاوون نحن؟ قال: نعم.. أطال الله بقاءه. طفقت أروي للحضور وصف دمشق في أيام المماليك، كما شاهدتها "بأم العين".. وهم يقلبون شفاههم ويضربون كفاً بكف: "لقد جن الفتى".. أخيراً: قلت لهم: مهلاً، لا تبرحوا المكان، فأجمل ما في الأمر أن كاميرتي "اللايكا" بمحض المصادفة كانت معي، وها أنا ذا أعرض عليكم صوراً من رحلتي في دمشق بعصر سلاطين المماليك.. وبالطبع، عرضت عليهم شرائح ضوئية عن آثار دمشق المملوكية (كما شاهدتها بالضبط).. فهكذا، أكون حققت حلمي مرتين.. بقي أن أذكر أن الرسّام المصري الشهير "جمال قطب" كانت له محاولات في تخيّل صور وجوه أعلام تاريخنا الإسلامي، لكن هذه تبقى محاولات، لا تستند إلى واقع. بعض شخصياتنا الكبيرة في القرون الوسطى حظيت برسوم، وضعها مصورو اللاتين إبّان فترة الحروب الصليبية، وعلى رأسهم السّلطان الناصر بطل الأبطال وسيّد الرّجال، قاهر ملوك أوروبا ومحرّر القدس الشريف، الناصر صلاح الدين بن أيّوب. ولقد جمعت له أكثر من 6 صور شخصية، لكنها الآن مع جميع مكتبتي ليست بمتناول يدي مع الأسف. أرجو أن أتمكن من إرسالها قريباً، وربما المشاركة بهذا المجلس اللطيف. أطيب تحية. |