انتهى موعد المسابقة، وآسف جدا يا أستاذ ياسين الشيخ سليمان: كنت أتمنى الفوز لنجلكم الكريم (عمر) وأتمنى له ذلك في المسابقة القادمة التي تبدأ بعد قليل، والقصيدة كما قلت هي للمرحوم الشهيد سيد قطب، وقد نشرت لأول مرة في مجلة الفتح التي كان يصدرها المرحوم محب الدين الخطيب، وذلك في العدد 585 الصادر يوم الخميس 18 ذي القعدة 1356هـ الموافق 19/ 1/ 1938م).
ولد المرحوم الشهيد سيد قطب إبراهيم في قرية (موشا) التابعة لمحافظة (أسيوط) يوم 9/ 10/ 1906م وحاز على شهادة الليسانس من دار العلوم عام 1933م وعين بعد تخرجه مدرسا بوزارة المعارف، ثم مفتشا للتعليم الابتدائي، وأوفدته وزارة المعارف إلى أمريكا للاطلاع على مناهج التعليم فيها، فلبث في هذه المهمة سنتين، وعاد يوم 20/ 8/ 1950م ليبدأ فصلا جديدا من حياته مع حركة الإخوان، ونفذ حكم الإعدام به فجر يوم الإثنين 29/ 8/ 1966 الموافق 13/ جمادى الأولى عام 1386هـ
وآثاره ومؤلفاته مشهورة تعج بها المواقع، وأما على صعيد الشعر، فله خمسة دواوين لم يطبع منها في حياته سوى ديوانه (الشاطئ المجهول) وطبعت بعد موته مختارات من دواوينه الأربعة الأخرى، ومن ذلك نشرة الأستاذ عبد الباقي محمد حسين (ديوان الشهيد سيد قطب) (مصر، المنصورة: دار الوفاء 1989م) وأحسب أن أصول الدواوين ما تزال مخطوطة وهي: (أصداء الزمن) و(الكأس المسمومة) و(قافلة الرقيق) و(حلم الفجر) .
ويعتبر ديوانه (الشاطئ المجهول) باكورة أعماله الشعرية، وقد أصدره في يناير عام 1935وقسمه إلى قسمين، سمى الاول (ظلال ورموز) ومن قصائده فيه (الشعاع الخابي) و(خراب) و(في الصحراء) و(غريب) و(الإنسان الأخير) و(الشاعر في وادي الموتى) والقسم الثاني مجموعة قصائد متفرقة في الحب والغزل وشجون النفس، منها (توارد خواطر) و(سر انتصار الحياة) و(المعجزة) و(الليلات المبعوثة) انظر الكلام على هذه الدواوين في كتاب (سيد قطب الشهيد الحي) للأستاذ صلاح الخالدي.
ومن أهم مؤلفاته كتاب (طفل القرية) سيرة ذاتية، أصدره أول يوليو 1945 وأهداه إلى طه حسين، وجاء في الإهداء قوله: (إلى صاحب كتاب الأيام، إلى الدكتور طه حسين بك، إنها يا سيدي أيام كأيامك عاشها طفل في القرية، وفي بعضها من أيامك تشابه، وفي سائرها عنها اختلاف، اختلاف بمقدار ما يكون بين جيل وجيل، وقرية وقرية، وحياة وحياة، بل بمقدار ما يكون بين طبيعة وطبيعة، واتجاه واتجاه، ولكنها بعد ذلك كله أيام من الأيام)
ولا ننسى أن ننوه بروايته الذائعة الصيت (أشواك) التي أصدرها في مايو 1947م. وأهداها إلى خطيبته التي أحبها كل الحب ثم لم يجد بدا من مفارقتها لما صارحته بأنها كانت تحب صديقا لها في مقتبل العمر، ففسخ الخطوبة بعد أيام من حفلة الخطبة ، وكتب في إهداء الرواية إليها يقول: (إلى التي خاضت معي في الأشواك فدميتْ ودميتُ، وشقيت وشقيت، ثم سارت في طريق وسرت في طريق جريحين بعد المعركة، لا نفسها إلى قرار ولا نفسي إلى استقرار) وكانت هذه الفتاة آخر عهده بالنساء، إذ لم يتزوج (كما هو مشهور) ولقي ربه شهيدا أعزب.
ومن آثاره النادرة كتيب صغير أصدره بعنوان (أفراح الروح) ويضم خواطره الأدبية أثناء تجوله في أمريكا بين عامي 1949 و1951م و(المرأة لغز بسيط) و(لحظات مع الخلدين) و(كتب وشخصيات): أصدره عام 1946م وكتاب (الأطياف الأربعة): مجموعة مقالات له ولأخوته الثلاثة حميدة وأمينة ومحمد مهداة لروح أمهم التي توفيت عام 1940 صدر الكتاب عام 1945م ومن رواياته التي لا تزال مخطوطة أيضا (القطط الضالة) و(من أعماق الوادي)
وأختار لكم من نثره قوله: (كانت شخصية العقاد هي الشخصية الوحيدة التي أخشى الفناء فيها، كنت أحس هذا بيني وبين نفسي، ولقد ظلت هذه الخشية إلى وقت قريب جدا، حينما بدأت أشعر انني قد تخلصت، وأنني أنتفع بالعقاد ولكنني لا أقلده) (الرسالة: السنة 12 مج 2 عدد 597 تاريخ 11/ 12/ 1944) عن كتاب (سيد قطب الشهيد الحي، بقلم صلاح الخالدي ص 101)
(ولما اطلق طه حسين على العقاد لقب أمير الشعراء بعد وفاة شوقي راح سيد قطب يعلن على صفحات المجلات أن هذا اللقب غير لائق به لأن المسافة بينه وبين شعراء عصره أوسع مما بين السوقة والأمراء، بل إنه أكبر شعراء العرب في قديم وحديث، (قد يكون هناك كتاب يتقاربون مع العقاد ولكن ليس هناك شعراء في لغة العرب يتقاربون مع العقاد.....ونحن لا ننصف الرجل حين نقول إن الأوتار التي يوقع عليها الحب في نفسه لم تجتمع قط لشاعر عربي ولا تجتمع لعشرة من شعراء العربية في جميع العهود) (الرسالة: السنة 6 مج 1 عدد 251يوم 25/ 4/ 1938) و(مج 2 عدد 268 تاريخ 22/ أغسطس/ 1938) عن (المصدر السابق: ص 103).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقطع فيديو نادر لسيد قطب: