البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : الرواية وعلم اجتماع الادب    كن أول من يقيّم
 عبد الحافظ بخيت 
12 - مايو - 2008
تلبية لرغبة الصديق الاستاذ صبرى انشر هذا الموضوع
-------------------------------------
الرواية وعلم اجتماع الادب
 
يرتبط التفسير الاجتماعى للرواية بعلم اجتماع المعرفة الذى يعتبر علم اجتماع الادب احد فروعه ويرجع تأسيس علم اجتماع المعرفة الى( ماركس) حينما طرح رؤيته الخاصة بعلاقة الافكار بادوات الانتاج  ومن اهم اهتمامات علم اجتماع الادب تحويل الفكرة الفردية الىمعرفة اجتماعية ويقوم بدراسة العملية الاجتماعية التى تؤدى الى ظهور كم من المعرفة يقبله العقل على انه واقع وهو هنا يدرس العلاقة بين المنتجات الفكرية(الفلسفات او الادب او الفن او النظريات العلمية )وبين الوقع الاجتماعى والتاريخى  كما يهتم علم اجتماع الادب بما يسمىادوات الانتاج الادبىمثل نشر الكتب والتكوين الاجتماعى لمؤلفيها وقرائها ومستويات التعليم والعوامل الاجتماعية التى تحدد الذوق ويتناول النصوص الادبية من منظور ما تحتويه هذه النصوص من موضوعات تهم المؤرخ الاجتماعى وكذلك دراسة الاجيال الادبية والقيم الاجتماعية للجماعة.
ويعمل هذا العلم على رد الابنية الفكرية فى نتاجها الفوقى/ الفكرى  الى الاوضاع الاجتماعية التحتية بما يعنى ارتباط الفكر الادبى با دوات الانتاج الاجتماعية  ففى السياسة  والقانون والاخلاق ينعكس الوجود الاجتماعى بينما يعكس العلم والفلسفة والفن الحياة الاجتماعية والادب يعنى فى الغالب  تشابك العلاقات الاجتماعية والافكار الاجتماعية وافكار الانسان وعالمه الداخلى مع الاطروحات الادبية للاديب ولكنه يصور لنا ذلك كله ممتزجا بالطبيعة وصور الحياة الاجتماعية
وقد حاول الفيلسوف المجرى( جورج لوكاش) ان يقوم بدراسة ما سماه البطل المشكل فى الرواية من منظور علم الاجتماع  وذلك ليؤسس التنظير النقدى لعلم الاجتماع الادبى وهويرى ان البطل المشكل فى الرواية هوذلك البطل الذى يدور فى فلك الاطر الجتماعيى  ذات القيمة العالية او المنحطة بهدف تعريتها والتفاعل معها او رفضها ثم جاء بعده ( لوسيان جولدمان) ليقوم بدراسة ما سماه مشكل الرواية ومشكل الادب اجتماعيا واذا كان علم اجتماع الادب والفن هو احد فروع علم اجتماع المعرفة فقد تقدم هذا العلم حاليا منذ الجهود المبكرة عبر المادية الجدلية وجهود( لوكاتش) و(جولد مان) واصبح التفسير الاجتماعى احد العوامل الاكثر اهمية فى تحليل العمل الفنى وهو يسمح بفهم مجمل العمليات التاريخية والاحتماعية لعصر ما بشكل افضل كما انه يسمح ايضا باستخراج الروابط بين هذه العمليات والنصوص الادبية المتأثرة بها والاساس فى هذا الامر هو العثور على الطريقة التى يتم بها التعبير عن الوافع الاجتماعى عبر ما يسميه( جولد مان) بالحساسية الفردية للمبدع فى العمل الادبى الذى ندرسه.والتى من خلالها يحدد الاديب الشكل الادبى الذى يختاره والطرح الفكرى داخل هذا الشكل
ويتقاطع الشكل الادبى مع الشكل الاجتماعىللمعرفة فى الواقعة الادبية ولهذا يمكن الافتراض ان الشكل الروائى  هو النقل الادبى للحياة اليومية فى المجتمع والرواية ذات البطل الاشكالى ترشدنا الى المجمتع الذى انتج العمل الادبى ونستطيع من خلال جماليات التشكيل الفنى للرواية ان نفهم واقع الاديب المعاش وان نكون اكثر التصاقا بهذا الواقع ونقبل ما فيه من قيم او نرفضها وان تنبأ بمستقبل هذا الواقع  واول من اطلق اسم سوسيولوجيا الادب على هذا النوع هوالاديب الفرنسى( جى ميشو) فى كتابه( مدخل الى علم الادب) ثم حاول( جورج لوكاش) ان يعيد تفسير الادب من وجهة نظر الواقعية بتأكيد المضامين الاجتماعية مع قدر لا ينكر من الحس الرهيف والقيم الادبية وتبدأ نظريته من ان الادب صورة من الواقع وانه قد يكون اصدق من مرآة اذا صور متناقضات التطور الاجتماعى اى اذا اظهر الكاتب قدرته على النفاذ الى بنية المجتمع تجاه تطوره نحو المستقبل .
وهنا نشير الى غناء وخصوبة ما يقدمه علم احتماع الادب  للبحث الادبى فى مجالات الدراسة الادبية المختلفة لدى الباحثين العرب وهو ما لم يلتفت اليه احد بشكل كاف حتى الان  ويكاد يكون اقرب المناهج الى طبيعة الفكر العربى والثقافة العربية الاكثر التصاقا بالواقع لانها نتاج مناخ جغرافى وبيئى فرض نفسه على المكونات الثقافية والفكرية للانسان العربى  واتصور ان نسبية المعرفة فى الواقع العربى تفرض موقفا معرفيا متشتتا فى البحث الادبى العربى الذى تناثر بين تيارات اجنبية لا تناسب طبيعة الابداع العربى او الذائقة العربية حتى تحول المشهد النقدى الى مشهد معتم تتقاطع فيه البنيوية مع التفكيكية مع السيميوطيقا والهرمنيوطيقا والحداثة وما بعد الحداثة وغير ذلك حتى صار الانحياز المعرفى المتشيع لتيار بعينه احد اهم عوامل هدم الرؤية النقدية وتعتيمها وهذا لا ينفى ايماننا بخصوصية وثراء هذه التيارات الاخرى ولكننا نأخذ على المتشيعين الى هذه التيارات الفتقار الى  منهجية التعامل معها باعتبارها وسائل اجرائية لاضاءة النص وليست غيايات نقدية نلوى عنق النصوص لصالحها كما ان ميلنا الى منهج معين لا يجعلنا نرفض المناهج الاخرى لان اخطر ما يسقط الباحث فى البحث الاجتماعى هو القطيعة المعرفية او التعصب.
ويرى لوكاش ان اى مؤلف ادبى او روائي لا يظهر من العدم بل تفرزه ظروف تاريخية واجتماعية ملموسة ولابد اذن لفهم هذا العمل من دراسة الحقبة التى شكلت هذا السياق التاريخى لانتاج وفهم العلاقات الاجتماعية التى عالجها الروائي ويشير الدكتور سيد حامد النساج فى كتابه(الرومانسي والواقعية) الى ان الاديب كى يحقق تعمقه فى جوانب الواقع لابد ان ينبع ادراكه للواقع من تصور للعالم له صفة الشمول والتكامل والتحرك وله مع ذلك طريقته فى التفكير والنظر.
واتصور ان النص الروائي الذى يقدم رؤية متشابكة بين مبدعه والواقع الذى يصدر عنه انما هو تعبير عن وعى الجماعة لا تعبير عن رؤية فردية لمبدعه ولكى نفهم ماهية التحليل الاجتماعى للرواية فاننى سوف اقوم بعمل تطبيق لهذا الفكر على احدى الروايات فى القريب ان شاء الله
--------------------------------------------------------------------------
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة