الإخوة الكرام ،
تحية طيبة وبعد ...
لا أخفيكم سرا بأني عزمت على مناقشة هذا الموضوع منذ مدة ، وقد عضد هذا العزم نقاش مع أحد الأصدقاء حول مسرحية سعد الله ونوس الشهيرة " منمنات تاريخية ".
وكنت قد رجعت إلى كتاب المستشرق الأمريكي فيشل حول " ابن خلدون وتيمورلنك " فلم يعد أن يكون بالنسبة لي درسا في تحقيق المخطوطات العربية .
ثم إني عثرت على كتاب " رحلة ابن خلدون " التي حققها العلامة الجليل ممد بن تاويت الطنجي في طبعة معاصرة لدار الكتب العلمية ببيروت سنة 2004.
وقبل أن أهم في استعراض بعض جوانب هذا الموضوع الشائك ، حدثتني نفسي بالبحث أولا في مجالس الوراق ، علّه قد نوقش من قبل ، سيما في وجود أساتذة أجلاء بيننا ، على رأسهم الدكتور أحمد إيبش ، الذي يلم ّ بالكثير من تاريخ دمشق على الخصوص.
ولم يطل البحث، حتى عثرت فيما عثرت على هذه الجملة للدكتور إيبش في معرض حديثه عن قصّة المملوك الصارم أوزبك كما يأتي :
" وأخيراً.. نعد بنشر نص شديد التشابه مع هذا النص، إنما كانت أحداثه جرت بعد 147 عاماً، عندما أقبلت جحافل الجيش المغولي تحاصر دمشق في عام 803 هـ / 1400 م، وكان قائد المغول الغازي الدموي الرّهيب تيمورلنك.. حينذاك تمّ بظاهر أسوار دمشق لقاء من نوع مشابه للقاء الصارم أوزبك بخان التتار هولاگو.. إنما الفارق أن اللقاء الثاني كان بين تيمورلنك وشخصية يعرفها كل واحد منا تمام المعرفة: إنه ابن خلدون، صاحب المقدّمة الشهيرة والتاريخ المعروف.
فهل لعب ابن خلدون دوراً مشرّفاً كالذي لعبه هذا البطل المجهول البسيط صارم الدين أوزبك؟ وما الذي دار بالضبط من حوار بينه وبين الغازي الرّهيب؟!
هذا ما سنراه في مجلسنا القادم.. مع مفاجآت لا تخطر ببال! "
*****
وأخال الدكتور يشير إلى هذا الموقف ولكن من موقع آخر ، قد يتفضل علينا به .
*****
يقول الدكتور حسين سرمك حسن في مقالة له في جريدة الاتحاد الكردية تحت عنوان " هل تم التستر على خيانة 'ابن خلدون'؟ ما نصه : " لقد خان "ابن خلدون" ـ هذا المفكر العبقري، صاحب (المقدمة) والفارس الاول في مجال علم الاجتماع ـ خان ابناء جلدته من اهل قلعة (دمشق) مما ادى الى ذبحهم على ايدي التتار وحرق مدينتهم بعد ان كانوا صامدين الى حد دفع عدوهم التتري (تيمور لنك) الى التفكير بعقد هدنة معهم. نعم لقد خان هذا المفكر ابناء قومه وصار عميلا للغازي وبدأ يرسم له الخرائط ويقدم المعلومات التفصيلية عن بلدان المغرب العربي تمهيدا لغزوها. نعم، لقد خان "ابن خلدون"، فلماذا هذا التستر على خيانته؟ " ****
أعتقد أن حياة ابن خلدون ، من خلال سيرته ، أو من خلال ترجمة الآخرين له هي تعبير صادق عن العلاقة الملتبسة بين المعرفي والسياسي ، أو بين الثقافة والامبريالية .
هل كان ابن خلدون سابقا لميكيافيلي ، ليس في علم السياسة فحسب ، بل في الأخذ بمفهوم الواقعية وتبرير الوسائل بالغايات ؟
أسئلة ساخنة أضعها على صحن البحث الهادئ على أمل العودة لها مع أساتذتنا ....
زين الدين
|