كتاب جوامع سياسة أفلاطون مفقود في نصه العربي كن أول من يقيّم
من المعلوم أن كتاب جوامع سياسة أفلاطون مفقود في نصه العربي، ولم يعثر عليه لحد الآن، وانما بقي منه ترجمته العبرية التي قام بها صموئيل بن يهودا من مرسيليا. وهناك أيضا ترجمة لاتينية قام بها الطبيب اليهودي يعقوب مانتيوس سنة 1539 بطب من البابا بولس الثالث. و قد نقله الى الانجليزية عن العبرية روزنتال وبعده ليرنير الى نفس اللغة (1). كما نقله الى الاسبانية الباحث كروث هيرنانديز (2). وعلى هذه الترجمة الأخيرة سنعتمد في قراءتنا لعلاقة السياسة بالأخلاق عند ابن رشد، لكن ما الشروط التي ينبغي توافرها من أجل قيام سياسة خلقية عند هذا الفيلسوف؟ وما هو العلم الذي بإمكانه توفير السعادة للانسان الذي يملكه، وللمدينة التي يعيش فيها؟ يعترف ابن رشد في مقدمة كتابه "جوامع سياسة أفلاطون" بأن هذا الكتاب وكتاب "الأخلاق النيقوماخية" يكونان جزءين متكاملين لعلم واحد هو علم السياسة (3). أو السياسة الخلقية كما يدعوها أحيانا (4) ؛ ولذلك لم يكتف فيلسوف قرطبة ومراكش بشرح جمهورية أفلاطون، بل قام بدمجها مع كتاب الأخلاق النيقوماخية، مادام أن كتاب السياسة لم يقع بين يديه، على الرغم من اطلاعه على بعض الشذرات منه، إذ نجده يقول في تلخيص كتاب الخطابة: "والذي قاله ظاهر عندنا من أمر السياسات التي وصلتنا أخبارها... وينبغي أن تعلم أن هذه السياسات التي ذكرها أرسطو ليست كفى بسيطة، وانما تلفى أكثر ذلك مركبة كالحال في السياسة الموجودة الآن فإنها اذا تؤملت توجد مركبة من فضيلة وكرامة وحرية وتغلب."(5). والحال ان الحديث عن سياسة مركبة يضعنا أمام صعوبة خاصة، إذ أن ابن رشد لا يستند على أرسطو في هذا الكلام ولا على الفارابي، بل انه يستلهم ابن سينا الذي يقول في كتاب ريطوريقا: «كما أن السياسة الموجودة في بلادنا هي مركبة من سياسة التغلب مع سياسة القلة مع الكرامة وبقية من السياسة الجماعية وان وجد فيها شيء من سياسة الاختيار فقليل جدا» (6). هكذا يتضح أن هناك تشابها بين ابن رشد وابن سينا في هذه المسألة من الممكن تفسير ذلك بالعودة الى غياب كتاب السياسة لأرسطو وأيضا الى صعوبة مقاصده. ============== 1 - Averroes Commntary on Platos Republic Edited with an Introduction Translation and notes by I.J. Rosental Cambridge at the University Press. 1969. 2- كروث هرنانديز: "جوامع سياسة أفلاطون" نفس المعطيات السابقة. 3- ابن رشد، جوامع سياسة أفلاطون، ص 4. 4- ابن رشد، تلخيص الخطابة، تحقيق عبدالرحمن بدوي، دار العلم بيروت، ب. ت. ص 34. 5- ابن رشد، ن.م. ص 38. 6- ابن سينا، كتاب ريطوريقا، طبعة سالم، ص 42. ((من مقالة : نحو تأسيس صناعة للتمدن السياسة الخلقية عن ابن رشد ؛ لعزيز الحدادي (كاتب من المغرب)) . |