" ابن المقفع في مرآة طه حسين " كن أول من يقيّم
" ابن المقفع في مرآة طه حسين " زهرة خرجت من ينبوع فارس ، ونزلت بأرض البصرة فنشأت فيها ثم أخذت تساقط علينا براعمها ، ولكن يد القساة حطموها في تنور ، فأحرقوها..... وتتوالى الأعوام والسنون بعد ذلك ، والذكرى خالدة ،والكتب مخلدة ...ويبقى شذاها عالقا في كتب العلماء ، والأدباء من هنا تناولتها يد الزمان ، فقدم عليها النقاد من كل حدب،وأوب ...... ولا يسعنا المقام إلا أن نعرض ما أفصح به طه حسين عن ابن المقفع في كتابه " من حديث الشعر والنثر" .... ويتضح لنا من خلال الاطلاع عليه بأنه لم يكن راضيا عن ابن المقفع وأدبه بل اتهمه بالعديد من التهم منها: أولا: أطعن في إسلام ابن المقفع ،واتهمه بأنه لم يكن خالصا لله تعالى ،وقد برر قوله بأن ابن المقفع كتب كتبا كثيرة في الزندقة ... الرد على هذه التهمة : لا يمكننا التصريح بزندقة ابن المقفع بأية حال من الأحوال ؛لأنه قد أسلم وأعلن إسلامه في حفل عظيم وقد ثبت في الحديث "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة". بالإضافة إلى أن ابن المقفع ناقل لكتب الإلحاد وناقل الكفر ليس بكافر. ثانيا: اتهمه بأنه يكلف نفسه مشقة واللغة مشقة أخرى في تناوله للمعاني الضيقة التي تحتاج إلى الدقة في التعبير . الرد على هذه التهمة : نلاحظ بأن كلام طه حسين جاء متناقضا بحيث ذكر في بداية حديثه بأن لابن المقفع عبارات من أجود ما تقرأ في العربية ثم يتهمه بأنه يتكلف في لغته ... بالإضافة إلى أن طه حسين ما قال ذلك إلا لأنه متأثرا بما قاله الجاحظ ولم يأخذ بعين الاعتبار أن الجاحظ قصد من القصور في ترجمته لمنطق أرسطو، ولا ضرر لابن المقفع في ذلك ؛لأن القصور ناتج عن صعوبة أداء هذه المعاني لأول مرة في العربية فلولا ابن المقفع لما عرف الغرب شيئا عن أخبار أرسطو. ثالثا: قال بأن ابن المقفع مستشرق كغيره من المستشرقين.... الرد على هذه التهمة : تجاوز طه حسين حدوده في اتهاماته لابن المقفع حتى عده من المستشرقين... يا للعجب!!!.. كيف لنا بأن نقول عنه ذلك ، وهو يختلف عنهم في العديد من النقاط منها: 1.نشأ ابن المقفع في بيئة عربية ، والمستشرقون لا ينشأون فيها... 2.نقل لنا ابن المقفع الكثير من الآداب الفارسية إلى العربية ، والمستشرقون لا ينقلون آثار قومهم إلينا . 3.عين ابن المقفع في ديوان الإنشاء، والمعروف بأنه لا يعين فيه إلا من كان في اللغة العربية متمكنا ، وهذه شهادة يفخر بها كل عربي . وبعد عرضنا لهذه التهم والرد عليها نقول: ماهي إلا اشتباكات تشتبك بين الدارسين ، والأدباء ، ولكن لا يحق لنا بأن نتجاوز الحدود ونتهم أحدا بعدم الإخلاص في إسلامه؛لأننا لا نعلم خفايا القلوب. وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..... بقلم العبدة الفقيرة إلى الله: عائشة بنت علي بن حمد البراشدي |