في رحاب الآية 29 من سورة الشورى (42)     ( من قبل 8 أعضاء ) قيّم * تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ). { وَمِنْ آيَاتِهِ } ، أن تعرفوا توحيد الرب وصنعه، وإن لم تروه، { خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ } ، يعنى الملائكة في السموات والخلائق في الأرض، { وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } فى الآخرة،{ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } [آية: 29].
* تفسير تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ) أَنبا عبد الرحمن، قال: نا إِبراهيم، قال: نا آدم، قال: نا ورقاءُ عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله: { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ } [الآية: 29]. يعني: من الناس والملائكة. - تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) .
{ وَمِنْ ءايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } على ما هما عليه من تعاجيب الصنائع فإنها بذاتها وصفاتها تدل على شؤونه تعالى العظيمة، ومن له أدنى إنصاف وشعور يجزم باستحالة صدورها من الطبيعة العديمة الشعور. { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا } عطف على { ٱلسَّمَـٰوَاتِ } أي ومن آياته خلق ما بث أو عطف على { خُلِقَ } أي ومن آياته ما بث. و { مَا } تحتمل الموصولية والمصدرية والموصولية أظهر ولا حاجة عليه إلى تقدير مضاف أي خلق الذي بث خلافاً لأبـي حيان { مِن دَابَّةٍ } أي حيوان له دبيب وحركة. وظاهر الآية وجود ذلك في السمٰوات وفي الأرض وبه قال مجاهد وفسر الدابة بالناس والملائكة، ويجوز أن يكون للملائكة مشي مع الطيران، واعترض ذلك ابن المنير بأن إطلاق الدابة على الأناسي بعيد في عرف اللغة فكيف بالملائكة؟ وادعى أن الأصح كون الدواب في الأرض لا غير. وما في أحد الشيئين يصدق أنه فيهما في الجملة، فالآية على أسلوب{ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ }[الرحمن: 22] وذلك لقوله تعالى في [البقرة: 164]:{ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلّ دَابَّةٍ } فإنه يدل على اختصاص الدواب بالأرض لأن مقام الإطناب يقتضي ذكره لو كان لا للعمل بمفهوم اللقب الذي لا يقول به الجمهور. والجواب أن التي في البقرة لما كانت كلاماً مع الغبـي والفهم والمسترشد والمعاند جىء فيه بما هو معروف عند الكل وهو بث الدواب في الأرض وأما هٰهنا فجىء به مدمجاً مختصراً لما تكرر في القرآن ولا سيما في هذه السورة من كمال قدرته على كل ممكن فقيل: { وَمِنْ ءايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا } مؤثراً على لفظ الخلق ليدل على التكثير الدال على كمال القدرة وبين بقوله تعالى: { مِن دَابَّةٍ } تعميماً وتغليباً لغير ذوي العلم في السماوي والأرضي تحقيقاً للمخلوقية فقد ثبت في صحاح الأحاديث ما يدل على وجود الدواب في السماء من مراكب أهل الجنة وغيرها، وكذلك ما يدل على وجود ملائكة كالأوعال بل لا يبعد أن يكون في كل سماء حيوانات ومخلوقات على صور شتى وأحوال مختلفة لا نعلمها ولم يذكر في الأخبار شيء منها فقد قال تعالى:{ وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }[النحل: 8] وأهل الأرصاد اليوم يتراءى لهم بواسطة نظاراتهم مخلوقات في جرم القمر لكنهم لم يحققوا أمرها لنقص ما في الآلات على ما يدعون، ويحتمل أن يكون فيما عدا القمر ونفي ذلك ليس من المعلوم من الدين بالضرورة ليضر القول به. وقيل: المراد بالسمٰوات جهات العلو المسامتة للأقاليم مثلاً وفي جو كل إقليم بل كل بلدة بل كل قطعة من الأرض حيوانات لا يحصي كثرتها إلا الله تعالى بعضها يحس بها بلا واسطة آلة وبعضها بواسطتها، وقيل: المراد بها السحب وفيها من الحيوانات ما فيها وكل ذلك على ما فيه لا يحتاج إليه، وكذا لا يحتاج إلى ما ذهب إليه كثير من أن المراد بالدابة الحي مجازاً إما من استعمال المقيد في المطلق أو إطلاق الشيء على لازمه أو المسبب على سببه لأن الحياة سبب للدبيب وإن لم تكن الدابة سبباً للحي فيكون مجازاً مرسلاً تبعياً لأن الاحتياج إلى ذلك عدول عن الظاهر ولا يعدل عنه إلا إذا دل دليل على خلافه وأين ذلك الدليل؟ بل هو قائم على وجود الدواب في السماء كما هي موجودة في الأرض. وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } أي حشرهم بعد البعث للمحاسبة { إِذَا يَشَآء } ذلك { قَدِيرٌ } تام القدرة كاملها، و{ إِذَا } متعلقة بما قبلها لا بقدير لأن المقيد بالمشيئة جمعه تعالى لا قدرته سبحانه وهي كما تدخل على الماضي تدخل على المضارع، ومنه قوله: وإذا ما أشاء أبعث منها | | آخر الليل ناشطاً مذعوراً | وقول صاحب «الكشف»: لقائل أن يفرق بين إذا وإذا ما الظاهر أنه ليس في محله وقد نص الخفاجي على عدم الفرق وجعل القول به توهماً، وكذا نص على أنها تدخل على الفعلين ظرفية كانت أو شرطية، وقيد ذلك الطيبـي بما إذا كانت بمعنى الوقت كما هنا. وضمير { جَمْعِهِمْ } قيل للسمٰوات والأرض وما فيهما على التغليب وهو كما ترى، وقيل: للدواب المفهوم مما تقدم وضمير العقلاء للتغليب المناسب لكون الجمع للمحاسبة، وقيل: للناس المعلوم من ذلك ولعله الأولى. *تفسير في ظلال القرآن/ سيد قطب (ت 1387 هـ). { ومن آياته خلق السماوات والأرض، وما بث فيهما من دابة. وهو على جمعهم إذا يشاء قدير. وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير. وما أنتم بمعجزين في الأرض، وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير }.. وهذه الآية الكونية معروضة على الأنظار، قائمة تشهد بذاتها على ما جاء الوحي ليشهد به، فارتابوا فيه واختلفوا في تأويله. وآية السماوات والأرض لا تحتمل جدلا ولا ريبة. فهي قاطعة في دلالتها، تخاطب الفطرة بلغتها، وما يجادل فيها مجادل وهو جاد. إنها تشهد بأن الذي أنشأها ودبرها ليس هو الإنسان، ولا غيره من خلق الله. ولا مفر من الاعتراف بمنشئ مدبر. فإن ضخامتها الهائلة، وتناسقها الدقيق، ونظامها الدائب، ووحدة نواميسها الثابتة.. كل أولئك لا يمكن تفسيره عقلاً إلا على أساس أن هناك إلها أنشأها ويدبرها. أما الفطرة فهي تتلقى منطق الكون تلقياً مباشراً، وتدركه وتطمئن إليه، قبل أن تسمع عنه كلمة واحدة من خارجها! وتنطوي آية السماوات والأرض على آية أخرى في ثناياها: { وما بث فيهما من دابة }.. والحياة في هذه الأرض وحدها ـ ودع عنك ما في السماوات من حيوات أخرى لا ندركها ـ آية أخرى. وهي سر لم ينفذ إلى طبيعته أحد، فضلاً على التطلع إلى إنشائه. سر غامض لا يدري أحد من أين جاء، ولا كيف جاء، ولا كيف يتلبس بالأحياء! وكل المحاولات التي بذلت للبحث عن مصدره أو طبيعته أغلقت دونها الستر والأبواب؛ وانحصرت البحوث كلها في تطور الأحياء ـ بعد وجود الحياة ـ وتنوعها ووظائفها؛ وفي هذا الحيز الضيق المنظور اختلفت الآراء والنظريات. فأما ما وراء الستر فبقي سراً خافياً لا تمتد إليه عين، ولا يصل إليه إدراك.. إنه من أمر الله. الذي لا يدركه سواه. هذه الأحياء المبثوثة في كل مكان. فوق سطح الأرض وفي ثناياها. وفي أعماق البحر وفي أجواز الفضاء ـ ودع عنك تصور الأحياء الأخرى في السماء ـ هذه الأحياء المبثوثة التي لا يعلم الإنسان منها إلا النزر اليسير، ولا يدرك منها بوسائله المحدودة إلا القليل المشهور. هذه الأحياء التي تدب في السماوات والأرض يجمعها الله حين يشاء، لا يضل منها فرد واحد ولا يغيب! وبنو الإنسان يعجزهم أن يجمعوا سربا من الطير الأليف ينفلت من أقفاصهم، أو سرباً من النحل يطير من خلية لهم! وأسراب من الطير لا يعلم عددها إلا الله. وأسراب من النحل والنمل وأخواتها لا يحصيها إلا الله. وأسراب من الحشرات والهوام والجراثيم لا يعلم مواطنها إلا الله. وأسراب من الأسماك وحيوان البحر لا يطلع عليها إلا الله. وقطعان من الأنعام والوحش سائمة وشاردة في كل مكان، وقطعان من البشر مبثوثة في الأرض في كل مكان.. ومعها خلائق أربى عدداً وأخفى مكاناً في السماوات من خلق الله.. كلها.. كلها.. يجمعها الله حين يشاء.. وليس بين بثها في السماوات والأرض وجمعها إلا كلمة تصدر. والتعبير يقابل بين مشهد البث ومشهد الجمع في لمحة على طريقة القرآن؛ فيشهد القلب هذين المشهدين الهائلين قبل أن ينتهي اللسان من آية واحدة قصيرة من القرآن! نصيحة : إخوتي الكرام ! السلام عليكم . حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا [ نحن أمة اقرأ ، فأرجوكم أن تقرؤوا ماتيسر لكم من كتاب الله ولو ربع ساعة] ، ثم اختاروا آية واحدة من الآيات التي قرأتموها ، وادخلوا (غوغل)، واكتبوا تفاسير القرآن الكريم، واختاروا ثلاثة تفاسير متنوعة على الأقل واقرؤوها، واحفظوها في ملف خاص.( وهذا لن يأخذ أكثر من ربع ساعة) . واسألوا أنفسكم بعد أيام ....! شتان بين سَوق النظرية ، وبين التطبيق العملي لها! إن قراءة القرآن : ثوابية ، وتدبرية ، وتطبيقية . قال تعالى : " وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين".صدق الله العظيم. |