البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : رسائل جامعية

 موضوع النقاش : إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟    قيّم
التقييم :
( من قبل 18 أعضاء )

رأي الوراق :

 أحمد 
2 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارْنَبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
 
الإنجيل برواية
بارْنَبا الليوي القبرصي
 
 
ترجمة مقارنة جديدة
تتضمن معطيات غير معروفة من قبل
بالاعتماد على
مخطوطة المكتبة الوطنيّة بڨيينا
ومخطوطة مكتبة فيشر بجامعة سيدني
 
د. أحمد إيبش
 
 
ما هو إنجيل بارْنَبا؟
كثيرون جداً سمعوا بهذا الإنجيل (مغلوطاً باسم: إنجيل برنابا).. وما أكثر الأبحاث التي جزمت تلقائياً بأنه إنجيل مزوّر لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، وأنه من وضع بعض اليهود أو المسلمين الذين ارتدّوا عن الدين المسيحي.. فأين تكمن حقيقته؟
وما حقيقة ذكر هذا الإنجيل (على لسان المسيح عليه السلام) لسيدنا محمد بالاسم صراحة، على أنه خاتم الأنبياء المنتظر؟
مئة عام مضت على ظهور أول ترجمة إنكليزية لهذا الإنجيل الهام المثير للجدل، على يد القس الإنكليزي لونسديل راگ وزوجته لورا Lonsdale & Laura Ragg.  ولكن، هل كانت تلك الترجمة على المستوى العلمي المطلوب؟ هل نجحت ومثلها الترجمة العربية المنقولة عنها (بقلم د. خليل سعادة) – دون الرجوع إلى المخطوط – في فك رموز إنجيل بارْنَبا؟!
في هذه الترجمة العربيّة الجديدة المقارنة التي نقوم بها حالياً، يتمّ الكشف للمرّة الأولى عن الأصول القديمة لهذا الإنجيل، وإثبات الدليل النصّي الدّامغ على أن أصلاً أوّليّاً له باليونانيّة قد تمّت ترجمته إلى اللاتينيّة، وبعدها إلى الإيطاليّة والإسپانيّة، وأن ذلك كان ضمن سلسلة تاريخيّة مطوّلة من الإخفاء والتّحريم التّام.
هذه الترجمة اليوم تسلّط الأضواء على معطيات بالغة الأهميّة في المخطوطتين، سواء من الناحية النصيّة أو العقائديّة. ففيها يتجلّى الجوهر الأقرب إلى حقيقة المسيح عليه السلام، وبعثته وإنكاره الشديد لدعوة تأليهه، وأنه رُفع لم يُصلب.. والجديد الآن حسب المخطوطة الإسپانيّة التي ظهرت قبل 30 عاماً: ما الذي كان يعرفه بطرُس؟
كذلك من أهمّ محاور إنجيل بارْنَبا حول سيرة المسيح (عليه السّلام)، حربه الضارية على اليهوديّة الهيكليّة الفريسيّة المنحرفة عن شريعة موسى (عليه السّلام)، والتي تمخض عنها التلمود فيما بعد.
أمّا ما يتوّج هذه الوثيقة المسيحيّة القديمة النقيّة، فهو بشارة المسيح (عليه السّلام) بنبوّة سيّد البشر نبيّنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام.  وأن الدّين الحق كما أنزله الله تعالى على سيّدنا موسى ثم عيسى ثم محمّد (عليهم الصلاة والسّلام) إنما كان سلسلة مستمرّة متوافقة متوائمة لا انقطاع فيها، كان جوهرها ولُحمتها وسُداها: التوحيد!
في هذا المجلس، سأقوم بنشر المقدمة النقدية الكاملة، التي صدّرت بها ترجمتي المقارنة الجديدة لإنجيل بارْنَبا، حسب المخطوطتين المذكورتين، بالإيطاليّة و الإسپانيّة. وأرجو من قرّاء الورّاق الكرام إبداء آرائهم التي سأتلقاها بكل اهتمام وتقدير.
 
 
 8  9  10  11  12 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تتمة الفصل الثاني عشر-2    كن أول من يقيّم
 
»تَبارَكَ اسمُ اللهِ(7) القُدّوس، الذي اقتَصَّ([1]) بعَدْلِهِ من قايين([2]) قاتِلِ أخيه، وأرسَلَ الطُّوفانَ([3]) على الأرضِ، وأحرَقَ ثلاثَ مُدُنٍ شِرّيرَة([4])، وابتَلى مِصرَ([5])، وأغرَقَ فرعون في البحر([6]) الأحمَر([7])، وبَدَّدَ شَمْلَ أعداءِ شَعبِهِ، وأدَّبَ الكَفَرة، واقتَصَّ مِن العُصاة.  تَبارَكَ اسمُ اللهِ([8]) القُدّوس، الذي برَحمَتِهِ أشفَقَ على }60{ خَلائِقِه فأرْسَلَ بالتّالي إليهِم أنبياءَهُ القدّيسين لكي يَسيروا في طريقِ الحَقِّ والبِرِّ أمامَهُ هو مَن نجّى عِبادَهُ([9]) من كلِّ سُوء، وأورَثَهُم هذه الأرض، كما وَعَدَ أبانا إبراهيمَ([10]) وابنَهُ([11]) إلى الأبَد.  ثُمَّ على يَدِ عَبدِهِ مُوسَى وَهَبَنا شَريعَتَهُ المُقَدَّسة، لئلاّ يُضِلَّنا الشَّيطانُ، وفَضَّلَنا على جميعِ الشُّعوب([12]).  ولكن أيُّها الإخوة، ماذا علينا أن نَفعَلَ اليومَ حتّى لا نُجازَى على خَطايانا؟«.


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله ذو انتقام«.
([2]) قابل على سفر التكوين - 4: 11.
([3]) قابل على سفر التكوين - الأصحاحان 7-8.
([4]) قابل على سفر التكوين - الأصحاح 19.
([5]) قابل على سفر الخروج - أصحاحات 7-12.
([6]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »غرق فرعون في البحر ذكر«.
([7]) قابل على سفر الخروج - 14: 21-28؛ خروج - 15: 4، 19.
     في العبريّة يسمّى: ים־סוף »يَمْ سُوف« (بحر القصب)، أما تسميته بالبحر الأحمر فمن اليونانيّة: »تَلاسّا إروترا«، وسمّاه العرب: بحر القُلْزُم.
([8]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »اسم الله«.
([9]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله منجي«.
([10]) قابل على إنجيل لوقا - 1: 55.
([11]) المقصود هنا إسمعيل، لا إسحق، كما سيرد بيانه أدناه.
([12]) قابل على سفر التّثنية - 28: 13.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
تتمة الفصل الثاني عشر-3    كن أول من يقيّم
 
عندَ ذاكَ أنَّبَ([1]) يَسوعُ الشَّعبَ بكُلِّ حِدَّةٍ لأجلِ نِسيانِهِم كَلِمَة الله، ولأجلِ أنَّهُم تَرَكوا نُفوسَهُم تَعْمَهُ وَراءَ مَتاعِ الغُرور.  وأنَّبَ الكَهَنة لإهمالِهم خِدمَةَ اللهِ ولأجلِ جَشَعِهِم وراءَ المادّة.  وأنَّبَ الكَتَبَة لأنَّهُم راحوا يَعِظونَ بتعاليمَ ضالَّة، تاركين شَريعَة الله.  ووَبَّخَ الحُكَماءَ لأنَّهُم عَطَّلوا شَريعةَ اللهِ من خِلالِ بَثِّ شَريعَتِهِم العُرفيّة.  ومن جَرّاءِ هذا الكلامِ الذي تَكَلَّمَ بِهِ يَسوعُ إلى النّاسِ، راحَ الجميعُ يَبكونَ، من صَغيرِهِم إلى كَبيرِهِم، يَستَصرِخونَ الرَّحمةَ ويَضرَعونَ إلى يَسوعَ لكي يُصَلّي مِن أجلِهِم.  هذا ما خَلا كَهَنَتَهُم ورؤساءَهُم، فإنَّهُم أضمَروا الكَراهيّة ليَسوعَ في ذلكَ اليوم لأنَّهُ تَكَلَّمَ بالسُّوء في حَقِّ الكَهَنَة }61{ والكَتَبَة والحُكَماء، وصَمَّموا على قَتلِهِ([2])، لكنَّهُم خَوفاً منَ الشَّعبِ الذي تَلَقّاهُ كَنَبيٍّ لله، لَزِموا الصَّمتَ ولم يَنطُقوا بشيء. 
ورَفَعَ يَسوعُ يَدَيهِ إلى الرَّبِّ الإلَه([3]) وصَلّى فبَكى الشَّعبُ وقالوا: »كذَلكَ فليَكُن، يا رَبُّ، كذَلِكَ فليَكُن«.  ولمّا تَمَّتِ الصَّلاةُ نَزلَ يَسوعُ منَ الهَيكَل، ورَحلَ في ذلكَ اليومِ من أُورشَليم مع كثيرين ممَّن تَبِعوهُ.  وتَكَلَّمَ الكَهَنةُ بالسُّوء في حَقِّ يَسوعَ فيما بينَهُم.
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل متّى - 23: 13-33.
([2]) قابل على إنجيل متّى - 21: 46؛ وإنجيل مَرقُس - 12: 12؛ وانظر يوحنّا - 11: 53.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله سلطان«.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الثالث عشر    كن أول من يقيّم
 
الفصل الثالث عشر([1])
خشية يَسوع وصَلاته
وتَعزية المَلاك جِبرائيل الرّائعة
بعدَما مَضَت بِضعَةُ أيّامٍ، وكانَ يَسوعُ مُدرِكاً ضَمائِرَ الكَهَنة في رُوحِه، صَعِدَ جَبَلَ الزَّيتون ليُصَلّي.  وبعدَ أن أمضى اللَّيلَ كلَّهُ في الصَّلاة([2])، قامَ في الصَّباحِ يُصَلّي قائِلاً: »يا رَبُّ، إنّني أدري أنَّ الكَتَبَة يُبغِضونَني، والكَهَنة ]ينوونَ[ قَتلي أنا عبدَكَ، لذلِكَ أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القَديرُ الرَّحيمُ([3])، اسمَعْ صَلَواتِ عَبدِكَ بالرَّحمَة، ونَجِّني من حَبائِلِهِم، لأنَّكَ أنتَ خَلاصي.  فأنتَ تعلَمُ يا رَبُّ بأنّني - أنا عبدُكَ - لا أبتَغي إلاّ إيّاكَ يا رَبُّ، وبكَلامِكَ أتكَلَّمُ، لأنَّ كلامَكَ حَقٌّ([4])، وهو إلى الأبَدِ يَدومُ«.
فما أن أتَمَّ يَسوعُ }62{ كلامَه، إذا بالمَلاكِ جِبرائيلَ يأتيهِ قائلاً: »لا تَخَفْ يا يَسوعُ، فإنَّ ألفَ ألفٍ من الذينَ يَسكُنونَ أجوازَ السَّماءِ يحفظونَ أرديَتَكَ، ولا تَموتَنَّ حتّى يكتملَ كلُّ شيءٍ، وتأتي الدُّنيا إلى خواتيمِها«.  فخَرَّ يَسوعُ على وَجْهِهِ إلى الأرضِ قائلاً: »أيُّها الرَّبُّ الإلَهُ العَظيمُ(7)، ما أعظَمَ رأفَتَكَ بي!  فما أقَدِّمُ إليكَ يا رَبُّ مُقابِلَ ما أحسَنتَ بِهِ إليَّ؟([5])«.
فأجابَ المَلاكُ جِبرائيلُ: »انهَضْ يا يَسوعَ، واذكُرْ إبراهيمَ([6]) الذي كانَ عازِماً على تَقديمِ ابنِهِ الوَحيد([7]) إسماعيل ذَبيحةً للهِ، لكي تَتِمَّ كَلِمَةُ الله، ]فلَمّا[ كَلَّتِ السِّكّينُ عن ذَبحِ ابنِهِ، قَدَّمَ كَبشاً ذَبيحَةً بكَلِمَتي.  فلذلكَ، دُونَكَ فافعَل ]كما فَعَلَ[ يا يَسوعَ عبدَ اللهِ«.  فأجابَ يسوعُ: »سَمعاً وطاعَةً ولكن أنَّى لي أجدَ حَمَلاً وليسَ لي نُقودٌ، وسِرقَتُه لا تَجوز؟«. 
فأراهُ عندَها المَلاكُ جِبرائيلُ كَبشاً([8])، فقَدَّمَهُ يَسوعُ ذَبيحَةً حامِداً ومُسَبِّحاً اللهَ، المُمَجَّدِ إلى أبَدِ الدَّهرِ.
*  *  *


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سورة الأمن«.
([2]) قابل على إنجيل لوقا - 6: 12.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله سلطان الله قدير والرّحمن وسلام«.
([4]) قابل على إنجيل يوحنّا - 17: 17.     (7) في الهامش: »الله سلطان الله وهّاب الله كبر«.
([5]) قابل على إنجيل لوقا - 6: 12.
([6]) انظر سفر التكوين - 22: 10 وما يليها.
([7]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »ذكر اسماعيل قربان«.
([8]) قابل على سفر التكوين - 22: 13.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الرابع عشر    كن أول من يقيّم
 
الفصل الرّابع عشر([1])
بعد صيام الأربعين يوماً
يَسوع ينتخب اثني عشر تلميذاً
}63{ نَزلَ يَسوعُ من الجَبَل، وعَبَرَ وحدَهُ ليلاً إلى الجانِب الأقصى من نَهرِ الأردُن، وصامَ أربعينَ يوماً وأربعينَ ليلَةً، لم يأكُل فيها شيئاً لا نَهاراً ولا لَيلاً([2])، مُمضياً وقتَهُ كلَّهُ في الضَّراعَة إلى الرَّبِّ لخَلاصِ شَعبِهِ الذي أرسَلَهُ اللهُ إليه([3]).  فلَمّا انقَضَت الأربعونَ يوماً جاعَ، فظَهَرَ لهُ عندَها الشَّيطانُ، وراحَ يُغويهِ بكلامٍ كثيرٍ، لكنَّ يَسوعَ طَرَدَهُ بسُلطانِ كلامِ اللهِ.  ]فلمّا[ انصَرَفَ الشَّيطانُ، أتَت المَلائِكةُ وقَدَّمَت ليَسوعَ كلَّ ما يحتاجُ إليه([4]).
*  *  *
 
]منطقة أُورشَليم[
]الاثنا عَشَرَ تِلميذاً[
لمّا عادَ يَسوعُ إلى نَواحي أُورشَليم، عَثَرَ عليهِ الشَّعبُ مُجَدَّداً بفَرَحٍ عَظيمٍ غامِر، ورَجَوهُ أن يَمكُثَ بينَ ظَهرانيهِم، لأنَّ كَلِماتِه ما كانَت ككَلامِ الكَتَبَة، بَل كانَ لها سُلطانٌ([5])، فأثَّرَت وأوغَلَتْ في شِغافِ القَلبِ.


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سورة المائدة«.
([2]) انظر إنجيل متّى - 4: 1-11 وما يوازيها إزائياً.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله مرسل«.
([4]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »أنزل مائدة على عيسى ذكر - منه«.
([5]) قابل على إنجيل متّى - 7: 28، 29؛ وإنجيل مَرقُس - 1: 22.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
تتمة الفصل الرابع عشر    كن أول من يقيّم
 
فإذ رأى يَسوعُ الكَثرةَ الكاثِرةَ من هذا الشَّعبِ الذينَ آبوا إلى قُلوبِهِم للسُّلوكِ في شَريعَةِ اللهِ، صعِدَ إلى([1]) الجَبل([2])ِ وأمضى اللّيلَ كلَّهُ في الصَّلاة، ولمّا طَلَعَ النَّهارُ نَزلَ من الجَبَلِ، واصطَفى اثنَي عَشَرَ سَمّاهُم رُسُلاً، منهم يَهوداه الذي قُتِلَ على الصَّليب. 
أمّا أسماؤهُم }64{ فهي([3]): أندراوُس وأخوهُ بطرُس الصَّيّادان، وبارْنَبا الذي كَتَبَ هذا الكَلام([4])، مع مَتّى العَشّار الذي كانَ يجلِسُ للجِبايَة، ويوحَنّا ويَعقوب ابنا زَبَدي، وتدّاوُس ويَهوداه، وبارْتُلماي وفيلبُس ويَعقوب، ويَهوداه الإسْخَريُوطي الخائِن. 
فهؤلاء كانَ يُكاشِفُهُم على الدَّوامِ بالأسرارِ الإلَهيَّة، أمّا الإسْخَريُوطي يَهوداه([5]) فأقامَهُ وكيلاً على ما كانَ يُعطى برَسمِ الصَّدَقَة، غيرَ أنَّهُ كانَ يَختَلِسُ العُشْرَ من كلِّ شيءٍ([6]).
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل لوقا - 6: 12.
([2]) من المهمّ جدّاً لنا تحليل المُعطيات النّصّيّة هنا (مع الأناجيل القانونيّة)، ومُطابقتها بدقّة مع المُعطيات الجغرافيّة والطبوغرافيّة على أرض الواقع.  فبخصوص هذا الجبل الذي يتكرّر قصد يسوع له (مع البرّيّة عِبر الأردن)، سنرى مدلوله الحاسم في مسألة توجّه يسوع منه إلى النّاصرة عبر بحر الجليل (بُحيرة طبريّة).  فإن اتّفقت مُعطيات إنجيل بارْنَبا هذا مع ما هو على أرض الواقع، نكون قد أثبتنا نصيباً وافراً من مصداقيّته.  والسؤال: هل هذا الجبل هو من جبال مؤاب، أم تلّ قريب من كْفَر ناحوم؟  سنرى أدناه.
([3]) قابل على إنجيل متّى - 10: 2-5؛ ومَرقُس - 3: 16-19؛ ولوقا - 6: 14-16.
([4]) في الأناجيل الإزائيّة يرد: توما وسمعان الغيور، بدلاً من بارْنَبا وتدّاوس الواردين هنا.  معنى هذا أن بارْنَبا في الأناجيل الإزائيّة لا يرد واحداً من التَّلاميذ الاثني عشر، ونظن أنّه قد تمّ حذفه لاحقاً عند إعادة تحرير الأناجيل، لخلافه العقائدي مع بولُس.
([5]) لاحظ هذا التعبير اللغوي المُمعن في الأصالة بصيغته اليونانيّة: »الإسخَريوطي يَهوداه«.  هذه قد تمرّ على المبتدئين في علم نقد النّصوص، ولكن العين الخبيرة تلتقطها فوراً، ولها هنا مدلول كبير جداً.  فمبدئيّاً، صيغتها في الأصل الإيطالي هي: il scariot Iuda، أمّا في اليونانيّة فهي:IskariwthV IoudaV ، وتعني حرفيّاً: يسّاخَر - ي (وحرف اليوت هو مطلع اسم يَهوداه).  وهذا أسلوب اختزال يوناني مثاله: پانايوتي Panagiwti.
([6]) قابل على إنجيل يوحنّا - 2: 1-11.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الخامس عشر - عرس قانا الجليل    كن أول من يقيّم
 
الفصل الخامس عشر
الآيَة التي أتى بها يَسوع في العُرس
إذ حوَّلَ الماء خمراً
لمّا اقتَرَبَ عيدُ المَظالِّ([1])، دَعا بعضُ الأغنياءِ يَسوعَ وأُمَّهُ إلى عُرسٍ([2]).  فذَهَبَ يَسوعُ، وبينَما القَومُ يحتَفِلونَ فَرَغَتِ الخَمرُ.  فابتَدَرَتْ أُمُّ يَسوعَ إيّاهُ قائِلَةً: »لا خَمرَ لديهِم«.
فأجابَ يَسوعُ: »وما شأني في ذلكَ يا أُمّاه([3])؟«.
فأوصَتْ أمُّهُ الخُدّامَ أن يُطيعوا يَسوعَ في أيِّ شيءٍ يأمُرُهُم بِهِ.  وكانَ ثَمَّةَ ستّة أجرانٍ للماءِ حسبَ عادَةِ إسرائيلَ ليَتَطَهَّروا للصَّلاة.
فقالَ يَسوعُ: »املَؤوا هذه الأجرانَ ماءً«.  ففَعَلَ الخُدّامُ ذلِكَ.
فقالَ لهُم يَسوعُ: »باسمِ الله([4])، اسْقوا النّاسَ المُحتَفينَ«.
فحَمَلَ الخُدّامُ إذْذاكَ }65{ منهُ إلى مُدَبِّر المَراسِم ليشربَ، فوَبَّخَ الأتباعَ قائِلاً: »أيُّها الخُدّامُ الرَّديئون، لماذا أبقيتُم الخَمرَ الجَيّدة إلى الآن؟«، لأنَّهُ لم يعرِف شيئاً من كلِّ ما فَعَلَهُ يَسوعُ.
فأجابَ الخُدّامُ: »يا سيّدي، ها هُنا رَجُلٌ قُدّوسٌ من الله، إذْ جَعَلَ من الماءِ خَمْراً«.
فحَسِبَ مُدَبِّرُ الاحتِفالِ أنَّ الخُدّامَ كانوا سُكارى، أمّا الذينَ كانوا جالِسينَ بالقُربِ من يَسوع، لمّا شاهَدوا الأمرَ على تَمامِه، نَهَضوا عن الخُوانِ وقَدَّموا إليهِ مَشاعِرَ الاحترامِ قائلين: »حَقّاً إنَّكَ قُدّوسُ الله، ونَبيٌّ صادِقٌ مُرْسَلٌ إلينا من الله!«. 
حينَئِذٍ آمَنَ بِهِ تلاميذُه، وآبَ كثيرونَ إلى قُلوبِهِم قائلين: »الحَمدُ للهِ([5]) الذي شَمِلَ برَحمَتِهِ إسرائيلَ، وافتَقَدَ بيتَ يَهوداه بالمَحَبّة، تَبارَكَ اسمُهُ القُدّوس«.
*  *  *


([1]) عيد المظالّ חג הסכות »حَج هَسُّكّوت« أحد أهم أعياد اليهود، انظر الفصل 30.
([2]) من المؤسف أن بارْنَبا لم يحدّد لنا مكان العُرس، وكان أفادنا كثيراً.  غير أننا نعثر على ضالّتنا في إنجيل يوحنّا - 2: 1-11: »عُرسٌ في قانا الجَليل«.  فأولاً: المُشتهر أنها بلدة في الجليل جنوبي صفد، ثانياً: لهذا مدلول كبير عمّا يرد في الفصل 20 من قصد يسوع الإبحار عبر بحر الجليل إلى النّاصرة (وهو كلام غريب)، فيزول العجب بمعرفة أنه كان نازلاً من سهل الحُولة بطريق صَفَد نحو الهضاب شمال شرق طبريّة.
([3]) تعبير هام، في الأصل الإيطالي: madre mia، وترجمه راگ: mother mine، تعريبه: »يا أمّاً لي«، وهذا انتساخ حرفي عن العبريّة: אם שלי.  فلاحظ عبر ترجمته من لفظ المنطوق الآرامي والعبري إلى اليونانيّة فالإيطاليّة بقاء روح تعبير القرن الأول.
([4]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »باذن الله«.
([5]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الحمد لله«.
*أحمد
15 - نوفمبر - 2007
الفصل السادس عشر    كن أول من يقيّم
 
الفصل السّادس عشر([1])
التّعاليم الرّائعة التي وجّهها يَسوع إلى التّلاميذ حول تغيير الحياة
ذاتَ يَوم، جَمَعَ يَسوعُ تلاميذَهُ وصَعِدَ إلى الجَبَل([2])، فلَمّا جَلَسَ هُناكَ تَدانى منهُ تَلاميذُهُ، ففَتَحَ فاهُ وعَلَّمَهُم قائِلاً: »عَظيمَةٌ هي النِّعَمُ التي مَنَّ اللهُ([3]) بها عَلينا، فلِذَلِكَ يتَوَجَّبُ علينا أن نَعبُدَهُ بقَلبٍ مُخلِصٍ.  فكَما أنَّ الخَمرَ الجَديدة تُوضَعُ في زِقاقٍ }66{ جَديدة([4])، فهكذا ينبَغي لكُم أن تكونوا أُناساً جُدُداً، إذا أرَدتُم أن تَحمِلوا التَّعاليمَ الجَديدةَ التي ستَصدُرُ عن فَمي.  الحَقَّ أقولُ لكُم، كما أنَّهُ لا يمكنُِ للإنسانِ أن يُبصِرَ بعَينَيهِ السَّماءَ والأرضَ في وَقتٍ واحِدٍ، فكذَلِكَ يَستَحيلُ عليهِ أن يُحِبَّ اللهَ([5]) والدُّنيا([6]).
»لا يَقْدِرُ رَجُلٌ أبَداً أن يَخدِمَ سَيّدين([7])، أحدُهُما عدوٌّ للآخَر([8])، لأنَّهُ إذا أحَبَّكَ الواحِدُ أبغَضَكَ الآخَر.  فكذَلِكَ أقولُ لكُم بالحَقِّ إنَّكُم لا تَقدِرونَ أن تَخدُموا اللهَ والدُّنيا، لأنَّ الدُّنيا مُستَغرِقَةٌ في النِّفاقِ والجَشَعِ والخُبثِ([9])، وذلكَ فأنتُم لسْتُم بواجِدينَ راحَةً في الدُّنيا، بَل تَجِدونَ بَدَلاً منها عَذاباً وخُسراناً.  فاعبُدوا اللهَ وانتَبِذوا عَرَضَ الدُّنيا، إذْ منّي تأنَسونَ راحَةً لِنُفوسِكُم([10])، أصيخُوا السَّمْعَ لكَلامي، لأنّي أُكَلِّمُكُم بالحَقِّ.


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سورة ترك الدّنيا«.
([2]) قابل على إنجيل متّى - 5: 1.  ويُظنّ أنه تلّ قرب كفر ناحوم شمالي طبريّة بغرب.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »نعمة الله كبر«.
([4]) قابل على إنجيل متّى - 9: 17.
([5]) في هامش المخطوط: »مثلاً فيبني آدم عينان لكن لا يمكن أن ينضر إلى السماء والأرض في حالة واحدة، وكذلك لا يمكن أن تجمع محبّة الله ومحبّت الدّنيا في حالة واحدة - منه «.
([6]) قد نُترجم عبارة الأصل: il mondo بالدُّنيا، ولكن سنحاول غالباً ترجمتها: العالَم، بحسب العبارة السّاميّة المُشتركة: العربيّة: عالَم، العبريّة: עולם، الآرامية: עלם.
([7]) قابل على إنجيل متّى - 6: 24؛ وإنجيل لوقا - 16: 13.
([8]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »لا يمكن أن يخدم العبد لسيّدين عدوّين أحدهما لآخر، وكذلك لا يمكن أن يخدم العبد الدّنيا والله تعلى - منه«.
([9]) قابل على رسالة يوحنّا الأولى - 5: 19.
([10]) قابل على إنجيل متّى - 11: 29.
*أحمد
15 - نوفمبر - 2007
الفصل السادس عشر - تتمة    كن أول من يقيّم
 
»طُوبَى([1]) للَّذينَ يَنوحونَ على هذهِ الحَياةِ الدُّنيا لأنَّهُم يَتَعَزّون([2]). 
»طُوبى للمَساكين([3]) الذينَ يُعرِضونَ حَقّاً عن ملاذِّ العالَم، لأنَّهُم سيَنعَمون بمَلاذِّ مَلَكوتِ اللهِ. 
»طُوبى للّذينَ يأكلونَ على مائدَةِ اللهِ([4])، لأنَّ }67{ المَلائِكةَ سوفَ تَقومُ على خِدمَتِهم.
»أنتُم مُسافِرونَ كحُجّاجٍ سُيّاح([5]).  أيتَّخِذُ الحاجُّ لِنَفسِهِ في طَريقِه قُصوراً وحُقولاً وغيرِها مِن مَتاعِ الدُّنيا؟  كلاّ بالطَّبع، بَل إنَّهُ يَحمِلُ أشياءَ خَفيفةَ الوزنِ وذاتَ قيمَةٍ لِفائدَتِها وجَدواها على الطّريق.  فليَكُن هذا الآنَ مَثَلاً لكُم.


([1]) طوبى في العبريّة טובה »طُوباه« (والآراميّة טבתא »طُبتا«) تعني: سعادة، خير. 
([2]) قابل على إنجيل متّى - 5: 4.
([3]) قابل على إنجيل متّى - 5: 3.
([4]) قابل على إنجيل متّى - 5: 6.
([5]) التعبير في الأصل المخطوط بالإيطاليّة: chome peregrini، ترجمناها كحُجّاج سيّاح لأن السّياحة في مُصطلح العربيّة القديم ليست تعني السّفر في البلاد بقصد النّزهة والفرجة، بل هي السّرى في الأرض بانقطاع تام لذات الله وبتعلّق عِرفاني به.
*أحمد
15 - نوفمبر - 2007
الفصل السادس عشر - تتمة 2    كن أول من يقيّم
 
وإن شِئتُم مَثَلاً آخرَ فإنّي أضرِبُه لكُم، حتّى تَفعَلوا كلَّ ما أقولُهُ لكُم: لا تُثقِلوا قُلوبَكُم بالرَّغائِبِ الدُّنيَويَّة، قائلين: »مَن يَكسونا([1])؟« أو »مَن يُطعِمُنا؟«، بَل انظُروا الزّهورَ والأشجارَ، مع الطُّيورِ التي كَساها اللهُ([2]) رَبُّنا وأطعمها بمَجدٍ أعظمَ من كلِّ مَجدِ سُليمان.  فإنَّ الإلهَ([3]) الذي خَلَقَكُم ودَعاكُم إلى عِبادَتِه لَقادِرٌ على أن يَرزُقَكُم قُوتَكُم، هو الذي على مَدى أربعينَ عاماً أنزَلَ المَنَّ([4]) من السَّماء([5])ِ على شَعبِهِ إسرائيل في البَرّيّة، وحَفِظَ أثوابَهُم من أن تَبلى أو تَفنى([6])، وكانت عِدَّتُهُم ستَّ مئةٍ وأربعينَ ألفَ رَجُلٍ([7])، خَلا النِّساءَ والأطفالَ.
»الحَقَّ أقولُ لكُم، إنَّ السَّماءَ والأرضَ تَهِنان([8])، بَيدَ أنَّ رَحمَتَهُ لا تَهِنُ للّذينَ يَتَّقونَهُ([9]).  بَل إنَّ أغنياءَ الدُّنيا هُم على رَخائِهم جائِعونَ وهالِكون([10]). }68{

([1]) قابل على إنجيل متّى - 6: 25.
([2]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله رازق وخالِق الله سلطان«.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله قدير الله رازق«.
([4]) قابل على سفر التثنية - 8: 3-16.
([5]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »منوا وسلوان ذكر - منه«.
([6]) قابل على سفر التثنية - 8: 4.
([7]) قابل على سفر الخروج - 12: 37؛ وسفر العدد - 1: 46، 11: 21.
([8]) قابل على إنجيل مَرقُس - 13: 31.
([9]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »أقول لك هذا الكلام حقّ ينهدم السماء والأرض، وأمّا من يخاف الله لا ينقطع رحمة الله عليه أبداً - منه«.
([10]) انظر رسالة يعقوب - 5: 1 وما يليها.
*أحمد
15 - نوفمبر - 2007
الفصل السادس عشر - تتمة 3    كن أول من يقيّم
 
}68{ كانَ ثَمَّةَ رجُلٌ غَنيٌّ راحَتْ ثَروَتُهُ تَزدادُ([1])، فقالَ: »ماذا أفعَلُ يا نَفسُ؟  سوفَ أهدِمُ أهرائي لأنَّها صَغيرةٌ، وأبني سِواها أهراءً جَديدةً أعظمَ منها، فتَظفَرينَ بمُناكِ يا نَفسُ!«، يا للرَّجُلِ التَّعيسِ المَنكودِ، فإنَّهُ في تلكَ اللّيلةِ ذاتِها ماتَ.  كانَ يَنبَغي لهُ أن يكونَ عَطوفاً على المَساكين، وأن يَستَكثِرَ من الأصدقاء من خِلالِ صَدَقاتِ أموالِ السُّحتِ العائِدة إلى عَرَضِ الدُّنيا، لأنَّ هذه الصَّدَقاتِ تعودُ بالكُنوزِ في مَلَكوتِ السَّماءِ.

»قُولوا لي، رَجائي لكُم، إذا أودَعتُم أموالَكُم في مَصرِفِ عَشّارٍ، وكانَ مُلتَزِماً أن يُعطيكُم عشرَةَ أضعافٍ أو عِشرينَ ضِعفاً، أفلا تُعطون رَجُلاً كهذا كلَّ ما لَديكُم؟  فالحَقَّ أقولُ لكُم، إنَّكُم مَهما أعطيتُم أو تَنازَلتُم حُبّاً بالله، فسوفَ تُلَقّونَهُ مئةَ ضِعفٍ، مع الحياةِ([2]) الأبَديّة([3]).  فانظُروا إذن كم ينبَغي لكُم أن تكونوا سُعَداءَ بعِبادَةِ اللهِ«.
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل لوقا - 3: 16-20.
([2]) قابل على إنجيل متّى - 19: 29.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »أقول لكم الحقّ ما أعطـ]ـيـ[ـتم في سبيل الله من الأشياء أعطى كم ]أعطاكم[ الله في مقابلته ماءة خيراً - منه«.
*أحمد
15 - نوفمبر - 2007
 8  9  10  11  12