البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : رسائل جامعية

 موضوع النقاش : إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟    قيّم
التقييم :
( من قبل 18 أعضاء )

رأي الوراق :

 أحمد 
2 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارْنَبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
 
الإنجيل برواية
بارْنَبا الليوي القبرصي
 
 
ترجمة مقارنة جديدة
تتضمن معطيات غير معروفة من قبل
بالاعتماد على
مخطوطة المكتبة الوطنيّة بڨيينا
ومخطوطة مكتبة فيشر بجامعة سيدني
 
د. أحمد إيبش
 
 
ما هو إنجيل بارْنَبا؟
كثيرون جداً سمعوا بهذا الإنجيل (مغلوطاً باسم: إنجيل برنابا).. وما أكثر الأبحاث التي جزمت تلقائياً بأنه إنجيل مزوّر لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، وأنه من وضع بعض اليهود أو المسلمين الذين ارتدّوا عن الدين المسيحي.. فأين تكمن حقيقته؟
وما حقيقة ذكر هذا الإنجيل (على لسان المسيح عليه السلام) لسيدنا محمد بالاسم صراحة، على أنه خاتم الأنبياء المنتظر؟
مئة عام مضت على ظهور أول ترجمة إنكليزية لهذا الإنجيل الهام المثير للجدل، على يد القس الإنكليزي لونسديل راگ وزوجته لورا Lonsdale & Laura Ragg.  ولكن، هل كانت تلك الترجمة على المستوى العلمي المطلوب؟ هل نجحت ومثلها الترجمة العربية المنقولة عنها (بقلم د. خليل سعادة) – دون الرجوع إلى المخطوط – في فك رموز إنجيل بارْنَبا؟!
في هذه الترجمة العربيّة الجديدة المقارنة التي نقوم بها حالياً، يتمّ الكشف للمرّة الأولى عن الأصول القديمة لهذا الإنجيل، وإثبات الدليل النصّي الدّامغ على أن أصلاً أوّليّاً له باليونانيّة قد تمّت ترجمته إلى اللاتينيّة، وبعدها إلى الإيطاليّة والإسپانيّة، وأن ذلك كان ضمن سلسلة تاريخيّة مطوّلة من الإخفاء والتّحريم التّام.
هذه الترجمة اليوم تسلّط الأضواء على معطيات بالغة الأهميّة في المخطوطتين، سواء من الناحية النصيّة أو العقائديّة. ففيها يتجلّى الجوهر الأقرب إلى حقيقة المسيح عليه السلام، وبعثته وإنكاره الشديد لدعوة تأليهه، وأنه رُفع لم يُصلب.. والجديد الآن حسب المخطوطة الإسپانيّة التي ظهرت قبل 30 عاماً: ما الذي كان يعرفه بطرُس؟
كذلك من أهمّ محاور إنجيل بارْنَبا حول سيرة المسيح (عليه السّلام)، حربه الضارية على اليهوديّة الهيكليّة الفريسيّة المنحرفة عن شريعة موسى (عليه السّلام)، والتي تمخض عنها التلمود فيما بعد.
أمّا ما يتوّج هذه الوثيقة المسيحيّة القديمة النقيّة، فهو بشارة المسيح (عليه السّلام) بنبوّة سيّد البشر نبيّنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام.  وأن الدّين الحق كما أنزله الله تعالى على سيّدنا موسى ثم عيسى ثم محمّد (عليهم الصلاة والسّلام) إنما كان سلسلة مستمرّة متوافقة متوائمة لا انقطاع فيها، كان جوهرها ولُحمتها وسُداها: التوحيد!
في هذا المجلس، سأقوم بنشر المقدمة النقدية الكاملة، التي صدّرت بها ترجمتي المقارنة الجديدة لإنجيل بارْنَبا، حسب المخطوطتين المذكورتين، بالإيطاليّة و الإسپانيّة. وأرجو من قرّاء الورّاق الكرام إبداء آرائهم التي سأتلقاها بكل اهتمام وتقدير.
 
 
 6  7  8  9  10 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ملاحظان على الترجمة    كن أول من يقيّم
 
بسم الله الرحمن الواحد القهّار
نبدأ عملنا هذا في نشر فصول من إنجيل بارنبا..
ولا بدّ لنا من ملاحظات أولية:
 
- نكرر ما قلناه في المقدمة أننا بسبب عدم توفر حروف سريانية آراميّة في نظام Windows سنضطر لاستبدالها بحروف (مختاب آشوري) المربعة، ونرجو ملاحظة أن النطق الشفوي الآرامي يختلف عن مبنى الكتابة بالقلم
المربع، بحسب التشكيل الآرامي، وأكثر ما يتبدّى ذلك في حرف الألف (א) التي كثيراً ما تنطق واواً، بخاصة في اللهجة السريانية الغربية. والأمر ذاته ينطبق أحياناً على الياء.
- أرجو ألا ينسى القارئ أن الحواشي المكتوبة بالعربية في هامش مخطوط فيينا (وهي ليست في نسخة مكتبة فيشر) إنما كتبها ناسخ مسلم يجهل العربية، فلذا تقع فيها أغلاط فاحشة جداً، وبالطبع تركناها على حالها، لقيمتها الدلالية التي أفادتنا كثيراً في تحديد هوية الناسخ. ولذا نرجو من القراء أولاً عدم استغراب ورود مثل هذه الأغلاط، وعدم إتعاب أنفسهم بمحاولة تصحيحها، فهي هنا أدوات نصيّة عينيّة، بغض النظر عما تكسره من قواعد النحو واللغة. والأمر ذاته ينطبق أيضاً على بعض الألفاظ التركية الواردة في الهوامش.
- أما النصوص اليونانية فتبقى على حالها لحسن الحظ، ولكننا كتبناها دون تشكيل، درءاًلأغلاط اختلاف أنظمة النشر، مما يؤدي في العادة إلى خلل كبير يصعب تلافيه.
- عند عملنا على الأصلين الإيطالي والإسباني قمنا بعمل الترجمة الأولية، ثم قارناها على ترجمة راغ الإنكليزية فوجدنا (ترجمة راغ) على مستوى عال من الدقة (فيما عدا الألفاظ الاصطلاحية على لسان يسوع، والتي أقحمت فيها عبارات شديدة النبرة)، وبعد ذلك قارناها على ترجمة تشيريلو وفريمو الفرنسية فوجدناها أدق وأكثر تحرياً، خاصة أنها أحدث عهداً من ترجمة الزوجين راغ. أما صياغة برنابه بونس بالإسبانية الحديثة فلا تختلف اختلافاً جوهرياً عن نسخة مكتبة فيشر التي عنها أخذ بونس. وأما ترجمة سوكس فليس فيها ما هو جديد، بل تعتمد بلحمتها وسُداها على ترجمة راغ.
- أخيراً: بوسعنا بكل ثقة أن نقول إن ترجمتنا العربية اليوم تحمل من الدقة مستوى أعلى من الترجمات الأربعة المذكورة، بسبب عدم انتباه أصحابها إلى المعطيات الباليوغرافية بالعبرية والآرامية من المدراش والمشناه، وبسبب جهلهم بجغرافيا المنطقة، مما فوت عليهم جميعاً الانتباه إلى مسألة محورية جداً في الطبوغرافيا التاريخية حول مكانين مذكورين في المتن: تيروس.. وصور. لقد فشل هؤلاء التراجمة جميعهم في تحديد الهوية المكانية لهذين الموقعين. وفي هذا الأمر وحده دلالة عينية على قدم نص إنجيل بارنبا، وكونه يرجع إلى القرن الأول تحديداً، على الأقل أصله القديم the underlying book بغض النظر عن الطبقات التي تراكمت فوقه، من ترجمات ونسخ مختلفة، حتى وصلنا في مخطوطيه الحاليين: مطلع القرن السابع عشر لنسخة فيينا، والثامن عشر لنسخة فيشر.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
ترجمتنا وترجمة سعادة    كن أول من يقيّم
 
 ذكرنا في المقدمة ما يكفي حول إشكاليات ترجمة سعادة، وأهمها أنه اقتصر في ترجمته على الرجوع إلى ترجمة راغ الإنكليزية (كأصل).. وهذا عيب كبير في عمل على هذا القدر من الأهمية والحساسية. ثم إنه تبعهما في آليات النقد التي أورداها بالكامل، دون أن يأتي بجديد. ناهيك عن أن التحقيق النصّي واللاهوتي والموضوعي في ترجمته يبقى هزيلاً للغاية لا يُعتدّ به.
 
إنما برغم ذلك، بعدما أنجزنا ترجمتنا عن الأصليين، وقابلنا ذلك على الترجمات الأربع، عدنا نقرأ في ترجمة سعادة، فلا ننكر أننا أعجبتنا بعض التعابير الأدبية والبيانية، فلم نتقو على الامتناع عن اقتباس بعضها - لجماليته، والرجل كان أديباً قاصّاً مُجيداً - شريطة ألا يكون فيه تعارض مع دقة النقل.. ونؤكد على أن تعابيره الاصطلاحيّة والعرفيّة كانت ضعيفة للغاية، كقوله: مسيّا، العبارة المترجمة عن الإنكليزية: Messiah وهي عبارة سامية في مبناها ومعناها: في العبرية משיח مَشيَّح، بتشديد الياء وفتحها وقبلها شين مكسورة، وفي الآرامية משיחא بتسكين الميم، وهي تتقارض تماماً مع العربيّة: مَسيح. لكننا في ترجمتنا أثبتناها: المشيَّح، اعتباراً لأصلها اللفظي المرتبط بعصرها، ولدلالتها العرفية.
 
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا - مقدمة بارنبا، عن مخطوطة فيينا    كن أول من يقيّم
 
}43{
الإنجيل الصّحيح
ليَسوع المُسمّى المَسيح
              
                  نَبيٌّ جَديدٌ مُرسَلٌ مِن اللهِ إلى العالَم حَسب روايةِ بارْنَبا رَسولِه
 
إنَّ بارْنَبا، رسولَ يسوع النّاصري المُسمّى المَسيحَ، إلى كلِّ مَن يسكُن الأرضَ، يتمنّى سَلاماً وعَزاءً.
أيُّها الأحِبَّاءُ، إنَّ اللهَ العظيمَ([1]) البديعَ قد افتَقَدَنا في هذه الأيّامِ الأخيرة بنَبيِّه يسوع المَسيح، برَحمةٍ عظيمة من العَقيدَة([2]) والآياتِ الباهرة، التي من خلالِها أضلَّ الشَّيطانُ كثيراً من النّاس بذَريعَةِ التَّقوى، فرَاحوا يُبَشِّرونَ بعَقيدَةٍ مُتناهيةٍ في الكُفرِ، داعينَ المَسيحَ ابنَ اللهِ، ومُسقِطينَ فَريضةَ الخِتانِ التي سَنَّها اللهُ لعِبادِهِ سُنَّةً أبَديَّة، ومُحَلِّلينَ كلَّ لَحمٍ نَجِسٍ([3]). 
وكانَ من بين هؤلاء المتولّين أيضاً بُولُس([4])، الذي آتي بذِكرِه مُقتَرِناً مع الأسى.  فهذا هو السَّبَبُ الذي مِن أجلِهِ الآنَ أُدَوِّنُ تلكَ الحَقيقةَ التي رأيتُها بعيني وسَمِعتُها بأُذني، أثناء الفترة التي عايشتُ فيها يسوعَ.  ذلكَ لكي تُخَلَّصوا وتَنْجوا، ولا يضُلَّكُم }44{ الشَّيطانُ فتَهلَكوا في دَينُونَة اللهِ. 
ولِهذا فاحذَروا كلَّ مَنْ يُبَشِّركُم بعَقيدَةٍ جَديدة مُخالِفَة لِما أكتُبُه، لكي تَنالوا الخَلاصَ الأبَديّ.
وليَكُنِ اللهُ مَعَكُم ويحفَظْكُم من الشَّيطان، ومن كلِّ شَرٍّ.  آمين.
*  *  *


([1]) في هامش المخطوط باللغة العربيّة: »الله عظيم«.
([2]) العبارة بالأصل الإيطالي: dotrina، وهي في الأناجيل اليونانيّة القديمة ترد: paideia، وفي التّرجماتِ العربيّة يُصطَلَح عليها بـ »التّعاليم« وتُفرَد على »تَعليم«.  لكننا نرى أنَّ الأصحّ في العربيّة ترجمتها بـ »العقيدة« و»الدّعوة«، لأنَّ التّعاليم هي مجموع الشّرائع الفقهيّة والأصول المُدَوّنة للدّين من بعد اكتماله وتكامُل سُنَنه، أمّا العَمَل بنَشر تعاليمَ لدينٍ جديد لم تكن أصوله مُبيّنةً من قبل، فالأحرى تسميتُه بما يلائمه.
     هذا ونلاحظ أن مُترجم إنجيل بارْنَبا إلى الإنكليزيّة أدرك هذه الإشكاليّة، فراح يُترجم العبارة تارةً: doctrine (عَقيدة)، وطوراً: teachings (تعاليم).  بينما اكتفى سعادة بمُصطلح واحد دَرَج عليه: تَعليم - تَعاليم، وهذا لا يفي بالمعنى.
([3]) وأيضاً لم يدرِ بارْنَبا أنّهم لاحقاً سوف يُلغون تكريم يوم السَّبت (أحد الوصايا العَشر)، ليحتفوا بَدلاً منه بيوم الأحد.  لكن عدم ذكره لهذا هنا يدلّ علامَ؟  يدلّ بوضوح على أنّ نصّ هذا الإنجيل قديمٌ حقّاً وسابق لهذه الشّعائر الهلّينيّة النّيقاويّة.
([4]) استفضنا في المُقدّمة حول الخلاف الحادّ الذي نَشَبَ بين بارْنَبا وبُولُس بعد مَجمَع أورشليم (ونرى أنّه كان عقائديّاً رُؤيويّاً لا شَكليّاً).  راجع أعمال الرُّسُل (15: 36-40):
     »وبعدَ بِضعةِ أيّامٍ قالَ بُولُسُ لبارْنَبا: »لِنَعُدْ فنتَفَقَّدَ الإخوة في كلِّ مدينةٍ بَشَّرنا فيها بكَلمة الرَّبِّ، ونرى كيفَ أحوالُهم«.  فأراد بارْنَبا أن يَستَصحِبَ يُوحَنّا الذي يُقالُ لهُ مَرقُس، ورأى بُولُس أنَّهُ ليسَ من الحَقِّ أن يستَصحِبَ مَن فارَقَهُما في پَمفيليَة ولم يُرافقهما للعَمَل معهما.  فوَقَعَ بينَهما نِزاعٌ شَديدٌ حتى فارَقَ أحَدُهما الآخَرَ.  فاصطحَبَ بارْنَبا مَرقُس وأبحَرَ إلى قُبرُص.  وأمّا بُولُس فاختارَ سيلاّ ومَضى«.
     ومن الجدير ذكره أنّ بارْنَبا وبُولُس لم يلتقيا بعد ذلكَ على الإطلاق (بحسب نصّ أعمال الرُّسُل على الأقلّ).  فهنا نفترض جَدَلاً أنَّهما وصلا إلى نُقطة خِلاف عقائديّة حادّة، دفعت بارْنَبا إلى تدوين إنجيله هذا الذي بين أيدينا، وإن كان حظُّه من الانتشار والقبول أقلّ بكثير من أعمال بُولُس التّبشيريّة ورسائل عقيدته الجديدة التي ارتآها هو. 
     أمّا سبب تفضيل بارْنَبا مُصاحبة يوحَنّا (مَرقُس) أحد أصحاب الأناجيل الأربعة (ثانيها) فليس مجرّد أنه كان ابن قريبته (انظر المقدّمة)، بل لنلاحظ عبارة أعمال الرُّسُل (13: 13): »وأمّا يوحنّا ففارقهم ورجع إلى أورشليم«، التي تلقي ضوءاً هامّاً على مسألة شديدة الارتباط بالنّزاع العقائدي بين القُطبين (بارْنَبا - بولُس)، وهي أن أورشليم كانت عقر دار الكنيسة التّوحيديّة، فهل يتوجّه إليها مَرقُس لأيّ سبب غير ارتباطه العقائدي بمذهبها اللاهوتي؟  وما السّرّ في أنّه لا يسمّي يسوع بالرّبّ في إنجيله المتداول؟  ولا ننسينّ أن كاتب الإنجيل الثالث (لوقا الوثني الأصل) كان تلميذاً لصيقاً لبولُس، وهو لم يعاصر يَسوع (مثل مَرقُس أيضاً)، بل كتب إنجيله وفق ما وجّهه إليه بولُس.
     أخيراً، مع الأسف لم تفدنا »أعمال الرّسُل« أين توجّه مَرقُس وبارْنَبا بعد إبحارهما إلى قُبرُص، وما يوحي به السّياق أنهما عادا إلى أورشليم، ليتابعا مهمّة الدّعوة وفق معايير التّوحيد، الذي نقوم اليوم باجتلاء خيوطه الباكرة في إنجيل بارْنَبا هذا.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الأول    كن أول من يقيّم
 
الفصل الأوّل
في هذا الفصل الأوّل ترِدُ بِشارة([1]) المَلاك  جِبرائيل لمريَم العَذراء بمولِد يَسوع
في هذه الأيّام الأخيرة، حَدَثَ أنَّ عَذراءَ تُدعى مريَم من نَسلِ داود مِن سِبطِ يَهوداه([2]) قد نَزَلَ عليها المَلاكُ جِبرائيل من الله.  فبينَما كانت هذه العَذراءُ المُقيمةُ بكلِّ طُهرٍ وبغَير أدنى ذَنبٍ والمُنَزَّهةُ عن كُلِّ مَثلَبة، والمُثابِرةُ على فُروِضِ الصَّلاةِ والصّيام، بينَما كانت في بعضِ الأيّامِ بمُفرَدها، إذا بالمَلاك جِبرائيل([3]) يدخُلُ مَخدَعَها ويُحيّيها قائلاً: »اللهُ مَعَكِ([4]) يا مريَم«.
فارتاعَتْ العَذراءُ لظُهورِ المَلاك، غيرَ أنَّ المَلاكَ هَدّأ من رَوعِها قائلاً: »لا تَخافي يا مريَم، فإنَّكِ قد نِلتِ نِعمَةً عندَ الرَّبِّ، حيثُ اصطَفاكِ لتكوني أُمّاً لنَبيٍّ يبعَثُهُ اللهُ لبني إسرائيلَ، حتى يسيروا على طريقِ شَريعَتِه }45{ بتُقىً وإخلاصٍ«.  فأجابَتِ العَذراءُ: »وكيفَ ألِدُ البَنينَ ولَم يَمَسَّني رَجُلٌ؟«.  أجابَ المَلاكُ: »يا مريَم، إنَّ اللهَ([5]) الذي خَلَقَ الإنسانَ بغيرِ إنسانٍ لَقادِرٌ على أن يَخلُقَ فيكِ إنساناً من غَيرِ إنسانٍ، فإنَّهُ لا شيءَ عليه بمُحال«([6]).
أجابَت مريَم: »إنّي لأعلَمُ عِلْمَ اليَقين أنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قَديرٍ، ولذا فما هو مُقدِّرُه كائِنٌ لا مَحالَةَ«.  فأجابَ المَلاكُ: »فالسّاعَةَ إذاً كُوني حاملاً بالنَّبيِّ الذي تَدعينَهُ يَسوعَ، وتَمنَعينَ عنهُ الخَمرَ والمُسكِرَ وكُلَّ لَحمٍ نَجسٍ([7])، فالطِّفلُ قُدّوسُ الله«.  فرَكَعَتْ مريَمُ باتِّضاعٍ قائِلَةً: »ها أنا ذي أمَةُ الله، فليَتِمَّ الأمرُ بحَسبِ كَلِمَتِكَ«.

([1]) في هامش المخطوط باللّغة العربيّة: »سورة الأنذل جبرائل«.
([2]) الأسباط الاثنا عشر هم أبناء النّبي يَعقوب (عليه السلام) بن إسحاق بن سيّدنا إبراهيم (عليه السلام)، سوف نذكرهم أدناه في الحاشية بالفصل 187.  وأحد هؤلاء الأسباط كان يَهوداه، الذي منه ينحدر كلٌّ من مريم العذراء (عليها السّلام) وزوجها يوسف.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »أنزل جبرئل على مريَم«.  واسمه في التُّراث الإسلامي: جِبـريل.  والتّسمية آراميّة مَحضة: גבראיל (جبرايل) أي: رَجُل الله.
([4]) التحيّة بصيغتها الرّاهنة تعبير قياسي بمَبناه في الآراميّة אלהא עמך (ألوهو عمخ) والعبريّة: עמך אל.
     وما زالت العبارة تُستخدم بحرفيّتها في لبنان (بعاميّته العربيّة المَشوبة بكنعانيّة السّاحل): »الله مَعَك، الله مَعكُن«، للسّلام في حال الإقبال (لا المُفارقة كما في سوريا).
([5]) في الهامش بالعربيّة: »الله قدير«، ثم: »قالت مريم أنا أعلم الله على كل شيء قدير«.
([6]) حول هاتين الفقرتين، قابل خاصّة على إنجيل لوقا - 1: 28-37.
([7]) سِفر القُضاة - 18: 4، 7؛ وقابل على إنجيل لوقا - 1: 15.
 
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
تتمة الفصل الأول    كن أول من يقيّم
 
فانصَرَفَ المَلاكُ، أمّا العَذراءُ فمَجَّدَت الرَّبَّ قائِلَةً: »فلتُدرِكي يا نَفسُ عَظَمَة الإلَه، ولتَفخَري يا رُوحُ باللهِ مُخَلِّصي([1])، حيثُ نَظَرَ إلى ضِعَةِ أمَتِهِ، بحيثُ ستَدعوني الأممُ بأسرِها مُبارَكةً، لأنَّهُ هو القديرُ قد صَيَّرَني رفيعةَ القَدرِ.  فتَبارَكَ اسمُهُ القُدّوسُ، لأنَّ رَحمَتَهُ تَدومُ من جيلٍ إلى جيل من العُبّاد الذينَ يتّقونَهُ.  مَن جَعَلَ }46{ يَدَهُ قويَّةً قادِرةً وبَدَّدَ المُتكَبِّرَ المَزهوَّ بقَلبِه.  ومَن أنزَلَ الجَبابِرة عن كَراسيهم، وأعَزَّ المُستَضعَفين.  مَن غَمَرَ بالخَيراتِ الجائِعَ المحرومَ، وصَرَفَ الغنيَّ بلا طائِلٍ صِفرَ اليَدَين.  لأنَّهُ يذكُرُ في نَفسِهِ الوعودَ التي قَطَعَها لإبراهيمَ ولابنِهِ دائماً وأبَداً«.
*  *  *


([1]) في هامش المخطوط باللّغة العربيّة: »الله عظيم وحافيظ«.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الثاني    كن أول من يقيّم
 
الفصل الثّاني
إعلام الملاك جبرائيل ليوسف بحَبَل العذراء مريَم
فلَمّا كانَت مريَمُ عَرفتْ مشيئةَ اللهِ، وخَشيَتْ من أن يَنقِمَ النّاسُ عليها إذ يجِدونَها حُبلى فيَرجِمونها كمَن ارتَكَب مَعصيةَ الزِّنا، اتَّخَذَت لنَفسِها زَوجاً مِن عَشيرَتها، رَجُلاً يُدعى يُوسِف، نَقيَّ السَّريرةِ صالِحاً، إذ كانَ بارّاً يَتَّقي اللهَ ويعبُدُه بالصّيامِ والصَّلاة، ويَتَقَوَّتُ من عَمَلِ يَدَيهِ فقد كانَ نَجّاراً.  فلمّا كانت العَذراءُ تعرِفُ خِصالَ هذا الرَّجُل فلقد اتَّخَذَتْهُ لنَفسِها زَوجاً، وكاشَفَتْهُ بالإلهامِ الإلهيّ ]الذي تَنَزَّلَ عليها[.
فلمّا كانَ يوسِفُ رَجُلاً صالِحاً ودَريَ بأنَّ مريَم كانَت حامِلاً بطِفلٍ عَزَمَ على انتِباذِها }47{ إذ كانَ يَتَّقي الله.  ]ولكنَّه[ بينَما كانَ نائماً إذا بمَلاكِ الرَّبِّ يُؤنِّبُهُ قائلاً: »يا يُوسِف، بِمَ عَزَمتَ على انتِباذِ امرأتِكَ مريَم؟  اعلَم أنَّ ما تَكَوَّنَ فيها إنَّما كان بمَشيئَةِ اللهِ.  وسَتَلِدُ العَذراءُ([1]) ابناً فتَدعوهُ يَسوع، وتَمنَعُ عنهُ الخَمرَ والمُسكِرَ وكُلَّ لَحمٍ نَجِسٍ، لأنَّهُ قُدّوسُ اللهِ من رَحِمِ أُمِّه.
»إنَّهُ لَنَبيٌّ من اللهِ مُرسَلٌ([2]) إلى بَني إسرائيلَ([3]) ليَرُدَّ يَهوداه إلى جَنانِه، ولكي يسيرَ بَنو إسرائيل في شَريعَة الرَّبِّ، كما هو مَكتوبٌ في شَريعَةِ مُوسى([4]).  وسيأتي بسُلطانٍ عَظيم يَهَبُهُ لهُ اللهُ([5])، ويعملُ آياتٍ باهِرةً تؤدّي إلى خَلاصِ كثيرٍ من النّاس«.  فلمّا قامَ يوسِفُ من رُقادِهِ شَكَرَ اللهَ، وأقامَ مع مريَم حياتَهُ بأسرِها، عابِداً([6]) اللهَ بكُلِّ إخلاص.
*  *  *


([1]) من جملة الانتقادات على إنجيل بارْنَبا أن لقب »العَذراء« لم يُستخدم للإشارة إلى مريَم إلا منذ القرن الرّابع الميلادي، فكيف يصحّ وروده في نصّ يُفترض أنه من القرن الأول؟  قلنا: واضح أن المُنكر لم يقرأ في إنجيل متّى: »لكي يتمّ ما قيل من الرَّب بالنبيّ القائل: هو ذا العذراء تحبل، وتلد ابناً ويدعون اسمه عمّانوئيل«، النّص من سفر يَشَعياه (7: 14)، وعبارته العبريّة עלמה (عَلماه) تعني: بنت، ولكن عندما تُرجمت باليونانيّة في إنجيل متّى: parqenoV (پارثينوس)، جُزم معناها اللغوي العُرفي: عذراء.
([2]) في هامش المخطوط باللّغة العربيّة: »الله مرسل«.
([3]) لا ريبَ أن يسوع واحدٌ من أنبياء بني إسرائيل الأواخر، أرسله الله ليثنيهم عن طغيانهم المُستفحِل، كما أرسل قبله الأنبياء المُنذرين الاثني عشر.  قارن مع إنجيل مَتّى (15: 21): »لم أُرسل إلاّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة«. ولكن الفارق في سيرته أمرٌ هامٌّ للغاية: أنّه كُلِّفَ بمُجابهة »الشريعة الشِّفاهيّة«، وبالتّمهيد لبعثة سيّدنا محمّد (ص).
([4]) هذا السّطر قد يمرّ عليه القارئ دون اكتراث، لكنه يحمل أحد أهمّ محاور بعثة المسيح (عليه السلام) وهو: الاعتراف التّام بشريعة الله المُنزلة على سيّدنا مُوسى (عليه السلام)، وعدم إلغائها وتهديم أركانها (كما فعل تيّار الپولينيّة فيما بعد)، انظر إقراره الجازم حول »الشّريعة والأنبياء« بإنجيل متّى - 5: 17-19.  وهذا هو الفارق الجذري الذي يؤطّره إنجيل بارْنَبا: تفكيك خيوط الصّراع بين تيّارَي الكنيسة الأوّلين: التّوحيدي والأممي.
([5]) في هامش المخطوط باللّغة العربيّة: »الله معطي«.
([6]) كثيراً ما يستخدم التراجمة (ومنهم سعادة) عبارة: يخدم الله، في ترجمة العبارة الشائعة بالإنكليزيّة: to serve God، وهذا غلط، لأن العبارة تعني أيضاً: يعبد الله.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
افصل الثالث    كن أول من يقيّم
 
الفصل الثّالث
الولادة العجيبة ليسوع وظهور الملائكة مُمجّدين الله
وكانَ يحكُمُ اليَهوديَّة في ذلكَ الزَّمان المَلِكُ هِيْرُود([1])، بأمرٍ من القَيصَر أَوجُسطُس([2])، وكانَ پيلاطُس حاكِماً }48{ في زَمَن الرِّئاسَة الكَهَنوتيّة الكُبرى لحَنَان وقَيافا([3]).


([1]) هيرود (هيرودِس Herodes) ابن أنتيباتر الإدومي، تربّى في بلاط يوحنّا هِرقانوس الثاني (63-40 ق.م)، ونال عام 40 ق.م في روما منصب ملك اليهوديّة، فدخل القدس عام 37 ق.م، وبقي بها ملكاً حتى مماته عام 4 ق.م.  قابل على إنجيل لوقا - 2: 4.
([2]) الإمبراطور آوجُسطُس قَيصَر  Augustus Caesar، اسمه الأصلي جايوس يوليوس قيصر أوكتاڨيانوس، أوّل أباطرة روما (حكم 27 ق.م - 14 م)، حفيد أخت يوليوس قيصر، تبنّاه (عام 45 ق.م) ابناً ووريثاً في الحكم لما رآه عليه من مخايل النّجابة، ولدى اغتيال قيصر عام 44 ق.م تولّى حكم إيطاليا، وتحالف أولاً مع ماركوس أنطونيوس، ثم دبّ بينهما نزاع طويل انتهى بهزيمة الأخير مع كليوپاترا في معركة أكسيوم عام 31 ق.م ليغدو خصمُه بعدها سيّد العالم الرّوماني بلا مُنازع.  خَلَفه طيبيريوس 14-37 م.
([3]) هنا يكتنف عبارة بارْنَبا غموض، فهل يقصد أن يقول إنَّ پيلاطُس كان بالمُطلَق مُعاصِراً للكاهنين الأكبرين حَنان وقَيافا فحسب، أم يريد أنّه كان حاكماً إبّان ولادة يسوع أيضاً؟  لا ريب أنّ التّسلسل الزّمني لديه لم يكن مؤكّداً، لأنّه غالباً لم يكن في فلسطين أيّام مولد يسوع وفُتوَّتِه، فكان بالظَنّ فيما يخصّ هذه الفترة الأولى من أخباره ناقلاً عن سواه (إنما لا ندري عمّن نقل).  فپيلاطُس لم يكن آنذاك حاكماً رومانياً procurator على مُقاطعة اليهوديّة Iudæa  بل لاحقاً، وللمقارنة نراجع ما يرد في إنجيل لوقا (3: 1-2):
     »في السّنة الخامسة عشرة من حُكم القيصر طيباريوس، إذ كانَ بُنطيوس بيلاطُس حاكمَ اليَهوديّة، وهيرودُس أميرَ الرُّبْع على الجَليل، وفيلِبُّس أخوهُ أميرَ الرُّبْع على ناحية إيطورية وطراخونيطِس، وليسانياس أميرَ الرُّبْع على أبيلينة، وحَنان وقَيافا عظيميْ الكَهَنة، كانت كلمةُ الله إلى يوحَنّا بن زكريّا في البَرّيّة«.
     نقول: أولاً يذكر لوقا طيباريوس، فهذا ولي الحُكم في روما سنة 14 م ومعنى ذلك أنّ ما يرويه كان سنة 29 م، فهذا يصحّ على اعتبار أن حُكم پيلاطُس كان بين 26-36 م كما هو مُثبت تاريخياً دون جِدال.  ثانياً، يعدّ النُّقّاد أن هذا الغموض من بارْنَبا بمثابة الدّليل الشّافي والوافي على كونه مزوّراً.  لكن هل كان الرّجل نبيّاً أم يكتب عن وحي مُنزل؟  من المعروف عنه أنّه ليويّ قُبرُصيّ ولم يكن مُقيماً بفلسطين غالباً إبّان مولد يسوع، حتى أنّنا لسنا ندري متى كان مولده، ولعلّه كان لم يولَد بعد!  فكيف يُتوقّع منه معرفة كلّ شيء؟  ثمّ هل لدينا زُمرة مخطوطات أخرى من إنجيله، كي نجزم أن السّقط لم يكن من النُّسّاخ؟  نقول ذلك على اعتبار أن المخطوطة الإسپانية منقولة عن أصل إيطالي.
     سنأتي هنا بمثالٍ حيّ مُشابه: يومَ نشرنا كتاب »النَّوادِر السُّلطانيّة والمَحاسِن اليوسُفيَّة« للقاضي بهاء الدّين ابن شَدّاد، ذكرنا أنّه أحسن مصدر عن السّلطان النّاصر صلاح الدّين يوسف ابن أيّوب في السنوات الخمس الأخيرة من حياته، لكون ابن شَدّاد مُلازماً له فيها يوماً بيوم.  أمّا في أيّة واقعة قبل عام 584 هـ (بما فيها وقعة حطّين) فروايته تأتي بمرتبة ثانويّة لكونه ناقلاً، وكان أصلاً يعيش في المُوصل لا في بلاد الشّام.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
تتمة الفصل الثالث    كن أول من يقيّم
 
]ففي ذلكَ الزَّمان[ حسبَ أمر آوجُسطُس([1])، تمَّ اكتِتابُ العالَمِ بأسرِهِ ]في إحصاءٍ[، فتوجَّهَ كلُّ إنسانٍ إلى مَوطِنِهِ وقَدَّموا أنفُسَهُم بحسب أسباطِهم لكي يتُمَّ اكتِتابُهُم.  وعلى ذلكَ، سافَرَ يُوسِفُ من النّاصِرة، إحدى مُدُنِ الجَليل، مع امرأتِهِ مريَم وهي حُبلى، للتَّوَجُّه إلى بيتْ لِحِم([2]) - لأنّها كانت مدينَتَهُ، وكانَ هو من نَسلِ داود - لكي يُكتَتَبَ بحسبِ مَرسومِ قَيْصَر.
فلمّا وَصَلَ يُوسِف إلى بيْتْ لِحِم، لم يعثُر فيها على مَكانٍ ]يأوي إليه[ إذْ أنَّ المدينةَ كانت صغيرةً وحَشدُ الجَماهير كانَ هائلاً.  فنَزَلَ لذلكَ بظاهِرِ المدينة في نُزُلٍ يُتَّخَذُ مأوىً للرُّعاة.  وبينما أقامَ يُوسِفُ هُناك، تَمَّت أيّامُ مريَمَ لتَضَعَ ]طفلَها[.
فأحاقَ بالعَذراءِ نورٌ شديدُ التَّألُّق، ووَلَدَت ابنَها بغَيرِ ألَم([3])، واحتَمَلَتهُ على ذِراعيها، فلَفَّتْهُ بأقمِطَةٍ ووَضَعَتهُ في المِذْوَد، حيثُ لم يكُن ثَمَّةَ مكانٌ في النُّزُل.  فحَضَرَ جمعٌ غَفيرٌ من الملائِكة إلى النُّزُل مُستَبشرين }49{ يُسَبِّحونَ ويُبَشِّرونَ بالسَّلامِ مَن يَتَّقي اللهَ.  فحَمِِدَت مريَمُ ويُوسِفُ الرَّبَّ على ولادة يَسوع، وقاما على تربيَتِهِ بفَرَحٍ عظيم.
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل لوقا - 2: 1-7.
([2]) الاسم بالآراميّة: בית לחם: »بيت الخُبز«، وفي العبريّة أيضاً: בית לחם (بيتْ لِحِم)، فدخل العربيّة وباقي اللغات بهذه الصّيغة، لكنّنا لم نكتُبه (بَيْتَ لَحْم) كالصّيغة المُتداولة هذا لأنّ (بيت) بالآراميّة تُنطَق بكسرة مُمالة للباء وبتسكين التاء، أما إن فتحنا لام (لحم) وسكّنا حاءها فقد يلتبس معناها بكلمة (لحم) العربيّة.
     وتقع بيت لحم إلى الجنوب من القُدس، ضمن مُقاطعة اليَهوديّة.
([3]) هذا لا يتّفق مع قرآننا الكريم (وكذلك لا ذكر لكلامه في المهد)، ممّا يدلّ بجلاء على عدم كون إنجيل بارْنَبا موضوعاً بنتيجة عمل توفيقي لصالح الإسلام!
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الرابع    كن أول من يقيّم
 
الفصل الرّابع
الملائكة يبشّرون الرُّعاة بميلاد يسوع، وهؤلاء بعد رؤيته يُبشّرون به
في ذلكَ الحين، كانَ الرُّعاةُ يُعنَونَ برعايَة قطيعِهم([1]) على حسب عادَتِهم.  وإذا بنُورٍ مُتألِّقٍ يَحُفُّ بِهِم، ويَظهَرُ من خِلالِه مَلاكٌ يُسَبِّحُ اللهَ.  فمُلِئَ الرُّعاةُ بالرُّعْبِ بسبب النُّورِ المُفاجِئ وظُهور المَلاك، فما كانَ من مَلاكِ الرَّبِّ إلاّ أن سَكَّنَ من رَوعِهِم قائلاً: »ها أنا مُبَشِّرُكُم بسَعدٍ عَظيم، لأنَّهُ قد وُلِدَ في مَدينَةِ داود طِفلٌ هو نَبيٌّ للرَّبِّ، يأتي لبيتِ إسرائيلَ بخَلاصٍ عَظيم.  وهذا الطِّفلُ تَجِدونَهُ في المِذْوَد، ومعهُ أُمُّهُ التي تُسَبِّحُ اللهَ«.  وما إن قالَ هذا الكلامَ حتى حَضَرَ حَشْدٌ غَفيرٌ }50{ من المَلائِكة يُسَبِّحونَ اللهَ ويُبَشِّرونَ الأخيارَ بسَلام([2]).
ولمّا انصَرَفَت الملائِكةُ، تكَلَّمَ الرُّعاةُ بينَ بعضِهِم فقالوا: »لِنَذهَبْ حَقّاً إلى بيتْ لِحِم ونُبصِرْ الكَلمة([3]) التي كَلَّمَنا بها اللهُ على لِسانِ مَلاكِه«.  فجاءَ كثيرٌ من الرُّعاةِ إلى بيتْ لِحِم يطلُبونَ الوليدَ، فألفوا بظاهِرِ المدينةِ الطِفلَ الوَليدَ حسبَ كَلِمةِ المَلاكِ مُضطَجِعاً في المِذْوَد.  فما كانَ منهُم إلاّ أن سَجَدوا لهُ([4])، وقَدَّموا للأُمِ ما كانَ مَعَهُم([5])، وأخبروها بما سَمِعوا وما رأوا.
وكانَ أن أسَرَّتْ مريَمُ هذهِ الأمورَ كلَّها في قَلبِها، ويُوسِفُُُ ]أيضاً[، شاكِرينَ اللهَ.  وأمّا الرُّعاةُ فعادوا إلى قَطيعِهم، وراحوا يُخبِرونَ النّاسَ أجمَعَ بالأمرِ الجَلَلِ الذي شَهِدوهُ.  فارتاعَتْ جِبالُ اليَهوديّةِ بأسرِها، ووَقَرَ في لُبِّ كلِّ إنسانٍ هذهِ العِبارة([6]): »ما يكونُ مِن شأنِ هذا الطِّفلِ يا تُرى؟«.
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل لوقا - 2: 8-19.
([2]) قابل على إنجيل لوقا - 2: 14.
([3]) قابل على إنجيل لوقا - 2: 15.
([4]) لو كان كاتب هذا الإنجيل مُسلماً من القرون الوسطى - كما ادَّعوا - لما جسر أن يكتب هذه العبارة الثّقيلة للغاية في ميزان التّوحيد الإسلامي الصّارم، لا يمكن أبداً!
([5]) قابل على إنجيل متّى - 2: 11.
([6]) قابل على إنجيل لوقا - 1: 65، 61.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
الفصل الخامس    كن أول من يقيّم
 
الفصل الخامس
خِتان يَسوع
فلمّا تمَّت الأيّامُ الثَّمانية([1]) حسبَ شَريعةِ الرَّبِّ، كما هو مكتوبٌ في سِفرِ }51{ مُوسى([2])، أخذوا الطِّفلَ واحتَمَلوهُ إلى الهَيكَل ليَختِنوهُ.  فخَتَنوا الطِّفلَ وسمّوهُ يَسوع([3])، كما كانَ ملاكُ الرَّبِّ قد قالَ من قبلِ أن يُقَرَّ بهِ في الرَّحِم.  وأدرَكَ كلٌّ من مريَم ويُوسِف أنَّ الطِّفلَ([4]) مُكَرَّسٌ لأجل خَلاصِ وهَلاكِ الكثيرين، لذلكَ استقاما على تقوى الله ورَبّيا الطِّفلَ بكُلِّ إخلاصٍ ومَبَرَّة.
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل لوقا - 2: 21-22.
([2]) سفر اللّيويّين - 12: 3.
([3]) الاسم بالعبريّة: »يَهوشُوَع« יהושע، ومعناه: الله يُخَلّص.
([4]) قابل على إنجيل متّى - 2: 9.
*أحمد
14 - نوفمبر - 2007
 6  7  8  9  10