البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : عجالة في تاريخ الزجل والزجالة    كن أول من يقيّم
 طه أحمد 
27 - مايو - 2007
                      عُجَالَة في تَارِيخِ الزَّجَلِ والزَّجَّالَة
 
 
وله محاسن كلهـن بـدائع
 
وله جموع فرقت وطرائق
فكأنه الثوب المجندر طرقه
 
لا تستقيم وفيه معنى رائق
                                                             عِزُّ الدِّينِ الموصِلِي
 
باسمه تعالى
 
الزَّجلُ من مُخترَعاتِ المغَاربة, وهو معدودٌ في آدابِ العامَّة كالمواليا أو المواويل, والشِّعر البدويِّ في الأقطار العربيَّة, والموشحِ المَلحونِ في اليمن, والمُوهُوب وعروضِ البلد عند أهلِ الأمصار بالمغرب, والكان وكان, والقوما والحماق (وهذه الثلاثة من فروع الزجل), وغيرها...ونتفٌ منه بقدرها في الأدب والكلام, كالملح في الطعام, وقد يستريح المرء إليه من معاناة الفصيح, ومعالجة الكلام الصحيح.
 قال الوزيرُ لسانُ الدين بنُ الخطيب في الاحاطة في وصفه الزجل: ’’وهذه الطريقة بديعة يتحكم فيها ألقاب البديع, وتنفسح لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر’’. اهـ
 
أصلُ تَسميةِ الزَّجَل وذِكرُ أقسَامِه:
والزجَل بالتحريك: اللعب والجلبة ورفع الصوت وخص به التطريب, ولسيبويه:
 له زجل كأنه صوت حاد   إذا طلب الوسيقة أو زمير
وقال ابن حِجَّة في رسالته النفيسة بلوغ الأمل في فن الزجل  انظرها في الوراق: ’’وإنما سمي هذا الفن زجلاً لأنه لا يلتذ به و تفهم مقاطع أوزانه حتى يغنى به ويصوت’’.اهـ
وله عندهم أربعة أسماء بحسب الموضوع المطروق, والمضمون المفهوم, لا بالأوزان واللزوم كما قرر ذلك ابن حجة: فلقبوا ما تضمن الخمري والزهري زجلاً, وما تضمن الهزل والخلاعة بليقاً, وما تضمن الهجاء والثلب قرقياً, وما تضمن المواعظ والحكمة مكفراً وهو مشتق من تكفير الذنوب, وأطلقوا على كل ما أعرب بعض ألفاظه من هذه الأربعة مزنماً. وقد ذكر شاعرنا الأستاذ أبو الفداء زهير ظاظا في بطاقة التعريف بكتاب ابن حجة على الوراق نقلاً عن كتاب العاطل والحالي والمرخص والغالي للصفي الحلي أنهم غالباً ما كانوا يختمون جلسات البليق بالمكفر لأنه يكفر الذنوب.
بيد أنني وجدت رأياً لأبي عبد الله التنوخي صاحب كتاب الأقصى القريب في كلامه على الموشحات والأزجال نقله عنه الرَّافعي في تاريخه يذهب فيه إلى أسباب أخرى لهذه التسميات قال:’’ ومنها قرقيات المصريين وبليقاتهم، والفرق بينهما وبين الزجل أن الزجل متى جاء فيه الكلام المعرب كان معيباً، والبليقة ليست كذلك، فيجيء فيها المعرب وغير المعرب، ولذلك سميت بليقة، من البلق، وهو اختلاف اللون، وتفارق البليقة القرقية في أن البليقة لا تزيد على خمس حشوات غالباً، وقد تنتهي إلى السبع قليلاً، والقرقية تزيد كثيراً على حكم الزجل في ذلك، وسميت القرقية كذلك من القرقة وهي لعبة يلعب بها صبيان الأعراب، وهذه اللعبة سماها صاحب القاموس: القرق، ووصفها ورسمت خطوطها في تاج العروس، فانظرها هناك’’. اهـ
ومنه تعلم أيضاً أن هذه التسميات مما استحدثه المشارقة واخترعوه. 
 تابع..
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
عجالة في تاريخ الزجل والزجالة 11    كن أول من يقيّم
 
ـومنهم دفين حماة حرسها الله عليُّ بن مقاتل الحموي(674- 761) أشهرُ الزجَّالة المشارقة وإليه انتهى هذا الفن في زمنه قال الصفدي في ترجمته من أعيان العصر وأعوان النصر:’’ وله شعر أيضاً إلا إنه في ذاك أمهر(أي الزجل)، وأزجاله أشهى إلى القلوب وأشهر’’ اهـ, أما أزجاله فقد سارت بها الرُّكبان, ودارت على كل لسان, وخضع لها أهل المشرق والمغرب جميعاً, وهي في ديوانٍ مفرد في مجلدين (انظر الدرر الكامنة لابن حجر), وفيه أيضاً هذا الخبر:’’ بلغني أن ابن نباتة والصفي الحلي اجتمعا عند المؤيد صاحب حماة فدخل عليه ابن مقاتل فأنشده زجلاً قال فيه التزام أمور كثيرة, وهو في نهاية الانسجام, وجاء في آخره ملحون بألف معرب فالتفت ابن نباتة إلى الصفي فقال الشيخ صفي الدين ملحون بألف معرب’’.اهـ
قلت: والزجل الذي أنشده ابن مقاتل بحضرة الملك المؤيد أثبته الصفدي في أعيان النصر وأعوان العصر, وهذه قطعة منه :
روض بالحيا مبـرقـع
 
عليه سياج معـقـرب
كم خصم في المقـاتـل
 
صابو ابـن مـقـاتـل
وكم ذا في المحـافـل
 
قد أنشا غصن حـافـل
من كل بيت في مربـع
 
ملحون بألف معـرب
 
ومن أزجاله البديعة هذه القطعة:
دي الذي وصالو عمري نرتجـي
 
ما ندري في عشقو لمن نلتجـي
وعد يوم الاثنين لعـنـدي يجـي
 
راح اثنين في اثنين وما ريت أحد
وهذه أخرى مشرقة مونقة:
قلت هبني يا ذا الألـمـا
 
قبله في الجيد المسمـى
قال بروحك قلت مهمـا
 
سمتني في الجيد ما يغلا
 
ـومنهم رَسيلُهُ الأستاذ شهابُ الدِّين أحمدُ بنُ عثمانَ الأمشَاطِي(ت 725) وكان قيم الشام في وقته في الأزجال والبلاليق ونحو ذلك.(الدرر الكامنة) ومن أزجاله المشتهرة:
 
يا قلبي الهوى طيعو وطيع مـا أمـر
 
وعصي من رجع لك في المحبة يلوم
ون كان من تحبو بعد وصلو هـجـر
 
كن صابر فـلا ذاك دام ولا ذا يدوم
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
عجالة في تاريخ الزجل والزجالة 12    كن أول من يقيّم
 
ـومنهم العلامةُ الشاعر الأديبُ أبو المحاسن صَفِيُّ الدين الحلي (678-750) قال فيه أبو محمد الحسن بن حبيب: ’’ شاعر المشرق، ورحالة المشيم والمعرق، تقدم على كثير من الأول، وبين تقصير أرباب السبع الطول، وبرع في فنون الأدب، وجمع أشتات أقوال العرب، وسار في الأقطار ذكره، واشتهر في الأمصار نظمه ونثره، وكان حسن الأخلاق، مديد الأوراق، جميل المحاضرة, بديع المحاورة، ذا نسب ورئاسة، وكسب وحماسة, وفضائل عديدة, ومصنفات مفيدة، رحل إلى البلاد والبقاع، وخالط أهل الصغار والنزاع، وارتفع بحسن السلوك، واجتمع بالأكابر والملوك، وأظهر أسرار ما لديه من حقائق الدقائق، فقيل له إن المغارب أصبحت حواسد {على} ما نالت منك المشارق.’’ اهـ (انظر المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي) لابن تغري بردي.
ومن أزجاله التي أوردها له ابن حِجَّة الحموي في بلوغ الأمل:
مااجتمعنا تا أقول كـنـا
 
وازعق فينا غراب البين
أو أقول عين ضد صابتنا
 
بعد ما كنت قرير العين
ـومنهم الشَّيخ جمالُ الدين بن نباتة المصري (676-768) وكان مبرزاً في البيان, أديباً شاعراً حُلوَ الكلام, وله زجلٌ سالِمٌ من العيوب التي تعلَّقتْ بأزجال من تقدَّمه, إلا أنه لم ينظم غير زجل واحد عارض به كمال الدين بن النبيه ومطلعه:
لي حبيب ماعو عوينـات
 
ذاب نقول في عشقا إلحق
وقت نبصرها نـواعـس
 
نبكي طول الليل ونقلـق
يا قلق جفني بـكـاتـب
 
حسنـو نـدرا وي نـدرا
وقعت عينـه لـعـينـي
 
بدموع في الحب تجـرا
فالنظر توقيعـو ثـابـت
 
بقلوب عشـاقـو يقـرا
وحواشي خـدو ريحـان
 
هذا هو الموت المحقـق
ولكنَّ رُتْبَتهُ في نظمِ الزجل سافلةٌ كما قال ابن حجة في البلوغ- بالنسبة إلى علو مقام مناظيمه في الشعر والموشح.
ـومنهم  العلاَّمةُ عليُّ بنُ الحسين عزُّ الدين الموصلي (ت789)  شاعرٌ أديب قال ابن حجر في ترجمته من الدرر الكامنة:’’ نزيل دمشق, مَهَرَ في النَّظم وجلس مع الشهود بدمشق تحت الساعات, وأقام بحلب مدَّةً, وجمع ديوان شعره في مجلَّدٍ, وله البديعِيَّةُ المشهورة, قصيدةٌ نبويةٌ عارض بها بديعيةَ الصفي الحلي, وزاد عليه أن التزم أن يودع كل بيت اسم النوع البديعي بطريق التورية أو الاستخدام, وشرحها في مجلدة واحدة, وله أخرى لامية على وزن بانت سعاد’’.اهـ
وله هذه القطعة:
يا صباح الخير والـخـيره
 
صبحتني طلعة المحبـوب
حن رأيت وجهو السعيد مقبل
 
قلت هذا غاية المطـلـوب
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
عجالة في تاريخ الزجل والزجالة 13    كن أول من يقيّم
 
ـومنهم قيم مصر خلفُ بن الغباري, أورد له ابن حجة في بلوغ الأمل مقطوعةً منها:
الحمد لله الـحـمـيد الـمـجـيد
 
قادر ومعلا قدر مـن مـجـدو
مقصود وموجود في العدم والوجود
 
في السر والجهر أقصدو توجـدو
ولعل خلفاً هذا هو المقصود بقول الرَّافعي في تاريخ آداب العرب:’’ وأشهر نوابغ المصريين في الأزجال من المتقدمين، الغباري الذي نبغ في عهد السلطان حسن، فإن له أزجالاً بعيدة الشهرة بما فيها من دقة الصنعة, وإبداع المعاني, وكثرة التفنن’’.اهـ والسلطان حسن المذكور من أعيان القرن الثامن.
ـومنهم تقيُّ الدين أبو بكر بن حِجَّة الحموي(767-837) رأسُ أدباءِ عصره, وهو صاحبُ بلوغ الأمل في فن الزجل الذي أكثرنا النقل عنه في هذه العجالة, وخزانة الأدب وغيرهما من المؤلفات الماتعة, وكان ذاهباً بنفسه, ضنيناً بشعره, يرى غالب شعراء زمانه كآحاد تلامذته, فهجوه بمقاطيع مُقذعةٍ, وصنَّف فيه شمس الدين النَّواجي -وكان مختصا بصحبته أول الأمر- رسالةً سماها الحُجَّة في سرقات ابن حِجَّة(5) وقد رأيتُ نسخةً مخطوطةً منها في موقع الخزانة الأزهرية على الشَّبكة العالمية. وجاء في ترجمته من الضوء اللامع للحافظ السخاوي: ’’تقدم في عمل الأزجال والمواليا ثم أقبل على نظم القصيد ومدح أعيان بلده.’’ اهـ
ومن أزجاله هذه القطعة:
شكيت لسـاقـو حـالـتـي
 
وقلت لو كـم ذا الـجـفـا
أظهر لي وجهين وانثـنـى
 
وخلف لي عرقوب في الوفا
ناديت وقد أمسـيت فـقـير
 
إليه نريد منـو الـصـفـا
ما هو فقيري في الطـريق
 
يا جاعل الـسـادات خـدم
تمشي بوجـهـين بـينـنـا
 
والناس تقول صاحب قـدم
ـومنهم شيخُهُ قاضي القضاة عمادُ الدين إسماعيل بن القضامي وله :
 
لولا أنت يا حاجبو تحجبـنـي
 
ماذا ورد سايل دموعي محروم
ولولا أنت يا قـوامـوا عـادل
 
قتلتني من زمان فيه مظلـوم
ولولا أنت يا عـذارو نـمـام
 
بثيت إليك سر حالي المكتـوم
ولولا أنك ياردفـو مـثـقـل
 
بحمل شوقي إليه ثـقـلـتـك
ولولا أنك يا جفنو مـكـسـور
 
لكنت دين الوصال كفـلـتـك
وقد أعجب بهذه القطعة ابن حِجَّة أيما إعجاب فقال في وصفها: ’’انظر أيها المتأمل إلى هذه الجزالة والرقة والسهولة مع إطلاق أعنة التورية واجتناب العيوب المنهي عنها في نظم الزجل’’.اهـ(بلوغ الأمل).
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
عجالة في تاريخ الزجل والزجالة14    كن أول من يقيّم
 
ـومنهم ابن حُطَيْبة عليُّ بن عبد الرحمن السكندري(780- بعد840) قال الحافظ السخَّاوي في ترجمته من الضوء اللامع :
'' ولد سنة ثمانين وسبعمائة تقريباً بثغر الإسكندرية وقرأ بها القرآن, وصلى به, فلما توفي أبوه أخذ عنه البوابة, فاشتغل بها, وعني بالشعر فأتقن الزجل, وقدم عليهم التَّقي بنُ حجة في دولة المؤيد, فاجتمع به, وأخذ عنه, واستفاد منه, وأثنى عليه في الزجل، وحج مرتين الأولى قبل القرن وتردد إلى القاهرة واجتمع بشيخنا ومدحه بزجل ومن نظمه مما كتبه عنه البقاعي في سنة ثمان وثلاثين قصيدة مطلعها:
في مرتع القلب غزلان النقا رتعـت
  
وقطعت من حشاشات الحشا ورعت
ومات بعد سنة أربعين.'' اهـ
ومنهم أيضاً ممن عاصروا ابن حجة وجاء ذكرهم في كتابه بلوغ الأمل:
ـ محمد بن قيس قيم حلب
ـ الأستاذ شمس الدين محمد الأعرج قيم الديار المصرية, ويعجبني قوله في مطلع من أزجاله:
يا طلعة الـهـلال
 
لا تكشف اللـثـام
تفطر الـقـلـوب
 
في شهر ذا الصيام
ومن مطالعه البديعة أيضاً:
وجه المشرقـية
 
بالأنوار مبرقـع
قمر هي والأقمار
 
من الشرق تطلع
- أحمد القماح راجح رجاح مصر وله :
كف الظلام أرخى على وجه الليل
 
شعرية سودا وكحلـو دون مـرود
وبدى المصباح من بين جفونو يغسل
 
بما الضيا كحل الظـلام الأسـود
ـ علي النجار قيم الشام وله :
جا سهدي سرق منامـي
 
راح باعوا بيع المسامح
وآش قلتو أنه خسر فـيه
 
كيف ما باع اللص رابح
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
عجالة في تاريخ الزجل والزجالة15    كن أول من يقيّم
 
ـ شمس الدين محمد بن الطراح قيم الشام أيضاً على هذه الطريقة الزجلية وله هذا البيت من بعض أزجاله:
شدة ما تـدوم
 
يا بني لا تسوم
إن العسر شوم
 
والسماح رباح
وقد حوى هذا البيت ثلاثة أمثال سيارة.
ـ ومنهم قيم الشام أحمد بن العطار وله:
على قامة قدّك في ليل شعرك
 
أشرقت طلعتك وهي تـامـه
فعجبنا كيف ما يزول الظـلام
 
وادي شمس الضحى على قامه
ـ الشيخ برهان الدين ابراهيم المعمار نشأ بالديار المصرية, ’’ولم يكن يعد نفسه من فرسان العربية ولكن نبات الأدب الحلو كان مغروساً في طباعه’’ (بلوغ الأمل), وله أزجال ماتعة, ونقلوا عن الشيخ جمال الدين بن نباتة أنه قال: قطعنا المعمار بمقاطيعه.
ومن هذه المقاطيع قوله:
نيلنا أوفى وزاد بحمد اللـه
 
ذي الزيادة حديثها قد شاع
فرحوا الناس وعبس الخزان
 
بقا وجهو ذراع وقمحو باع
 
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
عجالة في تاريخ الزجل والزجالة16    كن أول من يقيّم
 
 
ـومن المتأخرين الأديب أبوبكر بن منصور العمري الدمشقي, ذكره المحبي في أعيان القرن الحادي عشر وقال في ترجمته:
’’وكان ينظم الموشح, والدوبيت, والزجل, والمواليا, والقوما, والكان وكان, وهو في كل فن منها سابقٌ لا يلحق, ومتقدمٌ لا يدرك, وكان في عنفوان شبابه كثير الرحلة, دائم النقلة, فجاب البلاد, ودخل الروم وبلاد الشرق, ورحل إلى مصر مرات عديدة, وأخباره كثيرة, ووقائعه عجيبة, وقد ذكره البديعي في ذكرى حبيب وما أنصفه فقال في وصفه:’’ تمتام تحسن من غيره كلامه, يعجم لسانه ما تعربه أقلامه’’, ويستخرج فكره من الشعر ما يضارع الروض المنمنم, فهو أشعر بني نوعه معلم يتكلم, وله من الزجل ما يحمد الغباري غباره, ومن جميع فنون الشعر ما يمدح أربابها فيه آثاره’’.اهـ
ـو منهم محمد الحباك القشاشي الذي كان على عهد محمد علي باشا, وصفه الرافعي برئيس العامة في هذا الفن لعهده, وله معارضات زجلية يعارض بها الغباري المذكور آنفا.
 
هذا ما وقفت عليه في هذه العجالة من أسماء الزجالين وتاريخ الزجل, ولم أطلب الاستقصاء والاستغراق, وبقي الكلام عن العيوب التي لا يجيزونها في هذا الفن, والألفاظ التي يتجنبونها وينهون عنها, وقد أحصاها كلها الأديب البارع ابن حجة الحموي في كتابه النفيس (بلوغ الأمل في فن الزجل), فانظرها هناك.
 
*بقي أن أنبِّه إلى أنَّ الزَّجلَ مادَّةٌ ملحونةٌ, ولغةٌ عاميةٌ, فهي إذن بسبيل الأعمال الزمنية, تتغير دائماً, وتتباين أبداً, ولا يمكن أن تستقرَّ ألفاظُها وأوضَاعُها على حالٍ واحدةٍ, بل لا بد فيها من التغيُّر جيلاً بعد جيل, ولذلك نجد في أزجال المتقدمين من الصِّيغ العامية والألفاظ البلدية ما يستغلق فهمه على أهل هذا الجيل فلا مأتى لحل لغزه, ويستبهم على من هم قبل ذاك الجيل فلا مَطمعَ لفك رمزه, واعتبر ذلك أيضاً في ما بين زجل المشرق والمغرب من الفروق, وكلما تطاول الزمن اتسعت تلك الخُروق, فالله يحفظ علينا الفُصحى نظماً ونثراً فهي القائمة على ما للِّسَان العربي من الحقوق.
 
والحمدُ للهِ أولاً وآخرا.
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
حاشية العجالة    كن أول من يقيّم
 
ـــــــــــــــــــ
1- قلتُ وتلحق بابن غزلة وابن راشد في التقدُّم أخت عبد المؤمن الأموي التي قتل بسبب التشبيب بها ابن غزلة المشار إليه. قال فيها ابن حجة في بلوغ الأمل: وكانت هي أيضاً جميلة الخلق فصيحة اللسان تنظم الأزجال الرائعة الفايقة.اهـ
2-انظر في مجلة المنهاج ج25 بحثاً لحسين الادريسي بعنوان:(المؤتلف والمختلف في الأدبين: الفارسي والمغربي الأندلسي).
3– كان قد لحنها سنة 1965 خالد الشيخ البحريني وغنَّاها كثيرون منهم الجميري, ورجاء الخليجية, وعبد المجيد عبد الله, وعبادي الجوهر وغيرهم. ولم أجد من غنَّاها من المطربين المغاربة وهم في ذلك كأدبائهم أزهد الناس في تراثهم. وهذا رابطٌ للاستماع إليها بصوت رجاء المذكورة : http://www.6rb.com/ar/file-18/html-432.shtml
وفي أدائهم لها اختلاف في بعض الألفاظ عما أورده منها ابن عجيبة وزيادات.
4- وفي تاريخ آداب العرب للرافعي في طبعة (دار الكتاب العربي) ونشرة (الوراق):’’ أبو عبد الله الألوسي’’ وهو خطأ والصحيح اللوشي.
5- قال السخاوي في معرض كلامه عن تحامل النواجي هذا على ابن حجة في السرقات المذكورة:’’ وعمل كتاباً سماه الحجة في سرقات ابن حجة وربما أنشأ الشيء مما نظمه التقي(أي تقي الدين بن حجة) وعزاه لبعض من سبقه؛ إلى غير ذلك مما تحامل عليه فيه، وقد جوزي على ذلك بعد دهر, فإن بعض الشُّعراء صنَّف كتاباً سماه قبح الأهاجي في النواجي جمع فيه هجو من دب ودرج, حتى من لم ينظم قبل ذلك, وأوصل إليه علمه بطريقة ظريفة فإنه: أمر بدفعه لدلال بسوق الكتب وهو جالس على عادته عند بعض التجار فدار به على أرباب الحوانيت حتى وصل إليه فأخذه وتأمله وعلم مضمونه ثم أعاده إلى الدلال وحينئذ استرجع من الدلال فكاد النواجي يهلك.’’ اهـ
 
*
   عُظْمُ مادةِ هذه العُجَالة ومراجعِها المذكورة مُستقاةٌ مما حَواهُ موقِع الوراقِ من التوَاليفِ التراثية.
 
 
*طه أحمد
27 - مايو - 2007
 1  2