البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : أبجديات الكتابه - جدليه النثر والشعر- اختراع الشعر الحر وأصالة الشعر العمودي. صلاح بن مهدي العامري    كن أول من يقيّم
 allan 
5 - مارس - 2007
     دأبت مبكرا وفي مراحل صباي الآولى على الابتعاد الجدي والتخوف من سبر اغوار الشعر العمودي وإحكام أسرار صنعته بدقة وروية. وأعزو أسباب عزوفي عن مواجهة الشعر ا لعمودي آنذاك ، بطول أناة وصبر ، هو عدم قدرتي على استساغة تفعيلات بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري (يرحمه الله) الخمسة عشر. لم أر في ألآمر يسرا وسلاسة ، فهبطت الهمة والحماسة. عقرت ناقتي على قطع صحراء الشعر ، كيف لا? وكل ماأروم في المسير شائك عويص. فقلت حيلتي وانقطع رجائي -الا من واسع رحمة الله- عن قرض الشعر وارتجاله. فهجرت الكتابة ردحا من الزمن ليس باليسير، وتثاقلت القراءة ردحا أخر عسير. ألا لزوم مايلزم وماينبغي لي أن أقرأ أو احفظ غيباً عن ظهر قلب ماتيسر من الشعر خوفا من توبيخ المعلم وتجنبا لعصاه.                    
     وهكذا مرت الآيام والسنون ، وتقلبت الآحوال والمنون. لقد هالني ماعرفت ، واسعدني ما سمعت فيما بعد ، من قصة الخليل بن أحمد (طيب الله ثراه) وكيف أنه دعا الله ربه دعاءاً مخلصاً ،بينما هو يهم بنفسه مؤديا فريضة حج البيت بعد أن أستطاع أليه سبيلآ، معظما شعائر الله ، إذ يطوف البيت الحرام ،أو يركض الصفا والمروة سبعا ، فيصلي صلاة تفبلها الله ، ويدعو دعاءاً مستجاباً " أللهم ألهمني علماً ماسبقني أحدٌ أليه." فكأن أبواب السماء قد فتحت. وهاهوَ الخليل وبعد أتمامه مراسيم الحج وعودته من مكة المكرمة الى بغداد يصغي بأمعان الى أيقاع المطر الهاطل على سقف منزله. أو يرعى أنتباهه أصوات المطارق بينما هو يتمشى في سوق الصفارين. ( ويسمى بسوق الصفافير باللهجة العراقية ، احد اسواق بغداد القديمه ومايزال قائماً حتى يومنا هذا ).اذ يفتح الله له فتحا مبيناً ، ويغمره بواسع رحمته. أستطاع الفراهيدي أن يستدل بنظرة امام لغةٍ ثاقبة وبعناية ألهية وألهام رباني بعد ان أنكب على قراءة كل ماسبق من شعر العرب على أن يستنتج ويكتشف تحديدا علما فوق كل شك ، لايقبل الجدل أو الخطأ ،لم يسبقه أحد لا في مشرق أو مغرب ، يوضح بأسهاب أسرار موسيقى البيت الشعري ووزنه من خلال وحدة وزن شعريه يطلق عليها أسم التفعيلة.  والتفعيلة وانواعها أو أعدادها هي العلاقة بين الحركه والسكون في أحرف الكلمات التي يتألف منها الشطر فالبيت. مثل مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن ، أو كقولنا فعولن مفاعيلن فعولن مفاعبلن.    
أما مجموع التفعبلات في البيت الواحد من القصيده فيسمى البحر. وهو وحدة القياس الشمولي العام للبيت فالقصيده. وعلى ضوء البحر ممكن تحديد صحة الوزن أو خلله. فيقال قصيدة مقفاة موزونه. أما بحور الشعر فهي خمسة عشر بحراً كالطويل والكامل. وأضيف لها بحراً أخر يسمى المتدارك ليكون السادس عشر. أما العلم  الذي حمل الفراهيدي صدارة لوائه وأول السابقين في ريادته  فيسمى بعلم العروض تيمنا ً بأسم أحد أبواب الكعبه المشرفه. ويعرف في زماننا هذا بالتقطيع الشعري أبضا ً
     .أتذكر ولم أناهز الخامسة عشر من عمري بعد بأنني مررت مرور الكرام بأحدى قصائد المرحوم بدر بن شاكر السياب البصري وكنبته أبو غيلان ، والمولود في قرية تقرب على مسافة ثلاثة أرباع الفرسخ من أبي ألخصيب من أعمال ألبصرة في جنوب العراق ، تسمى جيكور. والمتوفى سنة 1384 للهجرة . والمدفون في مقبرة ألحسن ألبصري. 
لم أكن على معرفة أو علم بما سيدخره المستقبل, ولم أحفل أو أكن أهتماما خاصا ً أو متمبزا ً للشاعر حينذاك .ثمة سنوات قصيرة تلت وعلى حين غرة , أصبح بدرٌ في رأيي  أحد أعظم الشعراء الكبار التي أنجبتهم أمة ألعرب وفي جميع العصور. كان رأي ومازال رأى القلب والعاطفة فتبعه رأى العقل والحكمه. وأضحيت من أشد المتحمسين لتجربة معلمنا الفاضل وريادته الشعريه في مضمار الآدب العربي المعاصر وحركة الشعر الحر التي أبتدأها العراقيون في مطلع الخمسينات وأوائل الاربعينات. لقد كتب السياب ضمنيا ً وبشكل غير مباشر النشيد الوطني العربي , نشيد المعاناة والخلاص . حفر على جبين العراقيين بحروف من نور وبأكليل من غار أمالهم وألامهم , صبرهم وتحدياتهم. فكان بحق هبة العراق الى ألآمة العربية وهبة أمة العرب ألى الآنسانية. أضحى ألسياب ولاشك مصدر الهام وفخرا ً في كتب ألآدب العربي الحديث وعلى مر ألآزمنة , ولآجيال لم تولد بعد. في قصائد خالدة , كأنشودة المطر وغريب على الخليج ووصية من محتضر , أستقرأ السياب حاضر ومستقبل العراق مستلهما ً الآمة وتراثها الثر.
 
تأثر السياب تأثرا ً شديدا ً بذي الرمة , أذ قرأ ديوانه وأسمى أبنه غيلان أعتزازا ً بذي الرمه ,مما يدل علي مدى أعتزاز السياب بتراث الآمة العربيه وأرثها اللغوي الثر , وهنالك تشابه كبير بين الآثنين يطول بحثه في هذا المقال.
 
الى هنا أختتم الجزء الآول من مقالي هذا وهو ما أتيح لي من الوقت . أرجو أبداء وجهات النظر , وسأعاود الكتابة في وقت لاحق أن شاء الله , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
صلاح بن مهدي العامري
صفر 1428 هجريه
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة