البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : طرائف المستنبحين    كن أول من يقيّم
 زهير 
9 - أكتوبر - 2004
(طرائف المستنبحين) المستنبح كما في اللسان: الرجل يكون في مضلة، فيخرج صوتاً على مثل نباح الكلب ليسمعه الكلب فيتوهمه كلباً فَيَنْبَح فيستدل بنباحِه فيهتدي؛ قال: قومٌ إذا اسْتَنْبَحَ الأَقوامُ كَلْبَهُمُ، قالوا لأُمِّهِمُ: بُولِي على النارِ انظر مادة (ومستنبح) في الموسووعة وفيها طائفة طريفة من أخبار ضيافة العرب. وانظر في (الحيوان) قول الجاحظ: وذلك أنّ الرجلَ إذا كانَ باغياً أو زائراً، أو ممَّن يلتمِس القرَى، ولم ير بالليل نَاراً، عوى ونبح، لتجيبَه الكلاب، فيهتدي بذلك إلى موضع الناس. وفي شرح الحماسة للمرزوقي: (باب الأضياف) قطع في أخبار المستنبحين، مع شرحها، فمن ذلك قول عتبة بن بجير الحارثي: ومستنبح بات الصدى يستتيهه إلى كل صوت فهو في الرحل جانح يعني بالمستنبح ضيفاً ألجأه الضلال عن الطريق ليلاً، أو دعاه ضيق الوقت وجهد المسير منفضاً إلى أن يتكلف نباح الكلب وحكايته، لتجاوبه كلاب الحي المتوهم نزولهم في سمته ووجهته فيهتدي إليهم بصياحها، ويستعين بهم على ضره وحيرته. وهكذا كان يفعله الضال والمقرور في ظلام الليل. وكانوا إذا قربوا من البيوت المظنون دنؤها، أو المعلوم حلولها، ريما حملوا رواحلهم على الرغاء أو البغام، إيذاناً بأنفسهم. ولذلك جاء في الأمثال السائرة: " كفى برغائها منادياً ". وأصله أن بعض المتعرضين للقرى أرغى ناقته فلم يتلق بالاستنزال، فجعل يذم، فقيل: لو ناديتهم ليعلموا بك? فقال: كفى برغائها منادياً. وقال متمم: وضيف إذا أرغى طروقاً بعيره وعان ثوى في القد حتى تكنعا وقوله بات الصدى يستتيهه، الصدى: صوت يرجع إليك من الجبل أو مما يجري مجراه في رد الصوت. يريد: أنه لما استنبح صار الصوت الراجع إليه يحمله على أن يتيه إلى كل صوت يدركه متبيناً للصدى من غير الصدى لكي يؤديه ما يبين له مطلوبه من حي أو ما سبيله سبيلهم. وجعله في الرحل مائلاً لغلبة النوم عليه، أو لتهيئه لإدراك الصوت. ويقال: جنح يجنح جنوحاً، إذا مال. ومعنى يستتيهه إلى كل صوت جعل الفعل مضافاً إلى الصدى لغلبته عليه، واعتقاده في كل صوت أنه هو، فقد صار تائهاً إليه. فقلت لأهلي ما بغام مطية وسار أضافته الكلاب النوابح فقالوا غريب طارق طرحت به متون الفيافي والخطوب الطوارح رجع إلى أهله في التعرف لما غشيه بغام بعير الطارق، فقال سائلاً: ما بغام مطية. وما يستفهم به عما دون الناطقين، وعن صفات الناطقين. فكأنه سأل عن صفات الساري وعما أدركه من صوت المطية. وجعل الكلاب مضيفة للساري لاستنباحه ولإجابتها إياه. إلى آخر ما ساقه المرزوقي في شرح الأبيات. وفيها: وقال آخر: ومستنبح قال الصدى مثل قوله حضأتُ له ناراً لها حطب جزل فقمت إليه مسرعاً فغنمته مخافة قومي أن يفوزوا به قبل فأوسعني حمداً وأوسعته قرى وأرخص بحمد كان كاسبه الأكل قوله ومستنبح يريد به رجلاً ناكده الزمان في صفره، أو لم تساعده الحال فيه على مؤنه، فاستنبح كلاب الأحياء ليهتدي إليهم، فأقبل الصدى يحاكيه، ويؤدي إليه مثل صوته. ومعنى حضأت له ناراً فتحت عينها لترتفع وتلتهب وقد أوقدت بغلاظ الحطب وكبارها، فقمت إلى الضيف متعجلاً، واستغنمت خدمته مسارعاً لئلا أبادر إليه فيغتمنه غيري، ويفوز به سابقاً لي. وقوله حضأت له ناراً، جواب رب. وانتصب مسرعاً على الحال، ومخافة قومي مفعول له، أي فعلت ما فعلت لهذه العلة فأكثر الضيف من إطرائي وتزكيتي، وشكري وتقريظي، وأكثرت القرى له محتفلاً ومتكثراً، ومتودداً ومتكرماً، وما أرخص حمداً جالبه أكل، وكاسبه إطعام. وقوله كان كاسبه أكل جعل النكرة اسم كان، والمعرفة خبراً. وابهام الحاصل من التنكير في هذا الموضع أبلغ في المعنى المستفاد. ومثله قول النابغة: كأن مدامة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء. ومنها: ومستنبح يستكشط الريح ثوبه ليسقط عنه وهو بالثوب معصم عوى في سواد الليل بعد اعتسافه لينبح كلب أو ليفزع نوم كشط واستكشط بمعنى. فهو كعجب واستعجب. والكشط يقارب الكشف. ويقال: كشط الجلد عن الجزور، ويستعمل في الجزور خاصة كثيراً ولإن أجرى على غيره أيضاً. والجلد يقال له الكشاط؛ يقال: ارفع عنه كشاطه. والمعصم والمستعصم واحد، وهو المستمسك بالشيء. وإنما أراد أن يصور حال المستنبح وما هو ممنو به من البرد والريح. وقوله عوى في سواد الليل أي نبح وصاح. وفي المثل السائر: لولك عويت لم أعو. وأصله المستنبح أجابه الذئب. ويقال فلان ما يعوى ولا ينبح إذا استضعف. ويقال للداعي إلى الفتنة: عوى، تشبيهاً له بالكلب وإزراء به. فأما قولهم للحازم: والاعتساف: الأخذ في الطريق على غير هداية. وإنما قال أو ليفزع نوم لأنهم إذا انتبهوا لصوته أجابوه أو رفعوا النار له وذلك على حسب مكانه في القرب والبعد. وجواب رب: عوى. فجاوبه مستسمع الصوت للقرى له مع إتيان المهبين مطعم يكاد إذا ما أصبر الضيف مقبلاً يكلمه من حبه وهو أعجم يعني بمستمع الصوت: الكلب. ويقال: استمع بمعنى سمع، فهو كاستعجب وعجب. وإنما قال مع إتيان المهبين مطعم لسعة عيش الكلب فيما ينحر للضيف. والمهبون: الأضياف. ويقال: هب من منامه، وأهببته. وقوله يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلاً يكلمه، أي يكاد الكلب يلكم الضيف حباً له إذا أقبل، على عجمته. وانتصب مقبلاً على الحال، والكلب مما يوصف به حبه للضيف، لذلك قال الآخر: حبيب إلى كلب الكريم مناخه بغيض إلى الكوماء والكلب أبصر وحبه للظاعن، لذلك قيل في المثل: " أحب أهل الكلب إليه الظاعن " وحبه لوقوع الآفات في المال، لذلك قيل في المثل: نعيم كلب في بؤسي أهله. واللام من قوله للقرى يجوز أن يتعلق بقوله جاوبه، أي لهذه العلة جاوبه، ويجوز أن يتعلق بقوله مستسمع الصوت. وفيها: وقال آخر: ومستنبح بعد الهدو دعوته بشقراء مثل الفجر ذاك وقودها فقلت لها أهلاً وسهلاً ومرحباً بموقد نار محمد من يرودها نصبنا له جوفاء ذات ضبابة من الدهم مبطاناً طويلاً ركودها فإن شئت أثويناك في الحي مكرماً وإن شئت بلغناك أرضاً تريدها =انظر رواية أخرى للأبيات في غرر الخصائص الواضحة.= يعني بالمستنبح طالب ضيافة، وقد تقدم الكلام فيه. ومعنى دعوتهبشقراء أي رفعت له نار شقراء حتى اهتدى بها، فكأني دعوته. وجعل النار شقراء، وربما قيل صفراء، لأنها أوقدت خالية من طرح اللحم عليها فاشتعلت شقراء، ولو كبب عليها اللحم لالتهبت كميت اللون من أجل دخانها. لذلك قال الأعشى: وأوقدتها صفراء في رأسي تنضب وللمكثت أروى للنزيل وأشبع وذاك وقودها، أي مضى اتقادها. فقلت له أهلاً، انتصب أهلا بفعل مضمر. والباء من قوله بموقد نار تعلق بفعل مضمر، كأنه قال: ينال ذلك كله بوقد نار يحمدها من يرودها. ومعنى محمد من يرودها أي مصادف الحمد من يطلبها. ويقال: أحمدت فلاناً، كما يقال أجبنته وأبخلته. وقوله نصبنا له جوفاء يعني به قدراً كثيرة الأخذ، واسعة الجوف. والضبابة: ما يتعقب المطر من الظلمة الرقيقة والسحاب الركيك. وذكرها هاهنا مثل. ويروى: ذات صبابة، وهي البقية، أي يفضل ما فيها عن الآكلين لعظمها. والدهم: السود. والمبطان: العظيم البطن. ومفعال بناء المبالغة. وجعلها طويلة الركود لأنها إذا نصبت لم تنزل إلا بعد لأي كبرها، ولأنه لا يخف محملها فيتناول كل وقت. وقوله فإن شئت أثويناك، هذا تخيير منهم للضيف بعد إطعامه، ويقال: ثوى بالمكان، إذا أقام؛ وأثواه غيره. وانتصب مكرماً على الحال. والمعنى: إن أردت المقام أقمت مكرماً معظماً، وإن أردت التوجه في مقصدك، والارتحال لطيتك، بلغناك مقرك محمياً مشيعاً. وقال آخر: ومستنبح تهوى مساقط رأسه إلى كل شخص فهو للسمع أصور يصفقه أنف من الريح بارد ونكباء ليل من جمادى وصرصر حبيب إلى كلب الكريم مناخه بغيض إلى الكوماء والكلب أبصر يعني بالمستنبح ضيفاً. ومساقط رأسه: جمع مسقط، ويعني به المصدر لا اسم المكان. ومعنى تهوي تقصد وتسرع. ويقال في القرس: إنه يساقط العدو سقاطاً. واسقط علينا، أي اقصدنا. وقال: يساقط عنه روقة ضارياتها سقاط حديد القين أخول أخولاً أي يزيلها ويبعدها. ومعنى تهوي مساقط رأسه، أي يساقط رأسه الشخوص سقاطاً سريعاً. وقوله فهو للسمع أصور أي مائل. والسمع: مصدر سمع. ومعنى البيت: رب مستضيف بنباحه يتسرع ميل رأسه ومهواه إلى كل شخص يمثل له، فهو مائل للسمع، ومنتظر متى يجيبه الكلام أو يتلقاه من ينزله. وقوله يصفقه أي يضربه. والأنف من الريح: أوله. ومنه استأنفت الأمر. وكلأ ألف، إذا لم يرع. وقوله ونكباء ليل يريد: وريح تنكب عن مهاب الرياح الأربع، في ليلة من ليالي جمادى. وصرصر، أي ورد شديد. والصر والصرصر بمعنى، وليس من بناء واحد، لأن صرصر رباعي وذلك ثلاثي. وجمادى، يريد به شهراً من شهور الشتاء وإن لم يكن جمادى في الحقيقة. وإنما وصف ما قد أشرف عليه المستنبح من أذى الريح والبرد والمطر، ليكون ذلك عذراً في الاستنباح وطلب النزول. وقوله حبيب إلى كلب الكريم مناخه، يجوز أن يرتفع حبيب على أنه خر مقدم، والمبتدأ مناخه. ويجوز أن يكون صفة للمستبيح. وقد جعل خبر مبتدأ مضمر، فيرتفع مناخه على أنه مفعول لم يسم فاعله من حبيب. ويقال: أنخت البعير إناخة ومناخاً فبرك. واستغنى ببرك عن ناخ. وإنما حبب مناخ الضيف إلى الكلب لأنه يسعد بنزوله ويشركه في القرى المهيأ له. وأضاف الكلب إلى الكريم، لأن كلب اللئيم يعقر السابلة والمارة، ولا يعرف الاستضافة والاستنزال. وقوله بغيض إلى الكوماء لأنها تنحر. والكوماء: العظيمة السنام. وقوله والكلب أبصر مما وقع في أحسن موقع وشرف المعنى به وجاد البيت. حضات له ناري فأبصر ضوءها وما كاد لولا حضأة النار يبصر دعته بغير اسم هلم إلى القرى فأسرى يبوع الأرض والنار تزهر فلما أضاءت شخصه قلت مرحباً هلم وللصالين بالنار أبشروا قوله حضأت له ناري جواب رب المضمرة في قوله ومستنبح. ومعنى حضأت النار رفعتها وهيجتها له فأبصرها واستدل بها، ولولا رفعى النار وتهييجي إياها لكان لا يبصر الطريق ولا يرى مستدلاً به إلى آخر الشرح. وفيها: وقال آخر: ومستنبح تهوى مساقط رأسه إلى كل شخص فهو للسمع أصور يصفقه أنف من الريح بارد ونكباء ليل من جمادى وصرصر حبيب إلى كلب الكريم مناخه بغيض إلى الكوماء والكلب أبصر يعني بالمستنبح ضيفاً. ومساقط رأسه: جمع مسقط، ويعني به المصدر لا اسم المكان. ومعنى تهوي تقصد وتسرع. ويقال في القرس: إنه يساقط العدو سقاطاً. واسقط علينا، أي اقصدنا. وقال: يساقط عنه روقة ضارياتها سقاط حديد القين أخول أخولاً أي يزيلها ويبعدها. ومعنى تهوي مساقط رأسه، أي يساقط رأسه الشخوص سقاطاً سريعاً. وقوله فهو للسمع أصور أي مائل. والسمع: مصدر سمع. ومعنى البيت: رب مستضيف بنباحه يتسرع ميل رأسه ومهواه إلى كل شخص يمثل له، فهو مائل للسمع، ومنتظر متى يجيبه الكلام أو يتلقاه من ينزله. وقوله يصفقه أي يضربه. والأنف من الريح: أوله. ومنه استأنفت الأمر. إلى آخر شرح الأبيات. وفيها: وقال حماس بن ثامل: ومستنبح في لج ليل دعوته بمشبوبة في رأس صمد مقابل فقلت له أقبل فإنك راشد وغن على النار الندى وابن ثائل المشبوبة: النار، وتوسعوا فقيل: شببت الحرب، كما قيل شببت النار. ولج الليل: معظم ظلمته، وكذلك لج البحر. والصمد: الجبل أو الأرض المرتفعة. جعل ناره في يفاع مقابل لسمت الضيف، فدعاه بها لما أعلاها ورفعها حتى اهتدى لها. وهذا مثل ما قد شرحته. وفيها: وقال شريح بن الأحوص: ومستنبح يبغي المبيت ودونه من الليل ظلمة وكسورها رفعت له ناري فلما اهتدى بها زجرت كلابي أن يهر عقورها فبات وإن أسرى من الليل عقبة بليلة صدق غاب عنها شرورها يريد: رب مستضيف بالنباح يطلب لنفسه مكاناً يبيت فيه، وقد سقط عنه كلف السير، وفي (الزهرة) وقال آخر: ومُسْتنبح قال الصَّدي مثلَ قولِهِ رفعت له ناراً لها حطبٌ جَزْلُ وقمتُ إليه مسرعاً فكتمتُهُ مخافة قومي أن يفوزوا به قبلُ وداويتُهُ من سوءِ ما فعلَ الطّوي بتعجيل ما ضمَّ المزادة والرَّحلُ وأوسعني حمداً وأوسعتهُ قِرًى فارتجْ بحمدٍ كانَ كاسبهُ الأكلُ وقال آخر: ومُسْتنبح تهوى مساقطُ رأسهِ إلى كلِّ شخصٍ وهو للسمع أصورُ يصفِّقُهُ أنفٌ من الريح باردٌ ونكباءُ ليلٍ من جُمادى وصرصرُ حبيبٌ إلى كلبِ الكريم مُناخُهُ بغيضٌ إلى الكوماء والكلبُ أبصَرُ خَطأتُ له ناري فأبصرَ ضوءها وما كانَ لولا خطأة النَّار يُبصرُ دَعَتهُ بغر اسمٍ هلمّ إلى القرى فأسرعَ يبوعُ الأرض والنَّار تزهَرُ فلما أضاءتْ شخصهُ قلتُ مرحباً رَشَدتَ وللصَّالين بالنَّار أبشروا وقمتُ بنصل السَّيف والبرك جاهد لها زورةٌ والموتُ في السَّيف يُنظرُ فأغضضتُهُ الطُّولى سناماً وخيرَها ولاءً وخيرُ الخير ما يُتخيَّرُ وفي (أدب الخواص) للوزير المغربي، من شعر حماس بن ثامل: ومستنبح في لجِّ ليلٍ دعوته بمشبوبةٍ في رأس صمدٍ مقابلِ فقلت له: أقبل، فإنك راشد وإن على النار الندى وابن ثاملِ وله شعر كثير، وكان جده الشمردل مذكوراً بحسن الشعر، وسنستقصي ذلك كله في موضعه في كتاب أسد-إن شاء الله. وفي الأشباه والنظائر للخالديين: من شعر معقر الأزديّ: ومُستنبح بعد العشاء دعوتُهُ على ساعة من سمعة يَستديمُها دعا دعوةً من بعد أوَّل هجعة من الليل والظَّلماء خُوصٌ نجومُها رفعتُ له بالكفِّ ناراً يشبُّها على المجدِ معروفٌ بها ما يَريمُها وقمتُ إلى البَرْك الهواجد فاتَّقتْ مرابيعُ أمثال الجراثيم كومُها وفيه: من شعر عمرو بن الأهتم المنقريّ: ومُستنبِح بعد الهدوءِ دعوتُهُ وقد حانَ من نجم الشِّتاءِ خفوقُ يعالجُ عِرنيناً من القرّ بارداً تلفُّ رياحٌ ثوبهُ وبروقُ أضفتُ فلم أُفحشْ عليه ولم أقلْ لأحرمهُ إنَّ المكانَ مضيقُ وقلتُ لهُ أهلاً وسهلاً ومرحبَا فهذا مبيتٌ صالحٌ وصديقُ وضاحكتُهُ من قبلِ عرفانيَ اسمَهُ ليأنسَ إنِّي للكَسيرِ رفيقُ وقمتُ إلى الكُوم الهواجدِ فاتَّقتْ مقاحيدُ كُومٌ كالمجادلِ روقُ بأدماءَ مِرْباع النِّتاجِ كأنَّها إذا أعرضتْ دون العِشارِ فَنيقُ بضرْبةِ ساقٍ أو بنجلاءَ ثرَّةٍ لها من أمام المنكبَيْن فَتيقُ وقامَ إليها الجازرانِ فأوْفَدا يُطيران عنها الجلدَ وهيَ تفوقُ فباتَ لنا منها وللضَّيف مَوْهنا شواءٌ سمينٌ راهنٌ وغبوقُ وباتَ له دون الصَّبا وهْيَ قرَّةٌ لِحافٌ ومصقولُ الكساءِ رقيقُ وكلُّ كريمٍ يتَّقي الذَّمَّ بالقِرَى وللخيرِ بين الصَّالحينَ طريقُ لعمركَ ما ضاقتْ بلادٌ بأهلِها ولكنَّ أخلاقَ الرِّجال تضيقُ انظر القطعة أيضاً في معجم الشعراء للمرزباني وفيها ترجمة لعمرو وأنه كان من سادات وفد تميم على النبي (ص) وفي الأغاني من شعر شبيب بن البرصاء: وقال: ومستنبحٍ يدعو وقد حال دونه من الليل سجفا ظلمةٍ وستورها رفعت له ناري فلما اهتدى لها زجرت كلابي أن يهر عقورها فبات وقد أسرى من الليل عقبةً بليلة صدقٍ غاب عنها شرورها وقد علم الأضياف أن قراهم شواء المتالي عندنا وقديرها إذا افتخرت سعد بن ذبيان لم يجد سوى ما بيننا ما يعد فخورها إلى آخر القصيدة. وفي الأمالي لأبي علي القالي مما أنشده إياه ابن دريد: ومستنبح بات الصّدى يستتهيه فتاه وجور الليل مضطرب الكسر رفعت له ناراً ثقوباً زنادها تليح إلى الساري هلمّ إلى قدري فلما أتى والبؤس رادف رحله تلقّيته منّي بوجه أمرئ بشر فقلت له أهل كأهل فلم يجر بك الليل إلا للجميل من الأمر وكادت تطير الشّول عرفان صوته ولم تمس إلا وهي خائفة العقر وفي البخلاء للجاحظ: وقال ابن هرمة في فرح الكلب بالضيف لعادة النحر: وفرحة من كلاب الحي يتبعها محض يزف به الراعي وترعيب وقال ابن هرمة: ومستنبح نبهت كلبي لصوته فقلت له: قم باليفاع فجاوب فجاء خفي الشخص قد رامه الطوى بضربة مسنون الغرارين قاضب فرحبت واستبشرت حين رأيته وتلك التي ألقى بها كل ثائب وفي منع الكلب من النباح يقول الراعي في الحطيئة: إلا قبح الله الحطيئة إنه على كل ضيف ضافه فهو سالح دفعت إليه وهو يخنق كلبه ألا كل كلب - لا أبا لك! نابح وفي التذكرة الحمدونية من شعر شريح بن الأحوص: ومستنبح يبغى المبيت ودونه من الليل سجفا ظلمة وستورها رفعت له ناري فلما اهتدى بها زجت كلابي أن يهر عقورها فبات وقد أسرى من الليل عقبة بليلة صدق غاب عنها شرورها إذا الشول راحت ثم لم تفد لحمها بألبانها ذاق السنان عقيرها انظر تمام القصيدة في (منتهى الطلب) وهي فيه من المفضليات: من شعر عوف بن الأحوص الكعبي. وفييها من شعر اين هرمة: ومستنج تستكشط الريح ثوبه ليسقط عنه وهو بالثوب معصم عوى في سواد الليل بعد اعتسافه لينبح كلب أو ليفزع نوم فجاوبه مستسمع الصوت للقرى له عند إتيان المهبين مطعم يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلاً يكلمه من حبه وهو أعجم وفي شرح الأمالي للبكري: ومستنبح بات الصدى يستتيهه فتاه وجوز الليل مضطرب الكسر هو لرجل من بني الحارث بن كعب. وقوله وجوز الليل مضطرب الكسر: جوزه وسطه. وكسره جانبه. والكسر: أيضاً الشقّة السفلى من الخباء، يقال أرض ذات كسور: أي ذات صعود وهبوط.. وفي جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري: المثل: (لو لك عويت لم أعو) يقوله الرجل يطلب الخير فيقع في شر. قالوا: وأصله أن رجلاً بقى في قفر، فنبح لتجيبه الكلاب إن كن قريباً، فيعرف موضع الأنيس، فسمعت صوته الذئاب فأقبلن يردنه، فقال: " لو لك عويت لم أعو ". ويقال: استنبح الرجل، إذا نبح لتجيبه الكلاب، يستنبحها، أي يطلب نباحها. ومنه قول الشاعر: " ومستنبحٍ قال الصدى مثل قوله " وقال آخرون: أصله أن بنى سعدٍ أغارت على باهلة، ورئيسهم الزبرقان ابن بدر، والأهتم المنقرى، فلما دنى الأهتم من محلتهم متقدماً لأصحابه، ليعلم على القوم، وكانت لعمرو بن ميسمٍ الباهلى غنمٌ لا يزال الذئب يعترضها، فبينا عمرو يفوق سهمه ينتظر الذئب عوى الأهتم عواء الكلب كيما تجيبه الكلاب إن كن قريباً، فرماه عمرٌو فأصاب بطنه فسلح، وقال: " لو لك عويت لم أعو " وولى هارباً، واتبعتهم باهلة، فأخذوا الأهتم، وقالوا: ما جاء بك? فأخبرهم الخبر، وركبوا مع الصبح، فهزموا بنى تميم، وأسروا الزبرقان، فافتدى الأهتم نفسه، ومنوا على الزبرقان، فقال عمرو بن ميسم: غزتنا بنو سعدٍ فدسنا مقاعساً وأشحيت بالرمح الأصم ملادساً قريناهم زرق الأسنة والظبا ولم نقرهم كوماً جلاداً قناعسا عوى أهتمٌ ثم انثنى فأصابه دريرٌ يثير البطن رطباً ويابساً وهذا اليوم يسمى يوم العريض. وفي عيون الأخبار لابن قتيبة: وقال حميد الأرقط: ومستنبحٍ بعد الهدوء وقد جرت له حرجفٌ نكباء والليل عاتم رفعت له مخلوطةً فاهتدى بها يشبّ لها ضوء من النار جاحم فأطعمته حتى غدا وكأنما تنازعه في أخدعيه المحاجم كزمهان يفطو المشي لو جعلت له رعايا الحمى لم يلتفت وهو قائم حريصٌ على التسليم لو يستطيعه فلم يستطع لما غدا وهو عاتم # وفي مجالس ثعلب: ومستنبح يعوى الصدى لعوائه تنور نارى فاستناها وأومضا أي نظر إلى سناها وإلى وميضها. # وفي إرشاد الأريب لياقوت: قال علي بن عيسى الربعي: استدعاني عضد الدولة وبين يديه الحماسة فوضع يده على باب الأضياف وقال: ما تقول في هذه الأبيات?: ومستنبحٍ بات الصدى يستتيهه إلى كل صوتٍ وهو في الرجل جانح فقلت لأهلي: ما بغام مطيةٍ وسارٍ أضافته الكلاب النوابح? فقلت: هذا قول عقبة بن بجير الحارث، ومعناه: أن العرب كانت إذا ضلت في سفر وصارت بحيث تظن أنها قريبة من حلةٍ نبحت لتسمعها الكلاب فتجيبها، فيعرفون به موضع القوم فيقصدونه ويستضيفون فيضافون فقال: إن قوماً يتشبهون بالكلاب حتى يضافوا لأدنياء النفوس، فوجمت بين يديه وأنا واقف وهو ينظر إلي، وكان من عاداتنا أنه ما دام ينظر إلى أحدنا لم يزل واقفاً بين يديه حتى يرد طرفه. قال: ثم فكر فقال: لا بل إن أقواماً يستنبحون في هذا القفر والمكان الجدب فيستضيفون فيضافون مع الإقلال والعدم لقوم كرامٍ وأمر لي بجائزةٍ فدعوت له وانصرفت.
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة