البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : لماذا لاندرس الرياضيات بدل الأدب(الشعر)    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )
 علاء 
16 - أكتوبر - 2006
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وبعد:
لماذا لاندرس الرياضيات بدل أن ندرس الأدب هكذا سألني أحد اللأصدقاء منكرا على الأدب أهميته في تقدم المجتمعات والأمم، إذ وزن الأدب بميزان برغماتي، كما يقول أن الرياضيات هي أم العلوم وهي الأجدر بالدراسة والبحث وتعصير الأدمغة لما لذيه من أثر مباشر في الحياة اليومية. وانتقدني وقال الناس يصنعون السيارات والأقمار الإصطناعية وأنتم ماذا تصنعون تصنعون القصائد وما فائدة القصائد. ومن هنا بدى لي جليا أن هذا الصديق ينتقد الشعر بالأساس .
كما أنه ربطه بتدهور الحكم في الأندلس وبالتالي سقطت الأندلس ولم يكن هذا إلا من وراء الأدب أي الشعر بالتحديد. دافعت باستماتة عن الأدب وعن الشعر وحاولت إبراز محاسنه، فاستعرضت معه مسيرة الشعر العربي المعروفة لدي إذ أن العصور التي شهدت قمة التقدم الإقتصادي والسياسي كان يرافقه التقدم الأدبي والعكس. لكنه قال إن هذا التقدم الذي عرفه الأدب هو الذي أدى إلى إنهيار الدولة العربية الإسلامية فبعد أن يصل الأدب إلى القمة يهبط كل شيء الإقتصاد والسياسة... إذن عليبنا في نظره أن نترك عنا الأدب . فنحن لسنا في حاجة إليه مادام أنه غير نافع لصنع الصواريخ والطائرات الحربية في وقت لاتنفع فيه الكلمة في العالم كله يعرف الحقبيقة لكنه لن يستطيع فعل شيء لأن الزمان تغير وأصبحت تحكمه المصالح المادية اكثر مما تحكمه الأخلاق وكلمة الحق الأغلبية تميز الحق من الباطل لكنهم كلهم محكومون بالمصلحة ومن وراء المصلحة أي اللوبيات... إذن علينا أن نساير العصر ونستجيب لمتطلباته، قد تكون أفكار هذا الصديق فيه شيء من الحق لكني أريد أنتتحرك الأقلام الأدبية لتدافع عن الأدب بالمنطق لا بالتعصب ،أردت إذن أن أشرككم في هذا الحوار،أردت أن أستمد منكم القوة والقدرة على الدفاع كما أريدكم في نفس ابلحين أن تفصحوا عن رأيكم بكل صراحة حتى وإن لم يكن في صالح الأدب
وفي الختام أشكر أسرة الوراق على جهودها العظيم  وعلى اتحاتهم هذا الهامش العريض من الحرية جزاكم الله خيرا
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
بل ندرس كل العلوم والأدب أيضا    كن أول من يقيّم
 
    السيد الذي ينعى علينا درس الأدب والشعر خاصة أصاب وأخطأ : أصاب في استفهامه  ( لماذا لا ندرس الرياضيات ? ) وللإنصاف تلقينا السؤال واهتممنا بالجواب ؛ ولأن تقدم الأمم لا يتوقف على دراسة الرياضيات وحدها قلنا : بل ندرس كل العلوم  لأنها خطاب العقول ، ولا حياة للإنسان إذا جمّد عقله فقد يكون أشبه بسائر الجمادات من حولنا ، فندرس كما درس آباؤنا وهذه آثارهم تدل على خطاهم  ،  أفننكر شيئا نشاهده في خزائن المخطوطات في العالم من تراثنا العلمي الذي كان أرقى علم في زمانه  ?  أو من أرقى ما ساد وقته من العلوم  ?  وننكر ما أحدثه من نقلة بعيدة المدى في تاريخ البشرية ?  ،  ثم لا ننسَ أن الأدب  -   والشعر بعضه  -  إن هو إلا خطاب الحس والشعور، ، والعقل  لا ينفك عن الحس والشعور  لذلك يجيد أحدنا الفيزياء ويجيد قراءة الشعر والاستمتاع بمعانيه وقد يجيد قول الشعر أيضا ، وبقراءة عجلى في تراجم عباقرة الأمة الممتدة زمانا ومكانا تعرف كيف كانت مقدرة هؤلاء العلماء على ممارسة التفكير والتعبير  في آنٍ واحد ، فالحسن بن الهيثم فيزيائي وشاعر، وإلى جانبه مؤرخ وشاعر،  وغيره فيلسوف وشاعر ، ورياضي وشاعر ،فلم يمنع العلم الجانب الآخر من الوجدان أن يتفاعل مع الحياة  : وقل لي بربك هل رأيت رجلا اشتغل بعلم الفضاء وانحبست نفسه عن ممارسة الحب أو الكره  ? هذان الاتجاهان العلم والعاطفة هما في مجموعهما كيان واحد يعيش فيه المرء  : اتجاه العلم أخذ بأسباب العلم وسار فيه واتجاه العاطفة أخذ بأسباب المشاعر وفن تنميتها وسار فيه  فهما مثل قضبان السكك الحديدية يمكنان للقطار أن يسير فوقهما بأمان فإذا جمعت القضبان في مسار واحد  أو إذا فرقت بينها في مسارات متعددة   :   وقعت الكارثة  .
       هذا فيما يتعلق بالجزء الصواب من سؤال السائل الذي حوّل سؤاله إلى استنكار ، فاضطررنا إلى رد السؤال إلى صيغته الأولى حتى نحسن الفهم والإفهام ثم نحسن الجواب  ، أما الجزء الخطأ فهو المتعلق برفض دراسة الأدب والشعر ، ومع أننا بينا أن لا تنافر ولا تناقض بين العلوم والآداب  ، ولكننا لزيادة الإيضاح نقول : خلق الله كل فرد وميزه ببصمة خاصة لا يشترك فيها اثنان وقد اكتشف العلماء بصمة الأصابع ، ثم اكتشفوا بصمة الصوت وبصمة العين  ، ثم الجينات وهذا كله يثبت أن كل فرد لا يستطيع أن يتخصص في علم ما إلا إذا وُجِدت دوافع وميول تجعله قادرا على الاستجابة التعليمية لهذا العلم ، وهذا يكشف فساد أنظمة التنسيق للقبول في الجامعات  ؛ من اشتراط  الدرجات العالية للكليات العلمية والدرجات الدنيا للكليات النظرية ، فيلتحق الطلاب بمعاهد العلم على غير رغبة منهم ومن هنا تأتي الكارثة الثانية ، فلماذا لا تخصص من المرحلة الثانوية سنة دراسية تسمى سنة التخصص ويحدد الطالب لنفسه ما يرجوه منها فإن أجاد استيعاب المبادئ كان ذلك مظنة لاستكمال مشوار دراسته فيما يحب لأن الشغف نصف النجاح  ، وإذا فشل فهذه علامة الهمة الساقطة عندئذ تتدخل الدولة في اختيار المجال الذي يحسنه عند حدود طاقته وذهنه  .
   فالسؤال الآن موجه إلى القائمين على التعليم في البلاد التي يسمونها نامية  ؛ لأني أتهمهم بخيانة أمانة أبناء الوطن وأحملهم ما وصل إليه حال الأمة من التخلف الذي أنبت ( هذا السؤال العقيم ) ، ثم أطالب كل من عجز عن نهضة أمته أن يعتزل ويقر بالعجز حتى تأتي ساعة لا ينغص حياتنا سؤال كهذا إن شاء الله .
*منصور مهران
16 - أكتوبر - 2006
العلم والأدب ثروة من ثروات الانسانية    كن أول من يقيّم
 
السادة الكرام
يطيب لي أن أشارككم بتعليق حول سؤال الموضوع المطروح ، وكأني بخلفية السؤال أن تكون لماذا  الأدب أو الشعر ? فلندرس الرياضيات بدلاً عنه.
من الناحية المنهجية فالسؤال غير صحيح ( مع كل احترامي لصاحب السؤال)، لأن أحد الموضوعين لا يُغني ولا يحلّ محل الآخر، وكأنما يُخيّر أو يفضّل ويفاضل الانسان بين أن يستغني عن أمه أو أبيه.
ومن الناحية المجتمعية للثقافة الانسانية بوجهها الشامل، لا يُسمح باستثناء أي عنصر وأي فرع من نواحي الآداب والعلوم والتاريخ ... الخ
والثقافة الانسانية كما هو معلوم للذين يعون، صانعها ومبدعها هو الانسان. وهذه الثقافة لها وجهًا ملازمًا إياها ، هو الوجه التاريخي والاجتماعي والعلمي، وعلى هذا يمكننا أن نتحدث عن تعدّد للثقافات تبعًا لتعدد المجتمعات والبيئات. فلكل مجتمع عاداته وتراثه وارثه في العلوم والآداب والفنون والجمال والتاريخ وكل فروع العلوم الانسانية، إضافة الى المعتقدات والديانات والافكار... فمن مجموع كل هذه العناصر قديمها وجديدها المتأصل والمتجدد مع العصر، يتكون الخزين والإرث المجتمعي الذي تتباهى به الأمم.
وليس ما أقوله هو تشجيع لفرع أو حقل أو تحيز لأي فرع أو حقل من كل مجالات الآداب والعلوم التطبيقية أو النظرية او الانسانية، لأن في التمييز أو الانحياز تجنٍّ واغتصاب لمواهب وابداعات إنسانية ما انفكت الأمم على تشجيعها وتحفيزها. ولدينا في هذا المجال عبر تاريخ الأمم الأمثلة الكثيرة في تشجيع ومكافأة المبدعين في كافة مجالات الثقافة والابداع الانساني، فمن تاريخنا العربي احترام المجتمع العربي وسلطاته وسلاطينه على كافة أدواره التاريخية، إضافة الى التحفيزات والتشجيعات المادية والمعنوية من قبل الخلفاء والامراء لذوي الابداع من الاطباء وعلماء الرياضيات والفلك، والكيمياء، وكذلك الشعراء والادباء والمغنين والصنّاع المهرة والمبدعين في كل النواحي. فبذلك - وحسب علمي المتواضع، وبذات الوقت ليس من باب التكبر على الامم الاخرى معاذ الله -  لم يتوفر في أي أمة من أمم الأرض حكام أو سلاطين بقدر عدد حكام هذه الامة النجيبة الذين أغدقوا على المترجمين والعلماء بكافة العلوم وليس فقط على الشعراء كما يزعم البعض من الكتاب. وأجازف هنا بالقول أننا أول أمة كرمت المبدعين قبل أن يُخلق السيد نوبل وقبل أن يذكر التاريخ اسم بلده مع احترامي الكبير لبلاده.
وفي أيامنا المعاصرة نشهد الاهتمام الكبير في كافة أقطار المعمورة للادباء والمؤرخين والشعراء مثلما للعلماء في الرياضيات والطب... باعتبار أن هؤلاء المبدعين في كافة المجالات ثروة ثقافية للانسانية كلها. فالعالم لا يمكنه أن يعيش من دون الشعر والفنون والعلوم وحتى من العادات والتقاليد والارث الانساني النبيل، ويقصر اهتمامه بتسخير العلوم  للنواحي المادية فقط. ولايفوتنا هنا التي تجرّ في كثير من الحالات الى الخراب والكوارث على الانسانية والمقصود هنا تطوير الاسلحة الفتاكة بتسخير علوم شريفة كالرياضيات والكيمياء والفيزياء والفلك لأغراض تدمر الانسانية وجمال الحياة وقيمها الادبية والخلقية.
لا أحب أن أطيل بل باختصار، إن الآداب والعلوم الانسانية كافة جناح ثانٍ للانسانية بجانب كافة العلوم الاخرى، يمكّنان المجتمعات من التطور المتكامل من غير نقص أو تهميش للابداع الانساني في خدمة الانسان الشامل ببعده الروحي -المعنوي والمادي.
مع اعتذاري للإطالة
سلام سليم         
salam
16 - أكتوبر - 2006
الرياضيات أساس التقدم العلمي    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
موضوع جميل وحيوي
لا يمكن الفصل بين العلم والأدب لدى العالم فالعالم الحقيقي هو الذي يكتب بحوثه بطريقة أدبية جميلة. ونورد هنا قول لأول عالمة رياضيات في روسيا (من القرن التاسع عشر) وهي صوفيا كوفاليفسكايا حيث قالت ما معناه لكي يكون الإنسان عالم رياضيات حقيقي يجب أن يكون شاعراً في نفسه. أي صاحب مخيلة ولديه قدرة على التأمل والتصور والتجريد. وهي نفسها كتبت روايات أدبية.
أما في العصر الإسلامي فالعلماء العرب والمسلمين كانوا علماء في الرياضيات والفيزياء والفلك وكانوا أدباء وشعراء وخير مثال على ذلك عمر الخيام- الفيلسوف والرياضي والفلكي والشاعر المسلم العظيم صاحب رباعيات الخيام الشهيرة.
لكن هناك نقطة مهمة وهي أن الرياضيات تنمي لدى دارسها التفكير المنطقي والدقة والتنظيم في العقل وهي واقعية وعملية أكثر من الشعر.
على كل حال الرياضيات والشعر وجهان لعملة واحدة فالإنسان المبدع يحتاج إلى موهبة ولا حدود لابداعه فكما الرياضيات مجال خصب للابداع المبني على خبرة ومعرفة كذلك الشعر يحتاج إلى موهبة.
ولا يصح أن ننطلق من تاريخنا قبل الإسلام حيث الشعر في أوج تطوره والعلم في أدنى تطوره لنسحب ذلك على الوقت الحالي.فلا يوجد تناقض بينهما ولكن إذا تطور العلم وازدهر المجتمع فحتماً سيتطور الأدب والشعرولكن العكس غير صحيح.والشعر حاجة للنفس وهوليس علم أما الرياضيات فهي علم.
وأعتقد بأن مقياس تقدم أي علم هو بمدى استخدامه للرياضيات وكذلك مقياس تقدم اي مجتمع هو بمدى استخدامه للرياضيات. وكما قال العالم الايطالي العظيم غاليليه بأن الله خلق الطبيعة ككتاب مكتوب بلغة الرياضيات ولكي نقرأه لا بد من معرفة الرياضيات ويقصد أن الطبيعة مخلوقة على أساس قوانين رياضية محكمة ودقيقة وما على الإنسان إلا اكتشافها.
 
* الدكتور محمود
17 - أكتوبر - 2006
علمية الشعر    كن أول من يقيّم
 
وهل الشعر إلا رياضة حَرفية.. فإن عمل ''ماكينة'' الذهن في حل معادلات الأرقام الحسابية, هو نفس عملها في فك أجزاء دوائر الشعر وتقطيع التفعيل, ولا يصح البتة نفي الصفة العلمية عن الشعر بحال ولا أعرف من فعل ذلك, فإن جثمان الشعر, وقوالب أوزانه -التي يفرغ فيها الشاعر صبابات مهجته, و لبابات حشاشته- دوائرُ محيرة وبحورٌ متلاطمة, وهو مبني على علم دقيق متشابك الأجزاء, متلاحم الأطراف, يقع فيه الاختلال لأوهى علة هو: علم العروض, وهو من علوم العرب التي تعلمها من نبغ فيهم في الشعر, وزاول قواعده, على خلاف بين الباحثين في أسرار العربية في: كون علم العروض هل هو من علومهم التي تعلموها أو هو علم مغروز في سجاياهم مطبوع في سليقتهم?- وكيفما دار الأمر فالشعراء بعد الخليل لا يستغنون عن علم العروض لفساد الألسنة وهجوم اللحن, وغلبة اللكنة العجمية, فإذا الشعر الهام الروح الملقنة مفرغ في سكة مستقيمة لازمة له إذا انتفت عنه أو اختلت: تجرد من صفته الشعرية تجرد الشجرة من ورقها لانعدام العلة.
وعليه فإذا كان الشعر فرعاً من شجرة علم العروض وثمرتها المقصودة, فالشعر علم بقانون التلازم.
 
أما ما سماه الأستاذ الكريم أبو البركات مهران: السؤال العقيم فعقمه من وجوه نقتصر على اثنين منها:
اعلم أنه:
من نظر إلى المدنية بعين رياضية تجريبية رأى طائرات سيارة في الأجواء, وبوارج سباحة في البحار فتلك إصدارات العقول المتمدنة, ونتائج تلاحق الأفكار, ومن فتح عينه عليها بأنوار أدبية نفسية, رأى النفس الأديبة التي صنعت, وأبدعت, وهتكت حجب الخزائن, ومن فتح عينا أكبر رأى بديع المصنوعات الذي خلق هذا العلمَ لطائفة ويسر لها أسبابه, وسلك بالأخرى سبيل الآخر وفتح لها أبوابه, وكلا أمد هؤلاء وهؤلاء من عطائه وهو العقل وقال وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.فهذه العلوم وجوه لمنن الله لا تزاحم بينها, وأعلام هداية منصوبة على طريق الآخرة كما قيل:
عباراتنا شتى وحسنك واحد   وكل إلى ذاك الجمال يشير
ثم إن الأدب حياة الأمم, ومادة عزتها, ومعقد قوتها المعنوية, فإذا أنت جردتها منه استلحقتها بأذيال الأمم: تتوطأها بأقدام المهانة, وتتوجأها بأيدي المذلة, ففي الأدب معنى أكبر مما نقش في الأذهان السطحية, والطبائع المدخولة, فهو رياضة للحس أن يتبلد, وللروح أن يتسفل, وللطبيعة أن يستولي عليها الاهمال, وهو أكبر من ذلك وأكثر, فالناس إليه أشد حاجة من المأكل والمشرب فهذه لها أوقاتها المعلومة, أما الأدب بمعاينة معانيه الكلية فنحتاجه في كل وقت, إذ هو جامع للمحاسن الدنيوية والدينية, وكل ما يرجع إلى الكمال البشري, والترقي الانساني في مدارج المكرمات. بل إنك إذا حققت في صحيفة الماضي والحاضر وجدت الأدب من أساسات العمران الناهض, والمدنية المتينة, قائما فيهما على قدم راسخة, وهيبة باذخة...
 وهكذا كنت قصدت بيان علمية الشعر في كلمات قلائل فجرى بنا الحديث إلى غاية تنقضي الأعمار دون استقصاء نواحيها...
*طه أحمد
25 - أكتوبر - 2006
بين العلم والأدب    كن أول من يقيّم
 
كنت قرأت للعقاد قديما ردا على مثل هذا التساؤل ، وسبحان الله ! فقد دار الزمن دورته ، فها هم الإخوة اليوم ، يتساءلون عما كنا نتساءل عنه قبل جيل ، وكان يتساءل عنه الجيل الذي قبلنا ، كما تساءل الذين من قبلهم ، منذ بدأ المستشرقون يلقون حجارتهم في مستنقع هذه الأمة ، لا لتحريك المستنقع الراكد كما يزعمون ، ولكن لردمه قبل أن يتحرك..وقد فعل ..
قال العقاد ما معناه : (إن الإنسان ليس برميلا لنملأه بشيء واحد ،أو بأشياء بنسب معينة  بعضها أكثر من بعض، أو مساو لبعض ...) 
ويحضرني هنا سؤال : لماذا اختار الأستاذ الرياضيات من دون غيرها?. أنا أقول لماذا لا نتعلم الفلك بدل الشعر ?. ويقول غيري: لم لا نتعلم الفيزياء أو الكيمياء أو الطب أو الهندسة ، واليوم أو الحاسوب?.الحق أن المجتمع أي مجتمع بحاجة إلى كل ذلك وزيادة ..
وهنا يأتي السؤال الكبير : وهل نستطيع أن نتعلم أي شيء من غير لغة ?. ثم ..أئذا كنا نستطيع تعليم الرياضيات باللغة العربية أو السنسكريتية مثلا ، فهل نستطيع تعليم اللغة بشواهد من الرياضيات أو الفلك أو الفيزياء ?..إننا حين نتعلم الأدب أو الشعر ، فذلك لنستطيع امتلاك ناصية اللغة التي بها نتعلم الرياضيات وما يصاقبها من تخوم العلوم .فإذا أوقف امرؤ نفسه على تعلم اللغة وحدها ، فهو اختصاص لا بد منه ، وإذا أوقف بعضهم نفسه على الشعر والأدب ، فلأن الحياة لا بد لها من التنوع .. تصور البشر كلهم أطباء أو فيزيائيون أو مهندسون .. لا أريد أن أزعم كما زعم الرومانسيون يوما : ( أعطني حياة ملؤها العاطفة ؛ فهي خير لي من حياة ملؤها العقل ...) ولكن الإنسان روح ومادة ، ولكل منهما غذاؤه ، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، ولكن بعض الناس ربما احتاج إلى البصل أكثر من التفاح ، وإلى القثاء أكثر من الموز ، وإلى الحساء أكثر من الشواء .. حياكم الله..
*داوود
3 - نوفمبر - 2006