البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أرجوزة ابن عسال في المواريث عند المسيحية    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )
 زهير 
29 - سبتمبر - 2006
عثر على هذه الأرجوزة النادرة المرحوم الأب لويس شيخو في مخطوطات مكتبة  الأقباط في مصر ، في أواخر القرن التاسع عشر، ونشرها في كتابه (شعراء النصرانية) وهو منشور على الوراق، والأرجوزة من تأليف أبي الفرج الأسعد ابن عسال السدمنتي الفيومي الذي اشتهر هو وأخواه المؤتمن والصفي السدمنتي في أوائل عهد المماليك في مصر، وهم من أسرة القس بطرس السدمنتي، من مدينة (سدمنت) في الفيوم لم يصلنا من آثارهم غير أرجوزة ابن عسال هذه. وأنشر هنا مقاطع منها وألفت النظر إلى ورود كلمة (علماني) في البيت قبل الأخير، وهي المرة الوحيدة التي ترد فيها هذه الكلمة في نص تراثي منشور على الوراق، وأما التراث المسيحي العربي، فيعج بهذه الكلمة سيما في قوانين الكنيسة:
يـا أيـهـا الطالب علم iiالشرع في الإرث خذ مختصراً من فرع
إسـمـع هـديت أفضل السبيل جـمـلـتـه  نظماً بلا iiتفصيل
إبـدأ بـمـا يـصـلح iiللأكفان والـقـبـر والـحمال والقربان
أوف الـديـون قـبل أن iiتقسما فـالـشـرع  قـد صيره iiمقدما
عدد مراتب الوراث:
وإن  تـرد مـعرفة iiالمراتب لـكي تعد من ذوي المناصب
فـإنـهـا عـشرون واثنتان بـعـيـدها محتجب iiبالداني
لا  رتـبـة مع قبلها iiبوارثه رابـعـة لـيس لها مع ثالثه
أولـهـا  الـبـنون والبنات لا فـرق بـل هن iiمساويات
والأم  مـثـل أحـد iiالأولاد والأب مثل في القياس الهادي
إن  مـات ميت وله فرد iiولد لـزوجـة الربع فعنه لا iiيحد
والنصف والربع لابن iiالميت أعـط  لـه هـذا بلا iiتشتت
وكـل مـا زادوا عن iiالثلاثة تـكـون  مثلهن في iiالوراثة
مـثـالـه كان البنون iiأربعة فـالخمس حصتها بلا iiمدافعه

ثم يعدد الناظم بقية المراتب إلى أن يقول:
والـزوج  إن مـات بـلا iiأولاد لـلـزوجـة الـنصف بلا iiعناد
والزوج والزوجة في الحكم سوى والنصف للأهل فدع عنك iiالهوى
والأم  إن كـانـت مـع الأعمام تـحـوز  ثـلـثـيـه بلا iiكلام
أولاد  عـم مـيـت من iiحكمهم ثـلـث لـهـم مع زوجة iiلعمهم
وجــدة مـن والـد iiوجـدتـه ثـلـث  لهم من إرثه مع iiأخوته
هـذا إذا لـم تـكـن iiالـوصية أحـكـامـهـا  شرعية iiمرضية
لأنـهـا  إن لـم تـكن iiشرعية كـان كـمـن مـات بلا iiوصيه
لا  يـمـنع المرء من iiالتصرف فـي  النصف والربع بلا iiتوقف
فـإن  يـزد عـنـه فـلا تدعه واعـمـل  بـما قلنا ولا iiتضعه
والـمـلك إن يوقف لغير iiمؤمن فـبـطـل الـوقـف ولا iiتمكن
وأسـقـف  ومـثله في iiالتكرمه يـكـتـب  ما يملك قبل iiالتقدمه
حـتـى إذا تـنـيـحوا iiفأهلهم غـيـر الذي جاءوا به ليس iiلهم
ومـا يـزد فـإنـه iiلـلـبـيعة بـكـل هـذا تـحـتم iiالشريعة
ومـن يمت في الدير من iiرهبان فـلـن يـحـوز ارثـه علماني
لـكـنـه  لـلـديـر والإخوان كـمـا يـراه أعـظـم الرهبان
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الميراث بين الاسلام والنصرانية من خلال أرجوزة ابن عسال    كن أول من يقيّم
 
هذا كلامٌ لطيفٌ في: أوجه الوفاق والاختلاف في تقسيم الميراث بين الاسلام والنصرانية:
 
الميراثُ في الجاهلية:
كان أهل الجاهلية لا يوَرثُون النساء ولا الصغار الذكور حتى يُدرِكوا,لأن المرأة في زعمهم لا تركب فرساً,ولا تحمل كلاً و لاتَنْكي عدواً, يَكسِبون عليها ولا تكتسب,فأنزل الله عز وجل آياته في إبطال ما كانت عليه العرب في الجاهلية من هضم حق الضعيفَيْن, وجعل لهم نصيباً مفروضاً مقطوعاً لا محاباةَ فيه, ليس لأحدٍ أن يحجِزَه عنهم أو يمنعهم من التصرف فيه.
وكانت أسبابُ الإرث عند أهل الجاهلية ثلاثة كما وقع في تفسير المنار للسيد الشيخ الأجل محمد رشيد رضا (قدس سره) قال:أحدها: النسب وهو خاص بالرجال الذين يركبون الخيل ويقاتلون الأعداء ويأخذون الغنائم ليس للضعيفين الطفل والمرأة منه شيء."انتهى
وأخرج الترمذي وابن ماجه وغيرهما من حديث جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا ولهما مال.فقال يقضي الله في ذلك.فنزلت آية الميراث(يوصيكم الله في أولادكم)الآية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمها فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين,وأمهما الثمن وما بقي فهو لك"اه. فكانت هذه أول تركة قسمت في الإسلام.
وقد نظرت في أرجوزة ابن عسال -التي أخرجها لنا أستاذنا الحبيب زهير ظاظا- وتقسيماتها الفرضية ,ولا ريب أنها أعدل في القسمة وأقوم في العطاء من سنن الجاهلية ولا أدري أهو علم كان عند النصارى من عهد عيسى عليه السلام أم أنه من وضع أحبارهم واختيار رهبانهم.
والناظر في الأرجوزة يعلم أنها في ألفاظها ومصطلحاتها ومعانيها مقبوسة من الشريعة الاسلامية , مع اختلاف في الأنصبة الإرثية.ومن المعلوم أن الشريعتين النصرانية واليهودية في بلاد العرب أخذت من الإسلام لحاجتها كثيراً من مصطلحاته الشرعية التي نقلها من أصلها اللغوي إلى المعنى الديني.
وفي هذا التعليق, أقابل بين الإرثين من خلال بعض أبيات الأرجوزة:
قال:
إبـدأ بـما يصلح للأكفان والقبر  والحمال iiوالقربان
أوف الديون قبل أن تقسما فـالشرع  قد صيره مقدما
 
أقول: وهذا الترتيب موافق للمذاهب الاسلامية الأربعة وعليه جرت عادة المسلمين فمؤن التجهيز من كفن وأجرة مغسل وحمال وحفار ونحوه مقدم على سداد الديون المرسلة إجماعاً, واختلفوا في الديون المتعلقة بعين التركة فوافقت النصرانية هنا مذهب الحنابلة وخالفت ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة أبوحنيفة ومالك والشافعي من أن الحقوق المتعلقة بعين التركة مقدمة على مؤنة التجهيز ووجه ذلك  عندهم أن هذه الحقوق متعلقة بعين المال قبل أن يصير تركة.
 
قال:
أولها البنون والبنات   لا فرق بل هن مساويات
 
أقول: في الشريعة الإسلامية للأنثى نصف حظ الذكر قال تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"الآية.
وقد رأيت المفسرين من المتقدمين والمتأخرين قد تواردت خواطرهم على أن الحكمة في جعل حظ الذكر كحظ الأنثيين هي أن الذكر -في معظم المجتمعات الإنسانية القديمة والحديثة- إذا صار إلى الزواج عهد إليه بالنفقة على زوجه والاحتراف لها ولعيالها فاقتضت الحكمة الاسلامية أن يكون له سهمان, وهذا نهاية في العدل والتماسك.أما الأنثى فمالها لها تنفقه على نفسها وملاذها كيف تشاء, وليس لزوجها منه فتيل و لا قطمير. فإذا تزوجت فلها حق واجب من مال زوجها.
وجاء في وحي القلم للأستاذ الأفضل مصطفى صادق الرافعي في بيان الحكمة المستكنة في الآية قوله:...والإسلام يحث على الزواج بل يفرضه فهو بهذا يضيف إلى المرأة رجلا ويعطيها به حقاً جديداً, فإن هي ساوت أخاها في الميراث مع هذه الميزة التي انفردت بها, انعدمت المساواة في الحقيقة,فتزيد وينقص, إذ لها حق الميراث وحق النفقة, وليس له إلا مثل حقها في الميراث إذا تساويا.
قال:ثم إن هناك حكمة سامية,وهي أن المرأة لا تدع نصف حقها في الميراث لأخيها يفضلها به-بعد الأصل الذي نبهنا إليه- إلا لتعين بهذا العمل في البناء الاجتماعي,إذ تترك ما تتركه على أنه لامرأة أخرى,هي زوج أخيها,فتكون قد أعانت أخاها على القيام بواجبه للأمة,وأسدت عملا آخر أسمى منه بتيسير زواج امرأة من النساء" انتهى.
أقول: فلا تتشككن  في كمال هذه الشرعة وتمام خَلقها وحسن نَسجها من لدن حكيم خبير, ولا تصغين لأهل النفوس المريضة والطباع المتنافرة الذين تتهافت آرائهم بكل طيش ونزق فيطعنون على الباري في حكمته وتقديره,واشدد بها يديك وعض عليها بناجذيك.أكرم بها من شريعة غراء كريمة لا ترى بها عوجا و لا أمتا.
 
ثم قال-أي العلامة ابن عسال-:
والأم مثل أحد الأولاد   والأب مثل في القياس الهادي
أقول:
أما الأم في الاسلامية فلها أحوال: فهي ترث الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن.ولم يكن له من الإخوة والأخوات اثنان فأكثر سواء كان الإخوة والأخوات أشقاء أو لأب أو لأم ذكورا وإناثا وارثين أو محجوبين.والدليل قوله تعالى:(فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث).
- وترث السدس بشرطين: أن يكون للميت ولد أو ولد ابن والدليل قوله عز وجل:"ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد".
-وأن يكون للميت عدد من الإخوة (اثنان فأكثر) ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلفين سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم.لقوله تعالى:(فإن كان له إخوة فلأمه السدس).
-وترث الثلث الباقي في المسألتين العمريتين الغراوين وهما كالكوب الأغر شهرة عند أهل هذا الفن,وقد وافق جمهور الصحابة فيها أمير المومنين عمر رضي الله عنهم.
أما الأب فيرث السدس إذا كان للميت ولد أو ولد ابن وإن نزل سواء كان ذكرا أو أنثى لقوله تعالى:(ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد).
فهو في هذه الحالة له مثل حظ الأم.فوافقت الأرجوزة القرآن في هذه الحالة.
ويرث الثلثين إذا لم يكن للميت ولد. والأم يكون نصيبها في هذه الحال الثلث كما ذكرت آنفا.فخالفت الأرجوزة هنا الشريعة الاسلامية حيث ساوت بين الأم والأب في كل الأحوال كما هو منطوق الأرجوزة.
قال:
إن مات ميت وله فرد ولد   لزوجه الربع فعنه لا يحد
أقول:
في الديانة الاسلامية إذا كان للميت ولد أو ولد ابن, سواء كان الولد منها أو من غيرها, فترث الثمن لقوله تعالى:(فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين). والنصرانية جعلت لها الربع في هذه الحال.
 وتأخذ الزوجة الربع إذا لم يكن للزوج ولد أو ولد ابن, وإن نزل سواء كان الولد منها أو من غيرها لقوله تعالى:"ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد".
والأرجوزة تجعل لها في هذه الحالة النصف وذلك في قوله:
والزوج إن مات بلا أولاد   للزوجة النصف بلا عناد
قوله:
وكل  ما زادوا عن iiالثلاثه تـكون  مثلهن في iiالوراثه
مـثـاله كان البنون أربعة فالخمس حصتها بلا مدافعة
أقول:
قد ذكرنا أن الزوجة ترث الثمن إذا كان للميت ولد فأكثر.
قوله:
والزوج والزوجة في الحكم سوى   والنصف للأهل فدع عنك الهوى
أقول:
أما في الاسلامية فلا تساوي الزوجة الزوج بحال وهذا بيان ذلك:
قد ذكرنا أن ميراث الزوجة في جميع أحوالها يتهادى بين الربع والثمن,أما الزوج فيأخذ الربع إذا كان للزوجة ولد أو ولد ابن وإن نزل, سواء كان الولد منه أو من غيره لقوله تعالى: (فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن).
وله النصف بشرط واحد وهو عدم وجود الفرع الوارث (الولد أو ولد الابن)لزوجه المتوفاة, سواء كان هذا الولد منه أو من غيره.لقوله تعالى: (ولكم نصف ماترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد).
قوله:
والأم إن كانت مع الأعمام تـحـوز ثـلثيه بلا iiكلام
أولاد عم ميت من iiحكمهم ثلث  لهم مع زوجة iiلعمهم
أقول:
قد سبق الكلام عن ميراث الأم والزوجة في الاسلام فالأم بين ثلث وسدس وثلث الباقي, والزوجة بين ربع وثمن,وهذا يجري عليهما في كل حال لأنهما من أصحاب الفروض أما الأعمام فهم من العصبة ,لا يرثون إلا بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم.
قوله:
هـذا إذا لم تكن iiالوصية أحكامها  شرعية مرضية
لأنها  إن لم تكن iiشرعية كان كمن مات بلا وصية
أقول:
توافق الأرجوزة هنا مذهب من يرى جوازَ الايصاء وعدم نسخه بآية الميراث. وقد ذهب العلماء إلى إبطال الوصية إذا كان فيها جنف أو إثم أو إذا أوصى بأكثر من الثلث وهذايوافق الأرجوزة في قوله:
لأنها إن لم تكن شرعية    كان كمن مات بلا وصية
قوله:
لايـمنع المرء من iiالتصرف في النصف والربع بلا توقف
فـإن  يـزد عـنه فلا iiتدعه واعـمل  بما قلنا ولا iiتضعه
أقول:
أجازت الشريعة الاسلامية للموصي أن يوصي بثلث ماله والثلث كثير وهذا مذهب الجمهور,وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى جواز الايصاء بالمال كله إن لم يترك الموصي ورثة.والاجماع واقع بينهم على المنع فيما إذا كان له ورثة.فوافقت النصرانية أحكام الوصية في الاسلام من حيث عدم جواز الإيصاء بجميع المال.
 
هذا ما أحببت إيراده هنا,ولم أكن أعلم أن للنصارى نظاماً إرثياً محكماً ومدوناً يتحاكمون إليه حتى خبرنا بذلك أخونا الأستاذ (زهير ظاظا),لكنه مُهمَل فيما أعلم في البلاد التي تدين بالمسيحية.
هذا والمرء إذا علم أن المالَ الذي يَكُد في جمعه وكنزه, سوف يؤول إلى من يستحقه بعد موته, ومَن يُحب من عترته وقرابته, فإنه ينشَط إلى كسبه ,ويجهَد جَهده في تحصيله, ويَتفننُ في وجوه تثميره, ويصونُه عن التبدير والاسراف, والابادة والاتلاف,فيكون ذلك منفعة له ولقرابته, ونماء لاقتصاد وطنه ودولته,خلافا لمن كان ماله يصير إلى الحكومة فتأكله الأيدي الآثمة, وتنغمس فيه الأصابع الخائنة.
والله الموفق للصواب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
*طه أحمد
3 - أكتوبر - 2006
حول كلمة علماني (1)    كن أول من يقيّم
 
 
" العلماني " بحسب تعريف القاموس " المنجد " هو : العامي الذي ليس باكليركي . والاكليركي بالفرنسية ( clercs ) لفظة لاتينية ( clerium ) وهي بالأساس يونانية ( kleros )  تعني كل من انتسب إلى المؤسسة الإكليركية وكرس نفسه لخدمتها أي خدمة الكنيسة وهي بالفرنسية ( eglise ) واصلها اليوناني  ( ekklesia ) .
 
" العلماني " إذاً هو كل من كان خارج المؤسسة الدينية  من حيث هي هرم وتراتبية تنظيمية تعنى بخدمة الكنيسة .
 
والعلماني ترجمتها الفرنسية : Laiique . وهي لفظة مشتقة من اللاتينية Laicus وتعني ما هو عادي ومشترك ، كانت تطلق في الكنيسة على الخدم أو " الأخوة " الذي يقومون على خدمة الاكليروس في الكنيسة ولا ينتسبون إليهم ولا يقومون إلا بالأعمال العادية التي لا تتعلق بالتنظيم أو العبادة .
 
كلمة laicus  اللاتينية أتت من Laikos اليونانية ومعناها : ما ينتسب إلى الشعب .
 
وكلمة ecclesia  ( يعني اكليروس ) بأصلها اليوناني كانت تعني : اللجنة أو البرلمان في مدينة أثينا والذي كان منوطاً به أن يصوت على القوانين وأن ينتخب وأن يراقب عمل القضاة . ( هذه الترجمات منقولة عن قاموس petit Larousse  طبعة عام 98 وعن قاموس petit Robert  وأيضاً القاموس اللاتيني Gaffiot ) . وهذا يعني بانها هيئة تنظيمية تشبه في عملها مهمة رجال الأكليروس .
 
نستنتج بأن لفظة " علماني " هي مطابقة تماماً من حيث المفهوم الديني للفظة laiique  وأن هذا المفهوم له جذر مشترك هو التعريف أو الأصل اليوناني لهذا المفهوم وكلنا يعلم ارتباط الكنيسة الشرقية ( السريانية ) في نشأتها بالفكر اليوناني للأسباب التاريخية التي لا يجهلها أحد . لكن كلمة  "علماني " لم تكن تعني ما هو مناهض أو مضاد للدين والكنيسة بل ما هو خارج فقط عن هيئتها التنظيمية والعلمانيون هم جموع المؤمنين الذين يشكلون جسد الكنيسة .
 
يبقى أن نفهم في هذا الإطار الجذر اللغوي لكلمة " علماني " التي هي كلمة عربية ( وهل لها أصول في اللغة السريانية ? ) .
 
هذا بحث آخر يدور حول كلمتي : علم وعالم وهي كلمات بحاجة للتوضيح ، لكن كلمة  "علماني " تحمل في أصلها  ما يراد به  :
العالمون : أي أصناف الخلق
والعالم : وهو الخلق كله .  
هذه بداية بحث في أصل هذه الكلمة ينتظر جهود قراء الموقع  وهو بحاجة لبحث لغوي وبحث تاريخي فلا تبخلوا علينا يا أهل الاختصاص .
 
 
  
*ضياء
5 - أكتوبر - 2006
حول كلمة علماني (2)    كن أول من يقيّم
 
 
كلمة علماني ، Laikos إذاً يراد بها : " عامي " أي من عامة الشعب وتأتي ترجمتها من العهد القديم حيث كلمة Laos اليونانية تعني : شعب وحيث تنطبق هذه الكلمة على كل شعب الله المختار ، شعب اسرائيل لأنه بحسب الكتاب المقدس ، في عهده القديم ، فإن الله قد اختار شعباً واحداً ليكون أداته في تبليغ رسالته هو شعب إسرائيل . لكن الله جدد " الميثاق " في العهد الجديد ، الذي تحكي سيرته الأناجيل ، بمجيء المسيح المخلص الذي عمم دعوته على البشرية جمعاء وأصبحت كلمة شعب تعني كل من آمن برسالته أو جماعة " المؤمنين بالمسيح " وأصبحت كلمة Laikos تعني كل مسيحي أصبح عضواً في شعب الله .
 
هذا يفسر المقصود بكلمة علماني دون أن يبين مصدرها اللغوي : لكن الرسالة الجديدة هي رسالة عالمية تتوجه إلى جميع أبناء البشر وهي رسالة خالدة من وجهة نظر الكنيسة ، لا يحدها الزمن ، حدودها " العالم " اللامتناهي في الوقت والشمول ومن ينتسب إليها فهو من هذا " العالم " الذي حددته وهو " علماني " .
 
للبحث عن مصدر كلمة علماني اللغوي ، لجأت إلى أحد الإختصاصيين وهو الأستاذ : عبد الرحمن السليمان وقد أجاب بما يلي ( أنقله حرفياً ) :
 
 
بالنسبة إلى كلمة /عَلْمانِيَّة/، فهي مشتقة من الكلمة /عَلْم/ (بفتح العين)، وهي مرادفة لكلمة /عالَم/، ولا علاقة لها /بالعِلْم/ (بكسر العين) كما توهم البعلبكي صاحب المورد، الذي أوردها فيه بكسر العين هكذا: /عِلْمانِيَّة/!

وأعتقد أن هذه اللفظة اشتقت أولاً في السريانية حيث وردت كلمة /عالَم/ فيها هكذا: /ܥܠܡܐ: عَلْما/ (والألف نهاية الكلمة للتعريف في السريانية)، خصوصاً وأن المعنى الغالب في الكلمة السريانية هو الدهر، فالعلماني هو الدهري في السريانية.

ومن الجدير بالذكر أن الجذر السامي /ع ل م/ يفيد في جميع اللغات السامية معاني الدهر، السرمدية، العالَم، الزمن اللامتناهي، إذ يجانس الكلمة السريانية /ܥܠܡܐ: عَلْما/ في العبرية: /עולם: عُولَم/ (ومنه البسملة اليهودية: בשם יהוה אל לעולם: بِشِم يَهوه إِلْ لَعُولم = بسم يهوه إله إلى ما لا نهاية)، وكذلك /عَلونو/ في البابلية و/عالَم/ في الحبشية وسائر اللغات السامية.
 
وهكذا تتضح أصول هذه الكلمة بجذرها التاريخي واللغوي والتي هي بعيدة تمام البعد عن استخداماتنا الحالية لها دون أن تنفصل تماماً عنها .


 
*ضياء
7 - أكتوبر - 2006