بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد:
فهذا كتاب جمعه والدي سلمه الله بطلب مني، جزاه الله عني خير ما جزى والدا عن ولد، وكنت لما زرته في صيف (2002م) طلبت منه أن يطوف على مقابر دمشق ويجمع من على قبورها ما يراه مكتوبا من رقيق الشعر وبليغ الموعظة، فنشط إلى ذلك (سلمه الله) بعد مفارقتي إياه، وصار ذلك شغله الشاغل، مع أنه قد تجاوز الثمانين. ولما أقعده المرض بعث إلي بهذه الدفاتر، وأسأل الله بفضله أن ييسر لي سبيل تبييضها في رمضاننا هذا، لأنني بلغني أن الوالد قد وجد في نفسه علي بسبب أنني أتعبته وهو لا يرى حتى الآن ثمرة أتعابه.
أما والدي فهو أحمد يوسف ظاظا الشهير بالميداني، مولده عام (1921م) وقد ولد ونشأ وقضى طفولته في حي الميدان بدمشق، ثم انتقل أهله إلى الصالحية فكان يعرف ولا زال بأحمد الميداني

 

 أحمد الميداني: 14 سنة

 

وكان بيت أهله معروفا في الحي الذي انتقلوا إليه (في الصالحية) ببيت الشامية، لذلك لم يكن صدفة أنه افتتح كتابه بأشهر مقابر الميدان (مقبرة باب الصغير) حيث قضى كل طفولته يلعب بين أوابدها، ويجمع قضبان الآس مع رفاقه ليلعبوا بها بالنشاب، ثم إنني كنت قد كلفته لما فارقته أول مرة عام (1998م) بكتابة مذكراته، فلباني (سلمه الله) وبعث لي مجلدين في زهاء خمسمائة صفحة، تكاد تكون كلها عن ذكرياته المتشحة بعبير هذا الحي الماجد، منذ أن كان تلميذا في كتاب الشيخ ياسين زرزور رحمه الله، وحتى انتقال أهله إلى الصالحية. ولما انتقلوا إلى الصالحية كان قد بلغ الصف الخامس الابتدائي، فلم ترق له الأجواء في مدرسة الحي الجديد، وكان ذلك سبب تركه متابعة الدراسة، فهو إذن من عوام المسلمين، وما أكثر ما فيهم من الطيبين الضائعين.

 

 أحمد الميداني: 31 سنة

 

بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا وهادينا وشفيعنا ومنقذنا يوم الدين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين، وبعد:
فاعلم أيها الأخ المسلم المؤمن بانه من عرف التوفيق خضع لله العلي القدير، ومن عرف الأفضال أناب بالاستسلام والموافقة، ومن أفضل ما أعطي العبد في الدنيا الحكمة (والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها) وأفضل ما أعطي في نفسه الموعظة، وأفضل ما سأل العفو والعافية، وأفضل ما قال كلمة التوحيد.
وتلبية لما توخاه مني ولدي زهير شاعر الإسلام بالشام والقائل أجمل ما قيل في الحنين إلى ترابها:

يراودني الحنينُ إلى iiدمشقٍ		حنينَ غصونها يلوين iiقسرا
ولو أني لويتُ لعدتُ غصناً		ولكني الوحيد كُسرت iiكسرا

خرجت يوم الأحد الواقع في 16 رجب 1423هـ الموافق لأيلول 22 من عام (2002م) فكانت أول جولة أقوم بها إلى مقبرة باب الصغير الأولى بدمشق، فرأيت في جوار المقبرة أكثر من عشر محلات لنحت الكلمات على شاهدات القبور، والتقيت بأحدهم وسألته عن أقدم هذه المحلات فقال: هذا المحل هو الأول في هذا المكان كله، وكان جدي وأخوه قد افتتحاه منذ أكثر من مائة عام، وهما: مصطفى وصبحي الإيتوني.
وحين أردت الدخول إلى المقبرة لفت نظري ضريح الفيلسوف العربي محمد بن محمد أبي نصر الفارابي

ضريح الفارابي وقبور جماعة من أهل البيت
فلما دخلت البهو الكبير رأيت لوحة على الحائط الشرقي قد كتب عليها
1- مقام السيدة حفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب زوجة الرسول الأعظم (ص)
2- ضريح الفيلسوف العربي أبي النصر محمد بن محمد الفارابي
3- ضريح سيدنا أوس بن أوس الثقفي صاحب رسول الله (ص)

4- ضريح أسماء زوجة جعفر الطيار (ر)

5- ضريح ميمونة بنت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (ر)

6- ضريح حميدة بنت مسلم بن عقيل

7- ضريح السيدة فاطمة الصغرى بنت الإمام الحسين (ر)

8- ضريح بلال الحبشي (ر) مؤذن رسول الله (ص)

9- ضريح معاوية بن أبي سفيان (ر)

وهناك أيضا قبور كثيرة تعرف بقبور آل البيت، وقد ألفت عنها كتب كثيرة.
وبالقرب منها ضريح أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية المولود عام (691هـ) والمتوفى سنة (751هـ)
وهناك في الواجهة الخارجية عدة مدافن مسورة ومغلقة، منها قبر بهلول أخي هارون الرشيد، ومنها لآل مردم بك، ومنها لآل الطرابيشي، وهكذا بدأت بتسجيل أول شاهدة قبر فكانت للمرحوم فادي شورى. ولابد من التنبيه إلى أن معظم القبور التي زرتها ليس عليها إلا آيات قرآنية، وأما الشعر وهو مرادنا فقليل نادر، وهذا القليل معظمه مكرر، وهناك قبور قديمة جدا، وعليها أشعار لم أتمكن من قراءتها لأن عوامل الجو قد محت أكثر حروفها.

توفي عام 1398هـ الموافق 1978م

 

قبرُ شابٍّ في عمره ما تهنّى		خـطـفته  أيدي المنية iiمنا
كـان  فينا مثل الهلال iiفلما		صـار بدرا بتمّه غاب iiعنا

توفيت يوم 24/ ذي القعدة/ 1355هـ

 

زُرْ مـرقـدا حـلّت به iiجهانٌ		مـن  في النفاس نالت iiالشهادهْ
ذات  الـعفاف والهدى iiمصونة		قضت صباها الغض في العبادهْ

توفيت يوم 17/ محرم / 14008

 

لاذت بـرب iiالأنام		فـتـاة قـوم iiكرام
لـذا  الكريم iiحباها		عـفوا بدار iiالسلام
عـلامة العفو iiأرخ		لحسين حسن الختام

 

مصطفى ابن المرحوم عثمان آغا الططري توفي عام 1353هـ

نـزلتُ بمرقد أضحى سرورا		بـه  شـاهدتُ ولدانا iiوحورا
رفـاقـي  هـنئوني في مقام		غـدا  يـوم اللقاء علي iiنورا
وحاشا أن اعذب في ضريحي		لأنـي ضـفتُ ستارا iiغفورا

 

توفي يوم 1/ صفر / 1410هـ

 

أبدعتَ من حلل الجمال روائعا		فـيها  النبوغ وشى بأنك iiملهم
أديت  دورك في الحياة iiمباركا		نـم يا قرير العين أنت iiالأدهم

توفي عام (1281هـ)

 

 

توفيت في 9/ شعبان/ 1269هـ

 

لله قـبـرٌ ضـم فـيه iiمكرَّما		لـبـت نـداء الراحم iiالمتفضل
فـي  جـنة أضحت غزال أمها		نـالت  مع الشهداء أرفع iiمنزل
أمـكـرما  بنت الغزالة iiفاهنئي		في رحمة الباري العلي iiالأفضل
ولـتـنعمي  في عيشة iiمرضية		وجوار خير الرسل أعظم مرسل
أطـفـالك  اليتم الصغار iiقلوبهم		تـبـكـي  عليك بحرقة iiوتذلل
خـلـفـت  زوجا والشقاء iiيلفه		يـبـكـيك مشتاقا محمد iiبرغل

ابن الشيخ العلامة محمود أبو الشامات توفي عام 1381هـ

 

أنـا  عبد الله اسم iiالذات		وبـه أدعى أبو iiالشامات
لـيس لي اسم سواه iiولا		كنيتي غير صفات الذات

توفي مساء الأحد 4/ رجب/ 1352هـ

 

مـظاهر الحق iiنورُ		منها الزكي iiالجسورُ
نـجل أبي الشامات		مـحـمـدٌ  iiالغيور
لـبـى نـدا iiمولاه		فـي رجبٍ iiالشكور
مع رحمة من غفور		وربـنـا  الـغفور