البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أحاديث الوطن والزمن المتحول    قيّم
التقييم :
( من قبل 39 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
11 - يونيو - 2006
كان الأستاذ السعدي قد طرح ذات مرة تساؤلاً حول علاقة التاريخ بالسيرة الذاتية . حيرني بوقتها ذلك السؤال لأن المسألة تبدت لي بديهية ، ولما فكرت فيها ، استنتجت بأن التنظير لها صعب للغاية . فالسيرة الذاتية هي تاريخ شخصي تتقاطع أحداثة مع مجريات الحدث العام ، بالصدفة يحدث هذا التلاقي في الزمان والمكان ، هكذا يبدو ......  إنما مقاصد السؤال الذي طرحه كانت ربما : كيف تحكي السيرة الذاتية التاريخ العام ?

عندي مثال ساطع على هذا تعلمت منه أكثر مما تعلمت من كتب التاريخ . فجدتي ، رحمها الله ، كانت تقص على مسامعنا سيرة عمرها الطويل وتعيد تردادها بدون كلل أو ملل . منها تعلمت تاريخ طرابلس ، تقصه مشفوعاً بأخبار الذين كانوا من حولها ممن مات ، أو عاش ، أو ولد ،  قبل " الطوفة " مثلاً( طوفان نهر أبو علي ) أوبعدها ، ومن كسر يده في الزحام ، أيام ثورة القاووقجي ، أو عندما جاء ابراهيم هنانو إلى طرابلس ، وأين اختبأوا أيام " ثورة شمعون " . وتحكي أيام الأنكليز وكيف انتشروا بوقتها على شاطىء البحر ، وكيف جاء الفرنسيون بعسكر السنغال ، وعن أيام السفر برلك ورحلتهم مع الجوع والعذاب والجراد والمرض آنذاك ، وعن جيرانها اليهود وعاداتهم ، وكيف كانت طرابلس في ذلك الحين : الأحياء ، البيوت ، الطرقات ، النهر ، السوق ، القلعة ........ تاريخاً موثقاً بالأسماء والأرقام والوقائع من ذاكرة نبيهة صاحية ، ظلت طوال حياتها تنظم وتؤطر وتسلسل تلك المعلومات وتعيدها على مسامعنا على شكل حكايا ، تاريخاً متماسكاً كانت وحدها تعرف سره ، وتعرف كيف تمسك به بقبضتها الواثقة . كيف لا وهي من كان يعرف كيف يحصي ويحفظ كل شيء : الأرقام ، التواريخ ، الأعمار ، و عدد درجات السلالم التي تطلع عليها ، أو عدد حبات الزيتون التي تأكلها في كل وجبة ، ومواقيت الفصول والأعياد والزراعة في الحساب الشرقي وبحسب هلة القمر ، وحتى لو قامت بحشو الكوسى فإنها ستضع فيه " الحبة فوق الحبة ، والرزة فوق الرزة " تحسبها بالمثقال .

 ولطالما تساءلت عن سبب إصرارها على إعادة تلك القصص التي كنا نتذمر منها ونتأفف لها أحياناً . وفهمت بأن الزمن قد تحول وتبدل كثيراً من حولها ، وأنها تحاول ان تمسك بماضيها ، ان تستعيده على طريقتها . وبالرغم من أنها كانت تروي حياتها كأمتداد لحياة من سبقها أو تلاها من الأجيال ، بدون إسراف أو بطولة ، أو حتى خيال ، سرد مجرد سرد واقعي يسجل الوقائع ويثبتها في الذاكرة ، إلا ان تلك الذاكرة كانت تغربل وتنقح وتختار لحظتها وموضوعها ، وهي بالتالي إنتقائية . فالذاكرة هي إعادة إنتاج للواقع بحسب فهمنا للذات وللآخر .

هكذا خطرت لي فكرة هذا الموضوع ، إعادة إنتاج التاريخ من خلال السيرة الذاتية . وهذا ما سأحاول الكتابة فيه ، لكن ليس لوحدي : أدعو الجميع للمشاركة في هذا الملف من منطلق إعادة كتابة تواريخنا الشخصية : عبرها ، ستتبدى لنا أشياء كثيرة كانت مطوية في غياهب النسيان ، وستفتح لنا ربما شبابيك على الحاضر لو استطعنا أن نمسك بتلابيب الماضي ونستقرأ أبعاده .

اعتبروا هذا الملف كأنه صندوق تبرعات ، وليتبرع لنا كل واحد بحكاية من طفولته أو تاريخه الحاضر ، أو حتى تاريخ عائلته . كل المطلوب هو أن تكون هذه القصة واقعية ومختصرة ، وأن يجهد قليلاً في جعلها ممتعة لدى قراءتها .

أتمنى لنا حظاً سعيداً .

 

 77  78  79  80  81 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
يزيد بن معاوية    كن أول من يقيّم
 
وكل الشكر لك أستاذ عمر هذه الفوائد اللامعة : يقال بأن شطر البيت الذي افتتح به حافظ الشيرازي قصيدته الأشهر التي ذكرتها لنا : " ألا يا أيها الساقي أدر كأساً وناولها " هو من نظم يزيد بن معاوية وكان قد قال :
أنا المسموم ما عندي = بترياق ولا راقي
أدر كأساً وناولها = ألا يا أيها الساقي
وقد بحثت عنها لكني لم أجدها . فهل لديك علم بهذا الموضوع ؟
*ضياء
9 - سبتمبر - 2008
مع درويش    كن أول من يقيّم
 
     شكرا ـ ياأستاذة ضياء ـ على اقتراحك بنشر صورة بصحبة محمود درويش، وتحياتي وشكري أيضا لشاعرنا زهير الذي ارتبط موقع الوراق ـ في وعيي ـ باسمه وأشعاره الجميلة...فكلما طرقت باب الوراق إلا وتخيلت زهيرا في الاستقبال...فلك مني أطيب المنى
لقد بعثت بالصورة نحو صفحة الصور راجيا أن أكون توفقت في عملية الإرسال التي تأبى أن تتحقق إلا بشروط كنت على غفلة منها....
 
أود بهذه المناسبة أن أدرج هاهنا قصيدة بعنوان (قصيدة لم يكتبها محمود درويش) كتبها الشاعر الفلسطيني سعيد حيفاوي
 
" القطارُ الأخير توقْفَ عند الرصيف الأخير "
 هنالك ليلٌ أشَدّ سوادا
" هنالك ورد أقلُّ ُ"
" أنا يوسف يا أبي "
أمامي طقوس ٌ كثار ٌ وليلٌ طويلٌ طويلْ
" أنا يوسف يا أبي "
ويسعدني ان بحرا من الناسِ حولي
من الطيبين ، من البسطاء ، من الصادقين
ولكنني يا أبي في امتعاضٍ حزين
فكل الذبابِ يحاول ان يتقدم
وكل الذئابِ تحاول أخذ مكان
بجانب نعشي ، وتتلو صلاة الغياب
يريدون ان يأخذوا صورة حول نعشي
ولو بازاحة أمي واخوتي الطيبين
وحولي من الزعماء اناسٌ
يريدون ان يأخذوا صورة حول نعشي
ولو قَدروا اقتلعوا بعض رمشي
ليبقى لهم
وبه يعلنون ارتباطي بهم
عندما يقرب الانتخاب
ولو قدروا مزقوا لحم روحي
انا يوسف يا أبي
انا طيب ، غير اني
قليل السذاجة ، يا أبتي
مثلما كنتُ دوما قليل العتاب
انا يوسف يا أبي
كل الناس بلادي وكل بلاد
رفاقي وأهلي
ولكنني لا أزال وسوف أظل الى أبد الآبدين
عدو الذباب !
 
 
 
*وحيد
9 - سبتمبر - 2008
ابن الفرخان..    كن أول من يقيّم
 
حباً وكرامة أستاذي الحبيب زهير ظاظا.. 
 
(الإبداع في العروض) كتاب نفيس بحق، وجدير بأن يسمّى الإبداع، وعلى الرغم من قلة بضاعتي في مجال التحقيق، فقد رأيته جديراً بذلك، وأعمل جاهداً على إخراجه في أقرب وقت، وربما سبقه في الإخراج كتابه الآخر: (الوافي في القوافي).
وأما عن ابن الفرخان:
فهو كما ثبت في مقدمة كتابه: "قاضي القضاة، الإمام الأجلّ، العالم، جمال الدين، مجد الإسلام، حجة الحق، مفتي العراق، مقتدَى الفريقين، أبو سعد، علي بن مسعود بن محمود بن الحكيم".
وفي كتاب (كشف الظنون، لحاجي خليفة): "المستوفى في النحو [مطبوع]؛ لأبي سعد، كمال الدين علي بن مسعود الفرغاني، المتوفى سنة ...."، ساكتاً عن تحديد سنة الوفاة.
عاش ابن الفرخان في النصف الأوسط للقرن السادس الهجري، ففي كتاب (فهرست منتجب الدين) وهو معاصر لابن الفرخان، شاهَدَه وروى عنه، يقول: "الحكيم، جمال الدين، أبو سعد، بن الفرخان، نزيل قاشان؛ فاضل، له كتب منها: (الشامل)، وكتاب (القوافي)، وكتاب (النحوشاهدته ولي عنه رواية".
وجاء في (موسوعة طبقات الفقهاء): " علي بن مسعود، بن محمود، بن الحكيم [بن] الفرخان، القاضي أبو سعد، الملقب بجمال الدين، نزيل قاشان، كان من كبار علماء الإمامية، نحوياً، شاعراً، جليل القدر"، "صنّف كتباً منها: (الشامل)، و(القوافي)، و(المستوفى في النحو)، وقد أكثر أبو حيان من النقل عنه"، وذكرت الموسوعة أنه "من فقهاء القرن السادس"، "الذين لم نظفر بوفياتهم". ووفقاً لترجمته في (كشف الظنون)، يبدو أن ابن الفرخان فرغاني الأصل، ولد في (فَرْغانَة)، وهي مدينة وكورة واسعة فيما وراء النهر، متاخمة لبلاد (تركستان).. ولكنه اشتهر (بنَزيل قاشان).
وقد ذكر ابن الفرخان في مقدمة كتابه: (الوافي في القوافي) أنه: "تحفةٌ نتحف بها مجلسَ مولانا الملك المعظم الكبير، العالم، العادل، جلال الدنيا والدين، غياث الإسلام والمسلمين، سيد الملوك والسلاطين، خوارزم شاه محمود بن أتسز"! بينما ذكر في مقدمة كتابه: (المستوفى في النحو) أنه برسم "الصدر الأجل، العالم، المنعم، شهاب الدين، ظهير الإسلام، صدر العراقين؛ أبي زيد محمد بن الفضل بن أحمد". ولم أعثر على ترجمة لأيٍّ منهما.
 
 

 
*عمر خلوف
10 - سبتمبر - 2008
أنجدني يا دكتور مروان!    كن أول من يقيّم
 
الأستاذة ضياء خانم..
والشكر موصول لك أيتها الفاضلة
وبعد..
فإن المشهور أن حافظ الشيرازي قد ضمّن قصيدته المكتوبة باللغة الفارسية بيتين بالعربية ينسبان ليزيد بن معاوية، وليسا في ديوانه المنشور في الموسوعة، حيث بدأها ببيت، وأنهاها بآخر، وهو ما يُسمّى عندهم بالشعر (الملمّع)، وهو يعني المزج في الشعر بين العربية والفارسية.. وهذه مقاطع من نص حافظ:

ألا يا أيها السـاقی أدر کأسـا و iiناولـْها که  عشق آسان نمود اول ولی افتاد iiمشکلها
ببوی نـافه ای کاخر صبا زان طره iiبگشايد ز تاب جعد مشکينش چه خون افتاده درiدلها
به  می سجاده رنگين کن گرت پير مغان گويد که  سالک بی خبر نبود ز راه و رسم iمنزلها
مرا در منزل جانان چه امن عيش چون هر دم جرس  فرياد می دارد که بـر بنديد محملها
شب تاريک و بيم موج و گردابی چنين هايل کجا  دانند حال ما سبکباران iiساحلها
همه  کارم ز خود کامی به بدنامی کشيد iiآخر نهان  کی ماند آن رازی کزو سازند iمحلفها
حضوري گرهمی خواهی ازو غايب مشوiiحافظ متى  ما تلق من تهوی دع الدنيا و أهملها
 
ولعدم معرفتي بها، فربما كان في النص أخطاء في الكتابة الفارسية.
 
وكان بعضهم قد عاب على حافظ استخدامه أبيات شاعر أموي، يكنّ له الفرس بغضاً، فأجاب بما معناه: إن مال الكافر حلال للمسلم!! وقوله: لست أرى حرجا على من يرى كلباً في فمه ياقوتة، فيوقفه ليأخذها من فمه الملوث!!
 
والملاحظة العروضية التي أود الإشارة إليها، هي أن الشطرين العربيبن من قصيدة حافظ (الثمانية التفاعيل) يشكّلان بيتين اثنين على الهزج العربي؛ (رباعي التفاعيل).
 
ألا  يا أيـها iiالساقی أدِرْ کأسـا وiiنـاولها
متى ما تلقَ من تهوی دع  الـدنيا iiوأهملها
 
وأما  ما أوردته الأستاذة ضياء من أبيات، فهي على ما أذكر من ترجمة الشاعر (الديرزوري) محمد الفراتي رحمه الله، والتي التزم فيها وزن أبيات حافظ، دون الالتزام بقافيتها، حيث جعلها موافقة لقافية الشطر الأول، ومنها:
 
أدِرْ  كأسـاً ونـاولْها، ألا يا أيها iiالساقي فإن  الكأسَ -للملدوغِ بالعشقِ- هو iiالرّاقي
قد استسهلتُ أمرَ العشْقِ فانْهالتْ على قلبي مـشـاكلُ قيّدتْ عقلي، فلا يُؤمَلُ iiإطْلاقي
مـتى  ما تلْقَ مَنْ تهوى دعِ الدنيا وأهملْها فـيا حافِظُ جَمْعُ الشمْلِ بالذكرى هو الباقي
أنـا المسمومُ ما عندي بترياقٍ ولا iiراقي أدِرْ كـأسـاً ونـاولْـها ألا يا أيها iiالساقي
 
وأنا أدعو أستاذي القدير د.مروان للمداخلة حول ترجمة الفراتي هذه.
*عمر خلوف
10 - سبتمبر - 2008
خوارزمشاه محمود    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة لأمير العروض:
أرجح أن يكون المقصود بالسلطان محمود بن أتسز ؟  (محمود بن أرسلان بن أتسز) أخو السلطان علاء الدين تكش، وقد ترجم لهما الذهبي في (سير أعلام النبلاء)  كما أوجز سيرتهما في ترجمة ابيهما أرسلان قال:
السلطان أرسلان بن خوارزم شاه آتسز ابن الأمير محمد بن نوشتكين.
تملك بعد أبيه. كان جدهم نوشتكين مملوكاً لرجل، فاشتراه أمير من السلجوقية اسمه بلكا بك فكبر نوشتكين، ونشأ نجيباً عاقلاً، فولد له محمد، فأشغله في العلم والأدب، وطلع نبيلاً كاملاً، وساد، وتأمر، وناب في حدود الخمس مئة بخوارزم، ولقبوه خوارزمشاه، فعدل، وأحسن السياسة، وقرب العلماء، وعظم شأنه عند مخدومه السلطان سنجر، ثم توفي، فقام في ولايته ابنه آطسز خوارزمشاه، ثم بنوه، فولي أرسلان هذا، فكان من كبار الملوك كأبيه.
رجع من محاربة الخطا مريضاً، فمات في سنة ثمان وستين وخمس مئة، فتملك بعده ابنه سلطان شاه محمود، وكان ابنه الآخر تكش مقيماً على مدينة جند، فلما سمع، تنمر وأنف من سلطنة أخيه الصغير، وسار إلى ملك الخطا، فأمده بجيش، وأقبل، فتأخر أخوه محمود وأمه إلى صاحب نيسابور المؤيد، واستولى علاء الدين تكش على البلاد، ثم التقى هو والمؤيد، فانحطم جمع المؤيد، وأسر هو، وذبح صبراً، وهرب محمود وأمه إلى دهستان، ثم حاصرهم تكش، وافتتح البلد، فهرب محمود وأسرت أمه، فقتلت، والتجأ محمود إلى السلطان غياث الدين صاحب غزنة، فاحترمه، وتملك بعد المؤيد ولده محمد بن أيبة. وأما تكش، فامتدت أيامه، وقهر الملوك.
(سير أعلام النبلاء: نشرة الوراق : ص 2709)
وهذه ترجمة السلطان محمود كما وردت كاملة في (سير أعلام النبلاء) وتاريخ تملكه الوارد في السطر الثاني خطأ مطبعي والصواب: (568هـ) قال:
سلطان شاه صاحب مرو، محمود بن خوارزمشاه أرسلان بن أتسز بن محمد بن نوشتكين الخوارزمي، أخو السلطان علاء الدين خوارزمشاه تكش. تملك بعد أبيه سنة 548، وجرت له حروب وخطوب. وكان أخوه قد ملكه أبوه بعض خراسان، فحشد، وأقبل، وحارب أخاه، وكانا كفرسي رهان في الحزم والعزم والشجاعة والرأي.
حضر محمود غير مصاف، واستعان بالخطا، وافتتح مدناً، وقد أسر أخوه تكش والدة محمود، وذبحها، واستولى على خزائن أبيه.
ولهم سير وأحوال.
وقيل: إن محموداً طرد الغز عن مرو، وتملكها، ثم تحزبوا عليه، وكسروه، وقتلوا فرسانه، فاستنجد بالخطا، وأقبل بعسكر عظيم، وأخرج الغز عن سرخس، ونسا، ومرو، وأبيورد، وتملك ذلك.
ثم إنه كاتب غياث الدين الغوري، ليسلم إليه هراة، وبعث إليه الغياث يأمره أن يخطب له، فأبى، وشن الغارات، وظلم، وتمرد، فأقبل الغوري لحرب محمود، فتقهقر، وجمع، فتحزب له غياث الدين، وأخوه صاحب الهند شهاب الدين، ثم التقى الجمعان، فتفلل جمع محمود، وتحصن هو بمرو، فبادر أخوه تكش، وآذى محموداً، وضايقه حتى كل، وخاطر، وسار إلى خدمة الغياث، فبالغ في احترامه، وأنزله معه، فبعث تكش إلى الغياث يأمره باعتقال أخيه، فأبى، فبعث يتوعده، فتهيأ الغياث لقصده. وأما محمود، فمات في سلخ رمضان سنة تسع وثمانين وخمس مئة، فأحسن الغياث إلى أجناد محمود، واستخدمهم

وقال في ترجمة أتسز:
خوارزمشاه صاحب خوارزم، الملك أتسز بن محمد بن نوشتكين. مولده في سنة تسعين وأربع مئة.
وتملك مدةً طويلة، وكان مطيعاً للسلطان سنجر، تعلل مدةً بالفالج، فأعطي حرارات بلا أمر الطب، فاشتد الألم، وضعفت القوة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، فكان يتأسف، ويقول: "مَا أَغْنَى عنِّي مالِيَه هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه" الحاقة فتملك بعده ابنه خوارزمشاه أرسلان، فقتل جماعةً من أعمامه.
وكان أتسز عادلاً، محبباً إلى رعيته.
ومات ابنه في سنة ثمان وستين وخمس مئة، وكان بطلاً شجاعاً، حارب الخطا، وهو والد تكش.(سير أعلام النبلاء: نشرة الوراق، ص : 2628

قلت انا زهير: (وأتسز هذا غير الملك أتسز بن أوق الخوارزمي صاحب دمشق وباني قلعتها الذي قتله الملك المظفر تتش بن ألب أرسلان بعدما انتزع دمشق منه سنة 471هـ وألفت الانتباه هنا أيضا إلى أن علاء الدين تكش هو والد علاء الدين محمد الذي تلقب بلقب أبيه وقد سقط اسم أبيه من ترجمته في سير أعلام النبلاء فجاء على النحو التالي: (السلطان الكبير علاء الدين خوارزمشاه محمد ابن السلطان خوارزمشاه إيل رسلان ابن خوارزمشاه أتسز ابن الأمير محمد بن نوشتكين الخوارزمي) وكان أكبر ملوك هذه الدولة وأخطرها. يقال استولى على أربعمائة مدينة، ومات شريدا طريدا من جيوش جنكيزخان، ووقعت أمه (ألغ تركان: عصمت الدنيا والدين) في الأسر بعدما أسرفت مثله في الجبروت وسفك الدماء. وقد استطاع ابنه جلال الدين منكوبري أن ينهض بعد الكسرة وكان على راس جيوش أبيه،  قال الذهبي في ترجمة جلال الدين: (تملك البلاد، ودانت له الأمم، وجرت له عجائب وعندي سيرته في مجلد. ولما دهمت التتار البلاد الماوراء النهرية بادر والده علاء الدين وجعل جالشيه ولده جلال الدين في خمسة عشر ألفاً، فتوغل في البلاد، وأحاطت به المغول، فالتقاهم، فانكسر، وتخلص بعد الجهد، وتوصل. وأما أبوه فما زال متقهقراً بين يدي العدو حتى مات غريباً سنة سبع عشرة وست مئة في جزيرة من البحر.. )
*زهير
10 - سبتمبر - 2008
قصيدة (من احاديث الوطن) للثعالبي    كن أول من يقيّم
 
أردت أتحقق من صدق ما حكاه ياقوت الحموي من أن الواو في (خوارزم) تكتب ولا تلفظ، فعثرت على هذه القصيدة الرائعة والتي تدل على مقدرة الثعالبي صاحب (يتيمة الدهر) وتمكنه من ناصية الشعر، وهو يسجل في قصيدته هذه العجيبة وهي سقوط كل الممالك التي ذكرها في عامين، وهما كما تحققت عام 387هـ و388هـ انظر حوادث هذه السنتين في المختصر لأبي الفداء (في الوراق) وقد كان الثعالبي عندما كتب هذه القصيدة في الثامنة والثلاثين من العمر، فهو من مواليد عام 350هـ وكانت وفاته سنة 429هـ:
ألـم تَـرَ مُذْ عامينِ أملاكَ iiعصرِنا يـصـيحُ بهِمْ للموتِ والقتلِ iiصائحُ
فـنوحُ بنُ منصورٍ طوَتْهُ يدُ iiالرَّدى عـلـى  حسراتٍ ضُمِّنَتْها iiالجوانِحْ
ويا بؤسَ منصورٍ وفي يومِ iiسرخسٍ تـمـزَّقَ عـنـهُ مُلْكُهُ وهْوَ iiطامِحُ
وفُـرِّقَ عنهُ الشَّمْلُ بالسَّمْلِ iiفاغْتَدى أسـيـراً ضـريراً تعتَريهِ الجوائِحُ
وصـاحـبُ مصرٍ قد مضى لسبيلهِ ووالـي  الـجـبالِ غَيَّبَتْهُ الصفائِحُ
وصـاحـبُ  جُـرْجانِيَّةٍ في iiندامةٍ تـرصَّـدَهُ  طَرْفٌ من الحَيْنِ طامِحُ
تـسـاقَوْا كؤوسَ الراحِ ثم iiتشَارَبُوا كـؤوسَ  الـمـنايا والدماءُ iiسوافِحُ
وخـوارِزْمُ شـاهٍ شـاهَ وجهُ iiنعيمِهِ وعـنَّ  لـهُ يـومٌ من النَّحْسِ iiكالِحُ
مـكانَ علا في الأرض يخبِطُها iiأبو عـلـيٍّ  إلـى أن طوَّحَتْهُ iiالطوائِحُ
فـعـارضَهُ  نابٌ من الشرِّ iiأعصلٌ وعَـنَّ لـه طـيرٌ من الشؤمِ iiبارِحُ
وصـاحبُ  بُسْتٍ ذلكَ الضيغمُ الذي بـراثِـنُـهُ  لـلـمـشرقَيْنِ iiمفاتِحُ
أنـاخَ  بـهِ من صدمةِ الدهرِ iiكلكلٌ فـلـم  يُـغْـنِ عنهُ والمقدَّرُ iiسانِحُ
خـيـولٌ  كـأمثالِ السيولِ iiسوابحٌ فـيـولٌ كـأمـثالِ الجبالِ iiسوارِحُ
جيوشٌ إذا أربَتْ على عددِ iiالحَصى تَـغُـصُّ بـها قيعانُها والصَّحاصِحُ
ودارتْ  عـلى صمصامِ دولةِ iiبُويَهٍ دوائـرُ  سـوءٍ قـبـلـهنَّ iiفوادِحُ
وقد  جازَ والي الجَوْزَجانِ قناطرَ ال حـيـاةِ  فـوافَـتْهُ المنايا iiالطوامِحُ
وفـائـقٌ الـمحبوبُ قد جُبَّ iiعمرُهُ فـأمسى ولم يَنْدُبْهُ في الأرضِ iiنائِحُ
مـضَوْا في مدى عامينِ iiواخْتَطَفَتْهُمُ عـقـابُ إذا طارتْ تَخِرُّ iiالجوارِحُ
وكـانَ بـنـو سـامانَ أطوادَ iiعِزَّةٍ فأضحتْ بصرفِ الدَّهْرِ وهيَ أباطِحُ
 
*زهير
10 - سبتمبر - 2008
شكر لأستاذَيْ الوراق: زهير وضياء    كن أول من يقيّم
 
ألفُ ألفِ شكرٍ لأستاذ الوراق على ما أتحفني به، مما نقله عن كتاب (سير أعلام النبلاء)، والذي لم يُسعفني بحثي عنه في الوراق قبل ذلك، ولا شكّ أنني سأفيد مما نقله، فله الحمد والمنة.
 
وفيما أتحفنا به الأستاذ زهير من قصيدة الثعالبي، لفت انتباهي ضبط كلمة (دولة بُويَهٍ)، بسكون الواو، وفتح الياء، وهو ما يفرضه وزن القصيدة.. وقد كنتُ أقرؤها، وربما يقرؤها غيري (دولةُ بُوَيْهٍ) بفتح الواو وسكون الياء..
فما هو ضبط الكلمة في الأصل؟
 
وكنت أود الاعتذار إلى الأستاذة ضياء لِما شابَ ملفّها الرائع هذا من مداخلات كان الأجدى أن ترد في ملف منفصل.
فإذا ارتأت جمع هذه المداخلات النافرة عن الملف، في ملفّ آخر منفصل فلها ذلك بكل أريحية، مع طيب الشكر.
 
 
*عمر خلوف
11 - سبتمبر - 2008
بويه وخوارزم    كن أول من يقيّم
 
شكرا مجددا لأمير العروض وللأستاذة ضياء خانم راعية هذا الملف، بل راعية هذه المجالس.. وأريد هنا أن أطمئنك يا أستاذ على (بويه) أنها تلفظ حتى هذه الساعة في بلاد فارس وما وراء النهر على هذا الوجه الذي يقتضيه الوزن، أي بسكون الواو وفتح الياء، وقد سمعتها مرات كثيرة بهذا الضبط  من أساتذة وأدباء مشرقيين التقيت بهم في مناسبات مختلفة. والخلاف في اسم (سيبويه) أيضا مشهور وأحد وجوهه أن يكون على هذا الوزن، وأعود هنا لتأكيد أن الواو في كلمة خوارزم، تكتب ولا تلفظ، ولو كانت تلفظ في الأبيات التالية لانكسرت الأبيات، وكل هذه الأبيات من شعر الثعالبي صاحب (يتيمة الدهر) التي أعاد تأليفها سنة 403هـ وأهداها إلى خوارزمشاه، وأفتتح الأبيات بهذه القصيدة من البحر المجتث:
سـقياً لدهرِ iiسُرُوري والعيشِ بينَ السَّراري
إذ  طيرُ سعدِي iiجوارٍ مع  امتلاكِ iiالجواري
أيـامَ  عيشي iiكعُودي وقـد ملكتُ iiاختياري
وغـيـمُ لهوي مطيرٌ وزَنْـدُ أُنْـسِيَ iiوارِي
أجـري بـغيرِ iiعذارٍ أجـني  بغير iiاعتذارِ
كـأنَّ خوارَزْمشاهَ iiال هـمامَ  أصبحَ iiجاري
من ريبِ دهرٍ iiخؤونٍ بـغـيرِ  ما سَرَّ iiجارِ
ذاكَ الـمليكُ الذي iiقد حَـكَتْ يداهُ iiالسَّواري
وقـد  حمى الدينَ iiلمَّا جـلاهُ  يـومَ iiالفخارِ
فـظـلَّ  سوراً iiعليهِ وتــارةً iiكـسـوارِ
لا زال iiخـوارَزْمشاه يـحوي الغنى باقتدارِ
صـدراً  بـغير مبَارٍ بـدراً  بـغير iiسِرارِ
ومن ذلك قوله من المنسرح:
شـيـئـان واللهِ ما iiأمَلُّهما وليسَ لي في سواهُما أَرَبُ
فإنْ تَقُلْ ما هُما أُجِبْ iiوأَقُلْ بـابُ خوارَزْمِشَاهَ iiوالأَدَبُ
وقوله من الطويل:
أقـولُ لمولانا خوارَزْمشاهَ iiلا تَزَلْ  بنداكَ الغمرِ للناسِ iiمالِكا
هل  المجدُ إلاّ خِلَّةٌ من iiخلالكا أو  البدرُ إلاّ نقطةٌ من iiجمالِكا
جمعتَ المعالي والمحاسنَ كلَّها وقـاكَ  إلهُ الناسِ عينَ كمالكا
*زهير
11 - سبتمبر - 2008
أجدني بمنتهى السعادة    كن أول من يقيّم
 

أستاذنا الكريم الدكتور عمر خلوف : أشكر لك أدبك الجم وكل ما تجود به علينا من الفضل في هذا الملف وغيره من الملفات . توقفت منذ مدة طويلة عن التدخل في توجيه هذا الموضوع لأنه تحول بالسجية إلى سجل يؤرخ بشكل من الأشكال لما نفكر فيه ويدور فيما بيننا من نقاشات ، وهو كما يبدو لي اليوم ، عينة مختصرة تلخص حال المجالس . أجدني بمنتهى السعادة لما تكتبانه ( أنت والأستاذ زهير ) من فوائد ونوادر ممتعة في موضوع الشعر والتأريخ له ، وصدقني بأنني أتعلم منكم في كل يوم ، فلكم جزيل الشكر .
أستأذن من أستاذي زهير ، للتركيز على كيفية لفظ الإسماء : بُوْيِهْ ، سيبُوْيِهْ ، وخَوارَزمْ وذلك بمحاولة إعادة كتابتها بالأحرف اللاتينية وكما يلفظها الإيرانيون :
آل بُوْيِهْ : Alé Bou-yé
سِيْبُوْيِهْ : Sibou-yé
خُوْارَزْمْ : Khârazm

*ضياء
11 - سبتمبر - 2008
بُوَيْه وخُوَارِزْم...    كن أول من يقيّم
 
أستاذي الفاضل زهير..
لك مني خالص التحيات والتقدير..
بالبحث في الموسوعة الشعرية عن كلمة (بويه)، تكررت هذه الكلمة سبعاً وثلاثين مرة لدى اثنا عشر شاعراً، أجمعوا على ضبط هذه الكلمة كما نسمعها ونحفظها: (بُوَيْه)، وذلك وفقاً لما يقتضيه وزن الأبيات..
فالمتنبي على سبيل المثال يقول (من الكامل):
لا  يستحي أحَدٌ يُقالُ iiلهُ: نَضَلوكَ آلُ (بُوَيْهَ) أو فَضَلوا
وتميم الفاطمي يقول (من المتقارب):
يُـنادي (بُوَيْهٌ) بنيهِ iiبها ويندبُهمْ وهْوَ رهْنُ البِلَى
والشريف الرضي يقول (من الرجز):
يا طالباً مُلْكَ بني (بُوَيْهِ) ما أنتَ مِنْ ذاكَ ولا iiإلَيْهِ
ويقول ابن نباتة السعدي (من الخفيف):
غَلَبَ الناسَ جَدُّ آلِ (بُوَيْهٍ) وعَلا  قَدْرُهمْ على iiالأندادِ
ولم ترِدْ هذه الكلمة على (بُوْيَـهٍ) إلاّ في بيت الثعالبي المذكور.
 
وأما كلمة (خُوَارِزْم)، فلم ترِدْ بحذف الواو (خارِزْم) إلاّ عند الثعالبي من قوله من الطويل:
بـهِ سحَبَتْ خوارزم ذيلَ iiمَفاخِرٍ على خطّةِ الشّعْرَى وربْعِ الفراقدِ
وقوله من الطويل ايضاً:
وخوارزْمُ شاهٍ شاهَ وجه نعيمِهِ وعنَّ لهُ يومٌ من النَّحْسِ iiكالحُ
ومثل ذلك قوله من المجتث:
كأنَّ خوارَزْمشاهَ iiال همامَ  أصبحَ iiجاري
لا زال iiخوارَزْمشاهٍ يحوي الغنى باقتدارِ
 
ووافقه على ذلك الباخرزي في قوله من الكامل:
طَمَحَتْ  إلى خوارزْمَ همّتُهُ كما سلَكَ الهزَبْرُ إلى العرينِ مَداخلا
إلاّ أن الثعالبي في مثاليه اللذين أوردهما الأستاذ زهير، قوله من المنسرح:
فإنْ تَقُلْ ما هُما أُجِبْ وأَقُلْ بابُ  خُوَارَزْم ِشَاهَ iiوالأَدَبُ
وقوله من الطويل:
أقولُ لمولانا خُوَارَزْمِ شاهَ iiلا تَزَلْ بنداكَ الغَمْرِ للناسِ مالِكا
وكذلك قوله من البسيط:
كأنّما جنةُ الفردوسِ قد نزلَتْ إلى خُوَارزمَ تعجيلاً iiلصاحبه
وقوله من البسيط أيضاً:
للهِ  بردُ خُوَارِزْمٍ إذا iiكَلِبَتْ أنيابُهُ وكسَتْ أبدانَنا الرَّعَدا
فلا يستقيم معها وزن الأبيات إلاّ بإثبات الواو، وهو ما أجمعت عليه بقية الشعراء، كمهيار في قوله من الطويل:
رعَى أبواها مِنْ خُوَارِزْمَ هضبَةً تـرِفُّ عـليها الغادِياتُ iiوتُغدِقُ
وإبراهيم الحضرمي في قوله من الطويل أيضاً:
وفي قدمٍ والغرب منهمْ وفارسٍ نـعَـمْ وخُوَارزْمٍ كِرامٌ iiأراوعُ
وابن مقرب العيوني في قوله من الوافر:
فـهـا  هُوَ لَوْ خُوَارِزْمٌ رآهُ لأصْغَرَ قصرَهْ اللَّذْ كانَ شادا
وابن عنين في قوله من المتقارب:
خُوَارزْمُ عنديَ خيرُ البلادِ فلا  أقلَعَتْ سُحْبُها iiالمُغدِقَهْ
 
فهل كان الوزن هو الذي فرض على الثعالبي والباخرزي مثل ذلك الضبط؟
 
*عمر خلوف
12 - سبتمبر - 2008
 77  78  79  80  81