البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أحاديث الوطن والزمن المتحول    قيّم
التقييم :
( من قبل 39 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
11 - يونيو - 2006
كان الأستاذ السعدي قد طرح ذات مرة تساؤلاً حول علاقة التاريخ بالسيرة الذاتية . حيرني بوقتها ذلك السؤال لأن المسألة تبدت لي بديهية ، ولما فكرت فيها ، استنتجت بأن التنظير لها صعب للغاية . فالسيرة الذاتية هي تاريخ شخصي تتقاطع أحداثة مع مجريات الحدث العام ، بالصدفة يحدث هذا التلاقي في الزمان والمكان ، هكذا يبدو ......  إنما مقاصد السؤال الذي طرحه كانت ربما : كيف تحكي السيرة الذاتية التاريخ العام ?

عندي مثال ساطع على هذا تعلمت منه أكثر مما تعلمت من كتب التاريخ . فجدتي ، رحمها الله ، كانت تقص على مسامعنا سيرة عمرها الطويل وتعيد تردادها بدون كلل أو ملل . منها تعلمت تاريخ طرابلس ، تقصه مشفوعاً بأخبار الذين كانوا من حولها ممن مات ، أو عاش ، أو ولد ،  قبل " الطوفة " مثلاً( طوفان نهر أبو علي ) أوبعدها ، ومن كسر يده في الزحام ، أيام ثورة القاووقجي ، أو عندما جاء ابراهيم هنانو إلى طرابلس ، وأين اختبأوا أيام " ثورة شمعون " . وتحكي أيام الأنكليز وكيف انتشروا بوقتها على شاطىء البحر ، وكيف جاء الفرنسيون بعسكر السنغال ، وعن أيام السفر برلك ورحلتهم مع الجوع والعذاب والجراد والمرض آنذاك ، وعن جيرانها اليهود وعاداتهم ، وكيف كانت طرابلس في ذلك الحين : الأحياء ، البيوت ، الطرقات ، النهر ، السوق ، القلعة ........ تاريخاً موثقاً بالأسماء والأرقام والوقائع من ذاكرة نبيهة صاحية ، ظلت طوال حياتها تنظم وتؤطر وتسلسل تلك المعلومات وتعيدها على مسامعنا على شكل حكايا ، تاريخاً متماسكاً كانت وحدها تعرف سره ، وتعرف كيف تمسك به بقبضتها الواثقة . كيف لا وهي من كان يعرف كيف يحصي ويحفظ كل شيء : الأرقام ، التواريخ ، الأعمار ، و عدد درجات السلالم التي تطلع عليها ، أو عدد حبات الزيتون التي تأكلها في كل وجبة ، ومواقيت الفصول والأعياد والزراعة في الحساب الشرقي وبحسب هلة القمر ، وحتى لو قامت بحشو الكوسى فإنها ستضع فيه " الحبة فوق الحبة ، والرزة فوق الرزة " تحسبها بالمثقال .

 ولطالما تساءلت عن سبب إصرارها على إعادة تلك القصص التي كنا نتذمر منها ونتأفف لها أحياناً . وفهمت بأن الزمن قد تحول وتبدل كثيراً من حولها ، وأنها تحاول ان تمسك بماضيها ، ان تستعيده على طريقتها . وبالرغم من أنها كانت تروي حياتها كأمتداد لحياة من سبقها أو تلاها من الأجيال ، بدون إسراف أو بطولة ، أو حتى خيال ، سرد مجرد سرد واقعي يسجل الوقائع ويثبتها في الذاكرة ، إلا ان تلك الذاكرة كانت تغربل وتنقح وتختار لحظتها وموضوعها ، وهي بالتالي إنتقائية . فالذاكرة هي إعادة إنتاج للواقع بحسب فهمنا للذات وللآخر .

هكذا خطرت لي فكرة هذا الموضوع ، إعادة إنتاج التاريخ من خلال السيرة الذاتية . وهذا ما سأحاول الكتابة فيه ، لكن ليس لوحدي : أدعو الجميع للمشاركة في هذا الملف من منطلق إعادة كتابة تواريخنا الشخصية : عبرها ، ستتبدى لنا أشياء كثيرة كانت مطوية في غياهب النسيان ، وستفتح لنا ربما شبابيك على الحاضر لو استطعنا أن نمسك بتلابيب الماضي ونستقرأ أبعاده .

اعتبروا هذا الملف كأنه صندوق تبرعات ، وليتبرع لنا كل واحد بحكاية من طفولته أو تاريخه الحاضر ، أو حتى تاريخ عائلته . كل المطلوب هو أن تكون هذه القصة واقعية ومختصرة ، وأن يجهد قليلاً في جعلها ممتعة لدى قراءتها .

أتمنى لنا حظاً سعيداً .

 

 72  73  74  75  76 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أشعر بأنني لا شيء    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
مساء الخير أستاذ هشام :
قرأت للتو تعليقك الأخير ! أشكرك جزيل الشكر لكلماتك الطيبة وقلبك الكبير وسأقول لك على سر أخفيه أحياناً : فأنا في الحقيقة أشعر بأنني لا شيء ! لا شيء إطلاقاً وبأنني لم أحقق شيئاً مما كنت أصبو إليه بل أن كل يوم يمر علي أشعر فيه وكأنني أختفي رويداً رويداً . أنظر إلى العالم من حولي إلى وطني ، وإلى بلاد حلمت بأنها أجمل بلاد على سطح الأرض وسعيت لأن تكون فأنظر إلى ما آلت إليه البلاد . ناضلت ضد الطائفية ولم أنجرف إليها يوماً ولا حتى في أقسى الظروف ولم أنقطع عن أصدقاء لي من كل الطوائف ولا في عز الحرب فتأمل اليوم أين أصبحنا وبأية لغة نتكلم . وأحببت فلسطين وشعبها المكافح وسعيت لمساندته بكل ما استطعته فأنظر إلى أحوال فلسطين وكيف نجحوا في تفتيت قضيتها . وآمنت بالعروبة وبوحدة الدم والمصير : هنا حدث ولا حرج عن عروبة أصبحت اليوم وكأنها من أساطير الأولين . وآمنت بأن الإسلام هو أنبل الأديان واكملها ودون أن أنكر على بقية الأديان معتقداتها وحقها في الوجود فأنظر في حال ما يسمونه بصراع الحضارات وحوار الثقافات الذي هو ليس في الحقيقة إلا صك عبودية يريدوننا أن نوقع بأسفله والسلام . وآمنت بأن الإنسان هو أحسن المخلوقات على هذه الأرض وأنه يتوجب عليه حمل رسالة السماء في إحقاق العدل والفضيلة ومكارم الأخلاق فأنظر إلى بني الإنسان كم هو مخيب ومدعاة للشفقة .... كلما نظرت حولي ، أشعر بأنني أختفي ! الشعر ليس علة وجودي ، ولا الكتابة تغنيني عما أريد وأتمنى . بل أنا هو ما أردته وما تمنيته والذي أشعر بأنه قد ضاع مني كسهم زاغ عن الهدف . ليس من حولي إلا حقول الدمار ، وليس من حولي إلا الإنسان المهزوم الرازح تحت ثقل عبودية لا ترحم نطلق عليها أسماء مستعارة لنخفي وجهها القبيح . أشعر بأنني أتبدد ، وأحياناً بأنني لا شيء على الإطلاق ، لا شيء البتة ، لا شيء من صورتي التي ظننت بأنها أنا . وأخاف ، أخاف أن أكون قد جنيت على أولادي وزججت بهم في مصير مجهول لا يعرف وجهته إلا الله وحده .
 
 
*ضياء
30 - يونيو - 2008
خاص بالأستاذة ضياء    كن أول من يقيّم
 
صباح الخير أستاذة ضياء :
                                وأنا أيضا قرأتُ للتو كلماتك اليائسة , وأحسستُ بغصة عميقة , فدائما أقرأ من قلمك ما أريدُ أن أقوله !! , لا أستطيع أن أنصح أو أُجمل الواقع , قلبي ينفطر أيضا لما وصلنا إليه , وأما الوطن فقد تاه معنى هذا المصطلح عن عقلي , فلم أعد أُدرك معناه , لم أعد قادراً على مقاومة الواقع , أصبحتُ مجرد رافض للواقع , أركض في اتجاه أجهله , ثم أدرك أنني مكاني , وأنني منذ آلاف السنين لم أتحرك شبرا واحدا ! .
ذكرتني بقصيدة  للشاعرة الراحلة سنية صالح تقول فيها :
 (( الوطن الذي في قلبي شيء , والوطن الذي يرفضني , ويطاردني , شيء آخر ! ))
فإن كان الشعر ليس علة وجودك , فهو دليل وجودك , , ,
أتمنى لك ولعائلتك الخير , وأظن أن أولادك محظوظون كونك أمهم , انظري حولك لتتأكدي من كلامي !!
*محمد هشام
1 - يوليو - 2008
دعوة لعودة الروح    كن أول من يقيّم
 
أنعمتم مساء....
الشكر موصول للعزيز زهير وللفاضلة ضياء على تعليقيهما بما انطوى عليه من عبارت الترحيب .....
وأجدني فعلا أشعر بالخجل أمام عبارات لا أستطيع ملاحقة جلال وجمال أبعادها بما تيسر لي من مقتضب العبارة ووجيز الإشارة... 
من باب الصدفة أني عدت إلى مجالس الوراق عبر "أحاديث الوطن والزمن المتحول"...وقد مر زمن منذ انقطاعي حدثت فيه أمور وفتحت ملفات واستعيدت ذكريات ...ومن الأمور التي كان يجب أن تتحول عبر الزمن ما تنبأت وتأسفت عليه ياأستاذتي ضياء...الأمر يتعلق بالزمن الفلسفي...زمن المناظرة بين ثلة من عشاق الحفريات في الذات والتاريخ والعقل والمستقبل...ما يدهشني فيك ـ أستاذة ضياء ـ هو إصرارك على التفاؤل وعنادك من أجل الأمل... في زمن ما برح يفرز سواده أو يدفع البعض منا إلى تفضيل السير مغمض العينين عوض النور الذي لن يمتد طبعا إلا بامتداد وترسيخ أفقنا العقلي...
وسأقول لك صراحة بأني أكثر تفاؤلا بإمكانية عودة الروح إلى الملفات الفلسيفة التي لا تحتاج إلى كثرة المهاترات، بل إلى قليل من الجدل السجالي وكثير من الحوار الهادئ...
وأعتبرها مناسبة لتقييم التجربة والوقوف على كوابحها...ولعلك ـ بحكم قربك القوي من هذا الملف ـ أكثرنا أهلية للتقييم والاقتراح. وتأكدي بأني سأبذل ما بوسعي من أجل عودة الروح إلى الجسد الذي ينتظر من يوقظه من سباته...وهو الإلحاح الذي سبقنا إليه  أستاذنا عبدالرؤوف. ...
 
*وحيد
1 - يوليو - 2008
تجربة بحاجة إلى تقييم    كن أول من يقيّم
 

أشكر لك أستاذ وحيد رغبتك الصادقة في " إعادة الروح لملف الفلسفة " لأن ما ينقصنا هو هذه الرغبة والإرادة في المثابرة على ما بدأناه ، كل من وجهة نظره . ليست الغاية إذاً هي ملف الفلسفة بالتحديد ، بل التعبير عن الرغبة بالتواصل والحوار لتوضيح المواقف ووجهات النظر بهدوء وروية . لأجل ذلك ، كنت قد بدأت بكتابة ملف بعنوان " بين الدين والفلسفة " شارك فيه الأستاذ عبد الحفيظ مشكوراً بعدة مقالات منقولة ، وكنت قد عرضت فيه ، ضمن مقالات أخرى ، لفكر " كانت " ، لأهمية ما يمثله من موقف نقدي جذري لمفهوم الدين والمؤوسسات الدينية ولأهمية موقعه على خارطة الفكر الحداثي . لم يلق هذا الملف النجاح الذي لقيه ملف الفلسفة لأنه يفتقر إلى الحوار وحيويته وما يضفيه على المواضيع المطروحة من صفة تنافسية ولأن التناقض والتنافس هي من طبع البشر ، ولأن " يد واحدة لا تصفق " كما يقول المثل ونحن نحب التصفيق . كنت قد توقفت حالياً عن المتابعة فيه لضيق الوقت ، ولأنه يتطلب مني الكثير من الجهد والتركيز الذي لا أقوى عليه دائماً ، لكني سأعود إليه لا بد في المستقبل . ليست الغاية إذاً ملف الفلسفة ، وبإمكاننا فتح ملفات أخرى وطرح أسئلة اخرى تحظى ربما بالاهتمام الذي لم يحظى به ملفي ، وربما تكون كيفية طرح السؤال هامة جداً لإنجاحه لأنها محفزة لفضول القراء ، وربما تستطيع أسئلة قادمة جذب اهتمام أصدقاء قدامى أو جدد يرغبون في المشاركة والدخول إلى ساحة النقاش الفلسفي . من هنا أدعوك لأن  تعيد طرح السؤال ، من وجهة نظرك ، أو صياغة سؤال آخر ، يهدف إلى تقييم هذه التجربة وتحديد كوابحها كما ذكرت ، سؤال يمكننا ربما في المستقبل من تفادي الوقوع في أخطاء مماثلة . ولك مني فائق التقدير والاحترام والكثير الكثير من الامتنان .

*ضياء
2 - يوليو - 2008
الحوار أولا    كن أول من يقيّم
 
  • أكيد ـ ياستاذة ضياء ـ أن هناك تقاطعا بين مجموعة من الإرادات رغم اختلاف وجهات نظر أصحابها...وبطبيعة الحال لم يكن ملفنا الفلسفي غاية في ذاته...بقدر ما كان فضاء بقدر ما مد جسورا بيننا كشف أيضا عن عمق الاختلافات التي لم يتم تلقيها بنفس الكيفية...
  • وفي تقديري أن نجاح ملف الفلسفة الذي طرحه الأستاذ النويهي كان نجاحا متميزا في خصوصيته نظرا لأنه كان يعكس  تناقضا صارخا وعميقا وواضحا بين تصورين يعكسان نمطين من التفكير والحياة. وهذا التناقض هو الذي جعله يميل أحيانا إلى السجال الحيوي التنافسي عوض الحوار الهادئ التكاملي.
  • هل كانت هذه الخاصية في صالح الملف أم بالعكس هي التي ساهمت في توقفه؟ هل كان من الضروري أن نختار الانسياق وراء التنابذ من أجل الإشعاع؟ أم أن الأمر كان يتطلب معايير أخرى في المناظرة؟
  • أنا أتساءل معك ياضياء من أجل وضع التجربة في سياقها النسبي الذي لا يسمح بتعميم معيار نجاحها على الملفات الأخرى...ربما مع التراكم الذي يمكن أن يتحقق مع ملف الفلسفة والدين قد تظهر مؤشرات أخرى على قوة وعمق الملف...فمن طبيعة التفكير في القضايا العميقة أنها تنأى عن الاستعجالية وردرد الأفعال الآنية... وتتطلب كما ذكرت الكثير من الجهد والتركيز...
  • وبطبيعة الحال يبقى هدفنا الأسمى هنا هو المساهمة ـ كل من وجهة نظره وطاقته الفكرية والزمنية ـ في مناقشة قضايا تهمنا في هويتنا وواقعنا وأفقنا...
*وحيد
4 - يوليو - 2008
إلا واحدة    كن أول من يقيّم
 
أتفق معك في كل ما قلته إلا كلمة واحدة " التنابذ من أجل الإشعاع " ، فالتنابذ إقصاء وعنف يمارس داخل المجموعة الواحدة . والعنف من مكونات النفس الإنسانية وهو ضروري كما يبدو لبقاء النوع غير أنه بحاجة لضبط وتقنين من قبل المجموعات ومعرفة توجيهه لخدمة تطلعاتها ومصلحتها . أما العنف الذي يمارس داخل المجموعة الواحدة فهو يؤدي إلى تفتيتها وتشتيت جهودها . لا فائدة في أن نقول كلاماَ يتطاير في الهواء وهو موجود في كل مكان وبكثرة سواء لجهة الإسلاميين أو العلمانيين ولأننا على هذا المستوى لم نأت بجديد . الفائدة كانت في التنقيب عما يمكنه أن يؤسس لأرضية مشتركة على اعتبار أننا أبناء حضارة واحدة وتاريخ واحد ( نفسره بطرق مختلفة ) وأنه يوجد لدينا تطلعات متشابهة لجهة محاولة النهوض بالمجتمعات التي ننتمي إليها والخروج من دائرة التخلف وحالة التبعية للغرب التي نعيشها منذ أجيال .  
*ضياء
5 - يوليو - 2008
لغة الحوار والأرضية المشتركة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
في سياق هذا التقييم للتجربة هناك أمور لم يكن من الممكن التصريح بها عبارة فكان الاكتفاء بها إشارة حفاظا على حد أدنى من المشترك بين الطرفين "المتنابذين".
 
لا أعتقد أن الحوار الذي عرفه ملف الفلسفة كان في منأى عما هو ذاتي . وهذا الذاتي بقدر ما كان موجها بحمولات إيديولوجية ـ من طرف الجميع؛ كان أيضا محملا بتوجهات نفسية ـ من طرف البعض. هذا ما كنت أقصده ب ـ التنابذ من أجل الإشعاع"...ولعلنا نستطيع أن نميز في لغة الحوار ـ التي سادت وقتها ـ بين اللغة التي تصف وتقرر وتنظر وتخبر واللغة التي تعبر وتنهي وتأمر وتطالب وتحرم وتحلل وتكفر وتزندق... 
 
صحيح أن التنابذ ينطوي على قسط من العنف. لكن العنف في حالتنا ـ حالة النقاش الذي جمعنا في الملف الفلسفي ـ هو ما كان يقابل ويناقض العقل، أي حوار العقل والمنطق...العنف في حالتنا هو التستر القصدي للحقيقة والسعي المتعمد للتمويه....العنف هنا هو نوع من الاستخفاف بالعقول... وفي مثل هذه الحالة فلبوسه ليس فطريا...ولن يكون مظهره خاصية في النفس الإنسانية...بل هو سلاح يتم التمرن على استعماله بآليات مفكر فيها لمواجهة الآخر به...
 
الأرضية المشتركة المحددة في الانتماء إلى نفس الحضارة والتطلع إلى نفس الأفق...أرضية مقبولة طبعا، بل وحتمية...لكن على بساط هذه الأرضية علينا أن نبحث عن مواقع متقاربة تمكننا من بناء رؤية مشركة في حدها الأدنى. ويبدو لي أن هذا التقارب في المواقع لم يحدث إلا بشكل ضعيف ومحتشم في مناسبات وعلى منصات يتجاور فيها "العلماني " والإسلامي" ـ اليساري والليبرالي، القطري والقومي...
لذلك ما زلت أعتقد أن الانخراط في بناء هذا المشترك يتطلب الكثير من الحوار العقلاني والقليل من السجال الفكري
 
*وحيد
5 - يوليو - 2008
حاجتنا إلى الجدل المعرفي    كن أول من يقيّم
 
أتفق معك أستاذ وحيد في كل ما جاء في تعليقك السابق وأشكرك كل الشكر لرحابة صدرك وسعة أفقك ورجاحة أفكارك الرزينة والمتزنة التي تضع النقاط فوق الحروف . أشكر لك أيضاً سعيك أيضاً العودة للتواصل معنا من خلال هذه المجالس وإيمانك بجدوى الحوار الدائر فيها منذ سنين . يسعدني جداً أن أشعر بأن المجهودات التي قمنا بها لم تكن هباء ، وأخص بالذكر هنا مجهودات الأستاذ عبد الحفيظ لأننا نتكلم في موضوع الفلسفة تحديداً ، وأن تكون مثابرتنا قد عبدت الطريق لعودة الحوار الفلسفي والتبادل المعرفي في هذا المجال الحيوي لأنه حاجة حقيقية ، ليس فقط لجهة التواصل الإنساني الضروري لكل منا ، ولكن ، وفي هذا المجال بالذات ، الحاجة إلى شحن قدراتنا ومعارفنا بمعارف جديدة ومختلفة ، وإخضاع ما نقوله ونظنه إلى امتحان الحقيقة . في هذه العلاقة الجدلية غربلة طبيعية للآراء والأفكار تدفعنا دائماً للترقي والبحث عن الأسلم والأفضل . 
قرأت منذ قليل ما كتبته في ملف " بين الدين والفلسفة " وسأسعى للعودة إليه وأنا أترقب استكمالاً للعرض الذي بدأته هناك ، وبدءاً من المكان الذي اخترته كنقطة انطلاق . لك مني كل التحية والشكر والعرفان .
*ضياء
6 - يوليو - 2008
لكن الفضل لكم...    كن أول من يقيّم
 
الشكر موصول لك أستاذة ضياء على ما بذلته من جهد وطاقة لاستمرار هذا الحوار ...وأغبط فيك هذه القدرة على التجوال الفكري والسفر الإبداعي عبر جزر بمناخات وجغرافيات متباينة. وهو أمر يفرض علينا واجب مضاعفة تقديرنا واحترامنا وامتناننا.
 
من بين مكاسب الكتابة في هذا المجالس هذا التواصل الفكري المتميز التي تحولت مع الوقت إلى نوع من المصاحبة الفكرية التي تخترق الجغرافية وتختزل الأمكنة. وفي مثل هذه الحالات لم يعد مثل هذا التواصل مجرد رغبة كمالية بقدر ما أصبح حاجة حضارية خلقتها فينا وسائل الاتصال الحديثة.
 
نعم سيدتي ...كل المجهودات التي بذلت في الحوارات السابقة لم تكن دون جدوى. بل كانت تؤسس لتقليد سيثمر وسيعطي نتائجه يقينا...أنا أومن بأن لكل فعل نتائج وآثار...ليس هناك فعل لا ينتج عنه شيء. هذه قاعدة عامة تنطبق على العمل الذي تحقق خلال السنوات السابقة...ليست الصعوبة في البداية أو في مغامرة التأسيس، بل في تحويل هذا التأسيس إلى بناء قائم يتطور من تلقاء نفسه...التحدي يكمن في هذه الاستمراية والنفس الطويل الذي يتطلب اجتهادا وإبداعا وفنا وتفاعلا ...
 
خلال هذه الفترة قمت بقراءة جملة من المداخلات التي شارك بها مجموعة من الإخوة الذين لم يحصل أن تعرفت عليهم سابقا...وقد تتاح لي الفرصة لاحقا للعودة إليها وتلخيصها والتعقيب عليها...إلا أن تقديري لمشاركات العزيز عبدالحفيظ يظل متميزا...لسببين: أقدره أولا على عمق اطلاعه على الخطاب الفلسلفي الحداثي، وأقدره ثانيا على دقة انتقائه للمقالات التي يتحف بها مجلس الفلسفة...ولو أني ألاحظ عليه تركيزه على الأسماء المغربية بالخصوص سواء في التنظير أو في الترجمة...ربما قد يعود هذا إلى طبيعة المنبر الذي يتعامل معه بتميز (مجلة فكر ونقد)...إلا أني أحبذ من صديقي عبدالحفيظ أن يقيم نوعا من الحوار بين المشرق والمغرب...أنا أعرف مهارته في الإبحار ...وحبذا لو وجه قسطا من مجهوده في طرح وجهات نظر مغربية ومشرقية حول قضايا الفكر والهوية والمستقبل...
 
أنا أتفق معك كليا أستاذة ضياء حول رأيك بخصوص الهدف من الحوار ....أن نتعلم...وأن نخضع ما نعتقده لمحك الامتحان... أليس هذا الهدف هو ما كان يوجه كبار الفلاسفة منذ القدم؟ ألا يمكننا ـ نحن المتعلمين ـ أن نستلهم دروس معلمينا في مراجعة آرائنا... وإعادة بنائها...بل وأحيانا هدمها وتحطيمها. ؟  
*وحيد
10 - يوليو - 2008
ميول مغاربية مشبوهة لعبد الحفيظ    كن أول من يقيّم
 

صدقت أستاذ وحيد : علينا الخروج بالحوار من دائرة الخطاب إلى دائرة التبادل المعرفي وكسر جدار العزلة الذي تتحصن خلفه الإيديولوجيات وتجارة الكلام . أتابع بالكثير من الفائدة والشغف ما تكتبه حالياً في ملف " بين الدين والفلسفة " ولا اتدخل حالياً في العرض الذي تقدمه لنشاة الفكر الفلسفي عند اليونان ، وهي مراجعة هامة وضرورية وسيكون لي تعليق عليها في نهاية العرض . أما ما ذكرته عن خيارات الأستاذ عبد الحفيظ وميوله " المغاربية " " المشبوهة " فهو راجع ربما لكون أعلام المفكرين العرب في عصرنا الحديث ، العروي والجابري وأركون ، الذين اعتمدوا المنهج الفلسفي في دراساتهم وتأليفهم ، جميعهم من المغاربة ، وبحيث انهم تجرأوا على إعلان مواقف نقدية تتصف بالشمولية في رؤيتهم للتاريخ  وقراءتهم للواقع الراهن ، وتمثيلهم ، كل بحسب خصوصيته ، لتيار ومدرسة فكرية محددة ، وكل هذا من مميزات التفكير الفلسفي . ومن الغريب أن مركزاً أميريكياً للدراسات أصدر حديثاً تقريراً عن أهم الشخصيات الفكرية والثقافية المؤثرة في العالم العربي في عصرنا الراهن ، وكان بنتيجته أنهما : الشيخ القرضاوي وعمرو خالد .... وبالمناسبة ، أعتقد جازمة بأنك لم تنتبه إلى اللوحة الجميلة التي اهدانا إياها الأستاذ عبد الحفيظ في ملف العين الرقمية ، وأظن بأنه من المؤسف أن لا تراها . مساؤك سعيد .

*ملاحظة : الكلمتان بين معقوفتين هما كلام المزح ، الباقي كله جد .

*ضياء
11 - يوليو - 2008
 72  73  74  75  76