 | السجن للرجال !!     ( من قبل 4 أعضاء ) قيّم
صباح الخير أستاذتي الكبيرة ضياء , , هو إذا السجن , من نربي أولادنا ليبنوه , ومن يعيش أحبابنا فيه , هو السجن , من نحلم بالدفاع عنه , وبذل أرواحنا فداء له , هو من نحب , وهو الذي نحلم بإغماض أعيننا للمرة الأخيرة على ترابه , , , ولم لا فليكن السجن !! , وسنبقى ندافع عن ذكرياتنا فيه , وسنراه في أحلامنا حديقة جميلة , , -------------------------------------------------------------------------------------------------------- وللسجن مزايا كثيرة , فهو أولا ( كما يقول أبو عنتر ) للرجال ,,, وهو ثانيا يوفر الأمن ( والراحة ) للجميع دون استثناء ,,, وثالثا فإن من يعيش في السجن يرى الحرية ويحسها في أحلامه ,,, إلى ما هنالك من مزايا السجن الأخرى , لكن سجننا مختلف ولا مزايا له , فهو ليس للرجال بل لعموم الناس من رجال ونساء وأطفال وكبار , ولا يوفر الراحة للجميع بل لمجموعة صغيرة جدا فيه , وأحلام من فيه مليئة بالسجون والمعتقلات !! ---------------------------------------------------------------------------------------------------------- أي سجن هذا الذي ابتكروه لنا ؟؟ | *محمد هشام | 18 - مايو - 2008 |
 | عيد الأم : من مجتمع لآخر كن أول من يقيّم
احتفلت فرنسا بالأمس ، أي في يوم الأحد الأخير من شهر أيار( مايو ) ، بعيد الأم . واحتلفت به الولايات المتحدة الأميركية في يوم الأحد الثاني من شهر أيار أيضاً . بينما تحتفل به غالبية الدول العربية في أول فصل الربيع ، أي في الحادي والعشرين من شهر آذار ( مارس ) . وهذه اللخبطة في المواعيد المعتمدة تجعلنا أحياناً ننسى بأن نتمنى عيداً سعيداً لأمهاتنا ، وللأمهات الصديقات والرفيقات العزيزات على قلوبنا المنتشرات في أرجاء هذا الكون الفسيح . ولهذا العيد " الجديد " نسبياً والطارىء على تقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية ذكرى في نفسي تعود إلى البعيد البعيد ، إلى بداية عهدي بالتعليم ، عندما كان علينا أن نتناول بالدراسة نصاً في كتاب القراءة العربية للصف الرابع الإبتدائي ( على ما أذكر ) يتحدث عن عيد الأم ! كنت أدرِّس حينها في قرية صنفتها وزارة التربية بأنها " نائية " مع أنها لا تبعد عن طرابلس أكثر من نصف ساعة بالسيارة وتقع مباشرة على الحدود السورية - اللبنانية لجهة الشمال . هي قرية نبتت ذات يوم على حافة النهر الكبير الجنوبي ، جل أهلها الفقراء يعملون في الزراعة ، والقلة الباقية منهم يعملون بالتهريب بين طرفي الحدود ويكسبون بهذا الكثير من المال غير أن ثمنه كان باهظاً جداً لأنهم كانوا يدفعون من حياتهم المحفوفة بالمخاطر تقريباً في كل أسبوع فدية . في تلك القرية ، تستيقظ الأمهات مع الفجر للذهاب إلى العمل في الحقول . ويستيقظ الأولاد بمفردهم ليذهبوا إلى المدرسة . غالبهم كان يأتي إليها بدون فطور ، وبدون لفة يأكلها على فرصة الساعة العاشرة ، وبدون نقود (خرجية ) يشتري بها كعكة أو غيرها ، وأحياناً بدون أن يغسل وجهه . البنات كن بشكل طبيعي أكثر نظاماً من الصبيان وأكثر عناية بهندامهن إلا من كان منهم محظوظاً وكانت لديه أخت كبيرة لتعتني به . درس القراءة العربية كان عن عيد الأم : عن قصة قالب حلوى تعده بنت بمثل عمرهم لوالدتها بهذه المناسبة . كان الوضع محرجاً بالنسبة لي لأنني شعرت يومها بأنني أتحدث من كوكب المريخ لأنهم لم يكونوا قد سمعوا عن عيد الأم ، ولأن ذلك النص الذي كان بين يدي لا علاقة له بهم ولا بحياتهم ولا بواقعهم اليومي . هو يصلح لأن يكون موضوعاً لتمثيلية أو فيلماً من الصور المتحركة يشاهدونه على التلفزيون إنما لا يصلح لأن يدرَّس في تلك المدرسة . ولما اقترحت عليهم بكل سذاجة بأن يقدموا هدية لأمهاتهم في تلك المناسبة ( كان يجب أن نتحدث عن المناسبة ) أخذوا يتغامزون فيما بينهم ويضحكون في سرهم بشيء من الخجل . وعندها أصريت عليهم بالسؤال لأنني أردت أن أفهم : ما المشكلة ؟ قال احدهم : " لو قدمت لها هدية فستسخر مني ! " . وقال الثاني : " لو قطفت لها زهوراً فسترميها للأبقار ! " واما البنات فاكتفين بالقول بأنهن غالباً من يحضر الطعام للعائلة بمناسبة أم من دون مناسبة ، وبما تيسر . كان هذا الكلام قاسياً وصادماً بالنسبة لي ، وليس لأنني اكتشفت فقط عمق المشكلة الاجتماعية وبعدي التام عن حقيقة ذلك الواقع ، إنما لأنني شعرت يومها عبر الحوار معهم إلى أي مدى كان التعبير عن العاطفة منوطاً بالشكل الإجتماعي المسموح به في كل بيئة ، وكم كان شيئاً مستهجناً ومرهوباً في تلك البيئة خصوصاً لدى الصبيان رغم كل العاطفة والاحترام الذي يكنونه لأمهاتهم . أحسست بيومها بأنني أقتحم مساحة ممنوعة ، وبأن التعبير عن العاطفة في تلك البيئة القاسية هو أصعب ربما من التعري في وسط الشارع ، وأن العلاقات الأسرية ضرورات حياتية لا يعلو عليها إلا ضرورات أقوى منها ، وبأن وظيفة الأمومة مقدسة بكل المعاني المتاحة غير أن أسلوب التعبير عنها يختلف من مجتمع لأخر . | *ضياء | 26 - مايو - 2008 |
 | البيت وتجلياته كن أول من يقيّم
«شاعرية المكان» لغاستون باشلار: البيت في كل تجلياته ابراهيم العريس من المدهش أن من بين الألقاب والأوصاف الكثيرة التي أطلقت على الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار، لا نلتقي الوصف الذي يليق به أكثر من أي وصف آخر: «فيلسوف الحميمية المطلقة». فالحميمية لديه، في كتبه وأفكاره كما في مكامن تجديداته الفلسفية تنطلق من أكثر الأماكن خصوصية في حياة الإنسان ولاوعيه: أي من الحلم، لتصل الى البيت نفسه بصفته الملاذ الحميمي الذي يعود اليه الإنسان دائماً مهما تبدلت به الظروف والتغيرات. من هنا ندرك كم أن للبيت في فكر باشلار شاعريته المطلقة، تلك الشاعرية التي يستنتجها باشلار، على الأقل في واحد من أجمل كتبه: «شاعرية المكان»، حيث نجده في هذا الكتاب يوصل التحليل، من ناحية الى «بيوت الأشياء الصغيرة» والى الدواليب والخزانات الشخصية في البيوت، ومن ناحية أخرى، الى عش العصفور، والصدفة وما الى ذلك من أماكن صغيرة مغلقة يمكن أهلها أن يعيشوا فيها كل حميميتهم. وضع غاستون باشلار كتاب «شاعرية المكان» عام 1957، ليكون واحداً من كتبه الأخيرة، وهو في الحقيقة أراد منه أن يكون خاتمة لسلسلة كتب حول «الشاعرية» كان بدأها قبل ذلك بنحو عشرين سنة بكتابه الأشهر «سيكولوجية النار»، دارساً من خلالها الشعر وعلاقته بالحلم وبالإنسان الفرد على مدى الأزمان. بـ «شاعرية المكان» اختتم باشلار، إذاً تلك السلسلة من الكتب، التي تضم نصوصاً أخرى مثل «الماء والأحلام» (1942) و «الأرض وأحلام يقظة زمن الراحة» (1996) و «الأرض وأحلام يقظة الإرادة» (1948)... وما الى ذلك. غير ان «شاعرية المكان» بقدر ما اختتم السلسلة، وسع آفاق الأفكار التي طرحها باشلار فيها، الى درجة ان هذا الأخير، بعد أن كان أكد ان كتابه هذا هو الخاتمة، عاد وأصدر بعد ثلاث سنوات كتابه الأشهر «شاعرية حلم اليقظة» الذي أتى أشبه بخلاصة عامة للمشروع كله، معبّراً عن توسع الأفق الذي كان جزءاً أساسياً من خاتمة الكتاب الذي نتحدث عنه. في بداية هذا الكتاب انطلق باشلار ليحلل الكثير من الصور الشعرية التي تولدت لديه من خلال تأمله العميق للعناصر الأربعة: النار، الماء، الريح والتراب. وقد أوصله هذا التحليل الى الاستنتاج أن الصورة الشعرية تختص بدينامية خاصة مرتبطة بما سماه «انطولوجيا مباشرة»، موضحاً كيف ان الدراسة العميقة والدقيقة التي اشتغل عليها عبر كتبه الخمسة السابقة قادته الى ضرورة استكمال هذا كله بدراسة حول ما سماه «عبور الذات»، وهي دراسة أمكنه بفضلها فقط أن يشرح تلك السلطة التي تملكها الصورة في مجال التأثير في أرواح أناس آخرين غير مبدع الصورة. وبالنسبة الى باشلار كان لا بد لتلك الدراسة من أن تكون «ظاهراتية»، أي أن «تلتقط لحظة انطلاق الصورة في فعلها بالوعي الفردي». ومن هنا يبدو الشعر في نهاية الأمر «تمظهراً للروح»، بمعنى ان الصورة التي هي في الأساس «صيرورة تعبيرية وسيرورة لكونيتنا» تصبح هنا التعبير الذي يوجد الكينونة. والحقيقة أن هذه الفكرة الأخيرة هي التي أوردها غاستون باشلار في خاتمة هذا الكتاب، ولكن كي يعود ويطورها في شكل شديد الثراء والإسهاب في كتابه التالي. ولأنه شاء ترك هذا الإسهاب الثري لـ «شاعرية حلم اليقظة» نجده في الفصول الأخيرة من «شاعرية المكان» يخلي المجال واسعاً لتحقيق يتحدد بما أطلق عليه المؤلف اسم «المكان أو الحيز السعيد»... أي، في تعريفه الخاص، المكان الذي يستحوذ ويصار الى الدفاع عنه ضد القوى المعادية، الآخر في كل تجلياته. ان هذا المكان هو، وبحسب تعابير باشلار نفسها الحيز المحبوب، وقبل ذلك بالطبع الحيز الحميم، الحيز الملاذ، أي وفي كلمة أكثر بساطة: البيت، هذا البيت الذي نجده في حلم اليقظة وفي كتابات الشعراء، يظهر بصفته «مبدأً حقيقياً للاندماج السيكولوجي للعالم في داخل الأنا». والبيت الذي يحكي عنه باشلار هنا هو البيت في حد ذاته بأجزائه المتنوعة، والتي يصار الى تقويمها بأشكال متنوعة أيضاً: الغرفة، القبو، العليّة، المطبخ... الخ. ان البيت يصبح في هذا السياق وفي هذا المعنى، في الوقت نفسه: الأصل، مسقط الرأس وحيز المستقبل. انه، في اختصار، البيت الذي نحلم به، يسكن أحلامنا، حتى وإن كان وجوده المادي حقيقياً. حين يصل باشلار الى هذا المستوى من التحليل نراه ينطلق انطلاقة جديدة حيث ينكب على دراسة تنطلق من الحاوي الى المحتوى (أي من البيت الى ما فيه)، هذا المحتوى الذي يعود ليصبح حاوياً بدوره. وهذا ما يوصله الى «البيوت» أو «الحاويات» الصغيرة كالدولاب والصندوق والخزانة التي «تحمل في ذاتها – وبحسب تعبير باشلار دائماً – نوعاً من الجماليات الخبيئة». وهذا السياق هو الذي يقود المؤلف هنا الى تخصيص الفصلين التاليين للحديث أولاً عن «عش العصفور» وبعد ذلك عن «الصدفة»، (حيث ان هذا الحديث يوفر له الانطلاق في دراسة شديدة الطرافة تتوقف عبر هذين الملاذين لـ (حيوان فقري» وآخر «غير فقري»)، عند دراسة أحلام اليقظة الإنسانية المرتبطة بـ «الحميميات المتخيلة» الهوائية، سواء كانت مرمية على الغصن، أم مأسورة مثل الرخوية داخل الصدفة التي تكاد تكون سجناً من حجر صلب. هنا، عبر حديثه عن هذه «الزوايا الحميمة» ينطلق باشلار في الحديث عن هذه الملاذات – المخابئ، حيث يمكن «الطفل» أن يتمدد ويعيش ويتأرجح كما يحلو له، مؤسِّساً البيت الخاص به، داخل البيت الكبير الذي يشكل جزءاً منه على أية حال. وباشلار حين يصل الى هنا يشرح لنا، مؤكداً، كيف أن كبار الأدباء والفنانين، لم يستنكفوا أبداً عن الحديث عن هذا الأمر، وغالباً بلغة شاعرية تصف بالتفصيل تلك العلاقة الشاعرية العميقة بين البيت – المخبأ الصغير، وبين البيت الكبير، ما يذكر بفصول وكتابات كثيرة يحلو لها عادة أن تتوقف عند ذلك العالم الصغير الذي يوجده الطفل لنفسه داخل البيت جاعلاً اياه دائماً في منأى عن العيون والآذان: داخل خزانة كبيرة، أو تحت درج داخلي أو تحت السرير، أو في العلية أو على السطح. ان هذا المكان يصبح، كما يقول لنا باشلار، عالماً خاصاً يمنح الطفل/ الشاعر حميميته ويعززها. وإذ يتحدث باشلار عن هذا، يتوقف عند تلك العلاقة التي تنطلق من هنا بين ما هو «مصغّر» جداً، وبين العالم الكبير الذي لا حدود لاتساعه (والذي قد يكون بالنسبة الى الطفل، الذي هو الشاعر الأول، البيت الذي يعيش فيه والذي لا يراه إلا صورة للعالم الكبير الذي يعرفه). وهذه العلاقة تشكل بالنسبة الى باشلار تلك الجدلية بين المتناهي في الكبر والمتناهي في الصغر، والتي يقود استنتاجها الفيلسوف الى أن يشرح، كيف أن هذا كله يصبح في الشعر، العلاقة الجدلية بين الخارجي والداخلي... وفي هذا الإطار نلاحظ كم ان هذا الغوص في الموضوع يقود باشلار الى اكتشاف الصور تحت سطح الكلمات كعادته، هو الذي تشي كتاباته كلها في نهاية الأمر بكم انه كان يريد أن يكون شاعراً قبل أن يكون فيلسوفاً. * غاستون باشلار (1884 – 1962) كان على أية حال فيلسوفاً على حدة في تاريخ الفكر الفرنسي. ومن هنا ظل على الدوام خارج التصنيف، حتى حين صار عضواً في مجمع الخالدين (الأكاديمية الفرنسية) حيث عومل باحترام لم ينله أي مفكر آخر من جيله. وخروج باشلار عن التصنيف على هذا النحو، كان هو ما جعله يعتبر أستاذاً للوي آلتوسير، كما لميشال فوكو، في الوقت نفسه، على ما بين الاثنين من فوارق جذرية. وتنوعت كتب باشلار، لكن قراءه تجاوزوا حلقات المثقفين المتخصصين وتلامذة الفلسفة ما أضفى شعبية كبيرة على أعمال له مثل «حدس اللحظة» (1932) و «سيكولوجية النار» (1938) و «فلسفة اللا» (1940) و «جدلية الديمومة» (1950) وغيرها من كتب أحدثت، ولا تزال، تغييراً أساسياً في العقول والأفكار. * عن جريدة الحياة بتاريخ 9 حزيران 2008 | *ضياء | 10 - يونيو - 2008 |