البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أحاديث الوطن والزمن المتحول    قيّم
التقييم :
( من قبل 39 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
11 - يونيو - 2006
كان الأستاذ السعدي قد طرح ذات مرة تساؤلاً حول علاقة التاريخ بالسيرة الذاتية . حيرني بوقتها ذلك السؤال لأن المسألة تبدت لي بديهية ، ولما فكرت فيها ، استنتجت بأن التنظير لها صعب للغاية . فالسيرة الذاتية هي تاريخ شخصي تتقاطع أحداثة مع مجريات الحدث العام ، بالصدفة يحدث هذا التلاقي في الزمان والمكان ، هكذا يبدو ......  إنما مقاصد السؤال الذي طرحه كانت ربما : كيف تحكي السيرة الذاتية التاريخ العام ?

عندي مثال ساطع على هذا تعلمت منه أكثر مما تعلمت من كتب التاريخ . فجدتي ، رحمها الله ، كانت تقص على مسامعنا سيرة عمرها الطويل وتعيد تردادها بدون كلل أو ملل . منها تعلمت تاريخ طرابلس ، تقصه مشفوعاً بأخبار الذين كانوا من حولها ممن مات ، أو عاش ، أو ولد ،  قبل " الطوفة " مثلاً( طوفان نهر أبو علي ) أوبعدها ، ومن كسر يده في الزحام ، أيام ثورة القاووقجي ، أو عندما جاء ابراهيم هنانو إلى طرابلس ، وأين اختبأوا أيام " ثورة شمعون " . وتحكي أيام الأنكليز وكيف انتشروا بوقتها على شاطىء البحر ، وكيف جاء الفرنسيون بعسكر السنغال ، وعن أيام السفر برلك ورحلتهم مع الجوع والعذاب والجراد والمرض آنذاك ، وعن جيرانها اليهود وعاداتهم ، وكيف كانت طرابلس في ذلك الحين : الأحياء ، البيوت ، الطرقات ، النهر ، السوق ، القلعة ........ تاريخاً موثقاً بالأسماء والأرقام والوقائع من ذاكرة نبيهة صاحية ، ظلت طوال حياتها تنظم وتؤطر وتسلسل تلك المعلومات وتعيدها على مسامعنا على شكل حكايا ، تاريخاً متماسكاً كانت وحدها تعرف سره ، وتعرف كيف تمسك به بقبضتها الواثقة . كيف لا وهي من كان يعرف كيف يحصي ويحفظ كل شيء : الأرقام ، التواريخ ، الأعمار ، و عدد درجات السلالم التي تطلع عليها ، أو عدد حبات الزيتون التي تأكلها في كل وجبة ، ومواقيت الفصول والأعياد والزراعة في الحساب الشرقي وبحسب هلة القمر ، وحتى لو قامت بحشو الكوسى فإنها ستضع فيه " الحبة فوق الحبة ، والرزة فوق الرزة " تحسبها بالمثقال .

 ولطالما تساءلت عن سبب إصرارها على إعادة تلك القصص التي كنا نتذمر منها ونتأفف لها أحياناً . وفهمت بأن الزمن قد تحول وتبدل كثيراً من حولها ، وأنها تحاول ان تمسك بماضيها ، ان تستعيده على طريقتها . وبالرغم من أنها كانت تروي حياتها كأمتداد لحياة من سبقها أو تلاها من الأجيال ، بدون إسراف أو بطولة ، أو حتى خيال ، سرد مجرد سرد واقعي يسجل الوقائع ويثبتها في الذاكرة ، إلا ان تلك الذاكرة كانت تغربل وتنقح وتختار لحظتها وموضوعها ، وهي بالتالي إنتقائية . فالذاكرة هي إعادة إنتاج للواقع بحسب فهمنا للذات وللآخر .

هكذا خطرت لي فكرة هذا الموضوع ، إعادة إنتاج التاريخ من خلال السيرة الذاتية . وهذا ما سأحاول الكتابة فيه ، لكن ليس لوحدي : أدعو الجميع للمشاركة في هذا الملف من منطلق إعادة كتابة تواريخنا الشخصية : عبرها ، ستتبدى لنا أشياء كثيرة كانت مطوية في غياهب النسيان ، وستفتح لنا ربما شبابيك على الحاضر لو استطعنا أن نمسك بتلابيب الماضي ونستقرأ أبعاده .

اعتبروا هذا الملف كأنه صندوق تبرعات ، وليتبرع لنا كل واحد بحكاية من طفولته أو تاريخه الحاضر ، أو حتى تاريخ عائلته . كل المطلوب هو أن تكون هذه القصة واقعية ومختصرة ، وأن يجهد قليلاً في جعلها ممتعة لدى قراءتها .

أتمنى لنا حظاً سعيداً .

 

 66  67  68  69  70 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
القصيدة / الملحمة : أدرهار أبران    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
*القصيدة تؤرخ لمعركة "ادهار أبران" التي سبقت بقليل معركة أنوال 1921 ..
 
Image hosted by allyoucanupload.com
 
لسماع القصيدة / الملحمة مغناة يرجى النقر على هذا الرابط : http://www.rifland.org/walid_mimoun/music/ch-dhar.htm 
*abdelhafid
28 - يناير - 2008
صورة المرأة الأمازيغية في شعرالمقاومة الريفية..    كن أول من يقيّم
 
 
  سعيد بلغربي *
 
منذ بداية القرن العشرين نظمت ملاحم شعرية، تشيد بالبطولة الخارقة للمقاوم الريفي لاسيما خلال حرب الريف، ومن بين الملاحم الخالدة التي سجلها التاريخ بميداد الفخر والشجاعة، والتي حافظ عنها الشاعر عبر الذاكرة الشعبية الجماعية ملحمة “دهار ؤبران” التي تصور الإنتصار العظيم الذي حققه الريفيون، هذه القصيدة تزف إلينا ـ يقول محمد الشامي ـ بشرى الإنتصار على المستعمر الإسباني (1).
وتظل هذه الفترة، مرتبطة بملحمة المقاومة الريفية في العقد الثاني من القرن العشرين، فكما هو معروف، دشن محمد عبد الكريم الخطابي إبتداءا من صيف 1921 عهدا جديدا في تاريخ المقاومة المغربية في شمال البلاد وذلك في ظروف إتصفت بهيمنة الحماية الأجنبية التي جزأت الوطن إلى ثلاثة مناطق نفوذ فرنسية، إسبانية ثم طنجة دولية. وكانت ظروف الإحتلال في المنطقة الشمالية تستدعي من رجال المقاومة المسلحة إيجاد أداة فعالة متكيفة مع ذلك الظرف الدقيق وتستجيب لمتطلبات الدفاع والمواجهة لخدمة أغراض وطنية نبيلة (2). ولاشك، بأن المرأة الريفية جندت نفسها لخدمة هذه الأهداف النبيلة وسجلت حضورها القوي وشجاعتها وعزيمتها الخالصة في الدفاع عن هويتها وشرفها وكرامتها.
ولقد إستطاعت المرأة الريفية أن تجعل من الشعر الأمازيغي الذي نظمته أو الذي قيل عنها خلال سنوات الجمر وثيقة حية تصور لنا جميع الجوانب التي تفيد الباحث في دراسة هذه الحقبة من تاريخنا المنسي، وتعد هذه الأشعار النوع الأدبي الوحيد الذي إستطاع أن يعبر عن البطولات الجهادية في شكل ملاحم كملحمة “دهار ؤبران” التي إستمرت متوارثة من جيل لآخر رغم عدم تدوينها (3).
وتحمل ملحمة “دهار ؤبران” (4) في أبيات متفرقة الدور البطولي للمرأة الريفية خلال الحرب التحريرية بمنطقة الريف، فنسمع الشاعر الأمازيغي يقول:
رقارب ن سكوار، إزوقن سوفيرو
“فاضما” ثاواييغتش، شنا مرا ثورو (فاطمة الورياغلية )
شنا مرا ثابيس، أبياس ن ـ أبعا دورو
شنّا مرا ثكاس، إمحند هلارالو (5
)
الشاعر هنا يرفع من مكانة الأم الريفية التي لها الشأن السامي في أن تحزم حزاما ثمين القيمة انذاك، وكأنه وسام الشجاعة لأنها ولدت أبطالا سيهزمون المستعمر.
ولم تستسلم المرأة الريفية لمعاملة جنود الإستعمار القذرة، وما كانو يستعملونه من أساليب القمع والترهيب والضغط النفسي والجسدي على الأسر الريفية، فيرغمهن على الإمتناع من تقديم وإعداد وجبات غدائية للمجاهدين الذين هم ضيوف كل المنازل الريفية، وفي هذا المعنى يقول الشاعر(ة) الأمازيغي:
كنيو آيت ثمسمان، ذيمجاهذن زي رابدا
تجاهذم سوفوس نوام، تجاهذانت را تينيبا
رمونث خـ ـ وعرور نسنت،
هكوانت إيكذ إيصوضار (6
)
كانت الفتاة الأمازيغية في هذه الفترة تملك حسا نظاليا قويا، لم ينل منه الحصار الذي كانت تفرضه الميلشيات الإسبانية على تنقلات الأفراد في مناطق تواجدهم للحد من التواصل الذي كان يجري بينهم وبين المجاهدين، الاّ أن المرأة الريفية كانت بشجاعتها تأخد مؤن من الطعام والماء على ظهرها وتتسلل خفية بين الصخور والجبال الوعرة المسالك لتوصله إلى الخنادق السرية وأماكن تواجد المجاهدين، علاوة على ذلك كان للفتاة الريفية دورا مهما في إشعار المجاهدين بخطر ما يداهمهم من طرف العدو، فكانت تأخد أماكن إستراتيجية خطط لها المقاومون سابقا، فتوهم العدو بأنها ترعى الغنم أو أنها مشغولة بجمع الحطب والقش وغيرها من الوظائف النسوية الأخرى التى تقوم بها المرأة خارج المنزل، فنسمع إلى الشاعر الأمازيغي واصفا هذا المشهد قائلا:
يوريد ؤرومي، يارسا ذي روضا
شيّار أ “يامينا”، سرمجدور أزيزا (7
)
وخوفا من أن يباغت العدو المجاهدين القابعين بين الجبال والوديان، إستطاعت هذه الفتاة “أمينة” أن تنقد أو تشعرهم بالخطر القادم والإستعداد لمواجهة الإسبان الذين أبصرتهم يتقدمون نحو السهل وذلك للإستعداد للهجوم المحتمل، فحركت الفتاة للتو حزامها ( رمجدور) (8) كوسيلة للتنبيه والإتصال (9) ملوحة لهم كإشعار بخطورة الزحف القادم.
إلى جانب هذا لعبت المرأة الريفية دورا بطوليا مهما وموازيا إلى جانب الرجل في الدفاع وحماية المجال الجغرافي للقرية أو المنطقة التي تقطنها، يقول الشاعر الأمازيغي
:
حزنت أثيبويين، قسسنت را ذي بوياس
خ رحمّاماث نشنت، فارقن ذي قوذاس(10)
يتحدث الشاعر أو الشاعرة هنا عن الحمامات المائية التي تقع في منطقة “إيبويان” بنواحي مدينة أزغنغان، حيث كانت مصدرا مائيا مهما ترتوي منه الدواب والأغنام، ويستفيد منها سكان إيبويان والمداشر المجاورة للشرب والري، وكانت النساء الريفيات يغسلن ثيابهن ومستلزماتهن الصوفية هناك، والشاعر هنا يلتمس من الريفيات الحزن والحداد على هذه المياه التي نهبها المستعمر وإستغلها كما نهب الثروات الأخرى التي تزخر بها منطقة الريف (11) ، كمنجم الحديد بجبل ايسان والثروات البحرية بالمناطق الساحلية….
وفي نفس الصدد يقول “البوعياشي أحمد” متحدثا عن مشاركة المرأة إلى جانب الرجل في المعارك التي خاضها الريف: ( وقد شاركت نساء قبيلة تمسمان في معركة أبران حيث وقفن على القمم المطلة على المعركة وهن يولولن “يزغردن” تشجيعا للمجاهدين …)(12). وبهذا كانت المرأة الريفية صامدة أمام المحن والصعاب، معبرة عن الفرحة والإنتصار، مقاومة باسلة، وهناك طبعا معارك أخرى.. لعبت فيها المرأة دورا موازيا لدور الرجل (13).
إلى جانب ذلك كانت المرأة الريفية ممرضة كفأت في ضماد جراح المصابين من المقاومين وخاصة بإستعمال طرق الكي بالنار وترميم العظام بالقصب ومواد كانت لها فعالية قوية في إلتآم العظام المكسرة بسبب المعارك، إلى جانب خبرتها في التداوي بالأعشاب الطبيعية.
كما كانت النساء في زمن الحرب يضعن الرجل/ الأب، الأخ، الإبن، الزوج أو الحبيب.. في هرم التخيل بلحظة نهاية الحرب أو المعركة، والسؤال الذي كان يطرح حنئذ هو، هل يعود هذا الرجل فلان سالما أو مصابا أم يأتي نذير إعتقاله أم بشير إستشهاده؟. ومهما كانت مرتبة الإستشهاد فإن العيون تراقب بكل لهف عودة هذا المحارب إلى أحضان حياة الأسرة والمجتمع. وتظل هذه الصورة المؤثرة التي بينا أيدينا والتي صورها لنا الشاعر الأمازيغي العائد للتو من ساحة الوغى وعلى لسانه ينعي إستشهاد المجاهد الكبير وهو يتحسر ألما وحرقة على الكيفة التي يستطيع أن يخبر بها الإبنة بإستشهاد أبيها “مّوح” في المعركة، قائلا في صورة مؤثرة:
أيا مجاهد أمقران، خ سّارك إيوضا
مامّش غار كغ إثاربات أخمنّي دايي دغاثرقا
أخمي ني دايي غار ثيني موح ماني يدجا
مّوح دامجاهد ثنغيث حراقا
مامش غار كغ إموابر أبارشان
دإباهبان سومطا
أيا رلا يما فود إنو يوضا
(14
)
من خلال هذه الأبيات الشعرية نقرأ أن هذا الألم الذي إستطاعت الحرب أن تزرعه في الريف إقتسمته قلوب وعيون المرأة والرجل الريفيين معا، ولايستطيع المهتم بهذه الأشياء أن يتحدث عن مقاومة ناجحة بدون أن يذكر الدور الفعال والأساسي للمرأة الأمازيغية فيه.
نجزم القول بأن الشعر الأمازيغي الملحمي إستطاع أن يوصل إلينا جل التفاصيل النبيلة التي ضحت من أجلها المرأة الريفية، تلك المرأة التي صنعت المقاومة وعلى يدها تحقق النصر، ونكاد لا نجد في كتب التاريخ أو على لسان رواة تاريخ المقاومة الريفية بأسماء لخائنات كما هو الحال للرجال، فلا تكاد تخلو قبيلة في الريف من أسماء لرجال إستطاع الإستعمار الإسباني إستمالتهم إليه موفرا لهم إمتيازات طبقية وسلطوية لضبط قوة المقاومة المسلحة والعمل على إضعافها وتكسيرها من خلال ما كان يوفره هؤلاء الخونة العملاء للإستعمار من معلومات وخدمات مأجورة.
إلى اليوم، لم تجف ينابيع الإبداع عند المرأة الريفية ولاتزال تتذكر وشم الإستعمار في سلوك حياتها، وماقامت به من دور بطولي في المقاومة، فنجدهن… ـ عبر توارد الأجيال ـ يرددن الأناشيد والأغاني المشيدة بحرب الريف وخاصة عند قيامهن بأعمالهن الجماعية كالإحتطاب والطحن اليدوي أو في طريقهن إلى أو من العين (15) أو عند القيام بالحصاد وتنويم الأطفال وغيرها من الأعمال اليدوية الأخرى
.
ــــــــــ
هوامش:
1) جريدة صوت الريف، الشعر الأمازيغي بمنطقة الريف ومقاومة الشريف محمد أمزيان، د جميل الحمداوي، العدد 07 الصادر بتاريخ يناير 1995.
2) المجتمع الريفي قبل المقاومة (1897 – 1921) مقاربة تاريخية جديدة، الأستاذ محمد أونيا مجلة أمل العدد الثامن السنة الثالثة 1996.
3) أحمد لحميمي، قراءة تاريخية لملحمة دهار أبران، مجلة أمل عدد 8 .
4) “دهار ؤبارّان” جبل أبران الذي يقع في غرب قبيلة تمسمان، ومثل بالنسبة للزحف الإسباني سنة 1921 نقطة إستراتيجية في إطار التوغل والزحف نحو المعقل الأول لزعامة الجهاد من قبل محمد عبد الكريم الخطابي بقبيلة “آيت ورغايل” وقد إحتله الجنود الإسبان يوم 1 يونيو 1921 واخلاه في نفس اليوم بضغط من قبل المجاهدين. المصدر: أحمد لحميمي مجلة أمل العدد الثامن.
5) ترجمة البيت الشعري:
زينت الخيوط قالب السكر
“فاضمة” يا بنت بني وارغايل، لك الشأن إذا أنجبت
و لك الشأن إذا لبست، حزاما بقيمة مشرفة
ولك الشأن في تربيت أبنك.
6) ترجمة البيت الشعري:
أنتم يا أهل ” تامسامان ” مجاهدون باسلون
جاهدتم بأيديكم، حتى الفتيات جاهدن معكم
أثقال المؤن على ظهورهن، وهن متسلقات بين الصخور
7) ترجمة البيت الشعري:
أطل المستعمر، فإستقر في السهل
لوحي يا أمينة بحزامك الأخضر ( أو الأزرق)
8) حزام تقليدي الصنع، ويعتبر من ضروريات اللباس النسوي بالريف لما يكتسيه من دلالات رمزية ضلت متأصلة في ثقافة اللباس الأمازيغي بالريف.
9) يقول محمد عمر القاضي في سياق حديثه عن طريقة أخرى للإتصال والإشعار لدى الريفين في تلك الحقبة: (عندما يرى المجاهدون… العدو يتحرك و يجمع جيوشه لأجل الزحف عليهم.. يطلقون المشاعيل من النار في أول الليل على أعلى قمم الجبال فينتج على ذلك أن كل من رأى مشعال من هذه القبائل يطلق هو أيضا مشعلا.. وبهذه الكيفية كانت جميع القبائل الريفية تشعر بذلك بدون إستثناء أي فرد من أفرادها وذلك في أقل من ساعة أو ساعتين على أكثر التقدير، وكانت هذه الخطة المشار إليها هي التي تعرقل دائما تقجم الإسبانيين وتقضي على كل محاولة حاولوها للهجوم، كان الأعداء أنفسهم يشهدون بذلك و يصرحون بأن هذه الخطة.. أشد من مواصلاتهم التلفونية والتلغرافية). من كتاب: أسد الريف محمد عبد الكريم الخطابي، مذكرات عن حرب الريف، تطوان ط 1979 ص 51 ـ 52 . نود أن نشير هنا إلى أن المؤلف قد أغفل بشكل واضح دور المرأة الريفية في مذكراته هاته.
10) ترجمة البيت الشعري:
إحزنن يا فتيات “إبويان” و قطعن الأحزمة
على الحمّامات التي نهبت مجاريها

11) جانب من هذه المعلومات للأستاذ محمد الشامي، مصدرها عرض تحت عنوان: “تاريخانيات الذاكرة الشفوية بمنطقة الريف” ألقي خلال ندوة ثقافية نظمتها إعدادية الفرابي بدار الكبداني تحت شعار ( قبيلة بني سعيد أعلام ومجال ) سنة 1996 . أشار من خلالها ذ محمد الشامي إلى أن دلالات قطع الأحزمة في البيت الشعري هو الإلقاء بالتمائم والأحجبة التي كانت تحملها النساء الريفيات…
12) البوعياشي أحمد، حرب الريف التحريرية ومراحل النظال، الجزء الثاني مطبعة دار الأمل طنجة 1975 ص78 / أوردهأحمد لحميمي بمجلة أمل العدد 08.
13) الثقافة الشعبية بين المحلي والوطني، الإطلالة على المرأة في بادية سوس من خلال شعرها وشعر الأخرين عليها، محمد المستاوي ص 188 ، منشورات عكاظ.
14) ترجمة البيت الشعري:
أيها المجاهد الكبير، المستشهد على الحدود
كيف أستطيع أن أخبر الفتاة عند قدومي إليها
و عندما تسألني، عن مآل أبيها
كيف لي أن أدمع عيونا مفحمة
تتلألأ فيها العبرات
يا أماه رجلاي . .لا تقويان على الوقوف .
 15) مجلة أمل “قراءة تاريخية لملحمة ـ دهار أبران ـ للأستاذ أحمد لحميمي العدد الثامن السنة الثالثة 1996 ص:29.
*abdelhafid
29 - يناير - 2008
كآبة : لعبد العزيز المقالح    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

 

عبدالعزيز المقالح   

إلى أصدقائي الذين تنادوا لتكريمي فضاعف حديث التكريم الاكتئاب في نفسي

كآبة

الهواء مريضٌ
وصدري
ورائحةُ الياسمين
وصوتُ المغني الذي كنت أعشقه،
والكلام مريضٌ
وكل القصائد شاحبةٌ
كوجوه الأحبةِ والأصدقاء.
 
تشرق الشمسُ خارجَ نفسي
فلا ألتقيها
كما كنتُ أفعل من قبل
لا يتسرب ماءُ أشعتها
لشرايين روحي
كما كان يفعلُ من قبل
أيَّام كنا صديقين
لكنها -الآن- تغرب داخل نفسي
فتزداد روحي أسىً حامضاً
وقتامهْ.
 
أمن داخل النفس
يزحف ليل الكآبةِ
ينشر أوجاعَه في الجهات البعيدة؟
أم أنّ ليلَ الكآبةِ
يأتي إلينا من الآخرين – الجحيم
فيسقطنا فوق أشلائنا
ثم يجري
وقد حفرت يدُه في الصدور
ظلالَ الندامه.
 
 
كيف أشكو إلى الكلمات
اغترابي
ونار اكتئابي؟
وكيف أنام على شوك حزني
وصوت أنيني
وماء حنيني؟
وكيف أطالع وجهَ السماء الذي
كان أزرقُهُ يفتن الروح
يأخذني في مداه العميق
العميقْ؟!
 
سأعود لنفسي وأسألها
ويدي تتوكأ أوردةَ الكلمات
أمن عطبٍ تضجر الروح
تسقط أوراقها
في خريفٍ من العمر؟
أم من تفاصيلَ جارحةٍ
تتراكم في القلب
حتى حدود القطيعة
والإنفجار؟!
 
بَرْدُ في أول الليل
كابوسُ في آخر الليل
بين الكوابيس والبرد
يحملني جسدي كل يوم
إلى النوم
ثم يعود معي
كي نفتشَ في المهملات
عن الحب والخوف
والذكريات القديمه.
 
أنقذيني
فقد طفحَ الحزن
واختلّ وزنُ الزمان
أنقذيني
فإني لجأتُ إليك
رأيتُ وميضاً من النور
يغشى الحروف التي صَنَعتْ من
عناقيدِ عينيك
أغنيةً فقصيدة !
 
مشمساً كان وجه الصباحات
يغسل صدر المدينة،
أسواقَها
وفنادقَها
والطريقُ يضيء بماء الظهيرة
كيف تلاشى الجمال
وصرتَ تراها بعينين ذابلتين
وقد أفَلَتْ
واحتواها الوجوم!!
 
ربِّ،
لا الشعر أنقذ روحي
من الاكتواء
ولا الأصدقاءُ
أعادوا لنفسي براءتها
لا ولا ما على الأرض
من شجرٍ، وجبالٍ، وبحرٍ
فكنْ منقذيِ أنت
من شرِّ نفسي
وصحبي
ومن نازلات الكآبة.
 
الحياة     - 27/01/2008
 
 
*ضياء
29 - يناير - 2008
تحية للموقع الشامخ    كن أول من يقيّم
 
مساء الخيرات
هذه أول مشاركة لي على هذا الموقع الأشهر من نوعه , احترت أين أضعها واستقر الرأي على أن أضعها في ملف (أحاديث الوطن والزمن المتحول) إذ هو بحق أصبح بوابة للموقع بفضل رشاقة أسلوب السيدة ضياء , وأحببت أن أضمن المشاركة تحية وتقدير للأستاذ محمد السويدي وللأستاذ معتصم زكار والأستاذ زهير ظاظا وللأستاذة ضياء سليم العلي وللأستاذ محمد هشام والأستاذ عبد الحفيظ وللأخوة الغائبين والمغيبين وحيد الفقيهي وعبد الرؤوف النويهي ويحي الرفاعي
بعد هذه التحية أكرر هناك ما طلبه الأستاذ يحيى مصري والأستاذ يوسف الزيات من ضرورة عودة العصر الذهبي للوراق وإعادة الحيوية لمشهده وقد بعثت رسالة تحمل هذا المعنى للأستاذ الشاعر محمد السويدي ولا أدري هل وصلت أم لا
لو تركت المناظرة بين الأستاذ الرفاعي والدكتور المرزوقي والتي تناقلتها مواقع أخرى
لتحول هذا الموقع إلى علامة فارقة في تاريخ المنتديات لكن للأسف.....
رودينا
29 - يناير - 2008
بصراحة يا رودينا    كن أول من يقيّم
 
أريد في هذه الكلمة أن أعبر باسم الوراق وباسمي شخصيا عن جزيل الشكر والامتنان للأستاذة رودينا، ويبدو أنها لم تكن متابعة لتفاصيل الحوار بين المرزوقي ويحيى رفاعي، والذي انحدر به رفاعي أخيرا إلى مستوى لا يليق بالوراق السكوت عليه، إذ أنه نال بالكلام الجارح أستاذا قديرا هو الأستاذ عبد الحفيظ، كما نال بالكلام الغوغائي شيعة العراق عامتهم وخاصتهم.  فسارعت الأستاذة ضياء وقتها إلى حجب خدمة النشر الفوري عن الأستاذ يحيى رفاعي، وإغلاق ملف الحوار الذي لا أوافق فيه الأستاذة رودينا، ولا واحدا بالألف أنه كان سببا في تألق مجالس الوراق، بل إنه لو استمر لكان سببا في نشر الضغينة والكراهية، وإغلاق هذه المجالس التي تأسست منذ أول يوم على حرية الرأي مهما كان مخالفا ولكن بشرط الالتزام بأخلاق الحوار والمحافظة على احترام الطرف الآخر.
هذا ما أردت توضيحه، مكررا شكري وامتناني وإلى اللقاء
*زهير
30 - يناير - 2008
كآبة الروح    كن أول من يقيّم
 
 
كــآبة الروح
 
 
ضاق الحنين :
فطفقتُ أدقُّ
أبواب السدودِ
وفاض بي
دمعٌ حزينٌ
وتثاقلتْ
شمسُ الحدودِ
عن المضي في أثوابيَ المرحى
كما شمس الحقول  ...
 
 
وتمنَّعتْ
أشتاتُ قلبي عن الذبولِ
تروم تعصفُ بالسكونِ
تأبى عليَّ
هوان حال
تأبى عليَِّ
صبابة المشتاق
يضنيه المحال  ...
 
 
وتناثرتْ
أشتات قلبي
كما القضيضِ
كالربضِ
كالبرد الثقيلِ
تأبى عليَّ صبابة
تأبى عليَّ
هجعة الليل الطويل  ...
 
 
لملمت أشلاء البذور
ورحت أضمها
في تربة الصدر الصبور
ورحت أسقيها
نذوري
وها أنا !
روح حبيسة ...
أنهار قد جفتْ
وأوتار عنيدة
قد جفَّ صبري
والطلول
أقفار تستجدي السلام
قد يهتدي فيها الغريب
قد يستوي فيها الهبوب
قد تعتريها
حمأةُ الصبح الطهور ...
 
 
لملمت أشلاء النذور
ورحت أخيطها
شالاً لشباكي
لعل الريح تأتي
فيستريح به الهوى
لعل الشمس تأتي
لعل النجمة البيضاء تأتي
والقمر المسافر
شباكي يزور ...
 
                                  ضياء سليم العلي
*ضياء
30 - يناير - 2008
أسئلة كثيرة للأستاذة رودينا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
مساء الخير والمحبة والأمل والحرية !
السؤال الأول الذي أود طرحه عليك أستاذة رودينا : هل يمكن أن تُفتح المجالس للكتابة فيها دون ضوابط ورقابة , ودون حدود وأصول , وبحرية مطلقة يكتب الكل ما يعتقده وينشره ولا يراجعه فيه أحد ؟؟
والسؤال الثاني الذي أود أن تفكري فيه جيداً : لو كنت أنت المسؤولة عما يُنشر بالمجالس كيف ستتصرفين في بعض كتاباتنا الغوغائية , هل تبقينها مع باقي الكتابات أم ستمارسين سلطتك بحذفها ؟؟
هنالك احتمالان لا ثالث لهما ,
 الأول : كل كاتب مسؤول شخصياً وأدبياً عن كتاباته , ولهذا نترك كل شيء منشوراً كما أراده الكتاب وفي هذه الحالة , ماذا ستفعلين لو أن أحداً فتح موضوعاً للتمجيد بشارون مثلاً , أو لشتم مواطني دولة عربية ما على أساس عنصري , أو التطاول على رموز دينية أو حتى أنبياء .. ؟
الثاني : أن تحذفي ما ترينه خارجاً عن الحدود , ومدمراً في استخدامه لحرية الرأي , وللديمقراطية التي يحبها الجميع ( يحبونها بالمراسلة ) , وفي هذه الحالة ستجدين نفسك وقد تحولت فجأةً لسُلطة قامعة للرأي , وسيطالب الثوريون ( أمثالي ) بإسقاطك بالكفاح المسلح !
في كل موقع هناك بعض الضوابط , وكذلك هناك حدود لكل نقاش علني , وأنا على يقين أن الأستاذ زهير  والأستاذة ضياء لا يُحسدان على حمل هذه المسؤولية فهي صعبة جداً , أما العصر الذهبي فأظنه سيأتي لهذا الموقع المميز بعمق الثقافة , ونقاء الفكر .
في الختام أود طرح هذا السؤال لجميع القراء :
 ما أول شيء ستفعله لو كنت المسؤول عن هذه المجالس ؟؟
وسأكون أول المجيبين ( ودون زعل ) :
أول شيء أفعله هو جمع قصائد الدكتور صبري  في موضوع واحد , لأتمكن من قراءتها مجتمعة بسهولة , وحارماً إياه من متعة فتح مواضيع جديدة , فقد وجدته محباً للفتح !!
فتح الله لنا على يديه أبواب العروض , المألوفة منها والغريبة .
*محمد هشام
31 - يناير - 2008
ردود متقاطعة..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
صباح الخيرات .
تحية وألف شكرعلى المجاملة ، أستاذة رودينا ، وأتمنى ألا تكون مشاركتك هذه هي الأولى والأخـيرة  .
وباقة ورد و ود لأستاذنا زهير، وموافق تماما على ما جاء في مداخلـته إلا صيغة المبالغة كوني " قديرا"
فأنا ما زلت  على العتبات ،  تلميذا يحاول جاهدا محاربة الأمية الثـقافية ..
وسلة فل وياسمين للأستاذة ضياء ، ومثمرة تلك الكآبات والغيمات التي أمطرت ذلك الحزن الجميل ،
كجمال الحزن الذي يشع من عيني الفنانة العظيمة السيدة فيروز ..
وأخيرا تحية تقدير وامتنان للأستاذ هشام ، وجوابا على تساؤله : لو كنت مسؤولا عن هذه المجالس ،
ماذا ستفعل ؟
 
- لا أحبذ أن أكون في موقع المسؤولية (القيادية تحديدا) فبالإضافة إلى الالتزام سأكون مجبرا على
 العمل تحت ضغوطات وإكراهات تفرضها طبيعة العمل نفسه وعوامل أخرى..أما البعيد عن هذا
الموقع الحساس فيكون أكثرحرية أمامه هامش أوسع من الخيارات .. أو على الأصح هكذا يعتقد
أنه في حل من  أي التزام أو مسؤولية .
 
- لو كنت مسؤولا ..لأعدت النظر في لائحة السراة ( خصوصا المنقطعين منذ مدة والرحل منهم .!)
-                    ..لفكرت في تقنية أخرى للتقييم أكثر مصداقية .
 
-                   .. لزودت السراة بأدوات أو برنامج يساعدهم علىتقديم مشاركاتهم بشكل أجمل
                      وأكثر جاذبية .
-                   .. لألغيت ركن - موضوع الأسبوع - واستبدلته بـ مسابقة الشهر- تخصص
                      للكتابات الإبداعية حول فكرة أو موضوع ما أو حدث أو صورة وقصة
                    كما في المثال التالي من موقع دروب ، أدرجه كهدية ومفاجأة للأستاذ هشام.
تحية طيبة،
ما إن طرحنا مبادرة مشروع “صورة وقصة” حتى غمرنا الأحبة من عشاق السرد بتشجيعهم ومباركتهم ولم يترددوا في الكتابة وإرسال النصوص رغم قصر المدة والتي لم تتجاوز الأسبوعين .
وكما وعدناكم ، ها نحن نضع بين أيديكم جميع المشاركات ، والمجال مفتوح للاطلاع والتعليق ، ولا مانع من أن تدرجها المواقع الشقيقة بيد أننا نحبذ أن يقتصر مجال التعليق والنقد على النصوص عبر “دروب” كي لا يتشتت المشارك في متابعة التعليقات والردود
.
41 نصاً متفاوتة الطول والتوجه ، استلمناها من مختلف أرجاء الوطن العربي والمهجر ، بعضها تقاطع مع الصورة وبعضها لا يمت لها بصلة ، إلا أن جميعها –في الغالب- اصطبغ بالطابع الإنساني الممزوج بالعاطفة والكفاح ، وإن تغايرت في احترافيتها لتفاوت خبرات المشاركين خاصة وأننا تعمدنا منذ البداية تعويم سن المشارك وجنسيته رغبة في اكتشاف أسماءٍ وارت إبداعها بالخجل لسنين وربما لعقود .
بقي أن نفي بالجزء الآخر من وعدنا وهو مناقشة النصوص المشاركة في منتدى سيهات القصصي وإتاحة المجال للجميع للتواصل المباشر مع هذا النقاش وطرح المداخلات ، ستعقد أولى هذه الأمسيات مساء الأحد 27 يناير 2008م ، وقد اخترنا برنامج Skype الذي يمكنكم تحميله مجاناً من خلال الموقع الرسمي للشركة skype.com لهذه المهمة ، كما يمكن الاستماع لاحقاً لتسجيل كامل للأمسيات عبر مجموعة podcast الخاصة بموقع “دروب” أيضاً .
وننوه هنا إلى أن النقاش في منتدى سيهات سيدور في الغالب حول تقاطع النص مع الصورة “موضوع المسابقة” لذا فالمشاركات التي لا يبدوا ان لها علاقة بالصورة سيكتفى بنشرها ومناقشتها هنا في دروب إلا أنها لن تجدول ضمن أمسيات المنتدى ، وسيدرج ضمن “الأجندة الثقافية” جدولة بالنصوص المزمع مناقشتها تباعاً حسب الإمكانية.
صورة المسابقة
*abdelhafid
1 - فبراير - 2008
إلى روح جدتي ...    كن أول من يقيّم
 
 
سأكتب في ملف الوطن والزمن المتحول صفحات من التأريخ الشخصي هي تاريخ طفولتي وعائلتي والحي والمدينة والجيران والأصدقاء .... وهي تتقاطع ولا بد مع ذاكرة التاريخ العام وموضوع هذا الملف ، لكن وقبل البدء اسمحوا لي بتقديم هذا الإهداء :
 
إلى روح جدتي التي لا تزال حية فينا ...
هذه شذرات من الذاكرة . ذاكرة موغلة.. موغلة في القدم .. قدم عمري , عمر جدتي , ووالدة جدتي , ووالدة والدة جدتي ... . وأنا أؤمن بأننا متصلون جسدياً !! كما نحن متصلون فكرياً !! كما نحن متصلون عن طريق المتخيلة والذاكرة !! وأنا أؤمن بأننا نعيش في دوائر مغلقة . على هذه الأرض حتماً !! ومن الممكن في أماكن أخرى !!! متصلون برباط خفي لا ندري كنهه حتى الآن !!! وأنا أؤمن حقاً بأن النوع لا يفنى أبداً !! بل يتجدد دائماً حاملاً في شيفرته الوراثية كل المخزون القديم من فكر وفن وتجارب سابقة !! فمن منا لا يحن إلى الماضي  البعيد ؟!! إلى زمن البدايات حيث كان الإنسان لا يزال على الفطرة الأولى . كما الطفل الذي ولد حديثاً فهو يولد على الفطرة . ومن ثم تتالى عليه الخطوب والمشاكل إن فردياً أو جماعياً ! وتتراكم السنون بما تحمله معها من حلو ومرّ . ولكن يظل الحنين موجوداً إلى ذلك الزمن الجميل المطبوع في العقل والقلب دائماً وأبداً .
 
وهذه الأوراق هي جزء من قلبي وعقلي ولم أكتبها كيلا أنساها .. أبداً !! بل كتبتها لكي تساعد الأخرين على التذكر ... فلا يوجد في هذه الحياة أقسى من القلوب المغلقة والعقول المغلقة .. فهي قلوب قاتلة وعقول مميتة .. وإذا كنا نستطيع أن نتذكر الجنة السابقة ونهفو إليها بكل جوارحنا ؟! فلماذا نلعب بالنار بالوقت نفسه ثم نصرخ متألمين عندما نحرق أصابعنا ؟!!
 
فاطمة سليم العلي
 
*فاطمة
21 - فبراير - 2008
مقدمة :    كن أول من يقيّم
 
كانت جدتي تردّد دائماً على مسامعنا بحسرة شديدة أسفها لعدم تمكّنها من تدوين كلّ التجارب التي مرّت في حياتها, لأنّها بكلّ بساطة, كانت أمية لا تعرف القراءة والكتابة. ولكنها كانت ذات ذاكرة قوية؛ فقد كانت تسرد دائماً تجربتها المريرة في الحياة على شكل حكاية, وتؤرّخ على الطريقة العربية حدثاً بحدث آخر. فكانت مثلاً, تقول: وُلد علي_ وهو أخي الكبير _ يوم وفاة "الرسلاني". فإذا لم تكن ابن المنطقة, وتعرف من هو الرسلاني, فإنك ستصاب بالذهول. بالطبع هي كانت تذكراليوم والشهر والساعة لولادة كل واحد تعرفه؛ ابتداءً بإخوتها وأولاد إخوتها وأقاربها وجيرانها وأبنائها, وفيما بعد أولاد أبنائها. ولكن الطريقة الأولى هي الأسهل. فابنة عمتي فاطمة ولدت يوم استقلال لبنان, وفلانة يوم ثورة القاوقجي, وأنا ولدت يوم جمعة برجب!. والشهر العربي كما هو معروف متغير. فإذا أصرّيت عليها تقول: ولدتِ يوم 9 شباط. ومع هذا, فهي عندما تتكلم أو تسرد عفوياً, تقول الأولى دائماً.
وبما أن اليوم هو 9 شباط , فقد خطر ببالي , وأنا أجلس في البيت وحيدة, أن أبدأ بتحقيق هذه الأمنية لجدّتي. فأنا, على الأقل, أعرف القراءة والكتابة, وإن كنت لا أملك كل المعلومات التي كانت تملكها هي. ولكنني سأحاول أن أذكر كل ما كانت تخبرنا به, حفاظاً على وصيتها.
في الحقيقة, إن هذه الفكرة تراودني منذ زمن, ولكنني كنت أؤجّل الأمر يوماَ بعد يوم, ولا أدري السبب . أهي عدم الرغبة بالقيام بذلك في سن مبكرة؟!. فعادةً يكتب ذكرياته من هم كبار في السن, وبعد أن تكتمل أو تنضج تجربتهم في الحياة ! أم أن الأمر يتعلق بثقة زائدة في النفس أو بالذاكرة أو من أنني قادرة على القيام بذلك متى شئت؟! معقول. ولكن بما أن جزءًا من هذه الذكريات يخصّ جدتي ولا يخصني وحدي, أظن أنه يمكنني هكذا بالإمساك من الحبل في منتصفه.
إذاً اليوم 9 شباط 2005 , أي أن عمري أصبح 49 عاماً بالتمام, أي أنني أقترب من نصف قرن من الزمان, وهذا ليس بالقليل . فقد مررت خلالها بالكثير من التجارب المتنوعة. وكلها أعطتني خبرة في هذه الحياة جعلتني أغير نظرتي إلى الأمور : أمور الحياة: نظرتي للناس, للمجتمع , للدين , للعلم , للإنسان بشكل عام . وقد لعب المحيط الذي كنت أعيش فيه دوراً كبيراً في ذلك. فهناك أناس تركوا بصمات كبيرة على شخصيتي مثل والدي وجدتي وهناك أحداث تركت تأثيراً كبيراً عليّ وحوّلتني جذرياً مثل الحرب اللبنانية وهناك ظروف مادية واجتماعية تغيّرت جعلتني أغيّر نظرتي تجاه بعض الناس. وبالرغم من "العقلانية" التي التي أتمتع بها فإنني لا أزال أعتمد كثيراً على حدسي الأوّلي تجاه الأمور.
ولعلّي وأنا أكتب هذه التجربة أكتشف أشياء أخرى جديدة, غير الحنين إلى الماضي والذي هو غريزي بحت لدى الإنسان, أشياء تساعدني على الإستمرار أفضل في حياتي المقبلة أوبالإحرى فيما تبقى منها .
*فاطمة
21 - فبراير - 2008
 66  67  68  69  70