البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : التاريخ

 موضوع النقاش : أحاديث الوطن والزمن المتحول    قيّم
التقييم :
( من قبل 39 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
11 - يونيو - 2006
كان الأستاذ السعدي قد طرح ذات مرة تساؤلاً حول علاقة التاريخ بالسيرة الذاتية . حيرني بوقتها ذلك السؤال لأن المسألة تبدت لي بديهية ، ولما فكرت فيها ، استنتجت بأن التنظير لها صعب للغاية . فالسيرة الذاتية هي تاريخ شخصي تتقاطع أحداثة مع مجريات الحدث العام ، بالصدفة يحدث هذا التلاقي في الزمان والمكان ، هكذا يبدو ......  إنما مقاصد السؤال الذي طرحه كانت ربما : كيف تحكي السيرة الذاتية التاريخ العام ?

عندي مثال ساطع على هذا تعلمت منه أكثر مما تعلمت من كتب التاريخ . فجدتي ، رحمها الله ، كانت تقص على مسامعنا سيرة عمرها الطويل وتعيد تردادها بدون كلل أو ملل . منها تعلمت تاريخ طرابلس ، تقصه مشفوعاً بأخبار الذين كانوا من حولها ممن مات ، أو عاش ، أو ولد ،  قبل " الطوفة " مثلاً( طوفان نهر أبو علي ) أوبعدها ، ومن كسر يده في الزحام ، أيام ثورة القاووقجي ، أو عندما جاء ابراهيم هنانو إلى طرابلس ، وأين اختبأوا أيام " ثورة شمعون " . وتحكي أيام الأنكليز وكيف انتشروا بوقتها على شاطىء البحر ، وكيف جاء الفرنسيون بعسكر السنغال ، وعن أيام السفر برلك ورحلتهم مع الجوع والعذاب والجراد والمرض آنذاك ، وعن جيرانها اليهود وعاداتهم ، وكيف كانت طرابلس في ذلك الحين : الأحياء ، البيوت ، الطرقات ، النهر ، السوق ، القلعة ........ تاريخاً موثقاً بالأسماء والأرقام والوقائع من ذاكرة نبيهة صاحية ، ظلت طوال حياتها تنظم وتؤطر وتسلسل تلك المعلومات وتعيدها على مسامعنا على شكل حكايا ، تاريخاً متماسكاً كانت وحدها تعرف سره ، وتعرف كيف تمسك به بقبضتها الواثقة . كيف لا وهي من كان يعرف كيف يحصي ويحفظ كل شيء : الأرقام ، التواريخ ، الأعمار ، و عدد درجات السلالم التي تطلع عليها ، أو عدد حبات الزيتون التي تأكلها في كل وجبة ، ومواقيت الفصول والأعياد والزراعة في الحساب الشرقي وبحسب هلة القمر ، وحتى لو قامت بحشو الكوسى فإنها ستضع فيه " الحبة فوق الحبة ، والرزة فوق الرزة " تحسبها بالمثقال .

 ولطالما تساءلت عن سبب إصرارها على إعادة تلك القصص التي كنا نتذمر منها ونتأفف لها أحياناً . وفهمت بأن الزمن قد تحول وتبدل كثيراً من حولها ، وأنها تحاول ان تمسك بماضيها ، ان تستعيده على طريقتها . وبالرغم من أنها كانت تروي حياتها كأمتداد لحياة من سبقها أو تلاها من الأجيال ، بدون إسراف أو بطولة ، أو حتى خيال ، سرد مجرد سرد واقعي يسجل الوقائع ويثبتها في الذاكرة ، إلا ان تلك الذاكرة كانت تغربل وتنقح وتختار لحظتها وموضوعها ، وهي بالتالي إنتقائية . فالذاكرة هي إعادة إنتاج للواقع بحسب فهمنا للذات وللآخر .

هكذا خطرت لي فكرة هذا الموضوع ، إعادة إنتاج التاريخ من خلال السيرة الذاتية . وهذا ما سأحاول الكتابة فيه ، لكن ليس لوحدي : أدعو الجميع للمشاركة في هذا الملف من منطلق إعادة كتابة تواريخنا الشخصية : عبرها ، ستتبدى لنا أشياء كثيرة كانت مطوية في غياهب النسيان ، وستفتح لنا ربما شبابيك على الحاضر لو استطعنا أن نمسك بتلابيب الماضي ونستقرأ أبعاده .

اعتبروا هذا الملف كأنه صندوق تبرعات ، وليتبرع لنا كل واحد بحكاية من طفولته أو تاريخه الحاضر ، أو حتى تاريخ عائلته . كل المطلوب هو أن تكون هذه القصة واقعية ومختصرة ، وأن يجهد قليلاً في جعلها ممتعة لدى قراءتها .

أتمنى لنا حظاً سعيداً .

 

 62  63  64  65  66 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
اللهجات العامية في لبنان وسورية (3)    كن أول من يقيّم
 
الإبدال:
وهو وضع حرف أو أكثر عوض غيره مما يقرب مخرجه منه غالبًا، فمن ذلك قولهم: تَدَشَّا لتجشا. والشقبان للشكبان: وهي حبال مشتبكة يجمع فيها الحشيش  ويحمل على الظهر. وكمره لغمنه أي ألقى عليه ثيابه ليعرق. وركد لركض وهي  تقلب المعنى لأن الركود بمعنى الثبات. وجراعة لجراءة. وخط بنومه لغط إذا  صوت من أنفه. ونبَّ لنبأ أي ارتفع أو نبأ بمعنى نفر. وبطحه لبدحه بمعنى قلبه. ودس الكبش والنبض بمعنى جسه، والفصيح في جسَّ الكبش لمعرفة سمنه من هزاله فعل ( جَتَّ ). والنبط للنبض. وزنقر بعينه أي حدّد النظر فيها لزنهر، والبعض يقولون (زقر وجقر). والعجوة للعجمة أي نواة المشمش ونحوه. وثغر عليه بمعنى دغر أي ركض لمقاتلته بسرعة أو قحم عليه من غير تثبت. وفدغه لفضخه إذا شدخ رأسه. والسركة للسُّلَكة أي أنثى الحجل. والحنكليس للانكليس، ويعرف بالجرّى: وهو سمك نهري كالحيات يؤكل. وهذا مساقب ذاك أي مصاقبه، بمعنى مناوحه ومقابله. والسواد للسماد وهو سرقين الحيوانات الذي تصلح به الأرض للزراعة. وقمز لجمز .وخضرت رجله: بمعنى خدرت. ويلهط الطعام ليرهطه. وفرّم الولد أسنانه لثرم، وهي ليست بالمعنى المراد، وفصيحه ثُغِر أي ألقى أسنانه الأولى. و" اشترت " الدابة لاجترت. و" فَقُّوس " لبنقوس وهو من صغار البطيخ. " وقرمة " الشجرة بمعنى أرومتها . و"الهامج" للهامش، وهو حاشية الكتاب البيضاء ليزاد عليها الشرح ونحوه. و" الغَفَر " للخَفَر، بمعنى الدَّرَك للمحافظة. و" الصَّمْخ " للصمغ. و"الصَّلُّوب" للصُّلْبُوب وهو مزمار القصب. و"اللَّكَن" للإناء النحاسي المعروف بمعنى اللَّقَن ويسمى: المِركن. و" يَتَقَنَّف" ليتأنف أي يكره  طعم الشيء. و"رثا الثوب" لرفأه أي رقعه. و"جعر" الثور ونحوه لجأر أي خار وصوت. وقرا " كرجا " بمعنى درج وهو عكس التهجئة. و" المرجوحة " للأرجوحة وتعرف عندنا بالعنـزوقة أيضًا. و"الصِّمْد" للصّبْط وهو المحراث الطويل الذي يجره الثور للفلاحة. و"سنْسلة" لسلسلة بمعنى الزنجير ذي الحلقات المتصل بعضها ببعض. وفلان " أَرْفَى " أي أرفل وهو المسترخي الأذنين. و"رقد الشيء" بالماء أي ركد، و"سرج الثوب" أي شرجه بمعنى خاطه خياطة متباعدة، " وصَنَّجَتْ رقبته " أي تَشَنَّجَتْ بمعنى مالت لألم أصابها وفصيحها إِجْل وهو وجع العنق من الوسادة. و"وَنَّ الشيء" أي أَنَّ إذا صوت ولعلها مأخوذة من الوَنِّ وهو الصنج الذي يقرع بحركة الأصابع وتسميه العامة باسم ( الفِقِّيْشَة ). و"غَزَّه بالرمح" والإبرة أي شكه مبدلة من خَزَّه، والقِزَازَ للزُّجاج، و " الدِّمْس " لصف الحجارة في البناء عوض دِمْص وهو كل عَرَق من الحائط خلا العَرقِ الأسفل فإنه رِهْص، و"خِرْم الإبرة" لخربها أي ثقبها، و"قعقور" لقهقور  وهي حجارة تبنى وتنضد علامة لتخم ونحوه، و"الْمَحْدَلة " للمحالة وهي أسطوانة يعلق فيها قوس وتدحرج لرص التراب، ولعلهم توهموها بدون إعلال فقالوا ( مَحْوَلة ) ثم أبدلوا لقرب المخرج فصارت محدلة . و"القِلْد " لنقرة في الصخر يجتمع فيها ماء المطر للقَلْت. و"الدفدر" للدفتر، و"المجاز" للمزاج، و"أمجز الشيء وأجمزهُ" بمعنى أمزجه أي خلطه، و"تجوَّز" أي تزوج، و"أولاد زغار" أي صغار، " وتم " لفم. و"الجَرَزون" للزَّرجون. و"انداق فلان" أي انضاق، و"دِحِك " لضحك. و"وكَّد هذا الشيء " أي أكده بالنظر. و"الزعتر"للصعتر"، و"مهنتز ومهندز" لمهندس، " و" فلَّ فلان " أي فرَّ،  و"قلق المريض " بمعنى أرق أي لم  ينم. و"العفش" للعفج وهو المعي الذي ينتقل إليه الطعام بعد المعدة، ويستعملونه اليوم بمعنى أدوات المسافر وحاجاته التي ينقلها معه في سفراته، و"كَزَّت نفسه" أي قرَّت بمعنى أبت الشيء وعافته .
"وانتلا الوعاء" أي امتلأ فأبدلوا وسهلوا الهمزة، ويقولون " تَلِّى وملِّى الإبريق" أي آملأه. " وشطف الحطب ونحوه " من شطبه أي شقَّه مستطيلاً، " وقشَّبَت يده " من قشفت إذا تشققت. وشرَّ الماء" أي خرَّ وتناثر، فإذا أرادوا المبالغة قالوا " شَرْشرَ " . و"فَجَّ الباب" إذا كسره من قولهم فَشَّ القفل إذا فتحه بغير مفتاح. " والطنطور " للطرطور، وهو أسطوانة هرمية معدنية فضية أو ذهبية أو نحاسية توضع على الرأس  ويرفع عليها النقاب، وكانت في القرون الأخيرة من ملابس الأميرات أو المثريات،   تغالين وتنافسن بلبسها وبالغن بزخرفتها وزركشتها وشاع استعمالها حتى قال المعلم بطرس كرامة الحمصي شاعر الأمير بشير الكبير حاكم لبنان:
ومطنطر فتكت لواحظه بنا       وأذاع فينا الفتك ثم  أشاعا
فكأن خلقته لدى طنطوره        بدر أقام لدى الجبين  ذراعا
" والسرنوك " للترنوك أي الحقير المهزول . " والمرتكوش " للمردقوش من الرياحين، " وودّى فلانًا إلى فلان " أي أدّه بمعنى أعطه، وعند العامة بمعنى أبعثه وأرسله، " وفرم اللحم " من هرمه أي قطَّعه. " والقِنّ " للكِنّ أي بيت الدجاج ولعله من الأقنة أيضًا وهي بيت يبنى من الحجر جمعه أُقَن. وفلانٌ "يقرم الخبز" إذا أكله أي يأرمه بمعنى يأكل ما على المائدة منه، ولكن العامة يستعملونه بمعنى قضمه فأكله، " والقعق " لطير القاق ( الغراب ) ولعلها من العقعق، " ونتش الشيء " إذا اختطفه مبدلة من متشه أي فرّقه بأصابعه، فاستعملوه للخطف بسرعة، و" ابزق " أي ابصق ومنه سموا الحلزونة ( بزاقة ) لأنها كثيرة البصاق. ويقولون فلان طبعه (قِزِح أو إِزح) بمعنى سريع الغضب والتأثر فهي إما من ( قزع ) بمعنى خف وأسرع، أو هي من قمز بمعنى وثب واضطرب فيكون فيها القلب، أو هي من ( الحُرُقَّة ) وهو الرجل السيئ الخلق، "وقمَّر الخبز ونحوه أو أمّره" مبدلة من جمَّره إذا وضعه على الجمر ليقدّده ويبالغ في شيه، وقد تكون من حمَّره بمعنى جعله يحمرّ على النار. " وتبشنق " إذا لف رأسه وعنقه بقماش وقاية من البرد أو للتزين أو التبرج مبدّلة من ( تبخنق ) إذا لبس البُخْنُق وهو البرقع والبرنس الصغير، أو هي من البشلوقة التركية لغطاء الرأس فتحرفها العامة وتقول بشنوقة بالإبدال فتكون من باب الدخيل. وفلان ( عايق ) أي لطيف الشكل والمشى واللبس أو ( عايئ ) وكأنها محرفة عن حايك أو عايك بمعنى المتبختر والمختال  في مشيه. ( وكرع ) لجرع. " وشعنوطة " لعقدة بالخيط معروفة وأصلها أنشوطة، ويقولون " غبى من الضحك " بدل أغمى عليه. و ( قرّق ) فلان على فلان إذا استهزأ به من ( هرّأ ) أي تكلم الهراء وهو الكلام الكثير الفاسد، " واندكس المريض " لانتكس. و"تدندل الشيء " إذا تدلى من تدلدل، "وطبش الرجل غيره" إذا ضربه من طبج، واشتقوا منها الطبشة التي يؤدب بها الأطفال وفصيحها المقفعة، وفلان " طِشٌّ " أي أحمق جامد كأنها من طبج بهذا المعنى. " وكَرَت الماء " إذا صبه من كلت ويقولون أيضًا كتَّ بالإدغام، " وجخَّ الرجل " بمعنى تأنق بملبوسه واختال كأنها من جفخ بمعنى افتخر ومن مقلوبها جخف بمعناها. " وتَحَلْفَص " إذا تحرّك للقيام كأنها من تحفَّزَ. " وشاشت نفسه " أي اضطربت من جاشت. ورجل (قِشلان) أي مفلس معدم كأنها من قولهم (أرلان) أي مجدب. و ( طنبرت ) اليد أو الجلد إذا بدا فيهما ورم كأنها من  ( انبَهرت ) أو من ( طمرت ). و ( دنكز ) إذا طأطأ رأسه ذلاًّ وخضوعًا ونظر بعين مكسورة مبدلة من (دنقس) بمعناها. " والضرف " للظرف بمعنى وعاء من جلد عندنا للبن. والغيض للغيظ.
ويعزى كل هذا إلى قرب مخارج الحروف وإلى لهجات القبائل وما يعرض من التصرف في اللفظ والسمع ونحو ذلك .
 
وكثيرًا ما يجتمع ( القلب ) و ( الإبدال ) أو ( ينفردان ) مثل قولهم " إجْر " لرجل ، فقدّموا اللام وأبدلوها همزة، "وشهَّل الثمن" إذا رفعه وهي من أشاله، " والقَلُّوسة" في القلنسوة المعروفة من أغطية الرأس لكهنة النصارى، ومثل " عَمْلوش العنب أو معلوشه " لما يبقى من العنقود بعد أكل حبه، والأصل عمْشُوش فقلبوا وأبدلوا. " وبيتنجان " للباذنجان الثمر المعروف دخيل وعربيته الأنب والمغد والوغد.
              
*ضياء
5 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (4)    كن أول من يقيّم
 
الزيادة:
وهي أن يزاد على الكلمة حرف أو أكثر وذلك من لهجات العرب أيضًا، مثل قول شاعرهم:
 
وإنني حيثما يثني الهوى بصري      من حيثما سلكوا أثني فأنظور
 
أي أنظر. ومنها قولهم " إيد " ليد، " وكارُّو " لكار أي سفن منحدرة لنقل الطعام ونحوه وهي أعجمية، " ودواية " لدواة وهي ما يكتب بها، وأما الدواية فهي ما يعلو اللبن من القشدة المعروفة عند العامة بالقشتة، وهي السمن أو الزبدة التي يسميها الأتراك قيماق، " والقرنبيط " للقُنَّبِيط ( نوع من الخضر )، وتقنطر عن فرسه لتقطَّر  أي وقع، ولعلهم زادوا النون للإلحاق مثل تجندل في تجدَّل، " والمخلاية " للمخلاة، وهي ما يوضع فيها الخلَى أي رطب النبات لإطعام الدواب وقد عيب على المتنبي  قوله في مرثية أم سيف الدولة الحمداني لما فيه من الهجنة:
لساحيه على الأجداث حشف      كأيدي الخيل أبصرت المخالي
 
"وفلحص" لفحص برجليه، أي بحث ونشر التراب، " والمراية " للمرآة، " والحرباية " للحرباء، " والمصفاية" للمصفاة، و" القشوية " للقشيَّة، وهي شيء يتخذ  من القش كإناء، " والمَجْعود" للمجعّد، " والمعَوْكَر " للمعكَّر، "والمقوفع" للمقفَّع،      "وتشنطط" لتشتَّت ، وفيه الإبدال فوق الزيادة. " والصدرية " للصدرة، " والجلابيَّة " للجلباب، " والقوبرة " للقبَّرة، وهي الطير المعروف، " ورجال " لرجل، " وطيلع  الشيء" لطلَّعه، " ونَيْزَلَهُ " إذا نَزَّله، " والمريُول " للمِرْيل، وهو ما يوضع على صدر الطفل ليقي ثيابه من رياله أي لعابه السائل من فمه، وأطلقوه الآن على ما يتخذه  الخادم لوقاية ثيابه من القذر، والبعض يسمونه بالمملوك من تسمية الشيء باسم متخذه؛ لأن المملوك الخادم وهو من ملابسه، " والباقية " للبيقة وهي حب يتخذ لعلف المواشي، " ومايق " في مَئِق، والبعض يبدلون بها قولهم مِرِق أي كريه ثقيل، ومنه المثل عند الفصحاء ( أنت  تئِق وأنا مَئِق فكيف نتفق ) وقولهم ( لو طربقت ) السماع الأرض. أي لو طبَّقت . و( شوشط ) الطعام على النار أي شاط وشوَّط، إذا كاد يحترق،" ورصرص الشيء" إذا وضع فيه الرصاص من رصَّصَه، " وزوزق الشيء" بمعنى لونه وزينه من زوَّقَه، "والمسقار" لنوع من السمك الأحمر الطويل المسنَّم الظهر من    (السَّقَّار ). " ودعبل الشيء " إذا كتَّله من دَبَله، " وتتعلس " إذا ساءت حاله من  مرض ونحوه، من تتعسَّ " والعَتْعِيت" للرجل العظيم القوي من العُتْعُت، " وكرنش جلده" إذا تغض فصار كالكرش، من كرش إذا كان كذلك، ويقولون عما يريدون تركه ( بَلاَه ) فهي من كلمة ( بَلْه ) أي اترك ودع، أو هي مركبة من ( لا ) النافية فتكون بمعنى ( بدونه ) " ومْبَلَى " في بَلَى حرف الجواب، " والعامود " للعمود، وجمع الأولى عواميد  وفصيحها أعمدة.
*ضياء
5 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (5)    كن أول من يقيّم
 
 النقصان:
        ومن نقصان الحروف قولهم " أُسْطَا " في أستاذ، ويقولون ( أستا ) أيضًا بدون إبدال و " ماظة " في لماظة، وهو ما يتنقل به على الشراب، و " سَنَم الجمل " أو ( صَنَمه ) بمعنى سنامه وهو ظهره المرتفع ففيه إبدال أيضًا، " بصَّة النار " أي بصوتها وهي جمرتها فأنقصوا وضعفوا، " بُبُّو العين " أي بؤبؤها وهو إنسانها أو سوادها، و " طبَّ على الصحن " ونحوه أي أكب فنقصوا وأبدلوا، و " عَطُوني " لأعطوني . و " هيك " أي هكذا، و " طار " لإطار المنخل والغربال ونحوهما، وربما عوضوا عن الهمزة المحذوفة تاء فقالوا طارة. و " ربَّص الأرض " إذا بربصها بمعنى سقاها رويًّا  لتجود ثم عزقها وزرعها، و " التَمَّ " لالتأَم بمعنى اجتمع، و " اللي " أي الذي، و " مَرْت فلان " أي امرأته، وهَون أي هنا و ( غِنية ) لأغنية و ( البندة أو البندية ) للبدنية وهي حجر كبير مربع مستطيل معد للبناء، و  ( تف ) أي اتفل بمعنى ابصق، وقولهم هذا مرّ مثل ( العَلَق ) أي العلقم. ونهار الحد للأحد، و ( طسه ) إذا ضربه شديدًا من رطسه، و (الفصَّة) نبات يتخذ لعلف الحيوانات من الفصفصة و( النِّزْغَلَّة ) للحمامة البرية من أُطْرُغَلَّة، و (طلّ) عليه إذا أشرف من أَطلَّ، و ( شاف ) أي أشاف عليه، و ( فزَّ ) من قفز، و ( غفى ) إذا نام من أَغفى، و ( شعط ) إذا غضب من اشمعطَّ، و ( العطوس ) للعاطوس، و ( العِكِش ) الذي لا يهتم بالزينة والترتيب من العنكش و ( السَّبَل ) للسنبل من القمح ونحوه معروف. و ( الشوال ) للجوالق الفارسية الأصل، وتكتب عندهم چوال. و( طقسس ) عن الخبر أي فحص من تقَسَّس الخبر، أو من تقصَّاه، و (زحط) بمعنى زلق من انسخط، واتْهَمه بإسكان التاء عوض اتَّهمه بتشديدها، بمعنى نسب إليه ذنبًا ونحوه، و ( القُومانية ) ما يكفي الإنسان من القوت فصيحها القِوَام والقوميَّة فتصرفوا فيها بالزيادة.
        وقد تجتمع الزيادة والنقصان والقلب مع غيرها مثل ( الحنبلاس ) لحبِّ الآس الذي يؤكل و( الصُّوفَيْرة ) للصفَّارة، و( النوفيرة ) للنوفرة بمعنى الفوَّارة، و(الطنطلة) أي اللهاة التي في الفم من الطلاطلة.
 
    
*ضياء
5 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (6)    كن أول من يقيّم
 
الدخيل:
        هو ما تسرَّب من الأعجمية إلى لهجات العرب باختلاطهم بالأعاجم فشاع بينهم وصار من ألفاظهم التي يتفاهمون بها، وذلك منذ القديم إلى يومنا وله أمثلة كثيرة لا يمكن الآن حصرها في هذه العجالة فنشير إلى بعضها، قال كسرى أنوشروان كما روى الثعالبي في ( من غاب عنه المطرب ): النبيذ صابون الهم. فاستعمله العرب بعده، والإصطَبل ذكر في فقه اللغة، وسأل على ( رضه ) شريحًا مسألة فأجاب بالصواب. فقال له ( قولون ) أي أصبت وهي رومية.
 
        فمما دخل في ألفاظ عاميتنا من تلك اللغات التي شاعت بيننا قولهم من  السريانية ( الصلاحيَّة ) بمعنى الصحن العميق القعر، و "الشَّوْب" للحَرّ، و( طرطش  ثيابه ) إذا لطخها بالماء ونحوه، و ( كَـرزَ ) إذا وعظ، و ( سَكَّر البـاب ) إذا أغلقه،     
و( السُّكَّرة ) القفل الخشبي الذي يثبت به الباب المغلق، و ( دَقَّرَه ) بمعناه .
 
        ومن الفارسية ( البالوظة ) للفالوذج وتسميه العرب الرجراجة والرِّعْديد، و ( السدَّان ) من السندان وهو ما يطرق الحداد عليه الحديد وفصيحه العَلاَة، و ( الزَّهْر ) لفصوص النرد ( طاولة اللعب المعروفة ) تعريب ( الزار ) بمعنى الحظ،و ( لداغ ) بمعنى الهيئة أو السمة الواحدة، و ( البَرْطاش ) لعتبة الباب السفلى بمعنى ( حجر واحد ) لأنها تكون كذلك. و( النربيج أو المربيج ) ما يدخَّن في الأركيلة والمصريون يسمونه اللَّيْ، و( الأركيلة ) من النارجيلة وهي هندية الأصل معروفة ويسميها الأتراك ( الشيشة ) بمعنى الزجاجة و( الجانبازي ) الذي يزيد في الثمن  وعربيته الناجش. و(الخشاف) نقيع الزبيب أو المشمش بالماء الحلو من ( خُوْش ) أي لذيذ و( آب ) بمعنى ماء. و( الخشكار ) الدقيق ( الطحين ) الخشن. و( الدشمان ) بمعنى الخصم والعدو، و( الجامكيَّة ) أي رواتب خدَّام الدولة تعريب (جامكي)، (والبازار) السوق، و( البارة ) بمعنى القطعة، و( البيكار ) من بركار، و( زمُّولة الإبريق ) تعريب بزول وهو الثدي، و ( المارستان ) من بيمارستان أي دار المرضى، وبيض برشت في ( نيم برشت ) أي نصف مشوي .
 
        ومن اليونانية ( المُخْل ) لآلة الهدم، وقيل سريانية، و (الاصطبل) لمربط الخيل،   و( الزنطاري ) تصحيف الدوسنطارية لمرضى السحج والدَّرَب.
        وفي اللاتينية ( الكابوس ) لمرض يصيب الراقد وفصيحها الجاثوم والجُثام، و ( السجلّ ) لكتاب الحكومة. و( البسكوت ) لقطع من الخبز معروفة، والبرنيطة للباس الرأس الشائع.
 
        ومن اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية ) ( الحنطة والقمح ) للحبوب المتخذ منها الخبز. و ( المر ) للآلة التي يحفر بها تعرف بالمسحاة. و( العيش ) للخبز .
 
        ومن العبرانية ( القطاني ) للحبوب غير الحنطة والشعير، و ( الكرسنَّة ) لنوع  من القطاني لغذاء الحيوانات.
 
        ومن القبطية ( الحَلُّون ) لنوع من الجبن تحريف ( الحَلُوم ) و( الإردبّ ) للمكيال المعروف، و( التمساح ) لحيوان النيل، وقولهم في الغناء ( يا ليلي ) بمعنى يا طربي و( كاني وماني ) بمعنى السمن والعسل الممتزجين.
 
        ومن الحبشية ( المشكاة ) لطاقة غير نافذة يوضع فيها السراج، و( الممبر  أو  المنبر الكرسي ) لموقف الواعظ أو الخطيب، والمصحف للكتاب، والمنافق للخدَّاع.
 
        ومن الإيطالية ( الكَرُّوسة ) للعجلة التي تجرها الخيل، و( الأسكلة ) للميناء البحرية. و( ياما ) كثيرًا ما. و( الأفوكاتو ) للمحامي، و( البنديرة ) للعلم، و ( الفركاثة ) لسفينة بحرية، و( الكرنفال) لأيام المرفع قبل الصيام الكبير عند النصارى، و( القرصان ) للصوص البحر، و( النومرو ) بمعنى الرقم، ويقولون ( النمرة ) أيضًا، و ( البَنْدُورة ) تعريب (بومي دورا) أي تفاح الذهب، فقالوا أولاً (بوما دورا)  ثم أقروا عليها كما رأيت.
 
        ومن الأسبانية (الكَبُّوت) لما يلبس فوق الثياب، و(الباتنْته) للتذكرة أو الإجازة.
        ومن الفرنسية ( الصالون ) للردهة ، و( الكوردون ) للمحجر الصحي .
        ومن الإنجليزية ( الترامواي ) للحافلة و( الفنغراف ) للحاكي.
        ومن الألمانية (القرش) للنقد المعروف وقيمته أربعون بارة، وقيل إنه يوناني.
        ومن لغة مَلَقَّة ( ملعقة )، ( الكافور ) تحريف الكابور وهو معروف .
        ومن الهند الدُّرَّة للببغاء، الطائر المعروف ( والنارجيل ) لجوز الهند.
        والألفاظ التركية كثيرة عندنا، ولاسيما في سورية مثل ( جَبَا ) بمعنى مَجَّانًا،    و( المراق ) أي المَيْل و( الكوسة ) للذقن الخفيفة الشعر، و( العُرضى ) تحريف أوردي بمعنى الفيلق، و( التُّتُن ) للتبغ بمعنى الدخان، و ( البقجة ) لما تصر فيه الثياب، وسماها القاضي الفاضل ( الكـارة ) وفصيحها العِكمة، ذلك فضلاً عن ألفاظ أخرى أوروبية مثـل ( البردقان ) نسبة إلى البرتغال ولفظـة ( ساتينه للقماش ) المعـروف نقلت عن الأوروبيين نسبة إلى بلدة ( زيتون ) في الصين حيث كانت تنسج.
 
 
*ضياء
5 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (7)    كن أول من يقيّم
 
  
 
  التصحيف:
 
        ومن التصحيف قولهم ( احدف الشيء ) أي احذفه، و(هدا) أي هذا و(خزنة الفأس) ونحوها أي خرتها وهي ثقبها الذي توضع فيه عصاها. و(شفشق) تكلم بحماقة من ثفثق، و( السريجة ) للجوالق من الشريجة، وكذلك سرَّج الثوب من شرَّجه و(النفناف) الثلج المتساقط ومعه مطر من الشفشاف، و(الفائظ) للفائض وهو أسلوب تركي، فكل الألفاظ التي هي بالضاد يلفظها الأتراك بالطاء مثل ( ضابط ومضبطة ) فيقولون ظابط ومظبطة و( غظ النظر ) لغضه. وعامتنا يصحفون الثاء المثلثة بالتاء المثناة فيقولون (اتْنَيْن) في اثْنَيْن و(تَمَر) في ثَمر، و(تِلم) في ثِلم و(التلاتة) في ثلاثة.
        وكذلك يصحفون الشين المثلثة بالسين المهملة مثل ( سجر ) في شجر،  ويفعلون مثل ذلك في الخاء الموحدة النقطة الفوقية والحاء المهملة مثل ( خَسَم ) المبلغ أي حَسَمه بمعنى قطعه .
       
*ضياء
5 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (8)    كن أول من يقيّم
 
 التحريف:
        يكون بتبديل الحركات والسكنات في الحروف وهو متفش عند العامة إذ يقولون ( له صلاحِيَّة بهذا الأمر ) أي صلاحيَة مثل ( كراهيَّة ) لكراهية، وتشديد المخفف في مثل هذه الصيغ وغيرها من لغة الدواوين، ويقولون ( لفلان طمَعِيَّة بفلان ) والأصل طماعِيَة فحذفوا وحرفوا، ويقولون أيضًا في أسنانه (حَفَر) أي حَفْر و( حَلَقَة الباب ) لِحَلْقَتِه، قال ابن قتيبة: وليس في كلام العرب حلقَة بفتح اللام إلا حَلَقة الشَّعَر جمع حالق نحو كَفَرة جمع كافر. و( الحَلَف ) للْحلف بمعنى القسم، و ( النَّتَّن ) للنَّتْن،  و ( الْحَوْر ) للحَوَر، وهو الشجر المعروف ... وَعَشرة على لغة تميم أي عَشْرة للعدد قال أبو هلال العسكري في كتابه ( الصناعتين ):
 
        " ونحن نفهم رطانة السوقي ومجمجة الأعجمي للعادة التي جرت لنا في    سماعها .. لا لأن تلك بلاغة، ألا ترى أن الأعرابي إن سمع ذلك لم يفهمه إذ لا عادة   له بسماعه.
        وأراد رجل أن يسأل بعض الأعراب عن أهله فقال: كيف أهلِك؟ ( بكسر اللام) فقال له الأعرابي: صَلْبًا. إذ لم يشك أنه إنما يسأله عن السبب الذي يهلِكُ به أي يموت اهـ ".
*ضياء
5 - ديسمبر - 2007
رقية العين    كن أول من يقيّم
 
 ليس في كل طفولتي ما ويوازي كلمات هذه الرقية أثرا في نفسي، وكانت أمي ترقينا بها ليس في أوقات مرضنا فحسب بل تفعل ذلك على الأغلب بعد زيارة بعض الجيران والمعارف أو لدى عودتنا برفقتها من السوق.
كنت أخلد إلى حضنها (سلمها الله) وأتصور هذه المشاهد المحفوفة بالخيال السحيق والتي تحكي قصة سليمان لما تجسدت له العين في شكل عجوز شمطاء وما دار بينهما من حوار انتهى بسجنها في ظلمات البحار. وأنا أثبت هنا ما أحفظه من هذه الرقية وأكتب من ذاكرتي وإذا تذكرت ما نسيته منها أضفته إلى مكانه لاحقا
أولتّها بسم الله
وتانيتها بسم الله
وتالتها بسم الله
ورابعتها بسم الله وخامستها بسم الله  وسادستها بسم الله وسابعتها بسم الله وتامنتها بسم الله وتاسعتها بسم الله وعاشرتها لا حول ولا قوة إلا بالله

رأها سليمان في إحدى البرية
قالها: مين بتكوني يا لاعنة يا ملعونة يا بنت اليهودية
منّك جفلت ناقتي.. منّك انهزت عمامتي منك اصفر وجهي
قالتلو: انا العين العنية الصايبة الردية باخد الفدان من نيرو، باخد الطفل من سريرو، باخد العروس من مجلاها باخذ الشب من على ضهر حصانو
قالها: لا باس عليك لا باس لاسكب عليك زيبق ورصاص: ولاجعلك ببحر غطاس لا يرجى منك لا منجى ولا خلاص

حوطتك من عين الضيف أحد من السيف
حوطتك من عين الجارة فيها نارة
حوطتك من عين البنت فيها خشت
حوطتك من عين المرة فيها مرمرة
حوطتك كما حوط سليمان ناقتو، علقلا العليق وما داقتو، لمن رآها واسترآها أكلت من عليقها وشربت ماءها
اللهم بسطوة جبروت قهرك و بسرعة إغاثة نصرك و بغيرتك لانتهاك حرماتك و بحمايتك لمن احتمى ببابك , نسألك : يا الله , يا سميع يا مجيب يا قريب يا سريع يا قهار يا جبار يا من لا يعجزه قهر الجبابرة و لا يعز عليه هلاك المتمردين من الملوك و الأكاسرة , أن تجعل كيد من كادنا في نحره و مكر من مكر بنا عائداً عليه و حفرة من حفر لنا واقعاً فيها و من نصب لنا شبكة الخداع اجعله يا سيدي مسوقاً إليها و مصاداً فيها و أسيراً لديها , اللهم بحق (كهيعص ) اكفنا همّ العدا و لقهم الردى و اجعلهم لكل حبيب فدا و سلط عليهم عاجل النقمة في اليوم والغدا , اللهم بدد شملهم اللهم فرق جمعهم اللهم فل حدهم و أقل عدهم واجعل الدائرة عليهم وأرسل العذاب إليهم  وأخرجهم عن دائرة الحلم و اللطف و اسلبهم مدد الإمهال و غل أيديهم و اربط على قلوبهم و لا تبلغهم الآمال , اللهم مزقهم كل ممزق مزقته أعداءك انتصاراً لأنبيائك و رسلك وأوليائك (حم) سقفنا )(يس) كهفنا (كهيعص) كفايتنا  (حم عسق)  حمايتنا مما نخاف، اللهم قنا شر الأسواء و لا تجعلنا محلاً للبلواء , وحقق لنا أمل الرجاء و فوق الرجاء الأمل, يا هُو يا هُو، يا من بفضله لفضله نسأل نسألك العجل العجل، والإجابة الإجابة ، يا من أجاب نوحاً في قومه و نصر إبراهيم على أعدائه و رد يوسف على يعقوب وكشف ضر أيوب وأجاب دعوة زكريا وسمع تسبيح يونس, نسألك اللهم بأسرار أصحاب هذه الدعوات المستجابات أن تقبل ما به دعوناك و أن تعطينا ما سألناك و أنجز لنا و عدك الذي و عدته لعبادك الصالحين المؤمنين.
عين الله ناظرة إليك، وكف الله مسبلة عليك، بحول الله لا يقدر عليك
 
*زهير
6 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (9)    كن أول من يقيّم
 
غرابة الاستعمال:
 
        ومن غرابة الاستعمال تغيير الكلام عن مواضعه فيقولون لكل حيوان ميت ( وقيسة ) والأصل ( وقيصة ) أي مكسورة العنق، ثم عم استعمالها لكل ميت. و( كلكلت يده من العمل ) كأنها من الكلكل لصدر البعير الذي يبرك عليه وفصيحها ( جسأَت يده ) أي خشنت من العمل، وقولهم للقائم ( اجلس ) وللنائم ( اقعد ) والصحيح العكس أي يقال للقائم ( اقعد ) وللنائم ( اجلس ). و ( جَرَد الثوب ) إذا ذهب بعض لونه مأخوذ من جَرَد اللحم إذا عرقه من العظم، والفصيح في تغيير اللون قولهم نفض الثوب وتقول العامة ( باخ ) أيضًا وهي كلمة مولدة. ويقولون فلان ( بقمة ) أي كثير البكاء قليل العقل وأصلها بُقَامَة. و( الصلاحية ) لكل قصعة وأصلها ( الصراحية ) لآنية الخمر. ويقولون ( هُسَّ ) أي اسكت مأخوذة من قولهم فلان يهسّ أي يحدث نفسه. ويسمون محل التبن ( تَبَّان وتَبَّانة ) وهما لبائع التبن وبائعته ولكن الصواب مَتْبَن ومنه يسمون المجرة ( طريق التبَّانة ). وكذلك ( البوابة ) للباب الكبير وهو اسم لمن يقف على الباب كالحارسة والحافظة. ( والخمَّارة ) لمحل بيع الخمر وهي اسم لبائعة الخمر كالعطارة والخبازة وصوابها المخمرة أو الحانة. ويسمون ( الساقية ) بالناعورة لدولاب السقي، مأخوذة من صوتها. والمخابرة بمعنى المفاوضة وهي بمعنى المزارعة على نصيب معين، ومثلها المبارحة ولم ترد عن العرب وصوابها المزايلة وتأنيث المذكر مثل الكرسي والوادي كما قال شاعر العرب قبلاً:
يأيها الراكب المزجي مطيته      سائل بني أسد ما هذه الصوت
 
        و( كوز الحداد ) لمنفخه وصحيحه ( كير )، أما الكور فهو موقدته الموضوعة أمام منفخه ليحمى فيها الحديد. قال الشاعر:
 
سبكناه ونحسبه لُجَينا     فأبدى الكِير عن خَبَث الحديد
 
        وقولهم ( طير جُوّي وبرِّي ) نسبة إلى جَوَّا وبَرَّا ويقولون ( جوَّاني وبرَّاني ) للمكان، ويستعمل لذلك مـن الفصيح قولهم الداجن والآبد للطيور وداخلاً وخارجًا للمكان ( وبصبوص العين ) أي إنسانها وبؤبؤهـا ولعله مأخـوذ مـن بصبص الجرو    وبصَّ إذا فتح عينيه أو من البصَّاصة أي العين.
        و ( كردسه ) أي جمعه من الكردوس وهو قطعة عظيمة من الخيل. ويقولون( جلف يده ونحوها ) إذا جرحها وأصل المعنى جلف الظفر إذا اقتلعه وأما جلف يده فيقولون فيها جرح يده.
 
        ويقولون ( خمِّس ) أي ضع أصابعك الخمس في أصابعي الخمس، وذلك كناية عن الاتحاد والارتباط. وافرك له أذنه من فركت الأذن إذا استرخت فكأن المراد  جذبها لتسترخي أو هي من الفرك بمعنى الحك.
        و ( فقر الشيء الأجوف ) إذا شقه؛ فهي إما مأخوذة من بقر بالإبدال لقرب المخرج إذ يقولون بقر بطنه أي شقه، وإما من فَقَره بمعنى كسر ظهره وعمم استعمالها.  و ( انخرع فلان ) أي تخنَّث وتدلل كأنها من الخرع وهو لين المفاصل. وفلان ( ينقّ وينقتق ) من النقنقة وهو صوت النعامة، و ( خَرْنق ) إذا تكور على نفسه كأنه من الخِرْنِق وهو ولد الأرنب لأنه يفعل مثل ذلك. ومديون عوض مدين وهذه لغة تميم ومصاغ عوض مَصُوغ. و ( لأّ ) في لا النافية على لغة تميم أيضًا.
        ويقولون للص ( الحَرَامي ) وهي مأخوذة من تعيير بني سعد لبني حرام وهما   من الأوس والخزرج كانا متعاديين مثل قيس ويمن، فكان السعديون يقولون (الحرامي) لمن يستحقرونه ويريدون به الخبيث واللص.
 
*ضياء
8 - ديسمبر - 2007
اللهجات العامية في لبنان وسورية (10)    كن أول من يقيّم
 
عكس المعنى:
        يقولون سأفعل هذا الشيء من كل بدّ أي وجوبًا فعكسوا المعنى؛ لأن المفهوم من قولهم ( بد) مانع. فكأنهم يقولون سأفعله من كل مانع والمراد العكس. فالصواب أن يقولوا من ( غير بد ) أي من غير مانع. ويستعملون كلمة ( الشاطر ) للحاذق  وهي بمعنى الخبيث .
        ارتجال الألفاظ:
        وهو النطق بألفاظ مرتجلة يصعب ردها إلى لغة أو توجيه معناها لما يفيد أصلها. وقد تكون محرفة بعيدة عن أصلها مثل ( صوص الدجاج ) للقُوب. و( نخت السماء ) أي أركَّت إذا أمطرت رذاذًا. و( الجَمْزِينَة ) للعُثْمرة وهو من العناقيد العنبية ما امُتصّ ماؤه وبقي قشره وثُفَالته، و( الجفِت ) لما يبقى من الزيتون والخرنوب ونحوهما بعد العصر، وأصل هذا المعنى قشر البلوط الداخلي. و(الشرانق) للفيالج وهي قشرة الحية.  و( الرجمة ) لكل حجارة منضَّدة وأصلها للحجارة التي تركم على القبور. 
 
        تغيير الألفاظ عن وضعها:
        وذلك بما يعرض عليها من تأثير الألسنة، أو البعد عن الأصل أو مزج كلمات وأخذ بعضها بزيادة أو نقصان، فيقولون ( جاب الشيء يجيبه ) إذا جاء به فتوهموا حرف الجر من أصل الكلمة وألحقوه بالفعل، و(لعلب الكلب لسانه) أي لعلع بلسانه إذا دلعه عطشًا. و( البحص ) للحصى، فكأنهم نقلوا الكلمة ومعها حرف الجر مثل ( رجمه بحصى ) مثلاً فأخذوها على لفظها أو هي مقلوب حصب.
        الألفاظ الفصيحة في اللغة العامية:
 
        كثيرًا ما نرى ألفاظًا عامية تطرق أسماعنا فنظنها بعيدة عن الفصحى وهي هي منها أهملت بالاستعمال وبقيت في العامية فقط.
        من ذلك قولهم ( هج ) فلان إذا تاه في البلاد، قال ابن تغري بردي في كتابه (النجوم الزاهرة) وهو المتوفى سنة (874هـ = 1469م) الجزء الثاني والصفحة 158  ( ثم أَمَّنهم فهج أهل قرطبة إلى البلاد). وكذلك كلمة كَعَّ أي عجز عن الشيء ويحرفونها ( كِعِى ) أيضًا، وقد وردت في كلام الفصحاء بهذا المعنى .
        ولو شئنا استقراءها لطال بنا نَفَس الكلام، وكلها تعرف من البداهة أو بالبحث ومراجعة المعجمات.
        الختام:
 
        هذه هي لمحة من ألفاظ اللهجة العامية وشؤونها، أوردت فيها أمثلة قليلة من كلام كثير شائع بيننا جمعته بمعجم مطول لا يزال مخطوطًا كما جمع غيري مثل ذلك أيضًا، وهذه الكتب عددتها في مقالتي بالجزأين الماضيين من مجلة المجمع([1]).
        كتبها : الأستاذ عيسى إسكندر المعلوف
 


([1]) انظر مجلة المجمع ج 1 ص 350، ج 3 ص 349.
*ضياء
8 - ديسمبر - 2007
قصة العامية في الشام (1)    كن أول من يقيّم
 
         وهذه مقالة أخرى ممتعة وغنية بالدلالة صدرت عن المجمع اللغوي الملكي ( مجمع اللغة العربية في القاهرة كما يسمى حالياً ) نهديها لملف الوطن والزمن المتحول :                                        
 
                                                      قصة العامية في الشام
 
 

للأستاذ سعيد الأفغاني

            عضو المجمع المراسل
 
        يعتري بعض الكلمات ما يعتري حياة الأحياء : ميلاد فترعرع فتقلبات في  أطوار بعد أطوار، ثم تضاؤل أحيانًا فممات، وهو ما يعبر عنه بـ ( حياة الألفاظ )، وما أرى أن كلمة ( حياة ) وافية؛ لأن الحياة تنقضي بممات، وقلما ماتت الكلمات على مدى الأزمان، إنها تهمل فتنسى فترقد في المعجمات أو الكتب ثم يجدّ من الحاجة ما يبعثها من مرقدها، وأوفى من كلمة ( حياة ) عندي أن نقول ( تاريخ الألفاظ )، فلكثير من الكلم سجل حافل لا يبدو للعيان، ويحظى المتتبع بصبر ودأب على اكتشاف أكثره.
 
        وما استمتع باحث لغوي استمتاعه ببحث وفق صاحبه إلى بعث ما خطت الأزمان في هذا السجل من تحولات.
 
        قدمت هذا لأقول إن ما صح في الكلمات يصح في اللهجات المحليات ألفاظًا وأصواتًا ومركبات، وإذا رجع أحدنا بذاكرته إلى عهد صباه يعرض لهجات الباعة  حينئذ من جزار وبقال وخضار وبزاز وخياط ونجار وحداد من مستقر في دكانه وجوال، ويقابلها بلهجات أمثالهم لعجب كيف تقلبت هذه اللهجات في السنين  القلائل على ألسنة الصغار والكبار.
 
        أذكر أني منذ ثلاثين عامًا كنت في زيارة الأستاذ الفقيد محب الدين الخطيب في مكتبة السلفية المعروفة، وكان فارق الشام(1) سنة 1920 محكومًا عليه غيابيًّا بالإعدام من المجلس الحربي الفرنسي لإسهامه في حرب ميسلون، ثم استوطن مصر وأنشأ مجلة الزهراء الشهرية، ومجلة الفتح الأسبوعية – زرناه فطفق يحدثنا عن بعض تاريخ القضية العربية ( وقد ذهب معه كثير من تاريخها الصحيح) ثم جره الحديث إلى ذكرياته في دمشق وإلى قصة جرت فيها قديمًا وهو صبي، فجرى على لسانه تعبير لم أفهمه،   وكان عنده ابن أخته الكاتب الأديب المعروف الأستاذ علي الطنطاوي، فسألته بعد خروجنا: ( هل سمعت هذا التعبير؟ وما معناه ؟ ) فقال: ( لقد سبقتني، أنا نويت أن أسألك).  وحاولنا التذكر فأخفقنا، ثم قلنا : هو مما مات من العامية الشامية لا يعرفه إلا المعمَّرون. واليوم نسيت أنا هذا التعبير ولما يمض عليه الثلاثون من الأعوام.
 
 
 
        إن بحثًا جرى بتحرٍّ وأناة أرشد إلى أنهم كانوا والنهضة في كل ميدان على قدر، لقد أوتوا من العزائم ما ألحقهم بأصحاب الرسالات في أممهم، ولم يكن يرضيهم في ميدان اللغة إلا أن تعم الفصحى الأصلية المدارس والدور والأسواق، أو كما يعبر بعض إخواننا في مصر: كانوا " حماميز فتح اللـه " في الشام والآستانة معًا، ألفوا الجمعيات وأقاموا النوادي ونشروا غرف القراءة في الأحياء مطلع هذا القرن، وحرموا في  مجالسهم الكلام بغير الفصحى، بل إن أحدهم وهو الأستاذ محب الدين الخطيب أراد للفصحى أن تحتل مقاهي الآستانة التي يرتادها العرب، فحث رفاقه الشبان على هجر المصطلحات التركية والفارسية حين يلعبون النرد، وأن يقولوا مثلاً: ( ستة خمسة )  بدل ( شيش بيش )، فاستجابوا له وصاروا ملفت الأنظار والأسماع في المقهي، بل إن بعضهم يأتيه السائل في مقهي بدمشق يستجدي فيعلمه ما يقابل جملته بالفصحى، فإن أداها سليمة أعطاه، فصار المستَجْدُون يلقن بعضهم بعضًا ماذا يقول لهؤلاء الأفندية  حتى يحظى بـ ( المتليك )([2]).
 
        حمل جو الشام طابع هؤلاء الرواد المتحمسين، وما أزال أذكر كيف كنا  ونحن أطفال في مدرسة أولية خاصة لا نتكلم في الفسح بين الدروس إلا بالفصحى التي نستطيعها، وأشد ما يحاذر أحدنا أن تنتهي الفسحة وخشبة الرصد ( السينال ) في حوزته فيسجل عليه الرقيب حينئذ درجة في سوء السلوك. وكان إشفاقنا بالغًا على الأطفال الذين نقلهم أولياؤهم من مدارس الحكومة البعيدة إلى مدرستنا الخاصة هذه، وذلك في سنة 1918م آخر العهد العثماني في الشام إنهم في أيامهم الأولى كثيرا ما تسبقهم ألسنتهم حين يُنَادَوْن في التفقد الصباحي فيجيبون بكلمة ( أفندم ) المألوفة في المدارس الرسمية، فيخرجون إلى وسط الباحة يتلقون على أكفهم المبسوطة الضربات المقررة من عصا الرقيب؛ إذ كلمة الجواب الواجبة في مدرستنا هي ( لبيك ) .
 
        وما ننسى لا ننسى التمثيليات التي تعدها المدرسة للاحتفالات السنوية يدعى إليها أولياء الطلاب وفريق من الوجهاء، وهي في جملتها تاريخية أو اجتماعية، وفيها دور قصير يؤدى بالعامية البلدية، هو مجلبة الترفيه والضحك من النظارة ولا سيما الأميين منهم لنشازه البارز .
               
        حتى الصحافة، غالى بعض أولئك الرعيل فأراد للغتها أن تكون مسجوعة من النمط العالي في رأيه يومئذ، فهذه جريدة ( لسان الحال ) الصادرة في بيروت، من ساحل الشام سنة 1877م، التزمت في افتتاحيتها الفصحى المسجعة، بدأها صاحبها خليل سركيس بقوله: " الحمد لله الذي يسبح بحمده في الغدو والآصال، وينطق مفصحًا بتعداد آلائه ( لسان الحال ) ... حمدًا يدوم آناء الليل وأطراف النهار، ما غرد قمري وترنم هزار ... "
 

 

([1]) الشام عند العرب يشمل الأجزاء الآتية ( طبقًا للتقسيمات الإدارية اليوم تقسيمات " سايكس بيكو " ) : لواء إسكندرونة، وسورية، ولبنان، والأردن، وفلسطين، أي من جبال طوروس شمالاً إلى سيناء والبحر الأحمر جنوبًا، ومن العراق شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا.
 
2]) انظر كتاب ( من حاضر اللغة العربية ) ص 37 ( الطبعة الثانية 1971م ). والمتليك: نقد تركي معدني يعادل قرشين ونصف قرش
*ضياء
10 - ديسمبر - 2007
 62  63  64  65  66