ضيعة تشرين كن أول من يقيّم
بقيت المسرحيات التي كتبها محمد الماغوط لدريد لحام باللهجة العامية الدمشقية بقيت للآن تحمل نفس التأثير , وحين أرى أولادي ( هاشم وحمزة وهبة ..وفاطمة أيضاً ) يتابعون هذه المسرحيات على الفيديو , مع أنهم شاهدوها سابقاً عشرات المرات حتى حفظوا كل كلمة , وكل معنى وكل نكتة فيها , حين أراهم أتأكد أن الفن الهادف المخلص يبقى خالداً على مر الزمن , مثل أغاني فيروز , وإبداعات سيد درويش , وصباح فخري ..... قدم محمد الماغوط لدريد لحام مسرحية ضيعة تشرين عام 1974 , وكانت عن المرحلة السياسية من عمر سوريا منذ الإستقلال وحتى حرب تشرين , وقد لاقت هذه المسرحية استحساناً شعبياً كبيراً , فقدما بعد ذلك مسرحية غربة , وهي ربما أجمل مسرحية عربية عُرضت على المسرح , ثم قدما كاسك يا وطن ....وكل هذه المسرحيات حوت النقد السياسي الصادق , وعُملت بجهد فني كبير شارك فيها أعظم فناني سوريا بتلك الفترة نهاد قلعي عمر حجو , ياسر العظمة , صباح الجزائري , شاكر بريخان , سامية الجزائري .. وكثيرون فأما مسرحية ضيعة تشرين , فكانت حكاية ضيعة ( هي سوريا ) , يحكمها مختار ( هو السُلطة ) , وباستمرار تقوم الإنقلابات عليه , وهنالك لص ( هو إسرائيل ) سرق الكرم الذي هو مهر زينة من عريسها نايف , وأحداث القصة هي أحداث تاريخ سوريا بهذه الفترة , وفي معركة خاسرة يعود أهل القرية منهزمين ( حرب ال 1967 ) , فيدور بينهم وبين المختار الحوار التالي : -المختار : وإنتو ليش ما حاربتو ليش ما صمدتو ? -مواطنة : ليش ما طلعت قدامن يا مختار , شوي تانية راحت الضيعة ! -المختار : خطر ببالي اطلع معن بس خفت يصرلي شي , الضيعة بلايي شو بتسوى ? عمركن شفتو ضيعة بلا مختار ?? -مواطن : وإنت عمرك شفت مختار بلا ضيعة ?? -المختار : تفضلي حكى بدري .. لو كنتو قاتلتو , لو كنتو صمدتو , لو ضحيتو , لو متو ..كان بيطلعلكن تحكو -غوار :مختار ! إنت بتعرف شعب ضيعتك عمرو ما كان متخاذل ,واسأل التاريخ لذلك حاجه تحكي عن الموت والتضحية ونحنا ساكتين , كرمال شو بدنا نضحي , وكرمال مين بدنا نموت ?? -المختار : كرمال الأرض كرمال الوطن -غوار :ولك أي أرض ? شو بتسوا الأرض بلا الإنسان المواطن اللي فوقها , والمواطن بدو شي على أرضو ليدافع عنو عطينا هالشي , ولا بدك ياني دافع عن نمرة رجلي ?? فوتوني عالسجن نمرة رجلي 41 وطلعت 45 عن شو بدك يانا ندافع ? بدك يانا ندافع عن السجون ?اللي صارت أكتر من المدارس ? في سجين مالقولو سجن ينام فيه ? بس فيه ألف طفل ملقوحين بالشوارع ,عن شو بدنا ندافع ?? ما بقى الواحد منا يقدر يفتح تمو إلا عند حكيم الأسنان , يامختارنا يا حبيبنا , المواطن بيدافع عن الفرح , والمدارس ما بيدافع عن البكي والسجون , ما بقى بتمنا غير كلمة بدنا نعيش , ولك طظ بهالعيشة ياللي بدك يانا ندافع عنها |